464 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري وعبدالله المشجري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
مسند سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما
464 – قال الإمام النسائي رحمه الله (ج 2 ص 55): أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَيْمُونٍ حَدَّثَهُ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلًا السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «مَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ».
هذا حديث حسنٌ.
* الحديث أخرجه الإمام أحمد رحمه الله (ج 5 ص 331) فقال: حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا عياش يعني ابن عقبة حدثني يحيى بن ميمون.
وأبو الحسين زيد بن الحباب قال وحدثني عياش يعني ابن عقبة قال حدثني يحيى بن ميمون المعنى قال وقف علينا سهل بن سعد فقال سهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «من جلس في المسجد ينتظر الصلاة فهو في الصلاة».
بوب عليه النسائي:
(40) التَّرْغِيبُ فِي الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ، وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ
بوب عليه مقبل في الجامع:
48 – فضل انتظار الصلاة بعد الصلاة الأولى
قال ابن بطال في:
(53) – باب الْحَدَثِ فِي الْمَسْجِدِ
/ (76) – فيه: أبو هريرة أن نبى الله ? قال: (الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ). قال المهلب: معنى هذا الباب أن الحدث فى المسجد خطيئة يُحرم بها المحدث استغفار الملائكة ودعاءهم المرجو بركاته ….
قال المؤلف: فمن كان كثير الذنوب وأراد أن يحطها الله عنه بغير تعب فليغتنم ملازمة مكان مصلاه بعد الصلاة ليستكثر من دعاء الملائكة واستغفارهم له، فهو مرجو إجابته لقوله: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) [الأنبياء: 28]، وقد أخبر عليه السلام أنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه، وتأمين الملائكة إنما هو مرة واحدة عند تأمين الإمام ودعاؤهم لمن قعد فى مصلاه دائمًا أبدًا ما دام قاعدًا فيه، فهو أحرى بالإجابة، وقد شبه صلى الله عليه وسلم انتظار الصلاة بعد الصلاة بالرباط وأكد ذلك بتكراره مرتين بقوله: (فذلكم الرباط)، فعلى كل مؤمن عاقل سمع هذه الفضائل الشريفة أن يحرص على الأخذ بأوفر الحظ منها ولا تمر عنه صفحًا.
[شرح صحيح البخاري لابن بطال 2/ 95]
ونقل كلام ابن بطال صاحب كتاب
تذكير الأخيار بفضائل المُكث في مكان أداء الصلاة
وقراءة الأذكار
تأليف: عبد الرزاق بن فاضل الربيعي (معاصر)
قال ابن عبدالبر:
قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى قَوْلَهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ إِلَّا الْحَدَثَ الَّذِي يَنْقُضُ الْوُضُوءَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَمَّا قَوْلُهُ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ فَقَدْ بَانَ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ مَعْنَاهُ وَذَلِكَ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ اغْفِرِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ
وَمَعْنَى تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ يُرِيدُ تَدْعُو لَهُ وَتَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ
وَمُصَلَّاهُ مَوْضِعُ صَلَاتِهِ وَذَلِكَ عِنْدِي فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّ هُنَاكَ يَحْصُلُ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَغْلَبُ فِي مَعْنَى انْتِظَارِ الصَّلَاةِ
وَلَوْ قَعَدَتِ الْمَرْأَةُ فِي مُصَلَّى بَيْتِهَا تَنْتَظِرُ وَقْتَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى فَتَقُومُ إِلَيْهَا لَمْ يَبْعُدْ أَنْ تَدْخُلَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ لِأَنَّهَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَنِ التَّصَرُّفِ رَغْبَةً فِي الصَّلَاةِ وَخَوْفًا مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي شُغُلٍ يَفُوتُهَا مَعَهُ الصَّلَاةُ
وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قِيلَ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ رِبَاطٌ لِأَنَّ الْمُرَابِطَ يَحْبِسُ نَفْسَهُ عَنِ الْمَكَاسِبِ وَالتَّصَرُّفِ إِرْصَادًا لِلْعَدُوِّ وَمُلَازَمَةً لِلْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْشَى فِيهِ طَرِيقَ الْعَدُوِّ ….
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي مَعْنَى مَا لَمْ يُحْدِثْ أَنَّهُ الْحَدَثُ الَّذِي يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَهُوَ قَوْلٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمُحْدِثَ فِي الْمَسْجِدِ الْقَاعِدَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لَا يَكُونُ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ
وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ من قال إن الحدث ها هنا الْكَلَامُ الْقَبِيحُ
وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّ مِنْ تَكَلَّمَ بِمَا لَا يَصْلُحُ مِنَ الْقَوْلِ لَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ وَيُرْجَى لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي دُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لِأَنَّهُ مُنْتَظِرٌ لِلصَّلَاةِ فِي حَالٍ يَجُوزُ لَهُ بِهَا الصَّلَاةُ إِذَا كَانَ عَقْدُهُ وَنِيَّتُهُ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ
[الاستذكار 2/ 298]
وإليك أقوال اهل العلم في معنى (ما لم يحدث)
[(733)] ان الْمَلَائِكَة تصلي على أحدكُم مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الرِّيحُ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مَا لَمْ يُحْدِثْ سوأ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَةَ تَفْسِير للأولى
حاشية السيوطي على سنن النسائي (2) / (55) — الجلال السيوطي (ت (911))
(ما لم يحدث) أي: ما لم يخرج حدثه، أولم ينقض وضوءه (فيه) أي: في المسجد، وقوله: (ما لم يؤذ) أي: ما لم يدخل الإذاية (فيه) أي: في المسجد على أحد من مخلوق الله .. بدل من قوله:» ما لم يحدث «بدل كل من بعض؛ أي: لم يصدر منه ما يتأذى به بنو آدم من قول أو فعل، أو تتأذى به الملائكة كالريح الخارج من الدبر، ويحتمل أن يكون معنى قوله:» ما لم يحدث «ما لم يفعل في مجلسه أمرًا محدثًا ومبتدعًا، ويحتمل أن يكون معناه: ما لم يصر فيه ذا حدث؛ أي: ما لم يبطل وضوءه. انتهى من» المبارق «.
شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (5) / (358) — محمد الأمين الهرري (ت (1441))
باب الحدث في المسجد
قال المازنيّ: أشار البخاريّ إلى الرد على من منع المُحْدِث أن يدخل
المسجد، أو يجلس فيه، وجعله كالجنب. وهو مبنيٌّ على أن الحَدَث هنا الريح ونحوه، وبذلك فسره أبو هريرة كما مرَّ في الطهارة في المحل الآتي ذكرُه قريبًا، وقيل: المراد بالحدث هنا أعم من ذلك، أي ما لم يحدث سوءًا. ويؤيده رواية مسلم «ما لم يحدث فيه؛ ما لم يؤذِ فيه» بناء على أن الثانية تفسير للأولى، وفي رواية للبخاريّ «ما لم يؤذ فيه بحدث فيه».
كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (7) / (174) — محمد الخضر الشنقيطي (ت (1354))
وفي المصلي: «مَا لَمْ يُحْدِثْ» فسره أبو هريرة ومالك بِحَدَث الوضوء. وفسره ابن أبي أوفى يحدث الإثم، وفي رواية النسفي في باب الصلاة في السوق: «مَا لَمْ يُؤْذِ يُحْدِثْ فِيهِ» وفي بعض الروايات: «مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ أو يُؤذِ فِيهِ» قال الداودي: ما لم يحدث بالحديث من غير ذكر الله.
مطالع الأنوار على صحاح الآثار (2) / (244) — ابن قرقول (ت (569))
(أن رسول الله ? قال: إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المصلى ما لم يحدث) ظاهر لفظ الملائكة الاستغراق، والأولى حمله على الحفظة وطائفة سياحين في الأرض، لأن بعضهم كما أخبر الله عنهم {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: (20)] «ومعنى ما لم يحدث»: ما لم ينقض وضوءه، وقيل: ما لم يحدث أمرًا منكرًا كالغيبة وسائر المعاصي، وروي عن ابن مسعود أنه قال: هو حديث الأثم، وهذا إن صح عنه فهو تفسير لا يحدث مشدد؛ إذ لا رواية فيه.
الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (2) / (125) — أحمد بن إسماعيل الكوراني (ت (893))
(8) – كتاب الصلاة? (62) – باب بنيان المسجد
وقوله ما لم يحدث قيل ما لم يحدث حدثا في الإسلام يعني ما لم يعص وقيل ما لم يحدث حدثا ينقص الوضوء لأنه إذا أحدث حدثا ينقض الوضوء & فإنه يبطل الصلاة فيمنع أن يكون في صلاة وأيا كان ففيه دليل على فضيلة انتظار الصلاة بعد الصلاة وعلى فضيلة انتظار الصلاة وإن لم يكن بعد الصلاة فيؤخذ من هذا أنه ينبغي للإنسان أن يتقدم إلى المسجد
شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (5) / (68) — ابن عثيمين (ت (1421))
(قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى قَوْلَهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ إِلَّا الْإِحْدَاثَ الَّذِي يَنْقُضُ الْوُضُوءَ) لِأَنَّ
الْقَاعِدَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لَا يَكُونُ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ هُنَا: الْكَلَامُ الْقَبِيحُ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْقَبِيحَ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
قَالَ الْبَاجِيُّ: وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ: الْحَدَثُ فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ.
وَفِي فَتْحِ الْبَارِي: الْمُرَادُ الْحَدَثُ حَدَثُ الْفَرْجِ، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ اجْتِنَابَ حَدِيثِ اللِّسَانِ وَالْيَدِ مِنْ بَابِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَذَى مِنْهُمَا يَكُونُ أَشَدُّ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ بَطَّالٍ.
شرح الزرقاني على الموطأ (1) / (552) — الزرقاني، محمد بن عبد الباقي (ت (1122))
[كتاب قصر الصلاة في السفر] ? [باب انتظار الصلاة والمشي إليها]
قال ابن باز:
ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث، تقول اللهم اغفر له، اللهم ارحمه»
المسجد كله. وهذا من فضل الله على العبد.
[الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري 1/ 144]
قال الإتيوبي في باب التَّرغِيبُ فِي الجُلُوس فِي المَسْجِدِ وانْتَظَار الصَّلاةِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ الَّذِى صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ”.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِن الملائكة تصلي على أحدكم) أي تستغفر له، قيل: عَبَّرَ بتصلي ليتناسب الجزاء مع العمل. قاله في الفتح (ما دام في مصلاه الذي صلى فيه) “ما” مصدرية ظرفية، وجملة “دام” صلتها، أي مدة دوامه في المكان الذي صلى فيه من المسجد، ينتظر صلاة أخرى، كما يدل عليه الحديث التالي. ويحتمل أن المراد بالمصلى المسجد كله، ويؤيده ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد، ما لم يحدث”. فقال رجل أعجمي: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال الصوت. -يعني الضرطة- ولفظ الترمذي: “لايزال أحدكم في صلاة ما دام ينتظرها، ولا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المسجد، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث، فقال رجل من حضرموت: وما الحدث يا أبا هريرة؟ فقال: فُساء، أو ضُراط”. فأفاد أنه لو انتقل إلى موضع آخر من المسجد غير موضع صلاته منه يحصل له ذلك الثواب.
وقال الحافظ ولي الدين العراقي رحمه الله بعد ذكر الاحتمالين: …. والاحتمال الثاني أظهر يعني (المسجد)، وأرجح، بدليل رواية البخاري: “ما دام في المسجد”، وكذا في رواية الترمذي، فهذا يدل على أن المراد بمصلاه جميع المسجد، وهو واضح، ويؤيد الاحتمال الأول قوله في رواية مسلم، وأبي داود، وابن ماجه: “ما دام في مجلسه الذي صلى فيه”. اهـ طرح. جـ 2 ص 367.
وقال السندي رحمه الله: قوله: “في مصلاه” لفظ الحديث يعم المسجد وغيره، وكان المصنف حمله على الخصوص للرواية التي بعدها، فإن فيه ما يقتضي الخصوص في الجملة، وعلى كل تقدير فالمراد بقعة صلى فيها فقط، أو تمام المسجد مثلًا، والأول هو الظاهر، ويحتمل الثاني أيضًا. اهـ.
قال الجامع عفا الله عنه: الأرجح عندي ما رجحه ولي الدين رحمه الله تعالى. والله أعلم.
وقال في “المنهل” جـ 4 ص 83: ولا فرق في ذلك بين المسجد ومصلى البيت، فلو جلست المرأة في مصلى بيتها تنتظر وقت صلاة أخرى لم يبعد أن تصلي عليها الملائكة أيضًا؛ لأنها حبست نفسها لأجل الصلاة. اهـ.
وقال في “الطرح”: قوله: “في مصلاه” يقتضي حصول الثواب المذكور بمجرد جلوسه في مصلاه، حتى يخرج، لكن رواية البخاري تقتضي تقييد حصول الثواب يكون جلوسه ذلك لانتظار الصلاة، فإنه قال فيها: “ما دام في المسجد ينتظر الصلاة”، وهو واضح.
قال ابن بطال: ويدخل في ذلك من أشبههم في المعنى ممن حبس نفسه على أفعال البِرِّ كلها. والله أعلم. اهـ.
قال الجامع عفا الله عنه: فيما قاله ابن بطال نظر، إذ الحديث نص في التقييد بالصلاة، حيث قال: “لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أنه ينقلب إلى أهله إلا الصلاة”. متفق عليه. ففيه أنه لو حبسه غير الصلاة لم يكن له هذا الفضل. والله أعلم.
(ما لم يحدث) “ما” مصدرية ظرفية أيضًا، أي مدة عدم حدثه. ويحدث -بضم الياء، وكسر الدال- مضارع أحدث رباعيًا. أي ما لم ينقض وضوؤه، وظاهره العموم لغير الاختياري، أيضًا، ويحتمل الخصوص. قاله السندي رحمه الله.
وفي رواية للبخاري من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه: “ما لم يُؤْذِ، يُحْدِثْ فيه”. قال الحافظ: كذا للأكثر بالفعل المجزوم على البدلية، ويجوز الرفع على الاستئناف، وللكشميهني “ما لم يؤذ بِحَدَثٍ” بلفظ الجار والمجرور متعلقًا بيؤذ. والمراد بالحدث الناقض للوضوء، ويحتمل أن يكون أعم من ذلك، لكن صرح في رواية أبي داود من طريق أبي رافع، عن أبي هريرة رضي الله عنه بالأول. اهـ فتح جـ 2 ص 142.
وفي رواية لمسلم: “ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث فيه”. وفي رواية أبي داود: “ما لم يؤذ فيه، أو يحدث فيه”.
أي لم يخرج منه ناقض للوضوء، والمراد به خروج الريح، لما تقدم من قول أبي هريرة رضي الله عنه لما سأله السائل ما الحدث؟ قال:
فُسَاء، أو ضُرَاط.
قال في المرقاة: ولعل سببَ الاستفسار إطلاقُ الحدث على غير ذلك عندهم، أو ظنوا أن الإحداث بمعنى الابتداع. قال السفاقسي: الحدث في المسجد خطيئة يُحْرَمُ به المحدثُ استغفار الملائكة، ولما لم يكن للحديث فيه كفارة ترفع أذاه، كما يرفع الدفن أذى النخامة فيه عوقب بحرمان الاستغقار من الملائكة لما آذاهم به من الرائحة الخبيثة. اهـ عمدة القاري جـ 4 ص 203 – 204.
(اللهم اغفر له، اللهم ارحمه) بيان لصلاة الملائكة، بتقدير “تقول”، أو قائلة، وفي رواية للبخاري: “اللهم صل عليه” وزاد في رواية مسلم، وابن ماجه: “اللهم تب عليه” والفرق بين المغفرة والرحمة أن المغفرة ستر الذنوب، والرحمة إفاضة الإحسان. أفاده العيني.
وقال في الفتح جـ 2 ص 361: قوله: “اللهم اغفر له، اللهم ارحمه” هو مطابق لقوله تعالىْ: {وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 5] قيل: السر فيه أنهم يَطَّلِعون على أفعال بني آدم، وما فيها من المعصية والخَلَل في الطاعة، فيقتصرون على الاستغفار لهم من ذلك؛ لأن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، ولو فرض أن فيهم من تحفظ من ذلك، فإنه يعوض من المغفرة بما يقابلها من الثواب. اهـ.
وقال ابن بطال رحمه الله: إن هذا الحديث تفسير لقوله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: 7] يريد المصلين والمنتظرين للصلاة. اهـ.
وقد سمى الله تعالى الصلاة إيمانًا في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] أي صلاتكم نزلت في الذين ماتوا قبل تحويل القبلة، كما ثبت في الصحيح. اهـ “طرح” جـ 2 ص 367. والله أعلم، ومنه التوفيق، وعليه التكلان.
وفي شرح الصنعاني:
(8950) – «من كان في المسجد ينتظر الصلاة فهو في الصلاة، ما لم يحدث. (حم ن حب) عن سهل بن سعد (صح).
(من كان في المسجد ينتظر الصلاة) المكتوبة ولعله يشمل فرض الكفاية كالانتظار لصلاة الجنازة (فهو) محكوم له عند الله تعالى بأنه: (في الصلاة) فيكون له أجر من هو قائم يصلي (ما لم يحدث) أي يوجد منه ما ينقض وضوئه أو يؤذي المصلين أو يحدث بأحاديث الدنيا واللغو (حم ن حب) ((1)) عن سهل بن سعد) رمز المصنف لصحته.
التنوير شرح الجامع الصغير (10) / (369)
حديث آخر في فضل منتظر الصلاة:
*مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2) / (592) — الملا على القاري (ت (1014)) *
(699) – وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ?: («أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ، أَبْعَدُهُمْ فَأَبْعَدُهُمْ مَمْشًى، وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي يُصَلِّي ثُمَّ يَنَامُ») مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(699) – (وَعَنْ أَبِي مُوسَى) أَيِ: الْأَشْعَرِيِّ كَمَا فِي نُسْخَةٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ?: (أَعْظَمُ النَّاسِ): أَيْ: أَكْثَرُهُمْ (أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ: فِي الْإِتْيَانِ إِلَيْهَا (أَبْعَدُهُمْ فَأَبْعَدُهُمْ) الْفَاءُ لِلِاسْتِمْرَارِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ قَالَهُ الطِّيبِيُّ: (مَمْشَى): مَصْدَرٌ أَوْ مَكَانٌ كَذَا قِيلَ، وَالثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ («وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي يُصَلِّي») أَيْ: مُنْفَرِدًا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، أَوْ مَعَ إِمَامٍ آخَرَ قَالَهُ الْعَسْقَلَانِيُّ، أَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ. (ثُمَّ يَنَامُ) أَيْ: وَلَا يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ مَنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ لِيُصَلِّيَهَا مَعَ الْإِمَامِ، لَأَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَنْتَظِرِ الْإِمَامَ، وَيُحْتَمَلُ مَنِ انْتَظَرَ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ، فَهُوَ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي لَا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، وَفِي قَوْلِهِ: ثُمَّ يَنَامُ غَرَابَةٌ ; لِأَنَّهُ جَعَلَ عَدَمَ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ نَوْمًا، وَالْمُنْتَظِرُ وَإِنْ نَامَ فَهُوَ يَقْظَانُ وَغَيْرُهُ نَائِمٌ، وَإِنْ كَانَ يَقْظَانَ لِأَنَّهُ يُضَيِّعُ تِلْكَ الْأَوْقَاتَ كَالنَّائِمِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
فتاوى:
*مجموع فتاوى ومقالات متنوعة – ابن باز (9) / (355) — ابن باز (ت (1420)) *
(196) – فضل المكث في المسجد بعد صلاة العصر يوم الجمعة
س: سماحة الشيخ: من أراد إدراك الساعة الأخيرة من يوم الجمعة للدعاء وسؤال الله هل يلزم أن يكون في المكان
الذي صلى فيه العصر أم قد يكون في المنزل أو في مسجد آخر؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا ((1)).
ج: ظاهر الأحاديث الإطلاق، وأن من دعا في وقت الاستجابة يرجى له أن يجاب في آخر ساعة من يوم الجمعة، يرجى له أن يجاب، ولكن إذا كان ينتظر الصلاة في المسجد الذي يريد فيه صلاة المغرب فهذا أحرى؛ لأن النبي ? قال: «وهو قائم يصلي ((2))» والمنتظر في حكم المصلي، فيكون في محل الصلاة أرجى لإجابته، فالذي ينتظر الصلاة في حكم المصلين، وإذا كان مريضا وفعل في بيته ذلك فلا بأس، أو المرأة في بيتها كذلك تجلس تنتظر صلاة المغرب في مصلاها، أو المريض في مصلاه ويدعو في عصر الجمعة يرجى له الإجابة، هذا هو المشروع، إذا أراد الدعاء يقصد المسجد الذي يريد فيه صلاة المغرب مبكرا فيجلس ينتظر الصلاة ويدعو.
مسألة: قال في “الطرح” جـ 2 ص 366:
ما المراد بكونه في مصلاه، هل قبل صلاة الفرض، أم بعد الفراغ من الفرض؟ يحتمل الأمرين، وقد بوَّب البيهقي رحمه الله “الترغيب في مكث المصلي في مصلاه لإطالة ذكر الله تعالى”. وهذا يدل أن المراد الجلوس بعد الفراغ من صلاة الفرض، وهو ظاهر قوله أيضًا: “في مصلاه الذي صلى فيه”، ويكون المراد بجلوسه انتظار صلاة أخرى، لم تأت، وهو مصرح به في بعض طرق حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عند أحمد، ولفظه: “منتظر الصلاة بعد الصلاة، كفارس اشتد به فرسه في سبيل الله على كشحه، تصلي عليه ملائكة الله، ما لم يحدث، أو يقوم، وهو في الرباط الأكبر”.
وفي الصحيح أيضًا: “وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط”. وروى ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بإسناد صحيح: “صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب، فرجع من رجع، وعقَّب من عقَّب، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعاً، قد حَفَزَه النفَسُ، قد حَسَرَ عن ركبتيه، قال: “أبشروا هذا ربكم، قد فتح باباً من أبواب السماء، يباهي بكم الملائكة، يقول: انظروا إلى عبادي، قد قضوا فريضة، وهم ينتظرون أخرى”. أخرجه أحمد (6750). وهو في الصحيح المسند (1) / (624). والصحيحة (661)
ويحتمل أن يراد إنتظار الصلاة قبلها، ويكون قوله: “ما دام في مصلاه الذي صلى فيه”، أي الذي صلى فيه تحية المسجد، أو سنة الصلاة مثلًا، ويدل على أن هذا هو المراد: قوله في بعض طرقه عند مسلم: “فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه”. الحديث. ويدل عليه أيضًا حديث أنس رضي الله عنه في الصحيح في تأخير العشاء إلى شطر الليل، وقوله صلى الله عليه وسلم: “صلى الناس، ورقدوا، ولم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها”. اهـ “طرح” جـ 2 ص 366 – 367.
[ذخيرة العقبى في شرح المجتبى 9/ 226]
من هو منتظر الصلاة؟
قال ابن رجب في الفتح 5/ 27: وهذا يشمل:
أ. من دخل المسجد للصلاة فيه جماعة قبل إقامة الصلاة فجلس ينتظر الصلاة.
ب. ومن صلى مع الإمام ثم جلس ينتظر الصلاة الثانية.
2 – هل يدخل فيه من جلس بعد الصلاة للذكر وهو لا يريد انتظار الصلاة الأخرى؟
الأظهر أنه يدخل، قال ابن رجب في اختيار الأولى ص8: (هو شبيهٌ لمن جلس ينتظر صلاةً أخرى، لأنه قد قضى ما جاء المسجد لأجله من الصلاة وجلس ينتظر طاعة أخرى).
5 – هل يلزم لحصول ثواب انتظار الصلاة الاشتغال بالذكر؟
أجاب ابن رجب في الفتح 5/ 28 فقال: (ليس في هذا الحديث، ولا في غيره من أحاديث الباب الاشتراط للجالس في مصلاه أن يكون مشتغلًا بالذكر، ولكنه أفضل وأكمل).
6 – هل يدخل في ذلك النساء؟
نقل ابن رجب في الفتح 5/ 27: عن ابن عبدالبر قوله: (ولو صلت المرأة في مسجد بيتها، وجلست فيه تنتظر الصلاة، فهي داخلة في هذا المعنى، إذا كان يحبسها عن قيامها لأشغالها انتظار الصلاة).
قال القاري في المرقاة: وانتظار الصلاة ـ أي: وقتها أو جماعتها بعد الصلاة: يعني إذا صلى بالجماعة أو منفردا، ثم ينتظر صلاة أخرى ويعلق فكره بها بأن يجلس في المسجد، أو في بيته ينتظرها، أو يكون في شغله وقلبه معلق بها، فذلكم الرباط. انتهى.
وقال المباركفوري في المرعاة: وانتظار الصلاة بالجلوس لها في المسجد، أو تعلق القلب بها والتأهب والاهتمام لها مع اشتغاله بكسبه في بيته، كما ورد: ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود. انتهى.
وقال المناوي في فيض القدير: وانتظار الصلاة بعد الصلاة. سواء أدى الصلاة بجماعة، أو منفردا في مسجد أو في بيته. انتهى
وقد نزعَ عبدُ الله بن سلام في مُعارَضتِهِ أبا هريرةَ، حِينَ قال لهُ في السّاعةِ التي في يوم الجُمُعةِ: هي آخِرُ ساعَةٍ من النَّهارِ. فقال أبو هريرةَ: كيفَ يكونُ ذلك وقد قال رسُولُ الله ?: «إنَّ ذلك ليسَ بوَقْتِ صلاةٍ». وقال في السّاعةِ التي في يوم الجُمُعةِ: «لا يُوافِقُها عبدٌ مُسلِمٌ وهُو يُصلِّي». فقال لهُ عبدُ الله بن سَلَام: أليسَ قد قال ?: «إنَّ أحدكُم في صَلاةٍ، ما كان ينتظِرُ الصَّلاةَ»؟ قال: نعم. قال: فهُو ذاك ((1)). فسكتَ أبو هريرةَ وسلَّمَ لمّا أخذتهُ ((2)) الحُجَّةُ، وهكذا أهلُ الإنصافِ، واللهُ المُستعانُ.
وقد قيلَ: إنَّ مُنتظِرَ الصَّلاةِ في المسجدِ، وإن لَغا ولها، فإنَّهُ على أصلِ نِيَّتهِ وعَملِهِ.
التمهيد – ابن عبد البر – ت بشار (11) / (628)
قال ابن عبد البر: (روينا عن أبي الدَّرداءِ، أنَّهُ قال: من قِلَّةِ فِقهِ الرَّجُلِ، أن يكون في المسجدِ مُنتظِرًا للصَّلاةِ، وهُو يحسبُ أنْ ليسَ في صلاةٍ.)
التمهيد – ابن عبد البر – ت بشار (11) / (627)
مسألة في فوائده:
منها: ما ترجم له المصنف رحمه الله تعالى، الترغيب في الجلوس في المسجد وانتظار الصلاة.
ومنها: فضيلة من انتظر الصلاة مطلقًا، سواء ثبت في مجلسه ذلك من المسجد، أو تحول إلى غيره.
ومنها: أنه ينبغي لمن يجلس في المسجد أن يكون على طهارة، وأن يبتعد عن الأذى.
ومنها: أن الحدث في المسجد يبطل استغفار الملائكة ودعاءهم، ولو استمر جالسًا.
ومنها: أن الحدث في المسجد أشد من النخامة فيه؛ لأنها تكفر بالدفن، ولا يُحْرَم بها صاحبها من استغفار الملائكة.
ومنها: أنه يستدل به على أفضلية الصلاة على غيرها من الأعمال، لما ذكر من صلاة الملائكة عليه، ودعائهم له بالرحمة والمغفرة والتوبة.
ومنها: أنه يستدل به على تفضيل صالحي الناس على الملائكة، لأنهم يكونون في تحصيل الدرجات بعبادتهم، والملائكة مشغولون بالاستغفار، والدعاء لهم. قاله في الفتح.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الاستدلال غير واضح؛ لأن الاستغفار والدعاء لهم لا يدل على ذلك، فإن ذلك امتثال لأمر الله تعالى، كما أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستغفار للمؤمنين، لا يدل على ذلك. فتبصر.
ومنها: أن الحدث لا يمنع الجلوس في المسجد، وقد اختلف السلف في الجلوس في المسجد للمحدث، فروي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه خرج من المسجد، فبال، ثم دخل فتحدث مع أصحابه، ولم يمس ماء، وعن علي رضي الله عنه مثله، وروي ذلك عن عطاء، والنخعي، وابن جبير. وكره ابن المسيب، والحسن البصري أن يتعمد الجلوس في المسجد على غير وضوء. قاله في “العمدة” جـ 4 ص 204. والله تعالى أعلم.