487 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري ومحمد فارح ويوسف بن محمد السوري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
487 – قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 2 ص 347): حدثنا محمد بن إسماعيل أخبرنا علي بن الحسن أخبرنا الحسين بن واقد حدثنا أبو غالب قال سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وإمام قوم وهم له كارهون».
[ص: 415] قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وأبو غالب اسمه حزور.
بوب عليه الترمذي:
151 – باب ما جاء من أمَّ قومًا وهم له كارهونَ
بوب عليه مقبل في الجامه:
146 – من أم قومًا وهم له كارهون لأمر ديني
47 – الرق
36 – حق الزوج على امرأته
324 – قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}
قد جاء بلفظ: ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا، رجل أم قوما وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وأخوان متصارعان. رواه ابن ماجه في سننه وقال الألباني ضعيف بهذا اللفظ، وحسن بلفظ: العبد الأبق مكان -أخوان متصارعان -.
——-
قال في تحفة الأحوذي: المعنى أن لا تقبل قبولا كاملا أو لا ترتفع إلى الله رفع العمل الصالح. انتهى.
قال البغوي:
قلت: قد قيل: إن المراد من الإمام أئمة الظلم، فأما من أقام السنة فاللوم على من كرهه.
وقيل: هو الرجل ليس من أهل الإمامة، فيتغلب عليها، فإن كان مستحقا لها، فاللوم على من كرهه.
وقد كره قوم من أهل العلم أن يؤم الرجل قوما وهم له كارهون.
قال أحمد، وإسحاق في هذا: إذا كره واحد، أو اثنان، أو ثلاثة، فلا بأس أن يصلي بهم حتى يكرهه أكثر القوم.
[شرح السنة للبغوي 3/ 404]
قال ابن قدامة:
فصل: يُكْرَهُ أنْ يَؤُمَّ قومًا أَكْثَرُهم له كَارِهُونَ؛ لما رَوَى أبو أُمَامَةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ” ثَلَاثَةٌ لا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُم آذَانَهُمْ: العَبْدُ الآبِقُ حتى يَرْجِعَ، وامْرَأَةٌ باتَتْ وزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وإمَامُ قَومٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ”. قال التِّرْمِذِيُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وعن عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: “ثَلَاثَةٌ لا تُقْبَلُ مِنْهُمْ صَلَاةٌ: مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا هُمْ لَهُ كَارِهُونَ، ورَجُلٌ يَاتِى الصَّلَاةَ دِبَارًا” – والدِّبَارُ: أن يَاتِىَ بعدَ أنْ يَفُوتَهُ الوَقْتُ – “ورَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّرًا”. رَوَاه أبو دَاوُدَ. وقال عليٌّ لِرَجُلٍ أمَّ قومًا وهم له كَارِهُونَ: إنَّك لَخَرُوطٌ. قال أحمدُ، رحمه الله: إذا كَرِهَهُ وَاحِدٌ أو اثْنَانِ أو ثَلَاثَةُ فلا بَاسَ، حتى يَكْرَهَهُ أَكْثَرُ القَوْمِ، وإنْ كان ذا دِينٍ وسُنَّةٍ فكَرِهَهُ القَوْمُ لذلك، لم تُكْرَهْ إمَامَتُه. قال مَنْصُورٌ: أمَا إنَّا سَأَلْنَا أَمْرَ الإِمامةِ، فقِيلَ لنا: إنَّما عَنَى بهذا الظَّلَمةَ فأَمَّا من أقامَ السُّنَّةَ فإنَّما الإِثْمُ على مَنْ كَرِهَهُ.
[المغني لابن قدامة 3/ 71]
قوله (لخروط)
خرط وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -]: فِي حَدِيثه أَنه أَتَاهُ قوم بِرَجُل فَقَالُوا: إِن هَذَا يؤمنا وَنحن لَهُ كَارِهُون فَقَالَ لَهُ عَليّ: إِنَّك لخَروط أتؤم قوما هم لَك كَارِهُون
قَوْله: خَروط يَعْنِي الَّذِي يتهوّر فِي الْأُمُور ويركب رَأسه فِي كل مَا يُرِيد بِالْجَهْلِ وَقلة الْمعرفَة بالأمور وَمِنْه قيل: انخرط فلَان علينا إِذا اندرأ عَلَيْهِم بالْقَوْل السيء وبالفعل قَالَ العجاج يصف ثورا مضى في سيره: [الرجز]
فظل يرقَدّ من النشاط … كالبربري لَجَّ فِي انخراطِ … شبهه بالفرس الْبَرْبَرِي إِذا لَجّ فِي شدَّة السّير.
غريب الحديث – أبو عبيد – ط الهندية (3) / (455) – (456) — أبو عبيد القاسم بن سلام (ت (224))
قال النووي:
(الشرح) هذا الحديث رواه ابن ماجه في سننه بإسناد حسن عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا رجل أم قوما وهم له كارهون وامرأة
باتت وزوجها عليها ساخط وأخوان متصارمان ” وفي الترمذي عن أبي أمامة قال ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم …. وفي سنن أبي داود وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة من تقدم قوما وهم له كارهون ورجل أتى الصلاة دبارا – والدبار الذي يأتيها بعد أن تفوته – ورجل اعتبد محرره ” وفى رواية البيهقى والدبارأن يأتي بعد فوت الفوت ولكنه حديث ضعيف والدبار – بكسر الدال – قال الخطابي والقاضي أبو الطيب وسائر العلماء الدبار هو أن يعتاد حضور الصلاة بعد فراغ الناس قال واعتباد المحررة أن يعتقه ثم يكتم عتقه وينكره ويحبسه بعد العتق ويستخدمه كرها
* أما أحكام المسألة فقال الشافعي وأصحابنا رحمهم الله يكره أن يؤم قوما وأكثرهم له كارهون ولا يكره إذا كرهه الأقل وكذا إذا كرهه نصفهم لا يكره صرح به صاحب الإبانة وأشار إليه البغوي وآخرون وهو مقتضى كلام الباقين فإنهم خصوا الكراهة بكراهة الأكثرين قال أصحابنا وإنما تكره إمامته إذا كرهوه لمعنى مذموم شرعا كوال ظالم وكمن تغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها أو لا يتصون من النجاسات أو يمحق هيئات الصلاة أو يتعاطى معيشة مذمومة أو يعاشر أهل الفسوق ونحوهم أو شبه ذلك فإن لم يكن شئ من ذلك فلا كراهة والعتب على من كرهه هكذا صرح به الخطابي والقاضي حسين والبغوي وغيرهم وحكى إمام الحرمين وجماعة عن القفال أنه قال إنما يكره أن يصلي بقوم وأكثرهم له كارهون إذا لم ينصبه السلطان فإن نصبه لم يكره وهذا ضعيف والصحيح المشهور أنه لا فرق وحيث قلنا بالكراهة فهي مختصة بالإمام أما المأمومون الذين يكرهونه فلا يكره لهم الصلاة وراءه هكذا جزم به الشيخ أبو حامد في تعليقه ونقله عن نص الشافعي وأما المأموم إذا كره حضوره أهل المسجد فلا يكره له الحضور نص عليه الشافعي وصرح به صاحب الشامل والتتمة
لأنهم لا يرتبطون به ويكره أن يولي الإمام الأعظم على جيش أو قوم رجلا يكرهه أكثرهم ولا يكره إن كرهه أقلهم نص عليه الشافعي وصرح به صاحبا الشامل والتتمة
[المجموع شرح المهذب 4/ 274 ط المنيرية]
قوله (أما المأموم إذا كره حضوره أهل المسجد فلا يكره له الحضور … ) ليس على اطلاقه
فعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال: (إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَاكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لاَ أَرَاهُمَا إِلاَّ خَبِيثَتَيْنِ، هَذَا الْبَصَلَ وَالثُّومَ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ، فَمَنْ أَكَلَهُمَا فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا) رواه مسلم (567).
قال القرطبي رحمه الله:
” قال العلماء: وإذا كانت العلة في إخراجه من المسجد أنه يُتأذى به: ففي القياس: أنَّ كلَّ من تأذى به جيرانه في المسجد بأن يكون ذرب اللسان [سليط اللسان]، سفيهاً عليهم، أو كان ذا رائحة قبيحة، أو عاهة مؤذية كالجذام، وشبهه، وكل ما يتأذى به الناس: كان لهم إخراجه، ما كانت العلة موجودة حتى تزول.
قال أبو عمر بن عبد البر: وقد شاهدتُ شيخنا أبا عمر أحمد بن عبد الملك بن هشام رحمه الله أفتى في رجل شكاه جيرانه، واتفقوا عليه أنه يؤذيهم في المسجد بلسانه، ويده، فشُوور فيه، فأفتى بإخراجه من المسجد، وإبعاده عنه، وألا يشاهِد معهم الصلاة، إذ لا سبيل مع جنونه واستطالته إلى السلامة منه، فذاكرتُه يوماً أمره، وطالبته بالدليل فيما أفتى به من ذلك، وراجعته فيه القول، فاستدل بحديث ” الثُوْم “، وقال: هو عندي أكثر أذى من أكل الثوم، وصاحبه يُمنع من شهود الجماعة في المسجد، قُلْتُ: وَفِي الْآثَارِ الْمُرْسَلَةِ «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ فَيَتَبَاعَدُ الْمَلَكُ مِنْ نَتْنِ رِيحِهِ». فَعَلَى هَذَا يُخْرَجُ مَنْ عُرِفَ مِنْهُ الْكَذِبُ وَالتَّقَوُّلُ «(2)» بِالْبَاطِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤْذِي.”
انتهى من “تفسير القرطبي” (12/ 267، 268)
ويمكن أن يبين لهم تمكنه من قيادة الحرب كما حصل بيان مقدرة طالوت على الحروب. وبيان مقدرة زيد و أسامه بن زيد على الحروب
قال الشوكاني:
[باب من أم قوما يكرهونه]
حديث عبد الله بن عمرو، وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ضعفه الجمهور، وحديث أبي أمامة انفرد بإخراجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب وقد ضعفه البيهقي. قال النووي في الخلاصة: والأرجح هنا قول الترمذي انتهى. وفي إسناده أبو غالب الراسبي البصري صحح الترمذي حديثه، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال النسائي: ضعيف ووثقه الدارقطني وفي الباب عن أنس عند الترمذي بلفظ: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: رجلا أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها. ساخط، ورجلا سمع حي على الفلاح ثم لم يجب» قال الترمذي: حديث أنس لا يصح لأنه قد روي عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وفي إسناده أيضا محمد بن القاسم الأسدي قال الترمذي: تكلم فيه أحمد بن حنبل وضعفه وليس بالحافظ، وضعف حديث أنس هنا أيضا البيهقي، وقال بعد ذكر رواية الحسن له عن أنس: ليس بشيء، تفرد به محمد بن القاسم الأسدي عن الفضل بن دلهم عنه، ثم قال: وروي عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد عن أنس بن مالك يرفعه
وفي الباب أيضا عن ابن عباس عند ابن ماجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرا: رجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان» قال العراقي: وإسناده حسن.
وعن طلحة عند الطبراني في الكبير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أيما رجل أم قوما وهم له كارهون لم تجز صلاته أذنيه» وفي إسناده سليمان بن أيوب الطلحي. قال فيه أبو زرعة: عامة أحاديثه لا يتابع عليها وقال الذهبي في الميزان: صاحب مناكير وقد وثق.
وعن أبي سعيد عند البيهقي بلفظ: «ثلاثة لا تجاوز صلاتهم رءوسهم: رجل أم قوما وهم له كارهون» الحديث، قال البيهقي بعد ذكره: وهذا إسناد ضعيف. وعن سلمان عند ابن أبي شيبة في المصنف بنحو حديث أبي أمامة، وهو من رواية القاسم بن مخيمرة عن سلمان ولم يسمع منه.
وأحاديث الباب يقوي بعضها بعضا، فينتهض للاستدلال بها على تحريم أن يكون الرجل إماما لقوم يكرهونه.
ويدل على التحريم. نفي قبول الصلاة وأنها لا تجاوز آذان المصلين ولعن الفاعل لذلك. وقد ذهب إلى التحريم قوم وإلى الكراهة آخرون
وقد روى العراقي ذلك عن علي بن أبي طالب والأسود بن هلال وعبد الله بن الحارث البصري، وقد قيد ذلك جماعة من أهل العلم بالكراهة الدينية لسبب شرعي، فأما الكراهة لغير الدين فلا عبرة بها، وقيدوه أيضا بأن يكون الكارهون أكثر المأمومين ولا اعتبار بكراهة الواحد والاثنين والثلاثة إذا كان المؤتمون جمعا كثيرا لا إذا كانوا اثنين أو ثلاثة، فإن كراهتهم أو كراهة أكثرهم معتبرة
وحمل الشافعي الحديث على إمام غير الوالي؛ لأن الغالب كراهة ولاة الأمر. وظاهر الحديث عدم الفرق والاعتبار بكراهة أهل الدين دون غيرهم حتى قال الغزالي في الإحياء: لو كان الأقل من أهل الدين يكرهونه فالنظر إليهم قوله: (ورجل اعتبد محرره) أي اتخذ معتقه عبدا بعد إعتاقه، وذلك بأن يعتقه ثم يكتمه ذلك ويستعمله، يقال اعتبدته: اتخذته عبدا قوله: (لا تجاوز صلاتهم آذانهم) أي لا ترتفع إلى السماء وهو كناية عن عدم القبول كما هو مصرح به في حديث ابن عمرو وغيره
قوله: (العبد الآبق) فيه أن العبد الآبق لا تقبل له صلاة حتى يرجع من إباقه إلى سيده
وفي صحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي من حديث جرير بن عبد الله البجلي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة» وروي القول بذلك عن أبي هريرة
وقد أول المازري وتبعه القاضي عياض حديث جرير على العبد المستحل للإباق فيكفر ولا تقبل له صلاة ولا غيرها ونبه بالصلاة على غيرها، وقد أنكر ابن الصلاح ذلك على المازري والقاضي وقال: إن ذلك جار في غير المستحل، ولا يلزم من عدم القبول عدم الصحة، وقد قدمنا البحث عن هذا في مواضع
قوله: (وامرأة. . . إلخ) فيه أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطا عليها من الكبائر، وهذا إذا كان غضبه عليها بحق. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبانا عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح» ولعل التأويل المذكور في عدم قبول صلاة العبد يجري في صلاة المرأة المذكورة.
[نيل الأوطار 3/ 210]
«وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط»؛ لأنها بإسخاطه ((2)) أغضبت الله تعالى، فعوقبت بعدم قبول صلاتها.
التحبير لإيضاح معاني التيسير (5) / (625)
قال الفوزان:
باب في من لا تصح إمامته في الصلاة
إن الإمامة في الصلاة مسؤولية كبرى، وكما أنها تحتاج إلى مؤهلات يجب توافرها في الإمام أو يستحب تحلية بها؛ كذلك يجب أن يكون الإمام سليما من صفات تمتعه من تسنم هذا المنصب أو تنقص أهليته له:
فلا يجوز أن يولي الفاسق إمامة الصلاة، والفاسق هو من خرج عند حد الاستقامة بارتكاب كبيرة من كبائر الذنوب التي هي دون الشرك.
والفسق نوعان: فسق عملي، وفسق اعتقادي.
فالفسق العملي: كارتكاب فاحشة الزنى، والسرقة، وشرب الخمر … ونحو ذلك.
والفسق الاعتقادي: كالرفض، والاعتزال، والتجهم.
فلا يجوز تولية إمامة الصلاة الفاسق؛ لأن الفاسق لا يقبل خبره، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}؛ فلا يؤمن على شرائط الصلاة وأحكامها، ولأنه يكون قدوة سيئة لغيرة؛ ففي توليته مفاسد.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تؤمن امرأة رجلاً، ولا أعرابيا مهاجرًا، ولا فاجر مؤمنا؛ إلا أن يقهره بسلطان يخاف سوطه”، رواه ابن ماجه، والشاهد منه قوله: “ولا فاجر مؤمنا”، والفجور هو العدول عن الحق.
فالصلاة خلف الفاسق منهي عنها، ولا يجوز تقديمه مع القدرة على ذلك؛ فيحرم على المسؤولين تنصيب الفاسق إماما للصلوات؛ لأنهم مأمورون بمراعاة المصالح؛ فلا يجوز لهم أن يوقعوا الناس في صلاة مكروهة، بل قد اختلف العلماء في صحة الصلاة خلف الفاسق، وما كان كذلك؛ وجب تجنيب الناس من الوقوع فيه.
[الملخص الفقهي 1/ 220]
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
أثر الكره في الإمامة في الصلاة:
7 – ذهب الفقهاء إلى كراهة التصدي للإمامة إذا كان القوم يكرهونه لما روى أبو أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون (1).
قال الحنفية: إن كان القوم يكرهونه لفساد فيه أو لأنهم أحق بالإمامة منه كره ذلك تحريما، وإن كان هو الأحق بالإمامة فلا يكره والكراهة عليهم (2).
وقال المالكية: إن كرهه أقل القوم ولو غير ذوي الفضل منهم لتلبسه بالأمور المزرية الموجبة للزهد فيه والكراهة له أو لتساهله في ترك السنن كالوتر والعيدين وترك النوافل كرهت إمامته، أما إذا كرهه كل القوم أو جلهم أو ذوو الفضل منهم وإن قلوا فتحرم إمامته لحديث أبي أمامة، ولقول عمر رضي الله تعالى عنه: لأن تضرب عنقي أحب إلي من ذلك.
وقال الشافعية: يكره تنزيها أن يؤم الرجل قوما أكثرهم له كارهون لأمر مذموم شرعا كوال ظالم أو متغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها أو لا يحترز من النجاسة، أو يمحو هيئات الصلاة، أو يتعاطى معيشة مذمومة، أو يعاشر الفسقة أو نحوهم وإن نصبه لها الإمام الأعظم، لحديث: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم. . . ومنهم: إمام قوم وهم له كارهون.
والأكثر في حكم الكل، وإنما كان الحكم لكره الأكثر لا الأقل لأنهم يختلفون هل يتصف الإمام بما يجعله مكروها أم لا، فيعتبر قول الأكثر لأنه من باب الرواية، أما إذا كرهه دون الأكثر لا لأمر مذموم فلا تكره له الإمامة.
ونقل الشربيني الخطيب أنه يكره أن يولي الإمام الأعظم على قوم رجلا يكرهه أكثرهم نص عليه الشافعي ولا يكره إن كرهه دون الأكثر بخلاف الإمامة العظمى فإنها، تكره إذا كرهها البعض.
وقال الحنابلة: يكره أن يؤم رجل قوما أكثرهم له كارهون إذا كانت كراهتهم له بحق كخلل في دينه أو فضله للحديث، فإن كرهوه بغير حق لم يكره أن يؤمهم، وذلك بأن كان ذا دين وسنة، قال منصور: إنا سألنا أمر الإمامة فقيل لنا: إنما عنى بهذا الظلمة، فأما من أقام السنة فإنما الإثم على من كرهه.
وهذا بالنسبة للأكثر من القوم أما الأقل فقد قال الإمام أحمد: إذا كرهه واحد أو اثنان أو ثلاثة فلا بأس حتى يكرهه أكثر القوم (1).
[الموسوعة الفقهية الكويتية 34/ 231]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
إنْ كَانُوا يَكْرَهُونَ هَذَا الإِمَامَ لأَمْرٍ فِي دِينِهِ: مِثْلَ كَذِبِهِ أَوْ ظُلْمِهِ , أَوْ جَهْلِهِ , أَوْ بِدْعَتِهِ , وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَيُحِبُّونَ الآخَرَ لأَنَّهُ أَصْلَحُ فِي دِينِهِ مِنْهُ. مِثْلَ أَنْ يَكُونَ أَصْدَقَ وَأَعْلَمَ وَأَدْيَنَ , فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُوَلَّى عَلَيْهِمْ هَذَا الإِمَامُ الَّذِي يُحِبُّونَهُ , وَلَيْسَ لِذَلِكَ الإِمَامِ الَّذِي يَكْرَهُونَهُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ. كَمَا فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (ثَلاثَةٌ لا تُجَاوِزُ صَلاتُهُمْ آذَانَهُمْ: رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ , وَرَجُلٌ لا يَاتِي الصَّلاةَ إلا دِبَارًا , وَرَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّرًا)
وقال أيضاً:
إِذَا كَانَ بَيْنَ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ مُعَادَاةٌ مِنْ جِنْسِ مُعَادَاةِ أَهْلِ الأَهْوَاءِ أَوْ الْمَذَاهِبِ لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يَؤُمَّهُمْ بِالصَّلاةِ جَمَاعَةً ; لأَنَّهَا لا تَتِمُّ إلا بِالائْتِلافِ , وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: (لا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ) اهـ
أما إذا كان الإمام ذا دين وسنة، وكرهوه لذلك، لم تكره الإمامة في حقه وإنما العتب على من كرهه.
وعلى كل، فينبغي الائتلاف بين الإمام والمأمومين، والتعاون على البر والتقوى، وترك التشاحن والتباغض تبعاً للأهواء والأغراض الشيطانية، فيجب على الإمام أن يراعي حق المأمومين، ولا يشق عليهم، ويحترم شعورهم، ويجب على المأمومين أن يراعوا حق الإمام، ويحترموه، وبالجملة، فينبغي لكل منهما أن يتحمل ما يواجهه من الآخر من بعض الانتقادات التي لا تخل بالدين والمروءة، والإنسان معرض للنقص ”
انظر كتاب المخلص الفقهي (1/ 155 – 156)
——
إذا كان المأمومون كارهين لإمامهم لمخالفته في المذهب فهل يلحقه الوعيد لمن أمّ قوما هم له كارهون؟
وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله ?: «ثلاثة لا ترفع لهم صلاتهم فوق رؤوسهم شبرًا: رجل أم قومًا وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان». رواه ابن ماجه.
قال الألباني: لعدم قيامه بحق الإمامة، فلا يدخل فيه ما إذا كان السبب تعصبهم لمذهبهم.
(مشكاة المصابيح (1) / (353))
جامع تراث العلامة الألباني في الفقه (5) / (479)
——
حدّثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا جريرٌ، عن مغيرة عن الشّعبيّ، قال: كان جرير بن عبد الله، يحدّث عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أبق العبد لم تقبل له صلاةٌ).
قال الشيخ ابن عثيمين: هذه ثلاثة أحاديث، ولا يقال إنها ثلاثة ألفاظ في حديث، كلها عن جرير، وكلها مختلفة، الأول يقول: (فقد كفر)، والثاني يقول: (فقد برئت منه الذمة)، يعني فليس له عند الله عهد، وهو قريب من الكفر، والثالث: (لم تقبل له صلاة) وصلاة نكرة في سياق النفي فتعم
فهل لا تقبل له صلاة الفريضة والنافلة؟ أو النافلة فقط؟ في هذا قولان للعلماء:
الأول: أن المراد بالصلاة هنا النافلة فقط، وعللوا ذلك بأن الفريضة مستثناة شرعًا، وأنه لا يملك السيد أن يشغل العبد عن الفريضة
وقال بعضهم: بل الحديث عام، ويكون هذا من باب العقوبة له وهناك فرق بين عبدٍ في طوع سيده حاضر عنده، فيأمره بشيء فيقول: أريد أن أصلي الفريضة، وبين عبد آبق هارب من سيده، فالأول لا شك أن السيد لا يملك أن يشغله في حال صلاة الفريضة، وأما الثاني فقد تفلّت، وهرب من سيده، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: ” إن بطلان فرضه قوي ” وهذا اختيار ابن عقيل رحمه الله من أصحاب الإمام أحمد وهو ظاهر الحديث العموم، أنها لا تقبل له الصلاة ولكن هل معناها: لا تقبل أي: أنها باطلة، ويجب عليه إعادتها فيما إذا رد إلى سيده؟ أو المراد بنفي القبول أن هذه المعصية تقابل الصلاة؟ فتكون صلاته كأنها غير مقبولة؟ هذه مشكلة لأن الأحاديث الواردة في مثل هذا التعبير منها ما يقتضي أن نفي القبول نفي للصحة، مثل: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)، مثل: (لا يقبل الله صدقة من غلول ولا صلاة بغير طهور).
وفي بعضها يقتضي أنها لا تقبل لكنها لا تعاد، ليست باطلة، مثل: (من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يومًا) (من أتى عرّافً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يومًا) فيقال: نفي القبول إن كان لترك واجب في العبادة أو في فعل محرم فيها فهو لنفي الصحة وإلا فلا.
كتاب الإيمان – 08 a
الفتاوى:
ابن باز
نور على الدرب حكم إمامة المدخن
السؤال حول حكم إمامة المدخن
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فلا ينبغي لك أن تؤمهم، وأنت بهذه الصفة؛ لأن الإمام يقتدى به، فإذا كنت تتعاطى التمباك، والتدخين؛ فلا ينبغي أن تؤمهم، بل ينبغي أن يلتمسوا من هو خير منك، ومن هو لا يتعاطى شيئًا من المعاصي الظاهرة.
والواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله من ذلك، والحذر من الاستمرار في هذه المعصية، عليك أن تترك التمباك، والتدخين، وسائر المعاصي، وأن تستعين بالله على ذلك، وأن تصحب الأخيار؛ لأن صحبة الأخيار تعينك على الخير.
والتوبة تجب ما قبلها، لكن لو صليت بهم الصلاة صحيحة، لو صليت بهم الصلاة صحيحة؛ لأن الصحيح من أقوال أهل العلم أن إمامة العاصي صحيحة، والصلاة صحيحة، ولكن لا ينبغي أن يتخذ إمامًا من عرف بالمعصية الظاهرة.
والواجب على المسئولين أن يلتمسوا للمساجد أئمة صالحين، مستورين لا يظهر منهم شيء من المعاصي؛ لأنهم قدوة وهم أئمة الناس في هذه العبادة العظيمة، وهي الصلاة عمود الإسلام، نسأل الله لنا ولك الهداية.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا.