4655.4654 الفوائد المنتقاة على صحيح مسلم
مجموعة: إبراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي وهشام السوري، وعبدالله المشجري، وسامي آل سالمين، وعلي آل رحمه، وكرم.
ومجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين، وخميس العميمي.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
وشارك أحمد بن علي وعبد الله الديني
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين أجمعين)
——–‘——‘—-‘—–
صحيح مسلم
كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
4654 حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، كُلُّهُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ، وَلَيْسَ مَكَانٌ أُرِيدُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا طَارَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَقَصَصْتُهُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهُ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَرَى عَبْدَ اللَّهِ رَجُلًا صَالِحًا)).
4655 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ – وَاللَّفْظُ لِعَبْدٍ -، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا رَأَى رُؤْيَا، قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَيِ الْبِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، قَالَ فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لِي: لَمْ تُرَعْ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ)).
قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ، بَعْدَ ذَلِكَ، لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، خَتَنُ الْفِرْيَابِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي أَهْلٌ، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّمَا انْطُلِقَ بِي إِلَى بِئْرٍ، فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ.
==========
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
(رأيت في المنام كأن في يدي قطعة إستبرق) الإستبرق: ما غلظ من الحرير أو من الديباج. وفي رواية للبخاري: (كأن في يدي سرقة من حرير) بفتح السين وكسر الراء. أي: قطعة. وفي رواية: (قطعة من إستبرق). وفي رواية: (سرقة من إستبرق) وعبر بلفظ: كأن بالتشبيه؛ لأن ما يحصل في المنام شبيه بالواقع وليس واقعا بالفعل.
(وليس مكان أريد من الجنة إلا طارت إليه) فهي توصلني إلى أي مكان أريده من الجنة. وفي رواية للبخاري: (لا أهوي بها إلى مكان في الجنة إلا طارت بي إليه) وفي رواية: (فكأني لا أريد مكانا من الجنة إلا طارت بي إليه).
(فقصصته على حفصة) أي: قصصت المنام على حفصة أختي أم المؤمنين.
(أرى عبد الله رجلا صالحا) أرى بفتح الهمزة، أي: أعلمه وأعتقده صالحا، والصالح هو القائم بحقوق الله وحقوق العباد. وفي رواية للبخاري: (إن أخاك رجل صالح) أو (إن عبد الله رجل صالح) بالشك من الراوي.
وفي الرواية الثانية: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)، قال ابن عمر: (وكنت إذا نمت لم أقم حتى أصبح).
وزاد في رواية، قال سالم: (فكان عبد الله – بعد ذلك – لا ينام من الليل إلا قليلا) وفي رواية، قال الزهري: (وكان عبد الله – بعد ذلك – يكثر الصلاة من الليل) وفي رواية: (وكان عبد الله يكثر الرقاد) وفيها أيضا: (إن الملك الذي قال له: لم ترع. قال له: لا تدع الصلاة، نعم الرجل أنت لولا قلة الصلاة).
(فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم) وفي رواية للبخاري: (فقلت في نفسي: لو كان فيك خير لرأيت مثل ما يرى هؤلاء).
(وكنت غلاما شابا عزبا) بفتح العين والزاي، وهو من لا زوجة له، ويقال له: الأعزب مع قلة في الاستعمال.
في رواية (كنت أبيت في المسجد ولم يكن لي أهل) أي لم يكن لي زوجة. وفي رواية للبخاري: (وأنا غلام حديث السن وبيتي المسجد قبل أن أنكح)
(فرأيت في النوم) وفي رواية للبخاري: (فلما اضطجعت ليلة قلت: اللهم إن كنت تعلم في خيرا فأرني رؤيا فبينما أنا كذلك إذ … )
(كأن ملكين أخذاني) في رواية للبخاري: (جاءني ملكان في يد كل واحد منهما مقمعة من حديد، يقبلان بي إلى جهنم) والمقمعة بكسر الميم الأولى، والجمع مقامع، وهي كالسياط من حديد، رءوسها معوجة.
(فذهبا بي إلى النار) في رواية للبخاري: (يقبلان بي إلى جهنم وأنا بينهما، أدعو الله: اللهم إني أعوذ بك من جهنم) وفي رواية للبخاري: (حتى وقفوا بي على شفير جهنم).
(فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر) في رواية للبخاري: (له قرون البئر) المطوية هي المبنية، والبئر قبل أن تبنى تسمى قليبا، وقرون البئر جوانبها التي تبنى من حجارة ترتفع، فتوضع عليها الخشبة التي تعلق فيها البكرة، والعادة أن لكل بئر قرنين. وفي رواية للبخاري: (بين كل قرنين ملك بيده مقمعة من حديد).
(وإذا فيها ناس قد عرفتهم) وفي رواية: (فإذا فيها ناس عرفت بعضهم) وفي رواية للبخاري: (وأرى فيها رجالا معلقين بالسلاسل رءوسهم أسفلهم عرفت فيها رجالا من قريش) قال الشارحون: لم نقف على اسم أحد منهم.
(فلقيهما ملك، فقال لي: لم ترع) بضم التاء وفتح الراء، أي: لم تفزع. وفي رواية: (لن تراع)
فعلى الأول: ليس المراد أنه لم يقع له فزع فقد فزع فعلا، ولكن لما كان الذي فزع منه لن يستمر فكأنه لم يفزع أو هو من قبيل تنزيل القليل منزلة العدم.
وعلى الثاني: فالمراد، أنك لا روع عليك بعد ذلك. قال ابن بطال: إنما قال له ذلك لما رأى منه من الفزع. وفي رواية للبخاري: (فتلقاهما ملك، فقال: لم ترع خليا عنه) وفي رواية للبخاري: (فانصرفوا بي عن ذات اليمين) قال القرطبي: إنما فسر الشارع من رؤيا عبد الله ما هو ممدوح؛ لأنه عرض على النار، ثم عوفي منها. وقيل له: لا روع عليك، وذلك لصلاحه، غير أنه لم يكن يقوم الليل، فحصل له من ذلك تنبيه على أن قيام الليل مما يتقى به النار، والدنو منها، فلذلك لم يترك قيام الليل بعد ذلك.
وأشار المهلب إلى أن السر في ذلك كون عبد الله كان ينام في المسجد ومن حق المسجد أن يتعبد فيه فنبه على ذلك بالتخويف بالنار.
(نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) لو للتمني لا للشرط، فلا تحتاج إلى جواب؛ لأن مدحه لا يتوقف على صلاة الليل. [انتظر: المنهاج للنووي، وفتح المنعم]
قوله (فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم) في الروايتين اللتين ساقهما مسلم هنا: رؤيا قطعة الحرير، وفيها: فقصصته على حفصة، فقصته حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم، ورؤيا جهنم. وفيها: فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن حجر:
فيحتمل أن يكون قوله إحدى رؤياي محمولا على أنها قصت رؤيا السرقة أولا ثم قصت رؤيا النار بعد ذلك وأن التقدير قصت إحدى رؤياي أولا فلا يكون لقوله إحدى مفهوم وهذا الموضح لم أر من تعرض له من الشراح ولا أزال إشكاله فلله الحمد على ذلك.
الأحاديث في صحيح البخاري رحمه الله وكرر بعضها في عدة أبواب، منها:
– كتاب الصلاة، باب نوم الرجال في المسجد
– كتاب التهجد، باب فضل قيام الليل
– كتاب التعبير، باب الاستبرق ودخول الجنة في المنام
– كتاب التعبير، باب الأمن وذهاب الروع في المنام
– كتاب التعبير، باب الأخذ على اليمين في النوم
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (باختصار):
قوله (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) فمقتضاه أن من كان يصلي من الليل يوصف بكونه نعم الرجل وفي رواية نافع عن بن عمر في التعبير أن عبد الله رجل صالح لو كان يصلي من الليل وهو أبين في المقصود.
ويؤخذ منه أن الرؤيا الصالحة تدل على خير رائيها.
قوله وإذا لها قرنان … والمراد بالقرنين هنا خشبتان أو بناآن تمد عليهما الخشبة العارضة التي تعلق فيها الحديده التي فيها البكره فإن كانا من بناء فهما القرنان وأن كانا من خشب فهما الزرنوقان بزاي منقوطة قبل المهملة ثم نون ثم قاف وقد يطلق على الخشبة أيضا القرنان.
وقال رحمه الله في موضع آخر (باختصار):
قال ابن بطال في هذا الحديث أن بعض الرؤيا لا يحتاج إلى تعبير وعلى أن ما فسر في النوم فهو تفسيره في اليقظة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد في تفسيرها على ما فسرها الملك.
… قال وفيه وقوع الوعيد على ترك السنن وجواز وقوع العذاب على ذلك.
قلت هو مشروط بالمواظبة على الترك رغبة عنها فالوعيد والتعذيب إنما يقع على المحرم وهو الترك بقيد الإعراض
قال وفيه أن أصل التعبير من قبل الأنبياء ولذلك تمنى ابن عمر أنه يرى رؤيا فيعبرها له الشارع ليكون ذلك عنده أصلا قال وقد صرح الأشعري بأن أصل التعبير بالتوقيف من قبل الأنبياء وعلى ألسنتهم
قال ابن بطال وهو كما قال لكن الوارد عن الأنبياء في ذلك وإن كان أصلا فلا يعم جميع المرائي فلا بد للحاذق في هذا الفن أن يستدل بحسن نظره فيرد ما لم ينص عليه إلى حكم التمثيل ويحكم له بحكم النسبة الصحيحة فيجعل أصلا يلحق به غيره كما يفعل الفقيه في فروع الفقه
وفيه جواز المبيت في المسجد ومشروعية النيابة في قص الرؤيا وتأدب ابن عمر مع النبي صلى الله عليه وسلم ومهابته له حيث لم يقص رؤياه بنفسه وكأنه لما هالته لم يؤثر أن يقصها بنفسه فقصها على أخته لإدلاله عليها وفضل قيام الليل وغير ذلك مما تقدم ذكره وبسطه في كتاب التهجد والله أعلم
وقال رحمه الله في موضع آخر (باختصار):
ويؤخذ منه أن من أخذ في منامه إذا سار على يمينه يعبر له بأنه من أهل اليمين ..
_______
ومن فضائله رضي الله عنه:
عند البخاري:
# عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مثل المسلم، حدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة، قال عبد الله: فاستحييت، فقالوا: يا رسول الله، أخبرنا بها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة قال عبد الله: فحدثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا.
ففي هذا الحديث:
– فهمه منذ صغر سنه.
– إجلاله لمن هو أكبر منه.
وعنده أيضا:
# عن سالم، عن أبيه، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فقالوا: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، فأمر كل رجل منا أن يقتل أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد مرتين.
فيه تأنيه رضي الله عنه في الأمور العظام وموافقته الحق في اجتهاده
ومن فضائله، خشيته من الوقوع في الفتن، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (13/ 195):
وكان عبد الله بن عمر في تلك المدة امتنع أن يبايع لابن الزبير أو لعبد الملك كما كان امتنع أن يبايع لعلي أو معاوية ثم بايع لمعاوية لما اصطلح مع الحسن بن علي واجتمع عليه الناس وبايع لابنه يزيد بعد موت معاوية لاجتماع الناس عليه ثم امتنع من المبايعة لأحد حال الاختلاف إلى ان قتل بن الزبير وانتظم الملك كله لعبد الملك فبايع له حينئذ فهذا معنى قوله لما اجتمع الناس على عبد الملك.
ثانياً: المسائل المتعلقة بالحديث:
1 – يؤخذ من الحديث:
1 – فضيلة ظاهرة لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
2 – جواز نوم الرجال في المسجد، وهو قول الجمهور،
وروي عن ابن عباس كراهيته إلا لمن يريد الصلاة،
وعن ابن مسعود كراهيته مطلقا،
وعن مالك التفصيل بين من له مسكن فيكره وبين من لا مسكن له فيباح،
وحديثنا يدل على إباحته لمن لا مسكن له.
3 -أن أصل التعبير إنما يكون من الأنبياء؛ ولذلك تمنى ابن عمر أنه يرى رؤيا فيعبرها له الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعبر للناس، وقد صرح الأشعري بأن أصل التعبير بالتوقيف من قبل الأنبياء، وعلى ألسنتهم قال ابن بطال: وهو كما قال لكن الوارد عن الأنبياء في ذلك وإن كان أصلا لكنه لا يعم جميع المرائي، فلا بد للحاذق في هذا الفن أن يستدل بحسن نظره فيرد ما لم ينص عليه إلى ما نص عليه، ويجعل النص أصلا يلحق به غيره كما يفعل الفقيه في فروع الفقه اهـ.
4 – وفيه تمني الخير والعلم.
5 – وأن الرؤيا الصالحة تدل على خير رائيها غالبا.
6 – وفيه مشروعية النيابة في قص الرؤيا.
7 – وأدب ابن عمر مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومهابته له؛ حيث لم يقص رؤياه عليه بنفسه وكأنه لما هالته الرؤيا لم يؤثر أن يقصها بنفسه فقصها على أخته لإدلاله عليها.
8 – وأن بعض الرؤيا لا يحتاج إلى تعبير.
9 – وأن ما فسر في النوم فهو تفسيره في اليقظة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد في تفسيرها على ما فسرها الملك الذي جاء في بعض الروايات أن الملك وصف ابن عمر بالرجل الصالح.
10 – وأن المعبر الحاذق يفسر من الرؤيا ما هو ممدوح، ويسكت ويعرض عما هو كريه، فقد رأى الفزع ولم يفسره.
11 – وفي الحديث الخوف والأمن في المنام، لكن قال أهل التعبير: من رأى أنه خائف من شيء أمن منه، ومن رأى أنه قد أمن من شيء فإنه يخاف منه.
12 – وفي الرواية الأولى: رؤيا الإستبرق في المنام، وقد يعبر بالحرير عن شرف الدين والعلم؛ لأن الحرير أشرف ملابس الدنيا، وكذلك العلم بالدين أشرف العلوم.
13 – ومن قوله في الرواية الثانية: كأن ملكين أخذاني، يؤخذ منه الجزم بالشيء وإن كان أصله الاستدلال؛ لأن ابن عمر استدل على أنهما ملكان بأنهما وقفا على جهنم ووعظاه بها والشيطان لا يعظ، ولا يذكر بالخير.
14 – وفي الحديث فضل قيام الليل. [انظر: فتح المنعم. وشرح النووي. وفتح الباري]
—–
شيء مما ذكر في ترجمة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
• اسمه ونسبه رضي الله عنه:
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، بن نفيل بن عبد العُزى، بن رِيَاح، بن عبد اللَّه، بن قُرْطِ، بن رَزَاحِ بن عَدِيِّ بن كَعْبِ بن لُؤَيِّ بن غالب بن فِهر.
يُكنى: بأبي عبد الرحمن.
وأمه: زينب بنت مظعون.
فرع: زوجات وأولاد عبد الله بن عمر
كان لعبد الله بن عمر من الولد اثنا عشر (وأربع بنات: أبو بكر وأبو عبيدة وواقد وعبد الله وعمر، وحفصة وسودة.
وأمهم صفية بنت أبي عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن قسي وهو ثقيف.
وعبد الرحمن وأمه أم علقمة بنت علقمة بن ناقش بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر.
وسالم وعبيد الله وحمزة وأمهم أم ولد، وزيد وعائشة وأمهما أم ولد، وبلال وأمه أم ولد.
وأبو سلمة وقلابة وأمهما أم ولد. ويقال: إنها أم زيد بن عبد الله سهلة بنت مالك بن الشحاح من بني زيد بن جشم بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب [البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (116)].
• اسلامه وهجرته رضي الله عنه:
وهو من صغار الصحابة رضي الله عن الجميع، إذ أنه ولد قبل مبعث النبي بسنة واحدة، وأسلم بمكة قديماً وهو صغير، وهاجر مع أبيه إلى المدينة، ولم يكن بَلَغ يومئذ، وكان عمره عشر سنين.
وبعض أهل العلم يقول: إنه أسلم قبله.
وبعضهم يقول: إنه هاجر قبله، والمشهور أنه هاجر معه، ومما يدل على ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لما كان يعطي الناس، ويعطي المهاجرين بحسب سابقتهم في الإسلام، نقص من عطاء عبد الله بن عمر، فقالوا: هو من المهاجرين، فقال: لكنه هاجر به أبواه، فلم يجعله كغيره من المهاجرين، وذلك من كمال احترازه على أموال المسلمين.
وكان إسلامه بمكة مع إسلام أبيه، ولم يكن بَلَغ يومئذ. وهاجر مع أبيه إلى المدينة، وكان عمره عشر سنين.
بعض ما ورد في ذلك:
عن أبي عثمان النهدي قال: سمعت ابن عمر – رضي الله عنهما – إذا قيل له: هاجر قبل أبيه , يغضب , ويقول: قدمت أنا وعمر على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” فوجدناه قائلا ” فرجعنا إلى المنزل، فأرسلني عمر وقال: اذهب فانظر هل استيقظ، فأتيته , فدخلت عليه فبايعته، ثم انطلقت إلى عمر فأخبرته أنه قد استيقظ، فانطلقنا إليه نهرول هرولة , حتى دخل عليه فبايعه , ثم بايعته ” [(خ) 3703]
وعن نافع قال: إن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر , وليس كذلك , ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار يأتي به ليقاتل عليه , ” ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يبايع عند الشجرة ” , وعمر لا يدري بذلك , فبايعه عبد الله , ثم ذهب إلى الفرس , فجاء به إلى عمر , وعمر يستلئم – أي: يلبس الدرع – للقتال , فأخبره أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يبايع تحت الشجرة , قال: فانطلق فذهب معه , حتى بايع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهي التي يتحدث الناس أن ابن عمر أسلم قبل عمر. [(خ) 3951]
البداية والنهاية، لابن كثير، دار الفكر، 1407هـ= 1986م، 9/ 4].
• علمه وما قيل عنه:
أ – علم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
كان رضي الله عنه من فقهاء الصحابة المعدودين وأعلم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمناسك الحج، وقد أفتى المسلمين قرابة ستين سنة، فعَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: “كَانَ إِمَامَ النَّاسِ عِنْدَنَا بَعْدَ عُمَرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَكَانَ إِمَامَ النَّاسِ عِنْدَنَا بَعْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ” [البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (116)]، مكث ستين سنة يفتي الناس. [الذهبي: تاريخ الإسلام، تحقيق: بشار عوّاد معروف، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 2003م، 2/ 849].
وعن أبي إسحاق الهمداني، قال كنا نأتي ابن أبي ليلى في بيته وكانوا يجتمعون إليه، فجاءه أبو سلمة بن عبد الرحمن فقال أعُمر كان عندكم أفضل أم ابنه؟ فقالوا: لا، بل عمر. فقال أبو سلمة إن ّعمر كان في زمان له فيه نظراء، وإن ابن عمر كان في زمان ليس له فيه نظير [ابن عساكر: تاريخ دمشق، 31/ 112].
قلت سيف بن دورة: وهذا ليس فيه تفضيل عبدالله على أبيه. إنما لبيان انفراد عبدالله بالفضيلة في زمنه.
ب – عرف عنه رضي الله عنه شدة الحذر فيما ينقله عن النبي صلى الله عليه وسلم، واشتهر عنه شدة الإتباع للنبي صلى الله عليه وسلم.
وكان رضي الله عنه شديد الاتِّباع لآثار النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، كثير الاحتياط والتوقِّي لدِينه، اكتسب العلم الوفير من ملازمته وصحبته لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد شهد له النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بالصلاح، وكذا أصحابه.
فكان عبد الله بن عمر شديد الحذر في روايته عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان يروي الحديث كما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يزيد فيه ولا ينقص، فعن أبي جعفر قال: «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا أَحْذَرَ أَنْ لَا يَزِيدَ فِيهِ وَلَا يُنْقِصَ مِنَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا» [الحاكم في المستدرك (6374)].
شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فوقف معه بعرفة فكان يقف في ذلك الموقف كلما حج، ولا يفوته الحج في كل عام، وتقول في ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «مَا رَأَيْتُ أَلْزَمَ لِلْأَمْرِ الْأَوَّلِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ». [الحاكم في المستدرك (6365)].
حتى إنّ النبي نزل تحت شجرة، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة، فيصبُّ في أصلها الماء لكيلا تيبس [تاريخ دمشق، لابن عساكر 31/ 121]، لذلك قال عنه سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: «لَوْ شَهِدْتُ عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَشَهِدْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ». [الحاكم في المستدرك (6366)].
فيما ورد في هذا:
– عن أبي جعفر الباقر، قال: كان ابن عمر – رضي الله عنهما – إذا سمع من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حديثا لم يعده , ولم يقصر دونه. [(جه) 4، (حب) 264]
– أخرج أحمد 6151 حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا عبدالملك
عن أنس بن سيرين قال: كنت مع ابن عمر – رضي الله عنهما – بعرفات , فلما كان حين راح , رحت معه , حتى أتى الإمام، فصلى معه الأولى والعصر، ثم وقف معه , وأنا , وأصحاب لي، حتى أفاض الإمام , فأفضنا معه، حتى انتهينا إلى المضيق دون المأزمين , فأناخ وأنخنا، ونحن نحسب أنه يريد أن يصلي، فقال غلامه الذي يمسك راحلته: إنه ليس يريد الصلاة، ولكنه ذكر أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ” لما انتهى إلى هذا المكان قضى حاجته ” , فهو يحب أن يقضي حاجته. [(حم) 6151 , انظر صحيح الترغيب والترهيب: 48 ,
وقال محققو المسند صحيح إلا قوله (فقال غلامه الذي يمسك راحلته: إنه ليس يريد الصلاة، ولكنه ذكر أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ” لما انتهى إلى هذا المكان قضى حاجته ” , فهو يحب أن يقضي حاجته)
صحيح لغيره لأن غلام ابن عمر مجهول
قلت سيف بن دورة: على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
والجهالة ترتفع عنه بتحديثهم عنه. وكونه غلاما لابن عمر يدل أنه يثق به.
وعبدالملك هو إبن سليمان
ويشهد له ما في البخاري 1668 من طريق نافع قال: كان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يجمع بين المغرب والعشاء بجمع غير أنه يمر بالشعب الذي أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيدخل فينتفض ويتوضأ ولا حتى يصلي بجمع.
– عن مجاهد قال: كنا مع ابن عمر في سفر , فمر بمكان فحاد عنه , فسئل لم فعلت؟ فقال: ” رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فعل هذا ” ففعلت. [(حم) 4870، صحيح الترغيب والترهيب: 46 , وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح].
قلت سيف بن دورة: على شرط الذيل على الصحيح المسند.
[انظر: سير السلف الصالحين، لإسماعيل بن محمد الأصبهاني، دار الراية للنشر والتوزيع، الرياض، ص490]
ج – كما كان شديد الحذر والحرص في الفُتيا، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ: «لَا عَلِمَ لِي بِهَا»، فَلَمَّا أَدْبَرَ الرَّجُلُ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ” نِعْمَ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهَا” [الحاكم في المستدرك (6378)، والدارمي (194) واللفظ له].
د – روايته رضي الله عنه: (شيوخه تلاميذه)
عبد الله بن عمر وهو أحد العبادلة، وأحد المكثرين من رواية الحديث، فقد روي له ((2630)) حديثًا، يلي المرتبة الأولى بعد أبي هريرة رضي الله عنه.
فقد روى عن: (شيوخه)
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكثر، وعن أبيه، وأبي بكر، وعثمان، وسعد، وابن مسعود، وأخته حفصة، وعائشة، وغير ذلك،
وروى عنه جمع من الصحابة وخلق من التابعين منهم: (تلاميذه)
بنوه (سالم، وحمزة، وعبد الله، وبلال، وزيد، وعبيد الله، وعمر)،
وحفيداه (محمد بن زيد، وأبو بكر بن عبيد الله)،
ومولاه نافع، وزيد بن سالم، وأسلم مولى أبيه عمر، والحسن، ومحمد، وأنس ابني سيرين، والزهري، وعطاء.
كما روى عنه أكثر من أربعين رجلًا من أهل مصر، وهو في سند بقي بن مخلد معدود في أصحاب الألوف، مع أنس وأبي هريرة، وعبدالله بن عمر، وعائشة رضي الله عنهم. له ألفا حديث وسبعمائة حديث وثلاثون حديثًا (2730)،
خرّج له الشيخان مائتين وثمانين حديثاً، اتفق البخاري ومسلم على مائة وسبعين (170) وقيل: اتفقا على مائة وثمانية وستين (168)، وانفرد البخاري بأحد وثمانين (81)، ومسلم بأحد وثلاثين (31).
وخرّج له الجماعة.
وفي مسند أحمد بلغ مسنده 2028
أصح الأسانيد عن ابن عمر:
مالك عن نافع عن ابن عمر، مالك عن الزهري عن سالم عن أبيه، سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه، معمر عن الزهري عن سالم
عن أبيه، حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر، يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر.
قال مالك: “كنت إذا سمعت من نافع يحدث عن ابن عمر لا أبالي أن لا أسمعه من غيره”، وقال إسماعيل بن أمية: “كنا نريد نافعاً مولى ابن عمر على اللحن فيأباه”، وترجمه البخاري في الكبير 4/ 2/ 84 – 85. من حاشية أحمد بن شاكر على المسند
[انظر: الموطأ، لمالك بن أنس 6/ 68، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، أبو ظبي، الإمارات، الطبعة الأولى، 1425هـ= 2004م، 6/ 68. وتاريخ ابن يونس المصرى، عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الصدفي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1421ه= 1/ 276، وابن عساكر: تاريخ دمشق، تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1415 هـ= 1995م، 31/ 86. وشرح أَلْفِيَّةِ السُّيوطي في الحديث المسمى «إسعاف ذوي الوَطَر بشرح نظم الدُّرَر في علم الأثر»، لمحمد آدم الإتيوبي، مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1414هـ= 1993م، 1/ 23، والرياض المستطابة في جملة من روى في الصحيحين من الصحابة].
هـ – أقوال الصحابة والتابعين في عبد الله بن عمر
كان لكثير من الصحابة والتابعين بعض الأقوال التي أثنوا بها على عبد الله بن عمر، ومن هذه الأقول ما قاله ابن مسعود: “إِنَّ مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسِهِ عَنِ الدُّنْيَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ”.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «مَا مِنَّا أَحَدٌ أَدْرَكَ الدُّنْيَا إِلَّا قَدْ مَالَتْ بِهِ وَمَالَ بِهَا إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا».
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما رأيت أحدًا ألزم للأمر الأول من ابن عمر”.
قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: “مَاتَ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ فِي الْفَضْلِ مِثْلُ أَبِيهِ”.
قال سعيد بن المسيب: “لَوْ شَهِدْتُ لِأَحَدٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَشَهِدْتُ لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ”.
قَالَ قَتَادَةُ: “سَمِعْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمَ مَاتَ خير من بقي”.
وقال مَيْمُون بْن مهران: “ما رأيت أورع من ابْن عُمَر”.
قال نافع: “كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَصُومُ فِي السَّفَرِ وَلَا يَكَادُ يُفْطِرُ فِي الْحَضَرِ إِلَّا أَنْ يَمْرَضَ”.
وقال سالم: “مَا لَعَنَ ابْنُ عُمَرَ خَادِمًا، لَهُ إِلا مَرَّةً، فَأَعْتَقَهُ”.
وعن عطاء مولى ابن سباع، قال: “أَقْرَضْتُ ابْنَ عُمَرَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَبَعَثَ إِلَيَّ بِأَلْفَيْ وَافٍ، فَوَزَنْتُهَا، فَإِذَا هِيَ تَزِيدُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَقُلْتُ: مَا أَرَى ابْنَ عُمَرَ إِلَّا يُجَرِّبُنِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهَا تَزِيدُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، قَالَ: هِيَ لَكَ”.
وروى معمر، عن أبي عمرو الندبي قال: قَالَ: “خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ” فَمَا لَقِيَ صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ”.
عن عمرو بن دينار، قال:”كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعَدُّ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَحْدَاثِ”.
(ابن سعد: الطبقات الكبرى، 3/ 373. وتاريخ دمشق 31/ 162 من طريقين عن ابن جريج عن عمرو بن دينار به)
و – نماذج من تفسيره
وردت الرواية عنه في حروف القرآن. منها ما رواه عطية العوفي عنه قال قرأت على عبد الله بن عمر الله الذي خلقكم من ضعف نصب كلهن قال فقال لي ابن عمر ضُعف وقال قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت روى ذلك حفص عنه ورجع إليه بعد قراءته على عاصم بالفتح وروى عنه عاصم الجحدري أنه كان يقرأ في عين حامية بالألف ويقول حارة وروى مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثمان سنين يتعلمها.
• مما ورد عن بعض ما يتصف به: (عبادته، وتقواه، وجوده، وكرمه، وزهده):
سبق ذكر شدة اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو في عداد ممن اشتهروا بالعبادة من الصحابة منذ صغره رضي الله عنه.
أ – قيام عبد الله بن عمر بالليل
كان عبد الله بن عمر مِن عُبّاد الصحابة منذ صغره، وكان يصلي من الليل، ويقول لمولاه نافع: أسحرنا؟ يعني: هل دخلنا في السحر؟ فيقول: لا، ثم يصلي، فيقول: أسحرنا؟ حتى يقول: نعم، فيوتر، هكذا يصلي سائر الليل، وكان يغفي إغفاءة الطائر، ينام نومة يسيرة، وكان من عباد الصحابة.
ب – وأما تقوى عبد الله بن عمر
فلقد كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من أهل التقوى والورع والعلم والصلاح، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم كلامًا يُذكر في محاسن عبد الله بن عمر، فعن حَفْصَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا ((إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ)).
وعَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلا كَتَبَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْعِلْمِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إن العلم كثير يابن أَخِي، وَلَكِنْ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَفِيفَ الظَّهْرِ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وأموالهم، كاف اللِّسَانِ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ، خَامِصَ الْبَطْنِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، لازماً لجماعتهم فافعل [النَّيْسَابُوْرِيُّ في المزكيات (145)].
قلت سيف بن دورة: هو في تاريخ دمشق 31/ 170: من طريق أبي اسحاق المزكى انا ابوالعباس لدالسراج نا قتيبة بن سعيد نا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث قال: بلغني أن رجلا كتب إلى ابن عمر. ….
وفي 31/ 169 من طريق الليث قال كتب رجل إلى ابن عمر. …
والذهبي في السير 3/ 222 قال: قال الليث بن سعد وغيره كتب رجل إلى ابن عمر. …
وكان عبد الله مثل أبيه تهطل دموعه حين يسمع آيات النذير في القرآن؛ فقد جلس يومًا بين إخوانه فقُرئ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 1 – 6]، فبكى حتى لم يستطع قراءة ما بعدها من الآيات. [صفة الصفوة، لابن الجوزي، تحقيق: أحمد بن علي، دار الحديث، القاهرة، مصر، الطبعة 1421ه= 2000م، 1/ 219].
ج: جود عبد الله بن عمر وكرمه وزهده:
كان ابن عمر من ذوي الدخول الرغيدة الحسنة؛ إذ كان تاجرًا أمينًا ناجحًا، وكان راتبه من بيت مال المسلمين وفيرًا، ولكنه لم يدخر هذا العطاء لنفسه قَطُّ، إنما كان يرسله إلى الفقراء والمساكين والسائلين، فعن أيوب بن وائل الراسبي، قال: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَخْبَرَنِي رَجُلٌ – جَارٌ لِابْنِ عُمَرَ – أَنَّهُ أَتَى ابْنَ عُمَرَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ، وَأَرْبَعَةُ آلَافٍ مِنْ قِبَلِ إِنْسَانٍ آخَرَ، وَأَلْفَانِ مِنْ قِبَلِ آخَرَ، وَقَطِيفَةٌ فَجَاءَ إِلَى السُّوقِ يُرِيدُ عَلَفًا لِرَاحِلَتِهِ بِدِرْهَمٍ نَسِيئَةً، فَقَدْ عَرَفْتُ الَّذِي جَاءَهُ، فَأَتَيْتُ سُرِّيَّتَهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ وَأُحِبُّ أَنْ تَصْدُقِينِي؟ قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ أَتَتْ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ، وَأَرْبَعَةُ آلَافٍ مِنْ قِبَلِ إِنْسَانٍ آخَرَ، وَأَلْفَانِ مِنْ قِبَلِ آخَرَ، وَقَطِيفَةٌ؟ قَالَتْ: بَلَى، قُلْتُ: فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يَطْلُبُ عَلَفًا بِدِرْهَمٍ نَسِيئَةً، قَالَتْ: مَا بَاتَ حَتَّى فَرَّقَهَا، فَأَخَذَ الْقَطِيفَةَ فَأَلْقَاهَا عَلَى ظَهْرِهِ ثُمَّ ذَهَبَ فَوَجَّهَهَا ثُمَّ جَاءَ، فَقُلْتُ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ مَا تَصْنَعُونَ بِالدُّنْيَا، وَابْنُ عُمَرَ أَتَتْهُ الْبَارِحَةَ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَضَحٍ، فَأَصْبَحَ الْيَوْمَ يَطْلُبُ لِرَاحِلَتِهِ عَلَفًا بِدِرْهَمٍ نَسِيئَةً؟ [حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبو نعيم الأصفهاني، دار السعادة، 1394هـ = 1974م، 1/ 296، 297].
وكان إذا أعجبه شيء من ماله تقرب به إلى الله عز وجل، وكان عبيده قد عرفوا ذلك منه، فربما لزم أحدهم المسجد فإذا رآه ابن عمر على تلك الحال أعتقه، فيقال له: إنهم يخدعونك، فيقول: من خدعنا لله انخدعنا له.
وكان له جارية يحبها كثيرا فأعتقها وزوجها لمولاه نافع، وقال: إن الله تعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92].
وبعث إليه معاوية بمائة ألف لما أراد أن يبايع ليزيد، فما حال عليه الحول وعنده منها شيء، وكان يقول: إني لا أسأل أحدًا شيئًا، وما رزقني الله فلا أرده. [ابن كثير: البداية والنهاية، 9/ 4، 5].
د – حجه وعمرته رضي الله عنه
وذكر عنه ابن شعبان: أنه اعتمر ألف عمرة، وكان من أكرم أهل زمانه.
وعن مالك: أنه حج ستين حجة وأعتق ألف رأس وحبس ألف فرس.
[علاء الدين مغلطاي: إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق: أبو عبد الرحمن عادل بن محمد، أبو محمد أسامة بن إبراهيم، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1422هـ= 2001م، 8/ 82].
لقد كان عبد الله رضي الله عنه خائفًا من أن يقال له يوم القيامة: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20]. كما كان يقول عن نفسه: ” وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَلَا غَرَسْتُ نَخْلَةً مُنْذُ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”
ونقل الراوي أنه سأل بعض أهله فقال: والله لقد بنى.
[البخاري: كتاب الاستئذان، باب ما جاء في البناء (5944)
وجمع ابن حجر أن المقصود أنه قال ذلك قبل أن يبني أو أنه لم يبن بيده لكنه أمر
وقد بنى بيتا قال: ما اعانني فيه أحد من خلق الله.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: «مَا مِنَّا أَحَدٌ أَدْرَكَ الدُّنْيَا إِلَّا قَدْ مَالَتْ بِهِ وَمَالَ بِهَا إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا» [الحاكم في المستدرك (6369) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. تعليق الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم].
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِبَعْضِ جَسَدِي، فَقَالَ: “يَا عَبْدَ اللَّهِ، كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ، ” [البخاري 6416)].
ثُمَّ قَالَ لِي: “يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، إِنَّما هِيَ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ، جَزَاءٌ بِجَزَاءٍ، وَقِصَاصٌ بِقِصَاصٍ، وَلا تَتَبَرَّا مِنْ وَلَدِكَ فِي الدُّنْيَا، فَيَتَبَرَّإِ اللَّهُ مِنْكَ فِي الآخِرَةِ، فَيَفْضَحْكَ عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ، وَمَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ” [ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة، 3/ 336].
أخرج أحمد خ/414 بعضه من انتفى من ولده ….. وإسناده حسن. والد وكيع مختلف فيه. قاله محققو المسند
ويقول ميمون بن مهران: “دخلت على ابن عمر، فقَومتُ (ثَمّنْتُ) كل شيء في بيته من فراش ولحاف وبساط، ومن كل شيء فيه، فما وجدته يساوي مائة درهم”. [ابن سعد: الطبقات الكبرى، 4/ 124].
• موقفه من بعض الأحداث رضي الله عنه.
أ – موقف عبد الله بن عمر من الخلافة
رغم كل ما ذُكر عن عبد الله بن عمر من روايته للحديث واتباعه للرسول صلى الله عليه وسلم وجهاده وتقواه وعلمه وجوده وكرمه وزهده إلا أنه عُرضتْ عليه الخلافة عدة مرات فلم يقبلها، فعَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: “لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ جَاءَ النَّاسُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا لَهُ: أَنْتَ سَيِّدُ النَّاسِ، وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، فَاخْرُجْ بِنَا حَتَّى نُبَايِعَ لَكَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا دَامَ فِيَّ رَوْحٌ فَلَنْ يُهَرَاقَ فِيَّ مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ، فَعَاوَدُوهُ فَقَالُوا: إِنْ لَمْ تَخْرُجْ قَتَلْنَاكَ عَلَى فِرَاشِكَ، فَأَعَادَ لَهُمُ الْكَلَامَ مِثْلَ مَا قَالَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى” [أبو بكر بن الخلال: السنّة، تحقيق: عطية الزهراني، دار الراية، الرياض، الطبعة الأولى، 1410هـ= 1989م، 2/ 411].
قلت سيف بن دورة: وإسناده لا بأس به
وشيخ الخلال هو العباس بن محمد مولى بني هاشم.
وعن الْمُطْعِمُ بْنُ الْمِقْدَامِ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: “كَتَبَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بَلَغَنِي أَنَّكَ طَلَبْتَ الْخِلَافَةَ، وَإِنَّ الْخِلَافَةَ لَا تَصْلُحُ لِعَيِيٍّ، وَلَا بَخِيلٍ، وَلَا غَيُورٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْخِلَافَةِ أَنِّي طَلَبْتُهَا فَمَا طَلَبْتُهَا، وَمَا هِيَ مِنْ بَالِي، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْعِيِّ، وَالْبُخْلِ، وَالْغَيْرَةِ، فَإِنَّ مَنْ جَمَعَ كِتَابَ اللهِ فَلَيْسَ بِعَيِيٍّ، وَمَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ فَلَيْسَ بِبَخِيلٍ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْغَيْرَةِ فَإِنَّ أَحَقَّ مَا غِرْتُ فِيهِ وَلَدِي أَنْ يُشْرِكَنِي فِيهِ غَيْرِي”. [الطبراني في المعجم الكبير (13081)].قلت سيف بن دورة: قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أنه مرسل المطعم لم يسمع من ابن عمر.
والمطعم له ترجمه في تاريخ دمشق 3/ 981 وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم لا بأس به
ب – موقف عبد الله بن عمر من الفتنة
اعتزل أكثر الصحابة الفتنة وأبَوا أن يخوضوا في دماء المسلمين، ومنهم الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما،: فقيل له: “أتصلي مع هؤلاء ومع هؤلاء وبعضهم يقتل بعضا؟ قال فقال: من قال حي على الصلاة، أجبته. ومن قال حي على الفلاح، أجبته. ومن قال حي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله، قلت: لا” [ابن سعد: الطبقات الكبرى، 4/ 127، 128].
قلت سيف بن دورة: حسنه محقق السير وهو كما قال.
وعن أبي العالية البراء، قال: كنت أمشي خلف ابن عمر وهو لا يشعر، وهو يقول: “واضعين سيوفهم على عواتقهم، يقتل بعضهم بعضًا، يقولون يا عبد الله بن عمر أعط بيدك” [ابن سعد: الطبقات الكبرى، 4/ 113].
ج – وفي صحيح البخاري عن عبدالله بن عمر أنه سأله رجل عن دم البعوض فقال: ممن أنت؟ قال: من أهل العراق؟ قال: انظروا إلى هذا، يسأل عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النبي صلى الله عليه وسلم. وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “هما ريحانتاي من الدنيا والجنة”. وفي رواية: “ريحانتي من الدنيا”.
• المشاهد وجهاده رضي الله عنه.
شهد عبد الله بن عمر العديد من المشاهد على صغر سنه، فقد شهد كل المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم سوى بدر وأحد حيث استصغره النبي صلى الله عليه وسلم، فعنه قَالَ: “عُرِضْتُ عَلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمِ بَدْرٍ، وَأَنَا ابْنُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِى فِى الْمُقَاتِلَةِ، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِى فِى الْمُقَاتِلَةِ، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِى فِى الْمُقَاتِلَةِ”. [البيهقي في السنن الكبرى (11084)]، وهكذا كانت بداية جهاده في غزوة الخندق، وهذا مما يُستدل به على أن الخامسة عشرة فصل ما بين الصبي والغلام وما بين الرجل، وبهذا السن أخذ عمر بن عبدالعزيز لأعطاء من بلغه اعطيات المقاتل.
كما أنه شهد بيعة الرضوان، وشهد غزوة مؤتة واليرموك، وحضر يوم القادسية ويوم جلولاء وما بينهما من وقائع الفرس، وشهد فتح مصر، واختط بها، وقدم البصرة، وشهد غزو فارس، وورد المدائن مرارًا، وغزا إفريقية، وغير ذلك. وكان عمره يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم ثنتين وعشرين سنة.
[العبر في خبر من غبر، الذهبي. وابن كثير في البداية والنهاية،.].
وفاته رضي الله عنه:
وتوفِّي ابن عمر رضي الله عنهما في مكَّة سنة ثلاث وسبعين هجرية ((73) هـ)، وصلَّى عليه الحَجَّاج، وله من العمر أربع وثمانون ((84)) سنة.
وهو آخر من مات منهم بمكة وقيل أبو الطفيل.
عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: “كَانَ زُجُّ رُمْحِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَجَّاجِ قَدْ أَصَابَ رِجْلَ ابْنِ عُمَرَ فَانْدَمَلَ الْجُرْحُ، فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ انْتَفَضَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ جُرْحُهُ، فَلَمَّا نَزَل بِهِ دَخَلَ الْحَجَّاجُ عَلَيْهِ يَعُودُهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الَّذِي أَصَابَكَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: أَنْتَ قَتَلْتَنِي، قَالَ: وَفِيمَ؟ قَالَ: حَمَلْتَ السِّلَاحَ فِي حَرَمِ اللَّهِ، فَأَصَابَنِي بَعْضُ أَصْحَابِكَ، فَلَمَّا حَضَرَتِ ابْنَ عُمَرَ الْوَفَاةُ أَوْصَى أَنْ لَا يُدْفَنَ فِي الْحَرَمِ، وَأَنْ يُدْفَنَ خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ، فَغُلِبَ، فَدُفِنَ فِي الْحَرَمِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ”.
وعن شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: “قالَ ابْنَ عُمَرَ عِنْدَ الْمَوْتِ لِسَالِمٍ: يَا بُنَيَّ إِنْ أَنَا مِتُّ، فَادْفِنِّي خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُدْفَنَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ خَرَجْتُ مِنْهُ مُهَاجِرًا، فَقَالَ: يَا أَبَتِ إِنْ قَدِرْنَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: تَسْمَعُنِي أَقُولُ لَكَ وَتَقُولُ: إِنْ قَدِرْنَا عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أَقُولُ الْحَجَّاجُ يَغْلِبُنَا فَيُصَلِّي عَلَيْكَ، قَالَ: فَسَكَتَ ابْنُ عُمَرَ”.
وعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: “اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مَنِيَّتِي بِمَكَّةَ”.
قلت سيف بن دورة: هو من طريق الواقدي. و أخرجه أيضا ابن سعد مقتصرا على اللفظ الأخير من طريق عبد الرحمن بن أبي عتيق عن نافع أن ابن عمر كان يقول اللهم لا تجعل منيتي في مكة. وعبدالرحمن بن أبي عتيق قال ابن حجر: مقبول.
وقد توفي عبد الله رضي الله عنه بمكة سنة ثلاث وسبعين، وهو المشهور بين المؤرخين، وقيل: سنة أربع وسبعين، وقد مات وهو ابْنُ أربع وثمانين سنة، وقيل: ست وثمانين سنة، وقيل: سبع وَثَمَانِينَ.
ودفن بفخ، وقيل: بالمحصب، وقيل: بذي طوي، وقيل: بسرف.
وهو آخر من مات بمكة من الصّحابة، وَكَانَ قد عمي قبل وفاته.
[انظر: ابن سعد: الطبقات الكبرى، 4/ 142.140.]
• مصادر ومراجع ترجمة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
انظر ترجمته وأحاديثه في: «مسند أحمد» ((2) / (2))، «الطبقات الكبرى» لابن سعد ((2) / (373)، (4) / (142))، «التاريخ الكبير» ((5) / (2)، (125))، «التاريخ الصغير» ((1) / (182)، (183)، (185)) كلاهما للبخاري، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم ((5) / (107))، «المستدرك» للحاكم ((3) / (556))، «الاستيعاب» لابن عبد البرِّ ((3) / (950))، «وفيات الأعيان» لابن خلِّكان ((3) / (28))، «جامع الأصول» لابن الأثير ((9) / (64))، «أسد الغابة» ((3) / (227))، «الكامل» ((4) / (363)) كلاهما لابن الأثير، «البداية والنهاية» لابن كثير ((9) / (4))، «سير أعلام النبلاء» للذهبي ((3) / (203))، «مرآة الجنان» لليافعي ((1) / (154))، «شرح السنة» للبغوي ((14) / (82))، «وفيات ابن قنفذ» ((22))، «الإصابة» ((2) / (347))، «تهذيب التهذيب» ((5) / (326)) كلاهما لابن حجر، «مجمع الزوائد» للهيثمي ((9) / (346))، «طبقات الحفَّاظ» للسيوطي ((18))، «شذرات الذهب» لابن العماد ((1) / (81))، «الفكر السامي» للحجوي ((1) / (2) / (274))، «الرياض المستطابة» للعامري ((194)).
——
——
هذه محاولة لجرد أحاديث ابن عمر رضي الله عنهما … من مسند أحمد 2028 واستخراج فضائل له؛ فمن ذلك:
قوله لأبي هريرة في حديث القراريط … (كنت الزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم)
ومسابقته للاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. حين سبق لدخول الكعبة وسؤاله في أي مكان صلى النبي صلى الله عليه وسلم. من الكعبة
وقوله رضي الله عنه لرجل ينحر بدنة وهي باركة: ابعثها قياما مقيدة سنة محمد صلى الله عليه وسلم.
وكان يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر الأسود فلا أدع استلامه في شدة ولا رخاء
وقال بعد أن حدث بحديث: لا يبيت أحد ثلاث ليال إلا ووصيته مكتوبة عنده. فما بت من ليلة إلا ووصيتي عندي موضوعة.
وقال لعبدالعزيز بن مروان لما كتب إليه أن ارفع إلينا حاجتك. فقال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: إن اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول. ولست أسألك شيئا، ولا أرد رزقا رزقنيه اللهم منك.
وذهب للحج مع خوف ولده عليه أن يحصل بين الناس قتال يعني الحجاج وابن الزبير
وكان يعطي التمر في صدقة رمضان إلا عاما اعوز الناس التمر فأخرج الشعير
وسابق على فرس قال وكنت فارسا يومئذ فسبقت الناس.
وترك المخابرة لما سمع ابن خديج يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها
ومر على قوم نصبوا دجاجة يرمونها فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من مثَّل بالبهائم.
وقال له ابن جريج أربع خلال رأيتك تصنعهن لم أر أحدا من أصحابك يصنعها رأيتك تلبس هذه النعال السبتية. ….
وكان يسمع الإقامة وهو يتعشى فلا يعجل للحديث الوارد.
بيانه لما سمع مما لم يسمع فحدث بحديث المواقيت سماعا ثم قال: وذكر لي ولم أسمعه، ويهل أهل اليمن من يلملم.
لزومه المسجد؛ قال كنا زمن النبي صلى الله عليه وسلم ننام في المسجد نقيل فيه ونحن شباب
أخته حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فكان يعلم بعض شأنه من قريب
ومن ذلك: كان ارتقى بيت حفصة يوما فرأى النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته مستدبر البيت مستقبل الشام.
مراعاة الأصلح:
4873: سأل نافع ما أقعد ابن عمر عن الجهاد قال: إن ابن عمر قد كان يغزو ولده، ويحمل على الظهر، وكان يقول: إن أفضل العمل بعد الصلاة الجهاد في سبيل الله تعالى، وما أقعد ابن عمر عن الغزو إلا وصايا لعمر وصبيان صغار وضيعة كثيرة،
——-
——–
– كثير من أحاديثه بلفظ رأيت فهو دليل على ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر.
– بل لازم الخلفاء بعده فهو يعرف سنتهم قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يصلي صلاة السفر – يعني ركعتين – ومع أبي بكر وعمر وعثمان ست سنين من إمرته ثم صلى أربعا. مسند أحمد 5041
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو كثير ومن ذلك 5043 رأى رجلا يعبث في صلاته فقال: لا تعبث في صلاتك واصنع كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع. فوضع ابن عمر فخذه اليمنى على اليسرى، ويده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على اليمنى وقال بإصبعه.
– كان الناس يلازمون ابن عمر للاقتداء به لأنه كان لا يزيد عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينقص راجع المسند 5047. 5054
….
خاصم ابنه لما خالف السنة
5468 – عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن ” قال: فقال ابن لعبد الله بن عمر: بلى والله لنمنعهن، فقال ابن عمر: ” تسمعني أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: ما تقول ”
كان يعمل بتلبية النبي في الحج ويزيد بعض الكلمات
5475 – سمع ابن عمر، يحدث، عن الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي به يقول: ” لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة، لك والملك، لا شريك لك ” وذكر نافع أن ابن عمر كان يزيد هؤلاء الكلمات من عنده: ” لبيك والرغباء إليك، والعمل لبيك لبيك ”
كان يصلي في السفر ويجمع كما ان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل:
5478 – أقبلنا مع ابن عمر من مكة ونحن نسير معه، ومعه حفص بن عاصم بن عمر ومساحق بن عمرو بن خداش فغابت لنا الشمس، فقال أحدهما: الصلاة، فلم يكلمه، ثم قال له الآخر: الصلاة، فلم يكلمه، فقال نافع: فقلت له: الصلاة فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا عجل به السير جمع ما بين هاتين الصلاتين ” فأنا أريد أن أجمع بينهما، قال: فسرنا أميالا، ثم نزل فصلى، قال يحيى: فحدثني نافع هذا الحديث مرة أخرى، فقال: سرنا إلى قريب من ربع الليل ثم نزل فصلى
كان يتورع عن الحديث الذي لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم
5486 – حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن ثابت، سألت ابن عمر عن نبيذ الجر، أهل نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ” زعموا ذلك “، فقلت: النبي صلى الله عليه وسلم نهى فقال: ” قد زعموا ذلك “. فقلت: أنت سمعته منه، فقال: ” قد زعموا ذلك “، فصرفه الله عني، وكان إذا قيل لأحدهم أنت سمعته غضب وهم يخاصمه
امتل أمر النبي لما بلغه أن يراجع امرأته
5489 – عن ابن عمر قال: طلقت امرأتي وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ” مره فليراجعها، ثم إذا طهرت فليطلقها ” قلت لابن عمر: أحسب تلك التطليقة قال: ” فمه ”
5504 – عن ابن عمر قال: طلقت امرأتي وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: ” ليراجعها فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها “، قال: فقلت لابن عمر: أفتحتسب بها؟ قال: ” ما يمنعه نعم أرأيت إن عجز واستحمق ”
5524 – إن ابن عمر طلق امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: يا رسول الله، إن عبد الله طلق امرأته وهي حائض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” ليراجعها ” علي، ولم يرها شيئا، وقال: فردها، ” إذا طهرت فليطلق، أو يمسك “، قال ابن عمر: وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن} [الطلاق: 1] في قبل عدتهن، قال ابن جريج: ” وسمعت مجاهدا يقرؤها كذلك ”
كان يتحرى المكان الذي يصلي فيه النبي وطريقة جمعه للصلاة
5495 – حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعت أبا إسحاق، يحدث أنه سمع عبد الله بن مالك الهمداني قال: صليت مع ابن عمر بجمع فأقام فصلى المغرب ثلاثا، ثم صلى العشاء ركعتين بإقامة واحدة، قال: فسأله خالد بن مالك عن ذلك؟ فقال: ” رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع مثل هذا في هذا المكان ”
5506 – شهدت سعيد بن جبير بجمع فأقام الصلاة، فصلى المغرب ثلاثا وسلم، وصلى العتمة ركعتين، وحدث سعيد أن عبد الله بن عمر صلاها في هذا المكان فصنع مثل ذا، وحدث ابن عمر ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع مثل هذا في هذا المكان ”
كان لا يناجي رجلا دون الأخر حتى يكونوا ثلاثة
5501 – كنت مع ابن عمر أنا ورجل آخر، فجاء رجل، فقال ابن عمر: استأخرا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد ”
كان النبي يبعثه في السرايا
5518 – حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، ” أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للفرس سهمين، وللرجل سهما ”
5519 – قال: وبعثنا النبي صلى الله عليه وسلم في سرية نحو تهامة فأصبنا غنيمة، فبلغ سهماننا اثني عشر بعيرا، ” ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا ”
كان يتنفل في السفر على الدابة إقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم
5529 – عن عبد الله بن دينار قال: رأيت ابن عمر يصلي حيث توجهت به راحلته، ويقول: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ”
كان يتحرى لفظ حديث النبي عليه الصلاة والسلام ويتقيد بحروفه لا يزيد ولا ينقص
5546 – كان عبد الله بن عمر إذا سمع من نبي الله صلى الله عليه وسلم شيئا أو شهد معه مشهدا، لم يقصر دونه أو يعدوه، قال: فبينما هو جالس وعبيد بن عمير يقص على أهل مكة، إذ قال عبيد بن عمير: مثل المنافق كمثل الشاة بين الغنمين، إن أقبلت إلى هذه الغنم نطحتها، وإن أقبلت إلى هذه نطحتها، فقال عبد الله بن عمر: ليس هكذا، فغضب عبيد بن عمير، وفي المجلس عبد الله بن صفوان، فقال: يا أبا عبد الرحمن، كيف قال رحمك الله؟ فقال: قال: ” مثل المنافق مثل الشاة بين الربيضين، إن أقبلت إلى ذا الربيض نطحتها، وإن أقبلت إلى ذا الربيض نطحتها “، فقال له: رحمك الله هما واحد، قال: كذا سمعت، كذا سمعت
كان يقصر الصلاة حتى يرجع من السفر
5552 – حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا يحيى بن قيس المأربي، حدثنا ثمامة بن شراحيل قال: خرجت إلى ابن عمر، فقلنا ما صلاة المسافر؟ فقال: ركعتين ركعتين، إلا صلاة المغرب ثلاثا، قلت: أرأيت إن كنا بذي المجاز قال: وما ذو المجاز؟ قلت: مكانا نجتمع فيه، ونبيع فيه، ونمكث عشرين ليلة، أو خمس عشرة ليلة، قال: يا أيها الرجل، كنت بأذربيجان لا أدري قال: أربعة أشهر أو شهرين، فرأيتهم يصلونها ركعتين ركعتين، ” ورأيت نبي الله صلى الله عليه وسلم نصب عيني يصليهما ركعتين ركعتين ” ثم نزع هذه الآية: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب: 21] حتى فرغ من الآية
رغم أنه كان من المكثرين عن النبي إلا أنه يحدث عند الحاجة إلى ذلك ولا يكثر من الحديث من غير حاجة
5565 النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا، قال: كان ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم سعد فذهبوا يأكلون من لحم، فنادتهم امرأة من بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لحم ضب فأمسكوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” كلوا أو اطعموا، فإنه حلال – وإنه لا بأس به توبة الذي شك فيه – ولكنه ليس من طعامي ”
كان إذا قام له أحد من المجلس لم يجلس فيه
5567 قال أبوالخصيب: كنت قاعدا فجاء ابن عمر، فقام رجل من مجلسه له، فلم يجلس فيه وقعد في مكان آخر، فقال الرجل: ما كان عليك لو قعدت، فقال: لم أكن أقعد في مقعدك، ولا مقعد غيرك بعد شيء شهدته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام له رجل من مجلسه فذهب ليجلس فيه، ” فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ”
كان يرد على الخوارج والمخالفين وينتقدهم:
5568 عن ابن أبي نعم، سمعت عبد الله بن عمر بن الخطاب، وسأله رجل عن شيء – قال شعبة: وأحسبه سأله عن المحرم يقتل الذباب؟ – فقال عبد الله: أهل العراق يسألون عن الذباب، وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” هما ريحانتي من الدنيا ”
كان يرى تأخير الصلاة على الميت ودفنه عن وقت النهي:
5586 – عن حفص بن عبيد الله، أن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب مات فأرادوا أن يخرجوه من الليل لكثرة الزحام، فقال ابن عمر: إن أخرتموه إلى أن تصبحوا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” إن الشمس تطلع بقرن شيطان ”
كان شديدا على أهل البدع:
5639 – : كان لابن عمر صديق من أهل الشأم يكاتبه فكتب إليه مرة عبد الله بن عمر إنه بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر، فإياك أن تكتب إلي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر ”
كان يصل أهل ود أبيه:
5653 – أن أعرابيا مر عليه وهم في طريق الحج، فقال له ابن عمر: ألست فلان بن فلان؟ قال: بلى، قال: فانطلق إلى حمار كان يستريح عليه إذا مل راحلته وعمامة كان يشد بها رأسه، فدفعها إلى الأعرابي، فلما انطلق قال له بعضنا: انطلقت إلى حمارك الذي كنت تستريح عليه، وعمامتك التي كنت تشد بها رأسك، فأعطيتهما هذا الأعرابي، وإنما كان هذا يرضى بدرهم، قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” إن أبر البر صلة المرء أهل ود أبيه بعد أن يولي ”
كان يحثوا التراب في وجه المداحين:
5684 – كان رجل يمدح ابن عمر قال: فجعل ابن عمر يقول: هكذا يحثو في وجهه التراب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (1) ” إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب ”
كان يصلي ركعتين بعد الجمعة افتداء بالنبي
5688 – كان إذا انصرف من الجمعة انصرف إلى منزله، فسجد سجدتين، وذكر ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ”
كان لا يخاف في الله ويناصح من دعى لفتنة:
أن عبد الله بن عمر أتى ابن مطيع ليالي الحرة، فقال: ضعوا لأبي عبد الرحمن وسادة، فقال: إني لم آت لأجلس، إنما جئت لأخبرك كلمتين سمعتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” من نزع يدا من طاعة، لم تكن له حجة يوم القيامة، ومن مات مفارقا للجماعة، فإنه يموت موت الجاهلية ”
كان يصبر من يريد الخروج من المدينة
5935 أتته مولاة له فذكرت شدة الحال وأنها تريد أن تخرج من المدينة، فقال لها: اجلسي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” لا يصبر أحدكم على لأوائها وشدتها إلا كنت له شفيعا – أو شهيدا – يوم القيامة ”
كان يرد على بعض الصحابة إذا رأى أنهم لم يصيبوا السنة
5939 – عبد الله بن بدر، أنه خرج في نفر من أصحابه حجاجا حتى وردوا مكة، فدخلوا المسجد فاستلموا الحجر، ثم طفنا بالبيت أسبوعا، ثم صلينا خلف المقام ركعتين، فإذا رجل ضخم في إزار ورداء يصوت بنا عند الحوض، فقمنا إليه، وسألت عنه؟ فقالوا: ابن عباس، فلما أتيناه قال: من أنتم؟ قلنا: أهل المشرق، وثم أهل اليمامة قال: فحجاج أم عمار؟ قلت: بل حجاج، قال: فإنكم قد نقضتم حجكم، قلت: قد حججت مرارا فكنت أفعل كذا. قال: فانطلقنا مكاننا حتى يأتي ابن عمر فقلت: يا ابن عمر إنا قدمنا، فقصصنا عليه قصتنا وأخبرناه ما قال: إنكم نقضتم حجكم، قال: أذكركم بالله أخرجتم حجاجا؟ قلنا: نعم، فقال: ” والله لقد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر كلهم فعل مثل ما فعلتم ”
ترف في أرض له كما تصرف والده عمر
6078 – كان عمر بن الخطاب أصاب أرضا من يهود بني حارثة يقال لها: ثمغ، فقال: يا رسول الله، إني أصبت مالا نفيسا، أريد أن أتصدق به، قال: ” فجعلها صدقة لا تباع، ولا توهب، ولا تورث، يليها ذوو الرأي من آل عمر، فما عفا من ثمرتها جعل في سبيل الله تعالى، وابن السبيل، وفي الرقاب، والفقراء، ولذي القربى، والضيف، وليس على من وليها جناح أن يأكل بالمعروف، أو يؤكل صديقا غير متمول منه مالا ” قال حماد: فزعم عمرو بن دينار، أن عبد الله بن عمر كان يهدي إلى عبد الله بن صفوان منه قال: فتصدقت حفصة بأرض لها على ذلك، وتصدق ابن عمر بأرض له على ذلك، ووليتها حفصة
أخذ القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم
6461 ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا القرآن، فإذا مر بسجود القرآن سجد وسجدنا معه ”
—
**اقتداء ابن عمر بالنبي صلى الله عليه وسلم
وشدة حرصه على متابعته وامتثال أوامره*
5006 – عن عبد الله بن مقدام بن ورد، قال: رأيت ابن عمر طاف بين الصفا والمروة، فلم يرمل ” فقلت: لم تفعل هـذا؟ قال: فقال: نعم، ك ” قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل، رمل وترك ”
5011 – عن أبيه قال: كانت تحتي امرأة أحبها، وكان عمر يكرهـها، فأمرني أن أطلقها، فأبيت، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن عند عبد الله بن عمر امرأة كرهـتها له، فأمرته أن يطلقها فأبى، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يا عبد الله طلق امرأتك ” فطلقتها
5194 – عن وبرة، قال: أتى رجل ابن عمر فقال: أيصلح أن أطوف بالبيت وأنا محرم؟ قال: ما يمنعك من ذلك؟ قال: إن ف نا ينهانا عن ذلك، حتى يرجع الناس من الموقف، ورأيته كأنه مالت به الدنيا، وأنت أعجب إلينا منه، قال ابن عمر: ” حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة ” وسنة الله تعالى ورسوله أحق أن تتبع من سنة ابن ف ن إن كنت صادقا.
5374 – عن عبد الله بن عمر قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب جارية من سبي هـوازن فوهـبها لي، فبعثت بها إلى أخوالي من بني جمح ليصلحوا لي منها، حتى أطوف بالبيت، ثم آتيهم وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها، قال: فخرجت من المسجد حين فرغت، فإذا الناس يشتدون فقلت: ما شأنكم؟ قالوا: ” رد علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءنا ونساءنا ” قال: قلت: تلك صاحبتكم في بني جمح فاذهـبوا فخذوهـا، فذهـبوا فأخذوهـا.
————–
*إعانة ابن عمر للفقراء والمساكين ورأفته بهم* ومجانبته لاهل الدنيا
5020 – أنه سمع نافعا قال: رأى ابن عمر مسكينا، فجعل يدنيه ويضع بين يديه، فجعل يأكل أك كثيرا، فقال لي: تدخلن هـذا علي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء ”
——————–
5381 – عن سعيد بن جبير قال: خرج علينا عبد الله بن عمر ونحن نرجو أن يحدثنا حديثا أو حديثا حسنا فبدرنا رجل منا يقال له الحكم فقال: يا أبا عبد الرحمن ما تقول في القتال في الفتنة؟ قال: ثكلتك أمك، وهـل تدري ما الفتنة؟ ” إن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يقاتل المشركين، فكان الدخول فيهم أو في دينهم فتنة، وليس كقتالكم على الملك ”
————-
*ذكاء ابن عمر وفطنته*
5274 – عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” ما شجرة يسقط ورقها وهـي مثل المؤمن؟ – أو قال: المسلم – ” قال: فوقع الناس في شجر البوادي، قال ابن عمر: ووقع في نفسي أنها النخلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” هـي النخلة ” قال: فذكرت ذلك لعمر، فقال: ” ن تكون قلتها، كان أحب إلي من كذا وكذا ”
—————-
*رجوع ابن عمر إلى الحق*
5319 – عن نافع، أن ابن عمر، كان يكري أرضه على عهد أبي بكر، وعمر، وعثمان، وبعض عمل معاوية قال: ولو شئت قلت: على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان في آخر إمارة معاوية، بلغه عن رافع بن خديج حديث، فذهـب وأنا معه فسأله عنه فقال: ” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء المزارع “، فترك أن يكريها، فكان إذا سئل بعد ذلك يقول: زعم ابن خديج، ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع ”
————-
*إنكار ابن عمر للمنكر*
5327 – كنت جالسا مع عبد الله بن عمر في مجلس بني عبد الله، فمر فتى مسب إزاره من قريش، فدعاه عبد الله بن عمر فقال: ممن أنت؟ فقال: من بني بكر، فقال: تحب أن ينظر الله تعالى إليك يوم القيامة؟ قال: نعم. قال: ارفع إزارك، فإني سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم – وأومأ بإصبعه إلى أذنيه – يقول: ” من جر إزاره يريد إ الخي ء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة ”
————
*صدق الصحابة في أقوالهم ومنهم ابن عمر*
5373 – أن عبد الله بن عمر لقي ناسا خرجوا من عند مروان فقال: من أين جاء هـؤ ء؟ قالوا: خرجنا من عند ا مير مروان قال: وكل حق رأيتموه تكلمتم به، وأعنتم عليه، وكل منكر رأيتموه أنكرتموه ورددتموه عليه، قالوا: والله، بل يقول: ما ينكر، فنقول: قد أصبت، أصلحك الله، فإذا خرجنا من عنده قلنا قاتله الله، ما أظلمه وأفجره قال عبد الله: ” كنا بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نعد هـذا نفاقا لمن كان هـكذا ”
———-
*تربية ابن عمر أبناءه على السنة*
5394 – عن عبد الرحمن بن رافع الحضرمي قال: رأيت ابن عمر في المصلى في الفطر، وإلى جنبه ابن له، فقال بنه: هـل تدري كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في هـذا اليوم؟ قال: أدري، قال ابن عمر: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الخطبة ”
————
*تركه الدعاء لمن فعل معصية زجرا له ولأمثاله*
5419 – عن مصعب بن سعد قال: دخل عبد الله بن عمر على عبد الله بن عامر يعوده فقال: ما لك تدعو لي؟ قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” إن الله عز وجل يقبل ص ة بغير طهور، و صدقة من غلول “،
وقد كنت على البصرة يعني عام .
—–
—-
وفي الدارمي: سأل ابن عمر رضي الله عنهما عن صوم عرفة فقال: حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه وحججت مع أبي بكر فلم يصمه وحججت مع عمر فلم يصمه وحججت مع عثمان فلم يصمه. وأما أنا لا اصومه ولا آمركم به ولا انهاكم عنه
ولو تتبعنا كتب المسانيد والسنن لوجدنا الكثير