556، 557، 558 – فتح الملك بنفحات المسك شرح صحيح البخاري.
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري وسلطان الحمادي ومحمد فارح ويوسف بن محمد السوري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب مواقيت الصلاة من صحيحه:
17 – بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ
(556) – حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ? «إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ».
(557) – حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ? يَقُولُ: «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ الْإِنْجِيلَ، فَعَمِلُوا إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ، فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ: أَيْ رَبَّنَا، أَعْطَيْتَ هَؤُلَاءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلًا؟ قَالَ: قَالَ اللهُ عزوجل هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ».
(558) – حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ?: «مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا إِلَى اللَّيْلِ، فَعَمِلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ، فَاسْتَأْجَرَ آخَرِينَ، فَقَالَ: أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ، وَلَكُمُ الَّذِي شَرَطْتُ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالُوا: لَكَ مَا عَمِلْنَا، فَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ».
———————
فوائد الباب:
1 – قوله: (باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب) يشير البخاري -رحمه الله تعالى- إلى آخر وقت العصر، وهو إذا غربت الشمس خرج وقت العصر. والله أعلم، وقد ترجم عليه النسائي في السنن الكبرى فقال: “آخر وقت العصر، وذكر اختلاف الناقلين للخبر فيه”.
2 – قوله: (من أدرك) المراد إدراك الوقت وليس له تأخيرها، فتأثيمه يؤخذ من أدلة أخرى. قاله الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- كما في الحلل الإبريزية.
3 – حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
4 – حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-. أخرجه البخاري والترمذي.
5 – حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أخرجه البخاري.
6 – “فيه بيان أن طلوع الشمس على من قد صلى من الفجر ركعة لا يقطع عليه صلاته، كما قال من فرق في ذلك بين غروب الشمس من أجل أن غروبها يوجب عليه الصلاة، وبين طلوعها من أجل أن طلوعها يحرم عليه الصلاة، والقياس إذا نازعه النص كان ساقطاً”. قاله أبو سليمان الخطابي.
7 – “جمهور العلماء على أن من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس يتمها. وانفرد أبو حنيفة فقال: تبطل بطلوعها، ويستقبلها بعد ارتفاعها، ووافقنا في العصر أنه يتمها بعد الغروب؛ لأن العصر يقع آخرها في وقت صالح للابتداء بالصلاة بخلاف الطلوع. وهذا فرق صوري، والشارع سوى بينهما، فلا معنى لهذا الفرق”. قاله ابن الملقن في التوضيح.
8 – “خصت هاتان الصلاتان بالذكر دون غيرهما لشرفهما، والحكم لا يختص “بهما” بدليل الرواية: “من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة” …… ولأن الشارع نهى عن الصلاة عند الطلوع وعند الغروب، فلو لم يبين لهم صحة صلاة من أدرك منهما لظن أن الصلاة تفسد بدخول هذين الوقتين وهو يصلي، فعرفهم ذلك ليزول هذا الوهم”. قاله ابن الملقن في التوضيح.
9 – عن ابن عمر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مثلكم، ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالا، فقال: من يعمل من صلاة الصبح إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ ألا فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط؟ ألا فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى غروب الشمس على قيراطين قيراطين؟ ألا فأنتم الذين عملتم، فغضب اليهود، والنصارى قالوا: نحن كنا أكثر عملا، وأقل عطاء قال: هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟ قالوا: لا، قال: فإنما هو فضلي، أوتيه من أشاء”. رواه الإمام أحمد في مسنده 4508 قال حدثنا إسماعيل، أخبرنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر به وأخرجه البخاري 2268 و 3459 بنحوه.
10 – فيه باب الإجارة إلى نصف النهار. قاله البخاري.
11 – هذا الحديث عند الفقهاء خرج مخرج العموم، ومعناه الخصوص؛ لنهيه -عليه السلام- أن يتحرى بالصلاة طلوع الشمس وغروبها، فالمراد به أصحاب الضرورات؛ لأنهم لا يلزمهم صلاة إلا أن يدركوا منها ركعة. قاله ابن بطال.
12 – ” إن قلت: فما حكم هذه الصلاة أهي أداء أم لا؟ قلت: الصحيح أنها كلها أداء …… فإن كان دون ركعة. فقال الجمهور: كلها قضاء”. قاله الكرماني في الكواكب الدراري. انتهى.
قلت: ولا يبعد أن يقال: يتجنب الدخول في الصلاة حينئذ في هذا الوقت بالذات حتى تغرب الشمس. والله أعلم.
13 – “إن أدرك ركعة من الوقت فالكل أداء، وإلا فقضاء”. قاله ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح.
14 – قوله: (كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ) المراد من الصلاة وقت الصلاة، وله أجزاء فكأنه قال: بين أجزاء وقت صلاة العصر. قاله الكرماني.
15 – قال أبو سليمان الخطابي في أعلام الحديث: معنى السجدة في هذا الحديث الركعة بركوعها وسجودها، والصلاة قد تسمى سجودا، كما سميت ركوعا، كقوله: {ومن الليل فاسجد له} أي صل. وقوله: {واركعوا مع الراكعين} يريد المصلين، والركعة إنما يكون تمامها بسجودها. انتهى. وسيأتي في آخر المسائل الخلاف.
16 – قوله: (فأعطوا قيراطا قيراطا) يعني المؤمنين منهم، وكذا النصارى المؤمنين منهم. قاله الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- كما في الحلل الإبريزية.
17 – قوله في حديث ابن عمر: (إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب). فيه إشارة إلى فضل وقت صلاة العصر على غيرها وهي الصلاة الوسطى، وفي الحديث: تم التمثيل بالعبادة فيها للمسلمين والأوقات الأخرى لغيرهم. تنويها بفضلهم.
18 – حديث ابن عمر: “مثال لمنازل الأمم عند الله، وأن هذه الأمة أقصرها عمرا، وأقلها عملا، وأعظمها ثوابا”. قاله ابن المنير في المتواري على أبواب البخاري.
19 – “يستنبط بتلطف من قوله: “فعملنا إلى غروب الشمس” دل أن وقت العمل ممتد إلى غروب الشمس، وأنه لا يفوت. وأقرب الأعمال المشهورة بهذا الوقت صلاة العصر، وهو من قبيل الأخذ من الإشارة، لا من صريح العبارة. فإن الحديث مثال”. قاله ابن المنير.
20 – “جعل عمل اليهود من أول النهار (أي من صلاة الصبح) إلى وقت الظهر، وعمل النصارى من الظهر إلى العصر، ثم قد اتفق أيضا تقديم اليهود على النصارى في الزمان، مع طول عمل أولئك وقصر عمل هؤلاء، فأما عمل المسلمين فإنه جعل ما بين العصر إلى المغرب، وذلك أقل الكل في مدة الزمان”. قاله ابن الملقن في التوضيح، وربط المثال بأوقات الصلوات ظاهر لا يخفى.
21 – تكلف بعضهم بحساب زمن هذه الأمة. وبعد أن أشار ابن الملقن في التوضيح لبعض ذلك ختمه بقوله: “وهذا من الغيب الذي استأثر الله به. وقد قال – صلى الله عليه وسلم – “ما المسؤول عنها بأعلم من السائل”.
22 – قوله: (“ثم أوتينا القرآن، فعملنا إلى غروب الشمس، فأعطينا قيراطين قيراطين”) فيه: تفضيل هذه الأمة وتوفير أجرها مع قلة عملها، وإنما فضلت لقوة يقينها ومراعاة أصل دينها، فإن زلت فأكثر زللها في الفروع جريا بمقتضى الطباع لا قصدا، ثم تتداركه بالاعتراف الماحي للاقتراف، وعموم ذلك ممن قبلهم كان في الأصول والمعاندة للشرائع كقولهم: {اجعل لنا إلها} [الأعراف: 138] وكامتناعهم من أخذ الكتاب حتى نتق الجبل فوقهم، و: {فاذهب أنت وربك فقاتلا} [المائدة: 24] وقد علم ما كانت الصحابة تؤثره وتزدحم عليه من الشهادة في سبيله، وهذا من منّه لا وجوب عليه تعالى”. قاله ابن الملقن في التوضيح.
23 – فيه باب ما جاء في مثل ابن آدم وأجله وأمله. قاله الترمذي.
24 – فيه فضل هذه الأمة، وأن الله زادها فهي أفضل الأمم، ورسولها أفضل الرسل. وفي هذا أنهم أقل عملًا وأكثر أجرًا. قاله الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى كما في الحلل الإبريزية.
25 – قال ابن قدامة: ” فصل: وهَلْ يُدْرِكُ الصَّلَاةَ بإدْرَاكِ ما دون ركعةٍ؟ فيه رِوَايتانِ: إحْدَاهما لا يُدْرِكُها بأقلَّ من ذلك، وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، ومذهبُ مَالِكٍ؛ لِظاهِرِ الخبر الذي رويْنَاهُ، فإنَّ تَخْصِيصَهُ الإِدراكَ بِرَكْعَةٍ يَدُلُّ على أنَّ الإِدْرَاكَ لا يَحْصُلُ بأقَلَّ منها، ولأنه إدركٌ، للصَّلاةِ، فلا يَحْصُلُ بأقَلَّ من ركعةٍ كإِدراكِ الجُمُعَةِ. والثانيةُ، يُدْرِكُها بإدراكِ جُزْءٍ منها، أىّ جُزْءٍ كان. قال القاضي: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، أنه يكونُ مُدْرِكًا لها بإدْرَاكِهِ. وقال أبو الخَطَّاب: مَنْ أدرك من الصَّلَاةِ مِقْدَارَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ قَبْلَ أنْ يَخْرُجَ الوَقْتُ فقد أدْرَكَهَا. وهذا مذهبُ أبى حنيفَة. ولِلشَّافِعِىِّ قَوْلانِ كَالمَذْهَبَيْنِ. ولأنَّ أبا هُرَيْرَة رَوَى عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: “مَنْ أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ العَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ”، وإذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَه”، مُتَّفَقٌ عليه. ولِلنَّسائِىِّ “فَقَدْ أَدْرَكَهَا “، ولأن الإِدْرَاكَ إذا تَعَلَّقَ به حُكْمٌ في الصَّلَاةِ اسْتَوَى فيه الرَّكْعَةُ وما دونها، كإدْراكِ الجماعةِ، وإدراكِ المُسَافِرِ صلاةَ المُقِيمِ، ولَفْظُ الحَدِيثِ الأَوَّلِ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ، والمَنْطُوقُ أَوْلَى منهُ، والقِيَاسُ يَبْطُلُ بإدْراكِ ركعَةٍ دون تَشَهُّدِها”. [المغني لابن قدامة 2/ 17].
26 – قال ابن عثيمين: ” وَتُدْرَكُ الصَّلَاةُ بِتَكْبِيْرَةِ الإِحْرامِ في وَقْتِها …………
قوله: «وَتُدْرَكُ الصَّلَاةُ بِتَكْبِيْرَةِ الإِحْرامِ في وَقْتِها»، قوله: «الصَّلاة» عامَّة لصلاة الفريضة وصلاة النَّافلة المؤقَّتة مثل صلاة الضُحى والوتر، فإنهما مؤقَّتان، وكذلك الرَّواتب فإنها مؤقَّتة، فالرَّواتب القَبليَّة وقتها من دخول وقت الصَّلاة إلى إقامة الصَّلاة، والرَّواتب البعديَّة من انتهاء الصَّلاة إلى خروج الوقت، فكلُّ صلاة مؤقَّتة تُدرك بتكبيرة الإحرام.
وتعليل ذلك: أن من أدرك تكبيرة الإحرام أدرك جُزءاً من الوقت، وإدراك الجُزء كإدراك الكُلِّ، فالصَّلاة لا تتبعَّضُ، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، سواء كان هذا الإدراك من أوَّل الوقت أم من آخر الوقت …..
والقول الثاني: أنها لا تُدرك الصَّلاة إلا بإدراك ركعة؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أدرك ركعةً من الصَّلاة فقد أدركَ الصَّلاةَ»، وهذا القول هو الصَّحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن الحديث ظاهر فيه، فهو جملة شرطيَّة «مَنْ أدرك ركعةً فقد أدرك … »، مفهومه: من أدرك دون ركعة فإنه لم يُدركْ، فعلى هذا؛ لو حاضت المرأة بعد دخول الوقت بأقلَّ من مقدار ركعة لم يلزمها القضاء؛ لأنها لم تدرك ركعة، وإن حاضت بعد دخوله بركعة لزمها القضاء ….
ويَنْبَني على هذا أيضاً إدراكات أخرى مثل إدراك الجماعة: هل تُدرك الجماعة بركعة، أو تُدرك بتكبيرة الإحرام؟
والصَّحيح: أنها لا تُدرك إلا بركعة، كما أن الجُمعة لا تُدرك إلا بركعة بالاتفاق، فكذلك الجماعة لا تدرك إلا بركعة.
[الشرح الممتع على زاد المستقنع 2/ 120]
وراجع تعليق الشيخ ابن عثيمين على البخاري.
27 – قال الشيخ الإتيوبي: قال الجامع عفا الله عنه: الراجح عندي قول من قال: إن آخر وقت العصر غروب الشمس، فمن أدرك ركعة من العصر فقد أدرك العصر، وإنما كان هذا أرجح، لأن به تجتمع الأدلة، فيحمل حديث جبريل “الوقت ما بين الوقتين”، وحديث “ووقت العصر ما لم تصفر الشمس” على بيان وقت الاختيار، لا لاستيعاب وقت الاضطرار والجواز، وحديث” من أدرك ركعة من العصر فقد أدرك العصر” على بيان وقت الاضطرار والجواز، وهذا الجمع هو الأولى من قول من قال: إن حديث جبريل منسوخ، لأن النسخ لا يصار إليه مع إمكان الجمع، وكذا لا يصار إلى الترجيح، مع إمكانه، ويؤيد هذا الجمع، حديث “تلك صلاة المنافق” الماضي (511)، فمن كان معذورًا كان الوقت في حقه ممتدًا إلى الغروب، ومن كان غير معذور كان الوقت له إلى المثلين، وما دامت الشمس بيضاء نقية، فإن أخرها إلى الاصفرار، وما بعده كانت صلاته صلاة المنافق المذكورة في الحديث. أفاده في “نيل” جـ 2 ص 34، 35.
والحاصل أن وقت العصر الاختياري ينتهي باصفرار الشمس، ووقت الجواز يمتد إلى آخر النهار، لكن إن كان بلا عذر كان الجواز مع الكراهة. والله أعلم.
[ذخيرة العقبى في شرح المجتبى 6/ 681].
28 – قال الشيخ الألباني: وآخر وقتها حين تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول كما في حديث أبي هريرة وابن عمرو السابقين ولما يدل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) (متفق عليه) وهو مذهب الجمهور كما في (النيل) (2/ 267) وممن قال بذلك أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله كما في الطحاوي (90). وأما قول الشوكاني: وقال أبو حنيفة: آخره الاصفرار فلعله رواية عن أبي حنيفة، ولكن لا يجوز تأخيرها إلى الاصفرار قبل الغروب إلا لعذر. قال عليه الصلاة والسلام: (تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله إلا قليلا) (رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه) وقد نقل الترمذي (300) القول بكراهة تأخيرها عن عبدالله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق. وهو قول ابن حزم (3/ 164)
وهي الصلاة الوسطى. قال عليه السلام يوم الأحزاب: (ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس) (متفق عليه) ولمسلم وأحمد وأبي داود: (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر) وفي معناه أحاديث كثيرة صحيحة وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قاله الترمذي (1/ 342).
[الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب 1/ 59].