581 – تحضير سنن الترمذي
جمع أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد
_______
بَابُ مَا ذُكِرَ فِيمَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَضَاهُ بِالنَّهَارِ
(581) – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ، عَنْ يُونُسَ، لا (475) لا عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَخْبَرَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لا: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ»: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» وَأَبُو صَفْوَانَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ المَكِّيُّ، وَرَوَى عَنْهُ الحُمَيْدِيُّ وَكِبَارُ النَّاسِ ”
[حكم الألباني]: صحيح
______
قال العيني:
قوله: ” أو عن شيء منه ” أي، من حزبه، وقد فسرنا الحزب الآن. والحديث أخرجه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وهذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وزعم أنه معلل بأن جماعة رووه هكذا مرفوعاً وجماعة رووه موقوفاً. قال الشيخ محيي الدين: وهذا التعليل فاسد، والحديث صحيح، وإسناده صحيح، لأن الذي عليه الفقهاء والأصوليون ومحققو المحدثين، أنه إذا رُوي الحديث مرفوعاً وموقوفاً، أو موصولا ومرسلا حكم بالوصل والرفع، لأنها زيادة ثقة، وسواء كان الرافع والواصل أكثر أو أقل في الحفظ والعدد.
[شرح سنن أبي داود للعيني 5/ 220]
ورد الاتيوبي على النووي هذه القاعدة وقال إنما الترجيح بالقرائن. وهنا توجد قرينة على صحة الرفع وهي أن يونس توبع عليه تابعه عقيل كما عند ابن خزيمة.
شرح سنن أبي داود لابن رسلان — ابن رسلان (ت (844))
باب من نام عن حزبه
[(1313)] (حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان) بن الحكم الأموي الدمشقي، هربت به أمه حين قتل أبوه بنهر أبي فطرس ((2)) صبرا، أخرج له الشيخان.
(ح ((3)) حدثنا سليمان بن داود) العتكي شيخ الشيخين (ومحمد بن سلمة) المرادي (قالا: أنبأنا) عبد الله (ابن وهب) بن مسلم الفهري.
(المعنى، عن يونس) بن يزيد الأيلي، أحد الأثبات (عن) محمد (بن شهاب) الزهري.
(أن السائب بن يزيد ((1)) وعبيد الله) بالتصغير: ابن عبد الله بن أبي ثور (أخبراه [أن عبد الرحمن بن عبد) قال: وعبد الرحمن هذا هو عامل عمر بن الخطاب على بيت المال مع زيد بن أرقم] ((2)).
(قالا) يعني سليمان بن داود ومحمد بن سلمة ((3)) في روايتهما.
(عن) عبد الله (بن وهب) أنه ((4)) عبد الرحمن (ابن [عبد) ويقال عبد الرحمن بن] ((5)) عبد الله (القاري) من القارة وهو أيثع ((6)) ويقال: ييثع بن مليح بن الهون بن خزيمة بن مدركة، ويقال: القارة هو الريش بن ملحم ((7)) بن غالب بن عايدة ((8)) بن أيثع بن مليح بن الهون بن خزاعة، سموا قارة؛ لأن يعمر بن الشداخ أراد أن يفرقهم في بطون كنانة، فقال بعضهم:
دعونا قارة ولا تنفرونا ((9)) … فنجفل مثل أجفال الظليم ((10))
وإليهم ينسب عمر بن الخطاب (قال: سمعت عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقول: قال رسول الله لا: من نام عن حزبه أو عن شيء منه) ((1)) فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل) ((2)) هكذا لفظ مسلم: [حزبه: بكسر الحاء المهملة الورد الذي يعتاده الشخص من صلاة وقراءة وعبادة، ورواية ابن ماجه ((3)): جزئه بضم الجيم] ((4)).
قال القاضي عياض في «إكمال المعلم»: فيه دليل على أن ((5)) صلاة الليل والذكر فيه أفضل من صلاة النهار وعمله إذ لم يجعل له هذه الفضيلة إلا لغلبة نومه عليه، [وقد ذكره مالك في «الموطأ» عنه عليه الصلاة والسلام] ((6)) ((7)).
—————–
(الموسوعة الفقهية الكويتية — مجموعة من المؤلفين)
أ – التحزيب والأوراد وقضاء ما يفوت:
(46) – قال ابن قتيبة: الحزب من القرآن الورد، وهو شيء يفرضه الإنسان على نفسه يقرؤه كل يوم. اهـ. والمراد هنا ما يرتبه الإنسان على نفسه من الأذكار. وفي الحديث: من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ((2)). وهذا وارد في الحزب من القرآن،
لكن قال النووي: ينبغي لمن كان له وظيفة من الذكر في وقت من ليل أو نهار، أو عقب صلاة، أو حالة من الأحوال، ففاتته، أن يتداركها ويأتي بها إذا تمكن منها ولا يهملها، فإنه إذا اعتاد عليها لم يعرضها للتفويت وإذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها.
قال الشوكاني: وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقضون ما فاتهم من أذكارهم التي يفعلونها في أوقات مخصوصة.
وقال ابن علان: المراد بالأحوال: الأحوال المتعلقة بالأوقات، لا المتعلقة بالأسباب كالذكر عند رؤية الهلال وسماع الرعد ونحو ذلك فلا يندب تداركه عند فوات سببه. ومن ترك الأوراد بعد اعتيادها يكره له ذلك ((1)).
—————-
إكمال المعلم بفوائد مسلم — القاضي عياض (ت (544))
وقوله: «من نام عن حزبه أو عن شاء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل» تفضل من الله تفضل عليه به، ودليل على أن صلاة الليل والذكر فيها أفضل من صلاة النهار وعمله، إذ لم يجعل له هذه الفضيلة إلا لغلبة نومه [عليه] ((1))، وقد ذكر مالك فى موطئه عنه – عليه السلام -: «ما من امرئ يكون له صلاة من الليل فغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة» ((2))، وهذا أتم فى التفضل ومجازاته بنيته، وهذا لمن كانت عادته ذلك، وظاهره أن له أجره كاملا كما لو عمله؛ لأن الله حبسه عنه، وقد جاءت بهذا ظواهر أحاديث كثيرة، ولهذا أجاز مالك لهذا أن يصليه بعد طلوع الفجر وكان ذلك الوقت عنده وقت ضرورة، لما فاته من نوافل الليل، كقيامه، ووتر ليله، وهو لا يجيز التنفل بعد طلوع الفجر، ولا يصلى حينئذ إلا الفجر، وهو قول جماعة من الصحابة والعلماء للأثر الوارد فى ذلك، وروى عن الحسن وطاوس وعطاء إجازة ذلك مطلقا، وروى عن مالك – أيضا – إجازة ما خف من ذلك كالست ركعات ونحوها.
قال بعض شيوخنا: وقال بعضهم:
يحتمل أن يكون آخرها غير مضاعف بعشر بخلاف إذا عملها، إذ الذى يصليها أكمل أجرا أو يكون له أجر بنيته أو أجر من يتمنى أن يصلى تلك الصلاة أو أجر تأسفه على ما فاته منها، والأول أظهر، لاسيما مع قوله: «وكان نومه عليه صدقة»، فلو نقصه النوم من الأجر لم تكن صدقة، بل كان مانعا له من خير ومفترا فى أجور الفضائل، والأجور ليست على قياس، وإنما هى [بفضل من الله] ((3)) بما شاء على من شاء كيف شاء.
وهذا الحديث مما تتبعه الدارقطنى على مسلم …. فذكر نحو ما سبق في أول البحث
——————
شرح رياض الصالحين — ابن عثيمين (ت (1421))
أن الإنسان إذا فاته قيام الليل فإنه يقضيه من النهار، ولكنه لا يوتر، لأن الوتر تختم به صلاة الليل وقد انتهت كما دل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي لا إذا غلبه وجع أو غيره، يعني كالنوم فلم يصل في الليل، صلى في النهار ثنتي عشرة ركعة، لأنه عليه الصلاة والسلام، كان يواظب في أكثر أحيانه على إحدى عشرة ركعة، فكان يقضي ما هو الأكمل والأكثر، يقضي ثنتي عشرة ركعة، وعلى هذا فإذا كان من عادة الإنسان أنه يوتر بثلاث، ولم يقم، فإنه يقضي بالنهار أربعا، ولا يقضي ثلاثا، وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس يقضي ستا وهلم جرا، ولكن متي يقضي؟ يقضيه فيما بين طلوع الشمس وارتفاعها إلى زوال الشمس، كما يدل على ذلك حديث عمر رضي الله عنه فيمن فاته ورده أو حزبه في الليل، أو شيء منه، أنه يقضيه في النهار بالضحى، فيقضي ذلك في الضحى، فإن نسي ولم يتذكر إلا بعد الظهر قضاه بعد الظهر، لعموم قول النبي لا: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها.
ومما دلت عليه هذه الأحاديث أن الإنسان إذا غلبه النوم وجاءه النعاس وهو يصلي فلا يصلي، وذلك لأنه ربما يذهب يستغفر لنفسه فيسب نفسه لأنه ينعس، وأيضا ربما يستعجم القرآن على لسانه، فيتكلم بالكلمة من القرآن على غير وجهها فيحرف القرآن، فأنت إذا كان من عادتك أن تصلي بالليل وجاءك النوم، فلا تجهد نفسك، نم حتى يزول عنك النعاس
ثم استأنف القيام، فإن طلع الفجر فاقض الوتر في الضحى ولكن شفعا.
ومما تدل عليه هذه الأحاديث أنه ينبغي للإنسان إذا كان له أهل وقام من الليل أن يوقظ أهله، لكن حسن نشاط الأهل، ولهذا كان الرسول لا يصلي من الليل فإذا لم يبق إلا الوتر أيقظ عائشة فأوترت، يعني ليس من اللازم أن توقظ أهلك معك، قد يكون أهلك ليسوا مثلك في النشاط البدني أو في النشاط النفسي، فلا توقظهم معك، ليس بلازم إلا إذا رأيت أنهم يرغبون، ولكن لا تنسهم من آخر الليل، يقومون ولو للوتر، كما كان رسول الله لا يفعل.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يقوم الليل ويصوم النهار ويعبد ربه حق عبادته.
—————-
حاشية السندي على سنن ابن ماجه — السندي، محمد بن عبد الهادي (ت (1138))
[باب ما جاء فيمن نام عن حزبه من الليل]
(1343) – حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح المصري حدثنا عبد الله بن وهب أنبأنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب أن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله أخبراه عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول «قال رسول الله لا من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل»
قوله: (عن حزبه) الحزب بكسر الحاء المهملة وسكون الزاي المعجمة وهو ما يجعله الإنسان وظيفة له من صلاة أو قراءة أو غيرهما والمعنى من نام في الليل عن ورده والحمل على الليل بقرينة النوم ويشهد له آخر الحديث وهو قوله: ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر ثم الظاهر أنه تحريض على المبادرة ويحتمل أن فضل الأداء مع المضاعفة مشروط بخصوص الوقت
وفي الحديث دليل على أن النوافل تقضى
وقال السيوطي في حاشيةالنسائي الحزب هو الجزء من القرآن يصلى به وقوله كتب إلخ تفضل من الله تعالى وهذه الفضيلة إنما تحصل لمن غلبه نوم أو عذر منعه من القيام مع أن نيته القيام فظاهره أن له أجره مكملا مضاعفا لحسن نيته وصدق تلهفه وتأسفه وهو قول بعض شيوخنا وقال بعضهم: يحتمل أن يكون غير مضاعف والتي يصليها أكمل وأفضل والظاهر هو الأول قلت: بل هو المتعين وإلا فأصل الأجر يكتب بالنية.
(1344) – حدثنا هارون بن عبد الله الحمال حدثنا الحسين بن علي الجعفي عن زائدة عن سليمان الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عبدة بن أبي لبابة عن سويد بن غفلة عن أبي الدرداء «يبلغ به النبي لا قال من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه»
قوله: (كتب له ما نوى) أي أجر صلاة الليل لكن بلا مضاعفة كما يدل عليه الأحاديث فالقضاء المذكور في الحديث السابق للمحافظة على العادة ولمضاعفة الأجر والله تعالى أعلم.
=====
باب ما ذكر فيمن فاته حزبه من الليل فقضاه بالنهار
ما جاء في قراءة القرآن ممن فاته حزبة من الليل
(240) – حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: مَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ باللَّيْلِ، فَقَرَأَهُ من حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ، فَكأنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ، أَوْ كَأَنَّهُ أَدْرَكَهُ.
موطأ مالك رواية أبي مصعب الزهري (1) / (91)
قوله [باب ما ذكر فيمن فاته حزبه من الليل فقضاه بالنهار]
المراد بذلك تفسر ما ورد في الكريمة {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ((62))} يعني أن كلًا منهما خلف للآخر، فكان العمل في أحدهما ينوب عنه في الآخر، ولا يكون ذلك قضاء لعدمه في النوافل، وإنما المعنى بذلك حصول هذا الثواب، وتسميته قضاء باعتبار تعيينه، وهذا فضل منه عزوجل ومنة على عباده وإلا فالفضل الذي كان للعمل في وقته ليس له في غير ذلك الوقت لكنه لما كان يريد أن يؤديه في وقته الذي عينه يثاب على القدر الذي كان يثاب في سائر الأيام والتقييد في الحديث بأحد الشقين في قوله: من فاته حزبه من الليل فقضاه بالنهار دون أن يذكر الثاني أيضًا، وهو من فاته حزبه من النهار فقضاه بالليل، ليس لمغايرة بين حكميهما بل لما أن اكثر أوارد أكثر
الأصحاب كانت معينة في الليل والحكم في أوراد النهار يعلم بالمقايسة، وصرح بذكر ما هم إليه يحتاجون في الأكثر.
الكوكب الدري على جامع الترمذي (1) / (460) – (461)
ونقل الإتيوبي هذا المعنى عمن تقدم
(بَاب مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ)
[(1313)] الْحِزْبُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ بَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ الْوِرْدُ وَالْمُرَادُ هُنَا الْوِرْدُ مِنَ الْقُرْآنِ وَقِيلَ الْمُرَادُ مَا كَانَ مُعْتَادُهُ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ
(أَبُو صَفْوَانَ) هُوَ يَرْوِي عَنْ يُونُسَ (قَالَا) أَيْ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَمُحَمَّدُ بن سلمة المرادي (أخبرنا بن وَهْبٍ) وَأَبُو صَفْوَانَ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ يُونُسَ (قالا) أي سليمان ومحمد (عن بن وَهْبٍ) فِي حَدِيثِهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عبد
القاراء وَأَمَّا أَبُو صَفْوَانَ فَقَالَ عَنْ يُونُسَ إِنَّ عبد الرحمن بن عبد بإسقاط لفظ القاراء وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ رِوَايَتِهِمَا
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هذا هو بن عَبْدٍ بِغَيْرِ إِضَافَةٍ وَالْقَارِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَارَّةِ قَبِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ بِجَوْدَةِ الرَّمْيِ (أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْحِزْبِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ اتِّخَاذِ وِرْدٍ فِي اللَّيْلِ وَعَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قَضَائِهِ إِذَا فَاتَ لِنَوْمٍ أَوْ عُذْرٍ مِنَ الْأَعْذَارِ وَأَنَّ مَنْ فَعَلَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ كَانَ كَمَنْ فَعَلَهُ فِي اللَّيْلِ
وَفِي اسْتِحْبَابِ قَضَاءِ التَّهَجُّدِ إِذَا فَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ
وَلَمْ يَسْتَحِبَّ أصحاب الشافعي قضاءه
إنما يستحبوا قَضَاءَ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ (كَتَبَ لَهُ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ الْفَضِيلَةُ إِنَّمَا تَحْصُلُ لِمَنْ غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ عُذْرٌ مَنَعَهُ مِنَ الْقِيَامِ مَعَ أَنَّ نِيَّتَهُ الْقِيَامُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن ماجه
عون المعبود وحاشية ابن القيم (4) / (138) – (139)
مداخلة: شيخ بالنسبة لقضاء الوتر، جاء في الحديث أن النبي لا كان إذا نام عن حزبه صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، فهل قضاء الوتر إذا فات على الإنسان نهارًا يريد أن يصلي الوتر يصليه ثنتي عشرة ركعة، أو يصليه إحدى ركعة.
الشيخ: الحديث الذي ذكرته كاملًا نام أو إذا فاته؟
مداخلة: نام عن حزبه.
الشيخ: أنا الذي أحفظ أن الحديث كان إذا فاته، فإذا صح بلفظ: إذا نام فحينئذ فالجمع سهل وهو أن نقول هنا سنتان: سنة فعلية وسنة قولية، السنة الفعلية هو هذا الذي ذكرته، وهذا بعد التأكد من كون الحديث بلفظ نام، والسنة القولية كما نعلم في الحديث: أنه قال في الوتر ما قاله في الفريضة: «من نام عن الوتر أو نسيه فليصله حين يذكره» فأي الأمرين فعل فقد اهتدى.
مداخلة: إذا صلى ثنتي عشرة ركعة، هل تعتبر قضاءً أو عوض عن صلاة الليل؟
الشيخ: لا ليس قضاء، لو كان قضاء الصلاة التي تقضى تقضى كما فاتت، الوتر وتر وهنا شفع، فهو ليس قضاء وإنما بديل.
(فتاوى رابغ ((7)) / (00): (11): (16))
جامع تراث العلامة الألباني في الفقه (7) / (173)
قال الاتيوبي في شرح مسلم:
قال النوويُّ: هذا الحديث مما استدركه الدارقطنيّ على مسلم، وزعم أنه معلّل بأن جماعة رووه هكذا مرفوعًا، وجماعة رووه موقوفًا، وهذا التعليل فاسدٌ، والحديث صحيحٌ، وإسناده صحيح أيضًا، وقد سبق بيان هذه القاعدة في الفصول السابقة في مقدمة هذا الشرح، ثم في مواضع بعد ذلك، وبَيّنّا أن الصحيح، بل الصواب الذي عليه الفقهاء والأصوليون، ومحققو المحدثين أنه إذا رُوِي الحديث مرفوعًا وموقوفًا، أو موصولًا ومرسلًا، حُكِم بالرفع والوصل؛ لأنها زيادة ثقة، وسواء كان الرافع والواصل أكثر، أو أقل في الحفظ والعدد، واللَّه أعلم. انتهى كلام النوويّ.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قاله النوويّ من أن المحققين على ترجيح الرفع والوصل مطلقًا قد أسلفنا ردّه، وأن النقّاد من محققي المحدثين إنما يرجّحون حسب القرائن، فتارةً يَرجحون هذا، وتارة يرجحون العكس، فصنيعهم جارٍ حسب القرائن، فتنبّه لهذه الدقائق.
لكن حديث الباب صحيح كما قال، وليس للقاعدة المطلقة التي ذكرها، وإنما لوجود ما ذكرناه، مما يرجّح الرفع، وذلك لأن يونس لم ينفرد برفعه، بل تابعه عليه عُقيل عند ابن خزيمة في «صحيحه» (2) / (195) رقم ((1171))، وكذا عند أبي عوانة في «مسنده» (2) / (14) رقم ((2136)).
وأيضًا الوقف في مثل هذا له حكم الرفع؛ لأن مثل هذا مما لا يُنال بالرأي.
وأيضًا يشهد لمتنه حديثُ عائشة رضي الله عنها المتقدّم: «كان لا إذا نام من الليل، أو مرض. . .» الحديث، فبهذه القرائن ترجّح الرفع على الوقف، ولذا أخرجه المصنّف هنا، فتبصّر، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ) أي: أو نام عن شيء من حزبه؛ أي: فاته بعض ورده (فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ) يَحْتَمِل أن يكون تحريضًا على المبادرة، ويَحْتَمِل أن أفضل الأداء مع المضاعفة مشروط بخصوص الوقت. أفاده السنديُّ.
وقال الطيبيُّ لا: قال المظهر: إنما خَصّ قبل الظهر بهذا الحكم؛ لأنه متّصل بآخر الليل بغير فصل، سوى صلاة الصبح، ولهذا لو نوى الصائم قبل الزوال صوم نافلة جاز، وبعده لم يجُز. انتهى.
قال القرطبيُّ: هذا تفضّل من اللَّه تعالى، ودليلٌ على أن صلاة الليل أفضل من صلاة النهار، والحزب هنا الجزء من القرآن، يصلي به، وهذه الفضيلة إنما تحصل لمن غلبه نوم، أو عذر منعه من القيام، مع أن نيته القيام، وقد ذكر مالك في «الموطأ» عنه لا، قال: «ما من امرئ تكون له صلاة بليل، فغلبه عليها نوم، إلا كتَبَ اللَّه له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه»، وهذا أتمّ في التفضّل والمجازاة بالنيّة، وظاهره أن له أجره مكمّلًا مضاعفًا، وذلك لحسن نيته، وصدق تلهّفه، وتأسّفه، وهذا قول بعض شيوخنا، وقال بعضهم: يَحْتَمِل أن يكون غير مضاعف، إذ الذي يصليها أكمل، وأفضل.
قال القرطبيُّ: والظاهر التمسّك بالظاهر؛ فإن الثواب فضل من الكريم الوهّاب، وقد تقدّم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه لا: «كان إذا غلبه نوم، أو وجع، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة»، وهذا كله إنما هو يبقى في تحصيل مثل ما غُلب عليه، لا أنه قضاء له، إذ ليس في ذمّته شيء، ولا يُقضَى إلا ما تعلّق بالذمّة.
وقد رأى مالك أن يصلي حزبه من فاته بعد طلوع الفجر، وهو عنده وقت ضرورة لمن غُلب على حزبه، وفاتَه، كما يقول في الوتر. انتهى كلام القرطبيُّ، وهو بحث نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
فوائده:
– (منها): مشروعيّة اتخاذ ورد من العبادات في الليل.
(2) – (ومنها): مشروعية قضائه إذا فات لنوم، أو عذر من الأعذار.
(3) – (ومنها): أن وقت قضائه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، فمن فعله في هذا الوقت، كان كمن فعله في الليل، والظاهر أن مَن فعله بعد ذلك لا يكون له ذلك، واللَّه تعالى أعلم.
(4) – (ومنها): أن فيه إشارةً إلى ما ورد في معنى قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ((62))} [الفرقان: (62)]، قال القاضي: أي: ذَوَيْ خِلْفَة، يخلف كل منهما الآخر، يقوم مقامه فيما ينبغي أن يُعمل فيه، مَن فاته ورده في أحدهما تداركه في الآخر. انتهى، وهو منقول عن كثير من السلف، كابن عباس، وقتادة، والحسن، وسلمان، كما ذكره السيوطيّ في «الدرّ المنثور».
قيل: تخصيصه بما قبل الزوال مع شمول الآية النهار بالكمال إشارة إلى المبادرة بقضاء الفوائت قبل إتيان الموت، أو لأن ما قارب الشيء يُعطى حكمه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}
[البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج ((15) / (559) – (563))]
=====
=====
قال السيوطي:
وفي رواية النسائي: ” من نام عن حزبه، أو قال: جُزئه ” وهو شك من بعض رواته.
قال العراقي: ” وهل المراد به صلاة الليل، أو قراءة القرآن، في صلاة أو غير صلاة يحتمل كلاً من الأمرين “.
[قوت المغتذي على جامع الترمذي 1/ 232]
قال القاضي عياض:
وقوله: ” من نام عن حزبه أو عن شاء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كُتِب له كأنما قرأه من الليل ” تَفُضُّلٌ من الله تَفضَّل عليه به، ودليل على أن صلاة الليل والذكر فيها أفضل من صلاة النهار وعمله، إذ لم يُجعل له هذه الفضيلة إلا لغلبة نومه [عليه] (1)، وقد ذكر مالك فى موطئه عنه عليه السلام: ” ما من امرئ يكون له صلاة من الليل فغلبه عليها نوم إلا كتب له أجرُ صلاته، وكان نومه عليه صدقة ” (2)، وهذا أتم فى التفضل ومجازاته بنيته، وهذا لمن كانت عادته ذلك، وظاهره أن له أجرَه كاملاً كما لو عمله؛ لأن الله حبسه عنه، وقد جاءت بهذا ظواهر أحاديث كثيرة، ولهذا أجاز مالك لهذا أن يصليه بعد طلوع الفجر وكان ذلك الوقت عنده وقت ضرورة، لما فاته من نوافل الليل، كقيامه، ووتر ليله، وهو لا يجيز التنفُّل بعد طلوع الفجر، ولا يصلى حينئذ إلا الفجر، وهو قول جماعة من الصحابة والعلماء للأثر الوارد فى ذلك، وروى عن الحسن وطاوس وعطاء إجازة ذلك مطلقاً، وروى عن مالك – أيضاً – إجازة ما خف من ذلك كالست ركعات ونحوها. قال بعض شيوخنا: وقال بعضهم: يحتمل أن يكون آخرها غيرَ مضاعف بعشرٍ بخلاف إذا عملها، إذ الذى يصليها أكمل أجراً أو يكون له أجرٌ بنيته أو أجر من يتمنى أن يصلى تلك الصلاة أو أجر تأسفه على ما فاته منها، والأول أظهر، لاسيما مع قوله: ” وكان نومه عليه صدقة “، فلو نقصه النوم من الأجر لم تكن صدقة، بل كان مانعاً له من خير ومفَتِّراً فى أجور الفضائل، والأجور ليست على قياس، وإنما هى [بفضل من الله] (3) بما شاء على من شاء كيف شاء. وهذا الحديث ممّا تتبعه الدارقطنى على مسلم فقال: رواه جماعة سماهم مسنداً، كما ذكره مسلم، ورواه ابن المبارك عن يونس موقوفاً، وكذلك رواه معمر عن الزهرى عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القارى، وكذلك رواه مالك عن داود عن الأعرج عن عبد الرحمن بن عبد القارى عن عمر موقوفاً (4).
[إكمال المعلم بفوائد مسلم 3/ 97]
قال ابن هبيرة:
من لطف الله بعبده أنه إذا استمر في الأمور في الغالب فبدر منه ما يخالف تلك الحال الغالبة عليه سومح؛ فإن الله تعالى قد فسح لهذا النائم في الاستدراك ولم ينقصه من ميزان أجر ذلك الوقت الشريف شيئًا.
* وفيه من الفقه الحض على قضاء الفوائت من النوافل على سبيل التدارك؛ لئلا يعتاد إسقاط النوافل عند فواتها؛ فإن استدامة العمل عمل فوق العمل.
[الإفصاح عن معاني الصحاح 1/ 212]
قال في عون المعبود:
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ اتِّخَاذِ وِرْدٍ فِي اللَّيْلِ وَعَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قَضَائِهِ إِذَا فَاتَ لِنَوْمٍ أَوْ عُذْرٍ مِنَ الْأَعْذَارِ وَأَنَّ مَنْ فَعَلَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ كَانَ كَمَنْ فَعَلَهُ فِي اللَّيْلِ
وَفِي اسْتِحْبَابِ قَضَاءِ التَّهَجُّدِ إِذَا فَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ
وَلَمْ يَسْتَحِبَّ أصحاب الشافعي قضاءه
إنما يستحبوا قَضَاءَ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ (كَتَبَ لَهُ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ الْفَضِيلَةُ إِنَّمَا تَحْصُلُ لِمَنْ غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ عُذْرٌ مَنَعَهُ مِنَ الْقِيَامِ مَعَ أَنَّ نِيَّتَهُ الْقِيَامُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن ماجه
[عون المعبود وحاشية ابن القيم 4/ 139]
قال ابن عثيمين:
ويؤخذ من الحديث الذي ذكره المؤلف أنه ينبغي للإنسان المداومة على فعل الخير، وألا يدع ما نسيه إذا كان يمكن قضاؤه، أما ما لا يمكن قضاؤه فإنه إذا نسيه سقط، مثل سنة دخول المسجد التي تسمى تحية المسجد، إذا دخل الإنسان المسجد، ونسى وجلس وطالت المدة؛ فإنه لا يقضيها؛ لأن هذه الصلاة سنة مقيدة بسبب، فإذا تأخرت عنه سقطت سنتها، وهكذا كل ما قيد بسبب؛ فإنه إذا زال سببه لا يقضى، إلا أن يكون واجباً من الواجبات؛ كالصلاة المفروضة، وأما ما قيد بوقت فإنه يقضى إذا فات؛ كالسنن الرواتب؛ لو نسيها الإنسان حتى خرج الوقت فإنه يقضيها بعد الوقت، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك لو فات الإنسان صيام ثلاثة أيام من الشهر ـ الأيام البيض ـ فإنه يقضيها بعد ذلك، وإن كان صيام ثلاثة أيام من الشهر واسعاً؛ فتجوز في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره، لكن الأفضل في الأيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر. والله الموفق.
[شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 2/ 244]