5 تهذيب تفسير ابن كثير:سورة الفتح 5 – 7
سيف الكعبي وأحمد بن علي
سورة الفتح 5 – 7
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة –
——
سورة الفتح
هـوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (7)
—————–
يَقُولُ تَعَالَى: هـوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ أَيْ جَعَلَ الطُّمَأْنِينَةَ، قَالَهُ ابن عباس رضي الله عنهما وَعَنْهُ: الرَّحْمَةُ وَقَالَ قَتَادَةُ: الْوَقَارُ فِي قُلُوبِ المؤمنين، وهـم الصحابة رضي الله عنهم، يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَانْقَادُوا لحكم الله ورسوله، فلما اطمأنت قلوبهم بذلك وَاسْتَقَرَّتْ زَادَهـمْ إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَا الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الأَئِمَّةِ عَلَى تَفَاضِلِ الإِيمَانِ فِي الْقُلُوبِ، ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لو شاء لانتصر من الكافرين فقال سبحانه وتعالى: وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالأرْضِ أَيْ وَلَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ مَلَكًا وَاحِدًا لأَبَادَ خَضْرَاءَهـمْ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى شَرَّعَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْجِهَادَ وَالْقِتَالَ، لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ وَالْحُجَّةِ الْقَاطِعَةِ والبراهـين الدامغة، ولهذا قال جلت عظمته: وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً.
ثم قال عز وجل: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها قَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَنَسٍ رضي الله عنه حين قَالُوا: هـنِيئًا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هـذَا لك فما لنا؟
فأنزل الله تَعَالَى: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَيْ مَاكِثِينَ فِيهَا أَبَدًا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ أَيْ خَطَايَاهـمْ وَذُنُوبَهُمْ فَلا يُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهَا، بَلْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ وَيَغْفِرُ وَيَسْتُرُ وَيَرْحَمُ وَيَشْكُرُ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً كقوله جل وعلا:
فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185]
الآية.
وقوله تعالى: وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ أي يتهمون الله تعالى في حكمه ويظنون بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عنهم أن يقتلوا ويذهـبوا بالكلية، ولهذا قال تعالى: عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ أَيْ أَبْعَدَهـمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ثم قال عز وجل مُؤَكِّدًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الانْتِقَامِ مِنَ الأَعْدَاءِ أَعْدَاءِ الإسلام ومن الْكَفَرَةِ وَالْمُنَافِقِينَ (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً).