53 جامع الأجوبة الفقهية ص103،104
بإشراف سعيد الجابري وناصر الكعبي وسيف بن دورة الكعبي.
جمع وتأليف مجموعة ناصر الكعبي وناصر الريسي
مسألة : حكم تخليل الخمر؟
مسألة : إذا تخللت الخمر بنفسها؟
مسألة: إذا خلل الإنسان الخمر، فهل تصبح الخمر حلالا؟
—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-
♢-حكم تخليل الخمر؟
[الخل معروف، والجمع خلول، سمي بذلك؛ لأنه اختل منه طعم الحلاوة، يقال: اختل الشيء: إذا تغير واضطرب (المصباح المنير)].
مسألة: إذا تخللت الخمر بنفسها، فهل تصبح الخمر حلالا؟
قد اتفق الفقهاء على أن الخمر إذا تخللت بغير علاج، بأن تغيرت من المرارة إلى الحموضة وزالت أوصافها، فإن ذلك الخل حلال طاهر، لقوله صلى الله عليه وسلم: “نعم الأدم أو الإدام الخل.
رواه مسلم من حديث عائشة،
ولأن علة التحريم والنجاسة الإسكار، وقد زالت، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا تخللت الخمر بنفسها بغير قصد التخليل، فإن هذا الخلَّ يحلُّ بلا خلاف بين الفقهاء.
انظر الموسوعة الفقهية الكويتية (5/27).
قال محمد بن رشد: لا اختلاف بين أهل العلم في أن الخمر إذا تخللت من ذاتها تحل وتطهر.
انظر البيان والتحصيل(18/619).
♢-قال شيخ الإسلام : اتفقوا على أن الخمر إذا انقلبت بفعل الله بدون قصد صاحبها وصارت خلا أنها تطهر.
(انظر مجموع الفتاوى (21/475).
♢-قال محمد بن علي بن عمر التَّمِيمي المازري المالكي:
فأما القسم الأول، وهو مصيرها خلًّا من غير علاج من إلقاء، فإنها تطهير ويحل بيعها، والتأدُّم بها، وتكون كسائر الخلول التي تصير خمرًا. وهذا مما حكى فيه بعض الأئمة إجماع الأمة على ذلك.
انظر شرح التلقين(3/359).
♢-وقال النووي: وأجمعوا أنها إذا انقلبت بنفسها خلا طهرت وقد حكي عن سحنون المالكي أنها لاتطهر فإن صح عنه فهو محجوج بإجماع من قبله والله أعلم
انظر شرح النووي على مسلم (13/152).
– قلت سيف : قال ابن قدامة فأما إذا انقلبت بنفسها، فإنها تطهر وتحل في قول جميعهم…
♢-مسألة : إذا تخللت الخمر بفعل إنسان ، فهل تصبح الخمر حلالا؟
تخليل الخمر بفعل الإنسان ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول:
بوضع شيء فيها: كالخل والبصل والملح، أو إيقاد نار عندها.
القسم الثاني:
بنقلها من الظل إلى الشمس، أو بالعكس أو من مكان إلى آخر وتغيير التهوية.
أما القسم الأول:
♢-فاختلف أهل العلم في حكمها على قولين :
♢-القول الأول: عدم الجواز.
والقائلون به عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو مذهب الشافعية والحنابلة ورواية عن الإمام مالك رحمه الله.
وأدلتهم:
1- أن التخليل يعتبر اقترابًا من الخمر على وجه التمول، وهو مخالف للأمر بالاجتناب في قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة المائدة: 90.
2 – حديث أنس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر تُتَّخذ خلاًّ، فقال: «لا» أخرجه مسلم (1983).
وفي لفظ: أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرًا؟ قال: «أهرقها» قال: أفلا نجعلها خلاًّ؟ قال: «لا» أخرجه أبو داود (3675)، وأحمد (3/ 119).
وجه الاستدلال: قالوا: إن هذا النهي يقتضي التحريم، ولو كان إلى استصلاحها سبيل لم تجز إراقتها، ولكان أرشدهم إليه، خصوصًا وأنها لأيتام يحرم التفريط في أموالهم.
3 – عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما علمت أن الله حرمها؟» فقال: لا. فساره رجل إلى جنبه، فقال: «بمَ ساررتَه؟». فقال: أمرته أن يبيعها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الذي حرم شربها حرَّم بيعها» ففتح الرجل المزادتين حتى ذهب ما فيهما». أخرجه مسلم (1579).
4 – عن عمر رضي الله عنه أنه صعد المنبر فقال: «لا تأكل خلاًّ من خمرٍ أُفسدت، حتى يبدأ الله تعالى إفسادها، وذلك حين طاب الخل، ولا بأس على امرئ أصاب خلاًّ من أهل الكتاب أن يبتاعه ما لم يعلم أنهم تعمدوا إفسادها» أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (ص: 104).
قالوا: وهذا قول يشتهر بين الناس، لأنه إعلان للحكم بين الناس على المنبر، فلم ينكره أحد= وهذا إجماع من الصحابة رضي الله عنهم.
المرجع : القوانين الفقهية (34)، والمغنى» (9/ 145)،و نيل الأوطار»(8/ 214).
قلت سيف تنبيه: أثر عمر، أعله أبوحاتم وأبوزرعة، بأنه من قول الزهري.( العلل 1566،1133)
وقال البيهقي في معنى( أفسدت) : عولجت .( السنن الكبرى 6/37)
وقد ذكر ابن عبدالبر أثر عمر ثم ذكر قول الزهري : لا خير في خل من خمر أفسدت حتى يكون الله عزوجل يفسدها.
القول الثاني: الجواز.
وهو مذهب الأحناف والراجح عند المالكية، وهو قول ابن حزم والأوزاعي والليث والثوري رحمهم الله.
♢-أدلتهم في هذا ما يلي:
1- قالوا: إنه إصلاح، والإصلاح مباح، قياساً على دبغ الجلد، فإن الدباغ يطهره، كما ثبت في السنة: أيما إهاب دبغ، فقد طهر. [أخرجه النسائي والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن ابن عباس].
ويناقش: بما استدل به أصحاب القول الأول؛ بأنه لو كان إلى استصلاحها سبيل لم تجز إراقتها، ولكان أرشدهم إليه خصوصًا وأنها لأيتام يحرم التفريط في أموالهم.
2 – ما يُروى مرفوعًا -في جلد الشاة الميتة-: إن دباغها يحله كما يحل خل الخمر» ضعيف: أخرجه الدارقطني (4/ 266) .
ويناقش بأن الحديث لا يصح فقد قال الدارقطني: تفرد به فرج بن فضالة، وهو ضعيف، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري أحاديث لا يتابع عليها، انتهى انظر نصب الراية (4/311)، فإذا لم يصح الدليل سقطت حجته.
3 – ما يُروى مرفوعًا: خير خلِّكم، خلُّ خمركم» أخرجه البيهقي في «المعرفة».
ويناقش بأنه حديث منكر؛ ﻓﻲ ﺳﻨﺪﻩ اﻟﻤﻐﻴﺮﺓ ﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ ﻭﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻨﺎﻛﻴﺮ، ﻭاﻟﺮاﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﻗﺘﻴﺒﺔ؛ ﻗﺎﻝ اﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ: ﻣﺘﺮﻭك.
ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﺠﻮﺯﻱ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ عن هذا الحديث: ﻻ ﺃﺻﻞ ﻟﻪ. وكذلك ابن عبد الهادي مقرا له..
4 – لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «نعم الإدام الخل. فلم يفرق بين ما تخلل بنفسه والتخليل بالمعالجة.
ويناقش: بأن حديث أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرًا؟ قال: أهرقها قال: أفلا نجعلها خلاًّ؟ قال: «لا». يعارضه؛ فحمل حديث عائشة “نعم الإدام الخل، على الخمر التي تخللت بنفسها وحديث أبا طلحة للخمر التي تدخل الإنسان بمعالجتها لتصبح خلاً بقرينة قوله (نجعلها خلاً؟). أوفق.
5 – قالوا: لأن التخليل يزيل الوصف المفسد، ويجعل في الخمر صفة الصلاح، والإصلاح مباح، لأنه يشبه إراقة الخمر.
ويجاب عن ذلك بأنه استدلال في مقابلة النص ولا اجتهاد مع النص، والنص هو حديث أنس المتقدم الذي رواه مسلم “سئل عن الخمر اتخذ خلا؟ فقال : “لا”. والقاعدة: أنه لا اجتهاد مع النص. فإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل.
الراجح:
الذي يظهر -والعلم عند الله- أن أدلة القول الأول أقوى مع سلامتها من المناقشة؛ فيترجح قولهم بتحريم تخليل الخمر.
♢-قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: واتفقوا على أن الخمر إذا انقلبت بفعل الله بدون قصد صاحبها وصارت خلاً أنها تطهر ، ولهم فيها إذا قصد التخليل نزاع وتفصيل، والصحيح أنه إذا قصد تخليلها لاتطهر بحال كما ثبت ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما صح من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تخليلها ولأن حبسها معصية ، والطهارة نعمة ، والمعصية لا تكون سبباً للنعمة”اهـ . مجموع الفتاوى(21/481).
قلت سيف : وراجع لابن تيمية كلام بهذا المعنى أيضا في قاعدة التطهير للمياه وعدم الفرق بين المياه والمائع 6/202 حيث قال : إذا عرف أصل هذه المسألة فالحكم إذا ثبت لعلة زال بزوالها كالخمر لما كان الموجب لتحريمها ونجاستها هي الشدة فإذا زالت بفعل الله تعالى طهرت بخلاف ما إذا زالت بقصد آدمي على الصحيح ثم ذكر أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وراجع المبسوط للسرخسي 17-160
وقال الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة3/198: ولذلك كان القول الصحيح في تخليل الخمر: إنه لا يجوز بحال من الأحوال.
أما القسم الثاني: إذا تخللت بنقلها من شمس إلى ظل وعكسه تحل عند جمهور الفقهاء: (الحنفية والمالكية وهو الأصح عند الشافعية) وبه قال الحنابلة إذا كان النقل لغير قصد التخليل.
نظر الموسوعة الفقهية الكويتية (11/55).
مسألة: إمساك الخمر لتخليلها:
اختلف أهل العلم في جواز إمساك الخمر بقصد تخليلها؟
فذهب الحنفية والشافعية إلى جوازه، وهذا الخل عندهم حلال طاهر.
وذهب الحنابلة إلى تحريم إمساك الخمر بقصد تخليلها، لكن يحل عندهم للخلال إمساك الخمر ليتخلل، لئلا يضيع ماله.
[بدائع الصنائع(6 / 2937)، وحاشية الدسوقي (1/52)، ومغني المحتاج (1/ 81 – 82)، وكشاف القناع (1/ 187)].
♢-قلت ( ناصر الكعبي) أما المسألة الأم وهي: حكم تخليل الخمر؟
فهذا يرجع للخلاف السابق والتفصيل فيه = فمن أباح تخليلها مطلقا فهو جائز عنده كالحنفية، ومن فصل في نقلها وكيف كان تخليلها كالشافعية والمالكية والحنابلة فحكم ذلك على تفصيلهم. والله أعلم.
[يراجع: المحلى بالآثار لابن حزم (6/225-226)، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي (4/360)، والفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ لوهبة الزحيلي (4/181-182)، والفقه على المذاهب الأربعة لعبد الرحمن الجزيري (5/27)، وتنقيح التحقيق في أحاديث التعليق لابن عبد الهادي (1/139-141)].
—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-
♢-جواب سعيد الجابري :
قلت: سئل سفيان: أتكره أن أشتري عصيرا فأتخذه خلا؟
قال: إذا علمت أنه يصير خمرا، ثم يصير خلا، فإني أكرهه.
قال أحمد: أكرهه لا ينبغي لمسلم أن يكون في بيته خمر.
وتحريم الخمر ثابت بالكتاب، والسنة، والإجماع، ولأن كل ما أوصل إلى الحرام، فهو حرام، فإنه إذا كان العصير لا يتخلل حتى يصير خمرا، وجب على المسلم عدم اقتنائه،،
وقال الشافعي: أن الخمر إذا صارت خلا بفعل آدمي لم تؤكل وإن كانت بغير فعل آدمي أكل.
واختلف قول مالك فى ذلك أيضا، فروى عنه ابن وهب وابن القاسم: أنه لا يحل لمسلم أن يخلل الخمر، ولكن يهريقها، فإن صارت خلا بغير علاج فهى حلال.
وروى ابن القاسم عن مالك أنه إن خللها جاز أكلها وبيعها، وبئس ما صنع.
—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-
♢-جواب سيف بن دورة الكعبي :
ورد في مسند أحمد 3/119 وسنن أبي داود 3675 عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا؟ قال( اهرقها ) قال :أفلا نجعلها خلا؟ قال : لا. وهو صحيح وسبق ذكره.
فالصحيح أنه لا يجوز تخليل الخمر بإضافة شئ لها، وكذلك لا يجوز تخليلها بنقلها من الظل إلى الشمس أو العكس.
أما إذا انقلبت بنفسها فنقل النووي الإجماع على أنها تطهر. وسبق
ورجح ابن عثيمين أنه لو خللها مسلم أنها لا تحل، أما لو خللها غيرهم حلَّت لنا.
وسبقت بقيت مشاركاتي في أجوبة الأصحاب