508 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: أحمد بن علي وعبدالله المشجري وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وعدنان البلوشي وأسامة الحميري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
مسند صهيب بن سنان رضي الله عنه
508 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 4 ص 332): حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحرك شفتيه أيام حنين بشيء لم يكن يفعله قبل ذلك قال فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم «إن نبيًّا كان فيمن كان قبلكم أعجبته أمته فقال لن يروم هؤلاء شيء فأوحى الله إليه أن خيرهم بين إحدى ثلاث إما أن أسلط عليهم عدوًّا من غيرهم فيستبيحهم أو الجوع أو الموت قال فقالوا أما القتل أو الجوع فلا طاقة لنا به ولكن الموت» قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «فمات في ثلاثٍ سبعون ألفًا» قال فقال «فأنا أقول الآن اللهم بك أحاول وبك أصول وبك أقاتل».
وقال (ص 333): حدثنا عفان من كتابه قال حدثنا سليمان يعني ابن المغيرة قال ثنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا صلى همس شيئًا لا نفهمه ولا يحدثنا به قال فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «فطنتم لي؟ » قال قائل نعم قال «فإني قد ذكرت نبيًّا من الأنبياء أعطي جنودًا من قومه فقال من يكافئ هؤلاء -أو من يقوم لهؤلاء، أو كلمة شبيهة بهذه شك سليمان- قال فأوحى الله إليه اختر لقومك بين إحدى ثلاث إما أن أسلط عليهم عدوًّا من غيرهم أو الجوع أو الموت قال فاستشار قومه في ذلك فقالوا أنت نبي الله نكل [ص: 434] ذلك إليك فخر لنا قال فقام إلى صلاته قال وكانوا يفزعون إذا فزعوا إلى الصلاة قال فصلى قال أما عدو من غيرهم فلا أو الجوع فلا ولكن الموت قال فسلط عليهم الموت ثلاثة أيام فمات منهم سبعون ألفًا فهمسي الذي ترون أني أقول اللهم يا رب بك أقاتل وبك أصاول ولا حول ولا قوة إلا بالله».
حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة بهذا الحديث سواء بهذا الكلام كله وبهذا الإسناد ولم يقل فيه: «كانوا إذا فزعوا فزعوا إلى الصلاة».
حدثنا عفان حدثنا حماد يعني ابن سلمة حدثنا ثابت بنحو حديث وكيع المتقدم وفيه: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يوم حنين يحرك شفتيه بعد صلاة الفجر.
* قال الإمام النسائي رحمه الله في “عمل اليوم والليلة” (ص 397): أخبرنا محمد بن عثمان قال حدثنا بهز بن أسد قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن ابن أبي ليلى عن صهيب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا صلى همس شيئًا ولا يخبرنا به قال «أفطنتم لي؟ » قالوا نعم قال «ذكرت نبيًّا من الأنبياء أعطي جنودًا من قومه فقال من يكافئ هؤلاء -أو من (1) يقوم لهم، قال سليمان: كلمة شبيهة بهذه- فقيل له اختر لقومك بين إحدى ثلاث بين أن أسلط عليهم عدوًّا من غيرهم أو الجوع أو الموت فقالوا (2) أنت نبي الله كل ذلك إليك فخر لنا فقال في [ص: 435] صلاته وكانوا إذا فزعوا فزعوا إلى الصلاة فقال أما عدو من غيرهم فلا وأما الجوع فلا ولكن الموت فسلط عليهم ثلاثة أيام فمات سبعون ألفًا فالذي ترون أني أقول رب بك أقاتل وبك أصاول ولا حول ولا قوة إلا بك».
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح، إلا محمد بن عثمان الثقفي، وقد قال أبو حاتم: إنه ثقة، كما في “تهذيب التهذيب”.
الحديث رواه الإمام أحمد (ج 6 ص 16) فقال: ثنا عبد الرحمن، ثنا سليمان بن المغيرة به.
وهو بسند الإمام أحمد على شرط الشَّيخين.
وأخرجه ابن أبي شيبة (ج 10 ص 319) فقال: حدثنا أبو أسامة، حدثنا سليمان بن المغيرة به.
*ـــــــــــــــــــــــــ*
*دراسة الحديث رواية*
الحديث اثبته العقيلي في الضعفاء بقوله ( هَذَا يُرْوَى مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ بِأَصْلَحَ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ) :
وَمِنْ حَدِيثِهِ: مَا حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: كَانَ إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ بِكَ أَجُولُ وَبِكَ أُصُولُ وَبِكَ أَسِيرُ» هَذَا يُرْوَى مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ بِأَصْلَحَ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ
الضعفاء الكبير للعقيلي ٣/٢٩٨
– *قال الشيخ ناصر الدين الألباني (ت ١٤٢٠) سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها ٣/٥٠: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين*
– قال محققو المسند 23927:
إسناده صحيح على شرط مسلم. ثابت: هو ابن أسلَم البُناني. اهـ
[مسند أحمد 39/ 349 ط الرسالة]
– *وقال محققو مسند أحمد – ط الرسالة ٣١/٢٦٩ برقم ١٨٩٤٠: إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر الحديث (١٨٩٣٣)، إلا أن شيخ أحمد في هذا الإسناد هو عفَان بن مسلم الصَّفَّار.*
– *قال حسين أسد ٣/١٥٨٥ في تحقيق مسند الدارمي، أبو محمد (ت ٢٥٥): إسناده صحيح*
– *الحديث أورده المقدسي في المختارة ٥١*
*دراسة الحديث دراية*
– بوب عليه في الجامع لعلوم الإمام أحمد:
301 – الصلاة عند الفزع
– بوب عليه محمد بن نصر المَرْوَزِي في تعظيم قدر الصلاة:
ضَرَرُ التَّكَبُّرِ
– بوب عليه النسائي في الكبرى وفي عمل اليوم والليلة:
الاستنصار عِنْد اللِّقَاء
– بوب عليه ابن حبان في صحيحه:
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الدُّعَاءَ بِمَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ يُبْطِلُ صَلَاةَ الدَّاعِي فِيهَا.
*وبوب أيضًا ٧/١٠٩ القسم الخامس من أقسام السنن وهو: الأفعال التي انفرد بها النبي ﷺ←النوع الثالث←ذكر ما يستحب للإمام أن يستعين بالله جل وعلا على قتال الأعداء إذا عزم على ذلك.*
*وبوب رحمه الله أيضًا: ٧/٣٧٩ القسم الخامس من أقسام السنن وهو: الأفعال التي انفرد بها النبي ﷺ←النوع الثاني عشر←ذكر ما يستحب للمرء أن يستعين بالله جل وعلا في دعائه، في عقب الصلاة على قتال أعدائه.*
– بوب البيهقي في القضاء والقدر:
بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ أَفْعَالَ الْخَلْقِ مَكْتُوبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى مَقْدُورَةٌ لَهُ فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ عز وجل خَلْقٌ، وَمِمَّنْ بَاشَرَهَا كَسْبٌ
– وبوب البيهقي في الكبرى:
بَابُ كَرَاهِيَةِ تَمَنِّي لِقَاءِ الْعَدُوِّ وَمَا يَفْعَلُ وَمَا يَقُولُ عِنْدَ اللِّقَاءِ
– بوب عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الكبرى:
بَاب جمل من دُعَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ – واستعاذاته وَمِمَّا كَانَ يرغب فِيهِ
– بوب عليه مقبل في الجامع:
108 – ضرر العجب على العالم والمتعلم
32 – الإيمان بالقدر
8 – الدعاء مع إظهار الافتقار إلى الله
46 – لا يغتر بالكثرة ولكن يعتمد على الله
34 – اعتماده صلى الله عليه وسلم على الله
37 – نبي مبهم
187 – قوله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ}
– جاء في سنن الترمذي مختصرا:
3633 – حدَّثنا محمودُ بنُ غَيلانَ وعَبدُ بنُ حُمَيدٍ المَعنى واحدٌ قالا: حدَّثنا عَبد الرَّزاقِ، عن مَعمرٍ، عن ثابتٍ البُنانيِّ، عن عَبد الرحمنِ بن أبي لَيلى
عن صُهَيبٍ، قال: كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى العصرَ هَمسَ – والهَمسُ في بَعضِ قَولِهِم: تحرُّكُ شَفتيهِ كأنَّهُ يتكلَّمُ – فَقيلَ لهُ: إنّكَ يا رسولَ اللهِ إذا صَلَّيتَ العَصرَ، هَمستَ؟ قال: “إنَّ نَبيًّا من الأنبِياءِ كانَ أُعجبَ بأُمَّتهِ، فقال: من يقومُ لهؤُلاءِ؟ فأوحَى اللهُ إلَيهِ: أنْ خَيِّرهُمْ بَينَ أن أنتقمَ مِنهُم وَبَينَ أنَّ أُسَلِّطَ عَليهم عدُوَّهُم، فاختارُوا النَّقمةَ، فَسلَّطَ عَليهمُ المَوتَ، فَماتَ مِنهُم في يَومٍ سَبعُونَ ألفًا”.
قال: وكانَ إذا حَدَّثَ بهذا الحديثِ حَدَّثَ بهذا الحديثِ الآخَرِ:
3634 – قال: “كانَ مَلِكٌ من المُلُوكِ وكانَ لذلكَ المَلكِ كاهنٌ يَكْهُنُ لهُ، فقال الكاهنُ: انظُرُوا لي غُلامًا فَهِمًا أوْ قال: فَطِنًا لَقِنًا فأُعَلِّمهُ عِلْمي هذا، فإني أخَافُ أنْ أمُوتَ، فَينْقطعَ مِنْكُمْ هذا العلمُ ولا يكُون فيكُمْ من يَعْلَمُهُ. قال: فَنظَرُوا لهُ على مَا وَصَفَ، فأمروهُ أنْ يَحْضُرَ ذلك الكاهنَ، وأنْ يَخْتلِفَ إلَيْهِ، فَجعلَ يَخْتلفُ إلَيْهِ.
وَكَانَ على طَرِيقِ الغُلامِ رَاهبٌ في صَوْمَعةٍ – قال مَعْمرٌ: أحْسبُ أن أصْحابَ الصَّوَامع كانُوا يَوْمئذٍ مُسْلمينَ – قال: فَجعلَ الغُلامُ يَسْألُ ذلكَ الرَّاهبَ كُلَّما مَرَّ بهِ، فلم يَزلْ بهِ حتَّى أخْبرهُ، فقال: إنَّما أعْبدُ اللهَ. ….
قال: ثُمَّ رَجعَ، فأمرَ بهِ المَلكُ أنْ ينطلقُوا بهِ إلى البَحرِ، فيُلقُوه فيهِ، فانطُلِقَ بهِ إلى البَحرِ، فَغرَّقَ اللهُ الَّذين كانُوا معهُ وأنجاهُ، فقال الغُلامُ لِلمَلكِ: إنّكَ لا تَقتُلُني حتَّى تَصْلِبَني وتَرْمِيني، وتَقولَ إذا رَمَيْتَني: بسمِ اللهِ ربِّ هذا الغُلامِ. قال: فأمرَ بهِ فَصُلبَ ثُمَّ رَماهُ، فقال: بسمِ اللهِ ربِّ هذا الغُلام. قال: فوضَعَ الغُلامُ يَدهُ على صُدْغهِ حِينَ رُمِي ثُمَّ ماتَ، فقال الناسُ: لقد عَلِمَ هذا الغُلامُ عِلمًا ما عَلمهُ أحدٌ، فإنَّا نُؤمنُ بربِّ الغُلامِ. قال: فقيلَ للمَلكِ أجَزِعتَ أن خالفكَ ثلاثةٌ، فهذا العَالمُ كُلُّهم قد خالفُوكَ. قال: فخدَّ أُخدُودًا ثمَّ ألقى فيها الحَطبَ والنَّارَ، ثُمَّ جَمعَ النَّاسَ. فقال: من رجعَ عن دينهِ تَركناهُ، ومن لم يَرجع ألقَيناهُ في هذه النَّارِ، فَجعلَ يُلقِيهم في تلكَ الأخدُودِ. قال: يقولُ الله تبارك وتعالى فيهِ: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} [البروج: 4، 5] حتَّى بَلغَ {الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: 8] قال: فأمَّا الغُلامُ فإنَّهُ دُفنَ، قال: فيُذكَرُ أنَّهُ أُخرجَ في زَمنِ عُمرَ بنُ الخَطّابِ وإصبعهُ على صُدْغهِ كما وضَعها حينَ قُتلَ.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
– *جاء في سنن أبي داود ٩٧ – باب ما يُدعَى عند اللقاء ٢٦٣٢ – حدَّثنا نصرُ بن علي، أخبرني أبي، حدَّثنا المُثنَّى بن سعيدٍ، عن قتادةَ عن أنسِ بن مالكٍ، قال: كان رسول الله ﷺ إذا غَزَا قال: «اللهم أَنْتَ عَضُدِي ونَصيري، بِكَ أَحُول، وبِكَ أَصُولُ، وبِكَ أُقاتِلُ» (١).*
*قال الأرنؤوط في تحقيق سنن أبي داود ٤/٢٧٠: إسناده صحيح. نصر بن علي هو ابن نصر الجَهضَمي، والمثنى بن سعيد: هو الضُّبَعي القسّام القصير. وأخرجه الترمذي (٣٩٠١)، والنسائي في «الكبرى» (٨٥٧٦) و(١٠٣٦٥) من طريق المثنى بن سعيد، به. وهو في «مسند أحمد» (١٢٩٠٩/ ٢)، و«صحيح ابن حبان» (٤٧٦١).*
*قال الخطابي: «أحُولُ» معناه: أحتال. قال ابن الأنباري: الحول معناه في كلام العرب: الحيلة، يقال: ما للرجل حَوْل، وماله مَحالة، قال: ومنه قولك: «لا حول ولا قوة إلا بالله» أي: لا حيلة في دفع سوء، ولا قوة في درك خير إلا بالله.*
*قال: وفيه وجه آخر، وهو أن يكون معناه: المنع والدفع، من قولك: حال بين الشيئين: إذا منع أحدهما عن الآخر. يقول: لا أمنع، ولا أدفع إلا بك.*
*وقال ابن الأثير: «وبك أصول»، وفي رواية: «أصاول» أي: أسطو وأقهر، والصولة الوثْبة.*
*وقوله: أنت عضدي، أي: معتمدي وناصري ومعيني.*
*- جاء في النهاية في غريب الحديث والأثر ٣/٦١ لابن الأثير، أبي السعادات (ت ٦٠٦):*
*(صَوُلَ)*
*(س) فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «اللَّهُمَّ بِكَ أحُول وَبِكَ أصُول» وَفِي رِوَايَةٍ «أُصَاوِلُ» أَيْ أسْطُو وأقْهَر. والصَّوْلَة: الحَمْلةُ والوَثْبَة.*
*وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ هَذَيْنِ الحَيَّيْنِ مِنَ الأوْسِ والخزْرج كاناَ يَتَصَاوَلَانِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَصَاوُلَ الفَحْلَين» أَيْ لَا يَفْعل أحدُهما مَعَهُ شَيْئًا إلاَّ فَعَل الآَخر مَعَهُ شَيْئًا مثْلَه.*
*وَمِنْهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ «فصَامِتٌ صَمْتُهُ أَنْفذُ مِنْ صَوْلِ غيرِهِ» أَيْ إمْساكُه أشدُ علَيَّ مِنْ تَطَاوُل غَيْرِهِ.*
– *قال ابن علان (ت ١٠٥٧) في الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية ٣/٧٠: قوله: (أُصاولُ): أي أدافع من الصيال وقال ابن الجزري أي أسطو وأقهر. قوله: (أُقاتِل) أي أخاصم وأجاهد ولا يخفى ما اشتمل عليه هذا الذكر من التبري من الحول والقوة ورد الأمر إليه تعالى.*
– *قال عبد الرحمن المباركفوري (ت ١٣٥٣) في تحفة الأحوذي ٩/١٨٣:*
*قَوْلُهُ (عَنْ صُهَيْبِ) بْنِ سِنَانٍ الرُّومِيِّ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ*
*قَوْلُهُ (هَمَسَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيٍّ (وَالْهَمْسُ فِي قَوْلِ بعضهم يحرك شَفَتَيْهِ كَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ) تَفْسِيرُ الْهَمْسِ هَذَا مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْهَمْسُ الْكَلَامُ الْخَفِيُّ لَا يَكَادُ يُفْهَمُ كَانَ أُعْجِبَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِعْجَابِ بِأُمَّتِهِ أَيْ مِنْ جِهَةِ الْكَثْرَةِ يُقَالُ أُعْجِبَ بِالشَّيْءِ سَرَّهُ الشَّيْءُ وَعَجِبَ مِنْهُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَيْ ذَلِكَ النَّبِيِّ أَنْ خَيِّرْهُمْ بَيْنَ أَنْ أَنْتَقِمَ مِنْهُمْ أَيْ أُعَاقِبَهُمْ فَاخْتَارُوا النِّقْمَةَ بِالْكَسْرِ وَبِالْفَتْحِ وَكَفَرْحَةٍ هِيَ الْمُكَافَأَةُ بِالْعُقُوبَةِ*
*اعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ صُهَيْبٍ هَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ هَكَذَا مُخْتَصَرًا مُجْمَلًا وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مُطَوَّلًا مُفَصَّلًا فَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا صَلَّى همس شَيْئًا لَا أَفْهَمُهُ وَلَا يُخْبِرُنَا بِهِ قَالَ أَفَطِنْتُمْ لِي قُلْنَا نَعَمْ قَالَ إِنِّي ذَكَرْتُ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أُعْطِيَ جُنُودًا مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ مَنْ يُكَافِئُ هَؤُلَاءِ أَوْ مَنْ يَقُومُ لِهَؤُلَاءِ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْكَلَامِ فَأُوحِيَ إِلَيْهِ أَنِ اخْتَرْ لِقَوْمِكَ إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ نُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ أَوِ الْجُوعَ أَوِ الْمَوْتَ فَاسْتَشَارَ قَوْمَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ فَكُلُّ ذَلِكَ إِلَيْكَ خِرْ لَنَا فَقَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَكَانُوا إِذَا فَزِعُوا فَزِعُوا إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَيْ رَبِّ أَمَّا عَدُوٌّ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا أَوِ الْجُوعُ فَلَا وَلَكِنِ الْمَوْتُ فَسُلِّطَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتُ فَمَاتَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا فَهَمْسِي الَّذِي تَرَوْنَ أَنِّي أَقُولُ اللَّهُمَّ بِكَ أُقَاتِلُ وَبِكَ أُصَاوِلُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ*
*وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ أن رسول الله ﷺ كَانَ أَيَّامَ حُنَيْنٍ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ بِشَيْءٍ لَمْ نَكُنْ نَرَاهُ يَفْعَلُهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرَاكَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ فَمَا هَذَا الَّذِي تُحَرِّكُ شَفَتَيْكَ قَالَ إِنَّ نَبِيًّا فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَعْجَبَتْهُ كَثْرَةُ أُمَّتِهِ فَقَالَ لَنْ يَرُومَ هَؤُلَاءِ شَيْءٌ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ خَيِّرْ أُمَّتَكَ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ نُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَهُمْ أَوِ الْجُوعَ وَإِمَّا أَنْ أُرْسِلَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ فَشَاوَرَهُمْ فَقَالُوا أَمَّا الْعَدُوُّ فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ وَأَمَّا الْجُوعُ فَلَا صَبْرَ لَنَا عَلَيْهِ وَلَكِنِ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سَبْعُونَ أَلْفًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَنَا أَقُولُ الْآنَ حَيْثُ رَأَى كَثْرَتَهُمُ اللَّهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ وَبِكَ أُصَاوِلُ وَبِكَ أقاتل (قال وكان إذا حدث بها الْحَدِيثِ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْآخَرِ قَالَ كَانَ ملك من الملوك الخ) قال الحافظ بن كَثِيرٍ وَهَذَا السِّيَاقُ لَيْسَ فِيهِ صَرَاحَةٌ أَنَّ سِيَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ ﷺ*
*قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ صُهَيْبٍ الرُّومِيِّ فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ أَخْبَارِ النَّصَارَى انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ صَرَّحَ بِرَفْعِ الْقِصَّةِ بِطُولِهَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَوَقَفَهَا مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهَا التِّرْمِذِيُّ انْتَهَى*
*قُلْتُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ إِلَخْ*
– * قال السندي: قوله: فما هذا الذي يحرك شفتيك: هو بالياء التحتانية والضمير للموصول، أو بالتاء الفوقانية، والعائد إلى الموصول مقدر، أي: به، والمراد فما هذا الكلام.*
*وقال: «فطنتم» في القاموس: فطن به وإليه وله، كفرح ونصر وكرم.*
*«وكانوا يفزعون إلخ …»، أي: وكانوا إذا فزعوا يفزعون إلى الصلاة، أي عادتهم الاشتغال بالصلاة في الشدائد.*
– قال الساعاتي في الفتح الرباني:
أعجبته كثرة أمته:
أي لا يقدر على طلب هولاء شئ لكثرتهم وقوتهم (2) اى لا يكافؤهم احد فى القوة والعدد ومعنى ذلك انة اعجبة كثرتهم وفهم انة لا يقدر احد على مقاومتهم وغفل عن التبريك لهم فعاقبة الله بما ذكر فى الحديث.
ولهذا قال العلماء قد تصب الانسان عين نفسه: قال الغسانى نظر سليمان بن عبد الملك فى المراه فاعجبته نفسه فقال كان محمد صلى الله علية وسلم نبيا وكان ابو بكر صديقا وعمر فاروقا وعثمان حبيبا ومعاوية حليما ويزيد صبورا وعبد الملك سائشا والوليد جبارا وانا الملك الشاب فما دار عليه الشهر حتى مات
جاء فى لفظ اخر من حديث صهيب ايضا (وكانوا اذا فزعوا (اى خافوا) فزعوا الى الصلاة (اى حينما اغر بعض اصحابة صلى الله علية وسلم بكثرة عددهم ونزل فيهم قولة تعالى (لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍۢ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْـًٔا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ) عند ذلك قال النبى صلى الله علية وسلم (اللهم بك احاول) اى بمعونتك اسطو على الاعداء او اقهرهم والصولة الحملة والوثبة ..
وتقدم نحوة من حديث صهيب ايضا فى كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر رقم 190 صحيفة 58 (باب) (سندة) حدثنا وكيع عن معمر وسفيان عن معبد بن الد عن عبد اللة بن شداد عن عائشة الخ اى من الاصابة من العين: قال المازرى اذ الجمهور بظاهر الحديث وانكرة طوائف من المبتدعة لغير معنى لان كل شئ ليس محالا فى نفسة ولا يودى الى قلب حقيقة ولا فساد دليل فهو من مجوزات القول فاذا اخبر الشرع بوقوعة لم يكن لانكارة معنى وهل من فرق بين انكارهم هذا وانكارهم ما يخبر بة فى الاخرة من الامور.
[الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني 17/ 191]
– جاء في كتاب: مرويات غزوة حنين وحصار الطائف:
المبحث الأول: سبب الغزوة
بعد فتح مكة والقضاء على أعظم قوة للشرك في الجزيرة العربية لم يبق أمام المسلمين إلا قبائل هوازن وثقيف المتاخمة لمكة المكرمة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مصمما على مطاردة فلول الوثنية والإجهاز على معاقل الشرك في جزيرة العرب التي لا يجتمع فيها دينان، وقد ترامت أنباء فتح مكة في أنحاء الجزيرة العربية وخاصة في ديار هوازن وثقيف القريبة من مكة، وما أن سمعت قبائل هوازن بهذا الفتح الإسلامي الكبير حتى تداعت فيما بينها تتدارس هذا الحدث الجلل وترصد تحركاته نحوها، فكانت النتيجة أنها عزمت أن تهاجم المسلمين قبل أن يهاجموها، فأعدت عدتها وحشدت قواها المادية والبشرية، وقد جاء التصريح بحقيقة ما كانوا يبيتون للمسلمين من كيد في الروايات الآتية…
المبحث الثالث: عدد الجيش الإسلامي في هذه الغزوة:
الجيش الذي خرج إلى غزوة حنين مكون من:
أ- الجيش الإسلامي الذي فتح مكة المكرمة.
ب- الذين انضافوا إليهم من مسلمة الفتح.
وعدد الجيش الذي فتح مكة عشرة آلاف مقاتل، وهو نص حديث ابن عباس عند البخاري، وهذا سياقه
39- قال: حدثني محمود، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر قال: أخبرني الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما: “أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف ، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة، فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون”. الحديث .
وعند ابن إسحاق قال: حدثني الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس مطولا فيه: “ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل مر الظهران في عشرة آلاف من المسلمين”. الحديث.
ومن طريق ابن إسحاق: أخرجه أحمد مختصرا، والطبري، والطحاوي والحاكم بطوله، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي.
وأورده الهيثمي مختصرا وقال: في الصحيح طرف منه في الصيام، رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع. ثم أورده مطولا وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.
والحديث دليل واضح على أن الذين خرجوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم لفتح مكة المكرمة، كانوا عشرة آلاف مقاتل. وقد خرجوا إلى غزوة حنين مع من انضم إليهم من الطلقاء.
40- فقد ورد عند البخاري ومسلم من طريق معاذ8 بن معاذ، عن ابن عون، عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم بنعمهم وذراريهم، ومع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف ومن الطلقاء… الحديث.
والحديث يدل على أن الجيش الخارج إلى حنين عشرة آلاف من غير الطلقاء، وقد جاء عند ابن إسحاق أن الطلقاء كانوا ألفين من أهل مكة. ساق ذلك بدون إسناد…
المبحث السابع: بيان من قال في هذه الغزوة “لن نغلب اليوم من قلة”:
اختلفت الآثار الواردة في هذا المقام في “القائل” يوم حنين: “لن نغلب اليوم من قلة”.
أ- فعند الواقدي أن قائل ذلك هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهذا سياقه:
52- قال: حدثني إسماعيل بن إبراهيم، عن موسى بن عقبة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: قال أبو بكر الصديق – رضي الله – عنه: يا رسول الله، لا نغلب اليوم من قلة، فأنزل الله عز وجل في ذلك {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} . [سورة التوبة، من الآية: 25] الآية4. والحديث منقطع، لأن سعيدا لم يدرك أبا بكر، وفيه الواقدي متروك.
ب- وعند البزار من طريق علي بن عاصم، ثنا سليمان التيمي، عن
53- أنس بن مالك قال: “قال غلام منا من الأنصار يوم حنين: لم نغلب اليوم من قلة، فما هو إلاّ أن لقينا عدونا فانهزم القوم “. الحديث
قال البزار: لا نعلم أحداً رواه بهذا اللفظ إلاّ سليمان التيمي عن أنس، ولا عن سليمان إلاّ علي بن عاصم، وعلي صدوق سيء الحفظ
وقال الهيثمي: فيه علي بن عاصم بن صهيب، وهو ضعيف لكثرة غلطه وتماديه فيه، وقد وثق، وبقية رجاله ثقات
وقال ابن حجر: وهذا المتن الذي رواه منكر، وفيه مخالفة في مواضع لما رواه الثقات.
وفي الفتح حسن منه القدر المتعلق بقتل دريد بن الصمة فقال: وروى البزار في مسند أنس بإسناد حسن ما يشعر بأن قاتل دريد بن الصمة هو: الزبير بن العوام .
وتبعه الزرقاني
جـ- وعند البيهقي من طريق يونس بن بكير عن أبي جعفر عيسى الرازي، عن الربيع أن رجلا قال يوم حنين: لن نغلب اليوم من قلة، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} ، [سورة التوبة، من الآية: 25] . الحديث .
د- وعند ابن إسحاق قال: وزعم بعض الناس أن رجلا من بني بكر قال ذلك .
هـ- وعنده أيضا قال:
54- حدثني بعض أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال – حين فصل من مكة إلى حنين، ورأى كثرة من معه من جنود الله -: “لن نغلب اليوم من قلة” .
وهذا الحديث لولا وجوده في سيرة “ابن هشام” المتداولة بين الناس وخشية أن يغتر به بعض من لا دراية له بعلم الحديث لما أوردته، وذلك أن معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بربه وخشيته منه ومقامه الرفيع وتواضعه لله، كل ذلك يجعل المسلم يستبعد صدور هذا القول منه صلى الله عليه وسلم .
مع أن هذا الحديث لم يثبت، فلا ينبغي لمسلم نسبته إليه صلى الله عليه وسلم.
وقد ورد عند الدارمي، وأحمد، والطبري، ما يبطل هذا الحديث ويبين كيف كان موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وهذا سياق الحديث عن الدارمي قال:
55- أخبرنا حجاج بن منهال، ثنا حماد، عن ثابت4، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو أيام حنين: “اللهم بك أحاول، وبك أصاول، وبك أقاتل” .
ورواه أحمد والطبري والبيهقي كلهم من طريق حماد بن سلمة، ثنا ثابت به ولفظه: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أيام حنين يحرك شفتيه بعد صلاة الفجر بشيء لم نكن نراه يفعله، فقلنا يا رسول الله: إنا نراك تفعل شيئا لم تكن تفعله، فما هذا الذي تحرك شفتيك؟ قال: إن نبيا فيمن كان قبلكم أعجبته كثرة أمته فقال: لن يروم هؤلاء شيء، فأوحى الله إليه أن خير أمتك في إحدى ثلاث: إما أن نسلط عليهم عدوا من غيرهم فيستبيحهم، أو الجوع، وإما أن أرسل عليهم الموت. فشاورهم فقالوا: أما العدو فلا طاقة لنا بهم، وأما الجوع فلا صبر لنا عليه، ولكن الموت، فأرسل عليهم الموت فمات منهم في ثلاثة أيام سبعون ألفا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنا أقول الآن – حيث رأى كثرتهم -: “اللهم بك أحاول، وبك أصاول، وبك أقاتل”.
ورواه من طريق عفان، وعبد الرحمن بن مهدي، ثنا سليمان بن المغيرة قال: ثنا ثابت به. وليس فيه لفظ “حنين”.
ورواه الترمذي مطولا من طريق معمر عن ثابت، مشتملا على قصة أصحاب الأخدود دون لفظ “حين”، ورواه مسلم من طريق ثابت بقصة أصحاب الأخدود فقط
والحديث صحيح، وهو يبين مدى صلة رسول الله – ى الله عليه وسلم – ربه وافتقاره إليه في جميع حركاته وسكناته، وأنه يستبعد منه أن يغتر بكثرة من معه، بل كان دأبه الخضوع والتواضع لله، والتوكل عليه في كل شؤونه، ومقام النبوة أعلى وأرفع من أن يتصور وقوع مثل هذا منه صلى الله عليه وسلم
واستقراء سيرته صلى الله عليه وسلم وغزواته يدل على أن ما أصاب المسلمين من انكسار أمام أعدائهم كان مصدره مخالفة بعض أتباعه صلى الله عليه وسلم لأوامره وتوجيهاته العسكرية، كما حصل في غزوة أحد، وكما حصل في غزوة حنين، فإن الروايات صحت أنه صلى الله عليه وسلم وجه النصح والتنبيه للمسلمين أن لا يغتروا بكثرة عددهم كما في حديث أحمد.
وكان صلى الله عليه وسلم يخشى أن يغتر المسلمون ويعجبوا بكثرتهم، فأراد أن يذكرهم بما حصل لمن قبلهم من الأمم من عقوبة بسبب الاغترار والإعجاب بالكثرة.
وتأمل سياق الآية يرشد إلى أن الإعجاب بالكثرة لم يكن صادرا منه صلى الله عليه وسلم، فإن إسناد الإعجاب إلى المسلمين بصيغة الجمع، كما في قوله تعالى {إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} ، [سورة التوبة، من الآية: 25] ، ثم ترتيب الفرار والإدبار على هذا الإعجاب، كما في قوله تعالى {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} ، [سورة التوبة، من الآية: 25] ، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يول مدبراً، بل كان ثابتاً ثبوتاً منقطع النظير، كما هو معروف، يدل على أن هذا الإعجاب صادر من بعض المسلمين، وهذا يشبه قوله تعالى – في شأن غزوة أحد -: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} ، [آل عمران، من الآية: 152] .
والخلاصة إن هذه الآثار الواردة في تعيين القائل يوم حنين “لن نغلب اليوم من قلة” كلها ضعيفة مع ما حصل فيها من الاختلاف في تعيين القائل -كما أوضحت ذلك– ولكنها تتفق في شيء واحد وهو حصول هذا القول من أحد أفراد الجند الإسلامي، بغض النظر عن تسمية قائله وهي بمجموعها يؤيد بعضها بعضا ويزيدها قوة قوله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [سورة التوبة، من الآية: 25] .
فقد صرحت الآية بأن هناك إعجابا حصل من بعض المسلمين، وأنه ابتلوا بسبب هذا الإعجاب، وحصل ما نصت عليه الآية الكريمة.
56- وقال الزرقاني: وأخرجه الحاكم وصححه، وابن المنذر، وابن مردويه من حديث أنس بن مالك قال: “لما اجتمع يوم حنين أهل مكة وأهل المدينة أعجبتهم كثرتهم، فقال القوم اليوم والله نقاتل حين اجتمعنا فكره صلى الله عليه وسلم ما قالوا وما أعجبهم من كثرتهم” .
قلت: الحديث عند الحاكم وليس فيه “أعجبتهم كثرتهم”.
وهذا سياقه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “التقى يوم حنين أهل مكة واهل المدينة، فاشتد القتال فولوا مدبرين، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار فقال: يا معشر المسلمين أنا رسول الله، فقالوا: إليك والله جئنا، فنكسوا ثم قاتلوا حتى فتح الله عليهم” . ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
ووافقه الذهبي.
المبحث الرابع: عوامل انتصار المسلمين في حنين:
– ثبات الرسول صلى الله عليه وسلم في ساحة المعركة يناشد ربه النصر والعون، ويعلن لأعداه من هوازن وغيرهم بأنه نبي حقا لا ينبغي له أن يَفِرّ مهما تكاثرت جموعهم، فكان يركض بغلته نحوهم وهو يقول:
أنا النبي لا كذب … أنا ابن عبد المطلب
– رجوع المسلمين إلى المعركة:…
– تأييد الله للمسلمين بجند من عنده:… اهـ
[مرويات غزوة حنين وحصار الطائف 1/ 87]
– قال الإتيوبي:
(71) – (بَابُ جَوَازِ الاسْتِسْرَارِ بِالإِيمَانِ لِلْخَائِفِ)
وبالسند المتصل إلى الإمام مسلم بن الحجّاج -رحمه الله تعالى- المذكور أول الكتاب قال:
[384] (149) – (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ، قَالُوا: حَدَّثنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: “أَحْصُوا لِي كَمْ يَلْفِظُ الْإسْلَامَ؟ “، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، أَتَخَافُ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّمِائَةٍ إِلَى السَّبْعِمِائَةٍ؟ قَالَ: (إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلَوْا”، قَالَ: فَابْتُلِيْنَا، حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا لَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا).
… (قَالَ) حُذيفة رضي الله عنه (فَابْتُلِيْنَا) بالبناء للمفعول، ولفظ البخاريّ: “فلقد رأيتُنَا ابتُلِينا” (حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا لَا يُصَلِّي إِلا سِرًّا) أي: فتحقّق ما أخبر به النبيّ صلى الله عليه وسلم، فحصل الابتلاء بالفتن التي تموج كموج البحر، وامتُحنوا حتى كان الرجل منهم يُخفي صلاته عن الآخرين، ويُصلّي سرًّا، خوفًا وفَرَقًا.
قال النوويّ رحمه الله: لعله كان في بعض الفتن التي جَرَت بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم، فكان بعضهم يُخفِي نفسه، ويصلي سرًّا؛ مخافةً من الظهور، والمشاركة في الدخول في الفتنة والحروب، والله تعالى أعلم. انتهى.
وقال في “الفتح”: وأما قول حذيفة رضي الله عنه: “فابتُلِينا … إلخ” فيُشبِه أن يكون أشار بذلك إلى ما وقع في أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه من ولاية بعض أمراء الكوفة، كالوليد بن عقبة، حيث كان يؤخر الصلاةَ، أو لا يُقيمها على وجهها، وكان بعض الوَرِعِين يُصلي وحده سرًّا، ثم يصلي معه خشيةً من وقوع الفتنة، وقيل: كان ذلك حين أتمّ عثمانُ الصلاة في السفر، وكان بعضهم يَقصر سرًّا وحده؛ خشيةَ الإنكار عليه.
ووَهِمَ مَن قال: إن ذلك كان أيامَ قتل عثمان؛ لأن حذيفة رضي الله عنه لم يحضر ذلك، وفي ذلك عَلَمٌ من أعلام النبوة، من الإخبار بالشيء قبل وقوعه، وقد وَقَع أشد من ذلك بعد حذيفة رضي الله عنه في زمن الحجَّاج وغيره. انتهى.
وقال القرطبي رحمه الله: قوله: “فابتُلينا … إلخ” يعني: بذلك – والله أعلم – ما جرى لهم في أوّل الإسلام بمكّة حين كان المشركون يؤذونهم، ويمنعونهم من إظهار صلاتهم حتى كانوا يُصلّون سرًّا. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله القرطبيّ في توجيه معنى هذا الحديث مما لا يخفى بطلانه، يُبطله قوله: “فابتُلينا”؛ إذ معناه: بعدما قال لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم: “لعلكم أن تُبْتَلَوْا”، ويُبطله أيضًا قوله: “أتخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة؟ “، وفي رواية الثوريّ: “ونحن ألف وخمسمائة”، وهذا كلّه لا يكون قطعًا في أول الإسلام، وإنما هو بعد قوله صلى الله عليه وسلم: “أحصوا لي … إلخ”.
والحاصل أن هذا الابتلاء إنما وقع بعد ذلك، والذي يظهر أن المراد ما وقع في خلافة عثمان رضي الله عنه من بعض ولاة أمراء بني أميّة، كما سبق في كلام الحافظ رحمه الله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 – (منها): بين جواز الاستسرار بالإيمان للخائف على نفسه.
2 – (ومنها): مشروعية كتابة دواوين الجيوش، وقد يتعين ذلك عند الاحتياج إلى تمييز من يَصْلَح للمقاتلة عمن لا يصلح.
3 – (ومنها): أن فيه وقوعَ العقوبة على الإعجاب بالكثرة، فقد قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: “أتخاف علينا”، ونحن بهذا العدد الكثير؟، فوقع الابتلاء، وهو نظير قوله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25].
4 – (ومنها): أن فيه علَمًا من أعلام النبوّة، حيث أخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم بما سيقع بعده، فوقع كما أخبر به، فقد قال حذيفة رضي الله عنه: “فابتُلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلّي إلا سرًّا”.
5 – (ومنها): بيان كمال شفقة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وشدّة رأفته بأصحابه خاصةً، وبأمته عامّة، فكان يحذّرهم ويُخبرهم بما سيحصل لهم من الابتلاء والامتحان حتى يستعدّوا لذلك بالصبر، والتوكّل على الله – سبحانة وتعالي -، فظهر بهذا مصداق قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128].
6 – (ومنها): أن الإمام البخاريّ رحمه الله ترجم في “كتاب الجهاد” من “صحيحه”، فقال: “باب كتابة الإمام الناس”، فقال ابن المُنَيِّر رحمه الله: موضعُ الترجمة من الفقه أن لا يُتَخَيَّل أن كتابة الجيش، وإحصاء عدده، يكون ذريعة لارتفاع البركة، بل الكتابةُ المأمورُ بها لمصلحة دينية، والمؤاخذة التي وقعت في حنين، كانت من جهة الإعجاب. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج 4/ 168]