56 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
————
سنن ابي داود
4844 – حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ وأحمدُ بنُ عَبْدةَ -المعنى- قالا: حدَّثنا
حمادٌ، حدَّثنا عامِرٌ الأحولُ، عن عمرو بنِ شُعيب -قال ابنُ عبدة:- عن أبيه عن جدِّه، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم – قال: “لا يُجلَسُ بينَ رجُلَينِ إلا بإذنهما”
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل. وإنما لم نجعله على شرط الذيل للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
والحديث في مسند أحمد 6999 حدثنا عتاب حدثنا عبدالله اخبرنا اسامه بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بنحوه.
_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-
آداب المجلس و الجليس
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب الرجل يجلس بين الرجلين بغير إذنهما، أي: أنه إذا كان هناك إثنان جالسان وأراد أحد أن يجلس بينهما فعليه أن يستأذنهما، ولا يأتي ويجلس بينهما؛ لأنه قد يكون بينهما كلام، أو بينهما محبة ومودة، ويريد أحدهما أن يكون بجوار الآخر، وقد يكون بينهما حديث يريدان أن يستمرا فيه، فيأتي ويقطعه عليهما، فإذا أراد أن يجلس بينهما فليستأذنهما، فإن أذنا له وإلا فإنه يجلس في مكان آخر. وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يجلس بين الرجلين إلا بإذنهما)؛ أي: لا يجلس رجل بين رجلين إلا بإذنهما، ومثل ذلك المرأة لا تجلس بين المرأتين، فإن الحكم واحد، ولكنه ذكر الحديث فيما يتعلق بالرجال؛ لأن الغالب أن الكلام مع الرجال، وكذلك النساء لو كن جالسات، ثم جاءت واحدة تريد أن تجلس بين اثنتين، فإنها لا تجلس بينهما إلا بإذنهما؛ وذلك لما يترتب على ذلك من قطع ما يكونان قد اشتغلا به، أو يتحدثان فيه، أو أن كل منهما يريد أن يجلس بجوار الآخر؛ لأنه مرتاح إلى الجلوس معه، ولذا جاء النهي عن التفريق بينهما عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. ويدخل في الاستئذان ما إذا كانا ماشيين. شرح سنن أبي داود للعلامة العباد
و قال بعد ذلك: وفيه أنه قال: (لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما) وهذا عام، يشمل ما إذا كانا جالسين أو ماشيين؛ لأن هذا يقال له: تفريق بين اثنين، وليس خاصاً بالجلوس، ومن المعلوم أن القيام والمشي حكمهما مثل حكم الجلوس، بل قد يكون القيام والمشي أشد من الجلوس، وذلك أنهما قد يكونان متلازمين في المسير، وقد يكون كل واحد منهما آخذاً بيد الآخر لقوة الصلة التي بينهما، فالحديث هذا عام يشمل ما إذا كانا جالسين أو ماشيين، فلا يفرق بينهما أحد إلا بإذنهما.
قال العلامة العثيمين: يعني إذا جئت ووجدت شخصين جلس أحدهما إلى جنب الآخر فلا يفرق بينهما إلا إذا أذنا لك في هذا إما إذنا باللسان يعني إذا قال أحدهما تعال اجلس هنا أو بالفعل بأن يتفرق بعضهما عن بعض إشارة إلى أنك تجلس بينهما وإلا فلا تفرق بينهما؛ لأن هذا من سوء الأدب إن قلت: تفسح. ومن الأذية إن جلست وضيقت عليهما ومن الآداب أيضا أن يجلس الإنسان حيث انتهى به المجلس كما سبق فلا يجوز للإنسان أن يجلس وسط الحلقة يعني إذا رأيت جماعة متحلقين سواء كانوا متحلقين على من يعلمهم أو على من يتكلم معهم المهم إذا كانوا حلقة فلا يجلس في وسط الحلقة. شرح رياض الصالحين (4/ 357).
مسألة: التخطي بين اثنين يوم الجمعة
اختلف العلماء فى التخطى، فكرهه أبو هريرة، وسلمان، وكعب، ورواه ابن أبى شيبة عن أبى هريرة قال: لأن أصلى بالحرة أحب إلى من أن أتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، وعن سعيد بن المسيب مثله، وقال كعب: لأن أدع الجمعة أحب إلى من أن أتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، وقال سلمان: إياك والتخطى واجلس حيث بلغتك الجمعة، وهو قول عطاء، والثورى، وأحمد بن حنبل.
وفيه قول ثان: قال قتادة: يتخطاهم إلى مجلسه، وقال الأوزاعى: يتخطاهم إلى السعة، وهذا يشبه قول الحسن البصرى قال: لا بأس بالتخطى إذا كان فى المسجد سعة، وقال الشافعى: أكره التخطى قبل دخول الإمام وبعده إلا أن لا يجد السبيل إلى المصلى إلا بأن يتخطى فيسعه التخطى.
وفيها قول ثالث: روى عن أبى نضرة قال: يتخطاهم بإذنهم، وكان مالك لا يكره التخطى إلا إذا كان الإمام على المنبر، ولا بأس به قبل ذلك إذا كان بين يديه فرج، وذكر الطحاوى عن الأوزاعى مثله، قال: التخطى الذى جاء فيه القول إنما هو والإمام يخطب؛ لأن الآثار تدل على ذلك؛ ألا ترى قوله عليه السلام: (الذى يتخطى رقاب الناس فيفرق بين الاثنين بعد خروج الإمام كالجار قصبه فى النار)، وقوله للذى يتخطى وهو يخطب: (آذيت وآنيت). شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 502)
قلت سيف: حديث (الذى يتخطى رقاب الناس فيفرق بين الاثنين بعد خروج الإمام كالجار قصبه فى النار) قال الألباني عنه ضعيف جدا راجع الضعيفه 2811
قال ابن التين: التخطي ضربان: قبل جلوس الإمام على المنبر، والثاني بعده، فالأول إذا تخطى لفرجة يباح له التخطي، رواه ابن القاسم عن مالك إلا أن يؤمر بالتحفظ من أذى الناس، ويرفق في التخطي.
والثاني: لا يتخطاها ولا غيرها لأن تأخره عن وقت وجوب السعي أبطل حقه من التخطي إلى فرجة، يبينه ما روى بشير أنه – عليه السلام – قال للذي دخل يوم الجمعة: “اجلس فقد آذيت”، هذا مذهب مالك والأوزاعي أن التخطي المنهي عنه إذا جلس الإمام على المنبر ولا بأس به قبل ذلك، وروي عن أبي نضرة أنه قال: يتخطاهم بإذنهم. التوضيح لشرح الجامع الصغير (7/ 509).
ذكر ابن المنذر خمسة أقوال في الباب فاليرجع اليه “الأوسط” جـ 4 ص 84 – 86.
قال ابن رجب في الفتح (5/ 440): وأكثر العلماء على كراهة تخطي الناس يوم الجمعة، سواء كان الإمام قد خرج أو لم يخرج بعد.
و قال بعد ذلك بصفحتين: ومتى كان بين الجالسين فرجة، بحيث لا يتخطاهما، جاز له أن يمشي بينهما، فإن تماست ركبهما بحيث لا يمشي بينهما إلا بتخطي ركبهما كره له ذلك، فإن كانا قائمين يصليان، فمشى بينهما ولم يدفع أحدا، ولم يؤذه، ولم يضيق على أحد جاز، وإلا فلا.
قال ذلك كله عطاء -: ذكره عبد الرزاق، عن ابن جريج، عنه. انتهى
قال ابن تيمية: ويحرم تخطي رقاب الناس. وقال أبو العباس في موضع آخر: ليس لأحد أن يتخطى الناس ليدخل في الصف إذا لم يكن بين يديه فرجة، لا يوم الجمعة ولا غيره؛ لأن هذا من الظلم والتعدي لحدود الله تعالى. الفتاوى الكبرى (5/ 356).
أما تخطي رقاب المصلين فغير جائز، إلا أن يكون إماماً أو يرى فرجة ليست طريقاً فيتخطى إليها، لقوله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر وقد رأى رجلا يتخطى رقاب الناس: ” إجلس فقد آذيت ” رواه أحمد [فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم ال الشيخ ” 4/ 216″.
و سئل الشيخ العثيمين رحمه الله:
ورد النهي عن تخطي الرقاب يوم الجمعة والإمام يخطب فهل يعم النهي غير الجمعة؟
الجواب
نعم، كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فرأى رجلاً يتخطى الرقاب فقال: (اجلس فقد آذيت) فجعل العلة في الأمر بالجلوس الإيذاء، وهذا يشمل الجمعة وغير الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: اجلس فإنه يوم الجمعة، قال: (اجلس فقد آذيت) إذاً: فمتى حصل الإيذاء فإن الإنسان ينهى عن تخطي الرقاب، لكن بعض العلماء رحمهم الله يقول: من لم يجد فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي فله أن يتخطى.
أفهمت؟ مثلاً: الإنسان وجد في الصف الأول فرجة ما فيها أحد فله أن يتخطى ليصل إلى هذه الفرجة، وعللوا ذلك رحمهم الله: بأن هؤلاء هم الذين جنوا على أنفسهم؛ لأنهم مأمورون بأن يسدوا الخلل، فإذا لم يسدوه فهم الذين جنوا على أنفسهم، لكن في نفسي من هذا شيء في الواقع؛ لأن الرجل الذي رآه الرسول صلى الله عليه وسلم يتخطى ما أظن أنه يتخطى إلا لفرجة يصل إليها، لا أظنه يتخطى لأجل ينظر هل هناك مكان، فالظاهر أن النهي عن التخطي عام سواء كان هناك فرجة أم لم يكن. لقاء الباب المفتوح
قلت سيف: لكن من ترك فرجة أوقع من يقف في الشمس والحر في حرج خاصة إذا كانت الفرجة كبيرة جدا بل بعضهم يترك صفوف كاملة.
قال الجامع (محمد بن آدم) عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله ابن المنذر رحمه الله تعالى حسنٌ جدّاً.
وحاصله أن التخطي مطلقاً غير جائز لتحريم أذى المسلمين، فإن أذنوا له جاز؛ لانعدام العلة، وهي الأذى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. [شرح المجتبى ” 16/ 214]