530 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
مسند عامر بن شهر رضي الله عنه
530 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 428): حدثنا أبو النضر حدثنا أبو سعيد يعني المؤدب محمد بن مسلم بن أبي الوضاح حدثنا إسماعيل بن أبي خالد والمجالد بن سعيد عن عامر الشعبي عن عامر بن شهر قال: سمعت كلمتين من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلمة ومن النجاشي أخرى سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول «انظروا قريشًا فخذوا من قولهم وذروا فعلهم» وكنت عند النجاشي جالسًا فجاء ابنه من الكتاب فقرأ آية من الإنجيل فعرفتها أو فهمتها فضحكت فقال مم تضحك أمن كتاب الله تعالى فوالله إن مما أنزل الله تعالى على عيسى ابن مريم أن اللعنة تكون في الأرض إذا كان أمراؤها الصبيان.
هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم.
قال محققو المسند 15536:
إسناده صحيح على شرط مسلم من جهة إسماعيل بن أبي خالد، غير أن صحابيه لم يخرج له سوى أبي داود، ومجالد بن سعيد -وإن كان ضعيفاً- قد توبع. أبو النَّضْر: هو هاشم بن القاسم.
وأخرجه ابن حبان (4585) من طريق عبيد الله بن عمرو، وأبو نعيم مختصراً في “أخبار أصبهان” 1/ 140 من طريق محمد بن عبيد، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 231، ومختصراً ابن أبي عاصم في “السنة” (1543)، والطحاوي في “شرح مشكل الآثار” (3131) من طريق محمد بن بشر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن مجالد، به.
وأخرجه أبو يعلى (6864)، وابن الأثير في “أسد الغابة” 3/ 126، ومختصراً أبو داود (4736)، وابن عدي في “الكامل” 13/ 1038 من طرق عن مجالد، به.
وسيأتي مختصراً 4/ 260.
قال السندي: قوله: “انظروا قريشاً”، أي: ملوكهم، وكان غالبهم صغاراً، فلذلك جمع عامر هذه الكلمة مع كلمة النجاشي.
قوله: “من قولهم”، أي: بعضه الموافق للدِّين.
قوله: “فعلهم”، أي: كله، ففيه أن الغالب في فعلهم المخالفة.
[مسند أحمد 24/ 296 ط الرسالة]
محمد بن مسلم بن أبي الوضاح قال البخاري : فيه نظر ، ووثقه بقية الأئمة .
وذكر الدارقطني الحديث في الإلزامات الحديث الثالث عشر .
ورد الحديث عن صحابي آخر اسمه معمر ، لكن أبوحاتم صوب أن صحابي الحديث هو عامر بن شهر
المرفوع منه أورده الألباني في الصحيحة:
1577 – ( صحيح )
[ انظروا قريشا فخذوا من ( وفي رواية : فاسمعوا ) قولهم وذروا فعلهم ] . ( صحيح )
يشهد لخطر تأمر الصبيان ما سبق في الصحيح المسند :
١٠٩ – قال الإمام أبو عبد الله بن ماجه (ج ٢ ص ١٣٣١): حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْخُزَاعِيُّ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بْنُ غَيْلَانَ الرُّعَيْنِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى نَتْرُكُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ قَالَ «إِذَا ظَهَرَ فِيكُمْ مَا ظَهَرَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ» قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا ظَهَرَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَنَا قَالَ «الْمُلْكُ فِي صِغَارِكُمْ وَالْفَاحِشَةُ فِي كِبَارِكُمْ وَالْعِلْمُ فِي رُذَالَتِكُمْ».
قَالَ زَيْدٌ: تَفْسِيرُ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «وَالْعِلْمُ فِي رُذَالَتِكُمْ» إِذَا كَانَ الْعِلْمُ فِي الْفُسَّاقِ.
هذا حديث حسنٌ.
وأخرجه أحمد (ج ٣ ص ١٨٧) وفي السند عند أحمد سقط الهيثم بن حميد، وفيه تصحيف أبو مُعَيد إلى أبي سعيد.
ويشهد لنبل رأي القرشيين ما سبق في الصحيح المسند :
٢٥٩ – قال الإمام أحمد (ج ٤ ص ٨١): حدثنا يزيد بن هارون قال أنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن عبد الرحمن بن الأزهر عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «إن للقرشي مثلي قوة الرجل من غير قريش». فقيل للزهري ما يعني بذلك قال نبل الرأي.
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح. وعبد الرحمن بن أزهر صحابي [ص: ٢٠٦] شهد حنينًا، كما في «الإصابة».
الحديث أخرجه البزار كما في «كشف الأستار» (ج ٣ ص ٢٩٦).
بوب عليه مقبل في الجامع:
16 – الملك في الصغار
بوب عليه الأعظمي:
50 – كتاب فضائل القبائل
1 – باب ما جاء في فضائل قريش
[الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل المرتب على أبواب الفقه 9/ 320]
قال ابن الأثير:
4082 – عُمَير ذُو مَرَّان
(ب د ع) عُمَير ذُو مَرَّان القَيْل بن أَفلح بن شَرَاحِيل بن رَبيعة – وهو ناعط – بن مرثد الهمداني.
كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو جد مجالد بن سعيد الهمداني.
قال عبد الغني بن سعيد: عمير ذو مران، وهو من الصحابة. روى مجالد بن سعيد ابن عمير ذي مران، عن أَبيه، عن جده عمير قال: جاءَنا كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من محمد رسول اللَّه إِلى عُمَير ذي مَرَّان ومَنْ أَسلم مِن هَمْدان، سلام عليكم، فإِني أَحمد إِليكم اللَّه الذي لا إِله إِلا هو، أَما بعد، فإِننا بلغنا إِسلامكم مَقْدَمنا من أَرض الروم، فأَبشروا فإِن اللَّه تعالى قد هداكم بهدايته، وإِنكم إِذا شهدتم أن لا إله إلا اللَّه وأن محمداً رسول اللَّه، وأَقمتم الصلاة وانطيتم الزكاة فإِن لكم ذمةَ اللَّه وذمةَ رسوله، على دمائكم وأَموالكم، وعلى أَرض القوم الذين أَسلمتم عليها، سهلها وجبالها، غير مظلومين ولا مضيَّق عليهم، وإِن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأَهل بيته، وإِن مالك بن مرارة الرَّهاوي قد حفظ الغيب، وأَدى الأَمانة، وبلغ الرسالة، فآمرك به خيراً فإِنه منظور إِليه في قومه».
أخرجه الثلاثة.
[أسد الغابة في معرفة الصحابة 4/ 297]
الحديث له قصة ذكرها أبو يعلى في مسنده فقال:
حديث عامر بن شهر (*)
6864 – حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعيدٍ الجوهري، حدّثنا أبو أسامة، عن مجالدٍ، عن عامرٍ الشعبي، عن عامر بن شهرٍ، قال: كانت همدان قد تحصنت في جبلٍ، يقال له الحقل، من الحبش، قد منعهم الله به حتى جاءت همدان أهل فارس، فلم يزالوا محاربين حتى هم القوم الحرب، وطال عليهم الأمر، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت لى همدان: يا عامر بن شهرٍ، إنك قد كنت نديمًا للملوك مذ كنت، فهل أنت آتٍ هذا الرجل، ومرتادٌ لنا؟ فإن رضيت لنا شيئًا فعلناه، وإن كرهت شيئًا كرهناه؛ قلتُ: نعم، حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فجلست عنده فجاء رهط، فقالوا: يا رسول الله، أوصنا، قال: “أُوصِيكُمْ بتَقْوَى الله، وَأَنْ تَسْمَعُوا مِنْ قَوْلِ قُرَيْشٍ وَتَدَعُوا فِعْلَهُمْ”، قال: فاجتزأت بذلك، واللَّه، من مسألته، ورضيت أمره، ثم بدا لى أن أرجع إلى قومى حتى أمر بالنجاشي، وكان لي صديقًا، فمررت به، فبينا أنا عنده جالسٌ إذ مر ابنٌ له صغيرٌ، فاستقرأه لوحًا معه، فقرأه الغلام، فضحكت، فقال النجاشي: مم ضحكت؟ فواللَّه لهكذا أنزلت على لسان عيسى ابن مريم: إن اللعنة تنزل في الأرض إذا كان أمراؤها صبيانًا، قلت: مما قرأ هذا الغلام. قال: فرجعت وقد سمعت هذا من النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من النجاشي، وأسلم قومي، ونزلوا إلى السهل، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب إلى عمير ذى مران، قال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن مرارة الرهاوي إلى اليمن جميعًا، فأسلم على ذى خيوان، قال: فقيل لعك: انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ منه الأمان على قومك ومالك، قال: وكانت له قرية فيها رقيقٌ ومالٌ، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن مالك بن مرارة الرهاوي قدم علينا يدعونا إلى الإسلام فأسلمنا، ولى أرضٌ فيها رقيقُ ومالٌ، فاكتب لى كتابًا، فكتب له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: “بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، مِنْ مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ لَعَكِّ ذِى خَيْوَانَ، إِنْ كَانَ صَادقًا فِي أَرْضِهِ وَرَقِيقِهِ وَمَالِهِ، فَلَهُ الأَمَانُ وَذِمَّةً اللَّهِ وَذِمَّةُ مَحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم”، وكتب خالد بن سعيدٍ.
[مسند أبي يعلى – ت السناري 9/ 281]
وضعفه الألباني كما في ضعيف سنن أبي داود
٢٧- باب ما جاء في حكم أرض اليمن
٥٣٠- عن مُجالد عن الشعبي عن عامر بن شهْر قال:
خرج رسول الله ﷺ، فقالت لي همْدان: هل أنت آت هذا الرجل،
ومرتادٌ لنا، فإن رضيت لنا شيئًا؛ قبلناه، وإن كرِهت شيئًا؛ كرهناه؟ …..
(قلت: إسناده ضعيف؛ مجالد- وهو: ابن سعيد- فيه ضعف. وبه أعله
المنذري) .
إسناده: حدثنا هناد بن السري عن أبي أسامة عن مجالد …
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مجالد- هو: ابن سعيد-، قال الذهبي:
«فيه لين». وقال الحافظ:
«ليس بالقوي، وقد تغير في اخر عمره».
وبه أعله المنذري؛ فقال: «فيه مقال».
والحديث أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (٤/١٦٤٠): حدثنا إبراهيم بن سعيد
الجوهري: ثنا أبو أسامة … به أتم منه. ويأتي بعضه في «السنة» في «الصحيح».
ضعيف أبي داود – الأم ٢/٤٣٨ — ناصر الدين الألباني
قال الطحاوي:
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: ” انْظُرُوا إلَى قُرَيْشٍ، فَاسْمَعُوا مِنْ قَوْلِهِمْ، وَذَرُوا فِعْلَهُمْ ”
3131 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحْرِزٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ” انْظُرُوا إلَى قُرَيْشٍ فَاسْمَعُوا مِنْ قَوْلِهِمْ، وَذَرُوا فِعْلَهُمْ “. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَكَانَ مَعْنَاهُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّ الْمُرَادِينَ مِنْ قُرَيْشٍ الْمَأْمُورَ بِالِاسْتِمَاعِ مِنْ قَوْلِهِمْ هُمْ ذَوُو الْقَوْلِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُسْتَمَعَ لَا مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْقَوْلِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُسْتَمَعَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ” وَذَرُوا فِعْلَهُمْ ” هُوَ أَيْضًا عَلَى مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ ذَوِي الْفِعْلِ الْمَذْمُومِ، لَا مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ ذَوِي الْفِعْلِ الْمَحْمُودِ ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.اهـ
[شرح مشكل الآثار 8/ 156]
ويشهد لمعنى قوة رأي قريش حديث ( أن للقرشي مثلي ما لغيره من القوة ) قال الراوي : يعني من أجل رجاحة الرأي .
ويؤيد خطر إمرة الصبيان الذين يتنافسون على الدنيا حديث أبي هريرة رضي الله عنه : أعوذ بالله أن تدركني سنة الستين …. الحديث
قال السخاوي:
الباب الثّاني
في شروط الولاة والحكم، ومَنْ يَصْلُح للولاية
وهي تنقسم إلى قسمين:
شروط عامة: في كل أحدٍ منهم مشترطة معتبرة لجميعهم، وكل أحد منهم من الخليفة، والسلطان، والقاضي، والنائب، والأمير، وكل أحد منهم، وهي أشياء:
الأول منها: العقل، فلا تصح ولايةُ مجنون مطلقاً، وهو مَنْ لا عقلَ له؛ لأن الحكم، والقيامَ بالأمور يحتاج إلى عقل، والعاقلُ هو من عرفَ خالقَه ونفسَه، وميَّز بين المخلوقات، فعرف السماء من الأرض، والبغلَ من الحمار، والرجلَ من المرأة، وعرف ما يضرُّ وما ينفع، والممكنَ والممتنعَ والضروري، ومن لم يعرف ذلك، فهو مجنون لا يجري عليه حكمُ التكليف، ولا تجوز ولايته، وإن عرف البعضَ دونَ بعض، فناقصٌ، ولا تجوز ولايته، وإن كان في وقت دون وقت، أو يُصْرَع في بعض الأحيان، فاختلف في جواز ولايته، والمختار الذي [عليه] الأكثر: لا تجوز ولايته.
الثاشي: الإسلام: إن كانت الولاية على مسلمين، أو على مَنْ فيهم من المسلمين؛ لقول الله عز وجل: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141]، وقوله عليه السلام: “الإسْلَامُ يَعْلُو، ولا يُعْلَى” (1)، ولأمره عليه السلام بالسمع والطاعة، “إلا أن تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً، عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فيهِ بُرْهانٌ” (2)، وهو مشترَط في كل والٍ.
فأما إن كان بلدَ كفار لا مسلمَ فيه، فهل يجوز أن يولّى عليهم كافرٌ، أو يجعل عريفاً عليهم؟ هذا أمر مختلف فيه.
الثالث: الذكورية، وهو أمر مشترَطٌ في السلطان والقاضي، وكلِّ أحدٍ من الولاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يُفْلِحُ قُوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً” (3)، والمرأة ناقصة عقل ودين، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم (4).
الرابع: البلوغ؛ لأن الصغير لا يقوم به أمر، وهو مشترَطٌ في السلطان والقاضي، وكلِّ أحدٍ من الولاة، لأن الصغير لا يقدر على القتال، وعقلُه ناقص، وليس بمكلَّف، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه عُرِضَ عليه [عبدُ الله بنُ عمرَ] ليكون من جملة العسكر والجيش، فلم يُجِزْه (1)، وقد تَعَوَّذَ من إِمْرَة الصبيان (2)، وذلك يدلُّ على عدم جوازها، وسواء كان مُميِّزاً، أو دون التمييز، وسواء كان مراهقاً، أو دون ذلك؛ لهذا الحديث.
فأما مَنْ هو دونَ التمييز، فلا خلاف فيه، وأما المميز والمراهق، فاختلف فيه، وجمهور أهل العلم على المنع، وأنه لا تصحُّ له ولاية.
الشرط الخامس: الحرية في الإمام والقاضي، وقد اختلف فيها:
فقال جمهور أهل العلم إنها شرط، لأن العبد على يده يدٌ، وربما احتاج إلى سفر ونحوه، فمنعه سيدُه، وهو مشتغل بخدمة سيدِه وحقوقه، فلا يقدر على التفرغ لأمور المسلمين وأحكامهم.
وعند الحنفية: لا تشترط الحرية، واحتجوا لذلك بالحديث: “وَإِنْ تأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ” (1)، وفي حديث: “اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَلَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ” (2).
والجوابُ عن ذلك: أنه جعله من باب المبالغة.
الشرط السادس: أن يكون بصيراً، فلا تجوز ولايةُ أعمى عند جمهور أهل العلم، لأن الحاكم يحتاج إلى النظر في جميع أموره، فإن طرأ عليه العمى بعد ولايته، هل ينعزل بذلك؟
ذكر القاضي أبو يعلى من أئمة أصحابنا: أنه ينعزل بذلك.
قال في “الأحكام السلطانية”: فأما ذهابُ البصر، فيمنعُ من عقدها واستدامَتِها، لأنه يُبطل القضاء، ويمنع من جواز الشهادة، فأولى أن يمنع من صحة الإمامة (3).
الشرط السابع: السمع، فلا تصح ولاية الأطرش الذي لا يسمع شيئا عند جمهور العلماء؛ لأنه يحتاج إلى السمع والبصر؛ ليسمع كلام الخصوم، وغيرها.
الشرط الثامن: الكلام، فلا تصح ولاية أخرسَ لا ينطِق.
الشرط التاسع: المشي، فلا تصح ولاية مَنْ لا يقدر على المشي عند جمهور العلماء، سواء كان ذلك لزَمَانة، أو ذهابهما.
الشرط العاشر: وجود اليدين، فلا تصح ولاية مَنْ لا يدينِ له، سواء كان ذلك خِلقةً، أو بقطعٍ عند جمهور العلماء.اهـ
[إيضاح طرق الاستقامة في بيان أحكام الولاية والإمامة ص41]
الحكمة من عدم تمكين الصغار من الملك
الحكمة من عدم تمكين الصغار من الملك تكمن في عدة جوانب أساسية، ترتبط بشكل مباشر بقدرة الملك على إدارة شؤون الدولة وتحقيق مصالحها. يمكن تلخيص هذه الحكمة في النقاط التالية:
- نقص الخبرة والحكمة: يحتاج الملك إلى خبرة واسعة وحكمة راجحة لاتخاذ القرارات الصعبة والمعقدة التي تتعلق بمصير الدولة وشعبها. الصغار بطبيعتهم يفتقرون إلى هذه الخبرة والتجربة الحياتية اللازمة لفهم الأمور بعمق وتقدير عواقب القرارات.
- عدم النضج العقلي والعاطفي: إدارة مملكة تتطلب قدرًا كبيرًا من النضج العقلي والعاطفي للتعامل مع الضغوط والمسؤوليات الجسام، والتحكم في الانفعالات، وإعطاء الأولوية لمصلحة الدولة على المصالح الشخصية. الصغار غالبًا ما يكونون أقل قدرة على ذلك.
- سهولة التأثير والتلاعب: يمكن استغلال صغر سن الملك وقلة خبرته من قبل المستشارين أو أصحاب النفوذ لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة الدولة. هذا قد يؤدي إلى ضعف الحكم وانتشار الفساد والفوضى.
- الحاجة إلى القوة والسلطة: الملك يجب أن يتمتع بسلطة ونفوذ قويين لفرض القانون والحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد. الصغار قد لا يتمتعون بالهيبة اللازمة لفرض سلطتهم على كبار المسؤولين وقادة الجيش.
- استمرار شؤون الدولة: إدارة الدولة تتطلب متابعة مستمرة ودؤوبة للشؤون المختلفة. الصغار قد لا يكونون قادرين على تحمل هذه المسؤولية بشكل كامل ومستمر.
في التاريخ الإسلامي:
تاريخيًا، لم يكن يتم تمكين الصغار من الملك بشكل مباشر، بل كانت هناك آليات مختلفة لضمان استمرار الحكم الرشيد في حال وفاة الملك وخلافة ابنه الصغير. من هذه الآليات:
- الوصاية على العرش: يتم تعيين وصي أو مجلس وصاية يتولى إدارة شؤون الدولة نيابة عن الملك الصغير حتى يبلغ سن الرشد ويكون قادرًا على تولي مسؤولياته بنفسه.
- اختيار الخلف: في بعض الحالات، كان يتم تجاوز الابن الصغير واختيار شخص آخر من العائلة المالكة أو من ذوي الكفاءة لتولي الملك، حرصًا على مصلحة الدولة.
أمثلة تاريخية:
هناك العديد من الأمثلة التاريخية التي توضح مخاطر حكم الصغار أو الآليات التي تم اتباعها لتجنب هذه المخاطر. على سبيل المثال، في مصر القديمة، تولى توت عنخ آمون الحكم وهو في سن التاسعة، وكان هناك وصي على العرش يدير البلاد في بداية حكمه. وفي التاريخ الأوروبي، شهدت العديد من الممالك فترات وصاية على العرش بسبب صغر سن الملك.
بشكل عام، فإن الحكمة من عدم تمكين الصغار من الملك تنبع من الحرص على استقرار الدولة وازدهارها وضمان حكم رشيد قادر على تلبية مصالح الشعب. اهـ