4685 الفوائد المنتقاة على صحيح مسلم
مجموعة: إبراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي وهشام السوري، وعبدالله المشجري، وسامي آل سالمين، وعلي آل رحمه، وكرم.
ومجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين، وخميس العميمي.
وشارك ابوصالح حازم وأحمد بن علي وعبدالله البلوشي ابوعيسى
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——-‘——-‘
صحيح مسلم
41 – بَابُ مِنْ فَضَائِلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ وَأَهْلِ سفينتهم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم
4685 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي بُرَيْدٌ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ، أَنَا وَأَخَوَانِ لِي – أَنَا أَصْغَرُهُمَا -، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالْآخَرُ أَبُو رُهْمٍ -، إِمَّا قَالَ بِضْعًا وَإِمَّا قَالَ: ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي – قَالَ فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنَا هَاهُنَا، وَأَمَرَنَا بِالْإِقَامَةِ فَأَقِيمُوا مَعَنَا، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، قَالَ:
فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَالَ أَعْطَانَا مِنْهَا، وَمَا قَسَمَ لِأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا، إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إِلَّا لِأَصْحَابِ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ، قَالَ فَكَانَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا – يَعْنِي لِأَهْلِ السَّفِينَةِ -: نَحْنُ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ.
قَالَ فَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ -وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا-، عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَةً، وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ، وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، قَالَ عُمَرُ: الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟ فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ، فَقَالَ عُمَرُ: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكُمْ، فَغَضِبَتْ، وَقَالَتْ كَلِمَةً: كَذَبْتَ يَا عُمَرُ كَلَّا، وَاللَّهِ كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارِ، أَوْ فِي أَرْضِ الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ فِي الْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُهُ، وَوَاللَّهِ لَا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ، وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ، أَهْلَ السَّفِينَةِ، هِجْرَتَانِ، قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَاتُونِي
أَرْسَالًا، يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، مَا مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلَا أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى، وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّي.
==========
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
(بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن باليمن) أي خروجه من مكة إلى المدينة، أي هجرته صلى الله عليه وسلم، ولا بد من زيادة: واستقراره فيها، وانتصافه ممن عاداه، ونحو ذلك؛ لأن هجرة أبي موسى المتحدث عنها كانت بعد اطمئنان المهاجرين في إقامتهم بالمدينة.
وسبق ذكر ما يتعلق بحال أهل السفينة عند الحديث عن ترجمة أبي موسى والأشعريين رضي الله عنهم.
(إما قال: بضعا – وإما قال: ثلاثة وخمسين، أو اثنين وخمسين رجلا من قومي) شك الراوي في خبر أبي موسى.
هل قال: بضعا وخمسين رجلا من قومي؟ أو قال: ثلاثة وخمسين؟ أو قال: اثنين وخمسين؟ وفي رواية للبخاري أنهم كانوا خمسين، فلعل الزائد على ذلك هو وأخواه، وأخرج البلاذري أنهم كانوا أربعين رجلا، ويجمع بين الروايات بالحمل على الأصول مرة، وعلى الأصول والأتباع أخرى.
(فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة) والعواصف ألجأت السفينة إلى ساحل الحبشة.
(فقال جعفر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا ها هنا، وأمرنا بالإقامة) حتى يأذن لنا بالهجرة إلى المدينة.
(فأقيموا معنا فأقمنا معه، حتى قدمنا جميعا) ذكر ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عمرو ابن أمية إلى النجاشي، يطلب منه أن يجهز إليه جعفر بن أبي طالب، ومن معه، فجهزهم، وأكرمهم، وقدم بهم عمرو بن أمية.
وذكر ابن إسحاق أسماء ممن قدم مع جعفر، وهم ستة عشر، منهم امرأة جعفر، أسماء بنت عميس وخالد ابن سعيد بن العاص وامرأته، وأخوه عمرو بن سعيد، ومعيقيب بن أبي فاطمة.
وبعضهم رجع من الحبشة قبل بدر كابن مسعود وكزوجة حاطب بن الحارث أم محمد بن حاطب الذي احترقت يده لما كانوا قريبين من المدينة بقدر لهم كانت أمه تصنع له فيه الطعام، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم رب الناس أذهب الباس واشِفِ انت الشافي. ومحمد بن حاطب قال إن والديه لما هاجروا ولد في السفينة.
(فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر) أي: وصلوا بعد انتصار المسلمين في خيبر، وبعد حوز الغنائم، وقبل قسمتها.
(فأسهم لنا، أو قال: أعطانا منها، وما قسم لأحد، غاب عن فتح خيبر، منها شيئا، إلا لمن شهد معه، إلا لأصحاب سفينتنا، مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم) سيأتي في فقه الحديث بيان كون هذا الإعطاء من الغنيمة، أو من الخمس، بإذن الغانمين، أو بدون إذنهم.
(قال: فكان ناس من الناس يقولون لنا – يعني لأهل السفينة – نحن سبقناكم بالهجرة) سمي من الناس في الرواية نفسها عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
(قال: فدخلت أسماء بنت عميس – وهي ممن قدم معنا – على حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم زائرة) لحفصة
(وقد كانت هاجرت إلى النجاشي، فيمن هاجر إليه) الهجرة الثانية إلى الحبشة، وكانوا يزيدون على ثمانين رجلا، سوى نسائهم وأبنائهم.
(فدخل عمر على حفصة، وأسماء عندها، فقال عمر – حين رأى أسماء – من هذه؟)
(قال عمر: الحبشية هذه؟) نسبها إلى الحبشة لسكناها فيهم، وفي رواية للبخاري آلحبشية هذه؟ بهمزة الاستفهام.
(البحرية هذه؟) بهمزة الاستفهام أيضا عند البخاري، ونسبها إلى البحر، لركوبها إياه، وفي رواية البحيرية هذه؟ بالتصغير، للتمليح.
(فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم) أي: فنحن أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم منكم دينا ومكانة في الإسلام.
(فغضبت، وقالت كلمة) أي ظهر عليها الغضب والانفعال، والمراد من الكلمة الكلام الكثير الآتي فيما بعد، بداية من قولها:
(كذبت يا عمر. كلا والله) قال النووي: كذبت أي أخطأت، وقد استعملوا كذب بمعنى أخطأ أي: أقسم بالله أنكم لستم أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منا، وفي رواية فقالت أي لعمر: لقد صدقت.
(كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطعم جائعكم) وكنا نجوع في سبيل الله، ولا نجد من يطعمنا.
(ويعظ جاهلكم) وكنا نتشوف لمعرفة ديننا، ونحتاج المواعظ والتشريعات،
(وكنا في دار – أو في أرض – البعداء البغضاء في الحبشة) البعداء بضم الباء وفتح العين جمع بعيد، والبغضاء بضم الباء وفتح الغين، جمع بغيض، وفي رواية البعداء أو البغضاء بأو، وفي رواية البعد بضم الباء والعين، وفي رواية وكنا البعداء والطرداء.
(وذلك في الله وفي رسوله) أي: في جميع ما تحملنا من مشاق ابتغاء وجه الله تعالى.
(وايم الله) الواو للاستئناف، وايم بألف الوصل، وأصلها ايمن حذفت النون لغة، وأضيفت إلى لفظ الجلالة.
وهو مرفوعة على الابتداء، والخبر محذوف، والتقدير ايمن الله قسمي وليست جمع يمين، فذاك همزته همزة قطع.
(لا أطعم طعاما، ولا أشرب شرابا، حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم) المقصود بهذه الجملة حتمية تحقيق المقسم عليه، وسرعته.
(ونحن كنا نؤذى، ونخاف) بضم النون فيهما، مبني للمجهول، ولم تقل: وأنتم كنتم في سلامة وأمن، لأنهم كانوا كذلك يؤذون ويخافون، وكأنها تقول: وشاركناكم الأذى والخوف، بعد أن زدنا عنكم الجوع والجهل والبعد عن مصدر السعادة والعلم.
وفي رواية للبخاري قال: فما قلت له؟ قالت: قلت له كذا وكذا.
(قال: ليس بأحق بي منكم) لم يقل: كذب، صيانة للسانه من العيب، ونفي الأحقية يحتمل إثباتها لأسماء وأصحابها، أي أنتم أحق بي منهم، ويحتمل المساواة، أي وأنتم وهم في أحقيتكم بي سواء، لكن ظاهر التعليل أن المراد الأول.
(له ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان)، زاد في رواية هاجرتم مرتين، هاجرتم إلى النجاشي، وهاجرتم إلي.
وعند ابن سعد قالت أسماء بنت عميس: يا رسول الله، إن رجالا يفخرون علينا، ويزعمون أنا لسنا من المهاجرين الأولين؟ فقال: بل لكم هجرتان، هاجرتم إلى أرض الحبشة، ثم هاجرتم بعد ذلك.
(قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة، يأتوني أرسالا، سألوني عن هذا الحديث) قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون هذا من رواية أبي موسى عنها، فيكون من رواية صحابي عن مثله، ويحتمل أن يكون من رواية أبي بردة عنها.
ومعنى أرسالا بفتح الهمزة، أي أفواجا، أي يجيئون إليها ناسا بعد ناس، يستعيدون منها هذا الحديث، سرورا به.
(ما من الدنيا شيء هم به أفرح، ولا أعظم في أنفسهم، مما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: هذا الحديث كان أعظم شيء في نفوسهم، لم يعادله شيء يسرهم في الدنيا. [انظر: المنهاج للنووي، وفتح المنعم]
ثانياً: المسائل المتعلقة بالحديث:
فقه الحديث
قال ابن المنير: ظاهر الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قسم لهم من أصل الغنيمة، لا من الخمس، إذ لو كان من الخمس لم يكن لهم بذلك خصوصية، والحديث ناطق بها، إذ يجوز للإمام أن يجتهد، وينفذ اجتهاده في الأخماس الأربعة، المختصة بالغانمين، فيقسم منها لمن لم يشهد الوقعة.
وقال ابن التين: يحتمل أن يكون أعطاهم من الغنيمة برضا بقية الجيش، قال النووي: وفي رواية البيهقي ما يؤيده، إذ فيها التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم، كلم المسلمين، فشركوهم في سهمانهم. وقال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكون إنما أعطاهم من الخمس، وبهذا جزم أبو عبيد في كتاب الأموال.
قال الحافظ: وأما قول ابن المنير: لو كان من الخمس لم يكن هناك تخصيص فظاهر، لكن يحتمل أن يكون من الخمس، وخصهم بذلك، دون غيرهم، ممن كان من شأنه أن يعطى من الخمس، ويحتمل أن يكون أعطاهم من جميع الغنيمة، لكونهم وصلوا قبل قسمة الغنيمة، وبعد حوزها، وهو أحد القولين للشافعي، وهذا الاحتمال يترجح بقوله أسهم لنا لأن الذي يعطى من الخمس، لا يقال في حقه أسهم له إلا تجوزا، ولأن سياق الكلام يقتضي الافتخار، ويستدعي الاختصاص بما لم يقع لغيرهم. والله أعلم. [فتح المنعم]
قال النووي رحمه الله قال:
قَوْلُهُ: (فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَالَ أَعْطَانَا: مِنْهَا) هَذَا الْإِعْطَاءُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ بِرِضَا الْغَانِمِينَ، وَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ، فَشَرِكُوهُمْ فِي سُهْمَانِهِمْ.
أما ابن حجر يرى أنه أعطى أبا هريرة وأصحابه رضي الله عنهم باسترضاء الغانمين أما أصحاب السفينة فأعطاهم دون الاسترضاء.
فالرواية التي ذكرها النووي وان فيها رضا الغانمين إنما كانت في أبي هريرة … : ففي حديث أبي هريرة فعند البخاري قال أبو هريرة. ” فلم نغنم ذهبا ولا فضة، إلا الأموال والثياب والمتاع”وهذا ظاهر أن أبا هريرة أخذ من المغانم
ولفظ الحديث كاملا من صحيح البخاري:
حَدَّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً إِنَّمَا غَنِمْنَا الْبَقَرَ وَالْإِبِلَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَوَائِطَ ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي الْقُرَى وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ فَقَالَ هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:
وحديث قدوم أبي هريرة المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر أخرجه أحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم من طريق خثيم بن عراك بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة قال: ” قدمت المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر وقد استخلف سباع بن عرفطة ” فذكر الحديث وفيه ” فزودونا شيئا حتى أتينا خيبر وقد افتتحها النبي، فكلم المسلمين فأشركونا في سهامهم ” ويجمع بين هذا وبين الحصر الذي في حديث أبي موسى الذي قبله أن أبا موسى أراد أنه لم يسهم لأحد لم يشهد الوقعة من غير استرضاء أحد من الغانمين إلا لأصحاب السفينة، *وأما أبو هريرة وأصحابه فلم يعطهم إلا عن طيب خواطر المسلمين*، والله أعلم.
قلت سيف:
حديث خثيم بن عراك بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة
ذكر الدارقطني الخلاف … وذكر … أن وهيب حافظ يعني لما رواه عن خثيم عن أبيه عن نفر من بني غفار عن أبي هريرة.
ورواه عفان عن وهيب فقال: عن خثيم عن أبيه عن أبي هريرة العلل 1636.
فذكر هنا أن وهيب أيضا اختلف عليه
قال البيهقي 13304:
الرِّوَايَاتُ فِى قُدُومِهِ – يعني أبي هريرة – بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ أَصَحُّ ثُمَّ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ لَمْ يُسْهِمْ لَهُ أَرَادَ قِسْمَةَ مَنْ شَهِدَهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشْرَكَهُمْ فِى سُهْمَانِهِمْ بِرِضَاهُمْ كَمَا فِى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فيمكن أن نجعل رواية عراك عن أبيه عن أبي هريرة على شرط المتمم على الذيل على الصحيح
والبخاري أورد حديث أسماء في باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين
كأنه يشير أنه أعطاهم من الخمس
فائدة زائدة ذكر البخاري الحديث في أربعة مواضع من صحيحه، منها ثلاثة مواضع بنفس الإسناد وهذه من المواضع القلائل والله أعلم
قال العيني:
قَالَت الْعلمَاء: فِي معنى هَذَا الحَدِيث تأويلات: أَحدهَا: مَا روى عَن مُوسَى بن عقبَة أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، استطاب قُلُوب الْغَانِمين بِمَا أَعْطَاهُم، كَمَا فعل فِي سبي هوَازن.
الثَّانِي: إِنَّمَا أَعْطَاهُم مِمَّا لم يفتح بِقِتَال.
الثَّالِث: إِنَّمَا أَعْطَاهُم من الْخمس الَّذِي حكمه حكم الْفَيْء، وَله أَن يَضَعهُ بِاجْتِهَادِهِ حَيْثُ شَاءَ،.
وَقَالَ الْكرْمَانِي: ميل البُخَارِيّ إِلَى الْأَخير بِدَلِيل التَّرْجَمَة، وبدليل أَنه لم ينْقل أَنه اسْتَاذن من المقاتلين.
====
فوائد:
– يؤخذ من الحديث: – “وفي الحديث مناقب جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأصحاب هجرة الحبشة وأصحاب السفينة.
– وفي الحديث قوة المرأة العربية في ردها على من ينال منها”. [فتح المنعم]
– وفيه أن المرء إذا فعل ما يرضي الله تعالى فلا يلتفت لما يقوله الناس.
– على المؤمن أن يعتز بتطبيقه لأوامر الشارع.
– على المؤمن أن يصبر في دينيه وإن قل العلماء في بلده، وعليه بالعمل بما يعلم، ويجتهد في العلم قدر المستطاع. كما فعل جعفر وأصحابه إذ كانوا بالحبشة.
– المؤمن إذا أراد أن يظهر الحق، فلا يزيد ولا يظلم ولا ينقص في قوله، حتى ولو رأى أنه مظلوم.
======
======
2 – ترجمة الصحابة:
من ترجمة الصحابي: جعفر بن أبي طالب عبد مناف الهاشمي رضي الله عنه
اسمه ونسبه رضي الله عنه:
قال الذهبي رحمه الله: جعفر بن أبي طالب عبد مناف الهاشمي.
وجعفر هو السيد الشهيد الكبير الشأن علم المجاهدين أبو عبد الله ابن عم رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي الهاشمي أخو علي بن أبي طالب وهو أسن من علي بعشر سنين.
من صفاته: كان أشبه الناس خُلُقاً وخَلْقاً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
اخوانه: وكان أكبر من علي أخيه بعشر سنين، وكان عقيل أكبر من جعفر بعشر سنين، وكان طالب أكبر من عقيل بعشر سنين. قال الذهبي: فعلي وجعفر وعقيل أمهم: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.
إسلامه رضي الله عنه: قال الذهبي: وقال ابن إسحاق: أسلم جعفر بعد أحد وثلاثين نفسا. [” الإصابة ” 2/ 85]
هجرته رضي الله عنه: كان جعفر من المهاجرين الأولين، هاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، وهاجر من الحبشة إلى المدينة فوافى المسلمين وهم على خيبر إثر أخذها فأقام بالمدينة أشهرا ثم أمره رسول الله-صلى الله عليه وسلم- على جيش غزوة مؤتة بناحية الكرك فاستشهد.
قال الذهبي: محمد بن إسحاق: عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة قالت: لما ضاقت علينا مكة وأوذي أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وفتنوا ورأوا ما يصيبهم من البلاء وأن رسول الله لا يستطيع دفع ذلك عنهم وكان هو في منعة من قومه وعمه لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه.
فقال لهم رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا).
فخرجنا إليه أرسالا حتى اجتمعنا فنزلنا بخير دار إلى خير جار أمنا على ديننا. [أخرجه ابن هشام 1/ 334 مطولا وأبو نعيم في ” الحلية ” 1/ 115 وسنده صحيح لان ابن إسحاق صرح بالتحديث عند أحمد 1/ 201 و5/ 290 – 292 فانتفت شبهة تدليسه وذكره الهيثمي في ” المجمع ” 6/ 24 – 27 وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع.].
وهو في الصحيح المسند 1650 وعزاه للترمذي مطولا سيأتي إن شاء الله بطوله
وقدم من الحبشة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب انتصار خيبر، فتلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتنقه، وقال: ما أدري بأيهما أنا أشد فرحا؟ بقدوم جعفر؟ أم بفتح خيبر؟ ثم غزا غزوة مؤتة قائدا لها، في سنة ثمان من الهجرة، فقتل.
قاتل حتى قطعت يداه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أبدله بيديه جناحان يطير بهما في الجنة، حيث شاء فمن هنا قيل له: جعفر ذو الجناحين، روي أنه وجد في صدره تسعون جراحة، ما بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح، ولما بكى أهله عليه، قال صلى الله عليه وسلم: على مثل جعفر فلتبك البواكي. [فتح المنعم].
• علمه رضي الله عنه:
قال الذهبي: روى شيئا يسيرا. وروى عنه: ابن مسعود وعمرو بن العاص وأم سلمة وابنه عبد الله. انتهى.
هـ – مناقبه: وفي مناقبه درر وفوائد يجب أن يكون عليها أهل الإسلام عامة، وأهل العلم خاصة، منها:
هجرة جعفر للحبشة وموقفه القوي مع النجاشي وشجاعته في الحق رضي الله عنه.
عن أم سلمة ابنة أبي أمية بن المغيرة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ((لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي، أمنا على ديننا وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئاً نكرهه، فلما بلغ ذلك قريشاً ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جلدين، وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة، وكان من أعجب ما يأتيه منها إليه الأدم فجمعوا له أدماً كثيراً، ولم يتركوا من بطارقته بطريقاً إلا أهدوا له هدية، ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي وأمروها أمرهم، وقالوا لهما: ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشي فيهم ثم قدموا للنجاشي هداياه ثم سلوه أن يسلمهم إليكم قبل أن يكلمهم. قالت: فخرجا فقدما على النجاشي ونحن عنده بخير دار وخير جار فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي، ثم قالا لكل بطريق منهم إنه قد صبأ إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم لنردهم إليهم فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم؛ فإن قومهم أعلى بهم عيناً وأعلم بما عابوا عليهم فقالوا: نعم. ثم إنهما قربا هداياهم إلى النجاشي فقبلها منهما ثم كلماه فقالا له: أيها الملك إنه قد صبأ إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عيناً وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه.
قالت: ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم، فقالت بطارقته حوله: صدقوا أيها الملك، قومهم أعلى بهم عيناً وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهما فليردانهم إلى بلادهم وقومهم. قالت: فغضب النجاشي ثم قال: لا هيم الله إذاً لا أسلمهم إليهما ولا أكاد قوماً جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم ما يقول هذان في أمرهم، فإن كانوا كما يقولون أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني. قالت: ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه قالوا: نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائن في ذلك ما هو كائن.
فلما جاؤوه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله ليسألهم فقال: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم؟ قالت: فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له: أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسبي الجوار يأكل القوى منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله تعالى لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمر بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدم، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأمر بالصلاة والزكاة والصيام قال: فعدد عليه أمور الإسلام، فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا فعدا علينا قومنا فعذبونا ففتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، ولما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك. قالت: فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء. قالت: فقال له جعفر: نعم. فقال له النجاشي: فاقرأه علي. فقرأ عليه صدراً من كهيعص. قالت: فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبداً ولا أكاد. قالت أم سلمة رضي الله عنها: فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص: والله لآتينه غداً أعيبهم عنده ثم أستأصل به خضراءهم.
قالت: فقال له عبد الله بن أبي ربيعة – وكان أتقى الرجلين فينا – لا تفعل فإن لهم أرحاماً وإن كانوا قد خالفونا. قال: والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عليهما السلام عبد. قالت: ثم غدا عليه الغد فقال له: أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً، فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه. قالت أم سلمة: فأرسل إليهم يسألهم عنه قالت: ولم ينزل بنا مثلها، فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه قالوا: نقول والله فيه ما قال الله سبحانه وتعالى وما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم كائناً في ذلك ما هو كائن.
فلما دخلوا عليه قال لهم: ما تقولون في عيسى ابن مريم؟ فقال له جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: نقول فيه الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم، هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول قالت: فضرب النجاشي يده على الأرض فأخذ منها عوداً ثم قال ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود، فنخرت بطارقته حوله حين قال ما قال فقال: وإن نخرتم والله اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي – والسيوم الآمنون – من سبكم غرم ثم من سبكم غرم ثم من سبكم غرم، فما أحب أن لي دير ذهب وأني آذيت رجلاً منكم، والدير بلسان الحبشة الجبل، ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لنا بها فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد على ملكي فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع في الناس فأطيعهم فيه قالت: فخرجا من عنده مقبوحين مردوداً عليهما ما جاءا به، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار قالت: فوالله إنا على ذلك إذ نزل به يعني من ينازعه في ملكه قالت: فوالله ما علمنا حزنا قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك تخوفاً أن يظهر ذلك على النجاشي فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه قالت: وسار النجاشي وبينهما عرض النيل قالت: فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر قالت: فقال الزبير بن العوام رضي الله عنه: أنا قالت: وكان من أحدث القوم سنا قالت: فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم قالت: ودعونا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده، واستوثق عليه أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة)) [أخرجه أحمد في المسند، قال أحمد شاكر: إسناده صحيح. (3/ 180)، وجود إسناده الألباني في الصحيحة (7/ 578).
وهو في الصحيح المسند 1650
ومن مناقبه رضي الله عنه أيضا:
أولا: جعفر الطيار ذو الجناحين:
عن الشعبي أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا سلم على ابن جعفر قال: (السلام عليك يا ابن ذي الجناحين). [خ].
ثانيا: شهادة أبي هريرة لجعفر:
عن أبي هريرة قال: (ما احتذى النعال ولا انتعل ولا ركب المطايا ولا ركب الكور بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر بن أبي طالب). [رواه الترمذي، وقال الألباني: إسناده صحيح موقوف].
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند
ثالثا: حزن الرسول صلى الله عليه وسلم على جعفر وبشارته له:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((قال النبي صلى الله عليه وسلم: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب – وإن عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم لتذرفان – ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له)). [خ].
رابعا: شجاعة جعفر رضي الله عنه
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن قتل زيد فجعفر وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة. قال عبد الله: كنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بضعاً وتسعين من طعنة ورمية)) [خ].
عن ابن أبي هلال قال وأخبرني نافع أن ابن عمر أخبره: (أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل فعددت به خمسين بين طعنة وضربة، ليس منها شيء في دبره، يعني في ظهره) [خ].
خامسا: جعفر أبو المساكين:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن الناس كانوا يقولون: (أكثر أبو هريرة وإني كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطني حتى لا آكل الخمير ولا ألبس الحبير ولا يخدمني فلان ولا فلانة وكنت ألصق بطني بالحصباء من الجوع، وإن كنت لأستقرئ الرجل الآية هي معي كي ينقلب بي فيطعمني وكان أخير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب: كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليخرج إلينا العكة التي ليس فيها شيء فيشقها فنلعق ما فيها) [خ]. [الموسوعة العقدية]
سادسا: بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وقوته في ساحة الحرب:
قال الذهبي في السير: ابن مهدي: حدثنا الأسود بن شيبان عن خالد بن شمير قال: قدم علينا عبد الله بن رباح فاجتمع إليه ناس فقال: حدثنا أبو قتادة قال: بعث رسول الله-صلى الله عليه وسلم- جيش الأمراء وقال: (عليكم زيد فإن أصيب فجعفر فإن أصيب جعفر فابن رواحة).فوثب جعفر وقال: بأبي أنت وأمي! ما كنت أرهب أن تستعمل زيدا علي. قال: (امضوا فإنك لا تدري أي ذلك خير).فانطلق الجيش فلبثوا ما شاء الله. ثم إن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- صعد المنبر وأمر أن ينادى: الصلاة جامعة. أخرجه أحمد 5/ 299 وهو في الصحيح المسند 277
قال-صلى الله عليه وسلم-: (ألا أخبركم عن جيشكم إنهم لقوا العدو فأصيب زيد شهيدا فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء جعفر فشد على الناس حتى قتل، ثم أخذه ابن رواحة فأثبت قدميه حتى أصيب شهيدا ثم أخذ اللواء خالد). ولم يكن من الأمراء هو أمر نفسه. فرفع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أصبعيه، وقال: (اللهم هو سيف من سيوفك فانصره).فيومئذ سمي: سيف الله. ثم قال: (انفروا فامددوا إخوانكم ولا يتخلفن أحد).فنفر الناس في حر شديد. [إسناده صحيح وأخرجه أحمد 5/ 299 300 – 301].
هو في الصحيح المسند 277
وقال الذهبي أيضا: ابن إسحاق: حدثنا يحيى بن عباد عن أبيه قال: حدثني أبي الذي أرضعني وكان من بني مرة بن عوف قال: لكأني أنظر إلى جعفر يوم مؤتة حين اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل حتى قتل. [رجاله ثقات وإسناده قوي وأخرجه أبو داود (2573) في الجهاد: باب في الدابة تعرقب في الحرب.
وذكره الحافظ في ” الفتح ” 7/ 511: وعزاه إلى أحمد والنسائي وصححه ابن حبان ونسبه ابن كثير في ” سيرته ” 3/ 465 – 466 إلى البيهقي والنسائي.
وأخرجه ابن سعد 4/ 1 / 25].
قلت سيف: قال أبوداود: هذا الحديث ليس بالقوي
قال ابن إسحاق: وهو أول من عقر في الإسلام وقال: يا حبذا الجنة واقترابها … طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها … علي إن لاقيتها ضرابها
وعن أبي أويس: عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال: فقدنا جعفرا يوم مؤتة فوجدنا بين طعنة ورمية بضعا وتسعين وجدنا ذلك فيما أقبل من جسده. [أخرجه أبو نعيم في ” الحلية ” 1/ 117 – 118 وأخرجه البخاري (4261) في المغازي: باب غزوة مؤتة من أرض الشام من طريق مغيرة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سعيد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن قتل زيد فجعفر وان قتل جعفر فعبد الله بن رواحة.
قال عبد الله: كنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين من طعنة ورمية ” ومن هذا الطريق أخرجه أبو نعيم في ” الحلية ” 1/ 117 والحاكم 3/ 212 وسكت عنه وكذلك الذهبي وابن سعد 4/ 1 / 26.]
وقال أيضًا:
أسامة بن زيد الليثي: عن نافع أن ابن عمر قال: جمعت جعفرا على صدري يوم مؤتة فوجدت في مقدم جسده بضعا وأربعين من بين ضربة وطعنة.
[إسناده حسن. وأخرجه البخاري (4260) في المغازي: باب غزوة مؤتة من طريق ابن وهب عن عمرو عن ابن أبي هلال قال: وأخبرني نافع أن ابن عمر أخبره أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل. فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره- يعني ظهره “.].
وفاته رضي الله عنه:
قال الذهبي: وقد سر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كثيرا بقدومه وحزن-والله- لوفاته. [السير] عن عائشة قالت: لما جاءت وفاة جعفر عرفنا في وجه النبي-صلى الله عليه وسلم- الحزن. [أخرجه الحاكم 3/ 209 وصححه ووافقه الذهبي وانظر ” أسد الغابة ” 1/ 393].
قلت سيف: أخرجه أحمد 26363 باطول مما هنا. وقلنا على شرط الذيل على الصحيح المسند (قسم الزيادات على الصحيحين) فالحديث في البخاري 1299. ومسلم 935 وعند أحمد زيادات.
أخرج الحاكم 3/ 213 بإسناد صحيح على شرط مسلم كما قال الحافظ في ” الفتح ” 7/ 76 عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بي جعفر الليلة في ملا من الملائكة وهو مخضب الجناحين بالدم أبيض الفؤاد.
ويشهد له ما في البخاري (3709) من طريق الشعبي أن ابن عمر رضي الله عنه كان إذا سلم على ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين.
——
——
——
من ترجمة الصحابية: أسماء بنت عميس رضي الله عنها
اسمها ونسبها: قال الذهبي: أسماء بنت عميس * (ع) ابن معبد، بن الحارث الخثعمية.
[قال المحقق: في الاصل و ” أسد الغابة ” معبد بالباء، وضبطه الحافظ في ” الصإبة ” 12/ 116 بدون الباء فقال: ” معد ” بوزن سعد أوله ميم، وهو المثبت في ” طبقات ابن سعد ” 8/ 280، و ” جمهرة أنساب العرب “: 390، و ” الاستيعاب ” 4/ 1784.].
– تكنى: أم عبد الله. إسلامها، وهجرتها، وزواجها: من المهاجرات الاول. قيل: أسلمت قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الارقم. وهاجر بها زوجها جعفر الطيار إلى الحبشة، فولدت له هناك: عبد الله، ومحمدا، وعونا.
زواجها:
فلما هاجرت معه إلى المدينة سنة سبع، واستشهد يوم مؤتة، تزوج بها أبو بكر الصديق ; فولدت له: محمدا، وقت الاحرام، فحجت حجة الوداع، ثم توفي الصديق، فغسلته. وتزوج بها علي بن أبي طالب.
فرع: موت جعفر رضي الله عنه: فعن عبد الله بن شداد، عن أسماء بنت عميس، قالت: لما أصيب جعفر، قال: ” تسلبي ثلاثا، ثم اصنعي ما شئت “.قال محقق السير: “قال في ” النهاية “: أي البسي ثوب الحداد وهو السلاب، والجمع: سلب، وتسلبت المرأة: إذا لبسته، وقيل: هو ثوب أسود تغطي به المحد رأسها.
وقد تحرف في ” المطبوع ”
إلى ” تسلي ” وفي ” الطبقات ” و ” صحيح ابن حبان ” بلفظ ” تسلمي ” قال الحافظ في ” الفتح ” 9/ 429: وأغرب ابن حبان فساق الحديث بلفظ ” تسلمي ” بالميم بدل الموحدة، وفسره بأنه أمرها بالتسليم لامر الله، ولا مفهوم لتقييدها بالثلاث، بل الحكمة فيه كون القلق يكون في ابتداء الامر أشد، فلذلك قيدها بالثلاث.
هذا معنى كلامه، فصحف الكلمة وتكلف لتأويلها، وقد وقع في رواية البيهقي وغيره: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتسلب ثلاثا. فتبين خطؤه”.وقال أيضاً: “إسناده قوي كما قال الحافظ في ” الفتح ” 9/ 429، وهو في ” طبقات ابن سعد ” 8/ 282 وأخرجه أحمد في ” المسند ” 6/ 396 بلفظ ” دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم الثالث من قتل جعفر فقال: ” لاتحدي بعد يومك هذا ” وأخرجه أيضا 6/ 438 ولفظه ” البسي ثوب الحداد ثلاثا، ثم اصنعي ما شئت ” ونقل الحافظ في ” الفتح ” عن شيخه الحافظ العراقي في شرح الترمذي قوله: ظاهر هذا الحديث أنه لا يجب الاحداد على المتوفى عنها بعد اليوم الثالث، لان أسماء بنت عميس كانت زوجة جعفر بن أبي طالب، وهي والدة أولاده عبد الله ومحمد وعون وغيرهم، قال: بل ظاهر النهي أن الاحداد لا يجوز، وأجاب بأن هذا الحديث شاذ مخالف للاحاديث الصحيحة، وقد أجمعوا على خلافه”.
قلت سيف: أخرجه أحمد 27468 وذكر محققو المسند ان أحمد أعله نقله ابن رجب في شرح علل الترمذي. وايد شذوذه إسحاق كما في مسائل أحمد وإسحاق 3345
والدارقطني رجح المرسل أيضا
قال ابوحاتم في العلل 1318: فسروه على معنيين أن الحديث ليس هو عن أسماء وغلط محمد بن طلحة وإنما كانت امرأة سواها.
وقال آخرون: هذا قبل أن تنزل العدد.
قال ابوحاتم أشبه عندي أنها غير أسماء وأنها كانت من جعفر بسبيل قرابة. ….
زواج علي بها رضي الله عنهما، وحكمتها: قال الذهبي: قال الواقدي: ثم تزوجت عليا ; فولدت له: يحيى، وعونا.
وعن زكريا بن أبي زائدة: سمعت عامرا يقول: تزوج علي أسماء بنت عميس، فتفاخر ابناها: محمد بن أبي بكر، ومحمد بن جعفر، فقال كل منهما: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك.
قال: فقال لها علي: اقضي بينهما. قالت: ما رأيت شابا من العرب خيرا من جعفر، ولا رأيت كهلا خيرا من أبي بكر.
فقال علي: ما تركت لنا شيئا ; ولو قلت غير الذي قلت لمقتك. قالت: إن ثلاثة أنت أخسهم خيار. [أخرجه ابن سعد 8/ 285 ورجاله ثقات].
قلت سيف: قال يحيى بن زكريا لو شئت سميت من بين أبي وبين الشعبي.
يعني عبدالله بن حسين حديثه حديث منكر قاله أحمد وضعفه غيره موسوعة أقوال أحمد
وقال بعض العلماء روايته عنه في الصحيح.
فلعله انتقى له.
أولادها: فولدت لجعفر عبد الله ومحمدا وعونا، ثم هاجرت مع زوجها إلى المدينة، فلما استشهد جعفر في غزوة مؤتة تزوجها أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوم حنين، فولدت له محمدا، ثم مات عنها، فتزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فولدت له يحيى بن علي بن أبي طالب.
أختها لأمها: قال الذهبي: أم الفضل بنت الحارث بن حزن بن بجير، الهلالية، الحرة الجليلة.
زوجة العباس، عم النبي صلى الله عليه وسلم، اسمها: لبابة. وهي أخت أم المؤمنين ميمونة، وخالة خالد بن الوليد، وأخت أسماء بنت عميس لامها.
- علمها رضي الله عنها: قال الذهبي: حدث عنها: ابنها عبد الله بن جعفر. وابن أختها عبد الله بن شداد. وسعيد بن المسيب. وعروة، والشعبي، والقاسم بن محمد. وآخرون. انتهى.
وقفات من حياتها: في الحج. قال الذهبي: قال ابن المسيب: نفست أسماء بنت عميس بمحمد بذي الحليفة، وهم يريدون حجة الوداع ; فأمرها أبو بكر أن تغتسل، ثم تهل بالحج. [إسناده صحيح، أخرجه أبن سعد 8/ 282.
قال الخطابي: أصل هذه الكلمة من النفس وهو الدم إلا أنهم فرقوا بين بناء الفعل من الحيض والنفاس، فقالوا في الحيض: نفست بفتح النون، وفي الولادة بضمها.
قال الحافظ: وهذا قول كثير من أهل اللغة، لكن حكى أبو حاتم عن الاصمعي قال: يقال ونفست المرأة في الحيض والولادة بضم النون فيهما.].
وعن الثوري، عن عبد الكريم، عن سعيد بن المسيب، قال: نفست بذي الحليفة، فهم أبو بكر بردها، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ” مرها، فلتغتسل، ثم تهل بالحج “.قلت سيف: أخرجه مسلم 1209 عن عائشة
ورجح الدارقطني ارساله العلل 63
وقال محققو المسند: ثبت عن جابر
ب. في وصية غسل الصديق رضي الله عنه
قال الذهبي: قال سعد بن إبراهيم قاضي المدينة: أوصي أبو بكر أن تغسله أسماء.
قال قتادة: فغسلته بنت عميس، امرأته وقيل: عزم عليها لما أفطرت، وقال: هو أقوى لك.
فذكرت يمينه في آخر النهار، فدعت بماء، فشربت، وقالت: والله لاأتبعه اليوم حنثا. [ورواه ابن سعد أيضًا 8/ 284]وعن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر: أن أسماء غسلت أبا بكر ; فسألت من حضر من المهاجرين، وقالت: إني صائمة، وهذا يوم شديد البرد، فهل علي من غسل؟ فقالوا: لا. [أخرجه مالك في ” الموطأ ” 1/ 222، 223، بشرح السيوطي، وابن سعد 8/ 284، وعبد الرزاق (6123)].
قال صاحبنا ابوصالح حازم: ذكر ابن الأثير كما في جامع الأصول اسمه كاملا فقال عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أسماء بنت عميس فذكره
قال ابن الملقن كما في البر المنير هذا منقطع، ونقل عن البيهقي بعد أن أخرج التغسيل بسند فيه الواقدي قال له شواهد مراسيل
وأخرج الشطر الأول دون سؤال المهاجرين عبد الرزاق في المصنف من طريقين عن ابن أبي مليكة أن امرأة أبي بكر غسلته حين توفي أوصى بذلك.
وهو منقطع أيضا
ج. ما فرض لها الفاروق رضي الله عنهما: روى أبو إسحاق، عن مصعب بن سعد: أن عمر فرض الاعطية ; ففرض لاسماء بنت عميس ألف درهم. [ابن سعد 8/ 284].
وفاتها رضي الله عنها:
قال الذهبي: عاشت بعد علي
تنبيه:
– توسعنا في أحكام الهجرة وفضائلها مع تخريج كثير من الأحاديث في شرحنا للصحيح المسند
(ج2/ رقم 1102):
مسند محمد بن حاطب رضي الله عنهما
قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبو إسحاق عن أبي مالك الأشجعي، قال كنت جالسا مع محمد بن حاطب، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني قد رأيت أرضا ذات نخل فاخرجوا)) فخرج حاطب وجعفر في البحر قبل النجاشي، قال: فولدت أنا في تلك السفينة.
06/ 10/2019, 8:12 am – Saif Kabi: وقد حكى الإجماع ـ أيضاً ـ شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله تعالى ـ فقال:
(الأئمة مجمعون من كل مذهب عَلَى أن من تغلب على بلد أو بُلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا، لأن الناس من زمن طويل قَبْلَ الإمام أحمد إلى يؤمنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد، ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يَصح إلا بالإمام الأعظم) (الدرر السنية في الأجوبة النجدية 7/ 293) اهـ.
وقال العلامة الصنعاني ـ رحمه الله تعالى ـ (سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام: 3/ 499) في شرح حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً: (من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة ومات فَمِيتَتُهُ ميتَةٌ جَاهلية).
(قوله: “عن الطاعة” أي: طاعة الخليفة الذي وقع الاجتماع عليه. وكان المراد خليفة أي قطر من الأقطار، إذ لم يُجْمِعِ الناس على خليفة في جميع البلاد الإسلامية من أثناء الدولة العباسية، بل استقل أهل كل إقليم بقائم بأمورهم. إذ لو حُملَ الحديث على خليفة اجتمع عليه أهل الإسلام لقَلَّت فائدتُهُ.
وقوله: “وفارق الجماعة” أي: خرج عن الجماعة الذين اتفقوا على طاعة إمام انتظم به شملهم، واجتمعت به كلِمَتُهُمْ، وحاطَهُم عن عدوهم) اهـ.
وقال العلامة الشوكاني ـ رحمه الله ـ (السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار 4/ 512) في شرح قول صاحب (الأزهار): (ولا يصح إمامان):
(وأما بعد انتشار الإسلام، واتساع رُقْعَتِهِ، وتباعد أطرافه؛ فمعلوم أنه قد صار في كل قُطْرٍ أو أقطار الولاية إلى إمام أو سلطان، وفي القُطر الآخر كذلك، ولا ينعقد لبعضهم أَمْرٌ ولا نهي في قطر الآخر وأقطاره التي رجعت إلى ولايته.
فلا بأس بتعدد الأئمة والسلاطين، ويجب الطاعة لكل واحدٍ منهم بعد البيعة له على أهل القطر الذي ينفذ فيه أوامِرُهُ ونواهيه، وكذلك صاحب القطر الآخر.
فإذا قام من ينازعه في القطر الذي قد ثبتت فيه ولايته، وبايعه أهْلُهُ، كان الحكم فيه أن يُقْتَلَ إذا لم يتب.
ولا تجب على أهل القُطر الآخر طاعته، ولا الدخول تحت ولايته؛ لتباعد الأقطار، فإنه قد لا يبلغ إلى ما تباعد منها خبر إمامها أو سُلطانها، ولا يدري من قام منهم أو مات، فالتكليف بالطاعة والحال هذا تكليف بما لا يُطاق.
وهذا معلوم لكل من له إطلاع على أحوال العباد والبلاد …
فاعرف هذا فإنه المناسب للقواعد الشرعية، والمطابق لِمَا تدُلُ عليه الأدلة، ودع عنك ما يقال في مخالفته، فإن الفرق بين ما كانت عليه الولاية الإسلامية في أَوَّل الإسلام وما هي عليه الآن أوضح من شمس النهار.
ومن أنكر هذا فهو مباهت لا يستحق أن يخاطب بالحجة لأنه لا يعقلها) اهـ.
06/ 10/2019, 8:13 am – Saif Kabi: أرسله لي بعض الأصحاب
هل هناك كلام لابن تيمية أو لأحد من المتقدمين حول هذا الموضوع