493 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
493 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 5 ص 258): حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت عبد الرحمن بن العداء قال سمعت أبا أمامة قال: توفي رجل فوجدوا في مئزره دينارًا أو دينارين فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «كية -أو كيتان-» عبد الرحمن الذي يشك.
حدثنا روح حدثنا شعبة عن عبد الرحمن من أهل حمص من بني العداء من كندة قال سمعت أبا أمامة … مثله.
هذا حديث صحيحٌ. وعبد الرحمن بن العداء ترجمته في “تعجيل المنفعة”، وثَّقه ابن معين.
………………….
قال محققو المسند 22221:
حديث صحيح، وهذا إسناد جيد سلف الكلام عليه عند الرواية (22180). محمد بن جعفر: هو الهُذلي البصري المعروف بغُنْدَر.
بوب ابن حبان:
ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ أَنَّ النَّارَ تَجِبُ لِمَنْ مَاتَ وَقَدْ خَلَّفَ الصَّفْرَاءَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ.
ثم قال:
3990 – أَخبَرنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ، بِالْمَوْصِلِ، حَدثنا مُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَوَجَدُوا فِي شَمْلَتِهِ دِينَارَيْنِ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: “كَيَّتَانِ”. [3263]
[صحيح ابن حبان: التقاسيم والأنواع 5/ 66]
وبوب عليه أيضا:
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم “كَيَّتَانِ، وَثَلَاثُ كَيَّاتٍ”، أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْمُتَوَفَّى كَانَ يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا وَتَكَثُّرًا.
ثم قال:
3992 – أَخبَرنا أَبُو يَعْلَى، حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدثنا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَسِّمُ ذَهَبًا إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْطِنِي، فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ قَالَ: زِدْنِي، فَزَادَهُ ثَلَاثَ مرار، ثُمَّ وَلَّى مُدْبِرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ، ثُمَّ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ ثُمَّ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ وَلَّى مُدْبِرًا وَقَدْ جَعَلَ فِي ثَوْبِهِ نَارًا إِذَا انْقَلَبَ إِلَى أَهْلِهِ”. [3265]
[صحيح ابن حبان: التقاسيم والأنواع 5/ 67]
بوب عليه البيهقي في الشعب:
فصل في الاستعفاف عن المسألة
باب في إخلاص العمل لله عز وجل وترك الرّياء
بوب عليه مقبل في الجامع:
21 – البعد عن أموال الناس وأ عراضهم
2 – الزهد في الدنيا
قال القصاب:
ذكر الزكاة في الكنوز:
(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ)
الهاء راجعة إما على الكنوز، وإما على عدد الدنانير والدراهم، أو قطاع التبر من الذهب والفضة لا على لفظهما.
فلا يشبه أن يكون هذا الكنز – والله أعلم – إلا المال الذي لا تؤدى زكاته، إذ لو أريدت جميع الأموال من الذهب والفضة، ما كان لقوله (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً)
معنى، ولا لقوله: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) .
ومع ما جاء في القرآن من آيات الزكاة، وحبس الأموال حتى يحول عليها الحول، ولبطلت السنن المروية في الزكاة، ولعللت آي المواريث وكان كل من له مال قل أو كثر ينفقه ولا يحبسه للزكاة ولا للميراث،.
ولا أحسب الزكاة إلا من سبيل الله، فإذا أخرجها فقد أنفق ماله في سبيل الله وكذا قال ابن عمر رضي الله عنه: ” ما أدى ركاته فليس بكنز”.
وقد أسندوه إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، من طريق ابن عمر، وجابر، وأم سلمة.
فإن احتج محتج بالحديث المروي عن أبي أمامة الباهلي وغيره: أن رجلا من أهل الصفة مات وترك دينارا، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: ” كية ” وتوفي آخر وترك دينارين، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: ” كيهان “.
قيل: ليس في إسناد هذا الخبر ما يعارض به ماذكرنا من آي القرآن في الزكاة والمواريث، لأنه رواه عن أبي أمامة أبو الجعد مولى لبني ضبيعة وهو مجهول وعبد الرحمن بن العداء الكندي وليس ممن تثبت بروايتهما حجة، وسيما وقد رويا رواية تعارض القرآن في الظاهر.
ورواه شهر بن حوشب وفيه ضعف، وحديث أبي ذر وقد دلت حديث ثوبان مولى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على ما قلنا وهو أصح إسنادا حيث يقول: ” أيما رجل ترك كنزا بعده مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان ”
وهذا مثل رواية عبد الله بن مسعود وأبي هريرة في المال الذي لا تؤدي زكاته، فرواه ثوبان مجملا بذكر الكنز، وروياه مفسرا.
ولو صح حديث أبي أمامة أيضا، لاحتمل أن يصرف قوله في الكية والكيتين إلى غلول أو عقوبة كذب حيث يوهم الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن لا شيء عنده، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، يعده في عداد أصحابه من أهل الصفة، ثم يترك ما ترك، ولا نترك آي الزكاة والمواريث، ألا ترى أنه، صلى الله عليه وسلم، لم يقل لسعد ما قال لهما، حيث دخل عليه وهو مريض فقال: يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال، بل لم يدعه أن يتصدق من ماله في الوصية إلا بالثلث، واستكثره ولم يقل: أنت ميت، ومالك كنز فأخرجه في سبيل الله قبل يحمى عليك في نار جهنم. وكذا قال لأبي لبابة حيث تيب عليه، وأراد أن ينخلع من جميع ماله قربة إلى الله – جل وتعالى ” يجزيك منه الثلث “.
وقال له جابر بن عبد الله: كيف أقسم مالي بين ولدي، فأنزل الله تبارك وتعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) .
فدل الكتاب والسنة على أن الحابس ماله بعد أداء الزكاة المفروضة لا حرج عليه فيه، وكل شيء أخرجه بعد الزكاة في وجوه البر ونوائب الخير فهو فضيلة وقربة.
فضائل أبي بكر رضي الله عنه:
[نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام 1/ 525]
قال الطيبي:
الحديث الخامس عن أبي أمامة رضي الله عنه: قوله: ((من أهل الصفة)). ((نه)): أهل الصفة هم فقراء المهاجرين ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه وكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه. انتهى كلامه. وفي وصف الرجل بهذا النعت إشعار بأن الحكم الذي يليه معلل به، يعني انتماؤه إلى الفقراء الذين زهدوا في الدنيا مع وجود الدينار أو الدينارين دعوى كاذبة يستحق به العقاب. وإلا فقد كان كثير من الصحابة، كعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد رضي الله عنهم، يقتنون الأموال ويتصرفون فيها، وما عابهم أحد من أعرض عن الفتنة؛ لأن الإعراض اختيار للأفضل والأدخل في الورع والزهد في الدنيا، والاقتناء مباح موسع لا يذم صاحبه ولكل شيء له حد.
[شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن 10/ 3298]
فصل: وقد كان لبعضهم بضاعة فأنفقها وقال مَا أريد أن تكون ثقتي إلا بالله وهذا قلة فهم لأنهم يظنون أن التوكل قطع الأسباب وإخراج الأموال.
أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ أَخْبَرَنَا الخطيب قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الْحَافِظ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَر الخلدي فِي كتابه قَالَ سمعت الجنيد يَقُول دققت عَلَى أبي يعقوب الزيات بابه فِي جماعة من أصحابنا فَقَالَ مَا كان لكم شغل فِي اللَّه عز وجل يشغلكم عَن المجيء إلي فقلت لَهُ إذا كان مجيئا إليك من شغلنا به فلم ننقطع عنه فسألته عَنْ مسألة فِي التوكل فأخرج درهما كان عنده ثم أجابني فأعطى التوكل حقه ثم قَالَ استحييت من اللَّه أن أجيبك وعندي شيء.
قَالَ المصنف: لو فهم هؤلاء معنى التوكل وأنه ثقة القلب بالله عز وجل لا إخراج صور المال مَا قَالَ هؤلاء هَذَا الكلام ولكن قل فهمهم وَقَدْ كان سادات الصحابة والتابعين يتجرون ويجمعون الأموال وما قَالَ مثل هَذَا أحد منهم وَقَدْ روينا عَنْ أبي بَكْر الصديق رضي الله عنه قَالَ حين أمر بترك الكسب لأجل شغله بالخلافة فمن أين أطعم عيالي وهذا القول منكر عند الصوفية يخرجون قائله من التوكل…
[تلبيس إبليس ص158]
قال النووي:
(باب قسم الصدقات)
… (الثالثة) تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف فيجوز دفعها إليهم ويثاب دافعها عليها ولكن المحتاج أفضل
قال أصحابنا ويستحب للغني التنزه عنها ويكره التعرض لأخذها قال صاحب البيان ولا يحل للغني أخذ صدقة التطوع مظهرا للفاقة وهذا الذي قاله صحيح وعليه حمل الحديث الصحيح ” أن رجلا من أهل الصفة مات فوجد له ديناران فقال النبي صلى الله عليه وسلم كيتان من نار ” والله أعلم (وأما) إذا سأل الغني صدقة التطوع فقد قطع صاحب الحاوي والسرخسي وغيرهما بتحريمها عليه قال صاحب الحاوي: إذا كان غنيا عن المسألة بمال أو بضيعة فسؤاله حرام وما يأخذه محرم عليه هذا لفظه وقال الغزالي وغيره من اصحابا في كتاب النفقات في تحريم السؤال على القادر على الكسب وجهان قالوا وظاهر الأخبار تدل على تحريمه وهو كما قالوا ففي الأحاديث الصحيحة تشديد أكيد في النهي عن السؤال وظواهر كثيرة تقتضي التحريم (وأما) السؤال للمحتاج العاجز عن الكسب فليس بحرام ولا مكروه صرح به الماوردي وهو ظاهر والله تعالى أعلم
[المجموع شرح المهذب 6/ 239 ط المنيرية]
قال ابن دقيق:
[كَثْرَةُ السُّؤَالِ]
وَأَمَّا ” كَثْرَةُ السُّؤَالِ ” فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رَاجِعًا إلَى الْأُمُورِ الْعِلْمِيَّةِ. وَقَدْ كَانُوا يَكْرَهُونَ تَكَلُّفَ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهَا. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ” أَعْظَمُ النَّاسِ جُرْمًا عِنْدَ اللَّهِ مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ ” وَفِي حَدِيثِ اللِّعَانِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا. فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ نَهْيٌ عَنْ الْأُغْلُوطَاتِ ” وَهِيَ شِدَادُ الْمَسَائِلِ وَصِعَابُهَا. وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا: لِمَا يَتَضَمَّنُ كَثِيرٌ مِنْهُ مِنْ التَّكَلُّفِ فِي الدِّينِ وَالتَّنَطُّعِ. وَالرَّجْمِ بِالظَّنِّ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَدْعُو إلَيْهِ، مَعَ عَدَمِ الْأَمْنِ مِنْ الْعِثَارِ، وَخَطَأِ الظَّنِّ، وَالْأَصْلُ الْمَنْعُ مِنْ الْحُكْمِ بِالظَّنِّ، إلَّا حَيْثُ تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رَاجِعًا إلَى سُؤَالِ الْمَالِ. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي تَعْظِيمِ مَسْأَلَةِ النَّاسِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ بَعْضَ سُؤَالِ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ مَمْنُوعٌ. وَذَلِكَ حَيْثُ يَكُونُ الْإِعْطَاءُ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ، وَيَكُونُ الْبَاطِنُ خِلَافَهُ، أَوْ يَكُونُ السَّائِلُ مُخْبِرًا عَنْ أَمْرٍ هُوَ كَاذِبٌ فِيهِ: قَدْ جَاءَ فِي السُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ ظَاهِرِ الْحَالِ فِي هَذَا، وَهُوَ مَا رُوِيَ ” أَنَّهُ مَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَتَرَكَ دِينَارَيْنِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: كَيَّتَانِ ” وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ – وَاَللَّهُ أَعْلَمُ – لِأَنَّهُمْ كَانُوا فُقَرَاءَ مُجَرَّدِينَ، يَأْخُذُونَ وَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ، بِنَاءً عَلَى الْفَقْرِ وَالْعَدَمِ. وَظَهَرَ أَنَّ مَعَهُ هَذَيْنِ الدِّينَارَيْنِ، عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ حَالِهِ…
[إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام 1/ 322]
قال ابن تيمية:
… قَالَ صلى الله عليه وسلم «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» وَلِهَذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ أَنَّ مَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ فَأَطْعِمُوهُ شَيْئًا حَيَاءً مِنْهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْأَكْلُ قَالَ وَالْغَصْبُ نَوْعَانِ غَصْبُ اسْتِيلَاءٍ وَغَصْبُ اسْتِحْيَاءٍ فَغَصْبُ الِاسْتِيلَاءِ أَخْذُ الْأَمْوَالِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِيلَاءِ وَالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَغَصْب الِاسْتِحْيَاءِ هُوَ أَخْذُهُ بِنَوْعٍ مِنْ الْحَيَاءِ قَالَ وَهُمَا حَرَامَانِ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْن الْإِكْرَاهِ عَلَى أَخْذِ الْأَمْوَالِ بِالسِّيَاطِ الظَّاهِرَةِ وَبَيْن أَخْذِهِ بِالسِّيَاطِ الْبَاطِنَةِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَر إنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ أَنَّهُ سَلَّمَ الْبَائِعَ ثَمَنًا حَرَامًا فَسَلَّمَهُ الْمَبِيعَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَكْله وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ مَلَكَهُ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَهُوَ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ إلَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ حَلَالٌ، وَكَذَا لَوْ أَظْهَرَ شَخْصٌ الْفَقْرَ وَأَخْفَى الْغَنَاءَ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ فَقْرِهِ حُرِّمَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَاسْتُدِلَّ لَهُ «بِأَنَّ فَقِيرًا مَاتَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ فَوُجِدَ مَعَهُ دِينَارٌ فَقَالَ كَيَّةٌ مِنْ نَارٍ وَمَاتَ آخَرَ مِنْهُمْ وَخَلَفَ دِينَارَيْنِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم كَيَّتَانِ مِنْ نَارٍ» وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ النَّارَ لِأَنَّهُ أَخْفَى الْغِنَاءَ وَأَظْهَرَ الْفَقْرَ وَقَعَدَ يَأْكُلُ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ.
[الفتاوى الكبرى الفقهية 4/ 112]
قال الألباني في الصحيحة:
2637 – ” من ترك دينارين، فقد ترك كيتين “.
… ومن شواهد الحديث ما أخرجه الطيالسي (357) وغيره عن عاصم بن
بهدلة عن زر عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال: ” إن رجلا من أهل الصفة مات،
فوجدوا في شملته دينارين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيتان “.
وإسناده حسن، وصححه ابن حبان (2481 – موارد الظمآن) وبوب له فيه بـ ” باب
فيمن يأكل نصيب الفقراء وهو غني “. قلت: يشير إلى أن الحديث ليس على إطلاقه
، لكن المعنى الذي ترجمه له ليس بظاهر، ويبدو لي أنه محمول على من مات وعليه
دين، لديه قضاؤه، وإليه يشير صنيع راوي الحديث كما تقدم في رواية ” أسد
الغابة “. وهنا وجه آخر من التأويل، يستفاد مما رواه البيهقي عن ابن راهويه
أنه قال: ” إنما ترك الصلاة عليه، لأنه كان من أهل الصفة، وهو يظهر أنه
فقير ليس له شيء، وأنه من أهل الصفة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”
ترك كيتين “، أي: لمثله كيتان “. وفي ” الفتح ” (4 / 388) نحوه. قلت:
وهذا لا ينافي ما ذكرته. والله الموفق.
[سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها 6/ 284]
وقال الألباني أيضا:
3483 ـ (تركَ كَيَّتَيْن، أو ثلاثَ كيّاتٍ! قاله لمن ماتَ وتركَ دينارينِ
أو ثلاثة) .
…
فقه الحديث:
أقول: لعل الرجل الذي جاء فيه هذا الوعيد الشديد: إنما كان لأمر غير مجرد
تركه دينارين أو ثلاثة؛ لأن مثل هذا الأمر لا يستحق صاحبه النار باتفاق العلماء،
ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:
«إنك أنْ تدع ورثتك أغنياء: خير من أن تدعهم يتكففون الناس» .
متفق عليه، وهو في «الإرواء» (3/416 ـ 417) .
وقوله صلى الله عليه وسلم للنجدي جواباً على سؤاله: هل علي غيرهن؟ قال:
«لا، إلا أن تطوع» .
رواه الشيخان، وهو مخرج في «صحيح أبي داود» (415) ، ونحوهما في السنة
كثير؟! ومن أبواب الإمام البخاري في «صحيحه» :
«باب ما أدِّي زكاته فليس بكنز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمسة
أوسق صدقة» … » . وانظر «فتح الباري» (3/271 ـ 273) .
وعلى هذا؛ فلعل الرجل كان قد أخل بالقيام ببعض الواجبات المتعلقة بحقوق
المال، مثل الإنفاق على العيال، أو إطعام الجائع، وكسوة العاري، أو التظاهر بالفقر؛
كما في مرسل علقمة المزني قال: كان أهل الصفة يبيتون في المسجد، فتوفي رجل منهم، ففتح إزاره، فوجد
فيه ديناران، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
«كيتان» .
أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (1/421/1649) . أو سؤال الناس تكثراً
كما تقدم في أثر مولى أبي بكر، ونحو ذلك! والله سبحانه وتعالى أعلم. *
[سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها 7/ 1408]