533، 534، 535 536، 537، 538 – فتح الملك بنفحات المسك شرح صحيح البخاري.
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري وسلطان الحمادي ومحمد فارح ويوسف بن محمد السوري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
9 – بَابٌ: الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ.
533، 534 – حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ: حَدَّثَنَا الْأَعْرَجُ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ? أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ».
535 – حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُهَاجِرِ أَبِي الْحَسَنِ: سَمِعَ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ ? الظُّهْرَ، فَقَالَ: أَبْرِدْ أَبْرِدْ. أَوْ قَالَ: انْتَظِرِ انْتَظِرْ. وَقَالَ: شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ. حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ».
536 – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ? قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، 537 – وَاشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ: يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ، نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ».
538 – حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: «أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». تَابَعَهُ سُفْيَانُ، وَيَحْيَى، وَأَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ.
————————–
فوائد الباب:
1 – قوله: (باب الإبراد بالظهر في شدة الحر) وترجم عليه النسائي فقال: “الإبراد بالظهر إذا اشتد الحر”. وحقيقة الإبراد الدخول في البرد، والباء للتعدية، والمعنى: إدخال الصلاة في البرد. نقله الكرماني في الكواكب الدراري.
2 – معنى الإبراد: انكسار شدة حر الظهيرة، وذلك أن فتور حرها بالإضافة إلى وهج الهاجرة برد، وليس ذلك بأن يؤخر إلى (آخر برد) النهار، وهو برد العشي، إذ فيه الخروج عن قول (الأئمة). قاله أبو سليمان الخطابي في أعلام الحديث. وما بين القوسين تصحيح من عمدة القاري.
3 – ورد في حديث بريدة: “صل معنا هذين يعني اليومين فلما زالت الشمس أمر بلالا فأذن ثم أمره فأقام الظهر ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية …. فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر، فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان”. رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.
4 – قال ابن الأثير كما في جامع الأصول: ” (فأبردوا بالظهر): الإبراد: انكسار الوهج والحر. وقوله: (وأنعم) أي: أطال الإبراد وتأخير صلاة الظهر. ومنه: أنعم النظر في الشيء: إذا أطال التفكر فيه”.
5 – وقوله: (فيح جهنم) شدة استعارها، وأصله في الكلام السعة والانتشار، وكانت العرب تقول في غاراتها: فيحي فياح، وقد روي أن لجهنم نفسين “نفسا” في الشتاء ونفسا في الصيف. قاله أبو سليمان الخطابي في أعلام الحديث.
6 – قوله: (أبردوا عن الصلاة) أي تأخروا عنها مبردين. قاله أبو سليمان الخطابي في أعلام الحديث.
7 – قوله: (عن الصلاة) فإن قلت ما الفرق بينه وبين ما تقدم وهو (أبردوا بالصلاة)؟ قلت: الباء هو الأصل، وأما عن ففيه تضمن معنى التأخر أي تأخروا عنها مبردين. وقيل: هي بمعنى واحد. وعن يطلق بمعنى الباء، كما يقال: رميت عن القوس أي بها. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
8 – “قدم المصنف باب الإبراد على باب وقت الظهر؛ لأن لفظ الإبراد يستلزم أن يكون بعد الزوال لا قبله، إذ وقت الإبراد هو ما إذا انحطت قوة الوهج من حر الظهيرة، فكأنه أشار إلى أول وقت الظهر “و” أشار إلى حديث جابر بن سمرة قال: كان بلال يؤذن الظهر إذا دحضت الشمس أي مالت”. قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
9 – “أحاديث أول الوقت أنها عامة أو مطلقة، والأمر بالإبراد خاص فهو مقدم ولا التفات إلى من قال التعجيل أكثر مشقة فيكون أفضل؛ لأن الأفضلية لم تنحصر في الأشق بل قد يكون الأخف أفضل كما في قصر الصلاة في السفر”. قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
10 – حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. رواه الستة: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
11 – حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-. رواه البخاري وابن ماجه.
12 – حديث أبي ذر -رضي الله عنه-. أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي.
13 – حديث أبي هريرة الآخر الذي فيه زيادة. رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه والنسائي في السنن الكبرى.
14 – حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. رواه البخاري وابن ماجه. وأشار إليه الترمذي بقوله: “وفي الباب عن أبي سعيد”. وخرجه كذلك الإمام أحمد في “مسنده”11496 في مسند أبي هريرة، ثم أتبعه بحديث أبي سعيد 11497 أنه هو الصواب”. قاله الحافظ ابن رجب في الفتح.
15 – قوله في حديث ابن عمر: (أبردوا عن الصلاة). وعند ابن ماجه 681 من طريق عبيد الله بن عمر: “أبردوا بالظهر”.
16 – قوله في حديث أبي ذر: (أذن مؤذن النبي -صلى الله عليه وسلم- الظهر) وعند أبي داود 401 من طريق أبي الوليد الطيالسي: “فأرادَ المُؤذنُ أن يُؤَذِّنَ الظهر”.
17 – عن أبي موسى يرفعه قال: أبردوا بالظهر فإن الذي تجدون من الحر من فيح جهنم. رواه النسائي 501.
18 – قوله في حديث أبي سعيد: (أبردوا بالظهر) زاد الإمام أحمد 11490 من طريق محمد بن عبيد: “في الحر”، وعند ابن أبي شيبة في المصنف 3299 من طريق أبي معاوية: “أبردوا بالصلاة، يعني الظهر”.
19 – الأمر بالإبراد أمر ندب واستحباب، لا أمر حتم وإيجاب، هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء. قاله الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- في الفتح.
تنبيه: تعقب ابنُ حجرٍ الكرمانيَّ حين نقل الإجماع على استحباب الابراد بأن عياض وغيره نقلوا قول بالوجوب.
20 – وأما صلاة الظهر في غير شدة الحر، فجمهور العلماء على أن الأفضل تعجيلها. قاله الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- في الفتح.
21 – عن المغيرة بن شعبة، قال: كنا نصلي مع نبي الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الظهر بالهاجرة، فقال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أبردوا بالصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم». أخرجه الإمام أحمد 18185 وابن ماجه 680 وابن حبان في صحيحه 1505 من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق عن شريك عن بيان بن بشر عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة به.
22 – عن أَنَس بْن مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا كَانَ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ، وَإِذَا كَانَ الْبَرْدُ عَجَّلَ. رواه النسائي 498 والبخاري في الأدب المفرد وعنده: “بكر بالصلاة” بدلا من “عجل”. وعلقه في صحيحه 906. وقال الألباني: سنده صحيح على شرط البخاري.
قلت: وقد أورده البخاري في صحيحه 906 موصولا بلفظ: “كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا اشتد البرد بكر بالصلاة وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة يعني الجمعة”.
23 – عن عكرمة بن خالد قال: قدم عمر مكة فأذن له أبو محذورة، فقال له: «أما خشيت أن ينخرق مريطاؤك؟» قال: يا أمير المؤمنين قدمت فأحببت أن أسمعكم أذاني، فقال له عمر: «إن أرضكم معشر أهل تهامة حارة، فأبرد، ثم أبرد مرتين أو ثلاثا، ثم أذن، ثم ثوب آتك». أخرجه عبد الرزاق في المصنف 2060 قال عن معمر، عن أيوب، ويزيد بن أبي زياد، عن عكرمة بن خالد فذكره ثم أخرجه عبد الرزاق أيضا في المصنف 6816 وأسقط يزيد بن أبي زياد من الإسناد وأضاف راويا بين عمر وعكرمة وهو سفيان بن عبد الله الثقفي فوصله وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 189 من طريق ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى أَبَا مَحْذُورَةَ الْأَذَانَ، فَقَدِمَ عُمَرُ قَدْمَةً مَكَّةَ فَنَزَلَ دَارَ الدَّوْمَة فذكر نحوه.
تابعه يزيد عن عبد الرحمن بن سابط، قال: أذن أبو محذورة بصلاة الظهر بمكة، فقال له عمر: أصوتك يا أبا محذورة الذي سمعت؟ قال: نعم، ذخرته لك يا أمير المؤمنين لأسمعكه، فقال عمر: يا أبا محذورة، إنك بأرض شديدة الحر، فأبرد بالصلاة، ثم أبرد بها. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 3303 تابعه منذر، قال: قال عمر: أبردوا بالظهر، فإن شدة الحر من فيح جهنم. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 3307
عن عَبْد الْمَلِكِ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي مَحْذُورَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ لَهُ: “يَا أَبَا مَحْذُورَةَ، إِنَّكَ بِأَرْضٍ حَارَّةٍ وَمَسْجِدٍ ضَاحٍ فَأَبْرِدْ، ثُمَّ أَبْرِدْ”. أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 191 و 192 والفاكهي في أخبار مكة 1205 من طريق إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي عَبْدُ الْمَلِكِ به
قَالَ إِبْرَاهِيمُ – أي ابن عبد العزيز راوي الأثر-: مُرَيْطَاهُ: أُنْثَوَيْهِ”.
“قال الأصمعي: المُرَيطاء ممدودة، وهي ما بين السُّرَّة إلى العانة”. نقله الإمام ابن كثير في مسند الفاروق.
24 – قال الترمذي: “وقد اختار قوم من أهل العلم تأخير صلاة الظهر في شدة الحر. وهو قول ابن المبارك، وأحمد، وإسحاق”.
25 – تتمة كلام الترمذي: وقال الشافعي: “إنما الإبراد بصلاة الظهر إذا كان مسجدا ينتاب أهله من البعد، فأما المصلي وحده والذي يصلي في مسجد قومه فالذي أحب له أن لا يؤخر الصلاة في شدة الحر.
ومعنى من ذهب إلى تأخير الظهر في شدة الحر: هو أولى وأشبه بالاتباع.
وأما ما ذهب إليه الشافعي أن الرخصة لمن ينتاب من البعد والمشقة على الناس، فإن في حديث أبي ذر ما يدل على خلاف ما قال الشافعي.
قال أبو ذر: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فأذن بلال بصلاة الظهر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا بلال أبرد، ثم أبرد.
فلو كان الأمر على ما ذهب إليه الشافعي لم يكن للإبراد في ذلك الوقت معنى لاجتماعهم في السفر، وكانوا لا يحتاجون أن ينتابوا من البعد”. انتهى كلام الترمذي
26 – قال ابن حجر بعد أن نقل كلام الترمذي السابق: وَتَعَقَّبَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْعَسْكَرِ الْكَثِيرِ تَفْرِقَتُهُمْ فِي أَطْرَافِ الْمَنْزِلِ لِلتَّخْفِيفِ وَطَلَبِ الرَّعْيِ فَلَا نُسَلِّمُ اجْتِمَاعَهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. انْتَهَى. وَأَيْضًا فَلَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِاتِّخَاذِ خِبَاءٍ كَبِيرٍ يَجْمَعُهُمْ بَلْ كَانُوا يَتَفَرَّقُونَ فِي ظِلَالِ الشَّجَرِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ كِنٌّ يَمْشُونَ فِيهِ فَلَيْسَ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ مَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنَ النَّصِّ الْعَامِّ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْإِبْرَادِ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ، وَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْأُصُولِ لَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ تَأَذِّيهِمْ بِالْحَرِّ فِي طَرِيقِهِمْ وَلِلْمُتَمَسِّكِ بِعُمُومِهِ أَنْ يَقُولَ الْعِلَّةُ فِيهِ تَأَذِّيهِمْ بِحَرِّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِهِمْ حَالَةَ السُّجُودِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَنَسٍ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ ? بِالظَّهَائِرِ سَجَدْنَا عَلَى ثِيَابِنَا اتِّقَاءَ الْحَرِّ. رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ.
27 – قال الاتيوبي بعد أن نقل الخلاف هل الإبراد للمنفرد وللجماعة:
“أرجح الأجوبة عندي جواب من قال بنسخ حديث خباب بحديث المغيرة -رضي الله عنه- الذي استدل به الطحاوي عليه، قال: كنا نصلي مع النبي ? الظهر بالهاجرة، ثم قال لنا: «أبردوا بالصلاة»، وهو حديث رجاله ثقات، رواه أحمد، وابن ماجه، وصححه ابن حبان، ونقل الخلال عن أحمد أنه قال: هذا آخر الأمرين من رسول الله ?. كما قاله الحافظ في «الفتح» جـ (2) ص (21).
وقال في «التلخيص»: وسئل البخاري عنه، فعده محفوظًا، وذكر الميموني عن أحمد أنه رجح صحته، وكذا قال أبو حاتم الرازي: هو عندي صحيح. وأعله ابن معين بما رَوَى أبو عوانة عن طارق، عن قيس، عن عمر موقوفًا، وقال: لو كان عند قيس، عن المغيرة مرفوعًا، لم يفتقر إلى أن يحدث به عن عمر موقوفًا، وَقَوَّى ذلك عنده أن أبا عوانة أثبتُ من شريك. والله أعلم. اهـ جـ (1) ص (181).
قال الجامع: فتبين بهذا كله أن الأكثرين على تصحيحه، ويؤيد ذلك ما تقدم؛ حديث أنس: «كان النبي ? إذا كان البرد بَكَّر بالصلاة، وإذا كان الحر أبرد بالصلاة».
والحاصل: أن الراجح كون حديث خباب منسوخًا، وأن أرجح المذاهب مذهب من قال بالإبراد في اشتداد الحر مطلقًا، سواء كان جماعة، أو منفردًا، لقوة دليله. والله أعلم.
وقال العلامة الشوكاني بعد ذكر نحو ما تقدم: ولو نسلم جهل التاريخ، وعدم معرفة المتأخر لكانت أحاديث الإبراد أرجح، لأنها في الصحيحين، بل في جميع الأمهات بطرق متعددة، وحديث خباب في مسلم فقط، ولا شك أن المتفق عليه مقدم، وكذا ما جاء بطرق. اهـ «نيل الأوطار» جـ (2) ص (32) – (33).
28 – وقد ترجم عليه البخاري فقال: “باب الإبراد بالظهر في السفر” حيث أخرج الحديث 539 من طريق آدم بن أبي إياس وفيه: “كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر”.
29 – بابُ تأخيِر الظُّهرِ في شِدَّةِ الحَرِّ. قاله البيهقي في السنن الكبرى.
30 – باب صفة النار وأنها مخلوقة. قاله البخاري.
31 – “الذي يقتضيه مذهب أهل السنة، وظاهر الحديث: أن شدة الحر من فيح جهنم حقيقة لا استعارة وتشبيها وتقريبا، فإنها مخلوقة موجودة، وقد اشتكت النار إلى ربها”. قاله ابن الملقن في التوضيح.
وهذا نقله ابن حجر عن أكثر أهل العلم.
32 – قال ابن عثيمين:
حكم الإبراد في صلاة الظهر:
(150) – وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم» متفق عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: الإشارة إلى طلب الخشوع في الصلاة؛ لأن الإنسان إذا كان في شدة الحر فإنه سوف يقل خشوعه؛ لأن الحر مزعج يوجب انشغال القلب، فهل نقول مثل ذلك في التدفئة؟ يعني مثلًا: لو الإنسان قام إلى صلاة الفجر، وصار عليه غسل فاغتسل، هل نقول: لا يصلي ما دام ينتفض من البرد، فليتدفأ أولًا ثم يصلي؟
الجواب: نعم؛ لأن العلة واحدة، وهي ذهاب الخشوع.
[فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (1) / (428) — ابن عثيمين (ت (1421))].
33 – قال العراقي: وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَامُرُ مُنَادِيَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ أَنْ يَقُولَ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ».
فَلَمَّا كَانَ وُجُودُ الْبَرْدِ الشَّدِيدِ أَوْ الْمَطَرِ فِي السَّفَرِ مُرَخِّصًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَذَلِكَ وُجُودُ الْحَرِّ الشَّدِيدِ فِي السَّفَرِ مُقْتَضٍ لِلْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ. انتهى
تنبيه: الحديث المذكور نبه ابن حجر في التلخيص أنه في مسند الشافعي؛ فقال:
رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ،
عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَفْظُهُ: «كَانَ يَامُرُ مُنَادِيَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْمُمْطِرَةِ وَاللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ ذَاتِ الرِّيحِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ». انتهى وكذلك أخرجه الحميدي وعبدالرزاق.
34 – قال العراقي: فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي خَلْدَةَ، وَهُوَ خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: «كَانَ النَّبِيُّ ? إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلَاةِ» يَعْنِي الْجُمُعَةَ، وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي، وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُبَرِّدُ بِهَا. وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ.
وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الظُّهْرُ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَنْ وُجُودِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِبْرَادِ، وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ أَنَّهُ لَيْسَ النَّظَرُ لِمُجَرَّدِ شِدَّةِ الْحَرِّ بَلْ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، وَالْمَشَقَّةُ فِي الْجُمُعَةِ لَيْسَتْ فِي التَّعْجِيلِ بَلْ فِي التَّأْخِيرِ، فَإِنَّ النَّاسَ نُدِبُوا لِلتَّبْكِيرِ لَهَا، وَإِذَا حَضَرُوا كَانَتْ رَاحَتُهُمْ فِي إيقَاعِ الصَّلَاةِ لِيَنْصَرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَى مَنْزِلِهِ فَيَسْتَرِيحَ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ لَا فِي التَّأْخِيرِ، فَإِنَّهُمْ يَتَضَرَّرُونَ بِطُولِ الِاجْتِمَاعِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَانْعَكَسَ الْحُكْمُ، وَعَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَقْلِ الصَّحَابِيِّ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ ?، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فَهْمِ الرَّاوِي؛ وَلِهَذَا قَالَ يَعْنِي الْجُمُعَةَ، وَلَوْ كَانَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ أَنَسٍ لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ يَعْنِي وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصٌّ وَجَبَ مُرَاعَاةُ الْمَعْنَى وَمُلَاحَظَتُهُ، وَالْمَعْنَى مُقْتَضٍ لِلتَّعْجِيلِ كَمَا تَقَدَّمَ.
فَهَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الشَّافِعِيِّ فِي كَوْنِهِ لَيْسَتْ الْعِلَّةُ عِنْدَهُ فِي الْإِبْرَادِ شِدَّةَ الْحَرِّ بَلْ الْمَشَقَّةُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ؛ وَلِهَذَا شُرِطَ فِي الْإِبْرَادِ أَوْ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ كَوْنُ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ وَكَوْنُ الْمُصَلِّينَ يَقْصِدُونَهَا مِنْ بُعْدٍ وَلَا يَجِدُونَ كِنًّا يَمْشُونَ تَحْتَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[طرح التثريب في شرح التقريب (2) / (150) – (156)].
35 – قوله في حديث أبي سعيد: (حدثنا عمر بن حفص قال حدثنا أبي) تابع حفصا محمد بن عبيد كما عند الإمام أحمد في مسنده 11490 وأبي يعلى في مسنده 1309 تابعه يحيى بن سعيد كما عند الإمام أحمد 11497 تابعه وكيع بن الجراح كما عند البيهقي في السنن الكبرى 2085 تابعه سفيان -هو الثوري- كما عند البخاري 3259 والإمام أحمد في مسنده 11496و,11573 تابعه أبو معاوية كما عند ابن ماجه 679 تابعه جرير كما عند السراج في حديثه 1544و1545 تابعه عبيدة كما عند السراج في حديثه 1548.
36 – قوله: (حدثنا الأعمش) تابعه سهيل بن أبي صالح كما عند الإمام أحمد في مسنده 11062.
37 – قوله: (تابعه سفيان ويحيى وأبو عوانة عن الأعمش). أما متابعة سفيان وهو الثوري فقد وصلها البخاري 3259 والإمام أحمد في مسنده 11496و 11573، وأما متابعة يحيى وهو ابن سعيد القطان فقد وصلها الإمام أحمد 11497.