5 عون الصمد في شرح الذيل على الصحيح المسند؛؛
شرح نورس الهاشمي
الذيل على الصحيح المسند (5)
قال الإمام أحمد 1005 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع حدثني شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة: ان عليا رضي الله عنه لما صلى الظهر دعا بكوز من ماء في الرحبة فشرب وهو قائم ثم قال ان رجالا يكرهون هذا وإني رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فعل كالذي رأيتموني فعلت ثم تمسح بفضله وقال هذا وضوء من لم يحدث.
قال أحد الأصحاب: وهو الحديث برقم 583 ولا أرى فرقا بينه وبين رواية البخاري
وليس في البخاري (ثم تمسح بفضله وقال هذا وضوء من لم يحدث).
الجواب (سيف): (هذا وضوء من لم يحدث) هو من قول علي رضي الله عنه كما صرح به بعض أهل العلم ويدل على ذلك رواية في الشمائل وكذلك في صحيح ابن حبان الا إذا اعتبرناه في حكم المرفوع
لعلنا نضعه في المتمم على الذيل
________
أخرجه البخاري بنحوه فقال:
5615 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ، قَالَ: أتى عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى بَابِ الرَّحَبةِ، فَشَرِبَ قَائِمًا، فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهْوَ قَائِمٌ، وَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كمَا رَأَيْتُمُوني فَعَلْتُ.
5616 حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه : أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ قَعَدَ في حَوَائِجِ النَّاسِ في رَحَبةِ الْكُوفَةِ حَتَّى حَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ، ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ فشَرِبَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَذَكَرَ: رَاسَهُ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهْوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قَائِمًا، وإنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ.
(الرَّحبة) بفتح المهملة، أي: الساحة، والمراد: رَحبةُ مسجدِ الكوفة.
(فعل)؛ أي: شرب قائمًا.
قال الألباني:
(فائدة): واعلم أن بعض العلماء فهموا من قوله في هذه الرواية: للطاهر ما لم
يحدث؛ أي: حدثاً أصغر، وبناءً على ذلك قالوا: (إنما يجوز المسح على النعلين لمن
كان على وضوء، ثم أراد تجديده)! وليس يظهر لنا هذا المعنى؛ بل المراد ما لم يحدث حدثاً أكبر؛ أي: ما لم يُجْنِب؛ فهو بمعنى حديث صفوان بن عسال بلفظ: ” إلا من جنابة، ولكن من غائط أو بول أو نوم “. صحيح ابي داود (1/ 291)، و يستحسن الرجوع الى المصدر للمزيد.
والأثر يدل بمفهومه على جواز الشرب قائما و هذا هو قول الخلفاء الراشدين كما نقل مالك في الموطأ و جاء عن البعض التابعين و غيرهم و سياتي تفصيل ذلك.
اختلف أهل العلم على قولين:
القول الأول: الجواز و هو قول الجمهور و هو قول الحافظ في الفتح و النووي و هو قول العثيمين الشيخ العباد و الشيخ مقبل
القول الثاني: يفيد التحريم و هو قول ابن تيمية تلميذه ابن القيم في زاد المعاد و ابن حزم و الألباني
أدلة القول الأول:
وعن ابن عباس سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم
وفي الرواية الأخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم وفي صحيح البخاري أن عليا رضي الله عنه شرب قائما وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت.
عن ابن عمر قال: كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نأكل ونحن نمشي، ونشرب ونحن قيام.
وأخرج مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان كانوا يشربون قياما
مالك عن بن شهاب إن عائشة أم المؤمنين وسعد بن أبي وقاص كانا لا يريان بشرب الإنسان وهو قائم بأسا.
ادلة اقول الثاني:
عن أبي سعيد الخدري، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائما» رواه مسلم.
عن أنس، «أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما» رواه مسلم
عن أبي هريرة «أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يشرب قائما فقال: مه قال لمه؟ فقال أيسرك أن يشرب معك الهر؟ قال لا. قال قد شرب معك من هو شر منه الشيطان» رواه أحمد و صححه الألباني.
وبعض اهل العلم من حمل الشرب قائما للحاجة أو لمكان ضيق أو في الزحام.
قال النووي في شرح مسلم 13/ 195: على أن هذه الأحاديث أشكل معناها على بعض العلماء حتى قال فيها أقوالا باطلة وزاد حتى تجاسر ورام أن يضعف بعضها وادعى فيها دعاوى باطلة لا غرض لنا فى ذكرها ولا وجه لإشاعة الأباطيل والغلطات في تفسير السنن بل نذكر الصواب ويشار إلى التحذير من الاغترار بما خالفه وليس في هذه الأحاديث بحمد الله تعالى إشكال ولا فيها ضعف بل كلها صحيحة والصواب فيها أن النهي فيها محمول على كراهة التنزيه وأما شربه صلى الله عليه وسلم قائما فبيان للجواز فلا إشكال ولا تعارض وهذا الذي ذكرناه يتعين المصير إليه وأما من زعم نسخا أو غيره فقد غلط غلطا فاحشا.
قال الحافظ في الفتح [10/ 83]: بل الصواب أن النهي فيها محمول على التنزيه وشربه قائما لبيان الجواز وأما من زعم نسخا أو غيره فقد غلط فإن النسخ لا يصار إليه مع إمكان الجمع و ثبت التاريخ وفعله صلى الله عليه و سلم لبيان الجواز لا يكون في حقه مكروها أصلا فإنه كان يفعل الشيء للبيان مرة أو مرات ويواظب على الأفضل والأمر بالاستقاءة محمول على الاستحباب فيستحب لمن شرب قائما أن يستقيء لهذا الحديث الصحيح الصريح فإن الأمر إذا تعذر حمله على الوجوب حمل على الاستحباب. انتهى
والذي أميل إليه هو القول الثاني لما فيها من وعيد شديد وفيه مشقة على من شرب قائما أن يستقيء ومثل هذه الألفاظ لا تحمل الا على التحريم، و تباح عند الحاجة، والله اعلم.
قال ابن تيمية: وأما ” الشرب قائما ” فقد جاءت أحاديث صحيحة بالنهي وأحاديث صحيحة بالرخصة؛ ولهذا تنازع العلماء فيه وذكر فيه روايتان عن أحمد؛ ولكن الجمع بين الأحاديث أن تحمل الرخصة على حال العذر. فأحاديث النهي مثلها في الصحيح ” {أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائما} وفيه عن قتادة عن أنس: {أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما} قال قتادة: فقلنا: الأكل؟ فقال: ذاك شر وأخبث. وأحاديث ” الرخصة ” مثل حديث ما في الصحيحين عن علي وابن عباس قال: {شرب النبي صلى الله عليه وسلم قائما من زمزم} وفي البخاري عن علي: أن عليا في رحبة الكوفة شرب وهو قائم. ثم قال: إن ناسا يكرهون الشرب قائما وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت. وحديث علي هذا قد روي فيه أثر أنه كان ذلك من زمزم كما جاء في حديث ابن عباس هذا كان في الحج والناس هناك يطوفون ويشربون من زمزم ويستقون ويسألونه ولم يكن موضع قعود مع أن هذا كان قبل موته بقليل فيكون هذا ونحوه مستثنى من ذلك النهي وهذا جار عن أحوال الشريعة: أن المنهي عنه يباح عند الحاجة؛ بل ما هو أشد من هذا يباح عند الحاجة؛ بل المحرمات التي حرم أكلها وشربها كالميتة والدم تباح للضرورة. مجموع الفتاوى (32/ 210).
قال ابن القيم في تهذيب السنن [10/ 131]: فإنه لعندي فدلت هذه الوقائع على أن الشرب منها قائما كان لحاجة لكونه القربة معلقة وكذلك شربه من زمزم أيضا لعله لم يتمكن من القعود لضيق الموضع أو الزحام وغيرها
قال الألباني: وظاهر النهي في هذه الأحاديث يفيد تحريم الشرب قائما بلا عذر، وقد جاءت أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائما، فاختلف العلماء في التوفيق بينها، والجمهور على أن النهي للتنزيه، والأمر بالاستقاء للاستحباب.
وخالفهم ابن حزم فذهب إلى التحريم، ولعل هذا هو الأقرب للصواب، فإن القول بالتنزيه لا يساعد عليه لفظ ” زجر “، ولا الأمر بالاستقاء، لأنه أعني الاستقاء فيه مشقة شديدة على الإنسان، وما أعلم أن في الشريعة مثل هذا
التكليف كجزاء لمن تساهل بأمر مستحب! وكذلك قوله ” قد شرب معك الشيطان ” فيه تنفير شديد عن الشرب قائما، وما إخال ذلك يقال في ترك مستحب. وأحاديث الشرب قائما يمكن أن تحمل على العذر كضيق المكان، أو كون القربة
معلقة وفي بعض الأحاديث الإشارة إلى ذلك. والله أعلم. السلسلة الصحيحة (1/ 340).
فائدة: وللشرب قائما آفات عديدة منها أنه لا يحصل له الري التام ولا يستقر في المعدة حتى يقسمه الكبد على الأعضاء وينزل بسرعة وحدة إلى المعدة فيخشى منه أن يبرد حرارتها وتشوشها وتسرع النفوذ إلى أسفل البدن بغير تدريج وكل هذا يضر بالشارب وأما إذا فعله نادرا أو لحاجة لم يضره انتهى [عون المعبود وحاشية ابن القيم]