55 الفوائد المنتقاه من شرح صحيح مسلم –
رقم 55
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
(ألقاه الأخ: سيف الكعبي)
بالتعاون مع الأخوة في مجموعات السلام والمدارسة والتخريج رقم 1
(مراجعة عبدالله المشجري)
من عنده تعقيب أو تنبيه فليفدنا
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
– عن أبي هريرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا طيرة وخيرها الفأل قيل يا رسول الله وما الفأل قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم)
– وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل قال قيل وما الفأل قال الكلمة الطيبة)
– عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا عدوى ولا طيرة وأحب الفأل الصالح)
– عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الشؤم في الدار والمرأة والفرس)
-وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال * لا عدوى ولا طيرة وإنما الشؤم في ثلاثة المرأة والفرس والدار
– وعنه (إن يكن من الشؤم شيء حق ففي الفرس والمرأة والدار) وفي لفظ آخر (إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والمسكن والمرأة)
– عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن كان ففي المرأة والفرس والمسكن) يعني الشؤم
عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن كان في شيء ففي الربع والخادم والفرس)
—————————-
الفوائد:
– ورد عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الطيرة شرك، الطيرة شرك) ثلاثا، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل. أخرجه هكذا أبو داود وهو في الصحيح المسند858
وأخرجه الترمذي، ونقل عن سليمان بن حرب أنه يقول: قوله (وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل) من قول ابن مسعود.
وأقر الإدراج كذلك البخاري، والترمذي، وابن القيم وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم أن يقع في قلبه شئ من الشرك …
– منه حديث معاوية بن الحكم السلمي ( … منا أناس يتطيرون، قال صلى الله عليه وسلم: ذلك شيء تجدونه في صدوركم فلا يصدنكم) فالناس في الطيرة على ثلاث أقسام:
* قسم إذا رأى أمر سوء أو سمع به يعرض عنه وهو متوكل على ربه يدفع وساوس الشيطان التي يقذفها بالتطير والتشائم، ويمضي في عمله، ولسان حاله يقول (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) ويسأل ربه الخير، ويعلم أن ما أصابه خير له. ومتفائل وعنده حسن ظن بالله ويحب الكلام الحسن.
* قسم يمضي في عمله، لكن تراه وجلا قلقاً فهذا أثر الشيطان فيه شيئاً بوساوسه.
*قسم لا يمضي لعمله لمجرد سماعه أمراً لا يسره فهذا بلغ به الشيطان مبلغاً، وهو الشرك الذي ينقص الإيمان.
* أما الكفار فكانوا يعتقدون أن بعملهم بالطيرة يأتيهم بالخير، ويدفع عنهم الشر. وانظر لطائف المعارف ص147
– حديث (الطيرة شرك) صريح في تحريم الطيرة، وأنها من الشرك، لما فيها من تعلق القلب على غير الله، قال ابن مفلح: والأولى القطع بتحريمها.
وإنما جعل الطيرة من الشرك؛ لأنهم يعتقدون أن الطيرة تجلب لهم نفعاً أو تدفع عنهم ضرا إذا عملوا بموجبه فكأنهم أشركوا مع الله تعالى.
ونقل ابن القيم: أن هذا لا يعارض حديث الشؤم في ثلاثة، فغايته أن الله قد يخلق منها أعيانا مشؤومة على من قاربها وسكنها، وأعيانا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر، وهذا كما وهذا كما يُعطى الوالدان ولدا مباركا يريان الخير على وجهه. انتهى
قلت: ومنه قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ .. ) الآية.
أما الآخر فقال: وأما الآخر فقال: (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي .. ) ومنه قصة الغلام الذي قتله الخضر (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا).
فالطيرة الشركية جعل ما ليس سبباً سببا، أما سوء خلق المرأة، وصعوبة الدابة وضيق الدار فهذه أسباب ظاهرةٌ تجعل للإنسان ضيقاً في صدره. (التوضيح المفيد على كتاب فتح المجيد 482).
سئل مالك عن الشؤم في الفرس والدار، فقال: كم من دار قد سكنها ناس فهلكوا، ثم سكنها آخرون فملكوا. فهذا تفسيره فيما نرى والله أعلم.
نقله عنه أبوداود؛ باب في الطيرة، لكن وقع في مطبوعتي، دار الكتب العلمية (فهلكوا) مرتين.
قلت: أما حديث (ذروها ذميمة) يعني القرية التي قلّ فيها عددهم وأموالهم. فقال البخاري: في إسناده نظر. وكذلك حديث (فإن من القرف التلف) يعني مقارفة ومقاربة الأرض الوبيئة تسبب تلفاً، فهو حديث ضعيف كما في الضعيفة 1720،لكن ورد في الحديث عدم الدخول في أرض وقع فيها الطاعون. لكن الطاعون سبب حقيقي للتلف، خلافا لمن تكثر عليه الأوهام.
– التطير أغلبه أوهام، فيحصل مفارقة الزوجة، والبلاد، والدور لمجرد أوهام، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يشير لذلك في أحاديث الباب بقوله (إن يكن من الشؤم شئ حق ففي الفرس والمرأة والدار). فليس فيه نفي الشؤم كما ذهب إليه بعض أهل العلم حيث ضعفوا رواية (الشؤم في ثلاث … ) وقالوا الصواب (إن كان الشؤم في شئ … ) وحملوه على النفي، والصواب أن لفظ (الشؤم في ثلاث … ) صحيحة وهي في الصحيحين، وما دام ذكرنا أوجه الجمع فلا وجه لتضعيفها.
– الاشتغال بما يدفع الوساوس والأوهام التي تفتح باب التشاؤم، فيكثر المسلم من ذكر الله والدعاء والتوكل على الله والإيمان بالقضاء والقدر.
تنبيه: حديث (اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك) فضعيف.
وقال لي بعض الأخوة يغني عنه حديث (اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك) لكن كذلك هذا الحديث ضعيف راجع (التوضيح المفيد على كتاب التوحيد ص493). ويغني عنه (حسبنا الله ونعم الوكيل) كما في سورة آل عمران آية 173، وحديث ابن عباس في صحيح البخاري 4563.
– الفأل الوارد في الحديث، ليس من الطيرة المنهي عنها؛ لأن الناس إذا أمَّلوا فائدة من الله ورجوا عائدته عند كل سبب فهم على خير، فإذا قطعوا آمالهم كان ذلك من الشر. فالطيرة فيها سوء ظن بالله، بخلاف التفاؤل ففيه حسن ظن بالله؛ مثل مريض يسمع رجلا يقول: يا سالم فيقع ظنه أنه يبرأ. فهذا حسن ظن بالله.
قال ابن القيم: هذا إبانةٌ عن مقتضى الطبيعة وموجب الفطرة الإنسانية التي تميل إلى ما يوافقها ويلائمها. فالنبي صلى الله عليه وسلم يحب الطيب والحلواء والعسل، والصوت الحسن ويحب معالي الأخلاق فيحب كل كمال (راجع فتح المجيد شرح كتاب التوحيد)
– لا يثبت الشؤم بشهر من شهور السنة ولا زمن من الأزمان، لذا عائشة قالت لنسوة، كن يكرهن البناء بأزواجهن في شوال: ما تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في شوال، وما دخل بي إلا في شوال فمن كان أحظى مني عنده، وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال، فهكذا على العلماء وطلاب العلم أن يبينوا العادات المخالفة للشرع، ويخالفوها.
فأهل الجاهلية كانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح، فيرمي أحدهم الطير أو الظبي فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به، ومضوا في سفرهم وحاجتهم، وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم. وكانوا يتشاءمون بشهر صفر
ونقل النووي عن القاضي أنه ذكر أن بعض أهل العلم قال: الجامع لهذه الفصول السابقة في الأحاديث ثلاثة أقسام: أحدها: ما لم يقع الضرر به ولا اطردت عادة خاصة ولا عامة. فهذا لا يلتفت إليه. وأنكر الشرع الالتفات إليه. وهو الطيرة. والثاني: ما يقع عنده الضرر عموماً لا يخصه ونادرا لا متكرر كالوباء، فلا يقدم عليه، ولا يخرج منه. والثالث: ما يخص ولا يعم كالدار والفرس والمرأة. فهذا يباح الفرار منه والله أعلم (شرح النووي) وقبل هذا نقل اختلاف العلماء في معنى حديث (الشؤم في ثلاثة … )
– كل من خاف شيئا غير الله سلط عليه، كما أن من أحب مع الله غيره عذب به، فمن كنز الأموال ولم يؤدِّ زكاتها عذب بها، وكذا من رجا مع الله غيره خذل من جهته.
– الأمور كلها بيد الله، ومنه قوله تعالى (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُون) سورة النمل آية 47، فمن نسب الطيرة والشؤم إلى شئ من الأشياء على سبيل أنه مؤثر بذلك دون الله فقد أعظم الفرية.
– ضلال الكفار حيث اعتقدوا بأن الشؤم في أهل الخير والطاعة، كما في قوله تعالى حيث تشاءم قوم ثمود بنبيهم صالح عليه الصلاة والسلام وبالمؤمنين (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُون) سورة النمل آية 47، يعني الشؤم الذي جاءكم بسبب معاصيكم، ومنه قوله تعالى (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ .. ) الآية، وكذلك قال المكذبين لرسلهم (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ).سورة يس آية 19
– رحمة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته حيث يرشدهم، لما فيه صلاح عقائدهم.
– حسن اختيار الصاحب، خاصة إذا كان زوجه، وحسن اختيار الجيران، وإذا وجد منهم أخلاقاً مشؤومة ولم يقبلوا النصيحة وخشي على أهله فلينتقل. ومنه الهجرة من بلاد الكفار، لمن ليس لوجوده فيها نفع ديني خاصة إذا خشي على دينه، وفيه أحاديث.
– يشرع لمن استفاد زوجةً أو أمةً. أو دابة أن يسأل الله من خيرها وخير ما جبلت عليه، ويستعيذ بالله من شرها وشر ما جبلت عليه، وفيه حديث.
تنبيه: أوسع من تكلم في باب التطير ابن عبد البر في التمهيد، وابن القيم في مفتاح دار السعادة، وابن حجر في الفتح.