46 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة
قام به أبو صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في
كتاب الإيمان من صحيحه:
باب الزكاة من الإسلام
وقوله {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}
46 – حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك بن أنس عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة فقال هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيام رمضان قال هل علي غيره قال لا إلا أن تطوع قال وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة قال هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع قال فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح إن صدق
——-
فوائد الباب
1. قوله (الزكاة من الإسلام) أي شعبة من شعبه، والإسلام والإيمان معناهما واحد عند الافتراق.
2. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: (كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) (وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) قال: هو واحد، قيِّمة: مستقيمة معتدلة. أخرجه الطبري في تفسيره بإسناد صحيح عنه.
- عن مغيرة، قال: سمعت الفضيل بن عمرو، يقول لأبي وائل شقيق بن سلمة: أسمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، يقول: ” من قال إني مؤمن فليقل إني في الجنة ” فقال: نعم، فقال المغيرة: وقرأ أبو وائل شقيق بن سلمة: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب حتى بلغ {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} [البينة: 5] إلى قوله تعالى: {وذلك دين القيمة} [البينة: 5] قرأها وهو يعرض بالمرجئة ” أخرجه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة 3 و الحاكم في المستدرك 4021 واللفظ له من طريق إسحق – هو ابن راهويه- عن جرير عن مغيرة به. وأخرجه عبد بن حميد كما في الدر المنثور للسيوطي والطبري في تهذيب الآثار 978 مسند ابن عباس، وقال الحاكم صحيح الإسناد.
4. عن مَعْقِل بْن عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَبْسِي أنه قال لعطاء بن أبي رباح إَنَّ قَوْمًا قِبَلَنَا قَدْ أَحْدَثُوا وَتَكَلَّمُوا وَقَالُوا: إِنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ لَيْسَتَا مِنَ الدِّينِ، قَالَ: فَقَالَ: أَوَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} [البينة: 5] فَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ مِنَ الدِّينِ أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة حَدَّثَنِي أَبِي، نا خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ أَبُو يَزِيدَ الرَّقِّيُّ، نا مَعْقِل به وهذا إسناد حسن. وعزاه السيوطي في الدر المنثور لابن المنذر
- عن معقل، قال: قلت للزهري: قوم يزعمون أن الصلاة والزكاة ليستا من الإيمان. فقرأ هذه الآية: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} [البينة: 5] إلى قوله: {دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] فمن زعم أن هذا ليس من الإيمان، فقد كذب. أخرجه الواحدي في الوسيط 4/ 540 من طريق أبي أحمد الزبيري به وعزاه السيوطي في الدر المنثور لابن أبي حاتم لكنه قال “عقيل” بدلا من ” معقل” وأظنه تصحيف.
6. وَصَفَ فُضَيْلٌ بن عياض الْإِيمَانَ بِأَنَّهُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَقَرَأَ {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ دِينًا قيمة بِالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، فَالْقَوْلُ: الْإِقْرَارُ بِالتَّوْحِيدِ وَالشَّهَادَةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَلَاغِ، وَالْعَمَلُ: أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ نقله عبد الله بن الإمام أحمد في السنة قال وجدت في كتاب أبي ثم ذكره.
7. حديث طلحة بن عبيد الله أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
8. فيه إثبات فرضية الصلوات الخمس وصيام رمضان والزكاة
9. ذكر الخبر المصرح بأن الكنز الذي يستوجب صاحبه المكتنز العقوبة من الله جل وعلا في أخراه هو المال الذي لم يؤد زكاته، وإن كان ظاهرا، دون ما أدى زكاته وإن كان مدفونا ترجمه ابن حبان
10. قوله (جاء رجل) وعند البخاري من طريق إسماعيل بن جعفر ” أن أعرابيا جاء”.
11. قوله (ثائر الرأس) ففيه إشارة إلى قرب عهده بالوفادة قاله الحافظ في الفتح
12. قوله (يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول) وعند البخاري عن قتيبة عن مالك ” نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول” ويستفاد منه أن التريث وترك العجلة أفضل من هذا الفعل. - قوله (حتى دنا) إشارة إلى جفاء الأعراب يتكلمون من بعيد قبل أن يصلوا.
14. زاد من طريق إسماعيل بن جعفر كما عند البخاري ” فقال يا رسول الله”
15. قوله (فإذا هو يسأل عن الإسلام) ظهر بهذا السؤال أنه كان من أعقلهم.
16. قوله (خمس صلوات في اليوم والليلة) أي أن الصلاة المفروضة من الإيمان وقد ترجم عليه فيما سبق.
17. قوله (لا إلا أن تطوع) وهذا أصل في تسمية العبادات الغير واجبة أنها تطوع. قال ابن بطال فيه ندب إلى التطوع، قلت وبأسلوب سهل لطيف خفيف على قلب الأعرابي.
18. قوله (وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة) وهذا موضع الشاهد وأن الزكاة من الإسلام، والإسلام والإيمان واحد.
19. وزاد البخاري من طريق إسماعيل بن جعفر ” فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم شرائع الإسلام” فدخل فيه بقية الفرائض ليؤديها والمحرمات ليجتنبها.
20. قوله (فأدبر الرجل وهو يقول) أي بنفس الأسلوب الذي أتى به مخاطبا من بعيد فقد ذهب وهو يحدث نفسه مسمعا غيره.
21. قوله (والله لا أزيد على هذا ولا أنقص) ومن طريق إسماعيل بن جعفر ” والذي أكرمك ” فيه جواز الحلف ولو لم يستحلف.
22. قوله (لا أزيد) وعند البخاري من طريق إسماعيل بن جعفر ” لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا” إشارة إلى مراعاة العالم أحوال الناس ودرجاتهم من العلم، وأن من أدى الفرائض واجتنب المحارم أفلح.
23. دل مفهوم قوله (أفلح إن صدق) على أنه إن لم يصدق فى التزامها أنه ليس بمفلح، وهذا خلاف قول المرجئة قاله ابن بطال في شرحه.
24 – قال الإمام سفيان بن عُيينة عندما سئل عن المرجئة:
: (يقولون: الإيمان قول، ونحن نقول: الإيمان قول وعمل.
والمرجئة أوجبوا الجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله مصراً بقلبه على ترك الفرائض، وسموا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارم، وليس بسواء؛ لأن ركوب المحارم من غير استحلال معصية، وترك الفرائض متعمداً من غير جهل ولا عذر هو كفر) انظر السنة لعبدالله بن الإمام أحمد 745
25. تنبيه ورد في رواية من طريق إسماعيل بن جعفر “أفلح وأبيه إن صدق” قال ابن عبد البر في التمهيد “هذه لفظة غير محفوظة في هذا الحديث من حديث من يحتج به وقد روى هذا الحديث مالك وغيره عن أبي سهيل لم يقولوا ذلك فيه”. وأعلها العلامة الألباني بالشذوذ أيضا وعموما الإمام مالك أوثق من إسماعيل بن جعفر ولم يختلف على مالك واختلف على إسماعيل فيها. وقال ابن عبد البر أيضا وهذه لفظة إن صحت فهي منسوخة لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالآباء وبغير الله
26. تنبيه قول ابن عبد البر ” روى هذا الحديث مالك وغيره عن أبي سهيل” ولم أجد الحديث سوى من طريق مالك وإسماعيل بن جعفر، فلا أدري من يقصد ابن عبد البر بالغير هنا.
27 – قال القاضي عياض في إكمال المعلم 1/ 216:
قوله صلى الله عليه وسلم للذى سأله عن الفروض، فأجابه السائل: لا أزيد على هذا ولا أنقص، فقال صلى الله عليه وسلم: ” أفلح إن صدق “، قال الإمام: أما فلاحه أن لا ينقص فبين، وأما بألا يزيد فكيف يصح هذا وكيف يقره عليه، والتمادى على ترك سائر السنن مذموم يوجب الأدب عند بعض أهل العلم؟ فلعله قال هذا ولم تسن السنن حينئذ، أو يكون فهم عنه أنه لا يغير الفروض التى ذكر بزيادة ولا نقصان، وأن ذلك مراده بهذا القول.
قال القاضى: ورد فى هذا الحديث من رواية البخارى عن إسماعيل بن جعفر آخر الحديث: فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد ولا أنقص.
ولم يرد ذكر الحج فى حديث النجدى من رواية طلحة بن عبيد الله ولا من رواية أبى هريرة فى حديث الأعرابى، وجاء فى رواية ثابت عن أنس عند مسلم، ولم يأت من رواية شريك عن أنس عند البخارى، وكذلك لم يذكر جابر [الحج] فى حديث السائل، ولا الزكاة فى رواية أبى الزبير عنه، ولم يذكر الصوم فى حديث الأغر عنه، ولم يذكر غير الصلاة، وذكر تحليل الحلال وتحريم الحرام، ولم يرد هذا فى حديث ضمام جملة، وكذلك لم يرد فى حديث أبى أيوب فى هذا الباب ذكر الحج وصوم رمضان، وفيه ذكر صلة الرحم، كذلك لم يرد فى حديث وفد عبد القيس ذكر الحج جملة، ولا ورد فيه الصوم من رواية حماد بن زيد عند مسلم وهو فى روايته عند البخارى، وفيه ذكر أداء الخمس من المغنم والنهى عن أربع، وليس فى حديث معاذ ذكر الصوم ولا الحج، وكذلك لم يرد فى حديث جبريل ذكر الحج عن أبى هريرة وورد فيه من حديث ابن عمر.
ولم يأت فى حديث النجدى ذكر الإيمان، إما لأنه كان مسلما، وإنما سأل عن الفروع، بدليل قوله فى الرواية الأخرى: ” يا رسول الله، أخبرنى بما فرض الله على من الصيام … ” قوله: ” إلا أن تطوع ” فى حديث النجدى منبها على ما زاد على الفرائض من السنن، فيكون قوله: ” لا أزيد ” أى على ما ذكرت من الفرائض [إلا أن أتطوع] وقد قيل: قد يكون معناه: لا أزيد على تبليغ ما ذكرت لى إلى قومى ولا أنقص منه.
وإذا نظرنا إلى زيادة حديث جابر من قوله: ” وأحللت الحلال وحرمت الحرام ” اشتملت هذه اللفظة على وظائف الإيمان وسنن النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يبق سؤال على قوله: لا أنقص منه. ومثله قوله فى رواية البخارى: ” فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام ” وأما اختصاصه فى حديث أبى أيوب صلة الرحم وفى حديث وفد عبد القيس الأوعية، فذلك -والله أعلم- بحسب ما يخص السائل ويعنيه من ذلك وسيأتى الكلام عليه. اهـ
28 – قال الكرماني في الكواكب الدراري 1/ 181:
وبالاتفاق على أن حج التطوع يلزم بالشروع.
ويعلم من الحديث أن وجوب صلاة الليل منسوخ في حق الأمة وهو مجمع عليه.
واختلف قول الشافعي رحمه الله في نسخه في حقه صلى الله عليه وسلم.
وفيه أن صلاة الوتر والعيدين ليست بواجبة.
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه الوتر واجب بل العيدان أيضاً واجب وقال الأصطخري من الشافعية صلاة العيد فرض كفاية. اهـ
ثم نقل الكرماني عن النووي: قيل هذا الفلاح راجع إلى لفظ ولا أنقص خاصة والمختار أنه راجع إليهما بمعنى أنه إذا لم يزد ولم ينقص كان مفلحاً لأنه أتى بما عليه ومن أتى بما عليه كان مفلحاً وليس فيه أنه إذا أتى بزائد على ذلك لا يكون مفلحاً …. اهـ
29 – قال ابن رجب في جامع العلوم ص 516:
ومراد الأعرابي أنه لا يزيد على الصلاة المكتوبة، والزكاة المفروضة، وصيام رمضان، وحج البيت شيئا من التطوع، ليس مراده أنه لا يعمل بشيء من شرائع الإسلام وواجباته غير ذلك، وهذه الأحاديث لم يذكر فيها اجتناب المحرمات، لأن السائل إنما سأله عن الأعمال التي يدخل بها عاملها الجنة.
وخرج الترمذي من حديث أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع يقول: «أيها الناس، اتقوا الله، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، وأطيعوا ذا أمركم، تدخلوا جنة ربكم» وقال: حسن صحيح، وخرجه الإمام أحمد، وعنده ” اعبدوا ربكم ” بدل قوله ” اتقوا الله “. وخرجه بقي بن مخلد في ” مسنده ” من وجه آخر، ولفظ حديثه: ” «صلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وحجوا بيتكم، وأدوا زكاة أموالكم، طيبة بها أنفسكم، تدخلوا جنة ربكم» “.
وخرج الإمام أحمد بإسناده «عن ابن المنتفق، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بعرفات، فقلت: ثنتان أسألك عنهما: ما ينجيني من النار، وما يدخلني الجنة؟ فقال: لئن كنت أوجزت في المسألة، لقد أعظمت وأطولت، فاعقل عني إذن: اعبد الله لا تشرك به شيئا، وأقم الصلاة المكتوبة، وأد الزكاة المفروضة، وصم رمضان، وما تحب أن يفعله بك الناس، فافعله بهم، وما تكره أن يأتي إليك الناس، فذر الناس منه».
وفي رواية له أيضا قال: ” «اتق الله، ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتصوم رمضان، ولم تزد على ذلك» ” وقيل: إن هذا الصحابي هو وافد بن المنتفق، واسمه لقيط.
فهذه الأعمال أسباب مقتضية لدخول الجنة، وقد يكون ارتكاب المحرمات موانع، ويدل على هذا ما خرجه الإمام أحمد من حديث عمرو بن مرة الجهني، قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الخمس، وأديت زكاة مالي، وصمت شهر رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا – ونصب أصبعيه – ما لم يعق والديه» “.
وقد ورد ترتب دخول الجنة على فعل بعض هذه الأعمال كالصلاة، ففي الحديث المشهور: «من صلى الصلوات لوقتها، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة» وفي الحديث الصحيح: «من صلى البردين دخل الجنة»، وهذا كله من ذكر السبب المقتضي الذي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه، وانتفاء موانعه؛ ويدل هذا على ما خرجه الإمام أحمد عن بشير بن الخصاصية، قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه، فشرط علي شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن أقيم الصلاة، وأن أوتي الزكاة، وأن أحج حجة الإسلام، وأن أصوم رمضان، وأن أجاهد في سبيل الله، فقلت: يا رسول الله، فأما اثنتان فوالله ما أطيقهما: الجهاد والصدقة، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، ثم حركها، وقال: ” فلا جهاد ولا صدقة؟ فبم تدخل الجنة إذا؟ ” قلت: يا رسول الله أبايعك، فبايعته عليهن كلهن» ففي هذا الحديث أنه لا يكفي في دخول الجنة هذه الخصال بدون الزكاة والجهاد.
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن ارتكاب بعض الكبائر يمنع دخول الجنة، كقوله: «لا يدخل الجنة قاطع»، وقوله: «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر»، وقوله: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا» والأحاديث التي جاءت في منع دخول الجنة بالدين حتى يقضى، وفي الصحيح: «أن المؤمنين إذا جازوا الصراط، حبسوا على قنطرة يقتص منهم مظالم كانت بينهم في الدنيا» …
30 – قال العثيمين في شرح بلوغ المرام 1/ 625:
أما حجة القائلين بأنها لا تجب فاحتجوا بأمور منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي أخبره بأن عليه خمس صلوات في اليوم والليلة, قال: هل علي غيرها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا, إلا أن تطوع». فقوله: «لا» يشمل كل صلاة سواء كانت ذات سبب أم لا, ولكن في هذا الاستدلال شيء من النظر؛ لأن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الصلوات الخمس الدائمة, فليس يوجد صلاة دائمة بدوام الأيام وواجبة غير هذه الصلوات الخمس, نعم يستدل بهذا الحديث على عدم وجوب صلاة الوتر؛ لأنها صلاة تتكرر في اليوم والليلة, فيستدل بهذا الحديث على عدم وجوبها.
ويقال في الرد على هذا الدليل: صلاة دخول المسجد لها سبب عارض فتقييد بسببها؛ كصلاة الكسوف مثلًا على قول من يرى أنها واجبة, فإنها خارجة عن الخمس لكن لها سبب أوجبها, وكصلاة العيد فإنها واجبة وهي خارجة عن الصلوات الخمس لكن لها سبب وهو العيد, فمراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا, إلا أن تطوع»: الصلوات التي تدور بدوران الأيام.
كذلك أيضًا يقال في رد هذا الاستدلال: لو أن الإنسان نذر أن يصلي وجبت عليه الصلاة؟
وجبت عليه الصلاة مع أنها ليست من الصلوات الخمس, لكن لها سبب وهو النذر, فالمهم أن الاستدلال بهذا الحديث لا يستقيم. اهـ
31 – قال الأثيوبي في ذخيرة العقبى 6/ 145:
المسألة الرابعة: في فوائده وذكر كثير مما سبق من الحافظ العيني وزاد:
ومنها: أنّ السفر والارتحال من بلد إلى بلد لأجل تعلم علم الدين والسؤال عن الأكابر أمر مندوب.
ومنها: صحة الاكتفاء بالاعتقاد الجازم من غير نظر ولا استدلال خِلافَ ما قرره علماء الكلام من وجوب النظر والاستدلال، وهو مذهب باطل لا دليل عليه من النصوص.
ومنها: أن فيه استعمالَ الصدق في الخبر المُستقبل، وقال ابن قتيبة: الكذب مخالفة الخبر في الماضي، والخُلْف مخالفته في المستقبل، فيجب على هذا أن يكون الصدق في الخبر الماضي، والوفاء في المستقبل، وفي هذا الحديث ما يَرُدُّ عليه مع قوله تعالى: {وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [هود: 65]. ذكر هذه الفوائد البدر قاله العيني في “عمدة القاري” جـ 1 ص 269. اهـ
32. قوله (حدثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس وهو ابن أخت الإمام مالك تابعه قتيبة بن سعيد كما عند مسلم 11 والنسائي 458 تابعه يحيى بن أيوب كما عند مسلم 11 تابعه القعنبي كما عند أبي داود 391تابعه عبد الرحمن بن القاسم كما عند النسائي 5028 تابعه عبد الرحمن بن مهدي كما عند الإمام أحمد في مسنده 1390 تابعه الشافعي كما في السنن الكبرى للبيهقي 1760 تابعه معن كما عند المروزي في تعظيم قدر الصلاة تابعه400. تابعه عبد الله بن نافع كما عند ابن الجارود في المنتقى137 تابعه مطرف كما عند ابن الجارود في المنتقى 137 تابعه عبد الله بن وهب كما عند أبي عوانة في مستخرجه 2324 تابعه إسحق بن عيسى كما عند أبي عوانة في مستخرجه 12
33. قوله (حدثني مالك بن أنس) وأورده في الموطأ تابعه إسماعيل بن جعفر كما عند البخاري 1891 ومسلم 11 وأبي داود 392 والنسائي 2090
34. قوله (عن عمه أبي سهيل بن مالك) وعند النسائي من طريق إسماعيل بن جعفر ” حدثنا أبو سهيل” قال النسائي أبو سهيل هو عم مالك بن أنس واسمه نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي وهو أحد الثقات.
35. قال البزار بعد أن رواه من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك قال قال: ولا نعلم روى مالك بن أبي عامر، عن طلحة بن عبيد الله، إلا هذين الحديثين – فذكر حديثين هذا أحدهما- ولا يروى هذا الكلام عن طلحة إلا بهذا الإسناد، وقد روي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم
====