53 – فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
53 – قال الامام احمد رحمه الله {ج3ص135}:حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه و سلم تعجبه الرؤيا الحسنة فربما قال هل رأى أحد منكم رؤيا فإذا رأى الرجل رؤيا سأل عنه فان كان ليس به بأس كان أعجب لرؤياه إليه قال فجاءت امرأة فقالت يا رسول الله رأيت كأني دخلت الجنة فسمعت بها وجبة ارتجت لها الجنة فنظرت فإذا قد جيء بفلان بن فلان وفلان بن فلان حتى عدت أثنى عشر رجلا وقد بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية قبل ذلك قالت فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم قال فقيل اذهبوا بهم إلى نهر السدخ أو قال إلى نهر البيدج قال فغمسوا فيه فخرجوا منه وجوههم كالقمر ليلة البدر قال ثم أتوا بكراسي من ذهب فقعدوا عليها واتى بصحفة أو كلمة نحوها فيها بسرة فأكلوا منها فما يقلبونها لشق الا أكلوا من فاكهة ما أرادوا وأكلت معهم قال فجاء البشير من تلك السرية فقال يا رسول الله كان من أمرنا كذا وكذا وأصيب فلان وفلان حتى عد الاثنى عشر الذين عدتهم المرأة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم على بالمرأة فجاءت قال قصي على هذا رؤياك فقصت قال هو كما قالت لرسول الله صلى الله عليه و سلم.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم
وقد أخرج البخاري لسليمان بن المغيرة حديثا واحدا مقرونا كما في ” تهذيب التهذيب ” عن أبي مسعود الدمشقي .
الحديث أخرجه عبد بن حميد في المنتخب (3/136) فقال رحمه الله : حدثني هاشم بن القاسم به .
أخرجه أبو يعلى (6/44) فقال رحمه الله : حدثنا شيبان ثنا سليمان بن المغيرة به .
……………………………
قال محققو المسند ( 19/380 ) :
إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه الضياء في “المختارة” (1716) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى (3289) ، ومن طريقه ابن حبان (6054) ، والضياء (1715) ، والبيهقي في “دلائل النبوة” 7/26 من طريق شيبان بن فروخ، والبيهقي في “دلائل النبوة” 7/26 من طريق موسى بن إسماعيل، كلاهما عن سليمان بن المغيرة، به.
وأخرج النسائي في “الكبرى” (7622) أوله فقط من طريق أبي هشام، عن سليمان بن المغيرة، به.
قوله: “وجبة”، قال السندي: السقطة مع الهدة، وقيل: صوت السقوط.
“طلس” جمع أطلس، وهو الأسود والوسخ، ومنه رجال طلس، أي: مغبر الألوان.
“تشخب”، أي: تسيل.
“الصحفة” بفتح الصاد وسكون الحاء المهملتين، قال في النهاية إناء كالقصعة المبسوطة ونحوها وجمعها صحاف .
في القاموس ” البسر ” بالضم التمر قبل ارطابه والبسرة واحدتها وتضم السين اهـ
الشرح الاجمالي :
يخبر أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تعجبه الرؤيا الحسنة وهي الرؤيا الصادقة التي تكون من الله ، فكان يسأل أصحابه إذا رأوا رؤيا خصوصا بعد صلاة الفجر ليعبرها لهم وليعلمهم كيفية تعبيرها ، فإذا جاء رجل وقصها عليه سأل عن حاله فإذا علم أنه ليس به بأس أحبه لأجل رؤياه ، فجاءت امرأة وذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أنها رأت رؤيا فقالت أنها رأت كـأنها في الجنة فسمعت صوت سقوط شيء سبب ارتجاجا في أنحاء الجنة ، فنظرت الى مكان الصوت فرأت رجالا جيء بهم إلى الجنة وعدت اثني عشر رجلا كان النبي صلى الله عليه وسلم بعثهم في سرية قبل ذلك ، وهؤلاء الرجال جاءوا على هيئتهم التي كانوا عليها في الدنيا تسيل دماؤهم من أوداجهم ، ثم قيل لهم اذهبوا الى نهر البيدخ أو البيدج فغمسوا فيه ثم خرجوا منها وأصحبت وجوهم كالقمر ليلة البدر في الجمال والبهاء والنور ، ثم قدمت كراسي من ذهب فقعدوا عليها وقدمت لهم صحيفة عليها فاكهة حتى أكلوا وأكلت المرأة معهم ، ولما جاء الذي يبشر النبي صلى الله عليه وسلم بشأن خبر السرية التي بعثها وحكى له ما حدث وأنه قتل فلان وفلان حتى عد الرجال الاثني عشر الذين عدتهم المرأة وحفظت صورهم ، فاستدعى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة ، وأمرها أن تقص رؤياها على البشير فصدقها .
شرح الحديث :
قوله : ( تعجبه الرؤيا الحسنة …)
فيه تعظيم شأن الرؤيا الصالحة
وقد جاء في تعظيمها أحاديث كثيرة :
منها : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات»، قالوا: وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة» رواه البخاري. وقد رواه مالك في الموطأ مختصرًا ولفظه: «ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة» ورواه أحمد وأبو داود وابن حبان في “صحيحه” والحاكم في “مستدركه” كلهم من طريق مالك وصححه الحاكم والذهبي.
ومنها : عن هشام – وهو ابن حسان – عن محمد – وهو ابن سيرين – عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا ورؤيا
المسلم جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة»، قال: وقال: «الرؤيا ثلاث فالرؤيا الصالحة بشرى من الله عز وجل والرؤيا تحزين من الشيطان والرؤيا من الشيء يحدث به الإنسان نفسه فإذا رأى أحدكم ما يكره فلا يحدثه أحدًا وليقم فليصل»، قال: «وأحب القيد في النوم وأكره الغُلّ، القيد ثبات في الدين» رواه الإمام أحمد عن يزيد – وهو ابن هارون – عن هشام وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد رواه مسلم وأبو داود والترمذي من طريق عبد الوهاب الثقفي عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – بنحوه إلا أنه قد جاء في رواية مسلم: «ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءًا من النبوة» وليست هذه الجملة في رواية أبي داود. وجاء في رواية مسلم بعد قوله قال: «وأحب القيد وأكره الغُلّ والقيد ثبات في الدين» فلا أدري هو في الحديث أم قاله ابن سيرين، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
ورواه الترمذي أيضًا من طريق قتادة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «الرؤيا ثلاث فرؤيا حق ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه ورؤيا تحزين من الشيطان فمن رأى ما يكره فليقم فليصلَّ»، وكان يقول: «يعجبني القيد وأكره الغُلّ، القيد ثبات في الدين»، وكان يقول: «من رآني فإني أنا هو فإنه ليس للشيطان أن يتمثل بي»، وكان يقول: «لا تقصّ الرؤيا إلا على عالم أو ناصح». قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح..
ورواه ابن ماجه من طريق الأوزاعي عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إذا قرب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة» هكذا رواه مختصرًا وإسناده صحيح.
ورواه عبد الرزاق في “مصنفه” عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا، والرؤيا ثلاث، الرؤيا الحسنة بشرى من الله، والرؤيا يحدث بها الرجل نفسه، والرؤيا تحزين من الشيطان
تنبيه : قد جاء ذكر الغُلّ والقيد مرفوعًا وموقوفًا في أحاديث صحيحة، فأما الرفع فإنه ظاهر من رواية هشام بن حسان عن ابن سيرين، وصريح في رواية قتادة عن ابن سيرين، وصريح أيضًا فيما رواه الدارمي عن محمد بن عبد الله الرقاشي عن يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يقول: «أكره الغُلّ وأحب القيد، القيد ثبات في الدين» إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأما الوقف فإنه صريح في رواية أيوب عن ابن سيرين، وصريح أيضًا فيما رواه ابن أبي شيبة عن أبي أسامة عن هشام – وهو ابن حسان – عن محمد – وهو ابن
سيرين – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أحب القيد في المنام وأكره الغُلّ، القيد ثبات في الدين» إسناده صحيح على شرط الشيخين. وعلى هذا فإنه يحتمل أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يحدث به تارة مرفوعًا وتارة يحدث به ولا يرفعه، وكذلك كان يفعل ابن سيرين يحدث به تارة مرفوعًا وتارة موقوفًا. وأما الرواة عن ابن سيرين فإن كلا منهم يحدث بما سمعه منه من الرفع أو الوقف، وبهذا يحصل الجمع بين الروايتين والله أعلم.
ومنها : عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «إن الرؤيا ثلاث، منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة» رواه ابن أبي شيبة وابن ماجه وابن حبان في “صحيحه” من حديث أبي عبيد الله مسلم بن مِشْكَم عن عوف بن مالك. وزاد ابن ماجه قال: قلت له: أنت سمعت هذا من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، أنا سمعته من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، أنا سمعته من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. وقد ذكر ابن حبان هذه الزيادة إلا أنه لم يكرر قوله، أنا سمعته من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
ومنها : عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سمعت أبا قتادة بن ربعي يقول: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «الرؤيا الصالحة من الله والحُلْم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم الشيء يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ وليتعوَّذ بالله من شرها فإنها لن تضره إن شاء الله». قال أبو سلمة: «إن كنت لأرى الرؤيا هي أثقل عليّ من الجبل فلما سمعت هذا الحديث فما كنت أباليها». رواه مالك والبخاري ومسلم وهذا لفظ مالك. ورواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه مختصرًا، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وزاد مسلم في رواية له: «وليتحول عن جنبه الذي كان عليه». وفي رواية ابن ماجه قال: «الرؤيا من الله والحُلْم من الشيطان فإن رأى أحدكم شيئًا يكرهه فليبصق عن يساره ثلاثًا وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاثًا وليتحول عن جنبه الذي كان عليه» إسناده صحيح وهو أحد الأسانيد عند مسلم.
من فوائد الحديث فضل الجهاد في سبيل الله وقد رود في فضله نصوص كثير :
ما جاء في كتاب الله :
- الجهاد في سبيل الله – تعالى – مِفتاحُ الخير، وبابُ الفلاح؛ قال الحق – جلَّ وعلا -: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التوبة: 88].
- الجهادُ في سبيل الله – تعالى – سبيل الهداية؛ قال الخالق – جلَّت حِكمتُه -: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
- الجهادُ في سبيل الله بابُ الشهادة، والشهادة ثوابُها الجنَّة، والشهيدُ حيٌّ عندَ ربه؛ وقال الله – تبارك وتعالى -: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169].
- المجاهدُ في سبيل الله أفضلُ من القاعد المتقاعِس، له درجاتٌ عندَ الله، وفضلٌ عظيم؛ فالله – تبارك وتعالى – جعَل الجهادَ ذِروةَ سَنام الإسلام؛ تشريفًا له وإعظامًا، وفضَّل المجاهدين على القاعدين من المؤمنين، ولو كانوا سُجَّدًا وقيامًا؛ يقول ربُّنا العزيز: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 955].]
- الجهادُ مدرسة لفرْز الصادق من المدَّعِي؛ قال الحق – جلَّ في علاه -: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31]. وقال مولانا – سبحانه وتعالى -: إِ {نَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218]. وقال – عزَّ اسمُه -: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15].
- المجاهِد في سبيل الله – تعالى – كَمُل إيمانُه، وغُفِرت له ذنوبه، وله عندَ ربه منزلة عظيمة؛ قال – عزَّت عظمتُه -: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 74]. وقال – تعالى -: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [التوبة: 20]. • الجهاد بَيْعةٌ معقودة مع الله، ثمنُها النجاة من عذاب الله ودخول الجنَّة؛ يقول الله – تبارك وتعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الصف: 10-11]. ويقول الحقُّ – جلَّ وعلا -: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111 ]
أما الاحاديث النبوية :
فعن أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: قِيل للنبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -: « ما يَعْدِلُ الجِهادَ في سَبيلِ الله – عَزَّ وَجَلَّ؟ قالَ: «لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ»، قالَ: فأَعادُوا عليه مرَّتَين أو ثلاثًا، كلَّ ذلك يقول: «لا تستطيعونَه»، وقال في الثالثة: «مَثَلُ المجاهِد في سبيل الله كمَثَل الصائم القائم، القانت بآياتِ الله، لا يَفتُر من صيام ولا صلاة،حتى يرجعَ المجاهد في سبيل الله – تعالى» رواه مسلم.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ في الجنَّة مائةَ درجة، أعدَّها الله للمجاهِدِين في سبيل الله، ما بين الدَّرجتَينِ كما بين السماء والأرض، فإذا سألتُم الله فاسألوه الفِردوس، فإنَّه أوسطُ الجنة، وأعلى الجَنَّة، أراه فوقه عرشَ الرحمن، ومنه تفجَّر أنهار الجنة)) رواه البخاري
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه قال قال رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «تضمَّن اللهُ لِمَن خرج في سبيله، لا يُخرِجه إلاَّ جهادًا في سبيلي، وإيمانًا بي، وتصديقًا برسلي، فهو علي ضامنٌ أن أُدخِلَه الجنَّة، أو أُرجِعَه إلى مسكنِه الذي خرج منه، نائلاً ما نال من أجْر أو غنيمة، والذي نفسُ محمَّد بيده، ما مِن كَلْم يُكلَم في سبيل الله، إلاَّ جاء يومَ القيامة كهيئتِه حين كُلِم، لونُه لونُ دم، ورِيحه مسك، والذي نفسُ محمد بيده، لولا أن يشقَّ على المسلمين ما قعدتُ خلافَ سرية تغزو في سبيل الله أبدًا، ولكن لا أجِدُ سعةً فأحملهم، ولا يجدون سعة، ويشقُّ عليهم أن يتخلَّفوا عنِّي، والذي نفس محمد بيده، لوددتُ أني أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل» رواه مسلم .
وعن مسروق، قال: سألْنا عبدَالله – رضي الله
عنه – عن هذه الآية: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]، قال: أمَا إنَّا قد سألْنا عن ذلك، فقال: ((أرواحُهم في جَوْف طَيْر خضر، لها قناديلُ معلَّقة بالعرش، تسرحُ من الجنة حيث شاءتْ، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطَّلع إليهم ربُّهم اطلاعةً، فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرحُ من الجنة حيثُ شِئْنا؟! ففعل ذلك بهم ثلاثَ مرَّات، فلمَّا رأَوْا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا، قالوا يا ربِّ، نريد أن تَرُدَّ أرواحنا في أجسادنا، حتى نُقتَل في سبيلك مرَّة أخرى، فلمَّا رأى أن ليس لهم حاجةٌ تُرِكوا)) رواه مسلم
وعن المِقدام بن مَعْدِ يْكَربَ – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: «لِلشهيدِ عند الله ستُّ خصال: يُغفر له في أوَّل دفعةٍ من دَمِه، ويَرى مقعدَه من الجنة، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن مِن الفزع الأكبر، ويُحلَّى حلَّة الإيمان، ويُزوَّج من الحُور العِين، ويُشفَّع في سبعين إنسانًا من أقاربه» رواه ابن ماجه