58 التعليق على الصحيح المسند
مشاركة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي و أبي علي راشد الحوسني وأبي سالم محمد الكربي
وشارك أحمد بن علي وناصر الريسي وسلطان الحمادي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
58 – قال أبو داود رحمه الله (ج 7 ص 295): حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَني أَبِي أخبرَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا قَالَ «اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي بِكَ أَحُولُ [ص: 67] وَبِكَ أَصُولُ وَبِكَ أُقَاتِلُ».
قال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيحٌ على شرط الشَّيخين.
الحديث أخرجه الترمذي (ج 10 ص 44) وقال: هذا حديث حسن غريب.
————————–
أولاً: دراسة الحديث رواية:
* قال الترمذي في جامعه 3584: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
* الحديث في المختارة 2361 وقال: أخرجه أبو داود والترمذي جميعا عن نصر بن علي وقال الترمذي حسن غريب إسناده صحيح.
* قال البزار في مسنده 7227: ” وهذا الحديث لا نعلم رواه عن قتادة، عن أنس إلا المثنى بن سعيد.”.
* هذا الحديث صححه الشيخ الألباني في سنن أبي داود 2634.
* صحح إسناده محققو سنن أبي داود (4/ 270)
ثانياً: دراسة الحديث درايةً:
فالقرآن فيه الكثير من الآيات التي تدل على لجوء الرسل والمؤمنون الى الله عزوجل، وآيات أخرى فيها ثقة الرسل بربهم وعدم خوفهم من الكفار:
قال تعالى (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [آل عمران: 146 – 147]
قال الراغب في تفسيره:
والآية هى من جملة الحكاية عن الرِّبيين، وتحقيقٌ لما قال: (أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ) الآية، وحثٌّ على الاقتداء بمن
تقدّم في أحوالهم التي وصفوا بها، وهذه الجملة من التضرّع إلى
الله وهو جِماع سؤال الخيرات، فقد سألوا الله العفو عنهم فيما
كان منهم من إفراطٍ وتفريط، والحراسة في أنفسهم ونصرهم
على أعدائهم.
قال السعدي:
لم يتكلوا على ما بذلوا جهدهم به من الصبر، بل اعتمدوا على الله، وسألوه أن يثبت أقدامهم عند ملاقاة الأعداء الكافرين، وأن ينصرهم عليهم، فجمعوا بين الصبر وترك ضده، والتوبة والاستغفار، والاستنصار بربهم، لا جرم أن الله نصرهم، وجعل لهم العاقبة في الدنيا والآخرة، ولهذا قال: {فآتاهم الله ثواب الدنيا} من النصر والظفر والغنيمة، {وحُسن ثواب الآخرة} وهو الفوز برضا ربهم، والنعيم المقيم
قال تعالى:
(أَلَهُمْ أَرْجُل يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْد يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُن يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَان يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ)
[سورة الأعراف 195]
قال تعالى:
(إِن نَّقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيء مِّمَّا تُشْرِكُونَ مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاط مُّسْتَقِيم فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظ وَلَمَّا جَا ءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَة مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظ وَتِلْكَ عَاد جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيد)
[سورة هود 54 – 59]
قال تعالى {وَاتلُ عَلَيهِم نَبَأَ نوحٍ إِذ قالَ لِقَومِهِ يا قَومِ إِن كانَ كَبُرَ عَلَيكُم مَقامي وَتَذكيري بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلتُ فَأَجمِعوا أَمرَكُم وَشُرَكاءَكُم ثُمَّ لا يَكُن أَمرُكُم عَلَيكُم غُمَّةً ثُمَّ اقضوا إِلَيَّ وَلا تُنظِرونِ}
[يونس: (71)]
قال تعالى {قالَت لَهُم رُسُلُهُم إِن نَحنُ إِلّا بَشَرٌ مِثلُكُم وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَن نَأتِيَكُم بِسُلطانٍ إِلّا بِإِذنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنونَ وَما لَنا أَلّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَد هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصبِرَنَّ عَلى ما آذَيتُمونا وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلونَ}
[إبراهيم: (11) – (12)]
قال تعالى {فَلَمّا رَأَى الشَّمسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبّي هذا أَكبَرُ فَلَمّا أَفَلَت قالَ يا قَومِ إِنّي بَريءٌ مِمّا تُشرِكونَ إِنّي وَجَّهتُ وَجهِيَ لِلَّذي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأَرضَ حَنيفًا وَما أَنا مِنَ المُشرِكينَ وَحاجَّهُ قَومُهُ قالَ أَتُحاجّونّي فِي اللَّهِ وَقَد هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشرِكونَ بِهِ إِلّا أَن يَشاءَ رَبّي شَيئًا وَسِعَ رَبّي كُلَّ شَيءٍ عِلمًا أَفَلا تَتَذَكَّرونَ وَكَيفَ أَخافُ ما أَشرَكتُم وَلا تَخافونَ أَنَّكُم أَشرَكتُم بِاللَّهِ ما لَم يُنَزِّل بِهِ عَلَيكُم سُلطانًا فَأَيُّ الفَريقَينِ أَحَقُّ بِالأَمنِ إِن كُنتُم تَعلَمونَ}
[الأنعام: (78) – (81)]
قال تعالى {فَلَمّا فَصَلَ طالوتُ بِالجُنودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبتَليكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنهُ فَلَيسَ مِنّي وَمَن لَم يَطعَمهُ فَإِنَّهُ مِنّي إِلّا مَنِ اغتَرَفَ غُرفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبوا مِنهُ إِلّا قَليلًا مِنهُم فَلَمّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ قالوا لا طاقَةَ لَنَا اليَومَ بِجالوتَ وَجُنودِهِ قالَ الَّذينَ يَظُنّونَ أَنَّهُم مُلاقُو اللَّهِ كَم مِن فِئَةٍ قَليلَةٍ غَلَبَت فِئَةً كَثيرَةً بِإِذنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصّابِرينَ وَلَمّا بَرَزوا لِجالوتَ وَجُنودِهِ قالوا رَبَّنا أَفرِغ عَلَينا صَبرًا وَثَبِّت أَقدامَنا وَانصُرنا عَلَى القَومِ الكافِرينَ}
[البقرة: (249) – (250)]
قال تعالى {قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذينَ يَخافونَ أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادخُلوا عَلَيهِمُ البابَ فَإِذا دَخَلتُموهُ فَإِنَّكُم غالِبونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلوا إِن كُنتُم مُؤمِنينَ}
[المائدة: (23)]
{قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إنْ نَحْنُ إلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ولَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وما كانَ لَنا أنْ نَاتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إلا بِإذْنِ اللَّهِ وعَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ * وما لَنا ألا نَتَوَكَّلَ عَلى اللَّهِ وقَدْ هَدانا سُبُلَنا ولَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وعَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ}
قال السعدي:
فعلم بهذا وجوب التوكل، وأنه من لوازم الإيمان، ومن العبادات الكبار التي يحبها الله ويرضاها، لتوقف سائر العبادات عليه، {وما لَنا ألا نَتَوَكَّلَ عَلى اللَّهِ وقَدْ هَدانا سُبُلَنا}
أي: أي شيء يمنعنا من التوكل على الله والحال أننا على الحق والهدى، ومن كان على الحق والهدى فإن هداه يوجب له تمام التوكل، وكذلك ما يعلم من أن الله متكفل بمعونة المهتدي وكفايته، يدعو إلى ذلك، بخلاف من لم يكن على الحق والهدى، فإنه ليس ضامنا على الله، فإن حاله مناقضة لحال المتوكل.
وفي هذا كالإشارة من الرسل عليهم الصلاة والسلام لقومهم بآية عظيمة، وهو أن قومهم -في الغالب- لهم القهر
والغلبة عليهم، فتحدتهم رسلهم بأنهم متوكلون على الله، في دفع كيدكم ومكركم، وجازمون بكفايته إياهم، وقد كفاهم الله شرهم مع حرصهم على إتلافهم وإطفاء ما معهم من الحق، فيكون هذا كقول نوح لقومه: {يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون} الآيات.
وقول هود عليه السلام قال: {إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون}
قال الزجاج في قوله تعالى {فأجمعوا أمركم وشركاءكم، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون} الآيات.:
وهذه من أعظم آيات الرسُل أن يكون الرسول وحْدَه، وأمتُه متعاونة
عليه، فيقول لها
معاني القرآن وإعرابه للزجاج (3) / (58)
وقال ابن القيم في قوله تعالى (إنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ، واشْهَدُوا أنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ مِن دُونِهِ، فَكِيدُونِي جَمِيعًا، ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ)
فهذا من أعظم الآيات: أن رجلا واحدا يخاطب أمة عظيمة بهذا الخطاب، في غير جزع ولا فزع، ولا خور، بل هو واثق بما قاله جازم به
وفي سورةِ الزمرِ في قولِه {ويُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ} ثم قال ردًّا عليهم: {ألَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: آية (36)]
1 – تبويبات الأئمة على الحديث:
* بوب أبو داود على هذا الحديث باب مَا يُدْعَى عِنْدَ اللِّقَاءِ، وكذلك الترمذي بوب عليه بَابٌ في الدعاء إذا غزا، والنسائي في الكبرى قال الدعاء عند اللقاء.
* قال ابن حبان في صحيحه 4761 ذكر ما يدعو المرء به إذا عزم الغزو أو التقاء أعداء الله الكفرة.
* ابن الأثير في جامع الأصول (2/ 570) في حرف الجيم جعل الكتاب الأول في الجهاد وما يتعلق به من الأحكام واللوازم، الفصل الثاني منه بعنوان في آدابه وأورد تحته عدة أحاديث:
• حديث الباب.
• عن ابن عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما -: «أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان هو وجُيوشُهُ إذا عَلَوُا الثَّنايا كبَّرُوا، وإذا هبطوا سَبّحُوا، فوُضِعَتِ الصلاة على ذلك»، أخرجه أبو داود.
• عن سمرة بن جندب – رضي الله عنه -: قال: كان شِعَارُ المهاجِرين: عَبْدَ اللَّهِ، وشِعَارُ الأنصارِ: عبدَ الرحمن. أخرجه أبو داود.
• عن سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه -:قال: أمَّرَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مرة أَبا بكرٍ في غَزَاةٍ، فَبَيَّتْنا ناسا، من المشركين نقْتُلُهم، وقتلتُ بيدي تلك الليلة سبْعة أهْلِ أبياتٍ من المشركين، وكان شعارنا: أَمِتْ.
وفي رواية أُخرى: يا منصُورُ أَمِتْ، يا منصُور أَمِتْ. أخرجه أبو داود، وانتهت روايته عند «أَمِت» الأولى.
وفي أخرى لأبي داود أيضا قال: غزوْنا مع أبي بكرٍ زمَنَ النبي صلى الله عليه وسلم فكان شِعارنُا: أمِتْ، أمِتْ.
• عن المهلب بن أبي ُصفْرة -رحمه الله- عَمَّنْ سَمِعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «إنَّ بَيَّتكَمُ العدوُّ فقولُوا: حم، لاَ ينْصَرونَ». [ص:574]
ورُوِى عن المُهَلبِ مُرْسَلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه الترمذي وأبو داود.
وفي رواية ذكرها رزين، ولم أجدها في الأصول، قال: سمعتُ المهلَّبَ -وهو يخافُ أن يُبَيِّتَهُ الخوارجُ – يقول: سمعتُ عَلِيَّ بنَ أَبى طالبٍ يقول: -وهو يخاف أن يُبَيِّتَهُ الحَرُوريَّةُ – سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو يخاف أن يُبَيِّتَهُ أبو سفيان – «إنْ بُيِّيتٌمْ، فَإنَّ شِعارَكُم: حَم لاَ ُينْصرُون».
• عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحَرْبُ خَدْعَةٌ». أخرجه الجماعة، إلا الموطأ والنسائي.
• عن كعب بن مالك – رضي الله عنه -: قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا غَزا نَاحِيَة وَرَّى بغيرها، وكان يقول: «الحربُ خَدْعَةٌ». أخرجه أبو داود.
• عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْغَزْوُ غزْوانِ، فأمَّا من ابَغَى وجْهَ اللهِ، وأَطاعَ الإمامَ، وأنْفَقَ الكَريمة، وياسَرَ الشَّريكَ، واجتنَبَ الفَسادَ، فإنَّ نَوْمَهُ ونُبْهَهُ اجرٌ كُلُّهُ، وأَّما من غَزَا فَخْرا، ورَيِاءَ، وسُمْعَة، وعَصَى الإمام، وأفسد في الأرضِ، فإنَّهُ لم يرَجِعْ بالكَفافِ». هذه رواية أبي داود، والنسائي.
وفي رواية الموطأ قال: «الغَزْوُ غَزْوانِ، فَغَزْوٌ: تُنفَقُ فيه الكريمةُ، ويَيَاسِرُ فيه الشريك، ويُطَاعُ فيه ذو الأمْرِ، ويُجتْنَببُ فيه الفساد، فذلك الغزوُ خيرٌ كُلُّهُ، وغَزّوٌ: لا يُطَاعُ فيه ذُو الأَمرِ، ولا يُجتْنَبُ فيه الفسادُ، فذلك الغَزْو لا يَرْجِعُ، صاحِبُهُ كَفافا».
- موسى بن أنس – رضي الله عنهما -: قال: وذَكرَ يومَ اليمامة. قال: أَتَى أنسٌ ثَابتَ بن قيسٍ وقد حَسَرَ عن فَخِذَيْه، وهو يَتَحَنَّطُ فقال: يا عَمِّ، ما يَحْبِسُك ألا تَجِئَ قال: الآن يا ابن أخي، وجعل يتَحَنَّطُ من الحَنُوطِ، ثم جاءَ فجلَسَ – يعني: في الصف – فذكر في الحديث انكشافا من الناس، فقال: هكذا عن وُجُوهِنَا حتى نُضَار الْقَوْم، ما هكذا كُنَّا نَفْعَلُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بِئْسَ ما عَوَّدْتُمْ أقْرَانَكم.
قال الحميدي: هكذا فيما عندنا من كتاب البخاري، وأنَّ موسى بن أنس قال: أتى أنسٌ ثابتَ بن قيس، ولم يقل: عن أنس.
قال: وأخرجه البخاري أَيضا تعْليقا، عن ثابت، عن أنس، ولم يذكُرْ لفظ الحديث.
• عن قيس بن عُباد -رحمه الله-: قال: كان أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَكرهُونَ الصوت عندَ القِتالِ. أخرجه أبوداود.
• عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-: كان يَقِف حين يَنْتَهي إلى الدَّرْبِ في مَمرِّ النَّاسِ إلى الجهادِ، فَينادي نِداء، يُسْمِعُ النَّاسَ: أَيهُّا الناسُ مَنْ كان عليه دَيْنٌ ويَظُنُّ أنهُ إنْ أُصيبَ في وجههِ هذا لم يَدَعْ له قَضاء فَلْيَرْجِعْ ولا يَتَعَنّى فَإَّنهُ لا يعُودُ كفافا.
• عن عبد الله بن عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما -: قَالَ له رجلٌ: أُريدُ أن أبيعَ نفْسي مِنَ اللهِ، فَأُجَاهِدَ حتى أُقْتَلَ، فقال: ويْحَكَ، وأَينَ الشُّرُوط أيَن قوله تعالى {التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحامدُونَ السَّائِحُون، الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُون، الآمِرُونَ بالمعروفِ والنَّاُهونَ عن المنكر، والحَافِظُون لُحِدودِ الله، وبَشِّرِ المؤمنين} (التوبة: آية 113).
* بوب سعيد بن منصور في سننه بَابُ مَنْ قَالَ: لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَالدُّعَاءِ عِنْدَ لُقِيِّهِمْ.2 – شرح الحديث:
* قال الخطابي في معالم السنن (2/ 267): ” قوله أحول معناه احتال قال ابن الأنباري الحَول معناه في كلام العرب الحيلة، يقال ما للرجل حول وماله محالة، قال ومنه قولك لا حول ولا قوة إلاّ بالله أي لا حيلة في دفع سوء ولا قوة في درك خير إلاّ بالله.
وفيه وجه آخر وهو أن يكون معناه المنع والدفع، من قولك حال بين الشيئين إذا منع أحدهما عن الآخر يقول لا أمنع ولا أدفع إلاّ بك”.
* قال البغوي في شرح السنة (5/ 153): ” قوله: أحول، يعني: أحتال، والحول: الحيلة، وقيل: معناه: المنع والدفع، وقيل: «بك أحول» أي: أتحرك، والحول: الحركة، يقال: حال الشخص: إذا تحرك، «وبك أصول» أي: أحمل على العدو، ويروى: «وبك أحاول»، أي: أطالب”.
* قال الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير (8/ 426): ” (كان إذا غزا) أراد الخروج له. (قال: اللهم أنت عضدي) معتمدي إذ العضد ما يعتمد عليه وثبوته في الحرب وغيره. (وأنت نصيري) ناصري، فعيل بمعنى فاعل. (بك أجول، وبك أصول، وبك أقاتل) فالكل من الأفعال مستعان فيه تعالى فهو الآمر بقتال العدو ومنه تطلب الإعانة على قتاله”.
وقال الصنعاني رحمه الله في التحبير لإيضاح معاني التيسير:
قوله: “وبك أقاتل” أي: بنصرك وتأييدك، وأفاد بتقديم الجار والمجرور في الأفعال كلها حصر ذلك عليه تعالى، وفيه تفويض الأمر إليه تعالى.
* قال ابن علان في دليل الفالحين (7/ 126): ” (وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا غزا) أي: أراده أو شرع فيه (قال:) خروجاً من الحول ولرد الأمر لصاحبه (اللهم أنت عضدي) بفتح المهملة وضم الضاد أي: ناصري أتم نصر وأبلغه، كما يدل له عطف (ونصيري) عليه عطف تفسير (بك) أي: وحدك (أحول) أي: أنتقل من مكان أو شأن إلى غيره (وبك أصول) على أعداء الدين، يقال: صال القرن على قرنه يصول بلا همز إذا وثب عليه (وبك أقاتل) ففيه تعريض بطريق حصول النصر، وأنه الخروج عن النفس والاعتماد على الله سبحانه وتعالى”.
* قال صاحب عون المعبود (7/ 212): ” (اللهم أنت عضدي) بفتح مهملة وضم معجمة أي معتمدي فلا أعتمد على غيرك
وقال في القاموس العضد بالفتح وبالضم وبالكسر وككتف وندس وعنق ما بين المرفق إلى الكتف
والعضد الناصر والمعين وهم عضدي وأعضادي (ونصيري) أي معيني عطف تفسيري (بك أحول) أي أصرف كيد العدو وأحتال لدفع مكرهم من حال يحول حيلة وأصله حولة
قاله القاراء (وبك أصول) أي أحمل على العدو حتى أغلبه وأستأصله ومنه الصولة بمعنى الحملة (وبك أقاتل) أي أعداءك “.
* قال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود (14/ 139): ” أورد أبو داود حديث أنس بن مالك أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا غزا قال: (اللهم أنت عضدي ونصيري بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل). قوله: [(اللهم أنت عضدي)]. يعني: معتمدي ومستندي. قوله: [(ونصيري)]. يعني: ناصري ومؤيدي. قوله: [(بك أحول)]. يعني: أعمل كل ما يمكن أن يمكنني من حيل للوصول إلى معرفة الحق، وكذلك (وبك أصول) يعني: أفعل وأقدم وأتقدم، (وبك أقاتل) يعني: يقاتل لله ومن أجل الله سبحانه وتعالى”.
* قال الشيخ فيصل آل مبارك في تطريز رياض الصالحين ص 731: “في هذا الحديث: الخروج من حول العبد وقوته، والاعتماد على الله سبحانه وتعالى”.
* قال الشيخ عبدالرزاق العباد في فقه الأدعية والأذكار (3/ 189): “قولُه: “اللَّهمَّ أنت عَضُدي”أي: عونِي فلا مُعين لِي سواك ولا مَلجأَ لي غيرُك، بك وحدك أستعين، وإليك وحدك ألتجئ.
وقوله: “ونصيري” أي لا ناصر لي سواك، ومن كان اللهُ ناصرَه فلا غالبَ له، كما قال تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.
وقوله: “بك أَحُول” أي أحتال، ومنه قولك “لا حول ولا قوة إلاَّ بالله” أي لا حيلة في دفع سوء ولا قوة في درك خير إلاَّ بالله.
وقوله: “وبك أصول” أي بك أحمل على العدو، من الصَّولة وهي الحَمْلَة.
وقوله: “وبك أقاتل” أي بعونك أقاتل عدوِّي.
ومن الأدعية في هذا المقام ما رواه أبو داود عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: “أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا خَافَ قَوْماً قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ”1.
وقوله: “اللَّهمَّ إنَّا نجعلُك في نُحورهم” أي في نَحر العدوِّ بأن تكون حافظاً لنا، ومدافعاً عنَّا، وحائلاً بينهم وبيننا مِنْ أن يَصلوا إلينا بأيِّ نوع من الأذَى، وخَصَّ نحورَهم بالذِّكر؛ لأنَّ العدوَّ يستقبلُ بنحره عند القتال، ولعلَّ في ذِكر النَّحر تفاؤلاً بأنَّ المؤمنين يَنحَرونَهم عن آخرهم بِمَدٍّ من الله وعون.
وقوله: “ونعوذ بك من شرورهم” أي من أن ينالونا بأيِّ نوع من الشَّرِّ، فأنت الذي تدفعُ شرورَهم وتكفينا أمرَهم وتحولُ بيننا وبينهم.
ومِمَّا يُشرعُ للمسلم أن يقولَه في مثل هذا المقام “حسبنا الله ونِعم الوكيل” ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِىَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (2”) 3.
ومعنى “حسبنا الله” أي: كافينا كلّ ما أهَمَّنا، فلا نتَوَكَّل إلاَّ عليه ولا نعتمد إلاَّ عليه كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} 1 أي: كافيه كما قال: {ألَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} 2.
وقوله: “ونِعم الوكيل” أي: نِعم المتوكَّلُ عليه في جلب النَّعماء ودفع الضَّرِّ والبلاء، كما قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} 3.
وقد تضمَّنت هذه الكلمةُ العظيمةُ التوَكُّلَ على الله والاعتمادَ عليه والالتجاء إليه سبحانه، وأنَّ ذلك سبيلُ عِزِّ الإنسان ونَجاتِه وسلامته، قال ابنُ القيم رحمه الله: “وهو حَسْبُ من تَوَكَّل عليه، وكافي من لجأ إليه، وهو الذي يؤمِّنُ خوفَ الخائف، ويُجيرُ المستجير، وهو نِعم المولى ونعم النَّصير، فمَن تولاَّه واستنصرَ به وتوكَّلَ عليه وانقطعَ بكُلِّيَّته إليه تولاَّه وحفظَه وحَرَسَهُ وصانَه، ومَن خافه واتَّقاه أمَّنَه مِمَّا يخافُ ويَحذَر، وجَلَبَ إليه كلَّ ما يحتاج إليه من المنافع {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} 4، فلا تَسْتَبْطِئْ نصرَه ورزقَه وعافيتَه، فإنَّ اللهَ بالغُ أمره، وقد جعل الله لكلِّ شيء قدْراً، لا يتقدَّم عنه ولا يتأخر”5.
ثمَّ إنَّ فيما تقدَّم دلالةٌ على عظَم شأن هذه الكلمة وأنَّها قولُ إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام في الشدائد.”.
* سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في برنامج نور على الدرب:
س: تقول في كتاب حصن المسلم دعاء للنبي صلى الله عليه وسلم عند لقاء العدو وهو قوله عليه السلام اللهم أنت عضدي وأنت نصيري بك أحول وبك أصول وبك أقاتل فأنا أستعمل هذا الدعاء وما يشابهه عند الاختبار فهل علي شيءٌ
فأجاب رحمه الله تعالى: الأحسن أن تقولي اللهم لا حول ولا قوة إلا بك اللهم أعني على هذا وما أشبهها لأن هذا ليس مقابلة عدو هذا امتحان واختبار ليس مقابلة عدو.
لكن نقل ابن مفلح … عن ابن تيمية أنه يدعو به عند قصده مجلس العلم:
[بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ]
َ. يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ إِخْلَاصُ النِّيَّةَ لِلَّهِ – تَعَالَى – فِي الطَّاعَاتِ، وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ سِرًّا بِحُضُورِ قَلْبٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: بَابُ مَا يُدْعَى عِنْدَ اللِّقَاءِ. ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذَا غَزَا قَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي، وَنَصِيرِي بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أُصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ» وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَقُولُهُ عِنْدَ قَصْدِ مَجْلِسِ عِلْمٍ.
المبدع في شرح المقنع لابن مفلح
فاستحضر ابن تيمية أن طلب العلم جهاد في سبيل الله. فيبقى توجيه ابن عثيمين للسائلة صحيحا.
* قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن في فتح المجيد شرح كتاب التوحيد عند باب قول الله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}: “قوله: {أَيُشْرِكُونَ} أي في العبادة. قال المفسرون: في هذه الآية توبيخ وتعنيف للمشركين في عبادتهم مع الله تعالى ما لا يخلق شيئا وهو مخلوق، والمخلوق لا يكون شريكا للخالق في العبادة التي خلقهم لها، وبيّن أنهم لا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون، فكيف يشركون به من لا يستطيع نصر عابديه ولا نصر نفسه وهذا برهان ظاهر على بطلان ما كانوا يعبدونه من دون الله، وهذا وصف كل مخلوق، حتى الملائكة والأنبياء والصالحين. وأشرف الخلق محمد صلي الله عليه وسلم قد كان يستنصر ربه على المشركين ويقول:
“اللهم أنت عضدي ونصيري، بك أحول وبك أصول، وبك أقاتل “1.
وهذا كقوله: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً} 2. وقوله: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} 3. وقوله: {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ} 4.
فكفى بهذه الآيات برهانا على بطلان دعوة غير الله كائنا من كان. فإن كان نبيا أو صالحا فقد شرفه الله تعالى بإخلاص العبادة له، والرضاء به ربا ومعبودا، فكيف يجوز أن يجعل العابد معبودا مع توجيه الخطاب إليه بالنهي عن هذا الشرك كما قال تعالى: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} 5. وَقَالَ: {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} 6. فقد أمر عباده من الأنبياء والصالحين وغيرهم بإخلاص العبادة له وحده، ونهاهم أن يعبدوا معه غيره، وهذا هو دينه الذي بعث به رسله، وأنزل به كتبه، ورضيه لعباده، وهو دين الإسلام، كما روى البخاري عن أبي هريرة في سؤال جبريل – عليه السلام – قال:
” يا رسول الله، ما الإسلام قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم ومضان ” 7 الحديث.”
* في الوابل الصيب لابن القيم رحمه الله ص 114: “الفصل التاسع عشر في الذكر عند لقاء العدو ومن يخاف سلطاناً وغيره
في سنن أبي داود والنسائي عن أبي موسى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خاف قوماً قال «اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم».
ويذكر عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يقول عند لقاء العدو «اللهم أنت عضدي وأنت ناصري وبك أقاتل».
وعنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان في غزوة فقال «يا مالك يوم الدين إياك أعبد وإياك أستعين» قال أنس فلقد رأيت الرجال تصرعها الملائكة من بين يديها ومن خلفها.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذا خفت سلطاناً أو غيره فقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنت عز جارك، وجل ثناؤك».
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال: «حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين ألقي في النار.
وقالها محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قال له الناس {إن الناس قد جمعوا لكم}».”