49 الفوائد المنتقاه من شرح صحيح مسلم –
رقم 49
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
ألقاه الأخ: سيف الكعبي
بالتعاون مع الأخوة في مجموعات السلام والمدارسة والتخريج رقم 1
من عنده تعقيب أو تنبيه فليفدنا
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(27 باب كراهة التداوي باللدود)
2213 عن عائشة رضي الله عنها قالت: لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه، فأشار أن لا تلدوني. فقلنا كراهية المريض للدواء، فلما أفاق قال: لا يبقى أحد منكم إلا لد غير العباس؛ فإنه لم يشهدكم.
——————–
روايات:
في البخاري: (لا يبقى أحد في البيت إلا لدَّ وأنا أنظر … )
المفردات:
اللدود: هو الدواء الذي يصب في أحد جانبي فم المريض ويسقاه أو يدخل هناك بأصبع وغيرها. ويحنك به.
أما الذي يصب في الحلق فيسمى الوجور، والذي يصب في الأنف يسمى السعوط.
الفوائد:
– فيه أن الإشارة المفهمه كصريح العبارة في نحو هذه المسألة.
– تعزير المتعدي بنحو من فعله الذي تعدى به. إلا أن يكون فعلاً محرماً، كأن يكون اعتدى عليه بأن سقاه خمرا، فلا يجوز عقوبته بذلك.
– ورد في مسند أحمد وفي المنتخب من مسند عبد بن حميد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت له: «يا ابن أختي، لقد رأيت من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس أمرا عجبا، كانت تأخذه الخاصرة فتشتد به جدا فكنا نقول: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق كذا، ثم أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الخاصرة من ذلك، فاشتدت عليه حتى أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخفنا عليه وفزع الناس، وظنوا أن به ذات الجنب، فلددناه ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفاق فعرف أن قد لددناه، ووجد اللدود، فقال: أظننتم أن الله عز وجل سلطها علي؟ ما كان الله عز وجل ليسلطها علي، لا يبقى أحد إلا لد إلا عمي» فرأيتهم يلدونهم رجلا رجلا. قال: تقول: ومن في البيت يومئذ – تذكر فضلهم – فلدوا أجمعين، ثم بلغنا اللدود أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فلددنا والله امرأة امرأة، حتى بلغ اللدود امرأة منا فقالت: والله إني صائمة، قالوا: بئس ما ظننت أنا نتركك، وقد أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلدوها، والله يا ابن أختي وإنها لصائمة) وإسناده حسن ففيه إحترام العم وكبير السن. وراجع الصحيحة 3339.
أما حديث (مات النبي صلى الله عليه وسلم من ذات الجنب) فضعيف (الضعيفة 6626).
– استدل الطحاوي ببعض ألفاظه التي وقع فيها إستثناء العباس رضي الله عنه بعد القسم، على خطأ مذهب شريح حيث أنه لا يرى الإستثناء بعد الطلاق فإذا قال رجل لإمرأته: أنت طالق إذا دخلت بيت فلان، فإنه يوقعه ولو لم تدخل، واستدل عليه كذلك بقوله تعالى (إنا منجوك وأهلك إلا أمرأتك) (شرح مشكل الآثار).
– فيه أن من أشار بالفعل ورضي به فهو كفاعله.
– قال الخطابي فيه حجة من رأى أن في اللطمة ونحوها من الإيلام والضرب؛ القصاص على جهة التحري، وإن لم يوقف على حده؛ لأن اللدود يتعذر ضبطه. قال ابن القيم: وفيه عدة أحاديث فيتعين القول به.
– زعم بعض الرافضة أن هذا اللدود كان به سم أرادت حفصة وعائشة وأبويهما قتل النبي صلى الله عليه وسلم به. وهذا باطل من عدة وجوه:
* لا دليل على ذلك.
* ثم كيف عائشة تروي قصة القتل.
*وكيف هم يستدلون بروايتها وهي عندهم قاتله.
* وكيف لم يوح رب العزة لنبيه بأن اللدود مسموم، كما أوحى له بسم اليهود للشاة.
* والمشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم مات بأثر السم الذي وضعته اليهودية وسبق تقرير أن الله حفظه سنين من أثر هذا سم اليهودية.
* قرر ابن حجر أن هذا ليس قصاصا إنما عقوبة؛ فمن باشر فظاهر، ومن لم يباشر فلتركهم نهيهم.
قلت: لكن بوب البخاري على الحديث؛ باب القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات. فيمكن أن نقول؛ أنه كان قصاص في حق من باشر، وتأديب في حق من لم يباشر.
* التأويل البعيد لا يعذر به صاحبه. وفيه بحث (راجع فتح الباري)
* ذكر ابن القيم: أن ذات الجنب نوعان: حقيقي وغير حقيقي.
فالحقيقي، ورم يعرض في نواحي الجنب في الغشاء المستبطن للأضلاع.
وغير الحقيقي: ألم يشبهه يعرض في نواحي الجنب عن رياح غليظة … ثم توسع ابن القيم في الكلام عليهما.
وحدثني أحد الأطباء: أنه محتمل أن المقصود بذات الجنب؛ الإلتهاب الذي يصيب السائل الذي بين الغشائين اللذان يحيطان بالرئة.
-إنما نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم لا لعدم جواز التداوي، لكن لأن هذا النوع لا يلائم مرضه، واللدود ينفع لذات الجنب كما سيأتي. والنبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه ذات الجنب.
وذكر لي بعض الأفاضل أن في الحديث:
– بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم
– وتأديب الزوجة.
تنبيه: ورد من حديث أسماء وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار وقال: (لا أرى هذا إلا من قبل نسوة قدمن من ههنا وأشار للحبشة … ) لكن أعله أبو زرعة وأبو حاتم بالإرسال.
(28 باب التداوي بالعود الهندي وهو الكست)
287 عن أم قيس بنت محصن أخت عكاشة بن محصن قالت: دخلت بابن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأكل الطعام فبال عليه فدعا بماء فرشه.
قالت ودخلت عليه بابن لي قد أعلقت عليه من العذرة فقال: (علامه تدغرن أولادكن بهذا العلاق عليكن بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفيه منها ذات الجنب يسعط من العذرة ويلد من ذات الجنب) وفي لفظ آخر (أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لها لم يبلغ أن يأكل الطعام وقد أعلقت عليه من العذرة قال يونس أعلقت غمزت فهي تخاف أن تكون به عذرة قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم علامه تدغرن أولادكن بهذا الإعلاق عليكم بهذا العود الهندي يعني به الكست فإن فيه سبعة أشفيه منها ذات الجنب) قال عبيد الله- يعني ابن عتبة-: وأخبرتني أن ابنها ذاك بال في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فنضحه على بوله ولم يغسله غسلا
—————–
الروايات:
في البخاري: (اتقوا الله على ما تدغرن أولادكم). وقال في أم قيس: كانت من المهاجرات الأولى اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه.
قال: ووصف سفيان الغلام يحنك بالإصبع، وأدخل سفيان في حنكه، إنما يعني رفع حنكه بإصبعه. وقال في العود الهندي: يريد القسط.
المفردات:
أعلقت عنه: معناه عالجت وجع لهاته بأصبعي.
العذرة: وجع في الحلق يهيج من الدم.
ذات الجنب: مرض.
الفوائد:
– فيه أن المريض إذا كان عارفا بمرضه فلا يكره على تناول شئ. (كذا قرره بعض أهل العلم)
قلت: إلا إذا كان مرضه يؤدي به للموت، أو تلف عضو، فإذا أجاز الشرع الحجر على المال في حق السفيه، فهذا أولى.
-ورد في رواية وصف القسط بأنه بحري، ومرة بأنه هندي. قال ابن حجر: لعله حسب المرض وما يلائمة من الحرارة.
قلت: الهندي أسود؛ أشد حرارة، وأكثر تجفيفا، والبحري أبيض أخف حرارة وأقل تجفيفا، وإنما سميَ بحريا؛ لأنه كان يأتى به من قبل البحر، ومصدرهما الهند وكشمير والصين، وهو عبارة عن قشرة جذور نوع من النبات. ويستعملان بخور وسعوط ولدود وشراب وممكن عن طريق جهاز البخار بعد تخليله وتأخذ محلول القسط المائي فتضعه في الجهاز.
– ثبت في الصحيح (أن النبي صلى الله عليه وسلم أحتجم وأعطى الحجام أجره وأستعط) أخرجه البخاري 5691،ومسلم 1202.
والسعوط: هو أن يدق العود ناعماً ويدخل في الأنف وقيل يبل ويقطر فيه، ويكون مستلقيا على ظهره وبين كتفيه ما يرفعه ليتمكن السعوط من الدخول للدماغ فيستخرج المرض بالعطاس. (الزاد لابن القيم مع زيادات).
قلت: ويستمر في التقطير في الأنف ما دام المرض باقيا، لأنه يجفف الإفرازات خاصة للصغار، لأنهم لا يستطيعون الإستنثار فيسبب لهم الزكام سعله، والكبير يستعط ويضع قطعه صغيرة من القسط بين أسنانه ويمص ماءه. ولا يضعها على لسانه لأنها تورمه. ويمكن استعماله غرغره بعد غليه.
– ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن في القسط سبعة أشفيه، وذكر منها أثنين ولم يذكر الخمسة الباقية، أما لكونها معروفة أو أقتصر على ذكر أثنين لوجودهما حينئذ دون غيرهما.
ومحتمل أن القسط يداوي أكثر من السبعة خاصة أنه ورد حديث في الصحيح (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط) وفي رواية (أفضل) فيحتمل أن السبعة عرفها النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي والزائد يعرف بالتجربة، ويحتمل أن السبعة أصول صفة التداوي بها. لأنها إما طلاء أو شراب أو تكمييد أو تنطيل أو تبخير أو سعوط أو لدود (انتهى ملخصا من فتح الباري وذكر ابن حجر طريقة كل نوع).
– مشروعية التداوي.
– أخطأ من ظن أن العود الهندي هو البخور ذا الرائحة الطيبة واستدل بحديث المحادة عن أم عطية قالت (رخص لنا إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة كست أظفار) أخرجه البخاري ومسلم. قال النووي: القسط والأظفار نوعان معروفان من البخور وليسا من مقصود الطيب رخص فيه للمغتسله من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة تتبع أثر الدم لا للتطيب. وقال المهلب: رخص لها التبخر لدفع رائحة الدم، وكذا ذكر صاحب المفهم.
أما ذاك فمقصود أصلاً للطيب.
– فيه التعامل مع الكفار.
– أكثر من توسع في سوق أحاديث القسط بالأسانيد أبو نعيم في الطب النبوي.
– هذا الحديث من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم.
– ذكروا في فوائد القسط أنه يدر الطمث والبول ويدفع السموم والمؤذيات، ويقتل الديدان في الأمعاء، ويذهب الكلف إذا طلي به مع العسل والماء، ويسخن المعدة وينفع من حمى الربع ويشد اللهاه ويرفعها لمكانها، وشربه ينفع من ضعف الكبد والمعدة. ويحرك شهوة الجماع.
تنبيه: يجوز إستعمال المنشطات للباءة وهي على نوعين طبيعية؛ ومنه القسط والحلبة والفستق وبذر البطيخ وغيرها، المهم لا يصل لحد الإسراف والإنشغال به. وكل شيء زاد عن الحد سبب أمور عكسية.
وهناك منشطات (عقاقير)؛ والأفضل أن لا تستعمل إلا بأشراف طبيب فقد سببت بعض المنشطات حالات وفاة خاصة لمن عنده مرض الشرايين.