58 جامع الأجوبة الفقهية ص108
مشاركة مجموعة عبدالحميد وناصر الريسي بإشراف سعيد الجابري
والمراجعة النهائية سيف الكعبي
مسألة : حكم الحيوان الذي لا يؤكل لحمه إذا ذكي.
—-‘—‘—-‘—-‘—-‘—-
♢-جواب مجموعة عبدالحميد البلوشي
قال صاحب الحاوي :
♢-الحيوان الطاهر فضربان :
♢-الأول:- مأكول .
♢-الثاني:-غير مأكول.
فأما غير المأكول كالبغل، والحمار والسبع، والذئب فيطهر جلده بالدباغة ولا يطهر بالذكاة .
♢- قال أبو حنيفة : يطهر جلده بالذكاة كما يطهر بالدباغة .
♢-وقال أبو ثور-إبراهيم بن بشر-لا يطهر جلده بالدباغ كما لا يطهر بالذكاة،
فأما أبو حنيفة فاستدل على طهارة جلده بالذكاة بقوله عليه السلام : دباغ الأديم ذكاته، فأقام الذكاة مقام الدباغة، وقد ثبت أن جلده بالدباغة يطهر، فوجب أن يطهر بالذكاة كالمأكول،
قال : ولأن ماطهر جلد المأكول طهرجلد غير المأكول كالدباغة .
♢- ودليلنا هو أن[ تفويت] الروح إذا لم يطهر غير الجلد لم يطهر الجلد كالرمي في المقدور عليه من الحيوان طردا ، وفي غير المقدور عليه عكسا ، ولأنها ذكاة لا تبيح أكل لحمه فوجب أن لا يفيد طهارة جلده كزكاة المجوسي طردا، أو كزكاة المسلم عكسا، ولأن التطهير المستفاد بذكاة المأكول ينتفي عن ذكاة غير المأكول كتطهر اللحم . انتهى
– ولا يطهر جلد غير المأكول بالذكاة، وقال مالك: يطهر، لقوله: ذكاة الأديم دباغه، وأجيب : أن النهي عن جلود السباع عام، ولأنه ذبح لا يبيح اللحم؛ وقياس الذكاة على الدبغ لا يصح لأنه أقوى.( راجع مختصر الإنصاف والشرح الكبير )
—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-
♢- جواب ناصر الريسي :
(….أما الحيوانات غير المأكولة اللحم فهي على نوعين أيضا:
1-نجسة في حال الحياة، وطاهرة.
2- أو نجسة العين،
وهي الخنزير بالاتفاق،
والكلب عند الشافعية والحنابلة، فإن الذكاة لا تطهر جلدها.
وأما غير نجسة العين مما لا يؤكل لحمه، فقد اختلف الفقهاء في طهارتها بالذكاة، على قولين.
القول الأول : أن الحيوان غير مأكول اللحم لا يطهر بالذكاة وهو قول الحنابلة والشافعية ورواية عند الحنفية
(المغني لابن قدامة ( 1/ 52) (البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/196) و(الموسوعة الفقهية الكويتية (40/85)
♢- الأدلة:
1- أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن افتراش جلود السباع، وركوب النمور» وهو عام في المذكى وغيره؛
ونوقش : أن النهي عن افتراش جلود السباع وركوب النمور فلأن ذلك مراكب أهل الخيلاء، أو لأنهم كانوا يستعملونها من غير أن تدبغ.
2- ولأنه ذبح لا يطهر اللحم، فلم يطهر الجلد، كذبح المجوسي. أو ذبح غير مشروع، فأشبه الأصل.
ونوقش : فكما يطهر بالدباغ كذلك يطهر بالذكاة بخلاف ما ذبحه المجوسي لأن ذبحه إماتة في الشرع فلا بد من الدباغ. وأنه لا يطهر إلا بالذبح مع التسمية وإلا فيلزم تطهير ما ذبحه المجوسي (الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 185)
♢-القول الثاني : أن الحيوان غير مأكول اللحم ذكاته تطهره وهو قول الحنفية إلا الآدمي والخنزير فإن الذكاة لا تعمل فيهما، أما الآدمي فلحرمته وكرامته والخنزير لنجاسته( العينية) كما في الدباغ (كنز الدقائق لابو البركات .
(1/ 601) (مختصر القدوري (1/ 207) والمالكية (المغني لابن قدامة ( 1/ 52)و(حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء (1/101
(… وقال القدوري إذا ذبح حيوان مما لا يؤكل لحمه من ذي الناب يطهر لحمه وجلده.
وقال الحاكم في الكافي، ولا يكره الصلاة على جلد ما يكره أكله من ذي الناب إذا ذبح أو دبغ. وهذا الذي قاله هو الذي اعتمد عليه عامة أصحابنا على قول نصير بن يحيى وابن جعفر الهندواني – رَحِمَهُ اللَّهُ – أنه لا يجوز بيعه انتهى.
( البناية شرح الهداية (11/602)
واستثنى الحنفية من ذلك إهاب الحيوان الذي لا يحتمل الدباغة، كإهاب الفأرة، وإهاب الحية الصغيرة – (فتح القدير1 / 66، وحاشية ابن عابدين 1 / 136)
[ واستثنوا قميص الحية الكبيرة أو الصغيرة فهو لا تحله الحياة كالشعر والعظم. فهو طاهر قال بعضهم على الراجح].
♢- الأدلة :
– قول النبي – صلى الله عليه وسلم : دباغ الأديم ذكاته. أي: كذكاته، فشبه الدبغ بالذكاة، والمشبه به أقوى من المشبه، فإذا طهر الدبغ مع ضعفه فالذكاة أولى.
ويجاب عنه :
إن الدبغ إنما يؤثر في مأكول اللحم، فكذلك ما شبه به، ولو سلمنا أنه يؤثر في تطهير غيره، فلا يلزم حصول التطهير بالذكاة، لكون الدبغ مزيلا للخبث والرطوبات كلها، مطيبا للجلد على وجه يتهيأ به للبقاء على وجه لا يتغير، والذكاة لا يحصل بها ذلك، فلا يستغنى بها عن الدبغ.
قولهم: المشبه أضعف من المشبه به. غير لازم؛ فإن الله تعالى قال في صفة الحور {كأنهن بيض مكنون} [الصافات: 49] ، وهن أحسن من البيض، والمرأة الحسناء تشبه بالظبية وبقرة الوحش، وهي أحسن منهما.
♢-قلت ناصر: واختار القول الأول من العلماء المعاصرين-
أن الحيوان غير مأكول اللحم لا يطهر بالذكاة – كلاً من الشيخ ابن عثيمين والشيخ عبدالمحسن العباد .
—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-
♢-جواب سعيد الجابري:
قلت : فأما جلد مالا يؤكل لحمه كالسِّباع، مثل جلد الأسد، والنمر، والفهد، والذئب، والدب، وابن آوى، وابن عرس . فجلود هذه الحيوانات نجسة،سواء ذبحت، أو ماتت، أو قتلت، لأنها وإن ذبحت لا تحل، ولا تكون طيبة، فهي نجسة في جميع الأحوال .
♢-واختلف العلماء هل الدباغ تطهر هذه الجلود أم لا ؟
وسواء قلنا بطهارة هذه الجلود بالدباغة أم لا ، فلا يجوز استعمالها على كلا الحالين؛ لما ورد من النصوص الصحيحة في النهي عن استعمالها .
ويدل على هذا : ما جاء عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ: أن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَنْ تُفْتَرَشَ ) رواه الترمذي، وصححه النووي، والألباني.
المجموع شرح المهذب (1/221).
♢-وقال صاحب مذكرة القول الراجح :ومعلوم أن الذكاة لا تطهر إلا ما يباح أكله, فلو أنك ذبحة حمارا وذكرت اسم الله عليه وأنهر الدم, فإنه لا يسمى ذكاة, وعلى هذا يقال: جلد ما يحرم أكله ولو كان طاهرا في حال الحياة فإنه لا يطهر بالدباغ, كما لو دبغ جلد هرة مع أنها طاهرة حال الحياة, ومع ذلك فإن جلدها لا يطهر بالدباغ.
(مذكرة القول الراجح )
♢-فائدة:
قال الشيخ البسام :
عموم حديث ابن عباس يدل على أن أي جلد إذا نقي بالدباغ، فقد طهر، ولو كان من حيوان محرم الأكل كالذئب؛ وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وغيرهما، والراجح خلافه.
♢-قال الشيخ عبدالمحسن:
(— وأما غير مأكول اللحم فذكاته لا تجعله غير ميتة بل هو ميتة ذكي أم لم يذك، وإنما الذي يأكل لحمه إذا لم يذك صار ميتة وإذا ذكي صار حلالا.
(شرح سنن أبي داود للعباد )
♢-وقال أبو عمر: ما قاله أبو ثور صحيح فى الذكاة: إنها لا تعمل فيما لا يحل أكله، إلا أن قوله عليه السلام: كل إهاب دبغ فقد طهر ، وقد دخل فيه كل جلد، إلا أن جمهور السلف أجمعوا أن جلد الخنزير لا يدخل فى ذلك فخرج بإجماعهم.
(إكمال المعلم بفوائد مسلم)
—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-
♢-جواب سيف الكعبي:
أما طهارة جلد غير المأكول فسبق تكلمنا عليه في مسألة( دباغ جلود الميتة ) ورجحنا أن الدباغ يطهرها كلها، ونقلنا عن بعض الأئمة أن الأحوط اسثناء الكلب والخنزير
أما نجاسة الحيوان الغير مأكول اللحم إذا ذكي : فقال بعض مشايخنا : يمكن أن يستدل على نجاسة الحيوان الذي لا يؤكل إذا ذكي بأنه صار ميتة، وإنما استثني في الشرع الحيوان الذي يؤكل إذا ذكي ذكاة شرعية، وأما ما لا يؤكل؛ فذكاته غير شرعية؛ فهو ميتة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حين نصبوا القدور( اهريقوها واكسروها ) فقال رجل : يا رسول الله، أو نهريقها، ونغسلها؟ قال : أو ذاك.
وأجاب الأحناف عن هذا الحديث أن الغسل لاجل أن فيها لحم محرم، لا للنجاسة.
وكذلك قالوا علة النجاسة احتقان الدم كما في مسألة ما لا نفس له سائلة، وبالذكاة خرج الدم
والجواب أن هذه علة مستنبطة، وقد يحتمل أيضاً أن العلة أنها قليلة الرطوبة، أو معدومتها مع العلة المتقدمة.