51 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
51 – قال الحاكم رحمه الله {ج1ص91}:حدثنا علي بن حمشاذ العدل في مسند انس ثنا يحيى بن منصور الهروي ثنا احمد بن نصر المقرئ النيسابوري. وأخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله الجوهري، ثنا محمد بن إسحاق الإمام، حدثني أحمد بن نصر، ثنا سريج بن النعمان، ثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «منهومان (1) لا يشبعان: منهوم في علم لا يشبع، ومنهوم في دنيا لا يشبع».
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين
………………………….
جاء موقوفا على ابن مسعود كما في المدخل للبيهقي وسنن الدارمي قال عبد الله رضي الله عنه، ” منهومان لا يشبعان: صاحب العلم، وصاحب الدنيا، ولا يستويان. أما صاحب العلم، فيزداد رضا للرحمن، وأما صاحب الدنيا، فيتمادى في الطغيان، ثم قرأ عبد الله {كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى} [العلق: 7] قال: وقال الآخر: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر: 28] ”
وصح عن الحسن البصري أنه قال : قال: ” منهومان لا يشبعان: منهوم في العلم لا يشبع منه، ومنهوم في الدنيا لا يشبع منها، فمن تكن الآخرة همه، وبثه، وسدمه، يكفي الله ضيعته، ويجعل غناه في قلبه، ومن تكن الدنيا همه، وبثه، وسدمه، يفشي الله عليه ضيعته، ويجعل فقره بين عينيه، ثم لا يصبح إلا فقيرا، ولا يمسي إلا فقيرا ” رواه الدرامي 343
شرح الحديث :
(منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا) النهمة شدة الحرص على الشيء ومنه النهم من الجوع كما في النهاية قال الطيبي: إن ذهب في الحديث إلى الأصل كان لا يشبعان استعارة لعدم انتهاء حرصهما وإن ذهب إلى الفرع يكون تشبيها جعل أفراد المنهوم ثلاثة أحدها المعروف وهو المنهوم من الجوع والآخرين من العلم والدنيا وجعلهما أبلغ من المتعارف ولعمري إنه كذلك وإن كان المحمود منهما هو العلم ومن ثم أمر الله رسوله بقوله {وقل رب ذدني علما} ويعضده قول ابن مسعود عقبه لا يستويان أما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان وأما صاحب العلم فيزداد من رضا الرحمن وقال الراغب: النهم بالعلم استعارة وهو أن يحمل على نفسه ما يقصر قواها عنه فينبت والمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى اه. وهذا التقرير أقوى من قول الماوردي: في الحديث تنبيه على أن العلم يقتضي ما بقي منه ويستدعي ما تأخر عنه وليس للراغب فيه قناعة ببعضه قال حجة الإسلام: اجتمع في الإنسان أربعة أوصاف سبعية وبهيمية وشيطانية وربانية فهو من حيث سلط عليه الغضب يتعاطى أفعال السباع من التهجم على الناس بنحو ضرب وشتم والبغضاء وغير ذلك ومن حيث سلط عليه الشهوة يتعاطى أفعال البهائم كشره وحرص وشبق ومن حيث إنه في نفسه أمر رباني كما قال تعالى {قل الروح من أمر ربي} يدعي لنفسه الربوبية ويحب الاستيلاء والاستعلاء والتخصص والاستبداد بالأمور والتعوذ بالربانية والانسلال عن رتبة العبودية ويشتهي الإطلاع على العلوم كلها ويدعي لنفسه العلم والمعرفة والإحاطة بحقائق الأمور ويفرح إذا نسب إلى العلم وهو حريص على ذلك لا يشبع منه .
فيض القدير (6/245)
قوله: (منهومان) تثنية منهوم من النهم بفتحتين، الولوع بالشيء وإفراط الشهوة في الطعام، والمنهوم شديد الشهوة، المنكب على الشيء لحيازته، المولع به، يعني حريصان على تحصيل أقصى غايات مطلوبيهما. (لايشبعان) أي لا يقنعان (منهوم في العلم لا يشبع منه) ؛ لأنه في طلب الزيادة دائماً وليس له نهاية (ومنهوم في الدنيا) أي في تحصيل مالها وجاهها (لا يشبع منها) فإنه كالمريض المستسقى. قال بعضهم: ما استكثر أحد من شيء إلا مله، وثقل عليه، إلا العلم والمال فإنه كلما زاد اشتهى.
مرعاة المفاتيح (1/350)
من أخبار العلماء في همتهم في طلب العلم في آخر عمرهم وفي حالة النزع :
خبر أبي يوسف القاضي (182)
ذكر القرشي في ((الجواهر المضية)) والمولى تقي الدين التميمي في ((الطبقات السنية)) في ترجمة إبراهيم بن الجراح التميمي مولاهم -تلميذ أبي يوسف وآخر من روى عنه- قال: ((أتيته أعوده، فوجدته مغمى عليه، فلما أفاق قال لي: يا إبراهيم! أيهما أفضل في رمي الجمار، أن يرميها الرجل راجلا أو راكبا؟
فقلت: راكبا. فقال: أخطأت!.
قلت: ماشيا. قال: أخطأت!.
قلت: قل فيها -يرضى الله عنك-.
قال: أما ما يوقف عنده للدعاء، فالأفضل أن يرميه راجلا، وأما ما كان لا يوقف عنده، فالأفضل أن يرميه راكبا.
ثم قمت من عنده، فما بلغت باب داره حتى سمعت الصراخ عليه، وإذا هو قد مات -رحمه الله تعالى-)).
خبر أبي زرعة الرازي (266)
قال ابن أبي حاتم في ((تقدمة الجرح والتعديل)): سمعت أبي يقول: مات أبو زرعة مطعونا مبطونا يعرق جبينه في النزع، فقلت لمحمد بن مسلم (ابن وارة): ما تحفظ في تلقين الموتى: لا إله إلا الله؟ فقال محمد بن مسلم: يروى عن معاذ بن جبل.
فمن قبل أن يستتم رفع أبو زرعة رأسه وهو في النزع، فقال: روى عبدالحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة، عن معاذ عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة)).
فصار البيت ضجة ببكاء من حضر.
خبر أبي حاتم الرازي (277)
قال ابنه عبدالرحمن في ((تقدمة الجرح والتعديل)): حضرت أبي -رحمه الله- وكان في النزع وأنا لا أعلم، فسألته عن عقبة بن عبدالغافر، يروي عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، له صحبة؟ فقال برأسه: لا، فلم أقنع منه، فقلت: فهمت عني؟ له صحبة؟ قال: هو تابعي.
قلت (ابن أبي حاتم): فكان سيد عمله معرفة الحديث، وناقلة الأخبار، فكان في عمره يقتبس منه ذلك، فأراد الله أن يظهر عند وفاته ما كان عليه في حياته)) اهـ.
خبر ابن جرير الطبري (310)
قال المعافى النهرواني في ((الجليس الصالح)): ((وحكى لي بعض بني الفرات، عن رجل منهم أو من غيرهم: أنه كان بحضرة أبي جعفر الطبري -رحمه الله- قبل موته، وتوفي بعد ساعة أو أقل منها، فذكر له هذا الدعاء، عن جعفر بن محمد -عليهما السلام- فاستدعى محبرة وصحيفة فكتبها، فقيل له: أفي هذه الحال؟! فقال: ينبغي للإنسان أن لا يدع اقتباس العلم حتى يموت)) اهـ.
خبر ابن سعدون (352)
ذكر القاضي عياض في ((ترتيب المدارك)) في ترجمة أبي بكر محمد بن وسيم بن سعدون الطليطلي أنه كان رأسا في كل فن، متقدما فيه … قال: ((ودخل عليه -وهو في النزع- بعض أصحابه، فناداه، فلم يجبه، فقال الآخر: (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) [سبأ/ 54].
فقال له أبو بكر حين ذلك: نزلت في الكفار، وفيها: (إنهم كانوا في شك مريب)
خبر مسرة الحضرمي (373)
وذكر عياض في ((المدارك)) -أيضا- في ترجمة مسرة بن مسلم الحضرمي ت (373) -وكان من أهل العلم والزهد التام- أنه لما احتضر ابتدأ القرآن، فانتهى في (سورة طه) إلى قوله تعالى: (وعجلت إليك رب لترضى) [طه/ 84]، ففاضت نفسه.
خبر البيروني الفلكي (440)
ذكر ياقوت في ((إرشاد الأريب)) في ترجمة أبي الريحان محمد ابن أحمد الخوارزمي ما كان عليه من حرص في تحصيل العلوم، وتصنيف الكتب، ثم ذلك له الفقيه الولوالجي قال: دخلت على أبي الريحان وهو يجود بنفسه، وقد حشرج نفسه، وضاق به صدره، فقال لي في تلك الحالة: كيف قلت لي يوما حساب الجدات الفاسدة؟ فقلت له -إشفاقا عليه-: أفي هذه الحالة؟! قال لي: يا هذا! أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة ألا يكون خيرا من أن أخليها وأنا جاهل بها. فأعدت ذلك عليه وحفظ … وخرجت من عنده، وأنا في الطريق، فسمعت الصراخ)) اهـ.
خبر ابن روزبه (633)
وفي ترجمة المسند أحمد بن عبدالله بن معطي الجزائري ت (666) في ((ذيل التقييد)) للفاسي أنه سمع ((صحيح البخاري)) على علي بن أبي بكر بن روزبة في أربعة عشر مجلسا، وأنه قال لهم يوم الختم: اجتهدوا في إكمال هذا الكتاب، فإنه -والله- ما بقي غيركم يسمعه علي، وتوفي في الليلة المتصلة بذلك اليوم.
خبر ابن مالك صاحب الألفية (672)
وفي كتاب ((الفلاكة والمفلوكون)) للدلجي في ترجمة الإمام أبي عبدالله جمال الدين محمد بن عبدالله بن مالك النحوي العلامة، قال: ((كان كثير الإشغال والاشتغال، حتى أنه حفظ في اليوم الذي مات فيه خمسة شواهد!!)).
خبر الصفي الهندي (715)
ذكر الذهبي في ((معجم شيوخه)) في ترجمته أنه روى له حديثين قال: ((ليسا هما عندي، قرأتهما عليه ونفسه يحشرج في الصدر، فتوفي يومئذ عفا الله عنا وعنه آمين)) اهـ.
خبر الحجار (730)
وهذا المعمر الأعجوبة، شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي طالب الحجار، مسند الدنيا ت (730)، فقد ذكر الفاسي أن الطلاب قد قرءوا عليه في يوم موته، وله مئة سنة وعشر سنين تقريبا!!
خبر ابن عقيل الحنبلي (513)
ففي ترجمة أبي الوفاء ابن عقيل الحنبلي ت (513) -رحمه الله- أنه قال: ((إني لأجد من حرصي على العلم، وأنا في عشر الثمانيأشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة)).
خبر ابن الجوزي (597)
وهذا العلامة المتفنن، صاحب التصانيف، أبو الفرج ابن الجوزي (567) يقرأ في آخر عمره وهو في (الثمانين) القراءات العشر على ابن الباقلاني، مع ابنه يوسف.
قال الذهبي -معلقا-: ((فانظر إلى هذه الهمة العالية!)) اهـ.
أقول: فاتعظ بهذه الهمم العلية، وابك على تقصيرك ودنو همتك، واستدرك ما فرط من أمرك بالجد والعمل، ومداومة الدرس والنظر، فمن سار على الدرب وصل، وعند الصباح يحمد القوم السرى.
المشوق إلى القراءة وطلب العلم (ص 13) د.علي العمران