46 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة، والمدارسة
——————–
مسند أحمد
14369 – حدثنا أبو معاوية، حدثنا عبد الملك، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: ” بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة قبل الخطبة في العيدين بغير أذان ولا إقامة “، قال: ” ثم خطب الرجال وهو متوكئ على قوس “، قال: ” ثم أتى النساء فخطبهن، وحثهن على الصدقة “، قال: ” فجعلن يطرحن القرطة، والخواتيم، والحلي إلى بلال، قال: ولم يصل قبل الصلاة، ولا بعدها ”
قلت سيف: على الشرط هو في مسلم 885 بنحوه والبخاري مختصر 958
لكن في مسند أحمد زياده (لم يصل قبلها ولا بعدها)
—————-
الحديث يبين مسائل عديدة:
ا- الصلاة قبل الخطبة ولا يجوز تقديمها على الصلاة
2 – لا يشرع الأذان والإقامة في العيدين
3 – فيه إثبات خطبة العيد
4 جواز الاتيان إلى النساء و تذكيرهن و حثهن على الصدقة بعد خطبة الرجال
5 – لا يشرع التنفل لا قبل الصلاة و لا بعدها لا في المسجد و لا في المصلى، و يجوز فعلها في البيوت.
تنبيه: سأذكر هذه المسائل و غيرها بالتفصيل من كلام أهل العلم.
وهناك مسائل كثيرة متداخلة بعضها مع بعض، فأحببت جمعها وإظهارها للأحبة لمنابسة قرب العيد، راجيا من الله الثواب وحده.
[الأصل في صلاة العيد]
قال ابن قدامة في المغني (2/ 272):
الأصل في صلاة العيد الكتاب والسنة والإجماع؛ أما الكتاب فقول الله تعالى: {فصل لربك وانحر} [الكوثر: 2]. المشهور في التفسير أن المراد بذلك صلاة العيد. وأما السنة فثبت بالتواتر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يصلي صلاة العيدين. قال ابن عباس: «شهدت صلاة الفطر مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر، وعمر، فكلهم يصليها قبل الخطبة.» وعنه «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – صلى العيد بغير أذان ولا إقامة». متفق عليهما.
وأجمع المسلمون على صلاة العيدين.
[حكم صلاة العيد]
وقد اختلف في حكم صلاة العيد بعد إجماع الأمة على مشروعيتها.
فقال أبو حنيفة، رحمه الله: واجبة على الأعيان، و هو الراجح عند ابن تيمية، وابن باز، والعثيمين.
وقال المالكية والشافعية: سُنّة مؤكدة.
وقال أحمد وجماعة: فرض على الكفاية.
واستدل الأوّلون بمواظبته عليه الصلاة والسلام عليها من غير ترك.
واستدلّ للمالكية والشافعية بحديث الأعرابي في الصحيحين: هل عليّ غيرها؟ قال: “لا إلاّ أن تطوّع”. وحديث: “خمس صلوات كتبهنّ الله في اليوم والليلة”. وحملوا ما نقله المزني عن الشافعي: أن من وجب عليه الجمعة وجب عليه حضور العيدين، على التأكيد، فلا إثم ولا قتال بتركها.
واستدلّ الحنابلة بقوله تعالى: {فصل لربك وانحر} وهو يدل على الوجوب.
وحديث الأعرابي يدل على: أنها لا تجب على كل أحد، فتعين أن تكون فرضًا على الكفاية.
قال ابن قدامة في المغني (2/ 242): ولنا على وجوبها في الجملة أمر الله تعالى بها بقوله: {فصل لربك وانحر} والأمر يقتضي الوجوب ومداومة النبي صلى الله عليه و سلم على فعلها، وهذا دليل الوجوب، ولأنها من أعلام الدين الظاهرة فكانت واجبة كالجمعة ولأنها لو لم تجب لم يجب قتال تاركيها كسائر السنن يحققه أن القتال عقوبة لا تتوجه إلى تارك مندوب كالقتل والضرب فأما حديث الأعرابي فلا حجة لهم فيه لأن الأعراب لا تلزمهم الجمعة لعدم الاستيطان فالعيد أولى والحديث الآخر مخصوص بما ذكرناه على أنه إنما صرح بوجوب الخمس وخصها بالذكر لتأكيدها ووجوبها على الأعيان ووجوبها على الدوام وتكررها في كل يوم وليلة وغيرها يجب نادرا لعرض كصلاة الجنازة والمنذورة، والصلاة المختلف فيها فلم يذكرها وقياسهم لا يصح لأن كونها ذات ركوع وسجود لا أثر له بدليل أن النوافل كلها فيها ركوع وسجود وهي غير واجبة فيجب حذف هذا الوصف لعدم أثره ثم ينقض قياسهم بصلاة الجنازة وينتقض على كل حال بالمنذورة.
قال ابن باز في المجموع (13/ 7): ج: صلاة العيد فرض كفاية عند كثير من أهل العلم، ويجوز التخلف من بعض الأفراد عنها، لكن حضوره لها ومشاركته لإخوانه المسلمين سنة مؤكدة لا ينبغي تركها إلا لعذر شرعي، وذهب بعض أهل العلم إلى أن صلاة العيد فرض عين كصلاة الجمعة، فلا يجوز لأي مكلف من الرجال الأحرار المستوطنين أن يتخلف عنها، وهذا القول أظهر في الأدلة وأقرب إلى الصواب، ويسن للنساء حضورها مع العناية بالحجاب والتستر وعدم التطيب؛ لما ثبت في الصحيحين عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت: «أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق والحيض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين وتعتزل الحيض المصلى» وفي بعض ألفاظه: «فقالت إحداهن: يا رسول الله لا تجد إحدانا جلبابا تخرج فيه، فقال صلى الله عليه وسلم: لتلبسها أختها من جلبابها»
ولا شك أن هذا يدل على تأكيد خروج النساء لصلاة العيدين ليشهدن الخير ودعوة المسلمين.
قال العثيمين في المجموع (16/ 214): الذي أرى أن صلاة العيد فرض عين، وأنه لا يجوز للرجال أن يدعوها، بل عليهم حضورها، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بها بل أمر النساء العواتق وذوات الخدور أن يخرجن إلى صلاة العيد، بل أمر الحيض أن يخرجن إلى صلاة العيد ولكن يعتزلن المصلى، وهذا يدل على تأكدها، وهذا القول الذي قلت إنه الراجح هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
[من سنن العيد]:
الغسل يوم العيد:
عن زاذان قال: سأل رجل عليا رضي الله عنه عن الغسل؟ قال: اغتسل كل يوم إن شئت فقال: لا الغسل الذي هو الغسل قال: يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر. ويوم النحر. ويوم الفطر. وسنده صحيح، انظر [ارواء الغليل: 1: 177]
وأما غسله للعيدين فمستحب عند جماعة علماء المدينة
كان بن عمر وسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وعبيد الله بن عبد الله يغتسلون ويأمرون بالغسل للعيدين
وروي ذلك عن جماعة من علماء أهل الحجاز والعراق والشام منهم علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعلقمة والحسن وقتادة ومحمد بن سيرين ومجاهد ومكحول
واتفق الفقهاء على أنه حسن لمن فعله والطيب يجزئ عندهم منه ومن جمعهما فهو أفضل. [الاستذكار: 2/ 377، 378]
[التجمل للعيدين]
عن (سالم بن عبد الله) أن (عمر) رضي الله تعالى عنهما قال وجد عمر حلة إستبرق تباع في السوق فأتى بها رسول الله فقال يا رسول الله ابتع هذه الحلة فتجمل بها للعيد وللوفود فقال رسول الله إنما هاذه لباس من لا خلاق له أو إنما يلبس هذه من لا خلاق له فلبث ما شاء الله ثم أرسل إليه النبي بجبة ديباج فأقبل بها عمر حتى أتى رسول الله فقال يا رسول الله قلت إنما هذه لباس من لا خلاق له أو إنما يلبس هذه من لا خلاق له ثم أرسلت إلي بهذه فقال تبيعها أو تصيب بها بعض حاجتك. رواه البخاري
قال ابن قدامة في المغني (3/ 257): ويستحب أن يتنظف، ويلبس أحسن ما يجد، ويتطيب، ويتسوك.
[مسألة السنة أن يأكل في الفطر قبل الصلاة ولا يأكل في الأضحى حتى يصلي]
عن أنس: ((كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وتراً)). رواه البخاري وغيره
وروى ابن أبي شيبة (2/ 161) من طريق عبدالله بن الحارث عن ابن عباس قال:
إذا خرجت يوم العيد- يعني: الفطر، فكُلْ ولو تمرة. وإسناده صحيح، وعبدالله هذا هو الأنصاري أبو الوليد.
وفي معنى حديث الترجمة ما رواه البيهقي (3/ 283) بسند صحيح عن سعيد بن المسيب قال:
كان المسلمون يأكلون يوم الفطر قبل الصلاة؛ ولا يفعلون ذلك يوم النحر
فإن (المسلمون) في هذا الأثر إنما هم أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – الذين تلقوا هذه السنة من النبي – صلى الله عليه وسلم -، وهي المقصودة بقول ابن عباس: ((من السنة))؛ كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث. السلسلة الصحيحة (7/ 39).
[و من السنة: مخالفة الطريق]
وعن جابر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق. رواه البخاري
قال الطيبي في شرح المشكاة: قوله: ((خالف الطريق)) أي يخرج في طريق، ويرجع في آخر، قيل: والسبب فيه يحتمل وجوهاً، منها: أن يشمل الطريقين بركته، وبركة من معه من المؤمنين، ومنها: أن يستغنى منه أهل الطريقين، ومنها: إشاعة ذكر الله، ومنها: التحرز عن كيد الكفار، ومنها: اعتياده أخذه ذات اليمين حبث عرض له سبيلان ومنها: أخذ طريق أطول في الذهاب إلي العبادة، ليكثر خطاه، فزيد ثوابه، وأخذ طريق أقصر ليسرع إلى مثواه.
[من السنة: الخروج الى العيد ماشيا و يرجع ماشيا]
عن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخرج إلى العيد ماشيا ويرجع ماشيا (حسن) الارواء 636.
قال ابن قدامة في المغني (2/ 277): ويستحب أن يخرج إلى العيد ماشيا، وعليه السكينة والوقار، كما ذكرنا في الجمعة. وممن استحب المشي عمر بن عبد العزيز، والنخعي، والثوري والشافعي، وغيرهم.
قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 264): المشي إلى العيد أحسن وأقرب إلى التواضع ولا شيء على من ركب.
[الصلاة قبل الخطبة]
وعن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة. متفق عليه.
وسئل ابن عباس: أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد؟ قال: نعم، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى، ثم خطب، ولم يذكر أذاناً ولا إقامة، ثم أتى النساء فوعظهن، وذكرهن، وأمرهن بالصدقة، فرأيتهن يهوين إلى آذانهن وحلوقهن يدفعن إلى بلال، ثم ارتفع هو وبلال إلى بيته. متفق عليه.
قال الطيبي في شرح المشكاة: قوله: ((وأبو بكر وعمر يصلون)): ذكر الصحابي الشيخين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يقرره من السنة، إنما يكون علي وجه البيان لتلك السنة أنها ثابتة معمول بها، قد عمل بها الشيخان بعده، ولم ينكر عليهما ولم يغير، وكان ذلك بمحضر من مشيخة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وليس ذكرهما على سبيل الاشتراك- معاذ الله أن يظن بهم ذلك!.
قال النووي على شرح مسلم (6/ 172): وفي هذه الأحاديث استحباب وعظ النساء وتذكيرهن الآخرة وأحكام الإسلام وحثهن على الصدقة وهذا إذا لم يترتب على ذلك مفسدة وخوف على الواعظ أو الموعوظ أو غيرهما، وفيه أن النساء إذا حضرن صلاة الرجال ومجامعهم يكن بمعزل عنهم خوفا من فتنة أو نظرة أو فكر ونحوه وفيه أن صدقة التطوع لا تفتقر إلى إيجاب وقبول بل تكفي فيها المعاطاة لأنهن ألقين الصدقة في ثوب بلال من غير كلام منهن ولا من بلال ولا من غيره وهذا هو الصحيح في مذهبنا.
قال السندي في حاشيته على المسند: قوله (يَطْرَحْنَ الْقِرَطَةَ) بكسر قاف وفتح راء، كقِرَدة، جمع قُرْط بالضم، وهو المعلق بشحمة الأذن (قَبْلَ الصَّلَاةِ) أي: قبل صلاة العيد (وَلَا بَعْدَهَا) أي: في المصلى، أو المراد أنه ما صلى قبل ولا بعد، كما يصلي الرواتب قبل الفرائض، والمراد: نفي أن يكون لصلاة العيد راتبه قبل أو بعد كما يكون لبعض الفرائض، والله تعالى أعلم.
قال العباد:، وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخطب على مكان مرتفع في المصلى، فذهب إلى النساء ووعظهن وذكرهن وحثهن على الصدقة، وبسط بلال رداءه، فجعلن يلقين في رداء بلال من فتخاتهن، والفتخات هي خواتم تكون في أصابعهن، وجاء أنهن كن يلقين من أقراطهن وخواتيمهن، والأقراط هي التي تعلق بالأذن، والخواتيم هي التي تكون في الأصابع، يعني يتصدقن، وهذا يدل على أن المرأة لها أن تخرج بحليها إلى الصلاة، وليس عليها أن تنزع حليها إذا أرادت أن تخرج للصلاة أو غيرها، ولكنها تستر وجهها وتستر زينتها، ولا تظهر زينتها للناس. [شرح سنن ابي داود]
[ماهي السنة في التكبير في العيد متى تبدأ ومتى تنتهي؟ وما هي صيغته؟ … ]
قال ابن قدامة في المغني (2/ 273): ومعنى إظهار التكبير رفع الصوت به، واستحب ذلك لما فيه من إظهار شعائر الإسلام، وتذكير الغير، وكان ابن عمر يكبر في قبته بمنى، يسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيرا. قال أحمد: كان ابن عمر يكبر في العيدين جميعا، ويعجبنا ذلك.
قلت سيف: تنبيه: هكذا وقع أيضاً في مطبوعة المغني دار عالم الكتب (وكان ابن عمر يكبر في قبته بمنى، يسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيرا) وعزاه المحققون للبخاري معلقا، لكن في البخاري (وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته … )
واختص الفطر بمزيد تأكيد؛ لورود النص فيه، وليس التكبير واجبا. وقال داود: هو واجب في الفطر؛ لظاهر الآية. ولنا، أنه تكبير في عيد، فأشبه تكبير الأضحى، ولأن الأصل عدم الوجوب، ولم يرد من الشرع إيجابه، فيبقى على الأصل، والآية ليس فيها أمر، إنما أخبر الله تعالى عن إرادته، فقال: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} [البقرة: 185]
1395فصل: ويستحب أن يكبر في طريق العيد، ويجهر بالتكبير.
قال ابن أبي موسى: يكبر الناس في خروجهم من منازلهم لصلاتي العيدين جهرا، حتى يأتي الإمام المصلى، ويكبر الناس بتكبير الإمام في خطبته، وينصتون فيما سوى ذلك.
قال سعيد: حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا خرج من بيته إلى العيد كبر حتى يأتي المصلى. وروي ذلك عن سعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، واختلف فيه عن إبراهيم
(1396) فصل: قال القاضي: التكبير في الأضحى مطلق ومقيد؛ فالمقيد عقيب الصلوات.
والمطلق في كل حال في الأسواق، وفي كل زمان. وأما الفطر فمسنونه مطلق غير مقيد، على ظاهر كلام أحمد
قال السعدي في منهج السالكين: اَلتَّكْبِيرُ اَلْمُطْلَقُ: لَيْلَتَيْ اَلْعِيدِ، وَفِي كُلِّ عَشْرِ ذِي اَلْحِجَّةِ.
وَالْمُقَيَّدُ: عَقِبَ الْمَكْتُوبَاتِ مِنْ صَلَاةِ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ اَلتَّشْرِيقِ.
قال الشيخ الالباني في سلسلة الهدى والنور / ش 17: يسنّ في حقه أن يكبّر، والتكبير هنا شعيرة من شعائر العيد، فيستحبّ للمكبّر أن يرفع صوته ما بين دراه وما بين مصلاّه، ولكن لا يسنّ الاجتماع على التّكبير، إذا كانوا جماعة يمشون مع بعض مثلا، أو كانوا راكبين سيارة.
[صيغ التكبير]
حرص السلف الصالح على اتباع السنة في كل عبادتهم لاسيما في المواسم والأوقات الفاضلة .. فمن هذه المواسم التكبير في أيام العشر من ذي الحجة .. فتعال أخي الكريم نتعرف على بعض صيغ التكبير التي ثبتت عند السلف الصالح:
1 – ” الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد ”
قال ابن قدامة: وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وبه قال الثوري وابو حنيفة وأحمد واسحاق. [المغني (3/ 290)].
وممن اختار هذا القول:
شيخ الإسلام الفتاوى (24/ 220)]].
و الحافظ ابن رجب لطائف المعارف (ص 364)]].
والشيخ الألباني تمام المنة (ص356)]].
والشيخ ابن عثيمين الشرح الممتع (5/ 225)]].
2 – ” الله أكبر كبيراً، الله أكبر كبيرا، الله أكبر وأجل، الله أكبر ولله الحمد ”
رويت عن ابن عباس روى هذه الصيغة الدارقطني في سننه [(2/ 25) (1721) وابن أبي شيبة 1/490، وصححه الألباني في الإرواء [(3/ 126]).
3 – ” الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلا ”
رواه البيهقي عن الشافعي في معرفة السنن (5/109)، واختارها النووي في الأذكار [الأذكار (ص 20]].
4 – ” الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد ”
روي عن ابن مسعود .. [رواه ابن ابي شيبة في مصنفه (2/ 165].
5 – ” لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”
قال الشوكاني: جاء عن عمر وابن مسعود. [نيل الأوطار (3/ 330)]].
6 – ” الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ”
وبه قال ابن عباس و مالك والشافعي .. [المغني (3/ 290) طبعة دار الهجرة].
7 – ” الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً ”
رواه البيهقي عن سلمان [السنن الكبرى (3/ 316)]، واختاره ابن حجر [فتح الباري (2/ 462)]، والشوكاني [نيل الأوطار (3/ 330)])].
8 – ” الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا ”
رواه البيهقي عن ابن عباس [السنن الكبرى (3/ 315)]، وقال الألباني سنده صحيح [الإرواء (3/ 125)].
[افتتاح خطبة العيد أو خطبة العيد بالتكبير، ليس له أصل في السنة مطلقا]
قال العلامة الالباني في سلسلة الهدى و النور / ش 17:
فإنّ افتتاح خطبة العيد أو خطبة العيد بالتكبير، ليس له أصل في السنة مطلقا، وكل ما جاء في الموضوع، إنما هو ما روى ابن ماجه في سننه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يكبر في تضاعيف خطبة العيد أي في أثناء الخطبة، يدخل في خطبته التكبير، وهذا لا يعني بداهة أنه كان يفتتح خطبته بالتكبير، ومع ذلك فهذا الحديث الذي نقلته لكم آنفا، من سنن ابن ماجه، إسناده ضعيف لا تقوم به الحجّة، وإذا تبينت هذه الحقيقة، فالّذي يشرع لخطيب العيد، هو الذي يشرع لخطيب الجمعة، ولكل خطيب وهو أن يفتتح خطبته بما كان رسول الله صلّى الله عليه وآله و سلّم يفتتح خطبته، بقوله صلّى الله عليه وسلّم (إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره) ويذكر ويبين للناس ما يحتاجونه … انتهى باختصار
قال الشيخ السعدي: الصحيح أنه يستحب افتتاح جميع الخطب بالحمد، الجمعة والعيد وغيرهما؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه افتتح خطبة بغير الحمد. “المختارات، ص: 52”.
[صلاة العيدين في المصلى هي السنة]
قال ابن قدامة في المغني (2/ 275): السنة أن يصلي العيد في المصلى، أمر بذلك علي – رضي الله عنه -. واستحسنه الأوزاعي، وأصحاب الرأي. وهو قول ابن المنذر.
قال الألباني: ذكر غير واحد من الحفاظ المحققين “أن هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة العيدين كان فعلهما في المصلى دائما”
ويؤيد هذا الأحاديث الكثيرة التي وردت في ذلك في الصحيحين والسنن والمسانيد وغيرها من طرق كثيرة جدا فلا بد من ذكر شيء منها في هذه العجالة حتى يتبين للقارئ الكريم صواب ما ذكرته فأقول:
الحديث الأول: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم فإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه أو يأمر بشيء أمر به ثم ينصرف قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك …. “.
رواه البخاري “2/ 259 – 260” ومسلم “3/ 20” والنسائي “1/ 234” والمحاملي في “كتاب العيدين” “ج 2 رقم 86 من نسختي بخطي” وأبو نعيم في ” مستخرجه ” “2/ 10 / 2” والبيهقي في سننه “3/ 280”
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “كان صلى الله عليه وسلم يغدو إلى المصلى في يوم العيد والعنزة تحمل بين يديه فإذا بلغ المصلى نصبت بين يديه فيصلي إليها وذلك أن المصلى كان فضاء ليس فيه شيء يستتر به”.
رواه البخاري “1/ 354″ ومسلم
و للمزيد انظر رسالة طيبة للعلامة الالباني [صلاة العيدين في المصلى هي السنة]
[صلاة العيد ركعتان]
(وعن ابن عباس – رضي الله عنه – «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – صلى يوم العيد ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها». أخرجه السبعة)
قال ابن قدامة في المغني (2/ 279): لا خلاف بين أهل العلم في أن صلاة العيد مع الإمام ركعتان، وفيما تواتر عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه صلى العيد ركعتين، وفعله الأئمة بعده إلى عصرنا، لم نعلم أحدا فعل غير ذلك، ولا خالف فيه.
قال الصنعاني في سبل السلام (1/ 430): هو دليل على أن صلاة العيد ركعتان، وهو إجماع فيمن صلى مع الإمام في الجبانة، وأما إذا فاتته صلاة الإمام فصلى وحده فكذلك عند الأكثر.
[لا اذان ولا اقامة في العيد]
عن جابر بن سمرة قال:
صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد ـ غير مرة ولا مرتين ـ بغير أذان ولا إقامة. حسن صحيح ـ ((صحيح أبي داود)) (1042).
قال النووي على شرح مسلم (6/ 175): هذا دليل على أنه لا أذان ولا إقامة للعيد وهو إجماع العلماء اليوم وهو المعروف من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين.
قال الطيبي في شرح المشكاة (4/ 1291): العمل على هذا عند عامة أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا أذان ولا إقامة لصلاة العيد، ولا شيء من النوافل.
[التكبير في الأولى سبعا و في الثانية خمسا]
(حديث عائشة مرفوعا: ” التكبير فى الفطر والأضحى: فى الأولى سبع تكبيرات , وفى الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرتى الركوع ” رواه أبو داود. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه (ص 151).
* صحيح. [الارواء: برقم 639].
قال ابن رجب في الفتح (6/ 177): فأما التكبير في الأولى سبعاً وفي الثانية خمساً، وهو قول جمهور العلماء، وقد روي عن عمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة، وعن عمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير ومجاهد والزهري، وقال: مضت السنة به.
وحكاه ابن أبي الزناد عن فقهاء المدينة السبعة.
وهو قول مكحول وربيعة والليث والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وداود.
وأكثر أهل الحديث، منهم: ابن المديني وابن أبي شيبة وأبو خثيمة وسليمان بن داود الهاشمي وغيرهم.
و قال أيضا: ونقل الميموني، عن أحمد، قال: التكبير في العيدين سبعاً في الأولى وخمساً، وقد اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التكبير، وكله جائز.
وهذا نص منه على أنه يجوز التكبير على كل صفة رويت عن الصحابة من غير كراهة، وإن كانَ الأفضل عنده سبعاً في الأولى وخمساً في الثانية.
ورجح هذا ابن عبد البر، وجعله من الاختلاف المباح، كأنواع الأذان والتشهدات ونحوها.
قال العباد: لأن التكبير هنا المقصود به التكبيرات التي تكون في صلاة العيد في الركعة الأولى وفي الركعة الثانية، والذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عنه أنه كان يكبر سبعاً في الأولى وخمساً في الثانية، غير تكبيرة الإحرام، وغير تكبيرة الانتقال، وإنما هي تكبيرات زائدة عن التكبيرات الواجبة في الصلاة، وهي تكبيرة الإحرام وتكبيرات الانتقال وتكبيرة الركوع. [شرح سنن أبي داود]
قلت سيف: هل تدخل تكبيرة الإحرام في السبع، ظاهر كلام العباد أنها لا تدخل، والحديث يحتمل الأمرين، وورد أثر عن ابن عباس أنها تحسب كما في مصنف ابن أبي شيبة 2/ 173، وهو ظاهر فعل أبي هريرة رضي الله عنه كما في الموطأ 1/ 180 بإسناد صحيح. فالأخذ بقول ابن عباس أولى وهو ظاهر اختيار ابن تيمية واختاره ابن باز
وقد صحح الألباني أربعا في العيدين كتبير الجنائز وفي اسانيدها ضعف راجع التنقيح لابن الجوزي، ونصب الراية 2/ 214 وتحقيق المسند 11/ 283 فنقل ابن حجر في التلخيص أن حديث سبعا في الأولى وخمسا في الثانية صححه أحمد وعلي والبخاري.
وقال الألباني بعد أن صحح الأربع: والحق أن ذلك كله جائز وإن كان السبع والخمس أحب إلي لأنه أكثر. الصحيحة 6/ 1263
[مسألة ماذا يقال بين تكبيرات العيد]
روى المحاملي في ” صلاة العيدين ” (2/ 121) من طريق هشام عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال في صلاة العيد: ” بين كل تكبيرتين حمد الله عز وجل وثناء على الله ” قال الالباني في الارواء (3/ 115): و هذا اسناد جيد
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية:
هل يتعين قراءة بعينها في صلاة العيدين؟ وما يقول الإنسان بين كل تكبيرتين؟
فأجاب:
الحمد لله، مهما قرأ به جاز. كما تجوز القراءة في نحوها من الصلوات. لكن إذا قرأ بقاف واقتربت أو نحو ذلك. مما جاء في الأثر كان حسنا. وأما بين التكبيرات: فإنه يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو بما شاء. هكذا روى نحو هذا العلماء عن عبد الله بن مسعود. وإن قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد اللهم اغفر لي وارحمني كان حسنا. وكذلك إن قال: الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا. ونحو ذلك وليس في ذلك شيء مؤقت عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والله أعلم. مجموع الفتاوى (20/ 219 – 220).
[الجهر بالقراءة في صلاة العيد]
وقال ابن المنذر: أكثر أهل العلم يرون الجهر بالقراءة، وفي إخبار من أخبر بقراءة النبي – صلى الله عليه وسلم – دليل على أنه كان يجهر، ولأنها صلاة عيد، فأشبهت الجمعة. ويستحب أن يقرأ في الأولى ب (سبح)، وفي الثانية بالغاشية.
عن النعمان بن بشير قال:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}
و: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ}. رواه مسلم
وعن عبيد الله: أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي: ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر؟ فقال: كان يقرأ فيهما: بـ (ق والقرآن المجيد) و (اقتربت الساعة). رواه مسلم.
[يستحب الإستماع لخطبة العيد، و هو مخير بين الإنصراف و الاستماع]
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِيدَ، قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْصَرِفَ فَلْيَنْصَرِفْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيُقِمْ»
قال السندي في حاشيته على النسائي (3/ 185): وَمن أحب أَن يُقيم من الْإِقَامَة أَي يسكن وَيقْعد وَعلم مِنْهُ أَن سَماع خطْبَة الْعِيد غير وَاجِب.
قال الشوكاني -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفيه أن تخيير السامع لا يدل على عدم وجوب الخطبة، بل على عدم وجوب سماعها، إلا أن يقال: إنه يدلّ من باب الإشارة, لأنه إذا لم يجب سماعها لا يجب فعلها، وذلك لأن الخطبة خطاب، ولا خطاب إلا لمخاطب، وإذا لم يجب السماع على المخاطب لم يجب الخطاب، وقد اتفق الموجبون لصلاة العيد وغيرُهُم على عدم وجوب خطبته، ولا أعرف قائلاً بوجوبها انتهى. “نيل الأوطار” ج3 ص 363.
[هل خطبة العيد خطبتان أم خطبة واحدة]
اختلف أهل العلم على قولين:
الأول: خطبة العيد خطبتان و هو مذهب الجمهور، و استدلوا بأثر عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ قال: «السُّنَّةُ أن يخطبَ الإمامُ في العِيدين خُطبتين يفصل بينهما بجلوس»، وما أخرجه ابن ماجه من حديث جابر رضي الله عنه قال: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفِطْرِ أَوِ الأَضْحَى فَخَطَبَ قَائِمًا ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً ثُمَّ قَامَ»
و القول الثاني: خطبة العيد خطبة واحدة، وقالوا لم يثبت لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم و لا من فعله خطب خطبتين و هو الصحيح
ما استدل به الفريق الأول على الجواز، فكلا الحديثين ضعيفين، و الأمر الآخر قياسهم على خطبة الجمعة، فهو قياس مع الفارق.
قال النووي: «ولم يثبت في تكرير الخُطبة شيءٌ، ولكن المعتمد فيه القياس على الجمعة» الخلاصة للنووي: (2/ 83)
وقال الصنعاني: «وليس فيه أنها خطبتان كالجمعة وأنه يقعد بينهما، ولعلّه لم يثبت ذلك من فعله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وإنما صنعه الناس قياسًا على الجمعة» سبل السلام للصنعاني: (2/ 670).
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: ” وقوله: ” خطبتين ” هذا ما مشى عليه الفقهاء رحمهم الله أن خطبة العيد اثنتان؛ لأنه ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجه بإسناد فيه نظر، ظاهره أنه كان يخطب خطبتين. ومن نظر في السنة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة، لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى توجه إلى النساء ووعظهن، فإن جعلنا هذا أصلا في مشروعية الخطبتين فمحتمل، مع أنه بعيد؛ لأنه إنما نزل إلى النساء وخطبهن لعدم وصول الخطبة إليهن، وهذا احتمال. ويحتمل أن يكون الكلام وصلهن ولكن أراد أن يخصهن بخصيصة، ولهذا ذكرهن ووعظهن بأشياء خاصة بهن ” انتهى من “الشرح الممتع” (5/ 191).
قلت سيف: ورد في حديث ابن عباس ( … فرأى أنه لم يسمع النساء فأتاهن وذكرهن ووعظهن وأمرهن بالصدقة … ) أخرجه البخاري 1449، ومسلم 884
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
الأحاديث المتكاثرة في صلاة العيد الصحيحة ليس فيها إلا خطبة وخطب خطبة العيد وهي أحاديث جماعة من الصحابة فإن قال قائل كما قال الشوكاني: تقاس على الجمعة، فالجواب أن الشرع توقيفي، والجمعة ورد فيها دليل عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: خطب النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – اي الجمعة، خطبة وهو قائم ثم جلس ثم قام وخطب الثانية رواه مسلم وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما نحوه رواه البخاري.
وأما حديث وهو عند ابن ماجة أن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – خطب خطبتين فإنه من طريق إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف.
فالصحيح أنها خطبة واحدة، ما جاء إلا خطبة واحدة (خطبة) لكن في اللغة العربية أن الخطبة تصدق على الخطبة والواحدة، ومسألة القياس على الجمعة لماذا لا يقيسونها على الكسوف ما هي إلا خطبة واحدة ولماذا لايقيسونها على غيرها من الذي ورد فيه خطبة واحدة.
————–
من شريط: ” أسئلة شباب العدين ”
[مسألة لا يتنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها]
قال ابن قدامة في المغني (2/ 287 – 288): وجملته أنه يكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها للإمام والمأموم في موضع الصلاة، سواء كان في المصلى أو المسجد.
وهو مذهب ابن عباس، وابن عمر، وروي ذلك عن علي، وابن مسعود، وحذيفة، وبريدة، وسلمة بن الأكوع، وجابر، وابن أبي أوفى، وقال به شريح، وعبد الله بن مغفل، والشعبي، ومالك، والضحاك، والقاسم، وسالم، ومعمر، وابن جريج، ومسروق.
وقال الزهري: لم أسمع أحدا من علمائنا يذكر أن أحدا من سلف هذه الأمة كان يصلي قبل تلك الصلاة ولا بعدها. يعني صلاة العيد. وقال: ما صلى قبل العيد بدري. ونهى عنه أبو مسعود البدري.
أن عليا – رضي الله عنه – رأى قوما يصلون قبل العيد، فقال: ما كان هذا يفعل على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
وقال أحمد: أهل المدينة لا يتطوعون قبلها، ولا بعدها، وأهل البصرة يتطوعون قبلها، وبعدها، وأهل الكوفة لا يتطوعون قبلها، ويتطوعون بعدها. وهذا قول علقمة، والأسود، ومجاهد، وابن أبي ليلى، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وأصحاب الرأي. وقال مالك: لا يتطوع في المصلى قبلها ولا بعدها.
وله في المسجد روايتان: إحداهما، يتطوع؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين». وقال الشافعي: يكره التطوع للإمام دون المأموم؛ لأن الإمام لا يستحب له التشاغل عن الصلاة، ولم يكره للمأموم، لأنه وقت لم ينه عن الصلاة فيه، أشبه ما بعد الزوال. ولنا ما روى ابن عباس، «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – خرج يوم الفطر، فصلى ركعتين، لم يصل قبلهما ولا بعدهما». متفق عليه. وروى ابن عمر نحوه.
ولأنه إجماع كما ذكرناه عن الزهري وغيره، ونهى أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عنه، ورووا الحديث وعملوا به، ولأنه وقت نهي الإمام عن التنفل فيه، فكره للمأموم، كسائر أوقات النهي، وكما قبل الصلاة عند أبي حنيفة، وكما لو كان في المصلى عند مالك. قال الأثرم: قلت لأحمد: قال سليمان بن حرب: إنما ترك النبي – صلى الله عليه وسلم – التطوع لأنه كان إماما.
قال أحمد: فالذين رووا هذا عن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يتطوعوا. ثم قال ابن عمر، وابن عباس، هما راوياه، وأخذا به. يشير والله أعلم إلى أن عمل راوي الحديث به تفسير له، وتفسيره يقدم على تفسير غيره.
قال العلامة الفوزان في الملخص الفقهي (277): فإذا رجع إلى منزله؛ فلا بأس أن يصلي فيه؛ لما روى أحمد وغيره: “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رجع إلى منزله؛ صلى ركعتين”. صححه الالباني رحمه الله.
[و قفات مع العيد]
اولا: إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة، فمن صلّى العيد لم تجب عليه صلاة الجمعة:
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله قال: “اجتمع عيدان في يومكم هذا، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون إنشاء الله” [صحيح سنن أبي داود].
ثانيا: من فاتته صلاة العيد مع المسلمين يشرع له قضاؤها على صفتها:
وإذا لم يعلم الناس بيوم العيد إلا بعد الزوال صلوها جميعاً من الغد؛ لحديث أبي عمير ابن أنس رحمه الله عن عمومة له من أصحاب النبي: (أن ركباً جاءوا إلى النبي يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم النبي أن يفطروا، وإذا أصبحوا يغدوا إلى مصلاهم) [أخرجه أصحاب السنن وصححه البهيقي والنووي وابن حجر وغيرهم].
ثالثا: ولا بأس بالمعايدة وأن يقول الناس: (تقبل الله منا ومنكم):
قال ابن التركماني: (في هذا الباب حديث جيد … وهو حديث محمد من زياد قال: كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي، فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك). قال أحمد بن حنبل: إسناده جيد. [الجوهر النقي 3/ 320].
رابعا: يوم العيد يوم فرح وسعة:
فعن أنس قال: قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: “ما هذان اليومان؟ ” قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله: “إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى، ويوم الفطر” [صحيح سنن أبي داود].
خامسا: احذر أخي المسلم الوقوع في المخالفات الشرعية
والتي يقع فيها بعض الناس من أخذ الزينة المحرمة كالإسبال، وحلق اللحية، والاحتفال المحرم من سماع الغناء، والنظر المحرم، وتبرج النساء واختلاطهن بالرجال. واحذر أيها الأب الغيور من الذهاب بأسرتك إلى الملاهي المختلطة، والشواطئ والمنتزهات التي تظهر فيها المنكرات. [أحكام صلاة العيد للعلامة الفوزان حفظه الله] منقول بتصرف