4684 الفوائد المنتقاة على صحيح مسلم
مجموعة: إبراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي وهشام السوري، وعبدالله المشجري، وسامي آل سالمين، وعلي آل رحمه، وكرم. وعبدالله الديني
ومجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين، وخميس العميمي.
وأكثر من شارك محمد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——–”——-“——–‘
——–‘——–‘——–‘
——–‘——–‘——–‘
——–‘——–‘——–‘
صحيح مسلم
بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
4684 حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا النَّضْرُ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ وَلَا يُقَاعِدُونَهُ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ ثَلَاثٌ أَعْطِنِيهِنَّ، قَالَ: نَعَمْ قَالَ: عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ، أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، أُزَوِّجُكَهَا، قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَمُعَاوِيَةُ، تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ، قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَتُؤَمِّرُنِي حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارَ، كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: نَعَمْ قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: وَلَوْلَا أَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا قَالَ: نَعَمْ
——–‘——-‘——-
أبو سفيان بن حرب:
• اسمه ونسبه، ومولده ونشأته رضي الله عنه:
اسمه، ونسبه: – أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي الأموي. ” وكان من دهاة العرب ومن أهل الرأي والشرف فيهم”. [السير]- مشهور باسمه، وكنيته: وكان يكنى أيضا أبا حنظلة، اسم ابن له قتله علي يوم بدر كافرا.
– وأمه صفية بنت حرب الهلالية، عمة ميمونة بنت الحارث الهلالية، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم. – وكان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين، وعاش بعده عشرين سنة، وهو والد معاوية. [السير]
– قاد الحرب في يوم أحد، ثم بعد ذلك في يوم الأحزاب، ثم أسلم بعد ذلك في عام الفتح، وسيأتي قصة إسلامه – إن شاء الله تعالى-.
-[الغزوات التي شهدها] وشهد حنينا والطائف، وكان من المؤلفة قلوبهم، وكان قبل ذلك رأس المشركين يوم أحد والخندق، “فشهد حنينا وأعطاه صهره رسول الله من الغنائم مئة من الإبل وأربعين أوقية من الدراهم يتألفه بذلك فَفَرَغ عن عبادة هبل ومال إلى الإسلام”. [السير] ”
وشهد قتال الطائف فقلعت عينه حينئذ ثم قلعت الأخرى يوم اليرموك، فإنه كان يومئذ يحرض على الجهاد وكان تمت راية ولده يزيد، فكان يصيح: يا نصر الله اقترب. وكان يقف على الكراديس يذكر، ويقول: الله الله إنكم أنصار الإسلام، ودارة العرب، وهؤلاء أنصار الشرك ودارة الروم، اللهم هذا يوم من أيامك، اللهم أنزل نصرك. فإن صح هذا عنه فإنه يغبط بذلك، ولا ريب أن حديثه عن هرقل وكتاب النبي يدل على إيمانه ولله الحمد” [السير للذهبي]
– وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته أم حبيبة، وأمُّ حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها
هي: أمُّ المؤمنين رملةُ بنت أبي سفيان صخرِ بن حربٍ الأموية، تُكنَّى بأمِّ حبيبة من بنات عمِّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، ليس في أزواجه مَن هي أقربُ نسبًا إليه منها، هاجرت إلى الحبشة مع زوجها وهلك زوجها، فزوَّجها النجاشيُّ من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وليس في نسائه مَن هي أكثرُ صداقًا منها ولا من تزوَّج بها وهي نائية الدار أبعدُ منها، وكانت قد أسلمت قديما، لها مناقبُ وعدَّةُ أحاديثَ، تُوفِّيت سنة ((44) هـ ـ (664) م).
[تحقيق «مفتاح الوصول» ((690))] «الطبقات الكبرى» لابن سعد ((8) / (96))، «الاستيعاب» لابن عبد البرِّ ((4) / (1843))، «أسد الغابة» ((5) / (573)) و «الكامل» ((3) / (446)) كلاهما لابن الأثير، «سير أعلام النبلاء» ((2) / (218)) و «الكاشف» ((3) / (471)) كلاهما للذهبي، «البداية والنهاية» لابن كثير ((8) / (28))].
– من صفاته: كان أبو سفيان رجلا يحب الفخر، وفي فتح مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وفي يوم الطائف أصيبت عينه، فأصبح بعين واحدة، ويقال: إنه فقد عينه الثانية في غزوة اليرموك، ثم أقام بعد ذلك في مدينة رسول الله وبقي فيها إلى وفاته.
وفي الصحيحين حديثه مع هرقل، يشهد للنبي صلى الله عليه وسلم صادقا قبل أن يسلم. رضي الله عنه وأرضاه. وسيأتي شيء من ملامحه رضي الله عنه.
– أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة بعير وأربعين أوقية، كما أعطى سائر المؤلفة قلوبهم، وأعطى ابنيه يزيد ومعاوية، فقال له أبو سفيان: والله إنك لكريم، فداك أبي وأمي، والله لقد حاربتك، فنعم المحارب كنت، ولقد سالمتك، فنعم المسالم أنت، جزاك الله خيرا.”. [السير]
• مواقفه رضي الله عنه:
من مواقف أبي سفيان بن حرب في الجاهلية:
في يوم أُحد كان أبو سفيان بن حرب هو الذي قاد قريشًا كلها يوم أُحد، ولم يكن بأعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيادة الجيش وتنظيمه، لكن أبا سفيان استطاع أن يجند عددًا كبيرًا من قريش، فكانت عدتهم 3000، فيهم 700 دارع، ومعهم 200 فرس.
وموقف آخر مع زيد بن الدثنة؛ إذ اجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان حين قَدِّمَ ليُقتل: أنشدك بالله يا زيد، أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك. قال: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي. فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدًا يحب أحدًا كحبِّ أصحاب محمد محمدًا.
• قصة إسلام أبي سفيان بن حرب:
لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمَرّ الظَّهْران، قال العباس: واصباح قريش! والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يستأمنوه، إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر. قال: فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء، فخرجت عليها حتى جئت الأراك، فقلت: لعلِّي ألقى بعض الحطّابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستأمنوه قبل أن يدخلها عليهم عنوة.
قال: فوالله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له، إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان، وأبو سفيان يقول: ما رأيت كاليوم قط نيرانًا ولا عسكرًا. قال: يقول بديل: هذه والله نيران خزاعة حَمَشَتْهَا الحرب. قال: يقول أبو سفيان: خزاعة والله أذل وألأم من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها. قال: فعرفت صوته فقلت: يا أبا حنظلة. فعرف صوتي فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم. فقال: ما لك فداك أبي وأمي؟ فقلت: ويحك يا أبا سفيان! هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، واصباح قريش والله. قال: فما الحيلة فداك أبي وأمي؟
قال: قلت: لئن ظفر بك ليضربَنَّ عنقك، فاركب معي هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأستأمنه لك. قال: فركب خلفي ورجع صاحباه، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا: من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: عم رسول الله على بغلته. حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال: من هذا؟ وقام إليَّ، فلما رأى أبا سفيان على عجز البغلة قال: أبو سفيان، عدو الله؟! الحمد لله الذي أمكن الله منك بغير عقد ولا عهد. ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة الرجل البطيء، فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عمر، فقال: يا رسول الله، هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني فلأضرب عنقه.
فقلت: يا رسول الله، إني أجرته. ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت برأسه فقلت: لا والله، لا يناجيه الليلة رجل دوني. قال: فلما أكثر عمر في شأنه قلت: مهلاً يا عمر، أما والله أن لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا، ولكنك عرفت أنه من رجال بني عبد مناف. فقال: مهلاً يا عباس، والله لإسلامك يوم أسلمت أحب إليَّ من إسلام أبي لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اذهب به إلى رحلك يا عباس، فإذا أصبحت فأتني به”.
فذهبت به إلى رحلي فبات عندي، فلما أصبح غدوت به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول الله قال صلى الله عليه وسلم: “ويحك يا أبا سفيان! ألم يأنِ لك أن تشهد أن لا إله إلا الله؟! ” قال: بأبي أنت وأمي، ما أكرمك وأحلمك وأوصلك! لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئًا. قال: “ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟! ” قال: بأبي وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! هذه والله كان في النفس منها شيء حتى الآن. قال العباس: ويحك يا أبا سفيان! أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله قبل أن يُضرب عنقك. قال: فشهد شهادة الحق وأسلم. [انظر: (المعجم الكبير) (8/ 9)،].
من مواقف أبي سفيان بن حرب مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
قال ابن الأثير في أسد الغابة: كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد سعد بن عبادة رضي الله عنه يوم الفتح، فمر بها على أبي سفيان، وكان أبو سفيان قد أسلم، فقال له سعد: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذل الله قريشًا.
فلما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة من الأنصار، ناداه أبو سفيان رضي الله عنه: يا رسول الله، أمرت بقتل قومك، زعم سعد أنه قاتلنا. وقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما: يا رسول الله، ما نأمن سعدًا أن تكون منه صولة في قريش. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا أبا سفيان، اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشًا”. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء من سعد، وأعطاه ابنه قيسًا.
وقد شهد أبو سفيان حنينًا، وأبلى فيها بلاءً حسنًا، وكان ممن ثبت ولم يفر يومئذ، ولم تفارق يده لجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انصرف الناس إليه.
من مواقف أبي سفيان بن حرب مع الصحابة:
مع ابنته أم حبيبة قبل إسلامه:
لما جاء أبو سفيان إلى المدينة قبل الفتح؛ لما أوقعت قريش بخزاعة ونقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخاف فجاء إلى المدينة ليجدد العهد، فدخل على ابنته أم حبيبة، فلم تتركه يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت: “أنت مشرك”.
• من أهم ملامح شخصية أبي سفيان بن حرب:
تميز أبو سفيان رضي الله عنه بكثيرٍ من الصفات التي قلما توجد في إنسان، وهذا ما جعله جديرًا بزعامة قريش:
1 – الدهاء والحكمة:
(موقفه يوم بدر وفراره بالقافلة).
2 – الشجاعة والإقدام:
(موقفه يوم حنين وعدم فراره من المعركة).
3 – حب الفخر وحب الزعامة:
(موقفه يوم فتح مكة)، ولم يعِب النبي صلى الله عليه وسلم عليه ذلك.
• قصته رضي الله عنه مع هرقل:
روى البخاري في الصحيح عن ابن عباس أن أبا سفيان بن حرب أخبره: أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجارا بالشام في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه
فقال هرقل: أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟
فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسبا …..
فقال هرقل للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها،
وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول فذكرت أن لا فقلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله …..
وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فذكرت أن لا فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله ….
وسألتك هل يغدر فذكرت أن لا وكذلك الرسل لا تغدر،
وسألتك بما يأمركم فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وينهاكم عن عبادة الأوثان ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين،
وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه …… قال أبو سفيان، فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات وأخرجنا فقلت لأصحابي حين أخرجنا لقد أمر أمر ابن أبي كبشة إنه يخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام ……
=====
من كلمات أبي سفيان بن حرب:
من ذلك قوله يوم اليرموك: “والله لا ينجيكم من هؤلاء القوم، ولا تبلغن رضوان الله غدًا إلا بصدق اللقاء، والصبر في المواطن المكروهة”.
ولما حضرته الوفاة، قال: لا تبكوا عليَّ؛ فإني لم أتنطَّف بخطيئة منذ أسلمت.
===
أخرج الآجري بسنده إلى الجراح الموصلي قال: سمعت رجلاً يسأل المعافى بن عمران فقال: يا أبا مسعود؛ أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان؟! فرأيته غضب غضباً شديداً و قال: لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد، معاوية رضي الله عنه كاتبه و صاحبه و صهره و أمينه على وحيه عز وجل. كتاب الشريعة للآجري (5/ 2466 – 2467) شرح السنة لللالكائي، برقم (2785). بسند صحيح.
و سئل الإمام أحمد: ما تقول رحمك الله فيمن قال: لا أقول إن معاوية كاتب الوحي، ولا أقول إنه خال المؤمنين فإنه أخذها بالسيف غصباً؟ قال أبو عبد الله: هذا قول سوء رديء، يجانبون هؤلاء القوم، ولا يجالسون، و نبين أمرهم للناس. انظر: السنة للخلال (2/ 434) بسند صحيح.
يقول ابن قدامة المقدسي: ومعاوية خال المؤمنين، وكاتب وحي الله، وأحد خلفاء المسلمين رضي الله تعالى عنهم. لمعة الاعتقاد (ص 33).
===
وولي أبا سفيان صخر ابن حرب بن أمية بن عبد شمس نجران، وولي يزيد بن أبي سفيان بن حرب على تيماء، وولي خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس على صنعاء
الوافي بالوفيات /
بعث اباسفيان لهدم صنم ثقيف المسمى بالطاغية
وقال ابن إسحاق: أقامت ثقيف، بعد قتل عروة بن مسعود، أشهراً.
ثم ذكر قدومهم على النبي صلى الله عليه وسلم، وإسلامهم. وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة يهدمان الطاغية.
وقال سعيد بن السائب، عن محمد بن عبد الله بن عياض، عن عثمان ابن أبي العاص؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كانت طاغيتهم. المصدر تاريخ الإسلام /ذكر قدوم وفود العرب قدوم عروة بن مسعود الثقفي / وفد ثقيف /الذهبي
هدم اللات:
قال ابن إسحاق: فلما فرغوا من أمرهم، وتوجهوا إلى بلادهم راجعين، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة، في هدم الطاغية. فخرجا مع القوم، حتى إذا قدموا الطائف أراد المغيرة بن شعبة أن يقدم أبا سفيان، فأبى ذلك أبوان عليه، وقال: ادخل أنت على قومك؛ وأقام أبو سفيان بماله بذي الهدم، فلما دخل المغيرة بن شعبة علاها يضربها بالمعول، وقام قومه دونه بنو معتب خشية أن يرمي أو يصاب كما أصيب عروة، وخرج نساء ثقيف حسرا يبكين عليها ويقلن: لتبكين دفاع أسلمها الرضلم يحسنوا المصاع قال ابن هشام: لتبكين عن غير ابن إسحاق. قال ابن إسحاق: يقول أبو سفيان والمغيرة يضربها بالفأس: واها لك! آها لك! فلما هدمها المغيرة وأخذ مالها وحليها أرسل إلى أبي سفيان وحليها مجموع، وما لها من الذهب والجزع. سيرة ابن هشام/ هدم اللات
وفاته رضي الله عنه:
اختُلف في وفاة أبي سفيان رضي الله عنه؛ فقيل: تُوُفِّي سنة إحدى وثلاثين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: سنة أربع وثلاثين، وصلى عليه عثمان رضي الله عنهما.
“وكان أسن من رسول الله بعشر سنين، وعاش بعده عشرين سنة.
وكان عمر يحترمه وذلك؛ لأنه كان كبير بني أمية، وكان حمو النبي ، وما مات حتى رأى ولديه يزيد ثم معاوية أميرين على دمشق، وكان يحب الرياسة والذكر، وكان له سورة كبيرة في خلافة ابن عمه عثمان، توفي بالمدينة سنة إحدى وثلاثين، وقيل: سنة اثنتين وقيل سنة ثلاث أو أربع وثلاثين وله نحو التسعين”. [السير]
مشكل الحديث:
الحديث الذي أورده مسلم من مشكل الحديث:
فقد أكثر الناس الكلام في هذا الحديث، وتعددت طرقهم في توجيهه:
فطائفة قالت: الصحيح أنه تزوجها بعد الفتح – لهذا الحديث، ولغيره. قلت: وهذا يتعارض مع ما أجمع عليه أهل السير والمغازي وجمهور أهل الحديث من أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بالحبشة.
ومنهم من قال: بل سأله أن يجدد له العقد تطيبا لقلبه، وليبقى له وجه بين المسلمين، قلت: وهذا مما لا يظن بعقل أبي سفيان ان يطلبه، وقد قال عندما سمع زواج النبي صلى الله عليه وسلم بها- وهي بالحبشة- هو الفحل لا يقرع أنفه.
وقالت طائفة – منهم البيهقي والمنذري – يحتمل ان تكون مسألة أبي سفيان النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه أن حبيبة وقعت في بعض خرجاته الى المدينة، وهو كافر، حيث سمع نعي زوج بنته بالحبشة قلت: وفي هذا تعسف وتكلف وفي لفظ الحديث ما يرده.
وقالت طائفة اخرى: للحديث محمل صحيح، وهو أن المعنى أرضي الان ان تكون، زوجتك فاني لم أكن قبل ذلك راضيا به. قلت: وهذا تأويل بعيد وفي لفظ الحديث ما يرده أيضا.
وقالت طائفة اخرى، لما سمع أبو سفيان انه صلى الله عليه وسلم طلق نساءه لما آلى منهن، قدم المدينة، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم ما قال، ظنا منه انه طلقها.
وقال المحب الطبري رحمه الله مفاده: يحتمل أن يكون أبو سفيان قال ذلك كله قبل اسلامه بمدة تتقدم على تاريخ النكاح، كالمشرط في اسلامه …. قلت: هذا بعيد جدا، ولفظ الحديث يرد عليه ” كان المسلمون لا ينظرون الى أبي سفيان .. “.
وقال الزرقاني رحمه الله: وقد ظهر لي الجواب بأن المعنى يديم التزويج، ولا يطلق كما فعل بغيرها، لا ينافيه قوله “عندي” لان الاضافة لأدنى ملابسة ولا بأس به، فإنه قريب.
وقالت طائفة – وهو الذي جزم به ابن كثير وابن القيم وغيرهما: قولهم: ان الحديث صحيح، لكن الغلط وقع من احد الرواة في تسمية ام حبيبة، وانما سأل ان يزوجه أختها عزة، وخفاء التحريم عليه غير مستبعد، فقد خفي على ابنته – أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها – وهي أفقه منه وأعلم.
وقال محققو سير أعلام النبلاء:
قال أبو الفرج ابن الجوزي في هـذا الحديث: هـو وهـم من بعض الرواة شك فيه و تردد، وقد اتهموا به عكرمة بن عمار راوي الحديث، وإنما قلنا: إن هـذا وهـم ن أهـل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت عبيد الله بن جحش، وولدت له، وهـاجر بها وهـما مسلمان إلى أرض الحبشة، ثم تنصر وثبتت أم حبيبة على دينها، فبعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى النجاشي يخطبها عليه، فزوجه إياهـا، وأصدقها عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أربعة آ ف درهـم، وذلك في سنة سبع من الهجرة، وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة – وهـي التي كانت بين النبي – صلى الله عليه وسلم – وبين قريش في صلح الحديبية – فدخل عليها، فثنت بساط رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى يجلس عليه، و خ ف أن أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكة سنة ثمان، و يعرف أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمر أبا سفيان.
وانظر: البداية والنهاية (144:4 – 145) والفصول في اختصار سيرة الرسول (222 – 223) وزاد المعاد (110:1 – 112) وجلاء الإفهام 137 – 145) والإصابة (306:4) والزرقاني على المواهب (3: 244 – 245)