55 عون الصمد شرح الذيل، والمتمم على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
——————–
مسند أحمد 6549 – حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ” مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَاكُلُ مُتَّكِئًا قَطُّ، وَلَا يَطَأُ عَقِبَهُ رَجُلَانِ ” قَالَ عَفَّانُ: ” عَقِبَيْهِ ”
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند.
حيث ذكر الشيخ الالباني ان قول شعيب وهو ابن محمد بن عبدالله بن عمرو عن ابيه لا يريد الا جده ودلل على ذلك برواية صرح فيها انه عبدالله بن عمرو.
وكذلك رجح ذلك ابن حجر كما في اطراف المسند.
والذهبي كما في السير وابن الملقن.
-_-_-_-_-_-_-_-_-
الإتكاء
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل متكئا وهو من الأداب التي علمها للصحابة رضي الله عنهم، فينبغي التأسي والاقتداء بهم في العبادات والمعاملات وفي سائر الاحكام والآداب …
و الحديث بين أيضا أدب آخر عدم المشي خلف أهل الشأن والمكانة خشية التكبر، وإنما يكون أمامه أو عن يمينه أو شماله.
[الشرح]
قوله (يأكل متكئا) الاتكاء هو أن يتمكن في الجلوس متربعا أو يستوي قاعدا على وطاء أو يسند ظهره إلى شيء أو يضع إحدى يديه على الأرض وكل ذلك خلاف الأدب المطلوب حال الأكل وبعضه فعل المتكبرين وبعضه فعل المكثرين من الطعام.
قال الكرماني وليس المراد بالاتكاء الميل والاعتماد على أحد جانبيه كما يجلسه العامة ومن حمل عليه تأويلا على مذهب الطب بأنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا ولا يسيغه هنيئا وربما يتأذى به. حاشية السندي على سنن ابن ماجه
قال الحافظ في الفتح (9/ 541 – 542): واختلف في صفة الإتكاء. فقيل: أن يتمكن في الجلوس للأكل على أي صفة كان، وقيل: أن يميل على أحد شقيه، وقيل: أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض قال الخطابي: تحسب العامة أن المتكئ هو الأكل على أحد شقيه وليس كذلك بل هو المعتمد على الوطاء الذي تحته. قال: ومعنى الحديث إني لا أقعد متكئا على الوطاء عند الأكل فعل من يستكثر من الطعام فإني لا آكل الا البلغة من الزاد فلذلك أقعد مستوفزا، وفي حديث أنس (أنه صلى الله عليه و سلم أكل تمرا وهو مقع) وفي رواية (وهو محتفز)، والمراد الجلوس على وركيه غير متمكن وأخرج ابن عدي بسند ضعيف (زجر النبي صلى الله عليه و سلم أن يعتمد الرجل على يده اليسرى عند الأكل) قال مالك هو نوع من الاتكاء، قلت: وفي هذا إشارة من مالك إلى كراهة كل ما يعد الأكل فيه متكئا ولا يختص بصفة بعينها. وجزم بن الجوزي في تفسير الاتكاء بأنه الميل على أحد الشقين ولم يلتفت لإنكار الخطابي ذلك. وحكى ابن الأثير في النهاية أن من فسر الاتكاء بالميل على أحد الشقين تأوله على مذهب الطب بأنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا ولا يسيغه هنيئا وربما تأذى به. واختلف السلف في حكم الأكل متكئا فزعم ابن القاص أن ذلك من الخصائص النبوية وتعقبه البيهقي، فقال: قد يكره لغيره أيضا؛ لأنه من فعل المتعظمين. وأصله مأخوذ من ملوك العجم.
قال: فإن كان بالمرء مانع لا يتمكن معه من الأكل إلا متكئا لم يكن في ذلك كراهة ثم ساق عن جماعة من السلف أنهم أكلوا كذلك، وأشار إلى حمل ذلك عنهم على الضرورة، وفي الحمل نظر، وقد اخرج بن أبي شيبة عن ابن عباس وخالد بن الوليد وعبيدة السلماني ومحمد بن سيرين وعطاء بن يسار والزهري جواز ذلك مطلقا، وإذا ثبت كونه مكروها أو خلاف الأولى فالمستحب في صفة الجلوس للآكل أن يكون جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه أو ينصب الرجل اليمني ويجلس على اليسرى، واختلف في علة الكراهة وأقوى ما ورد في ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق إبراهيم النخعي قال: كانوا يكرهون أن يأكلوا اتكاءة مخافة أن تعظم بطونهم وإلى ذلك يشير بقية ما ورد فيه من الأخبار فهو المعتمد ووجه الكراهة فيه ظاهر وكذلك ما أشار إليه بن الأثير من جهة الطب والله أعلم
قوله: ((ولا يطأ عقبه رجلان)) ((مظ)): يعني من غاية التواضع يمشي في وسط الجمع أو في آخرهم ولا يمشي قدامهم. أقول: لا يساعد هذا التأويل التشبيه في رجلان، ولعله كناية عن تواضعه صلوات الله عليه، وأنه لم يكن يمشي مشي الجبابرة مع الأتباع والخدم. شرح المشكاة للطيبي
قال الالباني في فتاوى جدة (ش 13):
الشيخ: الاتكاء في الحديث الأول هو غير الاتكاء في الحديث الآخر، الاتكاء في الحديث الأول في رأي الجمهور هو التربّع، معروف التربع؟ آه، التربّع الذي هو خلاف الافتراش في الصلاة وخلاف التورك، هذا هو التربع، بعض العلماء يفسّرون هذا الاتكاء في حديث (لا آكل متكئًا) بالتربع، وحينذاك هذا الاتكاء يخالف الاتكاء الوارد في حديث الكبائر، لأن الاتكاء في حديث الكبائر أن يكون الإنسان متكئًا هكذا، ويتحدث على سجيته وعلى راحته فإذا ما وصل إلى جملة يريد أن يُظهر اهتمامه بها استوى جالسًا وقال: (ألا وشهادة الزور، ألا وشهادة الزور) إلى آخره، الذي يبدو لي -والله أعلم- وقد ذكرتُ هذا في كثير من المناسبات أنَّ الاتكاء المذكور في الحديث الثاني في حديث الكبائر هو عين الاتكاء المذكور في حديث: (لا آكل متكئًا) لأني لا أعلم وإن كان المعنى الأول هو الذي ذُكر في غريب اللغة ككتاب ابن أثير المعروف بالنهاية في غريب الحديث والأثر، قد ذكروا ما ذكرت لكم آنفًا أن قوله عليه السلام: (لا آكل متكئًا) إنما المقصود به التربع، لكنّي حيث ما مررتُ بهذا اللفظ الاتكاء لا أجده إلا أنه يعني الجلوس مائلاً ومتكئًا على أحدِ شقّيه، فتفسير الحديث الأول: (لا آكل متكئًا) أي متربعًا؛ كأنه شاذٌ ونابٍ عن الاتكاء المعروف في الأحاديث الأخرى كحديث: (وكان متكئًا فجلس)، هذا شيء، والشيء الثاني أن المتربع هو جالسٌ فكيف يقال إنه متكئٌ وحديث الكبائر وهو من رواية أبي بكرة الثقفي في الصحيحين يقول وكان متكئًا فجلس، الاتكاء ينافي الجلوس وينافي الاطمئنان، والجالس متربعًا فهو جالس ومطمئنّ في جلوسه، فلا يبدو لي -والله أعلم-
قال العباد:
الاتكاء هو أن يتمايل الإنسان على أحد جانبيه وأحد شقيه، هذا يقال له: اتكاء، ومنه حديث أبي بكرة في قصة شهادة الزور: (وكان متكئاً فجلس) يعني: بدل ما كان متكئاً أو معتمداً على شي جلس، فهذا يفيد بأن الاتكاء يكون بالاعتماد على شيء، قالوا: وليس الاتكاء مقصوراً على التمايل عند الأكل، وإنما يكون أيضاً بالجلوس متربعاً، فهو من الاتكاء؛ لأن ذلك مدعاة لكثرة الأكل والتوسع فيه، وإنما يجلس الإنسان مستوفزاً، أو يجلس على رجله اليسرى وينصب الرجل اليمنى، بحيث لا يكون متكئاً متربعاً. أورد أبو داود حديث أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي رضي الله تعالى عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (لا آكل متكئاً)] وأمته تبع له، وقد قال الله عز وجل: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] وكما أنه صلى الله عليه وسلم لا يأكل متكئاً، فكذلك على أمته ألا يأكلوا متكئين.
(لا آكل متكئاً)، وهنا أخبر عنه أصحابه بأنهم لم يروه أكل متكئاً صلى الله عليه وسلم، ولا وطِئَ عقبه رجلان، بمعنى أنهم يمشون وراءه، وإنما كان يمشي وسطهم أو وراءهم صلى الله عليه وسلم؛ تواضعاً منه عليه الصلاة والسلام. (شرح سنن ابي داود للعباد)
تنبيه: ولهذا ينبغي للإخوان ألا يمشوا خلف طالب العلم أو غيره، وإنما يكونوا أمامه أو عن يمينه أو عن شماله، وإذا كانوا أكثر من اثنين فمن باب أولى. قاله الشيخ الراجحي في شرح سنن ابن ماجه