58 الفوائد المنتقاه من شرح صحيح مسلم -رقم 58
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
( ألقاه الأخ : سيف الكعبي)
( وممن شارك الأخ أحمد بن علي وأبو صالح )
بالتعاون مع الأخوة في مجموعات السلام والمدارسة والتخريج رقم 1 ، والاستفادة
من عنده تعقيب أو تنبيه فليفدنا
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تابع بَاب قَتْلِ الْحَيَّاتِ وَغَيْرِهَا
4150 – عن أبي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ
أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي بَيْتِهِ قَالَ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتَهُ فَسَمِعْتُ تَحْرِيكًا فِي عَرَاجِينَ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا حَيَّةٌ فَوَثَبْتُ لِأَقْتُلَهَا فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنْ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِي الدَّارِ فَقَالَ أَتَرَى هَذَا الْبَيْتَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَانَ فِيهِ فَتًى مِنَّا حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ قَالَ فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْخَنْدَقِ فَكَانَ ذَلِكَ الْفَتَى يَسْتَأْذِنُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْصَافِ النَّهَارِ فَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ فَاسْتَأْذَنَهُ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ عَلَيْكَ سِلَاحَكَ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ قُرَيْظَةَ فَأَخَذَ الرَّجُلُ سِلَاحَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَإِذَا امْرَأَتُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ قَائِمَةً فَأَهْوَى إِلَيْهَا الرُّمْحَ لِيَطْعُنَهَا بِهِ ؛ وَأَصَابَتْهُ غَيْرَةٌ فَقَالَتْ لَهُ :اكْفُفْ عَلَيْكَ رُمْحَكَ ،وَادْخُلْ الْبَيْتَ حَتَّى تَنْظُرَ مَا الَّذِي أَخْرَجَنِي، فَدَخَلَ فَإِذَا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ مُنْطَوِيَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ ،فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ فَانْتَظَمَهَا بِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَرَكَزَهُ فِي الدَّارِ، فَاضْطَرَبَتْ عَلَيْهِ فَمَا يُدْرَى أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الْحَيَّةُ أَمْ الْفَتَى قَالَ: فَجِئْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ ،وَقُلْنَا :ادْعُ اللَّهَ يُحْيِيهِ لَنَا ،فَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ.
وفي لفظ آخر: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهَا فَحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا فَإِنْ ذَهَبَ وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ ؛فَإِنَّهُ كَافِرٌ. وَقَالَ : لَهُمْ اذْهَبُوا فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ
4151 – عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ قَدْ أَسْلَمُوا فَمَنْ رَأَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْعَوَامِرِ فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلَاثًا فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
– قال مالك: لا تنذر في الصحارى ولا تنذر إلا في البيوت ،ونقل بعض أهل العلم الإجماع عليه.
وقال بعض أهل العلم : وحكم حيات الجدر وحكم حيات البيوت واحد.
– قال صاحب الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: قال في الذخيرة : قال عبد الله بن عباس: الحيات هي مسخ الجن كما مسخت بنو إسرائيل قردة.
ثم قال : جعل الله تعالى للجان والملائكة التحول في أي صورة أرادوها، غير أن الملائكة إنما تقصد الصور الحسنة، والجان لا ينضبط أمرها بل بحسب أخلاقها وخساستها، فالخسيس يقصد الصورة الخسيسة، ومقابله الصورة العظيمة، وكل صورة تصور فيها الجن يثبت لها خاصية تلك الصورة، فالمتصور بالحية يصير له سم، والمتصور بصورة الغنم يصير له طيب اللحم وهكذا، ومع شدة قوة الجن يقتلون بأسماء الله، ويحصل لهم العجز عما أرادوه من فتح الأبواب المغلقة وغيرها من عظائم الأمور التي يقدر عليها الجني. انتهى
قال في الصحيحة:1824 – [ الحيات مسخ الجن كما مسخت القردة والخنازير من بني إسرائيل ] . صحيح .
إن الحديث لا يعني أن الحيات الموجودة الآن هي من الجن الممسوخ وإنما يعني أن الجن وقع فيهم مسخ إلى الحيات كما وقع في اليهود مسخهم قردة وخنازير ولكنهم لم ينسلوا كما في الحديث الصحيح : إن الله لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك وسيأتي برقم 2264 ، إن شاء الله تعالى. انتهى
ورجح أبوزرعه الوقف ،قال : هذا الحديث موقوف ،لا يرفعه إلا عبد العزيز بن المختار ، ولا بأس بحديثه. انتهي.
– قولهم:( ادع الله يحييه لنا ) قال القرطبي قالوا ذلك لما شاهدوه من إجابة دعوته وعموم بركته.
– قال بعض أهل العلم : ولا يفهم من الحديث أن الذي قتله الفتى مسلم وأن الجن قتلته قصاصا لأن القصاص وإن شرع بين الإنس والجن لكن شرطه العمد والفتى لم يتعمد قتل نفس مسلمة وإنما قتل مؤذيا يسوغ له قتل نوعه شرعا فهو من القتل الخطأ، فالأولى أن يقال إن فسقة الجن قتلته بصاحبهم عدوانا. وإنما قال صلى الله عليه وسلم: إن بالمدينة جنا قد أسلموا ليبين طريقا يحصل بها التحرز عن قتل المسلم منهم ويسلط به على قتل الكافر منهم.
لكن قال بعض الأخوة الأفاضل : هذا خلاف ظاهر الحديث ،يقصد أن توجيه النبي صلى الله عليه وسلم بعدم قتل عوامر البيوت مرتبط بقصة الفتى.
– قال القرطبي الأمر في ذلك – يعني قتل الحيات – للارشاد نعم ما كان منها محقق الضرر وجب.
– فيه مراعاة من كان حديث عهد بعرس ،ومنه حديث مالك بن الحويرث، وهذا لا ينقص من محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم لحديث الحقوق الذي أخبر به سلمان أخاه أبا الدرداء.
– منه حديث كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، وأن على الإمام إرشاد الرعية لما فيه مصلحتهم.
– تفقد الأهل ، والنظر في حاجاتهم ، ومؤانستهم خاصة من كان حديث عهد بعرس.
– فيه شدة غيرة الصحابة.
– عدم الاستعجال في الشك في الزوجة.
– قوة اعتماد الصحابة على الله عزوجل وشجاعتهم ، ومنه حديث( من يأتيني بخبر قريظة ) وحديث( من يأتيني بخبر القوم ) – يعني المشركين –
– محبة الصحابة بعضهم لبعض.
– عظم حرمة المدينة ،فقد أمن النبي صلى الله عليه فيها الجن الذين أسلموا. هذا على القول بأن الحكم خاص بالمدينة.
– وأنه لا يجوز للمرأة الخروج بغير إذن زوجها.
– فيه الحذر من اليهود لأنهم أهل غدر.
– الغالب أن الذين يقصدون أذية المسلم هم الكفرة من الجن.
– الحياة والإماته بيد الله.
– لا يعلم النبي صلى الله عليه وسلم من الغيب إلا ما أعلمه الله عزوجل إياه ،فلم يعلم بالحية في بيت الفتى.
– الإيمان بالقدر وأن على المسلم أن يفعل الأشياء التي تنفع الميت، فقد أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي ينفعه هو استغفارهم له لا الدعاء بالإحياء لأنه انقضى أجله.
– بين ابن تيمية السبب الذي من أجله نهى عن قتل جنان البيوت فقال:” وذلك أن قتل الجن بغير حق لا يجوز، كما لا يجوز قتل الإنس بلا حق، والظلم محرم في كل حال، فلا يحلّ لأحد أن يظلم أحداً، ولو كان كافراً، بل قال تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة:8].
فإذا كانت حيات البيوت قد تكون جنّاً فتؤذن ثلاثاً، فإن ذهبت وإلا قتلت، فإنها إن كانت حية قتلت، وإن كانت جنية، فقد أصرت على العدوان بظهورها للإنس في صورة حيّة تفزعهم بذلك، والعادي هو الصائل الذي يجوز دفعه بما يدفع ضرره ولو كان قتلاً، وأما قتلهم بدون سبب يبيح ذلك، فلا يجوز “.
( 19/45) مجموع الفتاوى
– هذا الحكم، وهو النهي عن القتل حتى يحرج عليها ثلاثا خاص بالعوامر دون غيرها.
– لَا يَضُرُّ الشَّكُّ فِي الْمُخْبِرِ لِابْنِ عُمَرَ هَلْ هُوَ أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ ؛ لِأَنَّهُمَا صَحَابِيَّانِ مَعْرُوفَانِ وَإِذَا دَارَ الْخَبَرُ بَيْنَ ثِقَتَيْنِ فَهُوَ مَقْبُولٌ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ الْجَزْمَ بِأَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ بِذَلِكَ وَمَعَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ زِيَادَةُ عِلْمٍ فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِهَا وَرَجَّحَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
– دليل على أن الجن قد يعتدون على الإنس وأنهم يؤذونهم ، كما أن الواقع شاهد بذلك فقد تواترت الأخبار ، وكذلك أيضاً قد يدخل الجني إلى جسد الآدمي إما بعشق أو لقصد الإيذاء أو لسبب آخر من الأسباب ويشير إلى هذا قوله تعالى { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشطيان من المس } وفي هذا النوع قد يتحدث الجني من باطن الانسي نفسه ، وعلى هذا فإن الوقاية المانعة من شر الجن أن يقرأ الإنسان ما جاءت به السنة مما يحصن به منهم مثل آية الكرسي . والله الحافظ .
( انتهى من كلام للشيخ ابن عثيمين باختصار)
– تربية الحية لغير مقصد شرعي، كإجراء التجارب العلمية عليها ونحو ذلك؛ عبث ، وإنفاق للمال فيما لا فائدة فيه، إضافة إلى أن الحية مأمور بقتلها في الحل والحرم لأنها من ذوات السموم الضارة.
– فيه دليل على قدرة الله عزوجل ؛ فمن المعلوم أن قدرتهم على التشكل بهذا الشكل إنما هي من الله سبحانه وتعالى. وبعضهم نفى قدرتها على التشكل بل نفى قدرة الملائكة على التشكل، وقال : إنما أعطاهم الله عزوجل قدرة على قول بعض الكلام فيتصورون بأشكال أخرى ، وادعى أن التشكل معناه تفرق أجزائه مما يؤدي لفنائه ،وراجع كتاب آكام المرجان في أحكام الجان.
– فيه أن الجن تموت ففي الحديث( أنت الحي الذي لا يموت ،والجن والإنس يموتون ) رواه البخاري 7383، ومسلم 2717 ، فقد يموتون بالشهب أو بانتهاء الأجل أو إذا تشكل على شكل فيمكن يموت بالطعن
– الجن عندها قدرة على أذية بني آدم ، وقتلهم ،قال ابن عبدالبر : لم يختلفوا – يعني في سعد بن عبادة – أنه وجد ميتا في مغتسله وقد اخضر ، ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلا:
قتلنا سيد الخزرج سعد بن عباده
رميناه بسهم فلم نخطئ فؤاده
قلت : وردت هذه القصة بسندين مرسلين يقوي أحدهما الآخر .
– خضوع الحيات لبعض أهل الضلال والبدع ؛إنما هو عن طريق السحر، وهم شابهوا في ذلك الهندوس بالهند ، وهكذا ما يفعله غلاة الرافضة والصوفية من الضرب بالسيوف وغيرها.
وراجع توفيق رب العزة لابن تيمية في هزيمة السحرة حيث أمرهم بأن يغسلوا اجسامهم بالخل والماء الحار قبل المشي على النار( مجموع الفتاوى 11/459)
– لا يعارض هذا الحديث بما هو ثابت ؛أن إقامة الحدود راجعه للإمام ، لأنه ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الفتى على محاولة قتله لزوجه. ثم في الحديث( فأخذته الغيرة ) ومنه حديث( تعجبون من غيرة سعد ).
– تنبيه : لم يثبت أن الحية ادخلت ابليس الجنة.
– خلق الله عزوجل الحيات وغيرها مما فيه ضرر لحكم منها ، الأجر الذي يناله المسلم إذا أوذي بسببها ، وغير ذلك من الحكم.
– فيه ذكر غزوة الخندق وكيف كان حال النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، المشركون من أمامهم وقريظة من خلفهم، لكن الله عزوجل نصرهم عليهم.
– إذن الإمام للرجل وهو يخاف عليه.
– ندب بعض أهل العلم التسمية عند صب ماء حار أو سقوط طفل ،تجنبا لأذية الجن. ومما يؤيد التسمية عند السقوط حديث أبي تميمة عن رجل( كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فعثر الحمار فقلت : تعس الشيطان ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقل تعس الشيطان ،فإنك إذا قلت :تعس الشيطان تعاظم في نفسه ،وقال : صرعته بقوتي ، وإذا قلت : بسم الله تصاغر إليه نفسه حتى يكون أصغر من ذباب)
قال بعض الأخوة الأفاضل :
– فيه جواز اﻹشارة المفهمة في الصﻻة.
– اهتمام الصحابة بالصﻻة في البيوت – يعني النافلة –
تنبيه : أوسع كتاب في أحكام الجان ،كتاب آكام المرجان في أحكام الجان لبدر الدين الأشبيلي أحد تلاميذ الذهبي ،واختصره السيوطي وزاد عليه في كتاب لقط المرجان، وهناك كتب كذلك في هذا الموضوع لبعض المعاصرين.