48 الفوائد المنتقاه من شرح صحيح مسلم-
المقام في مسجد الشيخة /سلامة في مدينة العين
ألقاه الأخ : سيف الكعبي
بالتعاون مع الأخوة في مجموعات السلام والمدارسة والتخريج رقم 1
من عنده تعقيب أو تنبيه فليفدنا
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
* عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ،عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ) . وفي لفظ آخر (إِنَّ شِدَّةَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ). وفي آخر:(فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ)
* عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ)
* عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها ، أَنَّهَا كَانَتْ تُؤْتَى بِالْمَرْأَةِ الْمَوْعُوكَةِ فَتَدْعُو بِالْمَاءِ فَتَصُبُّهُ فِي جَيْبِهَا وَتَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( ابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ )وَقَالَ:( إِنَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ). وفي لفظ آخر (صَبَّتْ الْمَاءَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَيْبِهَا)
* عن رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (إِنَّ الْحُمَّى فَوْرٌ مِنْ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ عنكم)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
المفردات :
& فيح جهنم : يعني سطوع حرها ووهجه.
& الحمى : أطلق عليها ذلك؛
*إما لما فيها من الحرارة المفرطة، ويدل عليه هذه الأحاديث.
*وإما لما يعرض فيها من الحميم أي العرق.
* أو من أمارات الحُمام وهو الموت.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛
الفوائد :
– الحديث ورد في كتاب النظم المتناثر في الحديث المتواتر.
– ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير)
نقل ابن حجر؛ عن ابن عبدالبر وعياض والنووي والقرطبي والتوربشتي أن الشكوى على الحقيقة بلسان المقال خلافاً للبيضاوي، وممن قال بأنه على الحقيقة ابن مفلح وابن المنير وقال :القدرة صالحة لذلك ثم الشكوى وتفسيرها، والتعليل له والإذن، والقبول، والتنفس، وقصره على اثنين فقط بعيد من المجاز.
ولابن تيمية وابن القيم والشنقيطي بحوث عن وجود المجاز من عدمه وأنه لا مجاز في القرآن.
– فيه كراهية التعرض للحر ومنه حر الشمس، وحر رياح السموم. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالإبراد بصلاة الظهر في الهاجرة، وسمي هذا الوقت هاجرة؛ لأن الناس يهجرون فيه التصرف والأعمال، وقد كان الصحابة إذا خرجوا من الجمعة لم يكن للحيطان ظل يستظل به، حتى قال الشافعي : أعرف عقل الرجل بمشيه في الظل. وقال :أكره الإغتسال بالماء المشمس إن كان يضر من جهة الطب.
– ورد العلاج بالماء أيضاً لمَّا قال النبي صلى الله عليه وسلم( صبوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن ).
– فيه الإيمان بالمغيبات فهو من دلائل النبوة.
– فيه صفة النار وأنها ذات وهج وحر وسيأتي ذكر تبويب البخاري على ذلك.
– يذكر الأئمة الحمى في الأمراض المخوفة إذا طالت. والأمراض المخوفة لها أحكام خاصة.
– ورد في البخاري 3261 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما( فأبردوها بالماء أو بماء زمزم ) وقال ابن القيم أن هذا شك من الراوي ، فالإبراد يحصل بكل المياه ولا يختص بماء زمزم أو قال :يختص بأهل مكة لأنهم هم الذين يجدون ماء زمزم.
وتعقبه ابن حجر أن الراوي لم يشك في طرق أخرى.
قلت :ممكن أن يقال: أن الإبراد عام لكل ماء، وماء زمزم أفضلها أو ماء زمزم لإبراد الداخل بشربها أو غير ذلك من أوجه الجمع.
– رجح ابن حجر أن ( فيح جهنم ) نسبته إلى جهنم على الحقيقة واللهب الحاصل في جسم المحموم قطعة من جهنم وقدر الله ظهورها بأسباب تقتضيها ليعتبر العباد بذلك.
– فيه أن النار مخلوقة وبوب البخاري على الحديث؛ باب صفة النار وأنها مخلوقة، وكذلك البيهقي بوب؛ باب ما يستدل أن الجنة والنار قد خلقتا وأعدتا.
– حمل بعضهم الورود المذكور في قوله تعالى( وإن منكم إلا واردها ) أن ورود المؤمن هو في الدنيا بالحمى. ورده الشنقيطي في أضواء البيان؛ بأن ظاهر الآية أن ذلك في الآخرة.
– وردت أحاديث( أن الحمى حظ المؤمن من النار ) والصواب أنها من قول كعب راجع علل الدارقطني 1987، 2705.
ويغني عنها قول النبي صلى الله عليه وسلم( طهور إن شاء الله ).
– المحموم وما في معناه لا يتيمم للصلاة عند وجود الماء، فترك الماء إنما هو للمريض المضرور( البيهقي ).
– قرر بعض أهل العلم أن منافع الماء لنوع معين من الحمى، لا لكل حمى، لأن بعض أنواع الحرارة يناسبها أنواع أخرى من العلاجات، ونقل ابن القيم في الزاد؛ أنه يحتمل العموم. قلت :فعلى هذا فلابد من معرفة طريقة الإبراد بالماء لكل نوع، فقد نقل الخطابي أن أحد العلماء أصابته حمى فانغمس في الماء فاحتقنت الحرارة في باطن بدنه فأصابته علة صعبة كادت تهلكه، فلما خرج من علته قال قولاً لا يحسن ذكره، وإنما أوقعه في ذلك جهله بمعنى الحديث، فمن أين حملت الأمر على الإغتسال وليس في الحديث الصحيح بيان الكيفية.
حتى أسماء رضي الله عنها إنما( كانت إذا أتيت بالمرأة قد حمت تدعو لها، أخذت الماء فصبته بينها وبين جيبها وقالت :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نبردها بالماء). أخرجه البخاري 5724 وورد عند ابن ماجه من حديث أبي هريرة( بالماء البارد ) ومثله عن سمرة عند أحمد( انتهى ملخصا من الفتح )
قلت وحديث سمرة لم أجده في مسند أحمد وهو عند البزار كما في الكشف 3027 وعزاه الهيثمي للطبراني فقط والحديث ذكره العقيلي فيما أنكر على إسماعيل بن مسلم وهو متروك.
أما حديث أبي هريرة فالحسن مختلف هل سمع من أبي هريرة أم لا.
المهم في العصر الحديث يستعملون ضمادة من ثلج. وأحياناً يأمرون المحموم بالإغتسال فلكل نوع من الحمى طريقة للتبريد.
ونقل النووي أن بعض أنواع الحمى يأمر المريض ببلع ثلج.
ولعل الحمى الذي أصيب بها ذاك الرجل لا ينفعها التبريد بطريق الإنغماس إنما ينفعها الرش، وإلا قد نقلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر أن يصب عليه من سبع قرب.
فإذا لم تعرف الطريقة المناسبة للتبريد ولم تجد طبيب يرشدك فاستعمل أسهل طريقة وهي التضميد خاصة في منطقة الجبهة.
وقد رد النووي وابن حجر وابن القيم على الذي أنكر نفع الماء للحمى، حيث قرر ابن القيم؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب أهل تلك البلاد التي يشتد الحر عندهم فينتفعون بالماء من الحمى العارضة أو الغب الخالصة التي لا ورم معها ولا شئ من الأعراض الرديئة والمواد الفاسدة ونقل عن جالينوس – طبيب يوناني – بأن الماء البارد ينفع فيها…
قلت 🙁 الغب ) التي تأتي وتذهب.
-في الحديث معنى قوله تعالى( فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا) فقد قرر ابن القيم أن البدن قد ينتفع بالحُمَّى انتفاعاً عظيماً لا يبلغه الدواء، وكثيراً ما يكون حُمَّى يوم وحُمَّى العفن سبباً لإنضاج موادَّ غليظة لم تكن تنضِجُ بدونها، وسبباً لتفتح سُدَدٍ لم يكن تصل إليها الأدوية المفتحة. فتأتي الأدوية فتجده مهيأ للأخراج.
وذكر أنها تنفع الرمد والفالج والتشنج الأمتلائي
ثم قال : لما كانت الحُمَّى يتبعها حِمية عن الأغذية الرديئة، وتناول الأغذيةِ والأدويةِ النافعة، وفى ذلك إعانةٌ على تنقية البدن، ونَفْى أخباثِه وفضوله، وتصفيته من مواده الرديئة ، وتفعل فيه كما تفعل النارُ فى الحديد فى نَفْىِ خَبثه، وتصفيةِ جوهره، كانت أشبهَ الأشياء بنار الكير التى تُصَفِّى جوهر الحديد، وهذا القدرُ هو المعلوم عند أطباء الأبدان.
وأما تصفيتها القلبَ من وسخه ودَرَنه، وإخراجها خبائثَه، فأمرٌ يعلمه أطباءُ القلوب، ويجدونه كما أخبرهم به نبيُّهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن مرض القلب إذا صار مأيُوساً من برئه، لم ينفع فيه هذا العلاج.( انتهى من زاد المعاد)
قلت : ذكر ابن حجر في الفتح أثر عن سلمان رضي الله عنه 🙁 أن مرض المؤمن يجعله الله له كفارة ومستعتبا، وأن مرض الفاجر كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه فلا يدري لم عقل ولم أرسل ) أخرجه البخاري في الأدب المفرد موقوفاً.
وذلك الرجل الذي لم يصب بصداع ولا بحمى فقال النبي صلى الله عليه وسلم :من أراد أن ينظر لرجل من أهل النار فلينظر إلى هذا. بمعناه وكأنه كذلك في الأدب المفرد.
– فالحمى من أعظم الأسباب التي تطهر العبد ظاهراً وباطنا ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم؛ ﻳﺎ ﺃﻡ اﻟﺴﺎﺋﺐ ﺃﻭ ﻳﺎ ﺃﻡ اﻟﻤﺴﻴﺐ ﺗﺰﻓﺰﻓﻴﻦ؟» ﻗﺎﻟﺖ: اﻟﺤﻤﻰ، ﻻ ﺑﺎﺭﻙ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﻘﺎﻝ صلى الله عليه وسلم : «ﻻ ﺗﺴﺒﻲ اﻟﺤﻤﻰ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺬﻫﺐ ﺧﻄﺎﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ، ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻫﺐ اﻟﻜﻴﺮ ﺧﺒﺚ اﻟﺤﺪﻳﺪ).
ولا يعارض هذا الحديث حديث الإبراد؛ فإنك مأمور بإبرادها خاصة إذا بلغت درجة الحرارة أربعين أو واحد وأربعين لأنها قد تؤدي للوفاة.
وفي نفس الحمى منافع وسبق نقل بعضها عن ابن القيم، ويقول بعض الأطباء المعاصرين؛ أن الحمى تفرز مادة الأنترفيرون التي تهاجم الفيروسات حتى تقاوم الخلايا السرطانية. حتى في بعض الحالات يصطنعون ما يسمى بالحمى الصناعية.
تنبيه : وردت أحاديث في طريقة استعمال الماء لم يصح منها شئ إلا ما سبق أن ذكرناه سابقاً؛ منها حديث( إذا حم أحدكم فليشن عليه الماء البارد ثلاث ليال من السحر ) أعله أبوحاتم وأبو زرعة بأن الصواب أنه من مراسيل الحسن.
وكذلك حديث ثوبان وفيه( يستنقع في نهر جار… ) قال الترمذي غريب، وقال ابن حجر :فيه سعيد بن زرعة مختلف فيه، والحديث ضعفه الشيخ الألباني.
وهناك أحاديث أيضاً أرسلها لي بعض الأخوة في فضل الحمى لا تصح راجع لها ضعيف الجامع للألباني يبدأ أولها بكلمة(الحمى… )
بقي أنه من حديث جابر رضي الله عنه( أستاذنت الحمى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بها إلى أهل قباء، فشكوا ذلك فقال :ما شئتم إن شئتم دعوت الله لكم فكشفها عنكم وإن شئتم أن تكون لكم طهورا. قالوا فدعها ) وحديث أبي هريرة رضي الله عنه بنحوه وفيه( فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يدخل دارا دارا وبيتا بيتاً يدعو لهم… )وهو في الصحيح المسند 1410، ولا يعارض حديث عائشة رضي الله عنها الذي في البخاري بأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أن تنتقل حمى المدينة للجحفه ) فيحتمل هذا آخر الأمرين أو يكون نوع من الحمى الشديدة هي التي دعا بانتقالها إلى خارج المدينة
ونقل بعض الأخوة :أن المرأة هذه بها لمم يعني جنون.
قلت: يبقى حديث جابر مع حديث عائشة. ولعل ما ذكرته من أوجه الجمع جيدة.
وقال بعض الأفاضل : وهناك حديث ضعيف فيه أن قباء قبل الجحفة، ولو صح لكان نصا في أن الدعاء بتحول الحمى للجحفه آخر الأمرين.
للبحث : في الحديث إشارة لأهمية الوضوء لكل صلاة، وقد يكون له حكمة بتبريد الجسد وإرجاعه لدرجة الحرارة المعتدلة، فمن وجد بحث فهو من الإعجاز العلمي في السنة.