507 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
شارك عبدالله الديني وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
مسند الصُّنَابِحِ بن الأعسر الأَحْمَسِيِّ رضي الله عنه
507 – قال الإمام أبو عبد الله بن ماجه رحمه الله (ج 2 ص 1300): حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي ومحمد بن بشر قالا حدثنا إسماعيل عَنْ قَيْسٍ عن الصُّنَابِحِ الأَحْمَسِيِّ قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أَلَا إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَإِنِّى مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ فَلَا تَقْتَتِلُنَّ بَعْدِي».
هذا حديث صحيحٌ على شرط الشَّيخين. وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني البخاري ومسلمًا أن يخرجاها.
* وقال الإمام أحمد رحمه الله (ج 4 ص 351): حدثنا يحيى بن سعيد ووكيع قالا ثنا إسماعيل قال حدثني قيس عن الصنابحي الأحمسي -قال وكيع في حديثه: الصنابحي- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «أنا فرطكم على الحوض وإني مكاثر بكم الأمم فلا تقتتلن بعدي».
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت قيس بن أبي حازم قال سمعت الصنابحي البجلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول «أنا فرطكم على الحوض ومكاثر بكم الأمم».
قال شعبة: أو قال «الناس فلا تقتتلن بعدي».
حدثنا ابن نمير عن إسماعيل عن قيس عن الصنابحي الأحمسي … مثله.
[ص: 432] هذا حديث صحيحٌ. وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني البخاري ومسلمًا أن يخرجاها.
فائدة:
قال الحافظ في “الإصابة” في ترجمة الصنابح بن الأعسر راوي الحديث: هذا ووقع في رواية ابن المبارك ووكيع عن إسماعيل (الصنابحي) بزيادة ياء، وقال الجمهور من أصحاب إسماعيل بغير ياء، وهو الصواب، ونص ابن المديني والبخاري ويعقوب بن شيبة وغير واحد على ذلك.
وقال أبو عمر: روى عن الصنابح هذا قيس بن أبي حازم وحده، وليس هو الصنابحي الذي روى عن أبي بكر الصديق، وهو منسوب إلى قبيلة من اليمن، وهذا اسم لا نسب، وذاك تابعي وهذا صحابي، وذاك شامي وهذا كوفي. اهـ المراد من “الإصابة”.
قلت: بل قد ذكره بزيادة ياء غير ابن المبارك ووكيع:
1) ابن نمير، عند أحمد (ج 4 ص 351).
2) شعبة، عند أحمد (ج 4 ص 351).
3) سفيان بن عيينة، عند أحمد (ج 4 ص 349).
فهؤلاء ثلاثة مع وكيع وابن المبارك.
وروى خالد بن سعيد عن قيس بن أبي حازم عن الصنابحي عند أحمد (ج 4 ص 349)، ومجالد بن سعيد عند أحمد (4 ص 351) عن قيس به.
فالظاهر أنه يقال فيه الصنابح -وهو الأكثر- والصنابحي.
قال الحافظ في “الإصابة” في ترجمة صنابح بن الأعسر: ويظهر الفرق بينهما بالرواية عنهما، فحيث جاءت الرواية عن قيس بن أبي حازم عنه فهو ابن الأعسر، وهو الصحابي، وحديثه موصول، وحيث جاءت الرواية عن غير قيس عنه فهو الصُّنَابِحِيُّ، وهو التابعي، وحديثه مرسل. اهـ المراد من “الإصابة”.
………………………
قال محققو المسند 19083:
إسناده صحيح، وهو مكرر (19069) غير أن شيخ أحمد هنا: هو محمد بن جعفر، وشيخه: هو شعبة بن الحجاج.
[مسند أحمد 31/ 433 ط الرسالة]
وقد قالوا في الحديث رقم 19069:
إسناده صحيح على خطأ في اسم صحابيه، وهو الصنابح بن الأعسر الأحمسي، فمن قال: الصنابحي بياء النسبة فقد أخطأ، وقد بينا ذلك في أول الترجمة، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه الحميدي (780) -ومن طريقه يعقوب بن سفيان في “المعرفة والتاريخ” 2/ 220 – والبخاري في “التاريخ الصغير” 1/ 168، وابن قانع في “معجمه” 2/ 23، وابن بشكوال في “الحوض والكوثر” (46) و (47) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 438 – 439 و 15/ 29 – ومن طريقه ابن أبي عاصم في “السنة” (739) عن عَبْدَة بن سليمان- وابن حبان (6446) من طريق معتمر بن سليمان، والطبراني في “الكبير” (7416) من طريق زيد بن أبي أُنيسة، وابن بشكوال في “الحوض والكوثر” (45) من طريق جرير بن عبد الحميد، وابن الأثير في “أسد الغابة” 3/ 35، والمزي في “تهذيب الكمال” (في ترجمة صنابح بن الأعسر) من طريق جعفر بن عوف، خمستهم عن إسماعيل بن أبي خالد، به. وعندهم -ما خلا عبدة بن سليمان- الصنابح. وقال عبدة: الصنابحي.
وقوله: “أنا فرطكم على الحوض”، سلف من حديث عبد الله بن مسعود برقم (3639)، وذكرنا هناك أحاديث الباب.
وقوله: “إني مكاثر بكم الأمم”، سلف من حديث جابر برقم (14811).
قال السندي: قوله: “فلا تَقْتَتِلُن بعدي” صيغة نهي مؤكدة بالنون، فإن قلت: لا يضر الاقتتال بالمكاثرة، كالموت بوجه آخر، فكيف رتَّب النهي عن الاقتتال على المكاثرة، قلتُ: لعل ذلك لما فيه من تعجيل الموت وقطع النسل، إذ لا تناسل بين الأموات، بخلاف الأحياء. فإن قلتَ: المقتول ميِّتٌ بأجله عند أهل السنة، فما معنى قطع النسل بالقتل؟ قلتُ: يمكن أن يكون له أجلان، أجل على تقدير الاقتتال، وأجل بدونه، ويكون الثاني أطول من الأول، والله تعالى أعلم.
[مسند أحمد 31/ 419 ط الرسالة]
بوب عليه ابن ماجه:
5 – [بَابُ] لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ
بوب عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الكبرى:
بَاب تَعْظِيم قتل الْمُؤمن وَتَحْرِيم دَمه
بوب عليه مقبل في الجامع:
50 – الإيمان بالحوض
31 – الرد على من يقول بتحديد النسل
86 – فضائل أمة محمد صلى الله عليه وسلم –
21 – فتنة القتل فيما بين المسلمين
397 – قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}
قال الخطابي:
(77) (باب حجة الوادع)
880/ 4405 – قال أبو عبدالله: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قال: حَدَّثْنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَنْصَتَ النَّاسَ فَقَالَ: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّاراً، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». يتأوله الخوارج ومن يذهب مذهبهم على الكفر الذي هو الخروج من الملة ويكفرون بالكبيرة كالقتل والزنا ونحوهما من المعاصي، وتأويله عند العلماء على معنى الزجر عن هذا الفعل والتغليظ فيه يقول: لا تشبهوا بالكفار في قتل بعضهم بعضا ولا تكونوا مثلهم في هذا الصنيع، وقيل: معناه التكفر بالسلاح وهو التلبس به، وأصله من الكفر وهو ستر الشيء وتغطيته.
وأخبرني إبراهيم بن فراس قال: سمعت موسى بن هارون يقول: هؤلاء أهل الردة قتلهم أبو بكر الصديق، رضي الله عنه.
[أعلام الحديث 3/ 1781]
قال الخطابي:
تعلق بهذا من أنكر حجة الإجماع من أهل البدع قال: لأنه نهى الأمة بأسرها عن الكفر، ولولا جواز اجتماعها عليه لما نهاها عنه، وإذا جاز اجتماعها على الكفر فغيره من الضلالات أولى، وإذا كان ممنوعاً اجتماعُهما عليه لم يصح النهى عنه، وهذا الذى قاله خطأ لأنا إنما نشترط فى التكليف أن يكون متمكناً متأنياً من المكلف، هذا أيضاً على رأى من منع تكليف ما لا يطاق ، واجتماع الأمة على الكفر وإن كان ممتنعاً، فإنه لم يمنع من جهة أنه لا يمكن ولا يتأتى، ولكن من جهة خبر الصادق عنه أنه لا يقع وقد قال تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} و الشرك قد عصم منه النبى صلى الله عليه وسلم، وبعد هذا نزل عليه مثل هذا ، على أن المراد بهذا الخطاب كل واحد فى عينه أو جمهور الناس، وهذا لا ينكر أحدٌ أن يكون مما يصح حمل هذا الخطاب عليه، فإما أن يكون ظاهراً فيه أو محتملاً له، فيسقط بهذا حجته وقد ذكر أنه مما يتأول الحديث عليه أن معنى قوله: ” كفاراً “: أى متسلحين، وأصل الكفر التستر، والمتسلح متستر بسلاحه.
قال القاضى: رواه من لم يضبط ” يضْرِبْ ” بالإسكان، وهو إحالة المعنى ، والصواب ضم الباءِ .
نهاهم عن التشبيه بالكفار فى حالة قتل بعضهم بعضاً ومحاربة بعضهم لبعض.
وهذا أولى مما يتأول عليه الحديث، ويؤيده ما روى مما جرى بين الأنصار بمحاولة يهود وتذكيرهم أيامهم ودخولهم فى الجاهلية، حتى ثار بعضهم إلى بعض فى السلاح فنزلت: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ} : أى تفعلون فعل الكفار، أو نهاهم عن إظهار جحد ما أمرهم به من تحريم دمائهم، وكفرهم فى ذلك بقتالهم لا بقولهم واعتقادهم. أو أن يتكفروا فى السلاح بقتل بعضهم بعضاً، أو عن كفر نعمة الله بتأليف قلوبهم وتوددهم وتراحمهم الذى به صلاحهم بأن رجعوا إلى ضد ذلك، وعلى سكون الياء فإنها نهى عن الكفر مجرداً ثم يجىء ضرب الرقاب جواب النهى.
ومجازات الكفر ومساق الخبر ومفهومه، يدل على النهى عن ضرب الرقاب والنهى عما قبله بسببه.
وقال الخطابى: معناه: لا يكفر بعضكم بعضاً فتستحلوا قتال بعضكم بعضاً.
وقيل: المراد بالحديث أهل الردة، وهذا القول إنما قاله صلى الله عليه وسلم فى خطبة النحر إثر قوله: ” إِنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام … ” الحديث، ثم قال: ” ليبلغ الشاهدُ الغائبَ، لا ترجعوا بعدى كفاراً … ” الحديث، فهو شرح لما تقدم منه صلى الله عليه وسلم فى تحريم بعضهم على بعض، ما أقاموا على الإسلام.
قال الطبرى: قوله: ” بعدى “: أى بعد فراقى من موقفى هذا، ويكون معنى بعدى : خلافى أى لا تخلفونى فى أنفسكم بعد الذى أمرتكم به، أو لأنه حقَّق صلى الله عليه وسلم أن هذا لا يكون فى حياته فنهاهم بعد مماته.
وقوله: ” ويحكم أو قال ويلكم “: كلمتان استعملتهما العرب بمعنى التعجب والتوجع. قال سيبويه: ويل كلمة لمن وقع فى هلكة، وويح ترحم بمعنى ويْل.
وحكى عنه: ويح زجر لمن أشرف على الهلكة.
قال غيره: ولا يراد بهما الدعاء بإيقاع الهلكة، ولكن للترحم والتعجب، وروى عن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه -: ويحُ كلمة رحمة.
وقال الهروى: ويح لمن وقع فى هلكة لا يستحقها فيترحم عليه ويرثى له، وويل للذى يستحقها ولا يترحم عليه. وقال الأصمعى: ويح ترحم، وقال ابن عباس: الويل: المشقة. قال ابن عرفة الويل الحزن، وقيل: الهلاك.
[إكمال المعلم بفوائد مسلم 1/ 323]
قال النووي:
قِيلَ فِي مَعْنَاهُ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ فِي حَقِّ الْمُسْتَحِلِّ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالثَّانِي الْمُرَادُ كُفْرُ النِّعْمَةِ وَحَقِّ الْإِسْلَامِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يُقَرِّبُ مِنَ الْكُفْرِ وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ فِعْلٌ كَفِعْلِ الْكُفَّارِ وَالْخَامِسُ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْكُفْرِ وَمَعْنَاهُ لَا تَكْفُرُوا بَلْ دُومُوا مُسْلِمِينَ وَالسَّادِسُ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُفَّارِ الْمُتَكَفِّرُونَ بِالسِّلَاحِ يُقَالُ تَكَفَّرَ الرَّجُلُ بِسِلَاحِهِ إِذَا لَبِسَهُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ فِي كِتَابِهِ تَهْذِيبُ اللُّغَةِ يُقَالُ لِلَابِسِ السِّلَاحِ كَافِرٌ وَالسَّابِعُ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ لَا يُكَفِّرُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَتَسْتَحِلُّوا قِتَالَ بَعْضِكُمْ بَعْضًا وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ الرَّابِعُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي عِيَاضٍ رحمه الله ثُمَّ إِنَّ الرِّوَايَةَ يَضْرِبُ بِرَفْعِ الْبَاءِ هَكَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَكَذَا رَوَاهُ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ وَبِهِ يَصِحُّ الْمَقْصُودُ هُنَا وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ ضَبَطَهُ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ إِحَالَةٌ لِلْمَعْنَى وَالصَّوَابُ الضَّمُّ قُلْتُ وَكَذَا قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ جَزْمُ الْبَاءِ عَلَى تَقْدِيرِ شَرْطٍ مُضْمِرٍ أَيْ إِنْ تَرْجِعُوا يَضْرِبْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَا تَرْجِعُوا)
بَعْدِي كُفَّارًا فَقَالَ الْقَاضِي قَالَ الصُّبَرِيُّ مَعْنَاهُ بَعْدَ فِرَاقِي مِنْ مَوْقِفِي هَذَا وَكَانَ هَذَا يَوْمُ النَّحْرِ بِمِنًى فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ أَوْ يَكُونُ بَعْدِي أَيْ خِلَافِي أَيْ لَا تَخْلُفُونِي فِي أَنْفُسِكُمْ بِغَيْرِ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ بِهِ أَوْ يَكُونُ تَحَقَّقَ صلى الله عليه وسلم أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ فِي حَيَاتِهِ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (
[شرح النووي على مسلم 2/ 55]
قال الإثيوبي الهرري:
(قال) الصنابح: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا) حرف استفتاح (إني فرطكم) أي: سابق لكم إلى الموت، منتظر لكم (على الحوض، وإني مكاثر بكم) أي: مفاخر بكثرتكم على سائر (الأمم) يوم القيامة (فلا تقتلن) – بضم التاء الأولى وفتح القاف وكسر التاء الثانية المشددة وضم اللام وتشديد النون – مضارع مسند إلي واو الجماعة المحذوف، متصل بنون التوكيد الثقيلة؛ من التقتيل؛ أصله: فلا تُقَتِّلُونَنَّ، حذفت النون الأولى؛ للجازم، والواو لالتقاء الساكنين؛ نظير قوله تعالى: {وَلَا يَصُدُّنَّكَ} (1)؛ أي: لا يقتل بعضكم بعضًا (بعدي) أي: بعد وفاتي.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد في “الصحيحين” وغيرهما من حديث جرير بن عبد الله البجلي وعبد الله بن عمر السابقين، وليس للصنابح حديث في “ابن ماجه” سوى هذا، وليس له رواية في شيء من “الكتب الخمسة الأصول”.
[شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه 23/ 308]
ومن علامات الساعة يكثر الجهل ويقل العلم ، وينتشر القتل ،
ولا يدري القاتل لماذا قَتَل ، ولا يدري المقتول عن سبب قتله .
عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رواه مسلم (2908)
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال :
( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ الْهَرْجَ . قِيلَ : وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَال : الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ . قَالُوا : أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ ؟ قَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ الْكُفَّارَ ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ . قَالُوا : سُبْحَانَ اللَّهِ ! وَمَعَنَا عُقُولُنَا ؟ قالَ : لَا ، إِلَّا أَنَّهُ يَنْزِعُ عُقُولَ أَهْلِ ذَاكَ الزَّمَانِ ، حَتَّى يَحْسَبَ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ )
رواه أحمد في ” المسند ” (32/409) وصححه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة، وصححه الشيخ الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” (رقم/1682)
والذي يتحصل من هذه الأحاديث أن القتل يكثر في آخر الزمان ، ولا يكون مبرَّرًا معروف الأسباب ، وذلك يمكن أن يقع في الحالات الآتية :
1-في حالات قتال الفتنة التي يشتبه فيها الحق بالباطل ، فلا يظهر للناس وجه الصواب فيها، ويقع القتال بينهم ، فلا يدري حينئذ القاتل فيم قَتَل ، ولا المقتول لماذا قُتِل ، ومعنى : ( لا يدري ) الواردة في الحديث – بناء على هذا الوجه – أنهم لا يعرفون الحق من الباطل في الفتنة التي أدت إلى القتل ، وإلا فهم يعرفون وقوع الفتنة نفسها .
2-وقد يقع مثل هذا القتل أيام الحروب العصبية ، التي يقع فيها القتل بسبب التعصب للقبيلة أو الطائفة ، ويكون المقاتل جاهلا أهوجَ ، إنما شارك في القتال لاستغاثة أهل قبيلته أو طائفته به ، وهو لا يدري عن سبب وقوع القتال شيئا .
3-ويمكن أن يكون في حالة وقوع القتل العشوائي العام ، كالقتل بأسلحة الدمار الشامل ، فيصاب بهذه الأسلحة كثير من الأبرياء ، فلا يعرف المقتول لماذا قتل ، ولا يعرف القاتل لماذا قتل هؤلاء الأبرياء ، فجملة ( لا يدري ) في الحديث على حقيقتها ، فلا القاتل ولا المقتول يعرفان سبب القتل ، لأنه قتل عشوائي .
4-ومنه أيضا : ما يحصل من السفهاء من التحرش بالناس بالقتل لسفاهته وحمقه والتذاذه، فيقتل الآخرين ، فيصدق عليهما الحديث .
5-ومنه أيضاً : أن المعنى ( لا يدري ) أي : الوجه الشرعي في القتل ، كما جاء في ” مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ” (15/352) ترقيم الشاملة: ” ( لا يدري القاتل فيم قَتل ) أي : المقتول هل يجوز قتله أم لا ، ( ولا المقتول ) أي : نفسه أو أهله ( فيم قُتل ) هل بسبب شرعي أو بغيره ، كما كثر النوعان في زماننا” انتهى.