485 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري ومحمد فارح ويوسف بن محمد السوري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
485 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 5 ص 258): حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا أبو غالب عن أبي أمامة: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقبل من خيبر ومعه غلامان فقال علي رضي الله عنه يا رسول الله أخدمنا فقال «خذ أيهما شئت» فقال خر لي قال «خذ هذا ولا تضربه فإني قد رأيته يصلي مقبلنا من خيبر وإني قد نهيت عن ضرب أهل الصلاة» وأعطى أبا ذر الغلام الآخر فقال «استوص به خيرًا» ثم قال «يا أبا ذر ما فعل الغلام الذي أعطيتك؟» قال أمرتني أن أستوصي به خيرًا فأعتقته.
هذا حديث حسنٌ.
* قال الإمام البخاري رحمه الله في “الأدب المفرد” (ص 68): حدثنا حجاج قال حدثنا حماد هو ابن سلمة قال أخبرنا أبو غالب عن أبي أمامة قال: أقبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معه غلامان فوهب أحدهما لعلي صلوات الله عليه وقال «لا تضربه فأني نهيت عن ضرب أهل الصلاة وإني رأيته يصلي منذ أقبلنا» وأعطى أبا ذر غلامًا وقال «استوص به معروفًا» فأعتقه فقال «ما فعل؟» قال أمرتني أن أستوصي به خيرًا فأعتقته.
هذا حديث حسنٌ. وحجاج هو ابن مِنْهَالٍ.
الحديث أخرجه الإمام أحمد (ج 5 ص 250) فقال رحمه الله: ثنا حسن بن موسى وعفان، قالا: ثنا حماد بن سلمة به. وتصحف عنده أبو غالب إلى أبي طالب.
* وقال الإمام محمد بن نصر المروزي رحمه الله في “الصلاة” (ج 2 ص 922): حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عفان، عن حماد بن سلمة، [ص: 414] قال: حدثنا أبو غالب، عن أبي أمامة: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «إني نهيت عن ضرب أهل الصلاة».
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا حماد بهذا الإسناد مثله.
هذا حديث حسنٌ. وحجاج هو ابن منهال.
——-
*دراسة الحديث رواية:*
* ذكر الحديث ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (3) / (397) في ترجمة (565) – حزور أبو غالب.: قال: سمعتُ ابن حماد يقول أبو غالب يروي، عَن أبي أمامة ضعيف ذكره عن النسائي.
* وقال الهيثمي في «المجمع» ((4) / (238)): مدار الحديث على أبي غالب وهو ثقة، وقد ضعف.
* قال البوصيري (ت (840)) في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (5) / (450) —: هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ، أَبُو غالب مختلف فيه.
* قال الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (5) / (492) برقم (2379) – «لا تضربه، فإني نهيت عن ضرب أهل الصلاة».
أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» ((163)) من طريق أبي غالب عن أبي أمامة قال: “أقبل النبي ? معه غلامان، فوهب أحدهما لعلي صلوات الله عليه، وقال: (فذكره)، وإني رأيته يصلي منذ أقبلنا، وأعطى أبا ذرغلاما وقال: استوص به معروفا، فأعتقه، فقال: ما فعل؟ قال: أمرتني أن أستوصي به خيرا، فأعتقته». قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي غالب هذا وهو صاحب أبي أمامة وهو متكلم فيه، ولا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: «إني نهيت عن قتل المصلين». أخرجه أبو يعلى في «مسنده» ((4) / (1455)) وغيره، انظر «المشكاة
» ((4481)). وعن عمر بن أبي سلمة عن أبيه مرسلا. رواه الطحاوي في «مشكل الآثار» ((1) / (196)) في قصة جوع النبي ? وأبي بكر وعمر ومجيئهم إلى منزل أبي الهيثم وإعطائه إياه خادما من السبي وفيه يقول: «خذ هذا واستوص به خيرا فإني رأيته يصلي، وإني نهيت عن المصلين».
* جاء في المسند المصنف المعلل (26) / (102): قلنا: إِسناده ضعيفٌ؛ قال أَبو عبد الرَّحمَن النَّسَائي: أَبو غالب، يروي عن أَبي أُمامة، ضعيف. «الضعفاء والمتروكين» ((665)).
قال محققو المسند 22154:
إسناده ضعيف من أجل أبي غالب البصري نزيل أصبهان، فقد اختلف فيه، وهو ممن يعتبر به في المتابعات والشواهد، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. حسن بن موسى: هو الأشيب البغدادي، وعفان: هو ابن مسلم الصَّفَّار البصري.
وأخرجه ابن أبي شيبة في “مسنده” كما في “إتحاف الخيرة” (6837) عن الحسن بن موسى وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في “الأدب المفرد” (163)، والطبراني في “المعجم الكبير” (8057) من طريق حجاج بن منهال، وابن عدي في “الكامل” 2/ 861 من طريق إبراهيم بن الحجاج السامي، كلاهما عن حماد بن سلمة، به.
وأخرجه الطبراني في “الكبير” (8100) من طريق الحسين بن واقد، عن أبي غالب، به. وروايته مقتصرة على الشطر الأول منه بقصة إخدام النبي صلى الله عليه وسلم علياً غلاماً.
وأخرجه الطبراني في “الكبير” (8104) من طريق الحسين بن واقد، عن أبي غالب، عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أبا ذر قِنّاً (أي: عبداً)، فقال: “أطعمه مما تأكل، واكسه مما تلبس” وكان لأبي ذر ثوب، فشقه نصفين، فائتزر نصفه، وأعطى الغلام نصفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما لي أرى ثوبك هكذا؟ ” فقال: يا رسول الله، قلت: أطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون؟ قال: “نعم” قلت: أعتقه؟ قال: “آجرك الله يا أبا ذر”.
وسيأتي الحديث عن عفان بن مسلم وحده برقم (22227).
وأخرج أبو يعلى (3383) عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى علياً وفاطمة غلاماً، وقال: “أحسنا إليه، فإني رأيته يصلي”. وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.
وأخرج البخاري في “الأدب المفرد” (256)، والترمذي في “السنن” (2369)، وفي “الشمائل” (134)، والحاكم 4/ 131، والبيهقي في “شعب الإيمان” (4604)، والبغوي في “شرح السنة” (3612) في حديث طويل عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي الهيثم بن التَّيِّهان: “هل لك خادم؟ ” قال: لا، قال: “إذا أتانا سَبْيٌ، فاتِنا” فأُتِي النبي صلى الله عليه وسلم برأسين ليس معهما ثالث، فأتاه أبو الهيثم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “اختر منهما”، فقال: يا نبي الله، اختر لي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن المستشار مؤتمن، خذ هذا فإني رأيته يصلي، واستوص به معروفاً” فانطلق أبو الهيثم إلى امرأته، فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت امرأته: ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن تعتقه، قال: فهو عتيق. وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح.
وفي باب النهي عن ضرب المسلمين عامة عن ابن مسعود، وقد سلف في مسنده برقم (3838).
وفي باب تقبيح ضرب المملوكين عن أبي مسعود الأنصاري (17087)، وعن سويد بن مقرن (15703)، وعن ابن عمر (4784) و (5635).
وقوله: “أَخْدِمْنا” أمر من الإخدام، أي: أعطنا خادماً يخدمنا. اهـ
وقالوا أيضا إسناده ضعيف، وهو مكرر (22154) وقرن بعفان بن مسلم الصفار حسن بن موسى الأشيب. اهـ
وفي المطالب العالية:
(2835) -[(1)] وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أبو ((1)) جميع الهجيمي، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أعطى عليًا وفاطمة رضي الله عنهما غُلَامًا وَقَالَ: أَحْسِنَا إِلَيْهِ فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي.
[(2)] وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بِهَذَا ((2)).
((1)) هو سالم بن دينار ويقال ابن راشد.
((2)) سقطت هذه اللفظة من نسخة (حس).
_________
(2835) – تخريجه:
ذكره الهيثمي في المجمع ((4) / (241)) وعزاه إلى أبي يعلى، وقال: رجاله ثقات.
الحكم عليه:
الحديث ضعيف من أجل محمَّد بن الحسن الأسدي، والجمهور على ضعفه وحتى ابن عديّ الذي قال عنه: لم أر بحديثه بأسًا عدّ هذا الحديث من أفراده.
وللحديث شاهد بمعناه من حديث أَبِي أُمَامَةَ … والحديث بهذا الشاهد حسن لغيره لأنّ رجال حديث أبي أمامة كلهم ثقات إلّا أبا غالب صاحب أبي أمامة فهو صدوق يخطئ فهو يجبر محمَّد بن الحسن الأسدي الذي يحتمل جدًا أن يحسن حديثه لوحده، فإذا انجبر بأبي غالب يكون حديثه بلا شك حسنًا لغيره.
المطالب العالية محققا (12) / (209)
—
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ. قَالَ:
كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي. فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا (اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ! لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ) فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ ?. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ. فَقَالَ (أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ، لَلَفَحَتْكَ النَّارُ، أَوْ لَمَسَّتْكَ النار)
صحيح مسلم – ت عبد الباقي (3) / (1281)
عن عمار بن ياسر قال: [لا يضرب أحد عبدًا له وهو ظالم له إلا أقيد منه يوم القيامة]
صحيح الأدب المفرد (1) / (88)
عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: (خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أول من لقينا أبا اليسر صاحب رسول الله ?، ووصفوا معه حال غلامه وحسن لباسه مع سيده، فكلموا أبا اليسر في حال هذا الغلام في هذه اللبسة الجميلة الجيدة، فقال: يا بن أخي! بصرت عيني هاتين، وسمعت أذني هاتين، ووعاه قلبي -وأشار إلى مناط قلبه- سمعت النبي ? يقول: أطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون)
مسلم ((3006))
تبويبات الأئمة:
بوب عليه البخاري في الأدب المفرد:
85 – باب العفو عن الخادم
بوب عليه مقبل في الجامع:
65 – فضل الصلاة
48 – العتق
91 – غزوة خيبر
*دراسة الحديث دراية:*
* بوب محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة بَاب ذِكْرِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ، وَإِبَاحَةِ قَتْلِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ.
* قال الطيبي في شرح المشكاة الكاشف عن حقائق السنن (7) / (2386): ” الحديث الحادي عشر عن أبي أمامة: قوله: «نهيت عن ضرب أهل الصلاة» وذلك أن المصلي غالبا لا يأتي بما يستحق عليه الضرب؛ لأن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر، فإذا كان الله رفع عنه الضرب في الدنيا نرجو من كرمه ولطفه في الآخرة بدخول النار «ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته» ”
* قال ابن الملك في شرح المصابيح (4) / (72): «عن أبي أمامة: أن رسول الله ? وهب لعلي غلامًا فقال: لا تضربه فإني نهيت عن ضرب أهل الصلاة وقد رأيته يصلي»، وذلك لأن المصلي غالبًا لا يأتي بما يستحق الضرب لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء.
* قال الملا على القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6) / (2202) (وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ): أَيِ الْبَاهِلِيِّ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ? وَهَبَ لِعَلِيٍّ غُلَامًا فَقَالَ: “لَا تَضْرِبْهُ فَإِنِّي نُهِيتُ): بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ نَهَانِي رَبِّي (عَنْ ضَرْبِ أَهْلِ الصَّلَاةِ): أَيْ فِي غَيْرِ الْحَدِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ
(وَقَدْ رَأَيْتُهُ يُصَلِّي): وَلَعَلَّ مُرَادَهُ ? أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ضَرْبِ التَّأْدِيبِ حَيْثُ تَأَدَّبَ مَعَ مَوْلَاهُ الْحَقِيقِيِّ بِالْقِيَامِ بِحَقِّ عُبُودِيَّتِهِ عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَالصَّلَاةُ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْفَى وَيُسَامَحَ، ثُمَّ رَأَيْتُ الطِّيبِيَّ، قَالَ: وَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ غَالِبًا لَا يَاتِي بِمَا يَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، فَإِذَا كَانَ اللَّهُ رَفَعَ عَنْهُ الضَّرْبَ فِي الدُّنْيَا نَرْجُو مِنْ كَرَمِهِ وَلُطْفِهِ أَنْ لَا يُخْزِيَهُ فِي الْآخِرَةِ بِدُخُولِ النَّارِ؟: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} [آل عمران: (192)] (هَذَا): أَيِ الْمَذْكُورُ فِي الْمِشْكَاةِ (لَفْظُ: «الْمَصَابِيحِ»).
* قال الساعاتي في الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (14) / (147): (تخريجه) (ق د وغيرهم) (غريبة) في الأصل أبو طالب وهو خطأ وصوابه أبو غالب: قال الحافظ في التقريب أبو غالب صاحب أبي أمامه بصري نزل أصبهان قيل اسمه حزور: وقيل سعيد بن الحزور: وقيل نافع صدوق ويخطيء من الخامسة اهـ هذا يؤيد ما قلنا من أمن الصواب أبو غالب معناه: أعطني خادما أو هب لنا خادما (وقوله خرلى) بكسر الخاء المعجمة أي إخترلى بضم الميم وفتح الباء الموحدة اسم زمان من أقبل يقبل أي وقت قدومنا من خيبر هكذا بالأصل بدون ذكر المنهى عنه، ولعله حذف للعلم به مما قبله وهو قوله (نهيت عن ضرب أهل الصلاة) بصيغى الماضي والمعنى أن أبا ذر لم يجد معروفا يسديه إليه أفضل من العتق فأعتقه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ومدار الحديث علي أبي غالب وهو ثقة وقد ضعف اهـ
—
قال الترمذي:
29 – باب ما جاء في مَعيشةِ أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم –
ثم أورد حديث أبي هريرة:
2369 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَاعَةٍ لَا يَخْرُجُ فِيهَا وَلَا يَلْقَاهُ فِيهَا أَحَدٌ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: «مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ»؟ فَقَالَ: خَرَجْتُ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ وَالتَّسْلِيمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: «مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَرُ»؟ قَالَ: الجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَأَنَا قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ ذَلِكَ، فَانْطَلَقُوا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ الأَنْصَارِيِّ» وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ النَّخْلِ وَالشَّاءِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خَدَمٌ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَالُوا لِامْرَأَتِهِ: أَيْنَ صَاحِبُكِ؟ فَقَالَتْ: انْطَلَقَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا المَاءَ، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ جَاءَ أَبُو الهَيْثَمِ بِقِرْبَةٍ يَزْعَبُهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ جَاءَ يَلْتَزِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَيُفَدِّيهِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى حَدِيقَتِهِ فَبَسَطَ لَهُمْ بِسَاطًا، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى نَخْلَةٍ فَجَاءَ بِقِنْوٍ فَوَضَعَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَفَلَا تَنَقَّيْتَ لَنَا مِنْ رُطَبِهِ»؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ تَخْتَارُوا، أَوْ قَالَ: تَخَيَّرُوا مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهِ، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا
مِنْ ذَلِكَ المَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ظِلٌّ بَارِدٌ، وَرُطَبٌ طَيِّبٌ، وَمَاءٌ بَارِدٌ»، فَانْطَلَقَ أَبُو الهَيْثَمِ لِيَصْنَعَ لَهُمْ طَعَامًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحَنَّ ذَاتَ دَرٍّ»، قَالَ: فَذَبَحَ لَهُمْ عَنَاقًا أَوْ جَدْيًا فَأَتَاهُمْ بِهَا فَأَكَلُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ لَكَ خَادِمٌ»؟ قَالَ: لَا، قَالَ: «فَإِذَا أَتَانَا سَبْيٌ فَاتِنَا» فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَأْسَيْنِ لَيْسَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ فَأَتَاهُ أَبُو الهَيْثَمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اخْتَرْ مِنْهُمَا»، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ اخْتَرْ لِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ المُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ، خُذْ هَذَا فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي وَاسْتَوْصِ بِهِ مَعْرُوفًا»، فَانْطَلَقَ أَبُو الهَيْثَمِ إِلَى امْرَأَتِهِ فَأَخْبَرَهَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ: مَا أَنْتَ بِبَالِغٍ مَا قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَنْ تَعْتِقَهُ، قَالَ: فَهُوَ عَتِيقٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا وَلَا خَلِيفَةً إِلَّا وَلَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَامُرُهُ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ المُنْكَرِ، وَبِطَانَةٌ لَا تَالُوهُ خَبَالًا، وَمَنْ يُوقَ بِطَانَةَ السُّوءِ فَقَدْ وُقِيَ»: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ»
[حكم الألباني]: صحيح
والحديث أصله في مسلم مختصرا:
140 – (2038) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟. قَالَا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ:
وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا. فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيْنَ فُلَانٌ؟ قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ، إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلهِ، مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي. قَالَ: فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ. وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ. فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ، وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ.»
قال الملا الهروي القاري:
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل لك خادم) أي: غائب؛ لأن الحامل على سؤاله رؤيته له، وهو يتعاطى خدمة بيته بنفسه (قال: لا، قال: فإذا أتانا سبي) بفتح فسكون أي: مسبي من الأسارى عبدا أو جارية (فأتنا) فاحضرنا، وفيه إيماء إلى كمال كرمه وجوده حيث عزم على إحسانه ومكافأته بوعده (فأتي) بصيغة المجهول، أي: فجيء (النبي صلى الله عليه وسلم برأسين) أي: بأسيرين اثنين (ليس معهما ثالث) تأكيد لما قبله (فأتاه أبو الهيثم) أي اتفاقا، أو بالقصد بمقتضى الوعد (فقال النبي صلى الله عليه وسلم اختر منهما) أي: واحدا (فقال يا نبي الله اختر لي) أي: أنت فإن اختيارك لي خير من اختياري لنفسي، وهذا من كمال عقله وحسن أدبه وفضله (فقال النبي صلى الله عليه وسلم المستشار مؤتمن) بصيغة المفعول، وهو حديث صحيح كاد أن يكون متواترا، ففي الجامع الصغير: المستشار مؤتمن، رواه الأربعة عن أبي هريرة، والترمذي عن أم سلمة وابن ماجه عن ابن مسعود والطبراني في الكبير عن سمرة، وزاد إن شاء أشار، وإن شاء لم يشر، وفي الأوسط عن علي – كرم الله وجهه – وزاد فإذا استشير فليشر بما هو صانع لنفسه، ثم الاستشارة استخراج الرأي من قولهم شرت العسل إذا أخرجتها من خلاياها، والاسم المشورة والمشورة، وهما لغتان ومعنى الحديث أن من استشار ذا رأي في أمر اشتبه عليه وجه صلاحه فقد ائتمنه واستشفى برأيه، فعليه أن يشير عليه بما يراه النصح فيه، ولو أشار عليه بغيره فقد خانه، والحاصل أن المستشار أمين فيما يسأل من الأمور، فلا ينبغي أن يخون المستشير بكتمان مصلحته وامتناع نصيحته (خذ هذا) إشارة إلى أحد الرأسين (فإني رأيته يصلي) أي: والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ….
وجاء في رواية: والمعصوم من عصمه الله، فهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا: وإياك يا رسول الله، قال: وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير.
[جمع الوسائل في شرح الشمائل 2/ 192]
قال محمد جميل زينو:
من فوائد القصة
1 – الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه يعانون الجوع، ويسعون لسده بطريقة مشروعة.
2 – يجوز للرجل أن يذهب إلى بيت صاحبه لتناول الطعام بدون دعوة إن كان يعلم سعة حالة؟ وطيب نفسه: فالصحابي الجليل أبو الهيثم دخل السرورُ إلى قلبه حينما وجد الرسول صلى الله عليه وسلم صاحبيه في بستانه.
3 – التنبيه على فضل النعمة مهما كانت، والحث على شكر خالقها، وعدم الإنشغال بها عن المنعم، قال الله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} “سورة إبراهيم 7”
4 – إذا رأى الضيف إكرامًا زائدًا من صاحب البيت، فخشي وقوعه في خطأ، نصحه برفق كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تذبحن لنا ذات دَرٍّ) [أي ذات لبن].
5 – المكافأة على المعروف مطلوبة، فرسول الكرم يكافاء صاحب البيت ويَعِده بخادم.
6 – لا يحتاج أبو الهيثم إلى وساطة لطلب الخادم، فعندما يلتقي الرسول به وقد جاءه خادمان، فسرعان ما يقول له: “اختر منهما”.
وإذا طلبت إلى كريم حاجةً … فلقاؤه يكفيك والتسليمُ
7 – العاقل يستشير مَن هو أتم نظرًا: (يَا رسول الله اخْتَرْ لي).
8 – الصلاة علامة التقوى: (خذ هذا فإني رأيته يصلي).
9 – وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالخدم لا سيما المصلين: (استوصِ به معروفًا).
10 – حب الصحابة لتحرير الأرقاء، وموافقته لزوجته الصالحة على إعتاقه.
11 – على المسلم العاقل أن ينتقي أصحابه من أهل الصلاح ليذكروه بالخير، ويشجعوه عليه، وأن يبتعد عن قرناء السوء كيلا يذكروه بالشر ويحسِّنوه إليه، وكذلك شأن الزوجة الصالحة والشريرة لها تأثير على الزوج.
12 – جواز المعانقة لغير القادم من سفر.
[مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع 2/ 384]