46 – بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغِفَارَ وَأَسْلَمَ
182 – (2514) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ»
183 – (2514) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” ائْتِ قَوْمَكَ فَقُلْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا»
183 – حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ
184 – (2515) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، ح وحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، كُلُّهُمْ قَالَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا»
185 – (2516) وحَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا، أَمَا إِنِّي لَمْ أَقُلْهَا وَلَكِنْ قَالَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ»
186 – (2517) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ خُفَافِ بْنِ إِيْمَاءَ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي صَلَاةٍ اللهُمَّ الْعَنْ بَنِي لِحْيَانَ، وَرِعْلًا، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ عَصَوُا اللهَ وَرَسُولَهُ، غِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ»
187 – (2518) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ – قَالَ: يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا – إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ»
187 – حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَالْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ كُلُّهُمْ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ، وَفِي حَدِيثِ صَالِحٍ، وَأُسَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ.
187 – وحَدَّثَنِيهِ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مِثْلَ حَدِيثِ هَؤُلَاءِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
47 – بَابُ مِنْ فَضَائِلِ غِفَارَ، وَأَسْلَمَ، وَجُهَيْنَةَ، وَأَشْجَعَ، وَمُزَيْنَةَ، وَتَمِيمٍ، وَدَوْسٍ، وَطَيِّئٍ
188 – (2519) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَنْصَارُ، وَمُزَيْنَةُ، وَجُهَيْنَةُ، وَغِفَارُ، وَأَشْجَعُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللهِ، مَوَالِيَّ دُونَ النَّاسِ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَاهُمْ»
189 – (2520) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُرَيْشٌ، وَالْأَنْصَارُ، وَمُزَيْنَةُ، وَجُهَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَأَشْجَعُ، مَوَالِيَّ لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللهِ وَرَسُولِهِ»
189 – حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ: قَالَ سَعْدٌ فِي بَعْضِ هَذَا فِيمَا أَعْلَمُ
190 – (2521) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «أَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَمُزَيْنَةُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ جُهَيْنَةَ، أَوْ جُهَيْنَةُ، خَيْرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَبَنِي عَامِرٍ، وَالْحَلِيفَيْنِ أَسَدٍ، وَغَطَفَانَ»
191 – (2521) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ يَعْنِي الْحِزَامِيَّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ح وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَحَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ – قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنِي، وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا – يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ الْأَعْرَجِ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَغِفَارُ، وَأَسْلَمُ، وَمُزَيْنَةُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ جُهَيْنَةَ، – أَوْ قَالَ: جُهَيْنَةُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ مُزَيْنَةَ، خَيْرٌ عِنْدَ اللهِ – يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مِنْ أَسَدٍ، وَطَيِّئٍ، وَغَطَفَانَ ”
192 – (2521) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِيَانِ ابْنَ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَشَيْءٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَجُهَيْنَةَ، أَوْ شَيْءٌ مِنْ جُهَيْنَةَ، وَمُزَيْنَةَ، خَيْرٌ عِنْدَ اللهِ – قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ – يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مِنْ أَسَدٍ، وَغَطَفَانَ، وَهَوَازِنَ، وَتَمِيمٍ»
193 – (2522) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ مِنْ أَسْلَمَ، وَغِفَارَ، وَمُزَيْنَةَ، وَأَحْسِبُ جُهَيْنَةَ – مُحَمَّدٌ الَّذِي شَكَّ – فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَمُزَيْنَةُ – وَأَحْسِبُ جُهَيْنَةُ – خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَبَنِي عَامِرٍ، وَأَسَدٍ، وَغَطَفَانَ، أَخَابُوا وَخَسِرُوا؟» فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لَأَخْيَرُ مِنْهُمْ» وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: مُحَمَّدٌ الَّذِي شَكَّ.
193 – حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي سَيِّدُ بَنِي تَمِيمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ الضَّبِّيُّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ. وَقَالَ وَجُهَيْنَةُ وَلَمْ يَقُلْ أَحْسِبُ
194 – (2522) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَمُزَيْنَةُ، وَجُهَيْنَةُ، خَيْرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَمِنْ بَنِي عَامِرٍ، وَالْحَلِيفَيْنِ، بَنِي أَسَدٍ، وَغَطَفَانَ»
194 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، ح وحَدَّثَنِيهِ عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ
195 – (2522) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ – وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ – قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ، خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَبَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ غَطَفَانَ، وَعَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ» وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ فَقَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا، قَالَ: «فَإِنَّهُمْ خَيْرٌ» وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ «أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ، وَمُزَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ»
196 – (2523) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لِي: «إِنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ بَيَّضَتْ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُجُوهَ أَصْحَابِهِ، صَدَقَةُ طَيِّئٍ، جِئْتَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
197 – (2524) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَدِمَ الطُّفَيْلُ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ دَوْسًا قَدْ كَفَرَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللهَ عَلَيْهَا فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ فَقَالَ: «اللهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ»
198 – (2525) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ مِنْ ثَلَاثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ» قَالَ: وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا» قَالَ: وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ»
198 – وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهَا فِيهِمْ فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
198 – وَحَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَازِنِيُّ، إِمَامُ مَسْجِدِ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ثَلَاثُ خِصَالٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي بَنِي تَمِيمٍ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُمْ، بَعْدُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِهَذَا الْمَعْنَى، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ قِتَالًا فِي الْمَلَاحِمِ» وَلَمْ يَذْكُرِ الدَّجَّالَ
الفوائد
==========
جمعنا في عون الصمد رقم (125) فضائل بعض هذه القبائل، وهو ما في:
مسند أحمد
9813 قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غفار وأسلم ومزينة ومن كان من جهينة خير من الحيين الحليفين أسد وغطفان وهوازن وتميم فإنهم أهل الخيل والوبر
وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو
والحديث أصله في الصحيحين
وههنا الشطر الأخير ليس في الصحيحين (فإنهم أهل الخيل والوبر)
قلت سيف: على الشرط الذيل على الصحيح المسند قسم الزيادات على الصحيحين
فهو في البخاري 3523 ومسلم 2519
وعند أحمد زيادة
======
بوب البخاري رحمه الله في صحيحه،
*باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع*
وأورد تحته أحاديث:
حديثي أبي هريرة
وحديث أبي بكرة
# وحديث أن عبد الله، أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال على المنبر: «غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، وعصية عصت الله ورسوله»
===========
*وقال الشنقيطي رحمه الله (من كتاب العذب النمير):*
وكان العباسُ بنُ مرداسٍ السلميُّ قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قاصدًا هوازن قال قصيدةً يصف فيها جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يعزم عليه من غزو هوازن منها أنه يقول:
أَبْلِغْ هَوَازِنَ أَعْلاَهَا وأَسْفَلَهَا … عَنِّي رِسَالَةَ نُصْحٍ فِيهِ تِبْيَانُ …
إِنِّي أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ صَابِحَكُمْ … جَيْشًا لهُ فِي فَضَاءِ الأَرْضِ أَرْكَانُ …
فِيهِمْ سُلَيْمٌ أَخُوكُمْ غَيْرَ تَارِكِكُمْ … وَالْمُسْلِمُونَ عِبَادُ اللَّهِ غَسَّانُ …
وَفِي عِضَادَتِهِ الْيُمْنَى بَنُو أَسَدٍ … وَالأَجْرَبَانِ بَنُو عَبْسٍ وَذُبْيَانُ …
تَكَادُ تَرْجُفُ مِنْهُ الأَرْضُ رَهْبَتَهُ … وَفِي مُقَدَّمِهِ أَوْسٌ وَعُثْمَانُ
يعني بـ (أوسٌ وعثمانُ) قَبِيلَتَيْ مُزَيْنَةَ من قبائلِ أُدِّ بنِ طابخةَ بنِ إلياس، ومزينةُ أُمُّهُمْ.
=========
*وقال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية:*
قال ابن إسحاق: وكان جميع من شهد فتح مكة من المسلمين عشرة آلاف، من بني سليم سبعمائة ويقول بعضهم ألف، ومن بني غفار أربعمائة [ومن أسلم أربعمائة] ومن مزينة ألف وثلاثة نفر، وسائرهم من قريش والأنصار وحلفائهم وطوائف العرب من تميم وقيس وأسد.
وقال عروة والزهري وموسى بن عقبة: كان المسلمون يوم الفتح الذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر ألفًا فالله أعلم.
=========
التالية: سبق في (كتاب الاستسقاء 1 بَاب الِاسْتِسْقَاءِ وَخُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ) رياح المسك العطرة في شرح البخاري، شيء من فقه الباب
سيكون الحديث في هذا الدرس عن النقاط
أولاً: شرح الحديث وفقهه:
يقول الله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} [الحجرات: 13].
نعم فضل الله بعض القبائل على بعض في الدنيا؛ ليتخذ بعضهم بعضا سخريا، لكنه تعالى جعل الفضل الحقيقي للدين؛ {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
جاء الإسلام ولبعض القبائل رفعة على بعض:- بالمال تارة، – وبالقوة البدنية أخرى، – وبالقوة العقلية والسلوكية ثالثة، – وبالأصل والأحساب رابعة، فحول كل هذه الموازين إلى ميزان الإسلام، وصار السبق إلى الإسلام، وبذل النفس والمال في سبيل إعلاء كلمة الله، والجهاد في سبيل الله، هو الميزان الحقيقي، الذي يفاضل به بين القبائل، فارتفعت بهذا الميزان قبائل كانت قبل الإسلام غير رفيعة، وهبطت بهذا الميزان قبائل كانت قبل الإسلام عالية.
يؤكد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في نفوس أصحابه، ويقرره غاية التقرير، فيقول: غفار بسبق إسلامها غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، والأنصار ومزينة وجهينة وأشجع وبنو عبد الله هم أوليائي قبل الناس، وهم عند الله يوم القيامة خير من أسد وغطفان وهوازن وتميم.
ولا ينسى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثني على أهل الفضل من القبائل ما لها من فضل، ولو كانت مفضولة بالنسبة لغيرها، فيذكر لتميم شدتها في الحروب، وأدائها للصدقات، وانتسابها لإسماعيل عليه السلام، ولا ينسى أن يلعن من القبائل من تستحق اللعن، فيلعن بني لحيان ورعلا وذكوان وعصية، لما فعلوه بالمسلمين من غدر وتنكيل وتقتيل.
فصلى الله وسلم وبارك عليه، ورضي عن صحابته أجمعين.
واما الحديث: (غفار غفر الله لها) كذا في وزاد في رواية: أما إني لم أقلها، ولكن قالها الله عز وجل
ومن مجموع الروايات تكون غفار قد فضلت بأن الله غفر لها، وبأن مولاها الله ورسوله، وبأنها أفضل من بني تميم، وبني عامر وأسد وغطفان وطيء وهوازن.
والمذكور مع غفار في الفضل الأنصار ومزينة وأشجع وجهينة وأسلم، وهذه القبائل التي فضلت كانت في الجاهلية في القوة والمكانة أقل من القبائل التي فضلت عليها، فلما جاء الإسلام كانوا أسرع دخولا فيه من أولئك، فانقلب الشرف إليهم بسبب ذلك.
واختصت غفار بقوله (غفر الله لها) حكى ابن التين أن بني غفار كانوا يسرقون الحاج في الجاهلية، فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن أسلموا – ليمحو عنهم ذلك العار،
يحتمل أن يكون معناها خبرا، إشعارا بأن ذنبها السابق قد غفر، لأن الإسلام يجب ما قبله، ويحتمل أن معناها دعاء، أي أسأل الله أن يغفر لها ما تقدم وما تأخر، والمراد قطعا من آمن منهم.
(أَمَا إِنِّي لَمْ أَقُلْهَا وَلَكِنْ قَالَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ). وفي هذا فضيلة لا تساويها فضيلة، وليس بعد مسالمة الله وغفرانه شيء. قاله القنوجي في السراج الوهاج.
والمراد (بنو غفار): بكسر الغين وتخفيف الفاء، ابن مليل، بضم الميم وفتح اللام مصغرا، ابن صخرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وسبق منهم إلى الإسلام أبو ذر الغفاري وأخوه أنيس، وقد سبق الكلام عن إسلامهما قبل أربعة عشر بابا.
قال الحافظ ابن حجر:” قوله: (غفار غفر الله لها) فيه الدعاء بما يشتق من الاسم كأن يقول لأحمد: أحمد الله عاقبتك، ولعلي: أعلاك الله.
وهو من جناس الاشتقاق، ولا يختص بالدعاء بل يأتي مثله في الخبر، ومنه قوله تعالى (وأسلمت مع سليمان) وسيأتي في المغازي حديث ” عصية عصت الله ورسوله ” وإنما اختصت القبيلتان بهذا الدعاء لأن غفارا أسلموا قديما، وأسلم سالموا النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي بيان ذلك في أوائل المناقب إن شاء الله تعالى. “.
(وأسلم سالمها الله) وقد شاركت غفار في كل ما فضلت به، وذكرت مصاحبة لها، متقدمة عليها أو تالية لها في جميع روايات مسلم، عدا رواية، ولعل سقوطها من الرواة وفي العبارة جناس الاشتقاق أيضا، واحتمال كونها خبرا لفظا ومعنى، أي: جعلها الله مسالمة للإسلام فيما مضى؛ لأنها أسلمت دون اشتراك في الحروب، واحتمال كونها خبرا لفظا، دعاء معني، أي: صنع الله بهم ما يرضيهم، والمراد من سالم سلم، كما في قاتله الله.
و (أسلم) بن أفصى، بفتح الهمزة وسكون الفاء بعدها صاد، ابن حارثة بن عمرو بن عامر – أي ابن حارثة ابن امرئ القيس – بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، قال الرشاطي: الأزد من قحطان، وفيهم قبائل، فمنهم الأنصار وخزاعة وغسان وغيرهم.
ونسب حارثة بن عمرو متصل باليمن، وقد خاطب النبي صلى الله عليه وسلم بني أسلم بأنهم من بني إسماعيل، كما في حديث سلمة بن الأكوع.
(اللهم العن بني لحيان، ورعلا، وذكوان وعصية، عصوا الله ورسوله) لحيان: بكسر اللام وفتحها، وسكون الحاء، وهو ابن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، هم بطن من هذيل، وزعم الهمداني النسابة أن أصل بني لحيان من بقايا جرهم، دخلوا في هذيل، فنسبوا إليهم.
ورعل: بكسر الراء وسكون العين، بطن من بني سليم، ينسبون إلى رعل بن عوف بن مالك بن امرئ القيس بن لهيعة بن سليم.
وذكوان: بطن من بني سليم أيضا، ينسبون إلى ذكوان بن ثعلبة.
وعصية: بطن من بني سليم أيضا، ينسبون إلى عصية بضم العين وفتح الصاد، مصغر ابن خفاف، بضم الخاء، ابن امرئ القيس بن بهثة بضم الباء وسكون الهاء بعدها ثاء، ابن سليم.
أما جريمة (بني لحيان) فيرويها البخاري تحت باب غزوة الرجيع، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وفي رواية أنهم كانوا عشرة، وفي أخرى أنهم كانوا سبعة، بعثهم إلى مكة عيونا يتجسسون على قريش، ويأتونه بأخبارهم، وكان ذلك في السنة الثالثة فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة، ذُكِرُوا لحي من هذيل، يقال لهم: بنو لحيان، فتبعوهم بنحو مائة رام، فاقتصوا آثارهم، حتى أتوا منزلا نزلوه، فلحقوهم، فهربوا منهم على تل، فجاء القوم فأحاطوا بهم، وقالوا لهم: إنا والله ما نريد قتالكم، إنما نريد أن نصيب منكم شيئا من أهل مكة، ولكم العهد والميثاق – إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلا، فقال عاصم – قائد المسلمين – أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فقاتلوهم، حتى قتلوا عاصما في سبعة نفر، بالنبل، وبقي ثلاثة، خبيب وزيد بن الدثنة وعبد الله بن طارق، فأعطوهم العهد والميثاق، فنزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم، فربطوهم بها، فقال عبد الله: هذا أول الغدر، وأبى أن يصحبهم، فجروه، وحاولوا أن يصحبهم، فلم يفعل، فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد نحو مكة، فباعوهما هناك، فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر ابن نوفل، وكان خبيب قد قتل الحارث يوم بدر، فمكث عندهم أسيرا، حتى خرجت الأشهر الحرم، فخرجوا به من الحرم إلى التنعيم ليقتلوه، فقال: دعوني أصلي ركعتين، فلما صلاهما، انصرف إليهم، فقال: لولا أن تروا أن الذي بي جزع من الموت لزدت في الصلاة، ثم قال: اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا، ثم قال:
ما إن أبالي حين أقتل مسلما
على أي شق كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله، وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه عقبة بن الحارث، فقتله، فلم يحل الحول، ومنهم أحد حي.
وأما زيد فاشتراه صفوان بن أمية، فقتله بأبيه.
هذه قصة بني لحيان، وسبب لعنهم والدعاء عليهم، وقد قنت صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو عليهم وعلى رعل وذكوان وعصية في صلاة الصبح.
وأما قصة رعل وذكوان وعصية، فيرويها البخاري أيضا، تحت عنوان: غزوة رعل وذكوان وبئر معونة، وتعرف بسرية القراء، ويرويها أصحاب السير بأن رؤساء هذه القبائل كانوا قد جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلموا ظاهرا، ثم طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمدهم بجماعة من أصحابه رجاء أن يدعوا الناس، فيسلموا، فبعث معهم سبعين رجلا من الأنصار، يقال لهم القراء، كانوا يحتطبون بالنهار، ويبيعون الحطب، ويشترون به الطعام لأهل الصفة، ويتدارسون القرآن بالليل ويصلون، فلما نزلوا بئر معونة استمكنوا منهم، وغدروا بهم، ونقضوا عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتلوهم عن آخرهم، إلا رجلا أعرج، صعد الجبل.
وجملة (عصوا الله ورسوله) مستأنفة استئنافا تعليليا، والضمير فيها يعود على القبائل الأربع، ولا يتعارض هذا مع قوله في رواية (عصية عصت الله ورسوله) فإن الموصوفين بوصف كل منهم موصوف بهذا الوصف.
(الأنصار ومزينة وجهينة وغفار وأشجع ومن كان من بني عبد الله، موالي، دون الناس، والله ورسوله مولاهم)
زادت بعض الروايات في القبائل المفضلة قريشا وأسلم، ونقصت رواية الأنصار، وقريشا، فيؤخذ بالزيادة على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكر الآخر.
وقد سبق الكلام عن قريش والأنصار وغفار وأسلم.
(قريش) قال الزبير قالوا قريش اسم فهر بن مالك وما لم يلد فهر فليس من قريش قال الزبير قال عمي فهر هو قريش اسمه وفهر لقبه
(الأنصار) يريد بالأنصار الأوس والخزرج ابني حارثة بن ثعلبة.
أما (مزينة): فبضم الميم وفتح الزاي وسكون الياء، وهو اسم امرأة عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس ابن مضر، وهي مزينة بنت كلب بن وبرة، وهي أم أوس وعثمان ابني عمرو، فولد هذين يقال لهم: بنو مزينة، والمزنيون من قدماء الصحابة منهم عبد الله بن مغفل المزني، وعمه خزاعى بن عبد نهم، وإياس بن هلال، وابنه قرة بن إياس.
وأما (جهينة): فهم بنو جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم، ومن مشهور الصحابة منهم عقبة بن عامر الجهني وغيره.
وأما (أشجع): بالشين والجيم والعين، على وزن أحمر، وهم بنو أشجع بن ريث بفتح الراء وسكون الياء بعدها ثاء، ابن غطفان بن سعد بن قيس، ومن مشهور الصحابة منهم: نعيم بن مسعود بن عامر، وقد سبق القول بأن المقصود المجموع والإجمال، لا الجميع والاستغراق، ولذلك كانت العبارة مع بعضهم ومن كان (من بني عبد الله) أي ومن كان مؤمنا من بني عبد الله، ومن كان من جهينة أي ومن كان مؤمنا من جهينة، وفي رواية (أو شيء من جهينة)
ونلاحظ: أن من كان من بني عبد الله ذكروا في مقام المدح والتفضيل في رواية
وذكروا في مقام الذم والمفضل عليهم في رواية، وفي البخاري، فالأولون من آمنوا، والآخرون من لم يؤمنوا، وبنو (عبد الله): بن غطفان بفتح الغين والطاء بعدها فاء، أي ابن سعد بن قيس عيلان بن مضر، وكان اسم عبد الله بن غطفان في الجاهلية عبد العزى، فصيره النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وبنوه يعرفون ببني المحولة، لتحويل اسم أبيهم. (موالي دون الناس) أي ناصروه والمختصون به (والله ورسوله مولاهم) أي وليهم والمتكفل بهم وبمصالحهم.
أما المفضل عليهم فهو بنو تميم وبنو عامر وأسد وغطفان وطيء وهوازن.
و (بنو تميم) بن مر، بضم الميم وتشديد الراء، ابن أد، بضم الهمزة وتشديد الدال، ابن طابخة بن إلياس بن مضر، وفيهم بطون كثير، وقد ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مع سجاح، ولا يتعارض هذا مع مدحهم ببعض الصفات في بعض الأحوال.
و (بنو عامر) بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ذكرت في روايات وذكر بدلها (هوازن): في رواية، قال الحافظ ابن حجر: فذكر هوازن أشمل من ذكر بني عامر، ومن قبائل هوازن – غير بني عامر – بنو نصر بن معاوية، وبنو سعد بن بكر بن هوازن، وثقيف، وهو قيس ابن منبه بن بكر ابن هوازن، والجميع يجمعهم هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بفتح الخاء وسكون الصاد بعدها فاء.
(وأسد) بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وكانوا عددا كثيرا، وكانت منازلهم ظاهر مكة، حتى وقع بينهم وبين خزاعة شجار، فقتل فضالة بن عبادة بن مرارة الأسدي هلال بن أمية الخزاعي، فقتلت خزاعة فضالة بصاحبها، فنشبت الحرب بينهم، فبرحت بنو أسد عن منازلهم، فحالفوا غطفان، فصار يقال للطائفتين: الحليفان. و (الحليفين) من الحلف أي المتحالفين. أسد وغطفان كما في رواية
(وطيئ) ذكرت في المفضل عليهم في رواية، وهي بفتح الطاء وتشديد الياء المكسورة بعدها همزة، وحكي تركها، وهو ابن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، يقال: كان اسمه جلهمة، فسمي طيئا، لأنه أول من طوى بئرا، وقبيلة طيئ من القبائل التي تأخر إسلامها إلى سنة الوفود، وكان رئيسها عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج، بوزن جعفر، ابن امرئ القيس بن عدي الطائي.
وذكر ابن إسحاق أن خيل النبي صلى الله عليه وسلم أصابت أخت عدي، فقالت له: هلك الوالد، وغاب الوافد، قال لها: من وافدك؟ قالت: عدي بن حاتم.
قال: الفار من الله ورسوله؟ قالت: امنن من الله عليك.
قال: أطلقوا سراحها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، فلما قدمت بنت حاتم على عدي أخيها أشارت عليه بالقدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم وأسلم.
قلت سيف: قصة طويلة ذكرها صاحب تفسير ابن سعد المنسق وقال فيها الواقدي متروك الحديث.
وإرسلها ابن إسحاق … ففي تاريخ دمشق 69/ 198 بسنده عن ابن إسحاق قال عدي بن حاتم فيما بلغنا ما من رجل من العرب كان أشد كراهية لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع به مني …..
وجمع صاحب أنيس الساري 391 أسانيد أخرى للقصة
قال ابن حجر روى أحمد في سبب إسلام عدي أنه قال: فذكره وهو من طريق ابن سيرين عن أبي عبيدة أن رجلا قال فذكر سؤال عدي بن حاتم عن قصة إسلامه وذكر رواية من أسقط الرجل. … وإليك تفصيل الأسانيد:
قال صاحب أنيس الساري ورد إسلام عدي من عدة طرق:
الأول يرويه محمد بن سيرين وذكر الخلاف عليه هل هو عن أبي عبيدة بن حذيفة أن رجلا قال قلت أسأل عن حديث حديث عدي بن حاتم … فلقيه فسأله. …
ومرة روي بإسقاط الرجل من طريق قتادة عن ابن سيرين عن أبي عبيدة كنت أسأل الناس عن عدي بن حاتم وهو إلى جنبي بالكوفة فأتيته. … وفيه عبدالله بن هشام متروك
قال ابن شاهين غريب والمعروف فيه حديث حماد عن أيوب عن ابن سيرين في إسلام عدي بن حاتم مسندا
وذكر الخلاف كذلك هل هو عن رجل أم بإسقاطه
الثاني عن الشعبي عن عدي بن حاتم وفيه عبدالاعلى بن ابن أبي المساور متروك
ثم ذكر مرسل ابن إسحاق
وقد ذكر الألباني كل هذه الطرق ورجح الروايات التي ذكرت المبهم وضعف الحديث الضعيفة 6488 وكذلك ذكر حالة أبي عبيدة
وبين أن آخره وهي قوله هل رأيت الحيرة. ….. ثابت في البخاري 3595
ولم يصرح محققو المسند بالترجيح كما في تحقيق المسند 18260
—
(فو الذي نفسي بيده إنهم لأخير منهم)، قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ لأخير وهي لغة قليلة، تكررت في الأحاديث، وأهل العربية ينكرونها، يقولون: الصواب خير وشر ولا يقال أخير ولا أشر ولا يقبل إنكارهم فهي لغة، قليلة الاستعمال.
(عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت عمر بن الخطاب) أي في خلافته.
(فقال لي: إن أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجوه أصحابه، صدقة طيئ، جئت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) وجاءت هذه الصدقة في أخريات أيامه صلى الله عليه وسلم، والمراد من تبيضها الوجوه أنها سرتهم وأفرحتهم، لسرورهم بإسلام طيئ.
وقد روى البخاري عن عدي رضي الله عنه قال: أتينا عمر في وفد، فجعل يدعو رجلا رجلا، ويسميهم، فقلت: أما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: بلى.
أسلمت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا.
فقال عدي: فلا أبالي إذن أي إذا كنت تعرف قدري فلا أبالي إذا قدمت علي غيري من قومي.
قوله (بيضت) أي سرتهم وأفرحتهم.
(قدم الطفيل وأصحابه فقالوا: يا رسول الله، إن دوسا قد كفرت، وأبت، فادع الله عليها.
فقيل: هلكت دوس) حيث طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليها بالهلاك، فسكت قليلا، فظنوه دعا عليهم فقالوا: هلكت.
(فقال: اللهم اهد دوسا، وائت بهم) (ودوس): بفتح الدال وسكون الواو بعدها سين مكسورة ودوس قبيلة أبي هريرة، وهم ينتسبون إلى دوس بن عدثان بضم العين وسكون الدال بعدها ثاء، ابن عبد الله ابن زهران، وينتهي نسبهم إلى الأزد، وكانوا في الجاهلية يعبدون صنما يقال له: ذو الخلصة.
و (الطفيل) بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس، والقائل: إن دوسا قد كفرت، وأبت، فادع الله عليها هو الطفيل وأصحابه، وكان الطفيل قد أسلم بمكة، ورجع إلى بلاد قومه، ودعا أبويه إلى الإسلام، فأسلم أبوه، ولم تسلم أمه، ودعا قومه، فأجابه أبو هريرة وحده، ثم وافى النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء، وقيل: قدم مع أبي هريرة بخيبر، فكان هذا القول منه، وكان هذا الدعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجاب الله الدعاء فجاء حبيب بن عمرو بن حثمة حاكم الدوس، ومعه خمسة وسبعون رجلا من قومه، فأسلم وأسلموا.
(قال أبو هريرة: لا أزال أحب بني تميم من ثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم) وعند البخاري مازلت أحب بني تميم منذ ثلاث … أي من حين سمعت الخصال الثلاث، زاد أحمد وما كان قوم من الأحياء أبغض إلي منهم، فأحببتهم وكان ذلك لما كان يقع بينهم وبين قوم أبي هريرة في الجاهلية من العداوة.
(هم أشد أمتي على الدجال) وفي رواية (هم أشد الناس قتالا في الملاحم) وهي أعم مما في الرواية الأساسية، ويمكن أن يحمل العام في ذلك على الخاص، فيكون المراد بالملاحم أكبرها، وهو قتال الدجال، أو ذكر الدجال ليدخل غيره بالطريق الأولى. قاله ابن حجر.
(الملاحم) معارك القتال والتحامه
(وجاءت صدقاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذه صدقات قومنا) قال العلماء: إنما نسبهم إليه، لاجتماع نسبهم بنسبه صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر، وليس هذا القول بذاك، فما أكثر القبائل التي يجتمع نسبها بنسبه، ولم يقل فيهم مثل ذلك، والأولى أن يقال: إنما نسبهم إليه تأليفا لقلوبهم، فقد كانوا قوما غلاظا.
(وكانت سبية منهم عند عائشة) أي من بطن من بطونهم، وعند الطبراني أن عائشة كانت نذرت أن تعتق محررا من بني إسماعيل، فلما قدم سبي بني العنبر قال لها صلى الله عليه وسلم: ابتاعي منهم، فإنهم ولد إسماعيل، وبنو العنبر بطن من بطون تميم، وفي رواية نسمة بدل سبية .. [انظر: المنهاج للنووي، وفتح المنعم بتصرف]
قلت سيف: أخرجه الطبراني في الأوسط 7962 من طريق مسلمة بن علقمة داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي هريرة وقال الدارقطني في العلل 2157 حديث مسلمة بن علقمة صحيح
أخرجه مسلم … ذكره بعد حديث أبي زرعه ولم يسق متنه كاملا. من طريق حامد بن عمر البكراوي عن مسلمة بن علقمة حدثنا داود عن الشعبي عن أبي هريرة …. فذكره
وأورده البخاري 2543 من طريق أبي زرعة وفيه ( …. وكانت سبية منهم عند عائشة فقال اعتقيها فإنها من ولد إسماعيل)
فرواية الطبراني توضح الرواية المختصرة عند مسلم.
ثانياً: يؤخذ من الحديث:
1 – جواز التفضيل بين القبائل، بهدف ديني، ولا يعد ذلك من الغيبة.
2 – فيها مناقب للقبائل التي فضلت.
3 – جواز استعمال الجناس، دون تكلف فإنه يلذ على السمع، لسهولته وانسجامه.
4 – أن الشرف يحصل للمجموع، إذا حصل لبعضه.
5 – أخذ بعضهم من قوله (موالي)، النهي عن استرقاقهم، وأنهم لا يدخلون تحت الرق.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا بعيد.
6 – جواز لعن الكفار جملة، أو لعن طائفة منهم، بخلاف الواحد بعينه.
7 – وجواز ذلك في القنوت في الصلاة.
8 – أن الإسلام يجب ما قبله.
9 – وجبر خاطر من وقع في زلات، ورد اعتباره إليه بالإحسان اللاحق.
10 – أن المسلم يسره ويفرحه قيام الآخرين بشعائر الإسلام.
11 – استحباب الدعاء بالهداية للضالين، وإن طلب الدعاء عليهم.
12 – أن الخصوصية لا تقتضي الأفضلية، فقد ذكرت خصوصيات لبني تميم وهم مع ذلك مفضولون.
13 – وفيها فضيلة ظاهرة لبني تميم.
14 – وفيها دليل للجمهور في صحة تملك العربي، وإن كان الأفضل عتق من يسترق منهم، وفرق بعضهم بين عربي من ولد فاطمة رضي الله عنها، مثلا، فيجب إعتاقه، وبين عربي من ولد إسماعيل عليه السلام فيستحب.
والله أعلم [فتح المنعم].
15 – ومن مجموع الروايات تكون غفار قد فضلت بأن الله غفر لها، وبأن مولاها الله ورسوله، وبأنها أفضل من بني تميم، وبني عامر وأسد وغطفان وطيئ وهوازن.
16 – أن الميزان الذي يعرف به المرء هو مدى تقبله للإسلام والعمل به.
====
====
ثالثًا: عام الوفود: تنبيه: وقد سبق الحديث عن الوفود في الصحيح المسند
وهنا نقول:
إنَّ العكوفَ على دراسةِ الوفودِ التي وفدت على النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-يُمكن أن يُثريَ فقه التعاملِ مع البشرِ بأنماطِهم المختلفةِ, وأحوالِهم المتعددةِ, ومَشَارِبهم المتباينةِ, وفي دراسةِ ذلكَ بيانٌ لعظمةِ ورَوعةِ تعامل النَّبيِّ الكريمِ مع النَّاسِ, وكيف استوعبهم النَّبيٌّ مع هذا الاختلافِ الكبيرِ في طبائعِهم ومشاربِهم.
سنة بداية الوفود:
اختلفَ العلماءُ في تاريخ مَقدمِ الوفودِ على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وفي عددِها, حيث أشارتِ المصادرُ الحديثيةُ والتاريخيةُ إلى قدومِ بعضِ الوفودِ إلى المدينة في تاريخ مبكِّرٍ, عن السنة التاسعة، ولعلَّ ذلك مما أدَّى إلى الاختلافِ في تحديدِ عددِ الوفودِ بين ما يزيد عن ستين وفداً عند البعض، وليرتفع فيبلغ أكثر من مائة وفد عند آخرين، ولعل البعض قد اقتصر على ذكر المشهور منهم.
وقد استقصى ابنُ سعد-رحمه الله- في جمع المعلومات عن الوفود، وقدم ترجمات وافية عن رجال الوفود، ومن كانت له صحبة منهم، وما ورد عن طريقهم من آثار، ولا تخلو أسانيد ابن سعد أحياناً من المطاعن، كما أن فيها أسانيد للثقات أيضاً [نضرة النعيم (1/ 397)]،
ولا شك في أن الأخبار التي أوردها المؤرخون ليست ثابتة بالنقل الصحيح المعتمد وفق أساليب المحدثين، رغم أن عدداً كبيراً من المرويات عن تلك الوفود ثابتة وصحيحة [السِّيرة النبوية الصحيحة (2/ 542)]، فقد أورد البخاري معلومات عن وفد قبيلة تميم وقدومه إلى النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-ووفود أخرى مثل: عبد القيس وبني حنيفة، ووفد نجران، ووفد الأشعريين وأهل اليمن، ووفد دوس [البخاري، كتاب المغازي، رقم 4365، 4368، 4372، 4392]، وتعززت أخبار هذه الوفود بمعلومات إضافية وردت في مصادر تاريخية إلى جانب ما ورد عنها في كتب السِّيرة والمغازي, وقد أورد مسلمٌ أخباراً عن أغلب الوفود المذكورة آنِفاً, كما أوردت بقية الكتب الستة معلومات أوسع شملت عدداً كبيراً من الوفود [نضرة النعيم (1/ 398)].
قال ابن إسحاق: قدمت وفودُ العربِ على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-، في سنة تسع للهجرة وكانت تُسمَّى بذلك، ففيها قدم وفد بني تميم، وفيها قدم وفد بني عامر، فيهم عامر بن الطٌّفَيل، وأربَدُ بن قيس بن جَزء بن خالد بن جعفر، وجَبَّار بن سلمى بن مالك بن جعفر، قاله ابن إسحاق.
وقال ابن إسحاق: لما افتتح رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- مكة, وفرغ من تبوك, وأسلمت ثقيف وبايعت, ضربت إليه وفود العرب من كلِّ وجه, فدخلوا في دين الله أفواجا يضربون إليه من كل وجه.
قال ابن هشام: حدّثني أبو عُبيدة: أنّ ذلك في سنة تسع، وأنها كانت تُسمّى سنة الوفود.
قال ابن إسحاق: وإنّما كانت العرب تَربّص بالإسلام أمر هذا الحيّ من قريش وأمر رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-، وذلك أن قريشاً كانوا إمام الناس وهاديهم، وأهل البيت الحرام، وصريح ولد إسماعيل بن إبراهيم-عليهما السلام-، وقادة العرب لا ينكرون ذلك، وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وخلافه، فلما افتُتحت مكة، ودانت له قريش، ودخلها الإسلام, وعرفت العرب أنه لا طاقة لهم بحرب رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- ولا عداوته، فدخلوا في دين الله، كما قال –عز وجل- لنبيِّه-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: {إِذَا جَاء نَصرُ اللَّهِ وَالفَتحُ وَرَأَيتَ النَّاسَ يَدخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفوَاجًا فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَاستَغفِرهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} سورة النصر: (1 – 3). أي: فاحمد الله على ما أظهر من دِينكَ، واستغفره إنه كان تَوَّاباً.
رابعًا: مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله تعالى
“من مواقف الحكمة ما فعله رسول اللَّه مع الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه، فقد أسلم الطفيل قبل الهجرة في مكة، ثم رجع إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام، فبدأ بأهل بيته، فأسلم أبوه وزوجته، ثم دعا قومه إلى اللَّه فأبت عليه وعصت، وأبطئوا عليه، فجاء الطفيل إلى رسول اللَّه وذكر له أن دوساً هلكت وكفرت وعصت وأبت.
فعن أبي هريرة قال: جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول اللَّه فقال: إن دوساً قد عصت وأبت، فادع اللَّه عليهم، فاستقبل رسول اللَّه القبلة ورفع يديه، فقال الناس: هلكوا. فقال: ((اللَّهم اهد دوساً وائت بهم، اللَّهم اهد دوساً وائت بهم)). [البخاري مع الفتح، في كتاب الجهاد، باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم، 6/ 107 (رقم 2937)، ومسلم، في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل غفار وأسلم وجهينة وأشجع وتميم ودوس وطيئ، 40/ 1957، (رقم 2524)، وأخرجه أحمد واللفظ له، 2/ 243، 448، وانظر: البداية والنهاية، 6/ 337، 3/ 99، وسيرة ابن هشام، 1/ 407.]
وهذا يدل على حلم النبي وصبره وتأنيه في الدعوة إلى اللَّه؛ فإنه لم يعجل بالعقوبة، أو الدعاء على من رد الدعوة وقد أسلموا [انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 1/ 346، وزاد المعاد، 3/ 626، والإصابة في تمييز الصحابة، 2/ 225.].
خامسًا: مسألة: الجمع بين أحاديث الدعاء على الكفار والدعاء لهم:
فقد ورد عنه الدعاء للمشركين، والدعاء عليهم، وإزاء ذلك فلا بد من النظر في تلك الروايات والتوفيق بينها، ومعرفة توجيهها.
ترجم البخاري –رحمه الله- في “صحيحه” “باب: الدعاء على المشركين” وأورد حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم أعنِّي عليهم بسبع كسبع يوسف) أي: سبع سنين عجاف لا ماء فيها ولا زرع. وأورد أيضاً حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنهما، قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأحزاب، فقال: (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب وزلزلهم).
وترجم “باب: الدعاء للمشركين” وأورد حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قدم الطفيل بن عمرو على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله! إن دوساً قد عصت، وأبت، فادع الله عليها، فظن الناس أنه يدعو عليهم، فقال: (اللهم اهد دوسا وأت بهم).
ووضع ترجمة ثالثة أبانَ فيها وجه الجمع بين الترجمتين السابقتين، فقال: “باب: الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم”، وأورد فيه حديث الدعاء لقبيلة دوس اليمانية بالهداية، وأن يأتوه مسلمين، فأجاب الله دعائه، وقدموا إليه مسلمين، وهذا وجه من وجوه الجمع بين الروايات.
ومن وجوه الجمع التي تقال في هذا المقام أن الدعاء على الكفار أو الدعاء لهم له أحوال؛ فحين يشتد عداؤهم ومحاربتهم للإسلام يدعى عليهم بكف شرهم وهزيمتهم، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق ويوم بدر، وحين يرجى إسلامهم يدعى لهم بالهداية. قال الحافظ ابن حجر: “كان -صلى الله عليه وسلم- تارة يدعو عليهم، وتارة يدعو لهم، فالحالة الأولى حيث تشتد شوكتهم ويكثر أذاهم، والحالة الثانية حيث تؤمن غائلتهم ويرجى تألفهم كما في قصة دوس”.
ولهذا لم يكن دأب النبي –صلى الله عليه وسلم- ديمومة الدعاء على الكفار في كل حال بل كان يدعو عليهم في حال دون حال، وعلى قوم دون آخرين، فتارة كما في “المعجم الكبير” عن سهل بن سعد الساعدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون). وتارة يقول: كما في البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه: (سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد). ثم يقول وهو قائم: (اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسنى يوسف، اللهم العن لحيان ورِعْلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله).
وبهذا تأتلف النصوص النبوية على هذا التفصيل، ويرتفع التعارض على هذا التأويل.
هذا، وقد حكى بعض شراح الحديث كابن بطال وغيره القول بنسخ جواز الدعاء على الكفار؛ ودليل النسخ عندهم قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران:128]،
لكن ما دام الجمع ممكناً بين الروايات. لا يقال بالنسخ
فأما الدعاء على الكفار، من حيث العموم، من غير تعيين شخصٍ بعينه منهم: مشروع، وهو نوع من مدافعتهم، والرغبة في زوال الشَّر وأهله؛ لا سيما المحاربين منهم.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا على طوائف من الكفار، وثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم الدعاء على الكفار، ومن ذلك:
1 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ” كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو فِي الْقُنُوتِ: (اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ).
رواه البخاري (2932).
قال ابن بطال رحمه الله: ” فيه جواز الدعاء على الكفار بالجوع والجهد وغيره، قال المهلب: وإنما دعا عليهم بالسبع سنين – والله أعلم – إرادة أن يضعفهم بالجوع عن طغيانهم؛ فإن نفس الجائع أخشع لله، وأقرب للانقياد والتذلل ” انتهى من ” شرح صحيح البخاري ” (3/ 6).
2 – وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: (مَلأَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ). رواه البخاري (4111).
قال ابن الملقن رحمه الله تعالى: ” فيه دليل على جواز الدعاء على الكفار بمثل هذا الدعاء، وعلى الإخبار بسبب الدعاء لإقامة العذر “.انتهى من ” الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ” (2/ 280).
3 – وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا وَصَاعِنَا) رواه البخاري (6372).
قال النووي رحمه الله تعالى: ” قال الخطابي وغيره: كان ساكنو الجحفة في تلك الوقت: يهودا، ففيه دليل للدعاء على الكفار بالأمراض والأسقام والهلاك “.انتهى من ” شرح صحيح مسلم ” (9/ 150).
وقال القرطبي رحمه الله تعالى: ” أما لعن الكفار جملة من غير تعيين، فلا خلاف في ذلك، لما رواه مالك عن داود بن الحصين أنه سمع الأعرج يقول: ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان.
قال علماؤنا: وسواء كانت لهم ذِمَّة أم لم تكن، وليس ذلك بواجب، ولكنه مباح لمن فعله، لجحدهم الحق وعداوتهم للدين وأهله ” انتهى من ” الجامع لأحكام القرآن ” (2/ 486).
وقال ابن تيمية رحمه الله في ” مجموع الفتاوى ” (8/ 335): ” والدعاء على جنس الظالمين الكفار: مشروع مأمور به، وشُرع القنوت، والدعاء للمؤمنين، والدعاء على الكافرين ” انتهى
وأما مسألة: لا يشرع الدعاء على الكافر المعيّن باللعنة؛ لأن الملعون مطرود ومُبعَد عن رحمة الله تعالى، وهذا الكافر المعين الحي لا نعرف بما سيختم به حياته، فقد يكون ممن يوفقه الله للإسلام ويدخله في رحمته، والله تعالى ربط اللعنة بالموت على الكفر قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) البقرة / 161.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: ” لا خلاف في جواز لعن الكفار، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن بعده من الأئمة يلعنون الكفرة في القنوت وغيره.
فأمّا الكافر المعين: فقد ذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يُلعن؛ لأنا لا ندري بما يختم الله له، واستدل بعضهم بالآية: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).وقالت طائفة أخرى: بل يجوز لعن الكافر المعين.
واختار ذلك الفقيه أبو بكر بن العربي المالكي، ولكنه احتج بحديث فيه ضعف، واستدل غيره بقوله عليه السلام في قصة الذي كان يؤتى به سكران فيحده، فقال رجل: لعنه الله، ما أكثر ما يؤتى به! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تلعنه؛ فإنه يحب الله ورسوله (، فدل على أن من لا يحب الله ورسوله يُلعن، والله أعلم “. انتهى من ” تفسير القرآن العظيم ” (2/ 138).
وقال ابن الملقن في كتابه ” الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ” (4/ 508 – 509): ” (لعن الله اليهود والنّصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد) … فيه: لعن اليهود والنصارى غير المعينين، وهو إجماع، سواء أكان لهم ذمة أم لم يكن، لجحودهم الحق وعداوتهم الدين وأهله.
واختلف في لعن المعين منهم، والجمهور على المنع لأن حاله عند الوفاة لا تعلم، وقد شرط الله في ذلك الوفاة على الكفر بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)، وأما ما روي أنه – عليه الصلاة والسلام – لعن قوما بأعيانهم من الكفار إنما ذلك لعلمه بمآلهم ” انتهى. وينظر أيضاً: ” مجموع الفتاوى ” (8/ 336)، ” الآداب الشرعية “، لابن مفلح (1/ 269).
وأما مسألة: الدعاء على كل الكافرين الذين هم فوق الأرض بالهلاك: فهو من الاعتداء في الدعاء.
قال الله تعالى، مؤدباً عباده في دعائهم ربهم: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) الأعراف/55.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ” فالاعتداء في الدعاء: تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله، من المعونة على المحرّمات.
وتارة يسأل ما لا يفعله اللّه، مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشريّة: من الحاجة إلى الطّعام والشّراب، ويسأله بأن يطلعه على غيبه، أو أن يجعله من المعصومين، أو يهب له ولدا من غير زوجة، ونحو ذلك ممّا سؤاله اعتداء لا يحبّه اللّه، ولا يحب سائله ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (15/ 22).
وإذا كان المسلم يُحب أن لا يرى فوق الأرض من يكفر بالله تعالى، فمن المعلوم- مع ذلك – أنّ الله قدّر بقاء الكفار لحكمة منه سبحانه وتعالى، وعليهم تقوم الساعة كما ثبت في أحاديث صحيحة.
ولأجل ذلك، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الدعاء بهلاك كل من فوق الأرض من الكافرين: هو دعاء بما قدر الله تعالى عدم وقوعه، والدعاء بما قدر الله عدم حصوله يعتبر اعتداء في الدعاء، والمسلم منهي عن الاعتداء في الدعاء.
وبهذا أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
” وقول الكاتب: (اللهم عليك بالكفار والمشركين واليهود، اللهم لا تبق أحدا منهم في الوجود، اللهم أفنهم فناءك عادا وثمود) والدعاء بفناء كل الكفار اعتداء في الدعاء؛ لأن الله قدر وجودهم وبقاءهم لحكمة، والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد “. انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ” (24/ 276).
وأبرز ما استدل به المجيزون للدعاء على كل الكفار بالهلاك، دعاء نوح عليه السلام على قومه، قال الله تعالى: (وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) نوح/ 26.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
” ودعاء نوح على أهل الأرض بالهلاك، كان بعد أن أعلمه الله أنه لا يؤمن من قومك إلا من قد آمن، ومع هذا فقد ثبت في حديث الشفاعة في الصحيح أنه يقول: (إني دعوت على أهل الأرض دعوة لم أُومر بها)، فإنه وإن لم ينه عنها، فلم يؤمر بها، فكان الأولى أن لا يدعو إلا بدعاء مأمور به، واجب أو مستحب، فإن الدعاء من العبادات فلا يعبد الله إلا بمأمور به، واجب أو مستحب، وهذا لو كان مأمورا به لكان شرعا لنوح، ثم ننظر في شرعنا: هل نسخه أم لا؟ ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (8/ 336).
ولم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء على الكفار كافة، بل كان يخص المعتدين منهم، ومن اشتد أذاه على المؤمنين، كما في الأحاديث التي مرّ ذكرها، أمّا من كان يرجو إسلامه: فكان من هديه صلى الله عليه وسلم الدعاء له.
كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ” قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا؟
فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ!!، قَالَ: (اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ) رواه البخاري (2937).
وقد أدخل البخاري في صحيحه هذا الحديث في باب ” باب الدعاء للمشركين ليتألفهم “.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: ” وقوله (ليتألفهم) من تفقه المصنف، إشارة منه إلى الفرق بين المقامين؛ وأنه صلى الله عليه وسلم كان تارة يدعو عليهم، وتارة يدعو لهم، فالحالة الأولى حيث تشتد شوكتهم ويكثر أذاهم … والحالة الثانية حيث تؤمن غائلتهم ويرجى تألفهم كما في قصة دوس ” انتهى من ” فتح الباري ” (6/ 108).
قال ابن الملقن رحمه الله تعالى: ” كان نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام يحب دخول الناس في الإسلام فكان لا يعجل بالدعاء عليهم ما دام يطمع في إجابتهم إلى الإسلام، بل كان يدعو لمن يرجو منه الإنابة، ومن لا يرجوه ويخشى ضره وشوكته، يدعو عليه كما دعا عليهم بسنين كسني يوسف، ودعا على صناديد قريش لكثرة أذاهم وعداوتهم، فأجيبت دعوته فيهم، فقتلوا ببدر، كما أسلم كثير ممن دعا له بالهدى “. انتهى من ” التوضيح لشرح الجامع الصحيح ” (18/ 30).
ويقول ابن باز في جواب سؤال: ما حكم الدعاء للفاسقين خاصة من الأهل والأقارب والأصدقاء علمًا بأنهم مسلمون ولله الحمد؟ أفتونا مأجورين.
الجواب:
الدعاء لهم طيب ومستحب أن الله يهديهم ويوفقهم ويصلح حالهم والدعاء لهم مشروع، قيل للنبي ?: يا رسول الله: إن دوسًا عتت وطغت فادع الله عليهم، فقال النبي ?: اللهم اهد دوسًا وأت بهم [أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم برقم 2937، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة برقم 2524].
فهداهم الله وأسلموا، فإذا دعي للكفار أو الفساق بالهداية أن الله يمن عليهم بالهداية وبالتوبة فهذا من باب الإحسان، ومن باب المعروف، لكن من ظلم منهم ودعي عليه لظلمه له، أن الله يكفيه شره، وأن الله يسلط عليه، فهذا لا حرج فيه؛ لأنه ممن ظلم. والله ولي التوفيق [نشر في المجلة العربية جمادى الأولى عام 1413هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 26/ 130)].
الخلاصة:
الدعاء على الكفار قال بعض العلماء:
فإن الدعاء على الكافرين بالتعميم جائز ٌ، فيدعى عليهم بالهلاك إذا كان مصلحةً، فإن رُجيَ هدايتهم دُعي لهم بالهداية. وقد جاءت السنة بهذا وهذا، فبوَّبَ البخاري في كتاب الدعوات من ((صحيحه)): باب الدعاء على المشركين. وباب الدعاء للمشركين، وفي كتاب الاستسقاء نحوه. بيان الدليل على مشروعية الدعاء على الكافرين بالهلاك على وجه التعميم استنبط الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) 7/ 384: الدعاء على المشركين بالتعميم من قصة خبيب بن عدي، حيث دعا فقال: ((اللهم احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تبق منهم أحداً)) وهي دعوةٌ في زمن الوحي ولم تُنكر، والعبرة بعموم لفظها لا بخصوص سببها. وقوله ?: ((قاتل الله اليهود … )) الحديث. يحتمل أن يكون إخباراً، ويحتمل أن يكون دعاءً. قال القاضي ـ كما في المرقاة للقاري ـــ 6/ 19: قاتل الله اليهود أي: عاداهم. وقيل: قتلهم. فأخرج في صورة المغالبة. وفي ((الصحيحين)) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ? قال: ((لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)). وجاء لعن كفرة بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم.
ودعاء نوح وقد استجيب له، وان هذا لم ينسخ في شرعنا كما قرره ابن تيمية في مجموع الفتاوى 8/ 336، واستدل ابن حجر بعموم دعوة خبيب، بل هو شرع لنا فبوب البخاري باب الدعاء على المشركين، وذكر أحاديث الباب وحديث أبي هريرة بنحوه، ولا يعارض قوله تعالى (ليس لك من الأمر شئ) لأن هذا في غزوة أحد، والآية نهت عن الدعوة لمعين. قرره ابن حجر، وحرر أن الآية لا تتناول قصة مضر إسنادا ولا متنا.
وكذلك دعوة موسى عليه السلام (ربنا اطمس على أموالهم … ) قال ابن كثير: هذه دعوة غضب لله تعالى فاستجاب الله لها، ولا يعارض قوله تعالى (وأمم سنمتعهم … ) لأن هذا قدر الله وهو علمه وكتابته، والشرع وظيفة العبد. انتهى مختصرا
وقال أخرون أن الدعاء على عموم الكفار لا يجوز أما نوح عليه السلام فشرع من قبلنا، ثم ربه أعلمه انه لن يؤمن إلا من قد آمن أما دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إنما فيها التضييق على الكفار وهذا لمصلحتهم.
والمسألة تحتاج لتحرير