501 – فتح الملك بنفحات المسك شرح صحيح البخاري.
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وسلطان الحمادي وأحمد بن خالد وعمر الشبلي ومحمد سيفي وعدنان البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
94 – أخرج الإمام البخاري في كتاب الصلاة من صحيحه:
94 – بَابُ السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا
501 – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ لا بِالْهَاجِرَةِ، فَصَلَّى بِالْبَطْحَاءِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَنَصَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةً، وَتَوَضَّأَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَمَسَّحُونَ بِوَضُوئِهِ».
——–
فوائد الباب:
1 – قوله: (باب السترة بمكة وغيرها)،”مراد البخاري: أن السترة تشرع بمكة وغيرها، واستدل بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالبطحاء -وهو أبطح مكة- في حجته إلى عنزة”. قاله الحافظ ابن رجب في الفتح.
2 – وعند مسلم 503 من طريق عون بن أبي جُحَيفة عن أبيه، قال: “أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة وهو بالأبطح”. وهو أوضح لمقصود البخاري.
3 – حديث أبي جحيفة -رضي الله عنه- سبق تخريجه في كتاب الوضوء باب استعمال فضل وضوء الناس وذكر بعض فوائده.
4 – قال ابن بطال في شرحه: “والسترة للمصلي معناها: درء المار بين يديه، فكل من صلى فى مكان واسع، فالمستحب له أن يصلي إلى سترة بمكة كان أو غيرها، إلا من صلى فى مسجد مكة بقرب القبلة حيث لا يمكن أحدا المرور بينه وبينها، فلا يحتاج إلى سترة إذ قبلة مكة سترة له، فإن صلى في مؤخر المسجد بحيث يمكن المرور بين يديه أو في سائر بقاع مكة إلى غير جدار أو شجرة أو ما أشبههما، فينبغي أن يجعل أمامه ما يستره من المرور بين يديه كما فعل الرسول حين صلى بالبطحاء إلى عنزة”.انتهى وزاد الكرماني بعد أن نقل بعض كلام ابن بطال قال: “ومكروه له ترك ذلك”. انتهى أي مكروه له ترك السترة.
5 – قوله: {بالبطحاء} أي ببطحاء مكة. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
6 – عن يحيى بن أبي كثير، قال: رأيت أنس بن مالك في المسجد الحرام قد نصب عصا يصلي إليها. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 2870 واللفظ له قال حدثنا عيسى بن يونس، وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 7/ 18 َقال: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ كلاهما عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير به. قال الألباني في إسناد ابن سعد: “صحيح”.
7 – ” عن يزيد الفقير، قال: كنت أصلي إلى جنب ابن عمر بمكة، فلم أر رجلا أكره أن يمر بين يديه منه”. أخرجه أبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب الصلاة ثنا جعفر بن برقان، عن يزيد الفقير به نقله الحافظ ابن رجب في الفتح، وعن صالح بن كيسان، قال: رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة، فلا يدع أحدا يمر بين يديه، يبادره – قال: يرده. أخرجه أبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب الصلاة – نقلا عن الحافظ ابن رجب في الفتح- ومن طريقه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه 1/ 526 ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق 23/ 366 – 367 – ثنا عبد العزيز الماجشون، عن صالح بن كيسان به. قال الألباني كما في حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-: “سند صحيح”.
8 – عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: «رأيت محمد بن الحنفية يصلي في مسجد منى، والناس يمرون بين يديه، فجاء فتى من أهله فجلس بين يديه»، قال عبد الرزاق: «ورأيت أنا ابن جريج يصلي في مسجد منى على يسار المنارة، وليس بين يديه سترة، فجاء غلام فجلس بين يديه». أخرجه عبد الرزاق في المصنف 2390.
9 – عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، عن أبيه، عن جده قال: «رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في المسجد الحرام، والناس يطوفون بالبيت بينه وبين القبلة بين يديه ليس بينه وبينهم سترة». أخرجه عبد الرزاق في المصنف 2387 و 2388 وابن خزيمة في صحيحه 815 وابن حبان في صحيحه 2363 من طرق عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة به.
10 – قال البيهقي في السنن الكبرى 3482: “أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو الحسن بن عبدوس قال: سمعت عثمان بن سعيد يقول: سمعت عليا يعني ابن المديني يقول في هذا الحديث: قال سفيان: سمعت ابن جريج يقول: أخبرني كثير بن كثير، عن أبيه، عن جده قال: “رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي والناس يمرون”. قال سفيان: فذهبت إلى كثير فسألته، قلت: حديث تحدثه عن أبيك؟ قال: لم أسمعه من أبي، حدثني بعض أهلي، عن جدي المطلب قال علي: قوله لم أسمعه من أبي شديد على ابن جريج قال أبو سعيد: عثمان يعني ابن جريج لم يضبطه قال الشيخ (أي البيهقي) وقد قيل: عن ابن جريج، عن كثير، عن أبيه قال: حدثني أعيان بني المطلب، عن المطلب، ورواية ابن عيينة أحفظ” انتهى.
11 – والحديث أورده الدارقطني في العلل 3408 وذكر طرقها وختمها بقوله: “وقول ابن عيينة أصحها”. والحديث ضعفه الألباني وأورده في سلسلة الأحاديث الضعيفة وأثرها السيء في الأمة، وأشار إلى أن الخلاف قد يكون من كثير نفسه. وقال الحافظ ابن رجب في الفتح: “وقد تبين برواية ابن عيينة هذه أنها أصح من رواية ابن جريج، ولكن يصير في إسنادها من لا يعرف. وقد رواه غير واحد عن كثير بن كثير كما رواه عنه ابن جريج”. وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: “أخرجه من هذا الوجه أيضا أصحاب السنن ورجاله موثقون الا أنه معلول … أراد البخارى التنبيه على ضعف هذا الحديث وأن لا فرق بين مكة وغيرها فى مشروعية السترة”. انتهى.
12 – قال ابن خزيمة في صحيحه 815 بباب ذكر الدليل على أن التغليظ في المرور بين يدي المصلي، إذا كان المصلي يصلي إلى سترة، وإباحة المرور بين يدي المصلي إذا صلى إلى غير سترة انتهى ثم ذكر حديث المطلب بن أبي وداعة. ونحوه ابن حبان في صحيحه.
13 – “وصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأبطح إلى العنزة لا يعارض حديث المطلب؛ لأن حديث المطلب دل على جواز الصلاة بمكة إلى غير سترة، وحديث أبي جحيفة دل على جواز الصلاة بمكة إلى سترة. وقد نص الإمام أحمد على أن مكة مخصوصة من بين البلدان بذلك، ومن أصحابنا من قال: إن حكم الحرم كله كذلك، ولو قيل: إن الصلاة إلى غير سترة مختص بالمسجد الحرام وحده دون بقاع مكة والحرم لكان جمعا بين الحديثين متوجها، وكلام القاضي أبي يعلى في كتابه الجامع الكبير يدل عليه، وصرح به غيره من أصحابنا”. قاله ابن رجب في الفتح.
14 – عن أبي عامر قال: «رأيت ابن الزبير يصلي في المسجد، فتريد المرأة أن تجيز أمامه، وهو يريد السجود، حتى إذا هي أجازت سجد في موضع قدميها». أخرجه عبد الرزاق 2386 قال عن ابن جريج قال: أخبرني أبي، عن أبي عامر به وأخرجه ابن المنذر في الأوسط 5/ 104 من طريق أبي معاوية ثنا ابن جريج عن ابن ابي عمار قال رايت ابن الزبير طاف بالبيت ثم جاء وصلى والطُّوَّاف بينه وبين القبله قال: تمر بين يديه المرأة فينتظرها حتى تمر ثم يضع جبهته في موضع قدميها.
قال الإمام الطبري في تهذيب الآثار 516: “حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار، قال: رأيت ابن الزبير يصلي، فمرت امرأة بين يديه تطوف بالبيت، فوضع جبهته في موضع قدمها ”. فاتضح اسم التابعي وربما كان أبو عامر الذي ورد في إسناد عبد الرزاق كنيته. والأثر صريح أن المرأة لم تمر بينه وبين موضع سجوده والله أعلم.
15 – قال ابن قدامة:
وَلَا بَاسَ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَكَّةَ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ. قَالَ الْأَثْرَمُ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يُصَلِّي بِمَكَّةَ، وَلَا يَسْتَتِرُ بِشَيْءٍ؟ فَقَالَ: قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ لا أَنَّهُ صَلَّى ثَمَّ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ سُتْرَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّ مَكَّةَ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا …
ثم ذكر ابن قدامة حديث المطلب وأثر ابن الزبير؛ ثم قال:
وَقَالَ الْمُعْتَمِرُ، قُلْت لِطَاوُسٍ: الرَّجُلُ يُصَلِّي – يَعْنِي
بِمَكَّةَ – فَيَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ؟ فَقَالَ: أُوَلًا يَرَى النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَإِذَا هُوَ يَرَى أَنَّ لِهَذَا الْبَلَدِ حَالًا لَيْسَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْبُلْدَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ بِمَكَّةَ لِأَجْلِ قَضَاءِ نُسُكِهِمْ، وَيَزْدَحِمُونَ فِيهَا، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ بَكَّةَ، لِأَنَّ النَّاسَ يَتَبَاكَّوْنَ فِيهَا، أَيْ: يَزْدَحِمُونَ وَيَدْفَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَوْ مَنَعَ الْمُصَلِّي مَنْ يَجْتَازُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَضَاقَ عَلَى النَّاسِ، وَحُكْمُ الْحَرَمِ كُلِّهِ حُكْمُ مَكَّةَ فِي هَذَا، بِدَلِيلِ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَقْبَلْت رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَالنَّبِيُّ لا يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنَى إلَى غَيْرِ جِدَارٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[. المغني لابن قدامة – ط مكتبة القاهرة (2) / (179)]
16 – فتوى:
س (6): هل يجوز المرور بين يدي المصلي في المسجد؟
ج (6): يحرم المرور بين يدي المصلي، سواء اتخذ سترة أم لا، لعموم حديث: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه واستثنى جماعة من الفقهاء من ذلك الصلاة بالمسجد الحرام، فرخصوا للناس في المرور بين يدي المصلي؛ لما روى كثير بن كثير بن المطلب عن أبيه عن جده قال: «رأيت رسول الله لا حيال الحجر والناس يمرون بين يديه»، وفي رواية عن المطلب أنه قال: «رأيت رسول الله لا إذا فرغ من سبعه جاء حتى يحاذي الركن بينه وبين السقيفة فصلى ركعتين في حاشية المطاف وليس بينه وبين الطواف واحد» وهذا الحديث وإن كان ضعيف الإسناد غير أنه يعتضد بما ورد في ذلك من الآثار، وبعموم أدلة رفع الحرج لأن في منع المرور بين يدي المصلي بالمسجد الحرام حرجا ومشقة غالبا. [فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى (7) / (83)].