(46) (918) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / الشيخ طحنون آل نهيان/ ومسجد محمد بن رحمة الشامسي
(للأخ؛ سيف بن دورة الكعبي)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3،والمدارسة، والاستفادة، والسلف الصالح، وأهل الحديث همو أهل النبي
راجعه عبدالله الديني
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
918 – أخرج ابن أبي عاصم عن محل بن خليفة أن عدي بن حاتم أتى مجلسهم فحضرت الصلاة، فتقدم رجل فصلى بهم، فأطال الركوع والسجود، فلما صلى جلس عدي بن حاتم رضي الله عنه حتى صلى بنا العصر، ثم تقدم فأتم بهم الركوع والسجود وأوجز في صلاته، فقال: من أمنا منكم فليصلي بنا هكذا؛ فإن منهم الضعيف والكبير وذا الحاجة، هكذا كنا نصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث حسن
من وجد فائدة فليرسلها وجزاكم الله خيرا
———————
– الحديث فيه معنى قوله تعالى (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) [التوبة:128]
يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا [النساء:28] وحيث يقول يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر [البقرة:185]
ومنه قصة تطويل أبي بن كعب في الفجر وقول الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم (إني لا أكاد أدرك صلاة الفجر مما يطيل بنا فلان فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط … ) وفي رواية (إني لأتأخر عن صلاة الصبح) وقال (إن منكم منفرين إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف فإن فيهم …. فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء)
قال الحافظ ابن حجر: وهم من فسره بمعاذ، لأن قصة معاذ كانت في صلاة العشاء، وفي مسجد بني سلمة، وهذه كانت في الصبح وفي مسجد قباء. اهـ
وفي حديث (إني لأدخل الصلاة أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأخفف من شدة وجد أمه به … )
قال ابن رجب في فتح الباري5/ 116:
خرج الإمام أحمد من حَدِيْث مَالِك بن عَبْد الله الخثعمي، قَالَ: غزوت مَعَ رَسُول الله (، فَلَمْ أصل خلف إمام كَانَ أوجز مِنْهُ صلاة فِي تمام الركوع والسجود.
ومن حَدِيْث عدي بن حاتم فذكره وفيه ( … والعابر السبيل) …. وخرجه الطبراني فذكره بلفظ حديث ابن أبي عاصم
وخرج الطبراني وغيره من حَدِيْث نَافِع بن خَالِد الخزاعي: حَدَّثَنِي أَبِي – وكان من أصْحَاب الشجرة – أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذا صلى والناس ينظرون صلى صلاة خفيفة تامة الركوع والسجود.
فَقَدْ ثبت أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذا صلى بالناس فإنه يخفف عنهم، وإذا صلى لنفسه يطول.
وفي ((مسند الإمام أحمد)) عَن أَبِي واقد الليثي، قَالَ: كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أخف النَّاس صلاة بالناس، وأطول النَّاس صلاة لنفسه.
فالصلاة الَّتِيْ كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصليها بالناس هِيَ النخفيف الَّذِي أمر بِهِ غيره، وإنما أنكر عَلَى من طول تطويلاً زائداً عَلَى ذَلِكَ، فإن معاذ بن جبل كَانَ يصلي مَعَ النَّبِيّ (بالمدينة صلاة العشاء، وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يؤخرها كثيراً، كما سبق ذكره فِي (المواقيت))، ثُمَّ ينطلق إلى قومه فِي بني سَلَمَة فيصلي بهم، وقد استفتح حينئذ بسورة البقرة، فهذا هُوَ الَّذِي أنكره عَلَى معاذ.
ويشهد لهذا: حَدِيْث ابن عُمَر، قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليأمرنا بالتخفيف، وإن كَانَ ليؤمنا بالصافات.
خرجه الإمام أحمد والنسائي وابن خزيمة فِي ((صحيحه)).
والمراد: أن التخفيف المأمور بِهِ هُوَ مَا كَانَ يفعله، ومن كَانَ يفهم أَنَّهُ كَانَ يفعل خلاف مَا أمر بِهِ – كما أشعر بِهِ تبويب النسائي – فَقَدْ وهم.
وفي ((صحيح مُسْلِم)) عَن سماك، قَالَ: سألت جابر بن سمرة عَن صلاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: كَانَ يخفف الصلاة ولا يصلي صلاة هؤلاء. قَالَ: وأنبأني أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يقرأ فِي الفجر ب ((قاف والقرآن المجيد))، ونحوها من السور.
وخرجه الحَاكِم، ولفظه: كَانَ النَّبِيّ (يصلي نحواً من صلاتكم، ولكنه يخفف الصلاة، كَانَ يقرأ فِي الفجر بالواقعة ونحوها من السور.
فصرح بأن تخفيفه هُوَ قرءاته بهذه السورة.
——–
قال ابن دقيق العيد: التطويل والتخفيف من الأمور الإضافية فقد يكون الشيء خفيفا بالنسبة إلى عادة قوم، طويلا بالنسبة لعادة آخرين. اهـ
قال الحافظ ابن حجر: فعلى هذا يكره التطويل مطلقا إلا إذا فرض في مصل بقوم محصورين راضين بالتطويل في مكان لا يدخله غيرهم. أهـ استدرك على من يدعي أن التخفيف لحال المؤمومين.
وقال اليعمري: الأحكام إنما تناط بالغالب، لا بالصورة النادرة فينبغي للأئمة التخفيف مطلقا. وهذا كما شرع القصر في صلاة المسافر، وعلل بالمشقة، وهو مع ذلك يشرع ولو لم يشق، عملا بالغالب لأنه لا يدري ما يطرأ عليه وكذلك هنا
قال الحافظ: من سلك طريق النبي صلى الله عليه وسلم في الإيجاز والإتمام لا يُشتكى منه تطويل، وصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم معلومة، وعليه فالتخفيف المأمور به أمر نسبي يرجع إلى ما فعله صلى الله عليه وسلم وواظب عليه وأمر به، لا إلى شهوة المأمومين، ففي الصحيحين عن أنس قال: (ما صليت خلف إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من النبي صلى الله عليه وسلم)
قال في المبدع: وقد حزروا صلاته صلى الله عليه وسلم فكان سجوده قدر ما يقول سبحان ربي الأعلى عشر مرات وركوعه كذلك، وقال: صلوا كما رأيتموني أصلي.
قال ابن عبد البر: التخفيف للأئمة أمر مجمع عليه لا خلاف في استحبابه على ما اشترط من الإتمام.
وقد دل حديث جابر السابق – يعني في قصة معاذ – على أن القراءة بهذا السور المذكورة وأمثالها في القدر من الوسط في الصلاة، والمشروع أن يكون الركوع والسجود مناسباً للقراءة. والله أعلم
من كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام لـ عبد الله بن عبد الرحمن البسام ص 253.
قال ابن عثيمين: نقول: كل ما فعله الرسول فهو تخفيف، حتى لو قرأ: (ألم تنزيل). و (هل أتى على الإنسان). ولهذا قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم».
مجموع فتاوى ابن عثيمين (16/ 173).
قال ابن تيمية كما في القواعد النورانية:
وذكر ثناء أنس على صلاة عمر بن عبد العزيز:
وَهَذَا يُوَافِقُ الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ الَّذِي فِي سُنَنِ أبي داود وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” «إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ – وَذَلِكَ أَدْنَاهُ – وَإِذَا سَجَدَ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ» “، قَالَ أبو داود: هَذَا مُرْسَلٌ؛ عَوْنٌ لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ، عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يُدْرِكِ ابْنَ مَسْعُودٍ، عون هُوَ مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ الْمَشْهُورِينَ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ عبد الله، وَقِيلَ: إِنَّمَا تَلَقَّاهُ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ؛ فَلِهَذَا تَمَسَّكَ الْفُقَهَاءُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي التَّسْبِيحَاتِ لِمَا لَهُ مِنَ الشَّوَاهِدِ، حَتَّى صَارُوا يَقُولُونَ فِي الثَّلَاثِ: إِنَّهَا أَدْنَى الْكَمَالِ أَوْ أَدْنَى الرُّكُوعِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَعْلَاهُ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا.
فَقَوْلُ مَنْ يَقُولُ مِنَ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ السُّنَّةَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ مِنْ أَصْلِ الشَّافِعِيِّ وأحمد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَغَيْرِهِمْ، هُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُطِيلَ الِاعْتِدَالَ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَوْ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا لَيْسَ مَعَهُمْ أَصْلٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ مِنَ السُّنَّةِ أَصْلًا، بَلِ الْأَحَادِيثُ الْمُسْتَفِيضَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّابِتَةُ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ وَغَيْرِهَا تُبَيِّنُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَبِّحُ فِي أَغْلَبِ صَلَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ …
وَمِمَّا يُبَيِّنُ هَذَا: أَنَّ التَّخْفِيفَ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ إِضَافِيٌّ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الْعُرْفِ؛ إِذْ قَدْ يَسْتَطِيلُ هَؤُلَاءِ مَا يَسْتَخِفُّهُ هَؤُلَاءِ، وَيَسْتَخِفُّ هَؤُلَاءِ مَا يَسْتَطِيلُهُ هَؤُلَاءِ، فَهُوَ أَمْرٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ النَّاسِ (وَمَقَادِيرِ الْعِبَادَاتِ، وَلَا فِي كُلٍّ مِنَ الْعِبَادَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ شَرْعِيَّةً).
فَعُلِمَ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِ: أَنْ يَرْجِعَ فِي مِقْدَارِ التَّخْفِيفِ وَالتَّطْوِيلِ إِلَى السُّنَّةِ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ أَمْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّخْفِيفِ لَا يُنَافِي أَمْرَهُ بِالتَّطْوِيلِ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عمار الَّذِي فِي الصَّحِيحِ لَمَّا قَالَ: ” «إِنْ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَأَقْصِرُوا الْخُطْبَةَ» “، وَهُنَاكَ أَمَرَهُمْ بِالتَّخْفِيفِ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ الْإِطَالَةَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخُطْبَةِ وَالتَّخْفِيفَ هُنَاكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فَعَلَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فِي زَمَانِهِ مِنْ قِرَاءَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ” «فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» “.
فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ لَيْسَ لِطُولِ صَلَاتِهِ حَدٌّ تَكُونُ بِهِ الصَّلَاةُ خَفِيفَةً، بِخِلَافِ الْإِمَامِ لِأَجْلِ مُرَاعَاةِ الْمَامُومِينَ؛ فَإِنَّ خَلْفَهُ السَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ؛ وَلِهَذَا مَضَتِ السُّنَّةُ بِتَخْفِيفِهَا عَنِ الْإِطَالَةِ إِذَا عَرَضَ لِلْمَامُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ عَارِضٌ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” «إِنِّي لَأَدْخُلُ الصَّلَاةَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطِيلَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأُخَفِّفُ لِمَا أَعْلَمُ مِنْ وَجْدِ أُمِّهِ» ” …
وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقَصِّرُهَا أَحْيَانًا عَمَّا كَانَ يَفْعَلُ غَالِبًا، كَمَا رَوَى مسلم فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ” «كَأَنِّي أَسْمَعُ صَوْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ – الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: 15 – 16]» “، وَرُوِيَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بِسُورَةِ الزَّلْزَلَةِ، وَكَانَ يُطَوِّلُهَا أَحْيَانًا حَتَّى ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ” «أَنَّ أم الفضل بنت الحارث سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1] فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ لَقَدْ أَذْكَرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ؛ إِنَّهَا لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ» “.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: ” «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ فِي الْمَغْرِبِ» “، وَفِي الْبُخَارِيِّ وَالسُّنَنِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: ” «مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ؟ قَالَ: قُلْتُ: مَا طُولَى الطُّولَيَيْنِ؟ قَالَ: الْأَعْرَافُ» “.
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مِنْ أَصَحِّ الْأَحَادِيثِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِيهَا أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ تَارَةً بِالْأَعْرَافِ وَتَارَةً بِالطُّورِ وَتَارَةً بِالْمُرْسَلَاتِ، مَعَ اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْمَغْرِبِ سُنَّتُهَا أَنْ تَكُونَ أَقْصَرَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ، فَكَيْفَ تَكُونُ الْقِرَاءَةُ فِي الْفَجْرِ وَغَيْرِهَا؟.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا رَوَى وَكِيعٌ عَنْ منصور، عَنِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يُطِيلُ الْقِيَامَ بِقَدْرِ الرُّكُوعِ، فَكَانُوا يَعِيبُونَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: الْعَيْبُ عَلَى مَنْ عَابَ عَمَلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَوَّلَ عَلَى مَنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ،
وفي مجموع الفتاوى 22/ 576 فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ {جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْت أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَوَاتِ. فَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا} أَيْ وَسَطًا. وَفِعْلُهُ الَّذِي سَنَّهُ لِأُمَّتِهِ هُوَ مِنْ التَّخْفِيفِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الْأَئِمَّةُ ….
كَمَا فِي اللَّفْظِ الْآخَرِ {وَكَانَتْ صَلَاتُهُ مُعْتَدِلَةً وَفِي اللَّفْظِ الْآخَرِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ مُتَقَارِبَةً} لِتَخْفِيفِ قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا وَتَكُونُ أَتَمَّ صَلَاةً لِإِطَالَةِ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ نَفْسُ الْفِعْلِ الْوَاحِدِ – كَالْقِيَامِ – هُوَ أَخَفَّ وَهُوَ أَتَمَّ لَنَاقَضَ ذَلِكَ. وَلِهَذَا بَيَّنَ التَّخْفِيفَ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ إذَا بَكَى الصَّبِيُّ. وَهُوَ قِرَاءَةُ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ. وَبَيَّنَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَدَّ فِي صَلَاتِهِ الصُّبْحَ وَإِنَّمَا مَدَّ فِي الْقِرَاءَةِ فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ بِسُورَةِ يُونُسَ وَسُورَةِ هُودٍ وَسُورَةِ يُوسُفَ. وَاَلَّذِي يُبَيِّنُ ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {مَا صَلَّيْت خَلْفَ رَجُلٍ أَوْجَزَ صَلَاةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمَامٍ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَامَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَسْجُدُ. وَكَانَ يَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ}
وقال ابن القيم في الصلاة وحكم تاركها:
وهذا هو الذي كان يعتمده صلوات الله عليه وسلامه في صلاته فإنه كان يعدلها حيث يعتدل قيامها وركوعها وسجودها واعتدالها.
ففي الصحيحين عن البراء بن عازب قال: رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته فجلسته بين السجدتين فسجدته فجلسته بين التسليم والانصراف قريبا من السواء.
ولا يناقض هذا ما رواه البخاري في هذا الحديث, كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وما بين السجدتين وإذا رفع رأسه ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء, فإن البراء هو القائل هذا وهذا, فإنه في السياق الأول أدخل في ذلك قيام القراءة وجلوس التشهد, وليس مراده أنهما بقدر ركوعه وسجوده وإلا ناقض السياق الأول: الثاني, وإنما المراد أن طولهما كان مناسبا لطول الركوع والسجود والاعتدالين بحيث لا يظهر التفاوت الشديد في طول هذا وقصر هذا كما يفعله كثير ممن لا علم عنده بالسنة, يطيل القيام جدا ويخفف الركوع والسجود.
وكثيرا ما يفعلون هذا في التراويح ….
وقال في تهذيب السنن:
وأن ما وصفه أنس من تخفيف النبي صلى الله عليه و سلم صلاته هو مقرون بوصفه إياها بالتمام كما تقدم وهو الذي وصف تطويله ركني الاعتدال حتى كانوا يقولون قد أوهم ووصف صلاة عمر بن عبدالعزيز بأنها تشبه صلاة النبي صلى الله عليه و سلم مع أنهم قدروها بعشر تسبيحات …
وقد جاء هذا صريحا في حديث عمران بن حصين لما صلى خلف علي بالبصرة قال لقد ذكرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم وكانت صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم معتدلة كان يخفف القيام والقعود ويطيل الركوع والسجود وقد تقدم قول أنس كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم متقاربة وحديث البراء بن عازب أن قيامه صلى الله عليه و سلم وركوه وسجوده كان قريبا من السواء
فهذه الأحاديث كلها تدل على معنى واحد وهو أنه كان يطيل الركوع والسجود ويخفف القيام
والتخفيف أمر نسبي إضافي فعشر تسبيحات وعشرون آية أخف من مائة تسبيحة ومائتي آية فأي معارضة في هذا لما تقدم من الأحاديث الصحيحة الصريحة
ويؤخذ من الأحاديث:
-في الأحاديث الأمر للإمام بتخفيف الصلاة، بحيث لا يخل بسننها ومقاصدها، وأنه إذا صلى لنفسه طول ما شاء.
– استدل بعضهم بقوله “فإذا صلى وحده فليصل كيف شاء” على جواز إطالة القراءة ولو خرج الوقت وفيه نظر، لأنه يعارض عموم قوله في بعض الأحاديث “إنما التفريط أن يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى” رواه مسلم قال الحافظ ابن حجر: وإذا تعارضت مصلحة المبالغة في الكمال بالتطويل ومفسدة إيقاع الصلاة في غير وقتها كانت مراعاة ترك المفسدة أولى.
– وفيه دليل على الرفق بالمأمومين وسائر الأتباع ومراعاة مصالحهم، وأن لا يدخل ما يشق عليهم وإن كان يسيرا من غير ضرورة، ذكره النووي.
– قال ابن بطال: احتج به من قال: يجوز للإمام إطالة الركوع إذا سمع بحس داخل ليدركه، وتعقبه ابن المنير بأن التخفيف نقيض التطويل، فكيف يقاس عليه؟ قال: ثم إن فيه مغايرة للمطلوب لأن فيه إدخال المشقة على جماعة من أجل الواحد. اهـ قال الحافظ ابن حجر: ويمكن أن يقال: إن محل ذلك ما لم يشق على الجماعة، وبذلك قيده أحمد وإسحق وأبو ثور، وما ذكره ابن بطال سبقه إليه الخطابي، ووجهه بأنه إذا جاز التخفيف لحاجة من حاجات الدنيا كان التطويل لحاجة من حاجات الدين أجوز: وتعقبه القرطبي بأن التطويل هنا زيادة عمل في الصلاة غير مطلوب بخلاف التخفيف، فإنه مطلوب اهـ وفي المسألة خلاف عند الشافعية وتفصيل وبالكراهة قال الأوزاعي وأبو حنيفة وأبو يوسف.