(58) (930) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / الشيخ طحنون آل نهيان/ ومسجد محمد بن رحمة الشامسي
(للأخ؛ سيف بن دورة الكعبي)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3،والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
وشارك أحمد بن علي ومحمد بن فرج
———
الصحيح المسند برقم 930 من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب) أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي
———
سبق بمعناه من حديث بشر بن سحيم 180 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أيام التشريق فقال: لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمه وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب)
سيأتي برقم في الصحيح المسند 1305 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيام منى أيام أكل وشرب).
وذكرنا أنه ورد من حديث نبيشة مرفوعاً (أيام التشريق أيام أكل وشرب) وفي رواية وذكر
أما لفظة (وبعال) فلا تصح
مشاركة أحمد بن علي:
قال البسام في توضيح الأحكام بعد أن ذكر حديث ” نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ” وحكم عليه بالضعف:
ما يؤخذ من الحديث:
1 – يوم عرفة يوم عظيم وصيامه أفضل صيام التطوع؛ فقد جاء في صحيح مسلم (1976) أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: “صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده”.
إلاَّ أنَّ الحاج يوم عرفة مشغول بوظائف ذلك اليوم، من التلبية والتكبير، والذكر والدعاء، تلك الأذكار الخاصة بهذا اليوم، وهي وظائف تفوت ويفوت ثوابها بفوات ذلك اليوم، الذي قد لا يتكرر في حياة المسلم.
2 – من أجل هذا كُره صوم عرفة بعرفة؛ ليكون الحاج قويًّا مستعليًا للقيام
بوظائف هذا اليوم العظيم، من الذكر والدعاء.
3 – عدم استحباب صوم عرفة بعرفة هو مذهب جمهور العلماء، منهم الأئمة الثّلاثة: مالك والشافعي وأحمد، ويؤكد هذا الحديث ما جاء في البخاري (1853)، ومسلم (1896): “أنَّ أم الفضل أرسلت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بلبن، فشرب، وهو يخطب بعرفة”، وقال ابن عمر: “حججت مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم مع أبي بكر، ثم مع عمر، ثم مع عثمان، فلم يصمه واحد منهم”.
4 – قال شيخ الإسلام: إنَّه يوم عيد؛ لما روى الإمام أحمد (16739)، عن عقبة ابن عامر؛ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: “يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام”، ومظهر العيد فيه والاجتماع هو للحجاج أكثر منه لغيرهم. ولا يمنع أن يجتمع في الحكم الواحد عدة حِكَم وأسرار، فأحكام الله تعالى مبنية على جلب المصالح ودفع المفاسد، والحمد لله على نعمه التي لا تحصى.
قال الخطابي في معالم السنن:
قلت وهذا أيضاً كالتعليل في وجوب الإفطار فيها وأنها مستحقة لهذا المعنى فلا يجوز صيامها ابتداء تطوعا ولا نذرا ولا عن صوم التمتع إذا لم يكن المتمتع صام الثلاثة الأيام في العشر وهو قول على رضي الله عنه والحسن وعطاء وغالب مذهب الشافعي.
وقال مالك والأوزاعي وإسحاق يصوم المتمتع أيام التشريق إذا فاتته الثلاث في العشر وروى ذلك عن ابن عمر وعائشة وعروة بن الزبير رضي الله عنهم. اهـ
قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار:
فكان في هذا الحديث إدخال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في أيام أعياد المسلمين , وإعلامه إياهم أنه يوم طعم وشرب كما أعلمهم في بقيتها أنها أيام طعم وشرب.
فتأملنا ذلك فوجدنا سائر الأيام المذكورة في هذا الحديث سوى يوم عرفة مخصوصة بمعنى يتقرب إلى الله عز وجل به فيها من صلاة , ومن نحر , ومن تكبير يعقب
الصلوات الفرائض اللاتي يصلى فيها , فكانت بذلك أعيادا للمسلمين , ولم يجز صومها لذلك , ووجدنا يوم عرفة فيه أيضا سبب ما يتقرب به إلى الله عز وجل ليس في غيره من
الأيام وهو الوقوف بعرفة للحج , وكان ذلك مما ليس في سائر البلدان سوى عرفة … فعقلنا بذلك أنها أعياد في البلدان كلها فلم يصلح صومها في شيء منها , وكان يوم عرفة عيدا في موضع خاص دونما سواه من المواضع , فلم يصلح صومه هنالك , وصلح صومه فيما سواه من المواضع , وشد ذلك ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قصده بالنهي عن صومه إلى عرفة. اهـ
قال ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح:
وقال أبو عمر – يعني ابن عبد البر -: تفرد به موسى بن علي عن أبيه وما تفرد به ليس بالقوي وذكر يوم عرفة غير محفوظ، وهو قابل لصوم التمتع.
قلت (سيف): لكن الحديث صححه جمع من أهل العلم.
والنسائي ترجم عليه باب: إفطار يوم عرفة بعرفة، وحمله البيهقي في “فضائل الأوقات” على الحاج؛ وأجاب الطحاوي بأنه قد يجمع بين الأشياء المختلفة لقوله {فلا رفث ولا فسوق} الآية [البقرة: 197]. والرفث: الجماع يفسد الحج دون ما سواه.
وأبدى الطبري سؤالا فقال: لم لا يجعل النهي هنا كالنهي عن يوم الشك وأيام التشريق، وأنت تجيز صيام أيام التشريق قضاء عن واجب وتبيح صوم يوم الشك تطوعا؟ ثم أجاب بأن الأمة قد أجمعت على تحريم صوم العيدين تطوعا لا فريضة، وصحت الأخبار بصوم شعبان يوصله برمضان.
وقامت الحجة بأن الفاقد للهدي يصوم أيام التشريق فافترقا. اهـ
قال المبارك فوري في تحفة الأحوذي:
قال الحافظ في الفتح بعد أن نقل عن البعض استحباب صوم يوم عرفه بعرفه:
قال الجمهور يستحب فطره ….
وقيل إنما كره صوم يوم عرفة لأنه يوم عيد لأهل الموقف لاجتماعهم فيه ويؤيده ما رواه أصحاب السنن عن عقبة بن عامر مرفوعا
يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام انتهى كلام الحافظ
قلت ما ذهب إليه الجمهور من أنه يستحب الفطر يوم عرفة بعرفة هو الظاهر ويدل عليه حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم عرفة بعرفة وقد
صحح هذا الحديث بن خزيمة والحاكم على ما قاله الحافظ في الفتح وأخذ بظاهره بعض السلف فجاء عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال يجب فطر يوم عرفة للحاج والله تعالى أعلم. اهـ
قلت (سيف): حديث نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة ضعيف لكن ثبتت السنة العملية الفطر في يوم عرفة.
قال ابن رجب في فتح الباري:
وقد أشكل وجهه على كثير من العلماء؛ لأنه يدل على أن يوم عرفة يوم عيد لا يصام، كما روي ذلك عن بعض المتقدمين، وحمله بعضهم على أهل الموقف وهو الأصح لأنه اليوم الذي فيه أعظم مجامعهم ومواقفهم بخلاف أهل الأمصار فإن اجتماعهم يوم النحر، وأما أيام التشريق فيشارك أهل الأمصار أهل الموسم فيها؛ لأنها أيام ضحاياهم وأكلهم من نسكهم. هذا قول جمهور العلماء.
وقال عطاء: إنما هي أعياد لأهل الموسم، فلا ينهى أهل الأمصار عن صيامها. وقول الجمهور أصح …..
فأما الأعياد التي يجتمع عليه الناس فلا يتجاوز بها شرعة الله لرسوله وشرعة الرسول لأمته. والأعياد: هي مواسم الفرح والسرور؛ وإنما شرع الله لهذه الأمة الفرح والسرور بتمام نعمته وكمال رحمته، كما قال تعالى (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ([يونس: 58] فشرع لهم عيدين في سنة وعيدا في كل أسبوع، فأما عيدا السنة:
فأحدهما: تمام صيامهم الذي افترضه عليهم كل عام، فإذا أتموا صيامهم أعتقهم من النار، فشرع لهم عيدا بعد إكمال صيامهم وجعله يوم الجوائز يرجعون فيه من خروجهم إلى
صلاتهم وصدقتهم بالمغفرة وتكون صدقة الفطر وصلاة العيد شكرا لذلك.
والعيد الثاني: أكبر العيدين عند تمام حجهم بإدراك حجهم بالوقوف بعرفة وهو يوم العتق من النار، ولا يحصل العتق من النار والمغفرة للذنوب والأوزار في يوم من أيام السنة
أكثر منه، فجعل الله عقب ذلك عيدا؛ بل هو العيد الأكبر، فيكمل أهل الموسم فيه مناسكهم ويقضوا فيه تفثهم ويوفون نذورهم ويطوفون بالبيت العتيق ويشاركهم أهل
الأمصار في هذا العيد؛ فإنهم يشاركونهم في يوم عرفة في العتق والمغفرة وإن لم يشاركوهم في الوقوف بعرفة، لأن الحج فريضة العمر لا فريضة كل عام، بخلاف الصيام ويكون شكر عند أهل الأمصار: الصلاة والنحر، والنحر أفضل من الصدقة التي في يوم الفطر؛ ولهذا أمر الله نبيه (صلى الله عليه وسلم) أن يشكر نعمته عليه بإعطائه
الكوثر بالصلاة له والنحر كما شرع ذلك لإبراهيم خليله عليه السلام عند أمره بذبح ولده وافتدائه بذبح عظيم. اهـ
قال الشوكاني في نيل الأوطار:
فيه دليل على أن يوم عرفة وبقية أيام التشريق التي بعد يوم النحر أيام عيد. اهـ
———
مشاركة محمد بن فرج:
قال الشيخ عبد المحسن العباد
في شرحه على سنن أبي داود
(ج (282) ص (10)):-
(يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب).
وكما هو معلوم فإن الحجاج الأولى لهم أن يكونوا مفطرين في هذه الأيام كلها حتى يوم عرفة، ويجوز الصيام ولكن الأولى الإفطار، والنبي صلى الله عليه وسلم كان مفطرا ولم يكن صائما في حجته، وكان الصحابة رضي الله عنهم تكلموا فيما بينهم هل الرسول صائم أو مفطر؟
فكان من ذكاء أم الفضل بنت الحارث الهلالية زوجة العباس وأم أولاده وأخت ميمونة بنت الحارث أن قالت:
أنا أبين لكم هل هو صائم أو غير صائم، فأخذت قدحا من لبن وقالت: ناولوه إياه، وكان على راحلته، فأخذه وشرب والناس يرون، فعرفوا أنه مفطر صلى الله عليه وسلم، والإفطار في يوم عرفة كما أنه اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم، فيه أيضا تقو على العبادة، وكون ذلك اليوم الذي ساعته عظيمة، وهو يوم عظيم ما رؤي الشيطان أدحر ولا أخزى منه في ذلك اليوم، يكون عند الإنسان نشاط وقوة إذا كان مفطرا، أما إذا كان صائما يصير عنده كسل، فيكون ذلك شاغلا له، فالأولى في حقه أن يكون مفطرا لا أن يكون صائما، أما غير الحجاج فإن صيام يوم عرفة أفضل صيام التطوع،
كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
(أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية، والسنة الآتية).
وكون عرفة يوم عيد لا شك أنه يوم عظيم، وفيه الأثر الذي جاء عن عمر رضي الله عنه:
أن رجلا من اليهود قال:
إن آية نزلت عليكم لو أنزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدا،
قال: إني أعرف ذلك اليوم، وفي أي مكان.
وهو عيد للمسلمين، لكنه عيد يصام فيه لغير الحجاج، فإنه ما جاء ما يدل على صيامهم له.
ونقل صاحبنا محمد بن فرج كلام ابن رجب الذي سبق أن نقلناه.
————-