481 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: عبدالله الديني وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
481 – قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 3 ص 238): حدثنا موسى بن عبد الرحمن الكوفي أخبرنا زيد بن الحباب أخبرنا معاوية بن صالح حدثني سليم بن عامر قال سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطب في حجة الوداع فقال «اتقوا الله ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم» قال فقلت لأبي أمامة منذ كم سمعت هذا الحديث؟ قال: سمعته وأنا ابن ثلاثين سنة.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
قال أبو عبد الرحمن: هو حديث حسنٌ.
* وقال الإمام أحمد رحمه الله (ج 5 ص 251): حدثنا زيد بن الحباب حدثنا معاوية بن صالح حدثني سليم بن عامر قال سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطب الناس في حجة الوداع وهو على الجدعاء واضع رجله في غراز الرحل يتطاول يقول «ألا تسمعون؟» فقال رجل من آخر القوم ما تقول قال «اعبدوا ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم» قلت له فمذ كم سمعت هذا الحديث يا أبا أمامة قال: وأنا ابن ثلاثين سنة.
وقال الإمام أحمد رحمه الله (ج 5 ص 262): ثنا عبد الرحمن، عن معاوية بن صالح به.
هذا حديث حسنٌ.
* وقال الحاكم رحمه الله (ج 1 ص 389): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر الخولاني، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن أبي يحيى بن عامر الكلاعي، قال: سمعت أبا أمامة يقول: قام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فينا في حجة الوداع وهو على ناقته الجدعاء، قد جعل رجليه في غرزي الركاب يتطاول يُسمع الناس، فقال: «ألا تسمعون صوتي؟» فقال رجل من طوائف الناس: فماذا تعهد إلينا؟ فقال: «اعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، وأطيعوا ذا أمركم، تدخلوا جنة ربكم» قال: قلت: يا أبا أمامة، فمثل من أنت يومئذ؟ قال: أنا يا ابن أخي يومئذ ابن ثلاثين سنة، أزاحم البعير أدحرجه قربًا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
هذا حديث حسنٌ.
……………………………………………….
صححه الألباني في الصحيحة
بوب عليه الترمذي:
باب ما ذكر في فضل الصلاةِ
بوب عليه الهيتمي في الزواجر عن اقتراب الكبائر:
الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالسَّبْعُونَ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ
بوب عليه النووي في رياض الصالحين:
باب التقوى
بوب عليه مقبل في الجامع:
رفع الصوت بالعلم
من شعب الإيمان
وجوب الصلوات الخمس
فضل إيتاء الزكاة
خطبةٌ فيها جمل الإسلام
وجوب صوم شهر رمضان
وجوب طاعة أولي الأمر في طاعة الله
قال ابن القيم:
فصل
ثمَّ رجع إلى منًى، فخطب النَّاس خطبةً بليغةً، أعلمَهم فيها بحرمة يوم النَّحر، وتحريمه، وفضله عند اللَّه، وحرمة مكَّة على جميع البلاد، وأمر بالسَّمع والطَّاعة لمن قادهم بكتاب اللَّه، وأمر النَّاس بأخذ مناسكهم عنه، وقال: «لعلِّي لا أحجُّ بعد عامي هذا».
وعلَّمهم مناسكَهم، وأنزل المهاجرين والأنصار منازلَهم، وأمر النَّاس أن لا يرجعوا بعده كفَّارًا يضرب بعضهم رقابَ بعضٍ، وأمر بالتَّبليغ عنه. وأخبر أنَّه ربَّ مبلَّغٍ أوعى من سامعٍ.
وقال في خطبته: «لا يجني جانٍ إلا على نفسه».
وأنزل المهاجرين عن يمين القبلة، والأنصارَ عن يسارها، والنَّاسُ حولهم، وفتح الله له أسماعَ النَّاس حتَّى سمعها أهل منًى في منازلهم.
وقال في خطبته تلك: «اعبدوا ربَّكم، وصَلُّوا خمْسَكم، وصوموا شهركم، وأطيعوا ذا أمركم، تدخلوا جنَّة ربِّكم».
وودَّع حينئذٍ النَّاس، فقالوا: حجَّة الوداع.
[زاد المعاد ط عطاءات العلم 2/ 313]
قال ابن رجب:
الحديث الثاني والعشرون
عَنْ جَابِر بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما: أنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أرأيتَ إذا صَلَّيتُ المَكتُوبَاتِ، وصُمْتُ رَمَضانَ، وأَحْلَلْتُ الحَلالَ، وحَرَّمْتُ الحَرامَ، ولم أزِدْ على ذلك شيئاً، أأدخُلِ الجنَّةَ؟ قالَ: «نَعَمْ». رواهُ مسلم.
وبكلِّ حالٍ، فهذا الحديثُ يدلُّ على أنَّ من قام بالواجبات، وانتهى عن المحرَّمات، دخلَ الجنة، وقد تواترتِ الأحاديثُ عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى، أو ما هو قريبٌ منه، كما خرَّجهُ النَّسائي، وابنُ حبان، والحاكم من حديث أبي هريرة وأبي سعيد عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «ما مِنْ عبدٍ يُصلِّي الصلواتِ الخمس، ويصومُ رمضان، ويُخرجُ الزَّكاة، ويجتنبُ الكبائر السَّبعَ، إلاَّ فُتِحَتْ له أبوابُ الجنة، يدخُلُ من أيِّها شاء»، ثم تلا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}
وخرَّج الإمام أحمد والنسائي من حديث أبي أيوب الأنصاري، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم،
قال: «مَنْ عَبدَ الله، لا يُشركُ به، وأقامَ الصَّلاةَ، وآتى الزَّكاة، وصامَ رمضان، واجتنبَ الكبائرَ، فله الجنةُ، أو دخل الجنة».
وفي ” المسند ” عن ابنِ عباس: أنَّ ضِمَامَ بنَ ثعلبةَ وفَدَ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فذكر له الصَّلوات الخمس، والصيام، والزكاة، والحج، وشرائع الإسلام كلها، فلمَّا فرغ، قال: أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسول الله، وسأؤدِّي هذه الفرائض، وأجتنبُ ما نهيتني عنه، لا أزيدُ ولا أنقُصُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنْ صدقَ دخلَ الجنَّة». وخرَّجه الطبراني مِنْ وجهٍ آخرَ، وفي حديثه قال: والخامسة لا أَرَبَ لي فيها، يعني: الفواحش، ثم قال: لأعملنَّ بها، ومن أطاعني، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لئن صدقَ، ليدخلنَّ الجنَّة».
وفي ” صحيح البخاري ” عن أبي أيوب: أنَّ رجلاً قال للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل يُدخلني الجنَّة، قال: «تعبدُ الله لا تُشركُ به شيئاً، وتقيمُ الصَّلاة، وتُؤْتِي الزكاةَ، وتَصِلُ الرَّحم». وخرّجه مسلم إلاَّ أنَّ عنده أنَّه قال: أخبرني بعملٍ يُدنيني من الجنَّةِ
ويُباعدُني من النَّارِ. وعنده في رواية: فلما أدبرَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنْ تمسَّك بما أُمِرَ به، دخلَ الجنَّة».
وفي ” الصحيحين ” عن أبي هريرة: أنَّ أعرابياً قال: يا رسول الله، دُلَّني على عملٍ إذا عملتُه دخلتُ الجنَّة، قال: «تعبدُ الله لا تُشركُ به شيئاً، وتقيمُ الصَّلاةَ المكتوبة، وتؤدِّي الزكاةَ المفروضة، وتصومُ رمضانَ»، قال: والذي بعثك بالحقِّ، لا أزيدُ على هذا شيئاً أبداً ولا أَنْقُصُ منه، فلمَّا ولَّى، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَن سرَّه أنْ ينظرَ إلى رجلٍ من أهلِ الجنَّة، فلينظر إلى هذا».
وفي ” الصحيحين ” عن طلحة بنِ عُبَيد الله: أنَّ أعرابياً جاء إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ثائرَ الرأس، فقال: يا رسولَ الله، أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الصَّلاةِ؟ فقالَ: «الصلوات الخمس، إلا أنْ تَطوَّع شيئاً»، فقالَ: أخبرني بما فرض الله عليَّ منَ الصِّيامِ؟ فقال: «شهر رمضان، إلا أنْ تطوَّع شيئاً» فقال: أخبرني بما فرض الله عليَّ منَ الزَّكاة؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام، فقال: والذي أكرمك بالحقِّ، لا أتطوَّعُ شيئاً ولا أنقصُ ممَّا فرضَ الله عليَّ شيئاً، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلحَ إنْ صدق، أو دخل الجنَّة إنْ صدق» ولفظه للبخاري.
وفي ” صحيح مسلم ” عن أنس: أنَّ أعرابياً سألَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكره بمعناه، وزاد فيه: «حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً» فقال: والذي بعثك بالحقِّ لا أزيد
عليهن ولا أنقُصُ منهن، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لئنْ صدَقَ ليَدْخُلَنَّ الجنَّة».
ومراد الأعرابي أنَّه لا يزيدُ على الصلاة المكتوبة، والزكاة المفروضة، وصيام رمضان، وحجِّ البيت شيئاً من التطوُّع، ليس مرادُه أنَّه لا يعمل بشيءٍ من شرائعٍ الإسلام وواجباته غير ذلك، وهذه الأحاديثُ لم يذكر فيها اجتناب المحرَّمات؛ لأنَّ السائل إنَّما سأله عَنِ الأعمال التي يدخل بها عامِلُها الجنَّة.
فهذه الأعمال أسبابٌ مقتضية لدخول الجنَّة، وقد يكونُ ارتكابُ المحرَّمات موانع، ويدلُّ على هذا ما خرَّجه الإمام أحمد من حديث عمرو بن مرَّة الجهني، قال: جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ الله، شهدتُ أنْ لا إله إلاَّ الله، وأنَّك رسولُ الله، وصلَّيتُ الخمس، وأدَّيتُ زكاةَ مالي، وصُمْتُ شهرَ رمضانَ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «من مات على هذا، كان مع النبيِّين
والصدِّيقينَ والشهداءِ يومَ القيامة هكذا – ونَصَبَ أصبعيه – ما لم يَعُقَّ والديه».
وقد ورد ترتُّب دخولِ الجنة على فعلِ بعض هذه الأعمال كالصَّلاةِ، ففي الحديث المشهور: «من صلَّى الصلواتِ لوقتِها، كان له عندَ الله عهدٌ أنْ يُدخِلَهُ الجنّة». وفي الحديث الصحيح: «من صَلَّى البَرْدَينِ دخل الجنة»، وهذا كلُّه من ذكر السبب المقتضي الذي لا يعمل عمله إلاَّ باستجماع شروطه، وانتفاء موانعه؛ ويدلُّ على هذا ما خرَّجه الإمام أحمد عن بشير بنِ الخَصاصِيةِ،
قالَ: أتيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لأبايِعَه، فشرط عليَّ شهادة أنْ لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، وأنْ أُقيمَ الصَّلاةَ، وأنْ أُوتي الزكاة، وأنْ أحجَّ حجة الإسلام، وأنْ أصومَ رمضان، وأنْ أُجاهِد في سبيل الله، فقلتُ: يا رسول الله أما اثنتان فوالله ما أُطيقُهُما: الجهاد والصَّدقةُ، فقبضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدَهُ، ثمَّ حَرَّكَها، وقال: «فلا جهادَ ولا صدقةَ؟ فبِمَ تدخلُ الجنَّة إذاً؟» قلتُ: يا رسول الله أنا أُبايعُك، فبايعتُه عليهنَّ كُلَّهنَّ. ففي هذا الحديث أنَّه لا يكفي في دخول الجنَّة هذه الخصالُ بدون الزكاة والجهاد.
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنَّ ارتكاب بعضِ الكبائر يمنع دخولَ الجنَّة، كقوله: «لا يدخل الجَنَّةَ قاطع»، وقوله: «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرَّةٍ من كِبْر»،
وقوله: «لا تدخلوا الجنة حتَّى تُؤمِنوا، ولا تُؤْمِنوا حتَّى تحابُّوا» والأحاديث التي جاءت في منع دخول الجنَّة بالدَّينِ حتى يُقضى، وفي الصَّحيح
: «أنَّ المؤمنين إذا جازوا الصِّراطَ، حُبِسُوا على قنطرة يقتصُّ منهم مظالمُ كانت بينهم في الدنيا».
وقال بعض السَّلف: إنَّ الرجل ليُحبَسُ على باب الجنَّةِ مئة عام بالذنب كان يعملُه في الدنيا. فهذه كُلُّها موانع.
ومن هنا يظهرُ معنى الأحاديث التي جاءت في ترتيب دخول الجنَّة على مجرَّد التوحيد، ففي ” الصحيحين ” عن أبي ذرٍّ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «ما مِنْ عبدٍ قال: لا إله إلاَّ الله، ثمَّ مات على ذلك إلاَّ دخل الجنَّة»، قلت: وإنْ زنى وإنْ سرق؟! قالَ: «وإنْ زنى وإنْ سرق»، قالها ثلاثاً، ثم قال في الرابعة: «على رغم أنف أبي ذرٍّ»، فخرج أبو ذرٍّ، وهو يقول: وإنْ رغم أنفُ أبي ذرٍّ.
وفيهما عن عُبادة بنِ الصامت، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ شهد أنْ لا إله إلا الله وحدَهُ لا شَريكَ له، وأنَّ محمداً عبده ورسولُه، وأنَّ عيسى عبدُ الله ورسوله وكلمتُه ألقاها إلى مريم وروحٌ منه، وأنَّ الجنَّةَ حقٌّ، والنَّارَ حقٌّ، أدخله الله الجنَّة على ما كان من عملٍ».
وفي ” صحيح مسلم ” عن أبي هريرة، أو أبي سعيد – بالشَّكِّ -، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «أشهد أنْ لا إله إلا الله وأنِّي رسول الله، لا يلقى الله بهما عَبْدٌ غيرَ شاك، فيُحْجَبُ عن الجنَّة».
وفيه عن أبي هُريرة: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له يوماً: «مَنْ لَقِيتَ يشهد أنْ لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبُه، فبشِّره بالجنَّة»
وفي المعنى أحاديث كثيرة جداً.
وفي ” الصحيحين ” عن أنس: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال يوماً لمعاذ: «ما مِنْ عبدٍ يشهدُ أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً عبدُه ورسوله إلاَّ حرَّمه الله على النار».
وفيهما عن عِتبان بن مالك، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الله قد حرَّم على النَّارِ مَنْ قال: لا إله إلا الله، يبتغي بها وجه اللهِ».
فقال طائفةٌ من العلماء: إنَّ كلمة التوحيد سببٌ مقتضٍ لدخول الجنَّة وللنجاة مِنَ النَّارِ، لكن له شروطٌ، وهي الإتيانُ بالفرائضِ، وموانعُ وهي إتيانُ الكبائر. قال الحسن للفرزدق: إنَّ لـ «لا إله إلا الله» شروطاً، فإيَّاكَ وقذفَ المحصنة. ورُوي عنه أنَّه قال: هذا العمودُ، فأين الطُّنُبُ، يعني: أنَّ كلمةَ التوحيد عمودُ الفسطاط، ولكن لا يثبتُ الفسطاطُ بدون أطنابه، وهي فعلُ الواجبات، وتركُ المحرَّمات.
وقيل للحسن: إنَّ ناساً يقولون: من قال: لا إله إلا الله، دخل الجنَّة، فقال: من قال: لا إله إلا الله، فأدَّى حقَّها وفرضها، دخلَ الجنَّةَ.
وقيل لوهب بنِ مُنبِّه: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنَّة؟ قال: بلى؛ ولكن ما من مفتاحٍ إلا وله أسنان، فإنْ جئتَ بمفتاحٍ له أسنانٌ فتح لك، وإلاَّ لم يفتح لك.
ويشبه هذا ما رُوِيَ عن ابنِ عمر: أنَّه سُئِلَ عن لا إله إلا الله: هل يضرُّ معها عملٌ، كما لا ينفع مع تركها عملٌ؟ فقالَ ابن عمر: عش ولا تغتر.
وقالت طائفةٌ – منهم: الضحاكُ والزهري -: كانَ هذا قبلَ الفرائض والحدود، فمِنْ هؤلاء مَنْ أَشار إلى أنَّها نُسِخَتْ، ومنهم من قالَ: بل ضُمَّ إليها شروطٌ زيدت عليها، وزيادة الشرط هل هي نسخ أم لا؟ فيه خلاف مشهور بين الأصوليين، وفي هذا كلِّه نظرٌ، فإنَّ كثيراً مِنْ هذه الأحاديث متأخر بعدَ الفرائض والحدود.
وقال الثوري: نسختها الفرائضُ والحدودُ، فيحتمل أنْ يكونَ مرادُه ما أراده هؤلاء، ويحتمل أنْ يكون مرادُه أنَّ وجوبَ الفرائض والحدود تبين بها أنَّ عقوبات الدنيا لا تسقُطُ بمجرَّدِ الشهادتين، فكذلك عقوباتُ الآخرة، ومثل هذا البيان
وإزالة الإيهام كان السَّلفُ يُسَمُّونه نسخاً، وليس هو بنسخ في الاصطلاح
المشهور.
وقالت طائفة: هذه النصوص المطلقة جاءت مقيدة بأنْ يقولها بصدقٍ وإخلاصٍ، وإخلاصُها وصدقُها يمنع الإصرارَ معها على معصية.
وجاء من مراسيل الحسن، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنَّة» قيل: وما إخلاصها؟ قال: «أنْ تحجُزَكَ عمَّا حرَّم الله». وروي ذلك مسنداً من وجوه أخرَ ضعيفة.
ولعل الحسن أشار بكلامه الذي حكيناه عنه من قبلُ إلى هذا فإنَّ تحقق القلب بمعنى «لا إله إلا الله» وصدقه فيها، وإخلاصه بها يقتضي أنْ يرسخَ فيه تألُّهُ الله وحده، إجلالاً، وهيبةً، ومخافةً، ومحبَّةً، ورجاءً، وتعظيماً، وتوكُّلاً، ويمتلئَ بذلك، وينتفيَ عنه تألُّه ما سواه من المخلوقين، ومتى كان كذلك، لم يبقَ فيه محبَّةٌ، ولا إرادةٌ، ولا طلبٌ لغير ما يُريدُهُ الله ويحبُّه ويطلبه، وينتفي بذلك مِنَ القلب جميعُ أهواءِ النُّفوس وإراداتها، ووسواس الشيطان، فمن أحب شيئاً وأطاعه، وأحبَّ عليه وأبغض عليه، فهو إلههُ، فمن كان لا يحبُّ ولا يبغضُ إلا لله، ولا يُوالي ولا يُعادي إلا له، فالله إلههُ حقاً، ومن أحبَّ لهواه، وأبغض له، ووالى عليه، وعادى عليه، فإلهه هواه، كما قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} قالَ الحسن: هوَ الذي لا يهوى شيئاً إلا ركبه. وقال قتادة: هوَ الذي كلما هَوِيَ شيئاً ركبه، وكلما اشتهى شيئاً أتاه، لا يَحجزُه عن ذلك ورعٌ ولا تقوى. ويُروى من حديث أبي أمامة مرفوعاً «ما تحتَ ظلِّ السماء إلهٌ يُعبد أعظم عندَ الله من هوى متَّبع».
وكذلك مَنْ أطاعَ الشيطان في معصية الله، فقد عبده، كما قال الله عز وجل
: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}.
فتبيَّن بهذا أنَّه لا يصحُّ تحقيقُ معنى قولِ: لا إله إلا الله، إلاَّ لمن لم يكن في قلبه إصرارٌ على محبة ما يكرهه الله، ولا على إرادة ما لا يُريده الله، ومتى كان في القلب شيءٌ مِنْ ذلك، كان ذلك نقصاً في التوحيد، وهو مِنْ نوع الشِّرك الخفيِّ.
ولهذا قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} قال: لا تحبُّوا غيري.
وفي ” صحيح الحاكم ” عن عائشة، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «الشِّركُ أخفى من دبيب الذَّرِّ على الصَّفا في الليلة الظَّلماء، وأدناه أنْ تُحِبَّ على شيءٍ مِنَ الجَوْرِ، وتُبغِضَ على شيءٍ مِنَ العدل، وهل الدِّينُ إلا الحبّ والبغض؟ قال الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ}. وهذا نصٌّ في أنَّ محبةَ ما يكرهه الله، وبغضَ ما يُحبه متابعةٌ للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة عليه من الشرك الخفيّ.
وخرَّج ابن أبي الدُّنيا من حديث أنس مرفوعاً: «لا تزالُ لا إله إلا الله تمنعُ العبادَ مِنْ سخط الله، ما لم يُؤْثِروا دُنياهم على صَفقةِ دينهم، فإذا آثرُوا
صفقةَ دُنياهم على دينهم، ثم قالوا: لا إله إلا الله رُدَّتْ عليهم، وقال الله: كذبتم».
فتبيَّن بهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «من شهد أنْ لا إله إلا الله صادقاً من قلبه حرَّمه الله على النار»، وأنَّ من دخل النارَ من أهل هذه الكلمة، فَلِقِلَّةِ صدقه في قولها، فإنَّ هذه الكلمة إذا صدقت، طهَّرت من القلب كلَّ ما سوى الله، فمن صدق في قوله: لا إله إلا الله، لم يُحبَّ سواه، ولم يَرْجُ إلاَّ إيَّاه، ولم يخشَ أحداً إلاَّ الله، ولم يتوكَّل إلاَّ على الله، ولم تبقَ له بقيَّةٌ من آثار نفسه وهواه، ومتى بقي في القلب أثرٌ لسوى الله، فمن قلَّة الصدق في قولها.
[جامع العلوم والحكم ص477 ت الفحل]
قال ابن عثيمين:
كانت خطب الرسول عليه الصلاة والسلام علي قسمين: خطب راتبة وخطب عارضة. فأما الراتبة: فهي خطبة في الجمع والأعياد، فانه صلي الله عليه وسلم كان يخطب الناس في كل جمعة وفي كل عيد، واختلف العلماء_ رحمهم الله_ في خطبة صلاة الكسوف، هل هي راتبة أو عارضة، وسبب اختلافهم: إن الكسوف لم يقع في عهد النبي صلي الله عليه وسلم إلا مرة واحدة، ولما صلي قام فخطب الناس عليه الصلاة والسلام، فذهب بعض العلماء فذهب بعض العلماء إلى إنها من الخطب الراتبة، وقال: إن الأصل إن ما شرعه النبي صلي الله عليه وسلم فهو ثابت مستقر، ولم يقع الكسوف مرة
أخرى فيترك النبي صلي الله عليه وسلم الخطبة، حتى نقول إنها من الخطب العارضة. وقال بعض العلماء: بل هي من الخطب العارضة، التي إن كان لها ما يدعوا إلها خطب وإلا فلا، ولكن الأقرب إنها من الخطب الراتبة، وانه يسن للإنسان إذا صلي صلاة الكسوف إن يقوم فيخطب الناس ويذكرهم ويخوفكم كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم. أما الخطب العارضة فهي التي يخطبها عند الحاجة أليها، مثل خطبته صلي الله عليه وسلم حينما اشترط أهل بريرة_ وهي جارية اشترتها عائشة رضي الله عنها_ فاشترط أهلها إن يكون الولاء لهم، ولكن عائشة_ رضي الله عنها_ لم تقبل بذلك، فأخبرت النبي صلي الله عليه وسلم فقال: ((خذيها فاعتقيها، واشترطي لهم الولاء، ثم قام فخطب الناس واخبرهم إن الولاء لمن اعتق)). وكذلك خطبته حين شفع أسامة بن زيد_ رضي الله عنه_ في المرأة المخزومية، التي كانت تستعير المتاع فتجدده، فأمر النبي صلي الله عليه وسلم إن تقطع يدها، فاهم قريشا شانها، فطلبوا من يشفع لها إلى الرسول صلي الله عليه وسلم، فطلبوا من أسامة بن زيد_ رضي الله عنهما_ إن يشفع، فشفع، ولكن النبي صلي الله عليه وسلم قال له: ((أتشفع في حد من حدود الله)) ثم قال ((فخطب الناس واخبرهم بان الذي اهلك من كان قبلنا انهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الوضيع أقاموا عليه الحد)) وفي حجة الوداع خطب النبي صلي الله عليه وسلم يوم عرفة، وخطب يوم النحر، ووعظ الناس وذكرهم، وهذه خطبة من الخطب الرواتب التي يسن لقائد الحجيج إن يخب الناس كما خطبهم النبي صلي الله عليه وسلم. وكان من جملة ما ذكر في خطبته في حجة الوداع، انه قال: ((يا أيها الناس اتقوا ربكم)) وهذه كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) (النساء: من الآية1)، فأمر الرسول صلي الله عليه وسلم الناس جميعا إن يتقوا ربهم الذي خلقهم، وأمدهم بنعمه، واعدهم لقبول رسالاته، فأمرهم إن يتقوا الله.
وقوله: ((وصلوا خمسكم)) أي: صلوا الصلوات الخمس التي فرضها الله_ عز وجل_ علي رسوله صلي الله عليه وسلم. وقوله: ((وصوموا شهركم)) أي: شهر رمضان. وقوله: ((وأدوا زكاة أموالكم)) أي: أعطوها مستحقيها ولا تبخلوا بها. وقوله: ((أطيعوا أمراءكم)) أي: من جعلهم الله أمراء عليكم، وهذا يشمل أمراء المناطق والبلدان، ويشمل الأمير العام: أي أمير الدولة كلها، فان الواجب علي الرعية طاعتهم في غير معصية
الله، أما في معصية الله فلا تجوز طاعتهم ولو أمروا بذلك، لان طاعة المخلوق لا تقدم علي طاعة الخالق جل وعلا، ولهذا قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (النساء: من الآية59). فعطف طاعة ولاة الأمور علي طاعة الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم وهذا يدل علي إنها تابعة، لان المعطوف تابع للمعطوف عليها مستقل، ولهذا تجد إن الله جل وعلا قال: (اأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (النساء: من الآية59)، فأتى بالفعل ليتبن بذلك إن طاعة النبي صلي الله عليه وسلم طاعة مستقلة أي: تجب طاعته استقلالا كما تجب طاعة الله، ومع هذا فان طاعته من طاعة الله واجبة، فان النبي صلي الله عليه وسلم لا يأمر إلا بما يرضي الله، أما غيره من ولاة الأمور فانهم قد يأمرون بغير ما يرضي الله، ولهذا جعل طاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله. ولا يجوز للإنسان إن يعصي ولاة الأمور في غير معصية الله ويقول إن هذا ليس بدين، لان بعض الجهال، إذا نظم ولاة الأمور أنظمة لا تخالف الشرع، قال: لا يلزمني إن أقوم بهذه الأنظمة، لأنها ليست بشرع، لأنها لا توجد في كتاب الله
تعالى، ولا في سنة رسوله صلي الله عليه وسلم، وهذا من جهله، بل نقول: إن امتثال هذه الأنظمة موجود في كتاب الله، موجود في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، قال الله:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وورد عن النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة انه أمر بطاعة ولاة الأمور، ومنها هذا الحديث، فطاعة ولاة الأمور فيما ينظمونه مما لا يخالف أمر الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم مما أمر الله به ورسوله صلي الله عليه وسلم. ولو كنا لا نطيع ولاة الأمور إلا بما أمر الله تعالى به ورسوله صلي الله عليه وسلم لم يكن للأمر بطاعتهم فائدة، لان طاعة الله تعالى ورسوله مأمور بها، سواء أمر بها ولاة الأمور أم لم يأمروا بها، فهذه الأمور التي أوصى بها النبي صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع: تقوي الله، والصلوات الخمس، والزكاة، والصيام، وطاعة ولاة الأمور، هذه من الأمور الهامة التي يجب علي الإنسان إن يعتني بها، وان يمتثل أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم فيها، والله اعلم.
[شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 534]
قال البسام:
649 – وَعَنْ أَبِي بَكرَةَ رضي الله عنه قَالَ: “خَطَبنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحرِ” الحَديثُ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (1).
650 – وَعنْ سرَّاءَ بِنْتِ نَبْهَانَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يوْمَ الرُّؤوسِ، فَقَالَ: “أَلَيْسَ هَذَا أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؟ .. ” الحَدِيثُ، رَواهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (2).
ما يؤخذ من الحديثين:
1 – أنَّه صلى الله عليه وسلم خطب خطبتين الأولى، يوم النَّحر، والثانية في اليوم الذي بعده من أيام التشريق.
2 – خطبة يوم النَّحر ليست خطبة عيد، فإنَّه عليه الصلاة والسلام لم يصل صلاة العيد في حجته، ولا خطب مثل خطبة العيد، وإنما هي خطبة قصد بها تعليم الناس المناسك.
3 – في الحديثين مشروعية هاتين الخطبتين للإمام، أو نائبه، يعظ الناس، ويبيِّن لهم المناسك ويرشدهم.
4 – ما أحق هذا المشعر الكبير، والمجتمع الإسلامي في منى، للدعاة المرشدين والمصلحين أن يستغلوه في التوجيه الإسلامي الصحيح، وما أجدر وسائل الإعلام: من الإذاعة والتلفاز والصحف والنشرات، من البث في هذه المجتمعات الكبيرة، فالقلوب مفتحة، والأنفس مطيعة، والسبل ممهدة لنشر دعوة الخير والصلاح، وفَّق الله المسلمين إلى ما فيه صلاحهم.
5 – خطبة النبي صلى الله عليه وسلم اشتملت على أعلى الحِكم والتوجيهات، فقد جاء فيها قوله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا في شهركم هذا، أَلَا لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض، أيها النَّاس اعبدوا ربَّكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم وأطيعوا ربكم إذا أمركم، تدخلوا جنَّة ربكم، ألا فليبلغ منكم الشاهد الغائب، فرُبَّ مبلَّغ أوعى من سامع، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، ألا هل بلغت؟ فقالوا: نعم، فقال: اللَّهمَّ اشهد”.
6 – أما خطبة اليوم الأول من أيام التشريق، فقد جاء فيها ما يلي:
“ألا لا تظالموا، إنَّه لا يحل مال امريء مسلم إلَاّ بطيب نفس منه، ألا وإن ربا الجاهلية موضوع، اتَّقوا الله في النساء، فإنَّهنَّ عَوان عندكم، لا يملكن لأنفسهن شيئًا، وإنَّ لهنَّ عليكم حقوقًا، ولكم عليهنَّ حقًا: أن لا يُوطِئن فرشكم أحدًا غيركم، ولا يأذن في بيوتكم لأحد تكرهونه، ومَن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها.
أيُّها الناس: إنَّ ربَّكم واحد، وإن أباكم واحد، لا فضل لعربي على عجمي، ولا عجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلَاّ بالتقوى”.
قال عبد الرحمن بن معاذ رضي الله عنه: “خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في منى، ففتحت أسماعنا، حتى كنَّا نسمع ما يقول، ونحن في منازلنا”.
فالله جلَّ وعلا رفع صوته، وبلَّغ دعوته، وهو على كل شيء قدير.
[توضيح الأحكام من بلوغ المرام 4/ 188]