4677 .4678 الفوائد المنتقاة على صحيح مسلم
مجموعة: إبراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي وهشام السوري، وعبدالله المشجري، وسامي آل سالمين، وعلي آل رحمه، وكرم.
ومجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين، وخميس العميمي.
وأكثر من شارك محمد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——–”——-“——–‘
——–‘——–‘——–‘
——–‘——–‘——–‘
——–‘——–‘——–‘
——-‘———‘——–‘
صحيح مسلم
بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِ بَدْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقِصَّةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ
4677 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ – وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا – سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، وَهُوَ كَاتِبُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ، فَقَالَ: ((ائْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوهُ مِنْهَا)).
فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا، فَإِذَا نَحْنُ بِالْمَرْأَةِ، فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَتُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ؟ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا حَاطِبُ مَا هَذَا؟)) قَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ – قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ حَلِيفًا لَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا – وَكَانَ مِمَّنْ كَانَ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَلَمْ أَفْعَلْهُ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صَدَقَ)). فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي، يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ: ((إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}.
وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ، وَزُهَيْرٍ، ذِكْرُ الْآيَةِ، وَجَعَلَهَا إِسْحَاقُ، فِي رِوَايَتِهِ مِنْ تِلَاوَةِ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، ح وَحَدَّثَنَا رِفَاعَةُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، كُلُّهُمْ عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ، فَقَالَ: ((انْطَلِقُوا حَتَّى تَاتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبٍ إِلَى الْمُشْرِكِينَ)). فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ.
4678 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبٍ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو حَاطِبًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كَذَبْتَ لَا يَدْخُلُهَا، فَإِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ)).
==========
تخريجه في الصحيح:
هو في ” البخاري ” 7/ 400 401 في المغازي باب غزوة أحد وباب فضل من شهد بدرا.
وفي الجهاد باب الجاسوس وباب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة والمؤمنات إذا عصين الله وتجريدهن.
وفي تفسير سورة الممتحنة في فاتحتها وفي الاستئذان: باب من نظر في كتاب من يحذر من المسلمين ليستبين أمره وفي استتابة المرتدين: باب ما جاء في المتأولين”.
?
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
(بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد) وفي رواية عن علي رضي الله عنه بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد الغنوي والزبير بن العوام، وكلنا فارس.
ويحتمل سبق اثنين من الأربعة إليها.
(فقال ائتوا روضة خاخ) قال النووي: هي بخاءين.
هذا هو الصواب الذي قاله العلماء كافة في جميع الطوائف وفي جميع الروايات، والكتب، ووقع في البخاري من رواية أبي عوانة حاج بالحاء والجيم، واتفق العلماء على أنه غلط، وإنما اشتبه على أبي عوانة بذات حاج، وهي موضع بين المدينة والشام، على طريق الحجيج، وأما روضة خاخ فبين مكة والمدينة، بقرب المدينة.
(فإن بها ظعينة، معها كتاب، فخذوه منها) رواية فقال: انطلقوا، حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها امرأة من المشركين، معها كتاب من حاطب إلى المشركين ….
والمراد بالظعينة هنا المرأة وأصلها الراحلة أو الهودج
(فانطلقنا تعادى بنا خيلنا) بفتح التاء وحذف إحدى التاءين، والأصل تتعادى بنا خيلنا، أي: تجري بنا وتتبارى
(فإذا نحن بالمرأة) في رواية للبخاري فأدركناها تسير على بعير لها، فأنخناها.
(فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي كتاب، فقلنا: لتخرجن الكتاب، أو لتلقين الثياب) لتخرجن بالتاء وكسر الجيم، أمر لها مؤكد بالنون، أو لتلقين ضبطت بالتاء خطاب لها، قال الحافظ ابن حجر: والوجه حذف الياء، وضبطت، بالنون وكسر القاف وفتح الياء بعدها نون التوكيد على أنه للمتكلمين، في رواية للبخاري فالتمسنا، فلم نر كتابا، فقلنا: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتخرجن الكتاب، أو لنجردنك، فلما رأت الجد، أهوت إلى حجزتها – وهي محتجزة بكساء – فأخرجته والحجزة بضم الحاء وسكون الجيم معقد الإزار والسراويل.
(فأخرجته من عقاصها) بكسر العين، أي: شعرها المضفور، جمع عقصة، بكسر العين وسكون القاف، وهي الخصلة من الشعر معقوصة، والعقاص أيضا بكسر العين خيط تشد به أطراف الذوائب، وجمعه عقص بضم العين والقاف، وجمع بين إخراج الكتاب من عقاصها أو حجزتها، بأنها أخرجته أولا من حجزتها، فأخفته في عقاصها، ثم اضطرت إلى إخراجه، أو بالعكس، أو بأن تكون عقيصتها طويلة بحيث تصل إلى حجزتها، فربطته في عقيصتها، وغرزته بحجزتها.
(فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية للبخاري في باب فضل من شهد بدرا فأخرجته، فانطلقنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يحتمل أنهم أخذوها معهم، فأطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي غير مذنبة إذ لم تكن مسلمة، أو كانت مسلمة ولم تعلم ما في الكتاب.
(فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين، من أهل مكة) لم تذكر أسماء المرسل إليهم في الصحيح، لكن روى الواقدي بسند له مرسل أن حاطبا كتب إلى سهيل بن عمرو، وصفوا بن أمية، وعكرمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في الناس بالغزو، ولا أراه يريد غيركم، وقد أحببت أن يكون لي عندكم يد.
(يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذا الأمر هو التهيؤ للغزو، ولم يكن يعلم الحقيقة علما، بل استنبط هو من قبله، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفي أمر الغزوة لأهميتها، حتى قال لعائشة: جهزيني، ولا تعلمي بذلك أحدا، فدخل عليها أبو بكر، فأنكر بعض شأنها، فقال: ما هذا؟ قالت له.
فقال: والله ما انقضت الهدنة بيننا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له أنهم أول من غدر، ثم أمر بالطرق، فحبست، ليعمي على أهل مكة، لا يأتيهم الخبر، فيستعدون ويجمعون الأحلاف.
وذكر بعض أهل المغازي أن لفظ الكتاب أما بعد.
يا معشر قريش، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش كالليل، يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله، وأنجز له وعده.
انظروا لأنفسكم، والسلام.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب، ما هذا؟) معطوف على محذوف، ظهر في رواية للبخاري وهو فأرسل إلى حاطب فجاء، فقال له … وفي رواية: ((ما حملك على هذا؟)) وفي رواية للبخاري: ((ما حملك على ما صنعت؟)).
(قال: لا تعجل علي يا رسول الله، إني كنت امرأ ملصقا في قريش) قال الراوي: كان حليفا لهم، ولم يكن من أنفسها.
(وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات، يحمون بها أهليهم، فأحببت – إذا فاتني ذلك من النسب فيهم، أن أتخذ فيهم يدا، يحمون بها قرابتي) وفي رواية للبخاري أردت أن تكون لي عند القوم يد، يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته، من يدفع الله به عن أهله وماله. وفي رواية أخرى للبخاري كنت امرأ من قريش، ولم أكن من أنفسهم أي كنت منهم بالحلف، وحليف القوم منهم، وعند أحمد كنت غريبا قال السهيلي: كان حاطب حليفا لعبد الله بن حميد بن زهير بن أسد بن عبد العزى.
وعند ابن إسحاق وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل، فصانعتهم عليه يقال: كان له بمكة أولاده وإخوته وأمه.
(ولم أفعله كفرا، ولا ارتدادا عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام) وفي رواية للبخاري والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق) وفي رواية للبخاري أنه قد صدقكم بتخفيف الدال، أي قال الصدق، وفي رواية أخرى للبخاري أما إنه قد صدقكم وفي أخرى للبخاري أيضا صدق، ولا تقولوا له إلا خيرا وفي رواية فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم.
(فقال عمر: دعني يا رسول الله، أضرب عنق هذا المنافق.
فقال: إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم) ما سبق من ذنوبكم، وسأغفر لكم ما يلحق منها.
وسيأتي تفصيل لذلك في فقه الحديث، وفي رواية للبخاري اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة.
والروايات في أكثر النسخ بصيغة الترجي لعل والترجي من الله واقع.
وإنما قال عمر ذلك، مع تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاطب فيما اعتذر به، لما كان عند عمر من القوة في الدين، وبغض من ينسب إلى النفاق، وظن أن من خالف ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم استحق القتل، لكنه لم يجزم بذلك، فلذلك استأذن في قتله، وأطلق عليه منافقا، لكونه أبطن خلاف ما أظهر، وعذر حاطب ما ذكره، فإنه صنع ذلك متأولا أن لا ضرر فيه، وعند الطبري (فقال: أليس قد شهد بدرا؟ قال: بلى، ولكنه نكث، وظاهر أعداءك عليك) وفي رواية للبخاري (فقال عمر: إنه قد خان الله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه، فقال: أليس من أهل بدر؟ لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة، فدمعت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم.
(فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل}) [الممتحنة: 1])).
(أن عبدا لحاطب، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشكو حاطبا) كان حاطب رضي الله عنه شديدا على الرقيق، وفي الموطأ أن عمر رضي الله عنه قال لحاطب – حين نحر رقيقه ناقة لرجل من مزينة – أراك تجيعهم، وأضعف عليه القيمة، على جهة الأدب والردع له. . [انظر: المنهاج للنووي، وفتح المنعم]
ثانياً: يؤخذ من الحديث:
1 – فضيلة عظيمة لأهل بدر، من قوله: ((اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) وقد اتفق العلماء على أن هذا الوعد الكريم يشمل كل ما سبق لهم من ذنوب قبل يوم بدر، والخلاف فيما يحصل منهم من ذنوب بعد بدر، هل تدخل في هذا الوعد؟ فتقع منهم مغفورة؟ أو يلهمون بعدها التوبة فتغفر؟ أو لا تدخل؟ وشأنهم في ذنوبهم اللاحقة لبدر شأن غيرهم؟ قولان:
الأول: قال ابن الجوزي: ليس هذا على الاستقبال، وإنما هو على الماضي؛ لأنه لو كان للمستقبل كان جوابه: فسأغفر لكم، ولو كان كذلك لكان إطلاقا في الذنوب – أي إذنا ودعوة للذنوب – ولا يصح. اهـ
ويؤيده اتفاق العلماء على أنهم لا يعفون من الحد، إذا وقع من أحدهم ما يوجب الحد، فلو كانت ذنوبهم مغفورة ما حدوا، فإقامة الحد دليل قيام الذنب، وعدم مغفرته.
الثاني: قول الجمهور، يقول القرطبي: اعملوا صيغة أمر، وهي موضوعة للاستقبال، ولم تضعها العرب صيغة للماضي، لا بقرينة ولا بغيرها؛ لأنها بمعنى الإنشاء والابتداء، وقوله: ((اعملوا ما شئتم)) يحمل على طلب الفعل، ولا يصح أن يكون معنى الماضي، ولا يمكن أن يحمل على الإيجاب، فتعين الحمل على الإباحة، قال: وقد ظهر لي أن هذا الخطاب خطاب تشريف وإكرام، تضمن أن هؤلاء حصلت لهم حالة، غفرت بها ذنوبهم السالفة، وتأهلوا أن يغفر لهم ما يستأنف من الذنوب اللاحقة، ولا يلزم من وجود الصلاحية للشيء وقوعه، وقد ظهر أن الله صدق رسوله في كل من أخبر عنه بشيء من ذلك، فإنهم لم يزالوا على أعمال أهل الجنة، إلى أن فارقوا الدنيا، ولو قدر صدور شيء من أحدهم لبادر إلى التوبة، ولازم الطريق المثلى، ويعلم ذلك من أحوالهم بالقطع من اطلع على سيرهم. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكون المراد بقوله: ((فقد غفرت لكم)) أن ذنوبكم تقع مغفورة، لا أن المراد أنه لا يصدر منهم ذنب، وقد شهد مسطح بدرا، ووقع في إفك عائشة، فكأن الله لكرامتهم عليه، بشرهم على لسان نبيه أنهم مغفور لهم، ولو وقع منهم ما وقع. اهـ.
ويجيب الجمهور على شبهة الآخرين بأن التعبير بالماضي قد يكون على المستقبل مبالغة في تحققه، كما في قوله تعالى {أتى أمر الله} [النحل: 1] أي سيأتي أمر الله، فمعنى غفرت لكم أي سأغفر لكم، على أن الطبري أخرجه بلفظ فإني غافر لكم وفي مغازي ابن عائذ، من مرسل عروة اعملوا ما شئتم فسأغفر لكم.
أما شبهة أن الأمر بقوله: اعملوا ما شئتم فيه إطلاق للذنوب، ولا يصح، فإنه معقول مع المكثرين من الذنوب، أما هؤلاء الصفوة الذين وهبوا حياتهم لله، فإن فتح باب المعصية لهم لا يدفع بهم إليها، بل في ذلك ما يزيد امتناعهم وبعدهم عنها، وكلما قرب الله عبدا منه كلما ازداد خوفه وخشيته وتقواه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قيل له: إنك قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: ((إنما أنا أخشاكم لله وأتقاكم له، أفلا أكون عبدا شكورا؟)).
أما أنهم لا يعفون من الحد إذا أتوا ما يوجب الحد، فهذا في حكم الدنيا، وموطن النزاع هو المغفرة في الآخرة، فلا تعارض.
يضاف إلى ذلك أنه لو كانت البشارة للماضي فقط لما حسن الاستدلال بالبشارة في قصة حاطب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم خاطب به عمر، منكرا عليه ما قال في أمر حاطب، وهذه القصة كانت بعد بدر بست سنين، فدل هذا الاستدلال على أن المراد مغفرة ما سيأتي، والله أعلم.
2 – وقد أثار هذا الحديث حكم الجاسوس، فقد استدل باستئذان عمر لقتل حاطب لمشروعية قتل الجاسوس، ولو كان مسلما وإن تاب، وهو قول بعض المالكية، ومن وافقهم، ووجه الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم أقر عمر على إرادة القتل، لولا المانع، وبين أن المانع هو كون حاطب شهد بدرا، وهذا منتفى في غير حاطب، فلو كان الإسلام مانعا من قتله، لما علل بأخص منه، وقال بعض المالكية: يقتل، إلا أن يتوب، وقال مالك: يجتهد فيه الإمام، ومذهب الشافعي وطائفة أن الجاسوس المسلم يعزر، ولا يجوز قتله.
قال العباد -حفظه الله- في شرح السنن:*
أورد أبو داود [باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلماً] يعني: ماذا يفعل به؟ هل يقتل أو لا يقتل؟ والذي يظهر أن حكمه يرجع إلى الإمام، وأنه يرى ما فيه المصلحة، فإن قتله فله قتله، وإن أبقاه فله إبقاؤه، وقد أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قصة حاطب.
أهل بدر نهاياتهم حسنة، وأن مآلهم إلى الجنة، وهم من خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم مغفور لهم في الآخرة، لكن هذا لا يعني أن من وجب عليه منهم شيء في الدنيا لا يؤاخذ به ويسقط عنه.
بل لو فعل أمراً يستحق عليه حداً أو نحو ذلك فإنه يؤاخذ به، وإنما الكلام فيما يتعلق بالآخرة. انتهى مختصرا
3 – وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في إخباره بالظعينة.
4 – وفيه هتك أستار الجواسيس، بقراءة كتبهم، سواء كان رجلا أو امرأة.
5 – وفيه هتك ستر المفسدة، إذا كان فيه مصلحة، أو كان في الستر مفسدة، وتحمل الأحاديث الواردة في الندب إلى الستر على ما إذا لم يكن فيه مفسدة، ولا تفوت به مصلحة.
6 – وفيه أن الجاسوس وغيره من أصحاب الذنوب الكبائر، لا يكفرون بذلك، وهذا التجسس كبيرة قطعا؛ لأنه يتضمن إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كبيرة ولا شك، لقوله تعالى: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله} [الأحزاب: 57].
قال ابن حجر:
وفي حديث بن عباس قال عمر فاخترطت سيفي وقلت يا رسول الله أمكني منه فإنه قد كفر وقد أنكر القاضي أبو بكر بن الباقلاني هذه الرواية وقال ليست بمعروفة قاله في الرد على الجاحظ لأنه احتج بها على تكفير العاصي وليس لإنكار القاضي معنًى لأنها وردت بسند صحيح. وذكر البرقاني في مستخرجه أن مسلمًا أخرجها ورده الحميدي والجمع بينهما أن مسلمًا خرج سندها ولم يسق لفظها وإذا ثبت فلعله أطلق الكفر وأراد به كفر النعمة كما أطلق النفاق وأراد به نفاق المعصية وفيه نظر لأنه استأذن في ضرب عنقه فأشعر بأنه ظن أنه نافق نفاق كفر ولذلك أطلق أنه كفر ولكن مع ذلك لا يلزم منه أن يكون عمر يرى تكفير من ارتكب معصيةً ولو كبرت كما يقوله المبتدعة ولكنه غلب على ظنه ذلك في حق حاطب فلما بين له النبي صلى الله عليه وسلم عذر حاطب رجع
7 – وفيه أنه لا يحد العاصي، ولا يعذر إلا بإذن الإمام.
8 – وفيه إشارة جلساء الإمام والحاكم بما يرونه، كما أشاره عمر بضرب عنق حاطب.
9 – وفي الرواية الثانية فضيلة أهل الحديبية، وسيأتي باب من فضائل أصحاب الشجرة، أهل بيعة الرضوان في الباب التالي.
10 – وفيها أن لفظة الكذب هي الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو، عمدا كان أو سهوا، سواء كان الإخبار عن ماض أو مستقبل، وخصته المعتزلة بالعمد، وهذا يرد عليهم، وقال بعض أهل اللغة: لا يستعمل الكذب إلا في الإخبار عن الماضي، بخلاف ما هو مستقبل، وهذا الحديث يرد عليهم.
والله أعلم [فتح المنعم].
11 – – شهد النبي صلى الله عليه وسلم له بالإيمان؛ كما في الآية التي أنزلت: {يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ}
قال ابن حجر: وفي هذا الحديث من الفوائد
قلت سيف: ذكر ابن تيمية فصل: ولا يجوز تكفير مسلم بذنب فعله ولا بخطأ أخطأ فيه كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة.
ثم ذكر أن عليا وسعد بن أبي وقاص لم يكفروا الخوارج مع ضلالهم بالإجماع.
وإذا كان المسلم متأولا في القتال أو التكفير لم يكفر بذلك ثم ذكر قول عمر بن الخطاب لحاطب: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. وذكر قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة: إنك منافق تجادل عن المنافقين. فهؤلاء البدريون فيهم من قال لآخر منهم: إنك منافق ولم يكفر النبي صلى الله عليه وسلم لا هذا ولا هذا بل شهد للجميع بالجنة
واسامه قتل رجلا بعد أن قال لا إله إلا الله فقال صلى الله عليه وسلم: اقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله. ومع هذا لم يوجب عليه قودا ولا دية ولا كفارة لأنه كان متأولا ….. انتهى بمعناه
– وفيه جواز التشديد في استخلاص الحق والتهديد بما لا يفعله المهدد تخويفًا لمن يستخرج منه الحق
– وفيه العفو عن زلة ذوي الهيئة وأجاب الطبري عن قصة حاطب واحتجاج من احتج بأنه إنما صفح عنه لما أطلعه الله عليه من صدقه في اعتذاره فلا يكون غيره كذلك قال القرطبي وهو ظن خطأ لأن أحكام الله في عباده إنما تجري على ما ظهر منهم وقد أخبر الله تعالى نبيه عن المنافقين الذين كانوا بحضرته ولم يبح له قتلهم مع ذلك لإظهارهم الإسلام وكذلك الحكم في كل من أظهر الإسلام تجري عليه أحكام الإسلام
– وفيه أن العاصي لا حرمة له وقد أجمعوا على أن الأجنبية يحرم النظر إليها مؤمنةً كانت أو كافرةً ولولا أنها لعصيانها سقطت حرمتها ما هددها علي بتجريدها قاله ابن بطال
– وفيه جواز غفران جميع الذنوب الجائزة الوقوع عمن شاء الله خلافًا لمن أبى ذلك من أهل البدع وقد استشكلت إقامة الحد على مسطح بقذف عائشة رضي الله عنها كما تقدم مع أنه من أهل بدر فلم يسامح بما ارتكبه من الكبيرة وسومح حاطب وعلل بكونه من أهل بدر والجواب ما تقدم في باب فضل من شهد بدرًا أن محل العفو عن البدري في الأمور التي لا حد فيها وفيه جواز غفران ما تأخر من الذنوب ويدل على ذلك الدعاء به في عدة أخبار
وقد جمعت جزءًا في الأحاديث الواردة في بيان الأعمال الموعود لعاملها بغفران ما تقدم وما تأخر سميته الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة وفيها عدة أحاديث بأسانيد جياد
وفيه تأدب عمر وأنه لا ينبغي إقامة الحد
والتأديب بحضرة الإمام إلا بعد استئذانه
وفيه منقبة لعمر ولأهل بدر كلهم وفيه البكاء عند السرور ويحتمل أن يكون عمر بكى حينئذ لما لحقه من الخشوع والندم على ما قاله في حق حاطب. انتهت الفوائد من فتح الباري
– البخاري ذكر حديث حديث حاطب في باب
ما جاء في المتأولين.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري (باختصار):*
قوله باب ما جاء في المتأولين
تقدم في باب من أكفر أخاه بغير تأويل من كتاب الأدب وفي الباب الذي يليه من لم ير إكفار من قال ذلك متأولًا وبيان المراد بذلك والحاصل أن من أكفر المسلم نظر فإن كان بغير تأويل استحق الذم وربما كان هو الكافر وإن كان بتأويل نظر إن كان غير سائغ استحق الذم أيضًا ولا يصل إلى الكفر بل يبين له وجه خطئه ويزجر بما يليق به ولا يلتحق بالأول عند الجمهور وإن كان بتأويل سائغ لم يستحق الذم بل تقام عليه الحجة حتى يرجع إلى الصواب قال العلماء كل متأول معذور بتأويله ليس بآثم إذا كان تأويله سائغًا في لسان العرب وكان له وجه في العلم.
وذكر هنا أربعة أحاديث الحديث الأول حديث عمر في قصته مع هشام بن حكيم بن حزام حين سمعه يقرأ سورة الفرقان في الصلاة بحروف تخالف ما قرأه هو على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناسبته للترجمة من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤاخذ عمر بتكذيب هشام ولا بكونه لببه بردائه وأراد الإيقاع به بل صدق هشامًا فيما نقله وعذر عمر في إنكاره ولم يزده على بيان الحجة في جواز القراءتين ……
الحديث الثاني حديث بن مسعود في نزول قوله تعالى الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ووجه دخوله في الترجمة من جهة أنه صلى الله عليه وسلم لم يؤاخذ الصحابة بحملهم الظلم في الآية على عمومه حتى يتناول كل معصية بل عذرهم لأنه ظاهر في التأويل ثم بين لهم المراد بما رفع الإشكال
الحديث الثالث حديث عتبان بن مالك في قصة مالك بن الدخشم ومناسبته من جهة أنه صلى الله عليه وسلم لم يؤاخذ القائلين في حق مالك بن الدخشم بما قالوا بل بين لهم أن إجراء أحكام الإسلام على الظاهر دون ما في الباطن
الحديث الرابع حديث علي في قصة حاطب بن أبي بلتعة في مكاتبته قريشًا ونزول قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء وقد تقدم في باب الجاسوس من كتاب الجهاد وما يتعلق به وفي باب النظر في شعور أهل الذمة ما يتعلق بذلك. وتقدم في باب فضل من شهد بدرًا من كتاب المغازي الكلام على قوله لعل الله اطلع على أهل بدر وفي تفسير الممتحنة بأبسط منه وفيها الجواب عن اعتراض عمر على حاطب بعد أن قبل النبي صلى الله عليه وسلم عذره
=====
=====
=====
=====
2 – ترجمة الصحابي الجليل:
حاطب بن أبي بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة اللخمي
المكي حليف بني أسد بن عبد العزى بن قصي.
المُتَوفَّى سَنَةَ ثمان وستين.
رضي الله عنه
• اسمه ونسبه، ومولده رضي الله عنه:
– اسمه، ونسبه:
– حاطب بن أبي بلتعة بن عمرو بن عمير بن سلمة بن صعب بن سهل اللخمي، المكي، حليف بني أسد بن عبد العزى، وقيل: كان عبدا لعبيد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد، فكاتبه، فأدى مكاتبته يوم الفتح، وقيل: كان رجلا من أهل اليمن.
– واسم أبي بَلْتَعة: عمرو بن عمير، وقيل: عمرو بن راشد، وهو من بني راشدة.
– وعبد الرحمن ولده ممن ولد في حياة النبي- صلى الله عليه وسلم -، وله رؤية.
– يُكْنَى حاطب أبا عبد الله، وقيل: أبا محمد. [السير، الاستيعاب]
– … لمّا هاجرَ حَاطب بن أبي بَلْتعة وسعدٌ مولى حاطب من مكّة إلى المدينة، نزلا على المنذر بن محمّد بن عُقبة بن أُحيحة بن الجُلاح.
– وقيل: آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بين حاطِب بن أبي بَلْتَعَة ورُخيلة بن خالد. كان حاطب أحد فرسان قريش في الجاهلية وشعرائها، وكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. [طبقات ابن سعد]
• علمه وما قيل عنه:
يروي عنه: ولده؛ الفقيه يحيى وعروة بن الزبير وغيرهما. [السير]
• مناقبه:
– شهد الله عزوجل له بالإيمان؛ كما في الآية التي أنزلت: {يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ}
– من مشاهير المهاجرين، شهد بدرا وأُحُدًا، والحديبية، والمشاهد كلَّها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.
– كان رسول، رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا يدل على مكانته رضي الله عنه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث حاطب بن أبي بلتعة في سنة ست من الهجرة إلى المقوقس، صاحب مصر والإسكندرية، فأتاه من عنده بهدية، منها مارية القبطية وسيرين أختها، فاتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم مارية لنفسه، فولدت له إبراهيم ابنه، ووهب سيرين لحسان بن ثابت، فولدت له عبد الرحمن.
– بعثه أبو بكر الصديق رضي الله عنهما أيضا إلى المقوقس بمصر للصلح.
وبعث أبو بكر الصديق حاطب بن أبي بلتعة أيضا إلى المقوقس بمصر، فصالحهم، فلم يزالوا كذلك حتى دخلها عمرو بن العاص، وقاتلهم، وافتتح مصر سنة إحدى وعشرين، في خلافة عمر بن الخطاب،
روي عن حاطب بن أبي بلتعة أنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس، ملك الإسكندرية، فجئته بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزلني في منزله، وأقمت عنده ليالي، ثم بعث إلي، وقد جمع بطارقته، فقال: إني سأكلمك بكلام، أحب أن تفهمه مني.
قال: قلت: هلم.
قال: أخبرني عن صاحبك.
أليس هو نبي؟ قال: قلت: بلى.
هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فما له؟ حيث كان هكذا، لم يدع على قومه، حيث أخرجوه من بلدته إلى غيرها؟ فقلت له: فعيسى ابن مريم، أتشهد أنه رسول الله؟ قال: نعم.
قال: فما باله؟ حيث أخذه قومه، فأرادوا صلبه، فما له لم يكن دعا عليهم بأن يهلكهم الله، حتى رفعه الله إليه في سماء الدنيا؟ قال: أحسنت.
أنت حكيم، جاء من عند حكيم.
هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد، وأرسل معك من يبلغك إلى مأمنك.
رضي الله عنه وأرضاه.
?
• صفاته رضي الله عنه:
قد مر شيء من ملامح شخصية رضي الله عنه.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
– وكان تاجرا في الطعام له عبيد.
– وكان من الرماة الموصوفين.
ذكره الحاكم في (مستدركه)
– عن الليث: عن أبي الزبير عن جابر: أن عبدا لحاطب شكا حاطبا، فقال:
يا نبي الله ليدخلن النار!
قال: كذبت لا يدخلها أبدا وقد شهد بدرا والحديبية. صحيح. [السير]
[أخرجه مسلم (2195) في فضائل الصحابة: باب من فضائل أهل بدر.
والترمذي (3363) في المناقب: باب في من سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وصححه الحاكم 3/ 301].
? وفاته رضي الله عنه:
توفي: سنة ثمان وستين.
ومات حاطب سنة ثلاثين بالمدينة.
وله خمس وستون سنة، وصلّى عليه عثمان بن عفّان، وترك حاطِب بن أبي بلتعة يومَ مات أربعة آلاف دينار ودراهم ودارًا وغيرَ ذلك [السير، والاستيعاب].
• مصادر ومراجع ترجمة رضي الله عنه:
طبقات ابن سعد: 3/ 114 طبقات خليفة: 70 تاريخ خليفة: 166 المعارف: 317 318 الجرح والتعديل: 3/ 303 معجم الطبراني الكبير: 3/ 205 المستدرك: 3/ 300 – 302 الاستيعاب: 1/ 312 جامع الأصول; 9/ 97 أسد الغابة: 1/ 431 تاريخ الإسلام: 2/ 85 مجمع الزوائد: 9/ 303 تهذيب التهذيب: 2/ 168 الإصابة: 2/ 192 شذرات الذهب: 1/ 37.
======
======
======
======
ما ورد في فضل أهل بدر:
1) فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ)). حديث الباب الذي خرجه مسلم.
2) أفضل الملائكة من شهد بدرًا جاء في البخاري: عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ – وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ – قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟))، قَالَ: (مِنْ أَفْضَلِ المُسْلِمِينَ) أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قَالَ: (وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المَلاَئِكَةِ).
[صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدرا].
وعَنْ مُعَاذِ بنِ رِفَاعَةَ بنِ رَافِعٍ، وكانَ رِفَاعَةُ مِن أهْلِ بَدْرٍ، وكانَ رَافِعٌ مِن أهْلِ العَقَبَةِ، فَكانَ يقولُ لِابْنِهِ: ما يَسُرُّنِي أنِّي شَهِدْتُ بَدْرًا، بالعَقَبَةِ
ولعل ذلك اجتهاد منه حيث ظن أن العقبة هي لبنة الغزوات. أو قاله على سبيل المبالغة في مدح العقبة.
3) من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ اليَوْمِ)) فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ وَهُوَ فِي الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ، وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ، وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}، وَقَالَ وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ: يَوْمَ بَدْرٍ.
[صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم، والقميص في الحرب، حديث رقم 2787]
4) مشروعية المشاورة وما ورد من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر وإغاثة رب العزة لهم بمدد من الملائكة:
جاء في صحيح مسلم: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَاءِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ، قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ، فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ، كَضَرْبَةِ السَّوْطِ فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ، فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: صَدَقْتَ، ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ، قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ: مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَاخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ نَسِيبًا لِعُمَرَ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا، فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمِ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ – شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ
مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} فَأَحَلَّ اللَّهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ.
ويؤخذ من الحديث:
1 – من مناشدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه بهذه الحالة استحباب استقبال القبلة في الدعاء.
2 – ورفع اليدين فيه.
3 – وأنه لا بأس برفع الصوت في الدعاء ليراه الناس فيدعوا كما يدعو أو تقوى بدعائه قلوبهم.
4 – وأن الدعاء بشيء موثوق من حصوله مشروع فقد كان الله تعالى قد وعد نبيه صلى الله عليه وسلم إحدى الطائفتين إما العير وإما النصر وكانت العير قد ذهبت وفاتت فكان على ثقة من حصول الأخرى ومع ذلك استغاث وسأل إنجاز الوعد مع ثقته في الإنجاز كما قال له أبو بكر.
قال الخطابي: لا يجوز أن يتوهم أحد أن أبا بكر كان أوثق بربه من النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحال بل الحامل للنبي صلى الله عليه وسلم على ذلك شفقته على أصحابه وتقوية قلوبهم لأنها كانت أول معركة يشهدها فبالغ في التوجه والدعاء والابتهال لتسكن نفوسهم عند ذلك لأنهم كانوا يعلمون أن دعاءه مستجاب فلما قال له أبو بكر ما قال كف عن ذلك وعلم أنه استجيب له. اهـ.
وقال غيره: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة في مقام الخوف وهو أكمل حالات القرب وجاز عنده أن لا يقع النصر يومئذ لأن وعده بالنصر لم يكن معينا لتلك الواقعة وإنما كان مجملا وهذا ليس بشيء لقوله صلى الله عليه وسلم في مناشدته اللهم أنجز ما وعدتني اللهم آت ما وعدتني والتوجيه الأول حسن.
والله أعلم. [فتح المنعم]
5) غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ بَدْرٍ
عن أَبِي طَلْحَةَ زَيْدِ بْنِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ بَدْرٍ ـ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ ـ: وَكُنْتُ فِيمَنْ غَشِيَهُ النُّعَاسُ يَوْمَئِذٍ، فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ. أخرجه أحمد في مسنده، وإسناده صحيح على شرط الشيخين
——
ومما ورد في فضائل بدر:
صحيح البخاري:
3954 حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ، أَنَّهُ سَمِعَ مِقْسَمًا – مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ – يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ.
3987 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ بَعْدُ، وَثَوَابُ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ “.
4022 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، كَانَ عَطَاءُ الْبَدْرِيِّينَ خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ. وَقَالَ عُمَرُ: لَأُفَضِّلَنَّهُمْ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ.
سنن ابن ماجه
4281 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ، عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنِّي لَأَرْجُو أَلَّا يَدْخُلَ النَّارَ أَحَدٌ – إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى – مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَالْحُدَيْبِيَةَ “. قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا}؟ قَالَ: ” أَلَمْ تَسْمَعِيهِ يَقُولُ: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}؟ “.
حكم الحديث: صحيح
سنن الدارمي
2803 حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” أَيْنَ فُلَانٌ؟ “. فَغَمَزَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: إِنَّهُ وَإِنَّهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟ “. قَالُوا: بَلَى. قَالَ: ” فَلَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ “.
حكم الحديث: إسناده حسن
546 قال الإمام البزار كما في “كشف الأستار” (ج3 ص 287) أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الرُّخَامِيُّ، وَهِلالُ بْنُ الْعَلاءِ، قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ.
—-
—-
—-
فوائد عن غزوة بدر ومناقب عامة وخاصة لأهل بدر من كتب ابن تيمية:
قال ابن تيمية في دفاعه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كذب من قال عنها أنها أقرت قتل عثمان. ثم قال ولو حصل أن قال أحد الصحابة ذلك على سبيل التأويل والغضب لم يقدح في أن كلاهما من أهل الجنة وعثمان وطلحة وعلي والزبير أفضل من حاطب باتفاق المسلمين وكتب للمشركين كتاب ويسيء لمماليكه فذنبه أعظم من هؤلاء. ودافع النبي صلى الله عليه وسلم عنه ولم يوافق على اتهامه بالنفاق ….
مجموع الفتاوى ((4) / (461))
من ذلك فضيلة أبي بكر وعمر بن الخطاب وأنهما هما من يتكلم في المشاورات ومن ذلك اسارى بدر
وفضيلة لأبي بكر حيث لم يبق في العريش مع النبي صلى الله عليه وسلم غيره.
وفضيلة لعمر بن الخطاب وأنه لم يكن في قلبه هوادة على المشركين
وشاركت الملائكة في القتال وكان جبريل مع أبي بكر وميكائيل مع عمر.
أحاديث فضل أهل بدر وبيعة الرضوان جعلت أهل الجنة يشهدون بالنجاة لأئمتهم من المهاجرين والأنصار أعظم من جزم الرافضة لأئمتهم.
كان عدد أهل بدر بعدد جيش طالوت.
– الفضيلة لأهل بدر لا تمنع عنهم الحد فلما شرب قدامة الخمر واستدل بأنه من أهل بدر وأحد وأنه ليس عليه جناح فيما طعم كما في الآية فأمر عمر بن الخطاب أن يجيبوه فأجابه ابن عباس أن هذا قبل تحريمها. (مختصر منهاج السنة)
– كان من لم يشهد بدر يعاب لذلك كانوا يعتذرون فعثمان بن عفان اعتذر بأن تخلفه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لتمريض زوجته. وبعضهم اعتذر أن الله جمع بينهم بغير ميعاد.
– قال النبي صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة وسألته خادما: لا أدع يتامى بدر وأعطيك.
وقاتل أبوبكر الصديق حتى قال له ابنه عبدالرحمن: قد رأيتك يوم بدر فصدفت عنك. فقالة: لكني لو رأيتك لقتلتك. (مختصر منهاج السنة)
– فضيلة لعلي وحمزة وعبيدة حيث اختارهم صلى الله عليه وسلم للمبارزة.
– عفو الله عزوجل خطئه العظيم بسبب حسنة بدر تجعلنا لا نقع في معاوية خاصة أنه في معركة صفين تأول واجتهد مع ما له من حسنات كثيرة … . مختصر السنة بمعناه
وعمر ولاه وهو أعلم بالرجال ولم يعب عليه شيء في ولايته. ومعاوية أفضل من أبيه باتفاق المسلمين واذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ولى أباه فلأن تجوز ولايته من باب أولى ولم يكن من أهل الردة قط … والذين ينسبون هؤلاء للردة هم الذين ينسبون أبا بكر وعمر وعثمان وعامة أهل بدر وأهل بيعة الرضوان وغيرهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين أتبعه بإحسان إلى ما لا يليق بهم …… مجموع الفتاوى 4/ 472 في إجابته عن إيمان معاوية.
– إجابة الله عزوجل دعاء نبيه بالنصر
– ظهرت معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك رميه للمشركين
– من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر أن الله أسمع أهل القليب كلامه.
وفيه إثبات عذاب القبر.
– يقرر ابن تيمية … نزول الرب عشية عرفة خاص بالحجاج وكما في تفتيح أبواب الجنة وتغليق أبواب النار وتصفيد الشياطين اذا دخل رمضان إنما هو للمسلمين الذين يصومون رمضان
وإطلاع الرب على أهل بدر هل هو خاص بهم ليس هذا موضع بسطه ……
– رب ضارة نافعة؛ لما قدم جبير بن مطعم قي اسارى بدر سمع النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك كانوا يريدون القافلة فابدلهم الله ما هو خير منها مع أن بعضهم كره القتال كما وصف ذلك الله عزوجل في كتابه.
– عقوبة الدنيا لا تمنع أن يكون المعاقب عدلا فكعب بن مالك شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وممن شهد بدرا والعقبة ومع ذلك أمر الله بهجرة في الثلاثة الذين خلفوا … مجموع الفتاوى 10/ 377
– غزا النبي صلى الله عليه وسلم غزوات متعددة وقع القتال في تسعة … . مجموع الفتاوى 11/ 48
– ثبت بالسنة أن أفضل الأمة أهل بدر ثم أهل بيعة الرضوان والعشرة مفضلون على غيرهم والخلفاء الأربعة أفضل الأمة …. مجموع الفتاوى 11/ 129
– قتل فرعون هذه الأمة في بدر مجموع الفتاوى 9/ 12
– سماه الله يوم الفرقان
– هو يوم البطشة الكبرى في بعض المعاني.
– في نزول الملائكة قدم (به) على (لكم) … في غزوة بدر بخلاف أحد حيث لم يوجد منهم صبر مجموع الفتاوى 15/ 37
– من أسباب تكفير الذنوب الحسنات الماحية فكان شهود بدر من أعظم الحسنات.
مجموع الفتاوى 7/ 487
– نصر الله عزوجل مع أنهم كانوا اذلة كما في القرآن.
– اندحض من ظاهر بالعداوة فانخنسوا بالنفاق.
– نفى أبن تيمية النفاق عن أهل بدر وعمن بايعه صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة.
– تصور الشيطان في صورة سراقة واندحاره لما رأى الملائكة
– كانت بدر في شهر رمضان
—-
فوائد أخرى:
– احكام نزلت بسبب غزوة بدر سواء في القرآن أو السنة … ومن ذلك فرض الخمس.
– أول من يجثو للخصومة من بارز يوم بدر
– أول شهداء في معركة هم شهداء بدر.
– فضيلة حارثة بن سراقة حيث جاءه سهم غرب فقتل يوم بدر فقال صلى الله عليه وسلم. لأمه إن ابنك أصاب الفردوس الأعلى
– مع علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه منصور دعا ربه قال ابن تيمية: لأن العلم بما يقدره لا ينافي أن يكون قدره بأسباب والدعاء من أعظم أسبابه كذلك رجاء الله وخوف عذابه من أعظم الأسباب في النجاة من عذابه وحصول رحمته … ….. في كلامه عن التعليق بالمشيئة مجموع الفتاوى 7/ 458
– ما يضاف من المال لله ورسوله المقصود أن يصرف في طاعة الله وطاعة رسوله لا أن رسول الله يملكه مجموع الفتاوى 10/ 280
– يقاتل المكره الذي يقاتل مع الكفار كما قاتلوا العباس واسروه مجموع الفتاوى 10/ 376:
سنة الإقامة بالعرصة ثلاثا
– مشروعية شركة الابدان الاشتراك في المغنم قال ابن مسعود اشتركت انا وسعد بن أبي وقاص وعمار يوم بدر فجاء سعد باسيرين مجموع الفتاوى 30/ 98
– مشروعية القتال ولو كان العدو أزيد من الضعف.
أحزان وأفراح قد تجتمع. فرح الرسول صلى الله عليه وسلم بالنصر في بدر والمسلمون كذلك. وحزنوا لموت بنت النبي صلى الله عليه وسلم