4744 الفوائد المنتقاة على صحيح مسلم
مجموعة: إبراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
ومجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين، وخميس العميمي.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
صحيح مسلم،
كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ،
بَابُ فَضْلِ أَهْلِ عُمَانَ
صحيح مسلم
4744 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي الْوَازِعِ جَابِرِ بْنِ عَمْرٍو الرَّاسِبِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا بَرْزَةَ، يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَجُلًا إِلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَسَبُّوهُ وَضَرَبُوهُ، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَوْ أَنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ، مَا سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ)).
==========
تمهيد:
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وتلك فضيلة، لكنها لا تصل في الفضل إلى الإحسان باللسان واليد، لكن حينما يكثر الأذى، ويشيع الظلم، والسب والشتم واللعن والضرب باليد وغيرها، وأكل أموال الناس بالباطل تظهر فضيلة السلامة من اللسان واليد كفضيلة كبرى.
وهكذا كان أهل عمان في هذا الزمن أرق أفئدة، وأنقى لسانا، وأنظف يدا من كثير من أحياء العرب.
فأثنى عليهم صلى الله عليه وسلم، ليقتدي بهم من عاصرهم، ومن يسمع بحسن أخلاقهم.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ارسل الى ملوك الأرض
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته: قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى:
(بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا إلى حي من أحياء العرب) ليدعوهم إلى الإسلام بالحسنى، وأبهم هذا الحي جريا على عادتهم في عدم التصريح بالمذموم للستر عليه. [فتح المنعم]
(لو أن أهل عمان) وعُمَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ، وَهِيَ مَدِينَةُ بِالْبَحْرَيْنِ، وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ يَعْنِي عَمَّانَ الْبَلْقَاءِ، وَهَذَا غَلَطٌ. [المنهاج].
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: ” وَأَمَّا عُمَانُ فَبِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ. قَالَ عِيَاضٌ هِيَ فُرْضَةُ بِلَادِ الْيَمَنِ لَمْ يَزِدْ فِي تَعْرِيفِهَا عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ الرَّشَاطِيُّ: عُمَانُ فِي الْيَمَنِ، سُمِّيَتْ بِعُمَانَ بْنِ سَبَأٍ، يُنْسَبُ إِلَيْهَا الْجُلَنْدِيُّ رَئِيسُ أَهْلِ عُمَانَ ذَكَرَ وَثِيمَةُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَدِمَ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَدَّقَهُ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ الَّذِي آمَنَ عَلَى يَدِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَلَدَا الْجُلَنْدِيِّ عَيَّاذٌ وَجَيْفَرٌ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ خَيْبَرَ ذَكَرَهُ أَبُو عَمْرٍو انْتَهَى.
وَرَوَى الطَّبَرَانِي 12 مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُسُلَهُ إِلَى الْمُلُوكِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: وَبَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى جَيْفَرٍ وَعَيَّاذٍ ابْنَيِ الْجُلَنْدِيِّ مَلِكِ عُمَانَ. وَفِيهِ: فَرَجَعُوا جَمِيعًا قَبْلَ وَفَاةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَمْرًا فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ وَعَمْرٌو بِالْبَحْرَيْنِ.
قلت سيف بن دورة: فيه محمد بن إسماعيل بن عياش عابوا عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع. قال أبوحاتم: لم يسمع بأبيه حملوه أن يحدث فحدث. ونقل الذهبي أن أبا داود قال: رأيته ولم يكن بذاك.
وهذا من روايته عن أبيه.
وشيخه هاشم بن مرثد شيخ الطبراني قال ابن حبان: ليس بشيء. قال الذهبي من كبار شيوخ الطبراني وما هو بذاك المجود. انتهى
يقصد بأنه من شيوخه القدماء.
ووثقه الخليلي في الإرشاد وقال إنه صاحب غرائب. (منقول)
وَفِي هَذَا إِشْعَارٌ بِقُرْبِ عُمَانَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، وَبِقُرْبِ الْبَعْثِ إلى الملوك مِنْ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَلَّهَا كَانَتْ بَعْدَ حُنَيْنٍ، فَتَصَحَّفَتْ
قلت سيف بن دورة: يعني تصفحت من حنين إلى خيبر.
وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ، فَلَمْ يَقْدُمْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي لَبِيدٍ قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ بَيْرَحُ بْنُ أَسَدٍ فَرَأَىهُ عُمَرُ فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ عُمَانَ. فَأَدْخَلَهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: هَذَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ الَّتِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنِّي لِأَعْلَمُ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا عُمَانُ يَنْضَحُ بِنَاحِيَتِهَا الْبَحْرُ، لَوْ أَتَاهُمْ رَسُولِي مَا رَمَوْهُ بِسَهْمٍ وَلَا حَجَرٍ)).
ذكره مقبل في أحاديث معلة 345 واعله بالانقطاع بين أبي لبيد لمازة بن زبارة وعمر بن الخطاب
ونقل صاحب الأحاديث المعلة في مسند أحمد القول بأن أبا لبيد لم يسمع من عمر عن المفضل بن غسان الغلابي وذكر أن شعيب الأرناؤوط بين العلة ثم ذكر أن الحديث صحيح لغيره يشهد له حديث أبي برزة
لكن يبقى أن بعض الفاظة لا يوجد لها شاهد. وراجع الضعيفة 5174. والضعيفة 213. والحديث ذكره العقيلي في ترجمة لمازة ونقل أنه كان شتاما لعلي بن أبي طالب.
تَنْبِيهَانِ:- بِعَمَلِ الشَّامِ بَلْدَةٌ يُقَالُ لَهَا عَمَّانُ لَكِنَّهَا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَهِيَ الَّتِي أَرَادَهَا الشَّاعِرُ، بِقَوْلِهِ: فِي وَجْهِهِ خَالَانِ لَوْلَاهُمَا مَا بِتُّ مَفْتُونًا بِعَمَّانَ
وَلَيْسَت مُرَادة هُنَا قطعا، وَإِنَّمَا وَقع اخْتِلَاف الروَاة فِيمَا وَقَعَ فِي صِفَةِ الْحَوْضِ النَّبَوِيِّ كَمَا سَيَاتِي فِي مَكَانِهِ، حَيْثُ جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ ذِكْرُ عَمَّانَ.- وَجَيْفَرٌ مِثْلُ جَعْفَرٍ إِلَّا أَنَّ بَدَلَ الْعَيْنِ تَحْتَانِيَّةٌ وَعَيَّاذٌ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَآخِرُهُ مُعْجَمَةٌ. وَالْجُلَنْدِيُّ: بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ النُّونِ وَالْقَصْرِ وَبَيْرَحٌ بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ بِوَزْنِ دَيْلَمٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ جَابِرٍ”. انتهى من الفتح.
(أتيت ما سبوك ولا ضربوك) يقول القرطبي رحمه الله:”يعني: أن أهل عمان قوم فيهم علم، وعفاف، وتثبت. والأشبه: أنهم أهل عُمان التي قِبَلَ [أي: ناحية] اليمن؛ لأنهم ألين قلوباً، وأرق أفئدة، مِن: عَمَّنَ بالمكان: أقام به”. انتهى باختصار من ” المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم ” (6/ 501) وقال ابن الجوزي رحمه الله: ” قال بعض العلماء: كان أهل عمان أسرع الناس قبولاً للخبر” انتهى. [كشف المشكل من حديث الصحيحين (1/ 487)]
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولي): أحاديث في فضائل أهل عُمان
يمكن تقسيم الأحاديث الواردة في فضائل أهل عمان إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أحاديث صحيحة.
وهو حديث واحد، يرويه الصحابي الجليل أبو برزة رضي الله عنه فيقول: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا إِلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَسَبُّوهُ وَضَرَبُوهُ، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَوْ أَنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ مَا سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ)) رواه مسلم (رقم/2544)
القسم الثاني: أحاديث ضعيفة ضعفا يسيرا.
من أشهرها حديث الحسن بن هادية، قال: لَقِيت ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ لِي: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ عُمَانَ. قَالَ: مِنْ أَهْلِ عُمَانَ؟! قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَفَلَا أُحَدِّثُكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: بَلَى.
فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنِّي لَأَعْلَمُ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا عُمَانُ، يَنْضَحُ بِجَانِبِهَا الْبَحْرُ، الْحَجَّةُ مِنْهَا أَفْضَلُ مِنْ حَجَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا))
رواه أحمد في ” المسند ” (8/ 461 – 462) وغيره، من طريق جرير بن حازم، عن الزبير بن الخريت، عن الحسن بن هادية به.
وهذا إسناد ضعيف بسبب الحسن بن هادية، فقد ترجمه البخاري في ” التاريخ الكبير ” (2/ 307)، وابن أبي حاتم في ” الجرح والتعديل ” (3/ 40)، ولم يذكر أحد فيه جرحاً ولا تعديلاً، وإنما ذكره ابن حبان في ” الثقات ” (4/ 123) ذكراً مجرداً على قاعدته في ذكر المجاهيل.
خاصة وأن الحديث قد روي أيضاً موقوفاً من كلام ابن عمر، كما ذكر ذلك البخاري رحمه الله في ” التاريخ الكبير ” (2/ 307).
ولذلك ضعفه الشيخ الألباني في ” السلسلة الضعيفة ” (رقم/213)، وضعفه محققو مسند أحمد في طبعة مؤسسة الرسالة.
خاصة أن الحديث روي موقوفا على ابن عمر كما في التاريخ الكبير 2/ 307
تنبيه: وقع في ” لسان الميزان ” للحافظ ابن حجر (2/ 258) قوله: ” الحسن بن هادية عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا أعرفه ” انتهى.
ولم نقف على أصل النقل عن أبي حاتم في قوله: لا أعرفه، ونخشى أن يكون الأمر محل بحث ونظر، فالذي قال فيه أبو حاتم في ” الجرح والتعديل “: لا أعرفه، هو الحسن بن همام، صاحب الترجمة التي تلي ترجمة: الحسن بن هادية. والله أعلم.
ومع ذلك: فليس في الحديث فضيلة خاصة لأهل عمان؛ لأن سبب تفضيل الحج منها لا يعود إلى فضيلة المكان، وإنما لبعده عن مكة، وقد يكون أبعد أقطار الإسلام في وقت التحديث بالحديث.
يقول السندي رحمه الله:” يحتمل أن يكون ذلك؛ لأنها أبعد البلاد الإسلامية يومئذ، والأجر بقدر المشقة، وعلى هذا فمن كان أبعد داراً منهم فهو أكثر أجرًا”. انتهى.
القسم الثالث: أحاديث موضوعة أو لا أصل لها. مثالها الحديثان:
1 – أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يدعو لأهل عُمان بالخير قائلاً: (رحم الله أهل الغبيراء – أي: أهل عُمان – آمنوا بي ولم يروني)
2 – قصة: قال مازن بن غضوبة للنبي عليه الصلاة والسلام: (ادع لله لأهل عمان) فقال النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم اهدهم وثبتهم) فقال مازن: زدني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم ارزقهم العفاف والكفاف والرضا بما قدرت لهم) فقال مازن: يا رسول الله! إن البحر ينضح بجانبنا، فادعو الله في ميرتنا وخفنا وظلفنا. فقال عليه الصلاة والسلام: (اللهم وسع عليهم في ميرتهم، وأكثر خيرهم من بحرهم) فقال مازن: زدني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا تسلط عليهم عدواً من غيرهم) وقال لمازن: (قل يا مازن آمين، فإنه يستجيب عندها الدعاء) فقال مازن: آمين. ليس لهما ذكر في كتب السنة، ولا أثر، وإنما تتناقلها بعض كتب الإباضية في عمان، واشتهرت في منتدياتهم وأحاديثهم، ولكن من غير عزو إلى مصادر معتمدة.
وللتوسع في تخريج أحاديث فضائل أهل عمان يرجى مراجعة البحث المختصر المنشور على موقع ” صيد الفوائد “، بعنوان: ” إتحاف الأعيان بذكر ما جاء في فضائل أهل عمان “.
والله أعلم.
(المسألة الثانية): إرسال الرسول صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ملك عمان وأخيه لدعوتهما إلى الإسلام
بعد غزوة ذات السلاسل ارتفعت ثقة الرسول صلى الله عليه وسلم جداً بصدق وذكاء وأمانة وقيادة عمرو بن العاص رضي الله عنه، فأرسله صلى الله عليه وسلم إلى مهمة أخرى عظيمة جداً، وهي مهمة السفارة إلى دولة عمان، وكانت عمان دولة مشركة في ذلك الوقت، وكان يحكمها رجل اسمه جيفر وأخوه عباد، والاثنان كانت لهما سيطرة على منطقة واسعة من الأراضي في عمان وما حولها، فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إليهما يدعوهما إلى الإسلام وإلى الانضمام إلى الدولة الإسلامية.
وبعد حوار طويل مع جيفر وعباد وبحكمة شديدة وذكاء شديد من عمرو بن العاص رضي الله عنه استطاع أن يقنع عباداً وجيفراً بالإسلام وبالفعل أسلما، بل وأسلم شعبهما بالكامل، ودخلت دولة عمان بكاملها في دولة المسلمين، ولم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم فقط بجعل عمرو بن العاص سفيراً منه إلى جيفر وعباد، بل عينه جامعاً للزكاة هناك، وكان عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك في بلاد عمان، مع تثبيت جيفر وعباد على زعامة البلاد، يعني: وثق الرسول عليه الصلاة والسلام في عمرو رضي الله عنه، وجعله جامعاً للزكاة من تلك البلاد، ولم يكن من السهل أبداً أن يقبل الرسول صلى الله عليه وسلم بولاية إنسان إلا إذا اطمأن تماماً إلى دينه وإلى كفاءته رضي الله عنه ورضي الله عن الصحابة أجمعين.
وأرسل إليهما معه كتابا هذا نصه:
«بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد بن عبد الله إلى جيفر وعباد ابني الجلندي، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوكما بدعاية الإسلام، أسلما تسلما، فإني رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيّا ويحق القول على الكافرين.
وإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام، فإن ملككما زائل عنكما، وخيلي تحل بساحتكما، وتظهر نبوتي على ملككما» [عيون الأثر (2/ 339)، والبلاذري (1/ 92)].
وذكره ابن القيم في زاد المعاد بدون إسناد وقد أخرجها ابن بسعد في طبقاته عن الواقدي عن عدة من شيوخه بعدة أسانيد والواقدي كذاب. وكذلك أخرجها ابن عساكر قي تاريخ دمشق 46/ 150 وهو أيضا من طريق الواقدي
أوصل عمرو بن العاص كتاب النبي إليهما وبعد مناقشات طويلة استطاع إقناعهما فأسلما وأسلم قومهما بإسلامهما، وبقيا يحكمان بلدهما وبقي عمرو بن العاص ليجمع الصدقات ويحكم، ويقضي بين الناس، وقال عنهما: «وصدقا النبي صلّى الله عليه وسلم وخليا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم وكانا عونا لي على من خالفني» [عيون الأثر (2/ 342)].
وهكذا في فترة وجيزة بعد صلح الحديبية، انتشرت الدعوة الإسلامية، وامتد نفوذ الدولة من اليمن إلى عمان والبحرين بالإضافة إلى مكة والطائف وأصبح على كل هذه المناطق ولاة من قبل الرسول صلّى الله عليه وسلم وإلى جانبهم قضاة ومعلمون وجباة.
وبعد عودة رسول الله صلّى الله عليه وسلم من غزوة تبوك في رمضان من السنة التاسعة للهجرة أقبلت عليه الوفود من سائر أنحاء الجزيرة العربية [الطبري (3/ 130) وما بعدها، وسيرة ابن هشام (4/ 222) وما بعدها] معلنة إسلامها وبيعتها، وقبولها الدخول تحت سيادة الدولة، وكان الرسول صلّى الله عليه وسلم يعين عليهم الأمراء والقضاء وجامعي الصدقات [الطبري (3/ 147)].
بحيث يمكننا القول: إن الجزيرة العربية بأسرها انتظمتها وحدة دينية وسياسية تحت زعامة النبي صلّى الله عليه وسلم لأول مرة في تاريخها.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ” فصل وكتب إلى ملك عمان كتابا وبعثه مع عمرو بن العاص: [بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى جيفر وعبد ابني الجلندى، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوكما بدعاية الإسلام، أسلما تسلما، فإني رسول الله إلى الناس كافة؛ لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، فإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما، وخيلي تحل بساحتكما، وتظهر نبوتي على ملككما] وكتب أبي بن كعب وختم الكتاب.
قال عمرو: فخرجت حتى انتهيت إلى عمان فلما قدمتها عمدت إلى عبد وكان أحلم الرجلين وأسهلهما خلقا، فقلت: إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك وإلى أخيك، فقال: أخي المقدم علي بالسن والملك وأنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك ثم قال: وما تدعو إليه؟ قلت: أدعوك إلى الله وحده لا شريك له وتخلع ما عبد من دونه وتشهد أن محمدا عبده ورسوله. قال: يا عمرو إنك ابن سيد قومك فكيف صنع أبوك فإن لنا فيه قدوة؟ قلت: مات ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ووددت أنه كان أسلم وصدق به وقد كنت أنا على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام، قال: فمتى تبعته؟ قلت: قريبا فسألني أين كان إسلامك؟ قلت: عند النجاشي وأخبرته أن النجاشي قد أسلم قال: فكيف صنع قومه بملكه؟ فقلت: أقروه واتبعوه قال: والأساقفة والرهبان تبعوه؟ قلت: نعم. قال: انظر يا عمرو ما تقول إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له من الكذب. قلت: ما كذبت وما نستحله في ديننا ثم قال: ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي قلت: بلى. قال: بأي شئ علمت ذلك؟ قلت: كان النجاشي يخرج له خرجا فلما أسلم وصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم قال: لا والله لو سألني درهما واحدا ما أعطيته، فبلغ هرقل قوله. فقال له يناق أخوه: أتدع عبدك لايخرج لك خرجا ويدين دينا محدثا؟ قال هرقل: رجل رغب في دين فاختاره لنفسه ما أصنع به، والله لولا الضن بملكي لصنعت كما صنع. قال: انظر ما تقول يا عمرو قلت: والله صدقتك قال عبد: فأخبرني ما الذي يأمر به وينهى عنه؟ قلت: يأمر بطاعة الله عز وجل وينهى عن معصيته، ويأمر بالبر وصلة الرحم، وينهى عن الظلم والعدوان، وعن الزنى وعن الخمر، وعن عبادة الحجر والوثن والصليب. قال: ما أحسن هذا الذي يدعو إليه لو كان أخي يتابعني عليه لركبنا حتى نؤمن بمحمد ونصدق به ولكن أخي أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنبا.
قلت: إنه إن أسلم ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه فأخذ الصدقة من غنيهم فردها على فقيرهم، قال: إن هذا لخلق حسن؟ وما الصدقة؟ فأخبرته بما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصدقات في الأموال حتى انتهيت إلى الإبل قال: يا عمرو: وتؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعى الشجر وترد المياه؟ فقلت: نعم فقال: والله ما أرى قومي في بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون بهذا قال: فمكثت ببابه أياما وهو يصل إلى أخيه فيخبره كل خبري، ثم إنه دعاني يوما، فدخلت عليه فأخذ أعوانه بضبعي، فقال: دعوه فأرسلت فذهبت لأجلس، فأبوا أن يدعوني أجلس فنظرت إليه فقال: تكلم بحاجتك فدفعت إليه الكتاب مختوما ففض خاتمه وقرأ حتى انتهى إلى آخره، ثم دفعه إلى أخيه فقرأه مثل قراءته إلا أني رأيت أخاه أرق منه. قال: ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت؟ فقلت: تبعوه إما راغب في الدين وإما مقهور بالسيف قال: ومن معه؟ قلت: الناس قد رغبوا في الإسلام واختاروه على غيره وعرفوا بعقولهم مع هدى الله إياهم أنهم كانوا في ضلال فما أعلم أحدا بقي غيرك في هذه الحرجة وأنت إن لم تسلم اليوم وتتبعه يوطئك الخيل ويبيد خضراءك فأسلم تسلم ويستعملك على قومك ولا تدخل عليك الخيل والرجال.
قال: دعني يومي هذا وارجع إلي غدا فرجعت إلى أخيه فقال: يا عمرو! إني لأرجو أن يسلم إن لم يضن بملكه حتى إذا كان الغد أتيت إليه فأبى أن يأذن لي فانصرفت إلى أخيه فأخبرته إني لم أصل إليه فأوصلني إليه فقال: إني فكرت فيما دعوتني إليه فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلا ما في يدي وهو لا تبلغ خيله هاهنا وإن بلغت خيله ألفت قتالا ليس كقتال من لاقى قلت: وأنا خارج غدا فلما أيقن بمخرجي خلا به أخوه فقال: ما نحن فيما قد ظهر عليه وكل من أرسل إليه قد أجابه فأصبح فأرسل إلي فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعا وصدقا النبي صلى الله عليه و سلم وخليا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم وكانا لي عونا على من خالفني “.انتهى المقصود. [زاد المعاد في هدي خير العباد (3/ 605)]. قلت سيف بن دورة: سبق انه ذكره بدون إسناد وهو في طبقات ابن سعد من طريق الواقدي.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
– فيه منقبة وفضل لأهل عمان بالثناء عليهم.- وفيه فضيلة سلامة المسلمين من الأذى.- وفيه ما لاقى حاملو الدعوة من العنت والأذى.- وما كان عليه بعض أحياء العرب من الغلظة والعنف والإيذاء. والله أعلم [فتح المنعم]
تنبيه: مال البحرين قدم للنبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته:
[1375 – عن عمرو بن عوف الانصاري – وهـو حليف لبني عامر بن لؤي، وكان شهد بدرا
[مع النبي – صلى الله عليه وسلم]
– أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هـو صالح أهـل البحرين، وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الانصار بقدوم أبي عبيدة، فوافت (وفي رواية: فوافوا) صلاة الصبح مع النبي – صلى الله عليه وسلم -، فلما صلى بهم الفجر؛ انصرف، فتعرضوا له، فتبسم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين رآهـم، وقال:
“أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء؟ “. قالوا: أجل يا رسول الله! قال: “فأبشروا، وأملوا ما يسركم، فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوهـا كما تنافسوهـا، وتهلككم كما أهـلكتهم (وفي رواية: وتلهيكم كما ألهتهم 7/ 173) “.
مختصر البخاري … وهو في مسلم 2961
والبخاري 3158