585، 586 – تحضير سنن الترمذي
جمع أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد ومحمد الرحيمي ومحمد سيفي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
سنن الترمذي
بَابُ ذِكْرِ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الجُلُوسِ فِي المَسْجِدِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ
585 – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الفَجْرَ قَعَدَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»
[حكم الألباني]: صحيح
586 – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيُّ البَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ظِلَالٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ»، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ» هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ” وَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ: عَنْ أَبِي ظِلَالٍ؟ فَقَالَ: هُوَ مُقَارِبُ الحَدِيثِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَاسْمُهُ هِلَالٌ ”
[حكم الألباني]: حسن
——–
قال القاضي عياض:
وقوله: ” كان لا يقوم من مصلاه الذى يصلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس ” (1)، وفى الحديث الآخر: ” حَسَنًا “: أى ترتفع ويظهر طلوعها وتتمكن وتباح الصلاة، وعند بعضهم: ” حيناً ” ومعناه – إن صحت – قريب من الأول، أى تبقى بعد طلوعها وقتاً من الزمان حتى تتمكن وترتفع، وهذا من المستحبات والفضائل لزوم موضع صلاة الفجر والإقبال على الذكر والدعاء إلى وقت إباحة الصلاة وكراهية الحديث حينئذٍ.
[إكمال المعلم بفوائد مسلم 2/ 646]
قال ابن رجب:
عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((الملائكة تصلي عَلَى أحدكم مَا دام فِي مصلاه، مَا لَمْ يحدث: اللهم اغفر لَهُ، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم فِي صلاة مادامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة)).
دل هَذَا الحَدِيْث عَلَى فضل أمرين:
أحدهما: الجلوس فِي المصلى، وَهُوَ موضع الصلاة الَّتِيْ صلاها: والمراد بِهِ فِي المسجد دون البيت، وآخر الحَدِيْث يدل عَلِيهِ.
قَالَ ابن عَبْد البر: ولو صلت المرأة فِي مسجد بيتها وجلست فِيهِ تنتظر الصلاة فَهِيَّ داخلة فِي هَذَا المعنى إذا كَانَ يحبسها عَن قيامها لأشغالها انتظار الصلاة.
((وإن الملائكة تصلي عَلِيهِ مَا لَمْ يحدث)) وقد فسر صلاة الملائكة عَلِيهِ بالدعاء لَهُ بالمغفرة والرحمة، والصلاة قَدْ فسرت بالدعاء، وفسرت بالثناء والتنويه بالذكر، ودعاء الملائكة بينهم لعبد هُوَ تنويه منهم بذكره وثناء عَلِيهِ بحسن عمله.
وقد قيل: صلاتهم عَلِيهِ مقبولة مَا لَمْ يحدث.
وقد اختلف فِي تفسير الحدث: هَلْ هُوَ الحدث الناقض للوضوء، أو الحدث باللسان من الكلام الفاحش ونحوه، ومثله الحدث بالأفعال الَّتِيْ لا تجوز؟ وقد أشرنا إلى هَذَا الاختلاف فِي ((كِتَاب الطهارة)).
وذهب مَالِك وغيره إلى أَنَّهُ الحدث الناقض للوضوء، ورجحه ابن عَبْد البر؛ لأن المحدث وإن جلس فِي المسجد فهو غير منتظر للصلاة؛ لأنه غير قادر عَلَيْهَا.
والثاني: أن منتظر الصلاة لا يزال فِي صلاة مَا دامت الصلاة تحبسه.
وقد فسر ذَلِكَ بأنه ((لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة))، وهذا يشمل من دَخَلَ المسجد للصلاة فِيهِ جماعة قَبْلَ إقامة الصلاة فجلس ينتظر الصلاة، ومن صلى مَعَ الإمام ثُمَّ جلس ينتظر الصلاة الثانية.
وهذا من نوع الرباط فِي سبيل الله، كما قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: ((ألا أدلكم عَلَى مَا يمحو الله بِهِ الخطايا ويرفع بِهِ الدرجات؟)) قالوا: بلى يَا رَسُول الله. قَالَ: ((إسباغ الوضوء عَلَى المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذالكم الرباط، فذالكم الرباط)).
خرجه مُسْلِم من حَدِيْث العلاء بْن عَبْد الرحمن، عَن أبيه، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ.
وقد ورد تقييد ذَلِكَ – أيضاً – بما لَمْ يحدث.
خرجه البخاري فِي ((أبواب نواقض الوضوء)) من رِوَايَة ابن أَبِي ذئب، عَن المقبري، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((لا يزال العبد فِي صلاة مَا كَانَ فِي المسجد ينتظر الصلاة، مَا لَمْ يحدث)). فَقَالَ رَجُل أعجمي: مَا الحدث يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: الصوت – يعني: الضرطة.
وقد سبق الكلام عَلِيهِ فِي موضعه، وذكرنا اخْتِلَاف النَّاس فِي تفسير الحدث والمراد بِهِ.
وقد فسره أبو سَعِيد الْخُدرِيَّ كما فسره أبو هُرَيْرَةَ – أيضاً.
خرجه الإمام أحمد.
ومعنى كونه فِي الصلاة – والله أعلم -: أن لَهُ أجر المصلي وثوابه بحبس نفسه فِي المسجد للصلاة.
وليس فِي هَذَا الحَدِيْث، ولا فِي غيره من أحاديث الباب الاشتراط للجالس فِي مصلاه أن يكون مشتغلاً بالذكر، ولكنه أفضل وأكمل، ولهذا ورد فِي فضل من جلس فِي مصلاه بعد الصبح حَتَّى تطلع الشمس، وبعد العصر حَتَّى تغرب أحاديث متعددة.
وهل المراد بمصلاه نفس الموضع الَّذِي صلى فِيهِ أو المسجد الَّذِي صلى فِيهِ كله مصلى لَهُ؟ هَذَا فِيهِ تردد.
وفي ((صحيح مُسْلِم)) عَن جابر بن سمرة، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذا صلى الفجر جلس فِي مصلاه حَتَّى تطلع الشمس حسناء.
وفي رِوَايَة لَهُ: كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الَّذِي يصلي فِيهِ الصبح أو الغداة حَتَّى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس قام.
ومعلوم؛ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يكن جلوسه فِي الموضع الَّذِي صلى فِيهِ؛ لأنه كَانَ ينفتل إلى أصحابه عقب الصلاة ويقبل عليهم بوجهه.
وخرجه الطبراني، وعنده: كَانَ إذا صلى الصبح جلس يذكر الله حَتَّى تطلع الشمس.
ولفظة: ((الذكر)) غريبة.
وفي تمام حَدِيْث جابر بْن سمرة الَّذِي خرجه مُسْلِم وكانوا يتحدثون فيأخذون فِي أمر الجَاهِلِيَّة، فيضحكون ويتبسم.
وهذا يدل عَلَى أَنَّهُ لَمْ ينكر عَلَى من تحدث وضحك فِي ذَلِكَ الوقت، فهذا الحَدِيْث يدل عَلَى أن المراد بمصلاه الَّذِي يجلس فِيهِ المسجد كله.
وإلى هَذَا ذهب طائفة من العلماء، منهم: ابن بطة من أصحابنا وغيره.
وقد روي عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مَا يخالف هَذَا.
رَوَى مَالِك فِي ((الموطإ)) عَن نعيم المجمر، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُول: إذا صلى أحدكم ثُمَّ جلس فِي مصلاه لَمْ تزل الملائكة تصلى عَلِيهِ، تَقُول: اللهم اغفر لَهُ، اللهم ارحمه، فإن قام من مصلاه فجلس فِي المسجد ينتظر الصلاة لَمْ تزل الملائكة تصلي عَلِيهِ فِي مصلاه حَتَّى يصلي.
فهذا يدل عَلَى أَنَّهُ إذا تحول من موضع صلاته من المسجد إلى غيره من المسجد انقطع حكم جلوسه فِي مصلاه، فإن جلس ينتظر الصلاة كَانَ حكمه حكم من ينتظرها، وصلت عَلِيهِ الملائكة – أيضاً -، فإن لَمْ يجلس منتظراً للصلاة فلا شيء لَهُ؛ لأنه لَمْ يجلس فِي مصلاه ولا هُوَ منتظر للصلاة.
قَالَ ابن عَبْد البر: إلا أنه لا يقال: إنه تصلي عَلِيهِ الملائكة.
يعني: عَلَى المتحول من مكانه وَهُوَ ينتظر الصلاة كما تصلي عَلَى الَّذِي فِي مصلاه ينتظر الصلاة.
يشير إلى أن الحَدِيْث المرفوع إنما فِيهِ صلاة الملائكة عَلَى من يجلس فِي مصلاه لا عَلَى المنتظر للصلاة.
ولكن قَدْ روي فِي حَدِيْث مرفوع، فروى عَطَاء بْن السائب، عَن أَبِي عَبْد الرحمان السلمي، عَن عَلِيّ، قَالَ: سَمِعْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: ((من صلى الفجر ثُمَّ جلس فِي مصلاه صلت عَلِيهِ الملائكة، وصلاتهم عَلِيهِ: اللهم اغفر لَهُ، اللهم ارحمه، ومن ينتظر الصلاة صلت عَلِيهِ الملائكة، وصلاتهم عَلِيهِ: اللهم اغفر لَهُ، اللهم ارحمه)).
خرجه الإمام أحمد.
وَقَالَ عَلِيّ بْن المديني: هُوَ حَدِيْث كوفي، وإسناده حسن.
وذكر ابن عَبْد البر – أيضاً – أنه يحتمل أن يكون بقاؤه فِي مصلاه شرطاً فِي انتظار الصلاة – أيضاً -، كما كَانَ شرطاً فِي الجلوس فِي مصلاه.
وهذا الَّذِي قاله بعيد، وإنما يمكن أن يقال فيمن صلى صلاة ثُمَّ جلس ينتظر صلاة أخرى، فأما من دَخَلَ المسجد ليصلي صلاة واحدة وجلس ينتظرها قَبْلَ أن تقام فأي مصلى لَهُ حَتَّى يشترط أن لا يفارقه؟
قَالَ: وقيامه من مجلسه، المراد بِهِ: قيامه لعرض الدنيا، فأما إذا قام إلى مَا يعينه عَلَى مَا كَانَ يصنعه فِي مجلسه من الذكر.
يعني: أَنَّهُ غير مراد، ولا قاطع للصلاة عَلِيهِ. والله سبحانه وتعالى أعلم.
[فتح الباري لابن رجب 6/ 40]
تنبيه: حديث:
عَطَاء بْن السائب، عَن أَبِي عَبْد الرحمان السلمي، عَن عَلِيّ، قَالَ: سَمِعْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: ((من صلى الفجر ثُمَّ جلس فِي مصلاه صلت عَلِيهِ الملائكة، وصلاتهم عَلِيهِ: اللهم اغفر لَهُ، اللهم ارحمه، ومن ينتظر الصلاة صلت عَلِيهِ الملائكة، وصلاتهم عَلِيهِ: اللهم اغفر لَهُ، اللهم ارحمه)).
خرجه الإمام أحمد.
قال محققو المسند: حسن لغيره، عطاء بن السائب قد اختلط، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه البزار ((596)) من طريق ص سين بن محمد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضا ((597)) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن إسرائيل، به. وقد تقدم
برقم ((1219)).
وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري ((659))، ومسلم (1) / (459) مرفوعا بلفظ: «الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يُحدِث، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه».
مسند أحمد – ط الرسالة (2) / (407) — أحمد بن حنبل (ت (241))
بينما ذكره الألباني في ضعيف الترغيب:
(22) – (الترغيب فى انتظار الصلاة بعد الصلاة)
(239) – ((1)) [ضعيف] [يعنى عليًا] قال: قال رسول الله ?:
«إن العبدَ إذا جلسَ في مصلاهُ بعد الصلاةِ، صلَّتِ عليه الملائكةُ، وصلاتُهم عليه: اللهم اغفرْ له، وإن جلس ينتظرُ الصلاةَ صلَّت عليه، وصلاتُهم عليه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه» ((1)
رواه أحمد، وفيه عطاء بن السائب.
ضعيف الترغيب والترهيب (1) / (131)
فالتفصيل الوارد في الحديث ليس له شاهد
قال البزار 596: بعد أن أخرجه من طريق إسرائيل به: وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ ? أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، فَذَكَرْنَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَاقْتَصَرْنَا عَلَيْهِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ ? إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ ?
قال ابن رسلان:
(حسناء) بفتح الحاء والسين المهملة ….
قيل: وفي هذا فائدتان:
إحداهما: الجلوس للذكر، فإنه وقت شريف.
الثاني: أنه لما تعبد الإنسان للَّه تعالى قبل طلوع الشمس بالصلاة، لزمه الجلوس بعد صلاة الصبح إلى أن تنتهي حركات الساجدين للشمس إذا طلعت (2)، وفيه حكمة عظيمة في تفضل اللَّه على المتعبدين بالمنع من الصلاة في هذا الوقت راحة لأبدانهم.
[شرح سنن أبي داود لابن رسلان 18/ 569]
قال الإتيوبي:
40 – التَّرغِيبُ فِي الجُلُوس فِي المَسْجِدِ وانْتَظَار الصَّلاةِ
أي هذا باب ذكر الحديثين الدالين على الترغيب في الجلوس في المسجد بعد الصلاة، وانتظار الصلاة الأخرى ليصليها في جماعة.
733 – أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ ….. ويحتمل أن المراد بالمصلى المسجد كله، ويؤيده ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد، ما لم يحدث”. فقال رجل أعجمي: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال الصوت. -يعني الضرطة- ….
وقال الحافظ ولي الدين العراقي رحمه الله: يحتمل كلًا من الأمرين، والاحتمال الثاني أظهر، وأرجح، بدليل رواية البخاري: “ما دام في المسجد”، ويؤيد الاحتمال الأول قوله في رواية مسلم، وأبي داود، وابن ماجه: “ما دام في مجلسه الذي صلى فيه”. اهـ طرح. جـ 2 ص 367.
قال الجامع عفا الله عنه: الأرجح عندي ما رجحه ولي الدين رحمه الله تعالى. والله أعلم.
وقال في “المنهل” جـ 4 ص 83: ولا فرق في ذلك بين المسجد ومصلى البيت، فلو جلست المرأة في مصلى بيتها تنتظر وقت صلاة أخرى لم يبعد أن تصلي عليها الملائكة أيضًا؛ لأنها حبست نفسها لأجل الصلاة. اهـ.
وقال في “الطرح”: قوله: “في مصلاه” يقتضي حصول الثواب المذكور بمجرد جلوسه في مصلاه، حتى يخرج، لكن رواية البخاري تقتضي تقييد حصول الثواب يكون جلوسه ذلك لانتظار الصلاة، فإنه قال فيها: “ما دام في المسجد ينتظر الصلاة”، وهو واضح.
قال ابن بطال: ويدخل في ذلك من أشبههم في المعنى ممن حبس نفسه على أفعال البِرِّ كلها. والله أعلم. اهـ.
قال الجامع عفا الله عنه: فيما قاله ابن بطال نظر، إذ الحديث نص في التقييد بالصلاة، حيث قال: “لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أنه ينقلب إلى أهله إلا الصلاة”. متفق عليه. ففيه أنه لو حبسه غير الصلاة لم يكن له هذا الفضل. والله أعلم ….
قلت سيف: إنما يقصد أجر عمل البر الذي ينتظره. ويمكن كذلك للاتيوبي أن يعترض أن النص جاء في الصلاة والأجور توقيفية
وقال ابن بطال: من أراد أن تُحَط عنه ذنوبه من غير تعب، فليغتنم ملازمة مصلاه بعد الصلاة، ليستكثر من دعاء الملائكة، واستغفارهم له، فهو مرجُوُّ إجابته، لقوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] اهـ عمدة القاري جـ 4 ص 203 – 204.
(اللهم اغفر له، اللهم ارحمه) بيان لصلاة الملائكة، بتقدير “تقول”، أو قائلة، وفي رواية للبخاري: “اللهم صل عليه” وزاد في رواية مسلم، وابن ماجه: “اللهم تب عليه” والفرق بين المغفرة والرحمة أن المغفرة ستر الذنوب، والرحمة إفاضة الإحسان. أفاده العيني.
وقال في الفتح جـ 2 ص 361: قوله: “اللهم اغفر له، اللهم ارحمه” هو مطابق لقوله تعالىْ: {وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 5] ….. ولو فرض أن فيهم من تحفظ من ذلك، فإنه يعوض من المغفرة بما يقابلها من الثواب. اهـ.
المسألة الرابعة: في فوائده:
منها: ما ترجم له المصنف رحمه الله تعالى، الترغيب في الجلوس في المسجد وانتظار الصلاة.
ومنها: فضيلة من انتظر الصلاة مطلقًا، سواء ثبت في مجلسه ذلك من المسجد، أو تحول إلى غيره.
ومنها: أنه ينبغي لمن يجلس في المسجد أن يكون على طهارة، وأن يبتعد عن الأذى.
ومنها: أن الحدث في المسجد يبطل استغفار الملائكة ودعاءهم، ولو استمر جالسًا.
ومنها: أن الحدث في المسجد أشد من النخامة فيه؛ لأنها تكفر بالدفن، ولا يُحْرَم بها صاحبها من استغفار الملائكة.
ومنها: أنه يستدل به على أفضلية الصلاة على غيرها من الأعمال، لما ذكر من صلاة الملائكة عليه، ودعائهم له بالرحمة والمغفرة والتوبة.
ومنها: أنه يستدل به على تفضيل صالحي الناس على الملائكة، لأنهم يكونون في تحصيل الدرجات بعبادتهم، والملائكة مشغولون بالاستغفار، والدعاء لهم. قاله في الفتح.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الاستدلال غير واضح؛ لأن الاستغفار والدعاء لهم لا يدل على ذلك، فإن ذلك امتثال لأمر الله تعالى، كما أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستغفار للمؤمنين، لا يدل على ذلك. فتبصر.
ومنها: أن الحدث لا يمنع الجلوس في المسجد، وقد اختلف السلف في الجلوس في المسجد للمحدث، فروي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه خرج من المسجد، فبال، ثم دخل فتحدث مع أصحابه، ولم يمس ماء، وعن علي رضي الله عنه مثله، وروي ذلك عن عطاء، والنخعي، وابن جبير. وكره ابن المسيب، والحسن البصري أن يتعمد الجلوس في المسجد على غير وضوء. قاله في “العمدة” جـ 4 ص 204. والله تعالى أعلم.
المسألة الخامسة: قال في “الطرح” جـ 2 ص 366:
ما المراد بكونه في مصلاه، هل قبل صلاة الفرض، أم بعد الفراغ من الفرض؟ يحتمل الأمرين، وقد بوَّب البيهقي رحمه الله “الترغيب في مكث المصلي في مصلاه لإطالة ذكر الله تعالى”. وهذا يدل أن المراد الجلوس بعد الفراغ من صلاة الفرض، وهو ظاهر قوله أيضًا: “في مصلاه الذي صلى فيه”، ويكون المراد بجلوسه انتظار صلاة أخرى، لم تأت، وهو مصرح به في بعض طرق حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عند أحمد، ولفظه: “منتظر الصلاة بعد الصلاة، كفارس اشتد به فرسه في سبيل الله على كشحه، تصلي عليه ملائكة الله، ما لم يحدث، أو يقوم، وهو في الرباط الأكبر”.
وفي الصحيح أيضًا: “وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط”. وروى ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بإسناد صحيح: “صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب، فرجع من رجع، وعقَّب من عقَّب، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعاً، قد حَفَزَه النفَسُ، قد حَسَرَ عن ركبتيه، قال: “أبشروا هذا ربكم، قد فتح باباً من أبواب السماء، يباهي بكم الملائكة، يقول: انظروا إلى عبادي، قد قضوا فريضة، وهم ينتظرون أخرى”. الصحيح المسند 801
ويحتمل أن يراد إنتظار الصلاة قبلها، ويكون قوله: “ما دام في مصلاه الذي صلى فيه”، أي الذي صلى فيه تحية المسجد، أو سنة الصلاة مثلًا، ويدل على أن هذا هو المراد: قوله في بعض طرقه عند مسلم: “فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه”. الحديث. ويدل عليه أيضًا حديث أنس رضي الله عنه في الصحيح في تأخير العشاء إلى شطر الليل، وقوله صلى الله عليه وسلم: “صلى الناس، ورقدوا، ولم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها”. اهـ “طرح” جـ 2 ص 366 – 367.
المسألة السابعة: قال في “الطرح” جـ 2 ص 367 – 368:
إذا كان المراد من الحديث الجلوس في المصلى بعد الفراغ من الصلاة، فما الجمع بينه وبين ما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام”. وعند البخاري من حديث أم سلمة رضي الله عنها: “أنه كان يمكث يسيرًا، كي ينصرف النساء”.
فهذان الحديثان دالان على أن الأولى أن لا يمكث في مصلاه إلا بقدر ذلك، والجواب عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يترك الشيء، وهو يحب فعله، خشية أن يشق على الناس، أو خشية أن يفرض عليهم، كما ثبت في الصحيح، وكان يَندُبُ إلى ذلك بالقول، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمكث كثيرًا في مصلاه عند عدم الشغل، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه: “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس”. وفي لفظ له: “كان لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح”، أو “الغداة، حتى تطلع الشمس”. وثبت أيضًا من حديث عبد الله بن عمرو في سنن ابن ماجه: “ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على الذي لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح”، أو “الغداة، حتى تطلع الشمس”. وثبت أيضًا من حديث عبد الله بن عمرو في سنن ابن ماجه: “ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على الذين جلسوا بين المغرب والعشاء في المسجد، ينتظرون الصلاة”. كما تقدم.
فهذان الوقتان يكون الشخص غالبًا فارغًا فيهما، بعد الصبح، وبعد المغرب، وبقية صلوات النهار ربما يكون للرجل معاش، وأشغال بعدها، وكذلك العشاء للاشتغال بأسباب النوم، وقد ذهب مالك إلى حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما في انصراف الإِمام بعد السلام، فكره للإمام المقام في موضع مصلاه بعد سلامه، ولا حجة فيه، فقد ثبت إقامته في مصلاه حتى تطلع الشمس، فما وجه الكراهة حينئذ؟. والله أعلم.
المسألة الحادية عشرة: في قوله في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: “لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة”. متفق عليه – بيان أنه إذا صرف نيته عن ذلك صارف آخر، من انتظار أحد، أو تنزه، أو نحو ذلك أنه ينقطع عنه أجر الصلاة، فإن تجددت له نية أخرى مع استحضار انتظار الصلاة فهل ينقطع عنه الثواب لما وجد من التشريك، أو لا ينقطع لوجود النية في انتظار الصلاة؟ محتمل، لكن الظاهر انقطاع الثواب بالتشريك في النية، لقوله: “لا يمنعه إلا انتظارها”، فهو يدل على أنه إذا منعه مانع آخر، ولو مع وجود قصد الانتظار لها فإنه لا يكون كالمصلي. أفاده في الطرح. جـ 2 ص 371.
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن الأولى أن ينظر إلى الأغلب، فلو كان الأمر الذي أشركه في النية أغلب، بأن يكون لو حصل غرضه منه لانقلب إلى أهله، ولا ينتظر الصلاة، فليس له هذا الثواب، وإن كان لا ينقلب بل ينتظر الصلاة بعد حصول غرضه الآخر، حصل له ذلك؛ لأنه لم يمنعه من الانقلاب إلى أهله إلا الصلاة، كما هو ظاهر النص. فتبصر. والله أعلم.
المسألة الثانية عشر:
المراد بكون الجالس ينتظر الصلاة في صلاة أنه يكتب له أجر المصلي، لا أن عليه ما على المصلي من اجتناب ما يحرم في الصلاة، أو يكره فيها، إلا أنه يجتنب العبث المنهي عنه في الصلاة، لما روى الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا توضأ أحدكم في بيته، ثم أتى المسجد، كان في صلاة حتى يرجع، فلا يقل هكذا، وشبك بين أصابعه”. وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وروى أبو داود، وابن حبان في “صحيحه” من حديث كعب ابن عجرة رضي الله عنه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “إذا توضأ أحدكم، فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة عامدًا، فلا يشبكن يديه، فإنه في صلاة”. والله أعلم، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
[ذخيرة العقبى في شرح المجتبى 9/ 225]
في سنن النسائي:
(1358) – (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، وَذَكَرَ آخَرَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، كُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ ?؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ? إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلاَّهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَيَتَحَدَّثُ أَصْحَابُهُ، يَذْكُرُونَ حَدِيثَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَيُنْشِدُونَ الشِّعْرَ، وَيَضْحَكُونَ، وَيَتَبَسَّمُ ?).
قال الاتيوبي في ذخيرة العقبى:
شرح الحديث
(عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ) إذا صلى الفجر جلس في مصلاه)
وهذا لا يعارض ما جاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: كان رسول الله ? إذا سلّم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: «اللَّهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت، يا ذا الجلال والإكرام».
لإمكان الجمع بحمل هذا الحديث على أن المراد لم يقعد مستقبل القبلة، إلا المقدار المذكور، ثم يلتفت يمنةً، أو يسرةً، أو يستقبل المأمومين. وقيل: المراد: أنه لم يقعد في الصلاة التي بعدها راتبة، وأما التي لا راتبة بعدها، كصلاة الصبح فكان يقعد، والأول أقرب. والله تعالى أعلم.
وفيه فضل هذا الوقت، وقد أخرج الترمذيّ في «جامعه» عن أنس، قال: قال رسول الله ?: «من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة»، قال رسول الله ?: «تامة تامّة تامّة». وفي سنده أبو ظلال القَسْملي ضعمْه الأكثرون، لكن الحديث صحيح بشواهده.
وأخرج أبو داود في «سننه» عن أنس أيضًا، قال: قال رسول الله ?: «لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحبّ إليّ من أن أُعتق أربعةً من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحبّ إليّ من أن أُعتق أربعة». قال الحافظ العراقي: إسناده حسن. انتهى من ذخيرة العقبى
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (مصلاه) أي في المكان الذي أوقع فيه الصلاة من المسجد، وكأنه خرج مخرج الغالب، وإلا فلو قام إلى بقعة أخرى من المسجد مستمرا على نية انتظار الصلاة كان كذلك. انتهى.
جاء في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (27/ 221):
” بِتَتَبُّعِ ظَاهِرِ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ يَتَبَيَّنُ: أَنَّ صَلاَةَ الضُّحَى وَصَلاَةَ الاشْرَاقِ وَاحِدَةٌ، إِذْ كُلُّهُمْ ذَكَرُوا وَقْتَهَا مِنْ بَعْدِ الطُّلُوعِ إِلَى الزَّوَال وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَهُمَا.
وَقِيل: إِنَّ صَلاَةَ الاشْرَاقِ غَيْرُ صَلاَةِ الضُّحَى، وَعَلَيْهِ فَوَقْتُ صَلاَةِ الاشْرَاقِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، عِنْدَ زَوَال وَقْتِ الْكَرَاهَةِ ” انتهى.
قال شمس الدين الرملي الشافعي:
” الْمُعْتَمَدَ أَنَّ صَلَاةَ الْإِشْرَاقِ هِيَ صَلَاةُ الضُّحَى ” انتهى. فتاوى الرملي (2/ 46).
فتاوى:
(1) سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” ما هي صلاة
الإشراق “؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
” صلاة الإشراق، وهي التي تصلى بعد أن ترتفع الشمس قيد رمح، ومقدار ذلك بالساعة أن يمضي على طلوعها ربع الساعة أو حول ذلك، هذه هي صلاة الإشراق، وهي صلاة الضحى أيضاً؛ لأن صلاة الضحى من حين أن ترتفع الشمس قيد رمح إلى قبيل الزوال، وهي في آخر الوقت أفضل منها في أوله.
وأما ما أشار إليه في الحديث (أن من صلى الفجر في جماعة ثم جلس في مصلاه يذكر الله ثم صلى ركعتين يعني إذا ارتفعت الشمس فهو كما لو أتى بعمرة وحجة تامة تامة): فهذا الحديث ضعيف؛ ضعفه كثير من الحفاظ. ولكن قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه كان يبقى في مصلاه في الفجر، يعني إذا صلى الفجر حتى تطلع الشمس، وليس فيه ذكر صلاة الركعتين.
وخلاصة الجواب: أن ركعتي الضحى هما ركعتا الإشراق؛ لكن إن قَدمتَ الركعتين في أول الوقت، وهو ما بعد ارتفاع الشمس قيد رمح: فهما إشراق وضحى، وإن أخرتهما إلى آخر الوقت فهما ضحى وليستا بإشراق. أما أقلها فركعتان، وأما أكثرها فلا حد له يصلى الإنسان نشاطه ” انتهى. “فتاوى نور على الدرب”.
والله أعلم.
(2) جاء في “فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الثانية” (6/ 150): “من جلس في مصلاه بعد أداء صلاة الفجر يذكر الله حتى طلعت الشمس، ثم أحدث، فخرج من المسجد ليتوضأ، ثم رجع بعد وضوئه لمصلاه من قريب ولم يطل مكثه خارج المسجد، فصلى ركعتين بعد ارتفاع الشمس قدر رمح، فإن خروجه ذلك لا يؤثر ولا يمنع من حصوله على الثواب العظيم المترتب على تلك العبادة -إن شاء الله تعالى-، وهو: إدراك حجة وعمرة تامتين، والفوز بجنته” انتهى.
(3) هل ينطبق أيضًا هذا على النساء؟
الشيخ: عام الحديث للنساء والرجال جميعًا، الحكم عام.
السؤال الثاني من الفتوى رقم ((20123))
س (2): إذا كان الإنسان في مصلاه يذكر الله بعد الفجر حتى الشروق ليصلي الضحى ولكنه أحدث وذهب للوضوء هل يعتبر هنا خرج من المسجد وليس له أجر الحجة والعمرة إذا رجع وصلى الضحى كما في الحديث؟
ج (2): من جلس في مصلاه بعد أداء صلاة الفجر يذكر الله حتى طلعت الشمس ثم أحدث فخرج من المسجد ليتوضأ ثم رجع بعد وضوئه لمصلاه من قريب ولم يطل مكثه خارج المسجد فصلى ركعتين بعد ارتفاع الشمس قدر رمح فإن خروجه ذلك لا يؤثر ولا يمنع من حصوله على الثواب العظيم المترتب على تلك العبادة إن شاء الله تعالى وهو إدراك حجة وعمرة تامتين والفوز بجنته ويدل لذلك ما رواه أنس بن مالك ? قال قال رسول الله ? «من صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له أجر حجة وعمرة) قال: قال
رسول الله ?: “تامة تامة تامة ((1))» أخرجه الترمذي في (الجامع) وقال: حديث حسن غريب، وروى الطبراني نحوه بإسناد جيد.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
====
(661) – «أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة، يقول:
انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى».
أخرجه ابن ماجه ((801)) وأحمد ((2) / (186)) عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي
أيوب عن عبد الله بن عمرو قال: «صلينا مع رسول الله ?»
المغرب، فرجع من رجع وعقب من عقب، فجاء رسول الله ? مسرعا
قد حفزه النفس وقد حسر عن ركبتيه فقال …. «فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم وأبو أيوب، هو المراغي الأزدي البصري.
وقال البوصيري في» الزوائد ” ((54) / (1)):
«هذا إسناد رجاله ثقات».
وكذا قال المنذري في «الترغيب» ((1) / (160)) ولكنه أعله بالانقطاع بين أبي
أيوب وابن عمرو ولا وجه له. والله أعلم.
وله طريق أخرى أخرجه أحمد ((2) / (208)) عن علي بن زيد عن مطرف بن عبد الله بن
الشخير عن عبد الله بن عمرو به. وهذا إسناد لا بأس به في الشواهد، رجاله
كلهم ثقات غير علي بن زيد وهو ابن جدعان، ففيه ضعف من قبل حفظه.
سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها للألباني 265/ 2