463 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسند سهل بن حنيف رضي الله عنه
463 – قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 5 ص 430): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا مَعْنٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ يَعُودُهُ فَوَجَدَ عِنْدَهُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ قَالَ فَدَعَا أَبُو طَلْحَةَ إِنْسَانًا يَنْزِعُ نَمَطًا تَحْتَهُ فَقَالَ لَهُ سَهْلٌ لِمَ تَنْزِعُهُ فَقَالَ لِأَنَّ فِيهِ تَصَاوِيرَ وَقَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ عَلِمْتَ قَالَ سَهْلٌ أَوَلَمْ يَقُلْ «إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ» فَقَالَ بَلَى وَلَكِنَّهُ أَطْيَبُ لِنَفْسِي.
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
قال أبو عبد الرحمن: هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم، ورجاله رجال الشيخين، إلا إسحاق بن موسى الأنصاري، فانفرد عنه مسلم.
وأبو النضر هو سالم بن أبي أمية.
…………………………..
صححه الألباني في سنن أبي داود 1750
قال ابن باز رحمه الله: فسر العلماء رحمهم الله الرقم بأمرين: أحدهما: أنه الصورة التي تكون في البسط ونحوها مما يداس ويمتهن كالوسائد، فهذا معفو عنه لأن الرسول ? عفا عنه، والمقصود: العفو عن استعماله، أما التصوير فلا يجوز. والثاني: أنه النقوش التي تكون في الثياب من غير الصور، فإن النقوش في الثياب لا تضر وليس حكمها حكم الصورة، إنما المحرم صورة ما له روح من آدمي أو غيره؛ لما ثبت عن النبي ? أنه دخل يومًا على عائشة ورأى ثوبًا فيه صورة فغضب وهتكه، وقال: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم قالت عائشة: فجعلت منه وسادتين يرتفق بهما النبي ?.وخرج النسائي بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ? أنه كان على موعد مع جبرائيل عليه السلام فتأخر عنه فخرج إليه ينتظره، فقال له جبرائيل: إن في البيت تمثالًا وسترًا فيه صورة وكلبًا، فمر برأس التمثال أن يقطع حتى يكون كهيئة الشجرة، ومر بالستر أن يتخذ منه وسادتان منتبذتان توطئان، ومر بالكلب أن يخرج، ففعل النبي ? فدخل جبرائيل عليه السلام، قال أبو هريرة: وكان الكلب جروًا تحت نضد في البيت أدخله الحسن أو الحسين.
وسبق شرح الحديث في الصحيح المسند 18
روى الإمام أحمد عن أسامة بن زيد قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه كآبة، فسألته ما له؟ فقال:: لم يأتني جبريل منذ ثلاث. قال: فإذا جرو كلب بين بيوته فأمر به فقتل، فبدا له جبريل عليه السلام، فبهش إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه. فقال: لم تأتني. فقال: إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تصاوير.
وكذلك في البخاري في كتاب الصلاة من صحيحه:
بَابٌ: إِنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ أَوْ تَصَاوِيرَ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَمَا يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ.
عَنْ أَنَسٍ: «كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ، سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلَاتِي».
قال الطحاوي بعد أن سرد الأحاديث الواردة في التصاوير:
ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ، فِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَا هِيَ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: قَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ صُورَةُ كُلِّ شَيْءٍ، مِمَّا لَهُ رُوحٌ، وَمِمَّا لَيْسَ لَهُ رُوحٌ، قَالُوا: ; لِأَنَّ الْأَثَرَ جَاءَ فِي ذَلِكَ مُبْهَمًا. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا
6937 – بِمَا حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ: ثنا أَسَدٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ وَيَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمُصَوِّرُونَ»
6938 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثنا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، أَخْبَرَنِي عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُصَوِّرَ»
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَقَالُوا: مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ ذَلِكَ رُوحٌ، فَلَا بَاسَ بِتَصْوِيرِهِ، وَمَا كَانَ لَهُ رُوحٌ، فَهُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْ تَصْوِيرِهِ. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ 6939 – حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُمْرَانَ، قَالَ: ثنا عَوْنُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي، وَأَنَا أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، فَإِنَّ اللهَ مُعَذِّبُهُ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ أَبَدًا» قَالَ: فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً، وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ فَقَالَ وَيْحَكَ، إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ، فَعَلَيْكَ بِالشَّجَرِ، وَكُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ …
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى:
6945 – حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: ثنا الْوُحَاظِيُّ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُجَاهِدٌ الْكُوفَةَ، أَتَيْتُهُ أَنَا وَأَبِي، فَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ” أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي جِئْتُكَ الْبَارِحَةَ، فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ ; لِأَنَّهُ كَانَ فِي الْبَيْتِ تِمْثَالُ رَجُلٍ، فَمُرْ بِالتِّمْثَالِ، فَلْيُقْطَعْ رَاسُهُ، حَتَّى يَكُونَ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ ”
6946 – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ جِبْرِيلُ عليه السلام، عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «ادْخُلْ» فَقَالَ: «كَيْفَ أَدْخُلُ، وَفِي بَيْتِكَ سِتْرٌ، فِيهِ تَمَاثِيلُ خَيْلٍ وَرِجَالٍ؟ فَإِمَّا أَنْ تَقْطَعَ رُءُوسَهَا، وَإِمَّا أَنْ تَجْعَلَهَا بِسَاطًا، فَإِنَّا مَعْشَرَ الْمَلَائِكَةِ لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ»
فَلَمَّا أُبِيحَتِ التَّمَاثِيلُ بَعْدَ قَطْعِ رُءُوسِهَا الَّذِي لَوْ قُطِعَ مِنْ ذِي الرُّوحِ، لَمْ يَبْقَ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ تَصْوِيرِ مَا لَا رُوحَ لَهُ، وَعَلَى خُرُوجِ مَا لَا رُوحَ لِمِثْلِهِ مِنَ الصُّوَرِ، مِمَّا قَدْ نُهِيَ عَنْهُ فِي الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا
6947 – مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا أَبُو ثَابِتٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «الصُّورَةُ الرَّأْسُ، فَكُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ لَهُ رَأْسٌ، فَلَيْسَ بِصُورَةٍ»
وَفِي قَوْلِ جِبْرِيلَ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِمَّا أَنْ تَجْعَلَهَا بِسَاطًا، وَإِمَّا أَنْ تَقْطَعَ رُءُوسَهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُبَحْ مِنِ اسْتِعْمَالِ مَا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرِ إِلَّا بِأَنْ يُبْسَطَ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَفِي حَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي بَيْتِهِ سِتْرٌ فِيهِ تَصَاوِيرُ، وَلَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ عِنْدَهُ، فِيمَا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ ; لِأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ. قِيلَ لَهُ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ السِّتْرِ، فَإِنَّمَا هُوَ فِعْلُ أَبِي طَلْحَةَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُوقِفْهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الثَّوْبَ الْمُسْتَثْنَى هُوَ السِّتْرُ.
وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ السِّتْرُ أَيْضًا فِيمَا اسْتَثْنَى. فَلَمَّا احْتَمَلَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَانَ فِي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا وَصَفْنَا، عَلِمْنَا أَنَّ الثِّيَابَ الْمَبْسُوطَةَ، كَهَيْئَةِ الْبُسُطِ، لَا مَا سِوَاهَا مِنَ الثِّيَابِ الْمُعَلَّقَةِ وَالْمَلْبُوسَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى
[شرح معاني الآثار (4/ 285)]
قال ابن عبدالبر:
(3 – بَابُ مَا جَاءَ فِي الصُّوَرِ وَالتَّمَاثِيلِ)
1803 – مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ رَافِعَ بْنَ إِسْحَاقَ مَوْلَى الشِّفَاءِ أَخْبَرَهُ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ نَعُودُهُ فَقَالَ لَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ أَوْ تَصَاوِيرُ شَكَّ إِسْحَاقُ لَا يَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَعْنَاهُ مَلَائِكَةُ الْوَحْيِ وَقِيلَ مَلَائِكَةُ الْوَحْيِ وَغَيْرُ مَلَائِكَةِ الْوَحْيِ وَكَأَنَّ قَائِلَ هَذَا اسْتَدَلَّ بِالْكِرَامِ الْحَافِظِينَ الْكَاتِبِينَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ مَعَ الْمَرْءِ حَيْثُ مَا دَخَلَ
1804 – مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضِرِ عَنْ عَبِيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ يَعُودُهُ قَالَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ فَدَعَا أَبُو طَلْحَةَ إِنْسَانًا فَنَزَعَ نَمَطًا مِنْ تَحْتِهِ فَقَالَ لَهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ لِمَ تَنْزِعُهُ قَالَ لِأَنَّ فِيهِ تَصَاوِيرَ وَقَدْ قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ عَلِمْتَ فَقَالَ سَهْلٌ أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ قَالَ بَلَى وَلَكِنَّهُ أَطْيَبُ لِنَفْسِي
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ تَاوِيلِ مَنْ تَأَوَّلَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ وَسَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ حَمَلَاهُ عَلَى الْعُمُومِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَعْدَهُ وَلَا مَدْخَلَ لِمَلَائِكَةِ الْوَحْيِ بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ وَلَا غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَهَذَا الْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يُدْرِكْ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ وَلَا أَبَا طَلْحَةَ وَلَا حُفِظَ لَهُ عَنْهُمَا وَلَا عَنْ أَحَدِهِمَا سَمَاعٌ وَلَا لَهُ سِنٌّ يدركها بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَلَا خِلَافَ أَنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ شُهُودِ صِفِّينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَكَبَّرَ عَلَيْهِ سِتًّا وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ بِالْبَدْرِيِّينَ
وَأَمَّا أَبُو طَلْحَةَ فَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ وَفَاتِهِ اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا فَقِيلَ توفي سنة أربع وثلاثين في خِلَافَةِ عُثْمَانَ رضي الله عنه
وَذَكَرَ أَبُو زُرْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يُحَدِّثُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَرَدَ أَبُو طَلْحَةَ الصَّوْمَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ سَنَةً
وَقَدْ ذَكَرْنَا الشَّوَاهِدَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَهُوَ أَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ بَيْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَبَيْنَ أَبِي طَلْحَةَ وَسَهْلِ بن حنيف فيه بن عباس
كذا رواه الزهري من رواية بن أبي ذئب وغيره
حدثني خلف بن قاسم قال حدثني بن أَبِي الْخَصِيبِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَارِثِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ الْعَامِرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبَا النَّضْرِ وَهِمَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي الذهلي قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أبو عاصم عن بن أبي ذئب عن بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن بن عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرَ حَدِيثِ أَبِي النَّضِرِ فَهُوَ أَشْبَهُ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَمَا شَاعَ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّأْوِيلِ سَاغَ فِي هَذَا وَلَيْسَ حَدِيثُ أَبِي النَّضْرِ كَذَلِكَ فِيمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مَعَانِي ألفاظه
وقد تابع بن أَبِي ذِئْبٍ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ
حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَضْرِ بْنِ بُجَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الماجشون عن بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن بن عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ: رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ
فَوَهِمَ فِيهِ الْأَوْزَاعِيُّ إِذْ قَالَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو طَلْحَةَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْإِسْنَادَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي التَّمْهِيدِ وَلَيْسَ فِي حديث بن شِهَابٍ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ فَكَأَنَّهُمَا حَدِيثَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
1805 – مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ فَلَمَّا رَأَىهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ وَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَمَاذَا أَذْنَبْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ قَالَتْ اشْتَرَيْتُهَا لَكَ تَقْعُدُ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ البيت الذي فيه الصور لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَصَحِّ مَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ فِي قَوْلِهِ إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ لِأَنَّ هَذَا قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الصُّورَةَ فِي الثَّوْبِ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا وَلَا اسْتِعْمَالُ الثَّوْبِ الَّذِي هِيَ فِيهِ وَذَكَرَ فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ مَا تَرَى وَهُوَ غَايَةٌ فِي تَحْرِيمِ عَمَلِ الصُّوَرِ فِي الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَخُصَّ مِنْهَا مَا يُوطَأُ وَيُتَوَسَّدُ مِمَّا يُمْتَهَنُ وَيُنْصَبُ
هَذَا مَا يُوجِبُهُ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ أَشَدُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ أَحْسَنُهَا إِسْنَادًا وَأَصَحُّهَا نَقْلًا
وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ عَلَى بَابِي دَرْنُوقٌ فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الْأَجْنِحَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَلْقُوا هَذَا
وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي التَّمْهِيدِ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ نَضْرِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أهل العراق أصور هذه التصاوير فقال بن عَبَّاسٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ صَوَّرَ صُورَةً يُكَلَّفْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا وَلَيْسَ بِنَافِخٍ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَعَلَى حَسَبِ اختلاف الآثار فيه وتأويلها فكان بن شِهَابٍ فِيمَا ذَكَرَ عَنْهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ يَكْرَهُ التَّصَاوِيرَ فِي الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا مَا نُصِبَ مِنْهَا وَمَا بُسِطَ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِهِ هَذَا عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ إِنَّمَا يُكْرَهُ مِنَ التَّصَاوِيرِ مَا كَانَ فِي حِيطَانِ الْبُيُوتِ وَأَمَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ فَلَا عَلَى حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّوْبُ مَنْصُوبًا أَوْ مَبْسُوطًا
وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ
ذَكَرَهُ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْهَا
ذَكَرَ بن أبي شيبة عن أزهر عن بن عَوْنٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ بِأَعْلَى مَكَّةَ وَرَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ حَجَلَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ السُّنْدُسِ وَالْعَنْقَاءِ
وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرُ إِذَا كَانَ الثَّوْبُ يُنْصَبُ أَوْ يُلْبَسُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ يُوطَأُ
وَذَكَرُوا مَا رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سترت سهوة لي بستر فيه تَصَاوِيرُ فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَتَكَهُ فَجَعَلْتُهُ مُسْنَدَتَيْنِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئًا عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالُوا أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ سِتْرًا مَنْصُوبًا وَلَمْ يَكْرَهْ مَا اتُّكِئَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَيُوطَأُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السِّتْرُ لَمَّا هَتَكَهُ تَهَتَّكَتْ صُوَرُهُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ صُورَةٌ تَامَّةٌ وَكَذَلِكَ اتَّكَأَ عَلَيْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا تَكُونُ حِينَئِذٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ على بن شِهَابٍ إِلَّا أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ السَّلَفِ قَدْ ذَهَبُوا هَذَا الْمَذْهَبَ فِيمَا يُوطَأُ وَيُمْتَهَنُ بِالِاتِّكَاءِ وَشِبْهِهِ أَنَّهُ لَا بَاسَ بِهِ وَأَنَّهُ خِلَافُ المنصوب
ذكر بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ الْجَعْدِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ أَبَاهَا جَاءَ مِنْ فَارِسَ بِوَسَائِدَ فيها تماثيل فكنا نبسطها
وعن بن فُضَيْلٍ عَنِ لَيْثٍ قَالَ رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ حَمْرَاءَ فِيهَا تَمَاثِيلُ فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا يكره هذا لمن ينصبه ويصنعه
وعن بن الْمُبَارَكِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَتَّكِئُ عَلَى الْمَرَافِقِ الَّتِي فِيهَا التَّمَاثِيلُ الطير والرجال
وعن بن عُلَيَّةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بَاسًا بما وطاء وبسط من التصاوير
وكان بن سِيرِينَ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا
وَكَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ فِي التَّصَاوِيرِ فِي الْوَسَائِدِ وَالْبُسُطِ الَّتِي تُوطَأُ هُوَ أَذَلُّ لَهَا
قَالَ: وَكَانُوا يَكْرَهُونَ مَا نُصِبَ مِنَ التَّمَاثِيلِ وَلَا يَرَوْنَ بَاسًا بِمَا وَطَأَتْهُ الْأَقْدَامُ
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بَاسًا بِمَا يُوطَأُ وَيُبْسَطُ مِنَ الصُّوَرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا الْمَذْهَبُ أَوْسَطُ الْمَذَاهِبِ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مَا قُطِعَ رَأْسُهُ فَلَيْسَ بصورة
وروي ذلك عن بن عَبَّاسٍ وَقَالَتْ بِهِ طَائِفَةٌ …
ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ مِنَ الصُّوَرِ إِلَّا مَا لَهُ ظِلٌّ مِمَّا لَهُ رُوحٌ مِنْ تِمْثَالِ النُّحَاسِ وَالْجَوَاهِرِ كُلِّهَا وَالطِّينِ وَكُلِّ مَا إِذَا صُوِّرَ كَانَ لَهُ ظِلٌّ
وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمَكْرُوهَ مِنَ الصُّوَرِ مَا كَانَ لَهُ رُوحٌ مَنْ كُلِّ حَيَوَانٍ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ صَنَعَ كَانَ لَهُ ظِلٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ …
قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَرِهَ صُوَرَ الشَّجَرِ إِلَّا مُجَاهِدًا فإن بن أَبِي شَيْبَةَ ذَكَرَ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَوَّرَ الشَّجَرُ الْمُثْمِرُ
[الاستذكار (8/ 483)]
قال الإتيوبي:
قال الجامع عفا الله عنه: أرجح الأقوال في المسألة عندي تحريم الصور مطلقاً، إلا ما كان رقماً في ثوب يمتهن، ويوطأ، كما تقدم ترجيحه في كلام الحافظ أبي عمر رحمه الله تعالى، وعزاه إلى أكثر العلماء، وكذا ما كان مقطوع الرأس، وصور ما لا روح له، والأدلة على هذا واضحة مما ذكر. ولله الحمد، والمنة.
وقد تقدم تحقيق الكلام في المسألة في شرح حديث رقم (168/ 261) -وإنما أعدته هنا لمزيد البسط والتحقيق، ولشدة حاجة الناس إلى التوضيح في ذلك لكثرة الابتلاء بالصور. وسيأتي أيضاً في “كتاب الزينة” في شرح حديث رقم (111/ 5347 – 5365). إن شاء الله تعالى.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.
[ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (9/ 478)]
وقال الإتيوبي أيضا:
قَالَ النوويّ: يحتجّ بهذا الْحَدِيث منْ يقول بإباحة ما كَانَ رقماً مطلقًا، وجوابنا، وجواب الجمهور عنه أنه محمول عَلَى رقم عَلَى صورة الشجر، وغيره مما ليس بحيوان، وهذا جائز عندنا. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله النوويّ منْ أن المراد رقم الشجر ونحوه فيه نظر؛ إذ لا فرق فِي جواز تصوير الشجر، ونحوه مما ليس بحيوان بين ما كَانَ رقمًا فِي ثوب، وبين غيره، فتأمّل بإنصاف.
وَقَالَ فِي “الفتح”: قَالَ ابن العربيّ: حاصل ما فِي اتّخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام حرُم بالإجماع، وإن كانت رقما، فأربعة أقوال: [الأول]: يجوز مطلقًا عَلَى ظاهر قوله فِي حديث الباب: “إلا رقمًا فِي ثوب”. [الثاني]: المنع مطلقًا حَتَّى الرقم. [الثالث]: إن كانت الصورة باقية الهيئة، قائمة الشكل حرُم، وإن قُطعت الرأس، أو تفرّقت الأجزاء جاز. [الرابع]: إن كَانَ مما يُمتَهنُ جاز، وإن كَانَ معلّقًا لم يجُز. انتهى. وَقَدْ حكم ابن عبد البرّ عَلَى القول الثالث بأنه أعدل الأقوال.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان تحريم التصاوير.
(ومنها): جوز الصور المرقومة، قَالَ المباركفوريّ رحمه الله تعالى: استُدلّ بهذا الْحَدِيث عَلَى أن التصاوير إذا كانت فِي فراش، أو بساط، أو وسادة، فلا بأس به