53 الفوائد المنتقاه من شرح صحيح مسلم –
رقم 53
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
(ألقاه الأخ: سيف الكعبي)
بالتعاون مع الأخوة في مجموعات السلام والمدارسة والتخريج رقم 1
من عنده تعقيب أو تنبيه فليفدنا
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها
(98) – ((2219)) عن ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أَهْلُ الْأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ عُمَرُ: ادْعُ لِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ فَدَعَوْتُهُمْ، فَاسْتَشَارَهُمْ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ، فَاخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ وَلَا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ ادْعُ لِي الْأَنْصَارِ فَدَعَوْتُهُمْ لَهُ، فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ، وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلَافِهِمْ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ رَجُلَانِ، فَقَالُوا: نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلَا تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ: إِنِّي مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرٍ، فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ: أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ – وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ خِلَافَهُ – نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ إِلَى قَدَرِ اللهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَتْ لَكَ إِبِلٌ فَهَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهُمَا خَصْبَةٌ وَالْأُخْرَى جَدْبَةٌ أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللهِ، وَإِنْ
رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللهِ، قَالَ: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ، فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» قَالَ: فَحَمِدَ اللهَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ انْصَرَفَ.
وقال في لفظ آخر: أرأيت لو رعى الجدبة وترك الخصيبة أكنت معجزة؟ قال: نعم. قال: فسر إذاً. قال: فسار حتى أتى المدينة فقال: هذا المحل، أو قال: هذا المنزل إن شاء الله.
– عن سالم بن عبدالله، أن عمر إنما انصرف بالناس عن حديث عبدالرحمن بن عوف.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
المفردات:
* سرغ: قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز.
* أهل الأجناد وفي رواية أمراء الأجناد: مدن الشام الخمس، وهي فلسطين والأردن ودمشق وحمص وقنسرين.
* المهاجرين الأولين: من صلى القبلتين.
* مسلمة الفتح: قيل هم الذين أسلموا قبل الفتح، وقيل: هم مسلمة الفتح، قال القاضي: وهذا أظهر (شرح النووي)
الفوائد:
– إذا علم ببلد فيه طاعون فلا يقدم عليه.
-تفسير حديث (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ … ) والمقصود الأمر باتباعهم في اقتدائهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس المقصود أن يكون الخلفاء الراشدون يسنون سنة غير سنته صلى الله عليه وسلم، بل هم يبحثون عن السنة كما فعل عمر بن الخطاب هنا، ولم يكن يقلد بعضهم بعضاً، ولا كان واحد منهم أو غيرهم يعتبر لنفسه سنه مستقله تكون حجة على الناس، بل ثبت أن بعض الصحابة كان يفتي بخلاف إجتهاداتهم، ومقصودهم جميعاً الوصول للحق.
قال ابن حزم: فمن كان متبعا للخلفاء الراشدين، فليتبعهم فيما أجمعوا عليه من اتباع سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيما نهو عنه من التكلف. انتهى باختصار من إحكام الأحكام.
وقال لي بعض الأفاضل: أن بعض أئمة اللغة، ذكر: أن الإفراد في قوله صلى الله عليه وسلم (عضوا عليها بالنواجذ) فلم يقل (عليهما)؛ مما يدل أن سنتهم تابعه لسنته صلى الله عليه وسلم.
– الطاعون من أنواع المصائب والمحن التي هي تكفير للمؤمن ورفع لدرجاته.
– منه الإيمان بالقضاء والقدر، وقد رد الله عزوجل على المشركين في قوله تعالى: (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركوا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون قل فلله الحجة البالغة، فلو شاء لهداكم أجمعين) الأنعام 149.
حيث ذكر السعدي في تفسيره عدة وجوه لبطلان حجتهم، منها: لو كانت حجتهم صحيحة لم تحل بهم العقوبة. والحجة لابد أن تكون مستندة إلى علم لا إلى الظنون – والحجة لله – والله أعطى كل مخلوق قدره وإراده يتمكن من فعل ما كلف به، وكل أحد غير مجبور وهذا أمر محسوس فكل أحد يفرق بين الحركة الإختيارية والحركة القسرية، وإن كان الجميع داخلا في مشيئة الله ومندرج تحت إرادته ثم هم لو أخذ مال أحدهم أو ضرب لم يرض بالإحتجاج بالقدر. انتهى باختصار
ومنه قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت … ).
وذكر اللالكائي: إجماع الصحابة على الإيمان بالقضاء والقدر، واستدل بنصوص.
– ذم الإختلاف واستحباب الإجتماع في الآراء.
– البحث عن النص أو الإجماع الموجب للإجتماع وعدم التفرق.
-طاعة الإمام إذا أمر بمباح، ومن باب أولى إذا أصاب الحق.
– لا يعارض هذا الحديث حديث (لا عدوى ولا طيرة … ) وسيأتي ذكر التوفيق بينهما في الباب التالي.
– اتفق العلماء على جواز الخروج من بلد الطاعون بشغل وغرض غير الفرار من الطاعون كما في بذل الماعون لابن حجر؛ نقله عن ابن عبدالبر.
وقال النووي: أما الخروج لعارض فلا بأس به (شرح مسلم)
– ضرب الأمثال للتفهيم.
– قال ابن القيم: نهيه صلى الله عليه وسلم عن الخروج منها بعد وقوعه (كمال التحرز) منه فإن في الدخول في الأرض التي هو بها تعريضًا للبلاء، وموافاة له في محل سلطانه بل تجنبه من باب الحمية التي أرشد الله إليها، وهي حمية عن الأمكنة والأهوية المؤذية. انتهى
قلت: ومنه قوله تعالى (بلدة طيبة ورب غفور) فكانت بلادهم حسنت الهواء كثيرة الثمار، ومنه حديث (اللهم صحح لنا المدينة) وكانت أرض موبوءة بالحمى.
وقال: وأما نهيه عن الخروج ففيه معنيان: حمل النفس على الثقة به سبحانه، وتقليل الحركة التي تضر بالمطعون، وهي حركة لا حاجة له فيها حيث لا يخلو من فضل ردئ كامن فيه تثيره الرياضة والحمام. انتهى من زاد المعاد
– الأمراض والأوبئة التي تشبه الطاعون في الانتشار تأخذ حكمه.
-الرجوع عن الأرض الموبوءة ليس من الطيرة المنهي عنها.
-ليس معنى أن الشام أرض مباركة، أن لا يقع فيها الطاعون.
وورد أن عمر رضي الله عنه كتب لأبي عبيدة (إنك نزلت بالناس أرض غميقه فارتفع بهم). والغميقة النازلة، القريبة من الماء لكن هذا الأثر ضعيف.
ومنه قوله تعالى (ومن دخله كان ءامنا) لكن هنا خبر بمعنى الأمر، ثم ليس فيه أنها لا تدخل الأوبئة إلى مكة، إنما ورد أن مكة والمدينة محفوظتين من الطاعون. ففي الصحيحين (على انقاب المدينة ملائكة فلا يدخلها المسيح ولا الطاعون)، أما مكة فذكر عمر بن شبة عن شريح عن فليح عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة على كل نقب ملك لا يدخلهما الدجال ولا الطاعون). قال ابن حجر: رجاله رجال الصحيح.
أما ما وقع في مكة سنة تسع وأربعين وسبعمائة فلعله وباء وليس طاعون (وراجع فتح الباري)
* إشكال:
كيف التوفيق بين عدم دخول الطاعون المدينة مع أن الميت به له أجر شهيد؟
قيل: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في أصحابه قلة عدد، فكان من الحكمة عدم فنائهم بالطاعون، فاستعملهم رب العزة لنشر الدين، والجهاد في سبيله.
– فيه الترجيح بأكثرية العدد وأكثرية التجربة، والأخذ بالأحوط.
– إرجاع المسائل الكبار لأهل الحل والعقد، وعدم الخوض فيها وتهويلها، ونشر الإشاعات فيها كما حصل في زمننا في عدة أوبئة منها؛ أنفلونزا الخنازير، وما شابه، ويخوض الناس، حتى أن بعضهم يشيع بتوقف الحج.
ومنه قوله تعالى (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم … ).
– من أسباب الخلاف عدم بلوغ النهي للمخالف حيث اختلف الصحابة حتى جاءهم النص.
– رواية الكبير عمن دونه في العلم والمنزلة إذا كان ثقة.
-قد يذهب عن العالم الحبر ما يوجد عند غيره.
– على المرء الانقياد للسنة إذا ثبتت عنده.
– حسن سياسة عمر بن الخطاب للرعية، وكثرة الفتوحات في عهده، وفيه حديث ( … حتى ضرب الناس بعطن)
– منزلة أبي عبيدة. وأن عمر بن الخطاب كان يكره خلافه. حتى كان عمر يريد أن يستخلفه لو كان حيا، لكنه مات في طاعون عمواس هذا.
– فضيلة عبدالرحمن بن عوف، حيث كان عنده علم لم يكن عند كثيرين.
– فيه سرعة ما كانوا عليه من الانقياد للعلم، والاستعمال له.
– لا يجوز الاحتيال في الفرار من الطاعون كأن يدعى تجارة أو حاجة، ومنه حديث (إنما الأعمال بالنيات).
– مشروعية اتخاذ الأمراء، وخروج الإمام بنفسه لتفقدهم ورفع المظالم، وإخافة الأعداء، وتفقد الثغور.
– تأديب الرعية.
– هذا من موافقات عمر بن الخطاب (بذل الماعون).
– الأعمار بيد الله، وأن الفرار من الشئ لا يلزم منه النجاه، وكم من أناس فروا من الموت فماتوا، ويستطيع الشخص الأخذ بالوقاية الطبية، ولو لم يخرج.
-فيه حمد الله على التوفيق للصواب.
– ضرب الأمثال، وقياس النظير بالنظير.
– فيه مشروعية المناظرة.
– الرجوع عند الإختلاف للنص، وأن النص يسمى علماً.
– تلقي الأمراء ووجوه الناس الإمام عند قدومه. وإعلامهم إياه بما حدث في بلادهم من خير وشر ووباء ورخص وغلاء وشدة ورخاء وغير ذلك.
-استحباب مشاورة أهل العلم والرأي في الأمور الحادثة، وتقديم أهل السابقة في ذلك.
-تنزيل الناس منازلهم، وتقديم أهل الفضل على غيرهم والابتداء بهم في المكارم.
– جواز الاجتهاد في الحروب ونحوها كما يجوز في الأحكام.
– قبول خبر الواحد.
– ابتداء العالم بما عنده من العلم قبل أن يسأله.