48 جامع الأجوبة الفقهية ص89 و90 و 91
بإشراف واختصار سعيد الجابري وسيف بن دورة الكعبي
مسألة : أكل جلد الميتة.
مسألة : الانتفاع بجلود السباع.
——-‘———‘———-
جواب حمد الكعبي :
ذهب الفقهاء إِلى أَنَّ الحيوان الْمأكول المذكى، يؤكل جِلْدُهُ قَبْل الدَّبْغِ ، مَا لَمْ يَغْلُظْ وَيَخْشُنْ وَيَصِرْ جِنْسًا آخَرَ غَيْرَ اللَّحْمِ؛ لأِنَّ الذَّكَاةَ تُحِل لَحْمَهُ وَجِلْدَهُ وَسَائِرَ مَا يَجُوزُ أَكْلُهُ مِنْهُ.
أَمَّا الْحَيَوَانُ الْمَأْكُول الَّذِي مَاتَ أَوْ ذُكِّيَ ذَكَاةً غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ، فَإِنَّ جِلْدَهُ قَبْل دَبْغِهِ لاَ يُؤْكَل، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمِ الْمَيْتَةُ} ، وَلِقَوْل النَّبِيﷺِّ( إِنَّمَا حَرُمَ مِنَ الْمَيْتَةِ لَحْمُهَا) وَالْجِلْدُ جُزْءٌ مِنَ الْمَيْتَةِ ، فَحَرُمَ أَكْلُهُ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا.
هَذَا عَنِ الْحُكْمِ قَبْل الدِّبَاغِ، أَمَّا بَعْدَهُ: فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الأْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَدِيمِ الْمُفْتَى بِهِ إِلَى تَحْرِيمِ أَكْل جِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ لِلآْيَةِ وَالْحَدِيثِ السَّابِقَيْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ أَمْ غَيْرَ مَأْكُولٍ انتهى . (الموسوعة الفقهيةالكويتية) (15254-255)
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم :(…وهل يجوز أكله فيه ثلاثة أوجه أو أقوال أصحها لا يجوز بحال والثاني يجوز والثالث يجوز أكل جلد مأكول اللحم ولا يجوز غيره والله أعلم..)اه
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار : الحديث يدل على تحريم أكل جلود الميتة وأن الدباغ وإن أوجب طهارتها لا يحلل أكلها
ومما يدل على تحريم الأكل أيضا قوله ﷺ في حديث ابن عباس المتقدم (إنما حرم من الميتة أكلها) وهذا مما لا أعلم فيه خلافا ويدل أيضا على طهارة جلود الميتة بالدبغ وقد تقدم الكلام عليه.اه
—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-
♢-جواب أحمد بن علي :
- مسألة: أكل جلد الميتة.
قال العمراني في البيان في مذهب الإمام الشافعي: وأما أكله بعد الدباغ، فإن كان من حيوان مأكول.. ففيه قولان:
قال في الجديد:( يجوز )؛ لأنه طاهر لا يخاف من أكله، فجاز أكله، كجلد الشاة المذكاة.
وقال في القديم: (لا يجوز) . قال ابن الصباغ: وهو الصحيح ؛ لأن النبي ﷺ قال في شاة ميمونة: إنما حرام من الميتة أكلها. مع أمره لهم بالدباغ والانتفاع، ولأن الدباغ لو أفاد الإباحة.. لم يصح فيما لا يؤكل لحمه، كما لا تصح الذكاة فيه، ولم يطهر بها جلده.
وإن كان من حيوان لا يؤكل لحمه، كالبغل، والحمار.. فإن الشيخ أبا حامد، والبغداديين من أصحابنا قالوا: لا يحل أكله قولًا واحدًا؛ لأن الدباغ ليس بأقوى من الذكاة، ثم الذكاة فيه لا تبيح أكل جلده فكذلك الدباغ.
وقال القفال، والقاضي أبو القاسم بن كج: هو على قولين، كجلد ما يؤكل لحمه؛ لأن الدباغ قد طهره، كما طهر جلد ما يؤكل لحمه، فكان مثله في جواز أكله بخلاف الذكاة؛ فإنها لا تؤثر في تطهيره فلم تؤثر في إباحته.اهـ
- مسألة : الانتفاع بجلود السباع.
وأما جلود السباع المذكاة لجلودها فقد اختلف أصحابنا في ذلك فروى ابن القاسم عن مالك أن السباع إذا ذكيت من أجل جلودها حل بيعها ولباسها والصلاة عليها.
قال أبو عمر الذكاة عنده في السباع لجلودها أكمل طهارة في هذه الرواية من الدباغ في جلود الميتة وهو قول ابن القاسم في المدونة لا يصلي على جلد الحمار وإن ذكي. وقوله : الحمار الأهلي لا تعمل فيه الذكاة.
وقال ابن حبيب إنما ذلك في السباع المختلف فيها،
فأما المتفق عليها فلا يجوز بيعها ولا لبسها ولا الصلاة عليها ولا بأس بالانتفاع بها إذا ذكيت كجلد الميتة المدبوغ. قال ابن حبيب : ولو أن الدواب الحمير والبغال ذكيت لجلودها لما حل بيعها… إلا الفرس لاختلاف الناس في تحريمه.
وقال أشهب أكره بيع جلود السباع وإن ذكيت ما لم تدبغ
قال وأرى أن يفسخ البيع فيها ويفسخ ارتهانها وأرى أن يؤدب من فعل ذلك إلا أن يعذر بالجهالة لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم أكل كل ذي ناب من السباع فالذكاة فيها ليست بذكاة….
وقال أبو عمر. (…وحديث أبي ثور الذي ذكره في النهي عن جلود السباع ليس فيه بيان ذبائح ويحتمل أن يكون نهى عنها قبل الدباغ وهذا أولى ما حملت الآثار عليه.
وعن أبي المليح بن أسامة عن أبيه أن رسول الله ﷺ نهى عن جلود السباع.
وقال محمد بن عبد الحكم وحكاه عن أشهب لا يجوز تذكية السباع وإن ذكيت لجلودها لم يحل الانتفاع بشيء من جلودها إلا أن تدبغ.
قال أبو عمر قول ابن عبد الحكم عن أشهب عليه جمهور الفقهاء من أهل النظر والأثر بالحجاز والعراق والشام
وهو الصحيح عندي وهو الذي يشبه قول مالك في ذلك..)
(راجع الاستذكار لابن عبدالبر )
تنبيه :
قلت : (سعيد ) الحديث صحيح ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺩﻭﺩ ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭاﻟﻄﺤﺎﻭﻱ ﻭاﻟﺤﺎﻛﻢ ﻭﺃﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﺑﻲ اﻟﻤﻠﻴﺢ ﺑﻦ ﺃﺳﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻗﺎﻝ: ﻓﺬﻛﺮﻩ. ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺤﺎﻛﻢ:
ﺻﺤﻴﺢ اﻹﺳﻨﺎﺩ . ﻭﻭاﻓﻘﻪ اﻟﺬﻫﺒﻲ. وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة وقال وهو كما قالا أي الحاكم والذهبي . راجع السلسلة الصحيحة تحت رقم الحديث (1011 ) ولفظه : ﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﻟﺒﻮﺱ ﺟﻠﻮﺩ اﻟﺴﺒﺎﻉ ﻭاﻟﺮﻛﻮﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ .
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭاﻟﻄﺤﺎﻭﻱ في المشكل.
—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-
♢-جواب سعيد الجابري :
- حكم أكل جلد الميتة:
فيه ثلاثة أوجه، أو أقوال:
أصحها لا يجوز بحال،
والثاني يجوز.
والثالث يجوز أكل جلد مأكول اللحم، ولا يجوز غيره.
(ذخيرة العقبى شرح المجتبى)
- وأما مسألة الانتفاع بجلود السباع : قال أبو بكر في الاوسط: قد ذكرنا ما حضرنا من اختلاف أهل العلم في الانتفاع بجلود السباع ميتة ومذبوحة وكان الشافعي يقول يتوضأ في جلود الميتة كلها إذا دبغت، ، جلود ما لا يؤكل لحمه من السباع قياسا عليها إلا جلد الكلب والخنزير فإنه لا يطهر بالدباغ؛ لأن النجاسة فيهما وهما حيان قائمة، وإنما يطهر بالدباغ ما لم يكن نجسا حيا.
وقال أبو بكر: ووافق أصحاب الرأي الشافعي في جلد الخنزير، فقالوا لا بأس بالانتفاع بجلود السباع كلها بعد الدباغ ما خلا جلد الخنزير، فإنه لا يجوز الانتفاع به ومنعت طائفة من الانتفاع بجلود السباع قبل الدباغ وبعده مذبوحة وميتة، هذا قول الأوزاعي وابن المبارك وإسحاق وأبي ثور ويزيد بن هارون، وقد بلغنا عن مالك بن أنس أنه كان لا يرى الانتفاع بجلود السباع الميتة، وكره الصلاة فيها وإن دبغت وحكى معاوية بن عمرو عن الأوزاعي أنه قيل له في جلود السباع قال: لا يباع ولا يأخذها أحد لنفسه.
وكان ابن المبارك يكره الصلاة في جلود الثعالب ويكره بيعها وشرائها والانتفاع بها. (الأوسط )
وقال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود:
أما من كانت لا تنفع فيها الذكاة من السباع والحمير والكلاب وغيرها فإن هذه لا ينتفع بجلودها لا بدبغ ولا بغيره؛ لأن المذكى منها والميت على حد سواء.
(شرح سنن أبي داود )
قال الشيخ محمد علي آدم:
رخص في جلود السباع جابر، وروي عن ابن سيرين، وعروة أنهم رخصوا في الركوب على جلود النمور، ورخص فيها الزهري. وأباح الحسن، والشعبي، وأصحاب الرأي الصلاة في جلود الثعالب؛ لأن الثعالب تفدى في الإحرام، فكانت مباحة، ولما ثبت من الدليل على طهارة جلود الميتة بالدباغ.
وكره الانتفاع بجلود السنانير عطاء، وطاوس، ومجاهد، وعبيدة السلماني.
قد تبين بما ذكر أن المذهب الصحيح في هذه المسألة قول من قال بجواز الانتفاع بجلد الميتة بعد الدبغ مطلقا، مأكول اللحم، أو غير مأكوله؛ للأحاديث الصحيحة التي وردت مطلقة، ولم يوجد نص صحيح، ولا إجماع، إلا ما سيأتي من النهي عن الانتفاع بجلود السباع، فإنه لا يدخل في هذا.
(شرح سنن النسائي المسمى ذخيرة العقبى شرح المجتبى)
قلت : والذي يظهر لي ترجيح هو قول من قال بإباحة استعمال جلود السباع المدبوغة؛ وأن النهي عن الانتفاع بها مقيد بما إذا لم تدبغ؛ جمعا بين أحاديث الباب، والأحاديث الماضية التي أباحت الانتفاع بجلود الميتة المدبوغة مطلقا. والله تعالى أعلم بالصواب،
وأما النهي عن استعمال جلود النمور أو النمار لا لنجاستها وإنما نهي لما فيه من الزينة والخيلاء، ولأنه زي العجم، ولأنها لا تذكى غالبا.
والله تعالى أعلم.
(شرح المجتبى )
—-‘—-‘—-‘—-‘—‘—-
♢-جواب سيف بن دورة الكعبي :
أما أكل جلد الميتة فقد رجح ابن قدامة التحريم كما في المغني 1/95 وهو قول أكثر أهل العلم خلافا لبعض الشافعية واستدلوا بقوله صلىﷺ ( دباغ الأديم ذكاته )
أما من قال بالتحريم فاستدلوا بأنها ميتة والميتة حرام قال رسول الله ﷺ( إنما حرم أكلها ) أخرجه مسلم363 وهو الراجح.
- أما الانتفاع بجلود السباع : فورد في الحديث نهى عن ركوب النمور ولعله صحيح بشواهده وراجع تخريجنا، لسنن أبي داود 4051 من حديث أبي ريحانة رضي الله عنه وفيه النهي عن ركوب النمور حيث نقلنا عن الألباني ضعف الحديث وأنكر ما فيه جملة الخاتم ولبقيته شواهد في الصحيحين وغيرهما وراجع الضعيفة 6539، وكذلك تحقيق المسند 28/ 440 قالوا صحيح لغيره لكن لم يذكروا شاهد لجملة الخاتم.
ومن شواهد حديث معاوية رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لا تركبوا الخز ولا النمار )أخرجه أبو داود 4131 وقلنا في تخريجنا حديث حسن.
وورد من حديث المقدام عند أحمد 28/422 نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحرير والذهب وعن مياثر النمور. وهي الرواية التي صرح فيها بقية بالتحديث ( تخريجنا لسنن أبي داود 4132)
أما حديث أبي المليح فأخرجه أبوداود 4133 ونقلنا أن الشيخ مقبل أعله بالإرسال في أحاديث معلة 10 ونقل كلام الترمذي. وذكرت أنا أن الإمام مسلم كأنه يشير للتعليل أيضاً( تخريجنا لسنن أبي داود 4134)
المهم بهذه الشواهد يتقوى.
فلا يجوز افتراش جلود النمور وذكر الطحاوي في مشكل الآثار أن ذلك من أجل أنها مراكب العجم، وذكر الخطابي أن العلة انها مراكب أهل السرف والخيلاء. راجع معالم السنن 4/186 ونيل الأوطار.
تنبيه : بعض أهل العلم نقل أن التحريم يختص بالركوب وبعضهم قال يشمل اللبس.( راجع كتب شروح الحديث)