454 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: أحمد بن علي وعبدالله المشجري وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد ومحمد سيفي وسلطان الحمادي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
مسند سمرة بن جندب رضي الله عنه
454 – قال الإمام النسائي رحمه الله (ج 7 ص 166): أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ أَنْبَأَنَا قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ رَاسُهُ وَيُسَمَّى».
أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: سَلْ الْحَسَنَ مِمَّنْ سَمِعَ حَدِيثَهُ فِي الْعَقِيقَةِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ سَمُرَةَ.
هذا حديث صحيحٌ.
وأخرجه أبو داود (ج 8 ص 38)، والترمذي (ج 5 ص 113) وقال: هذا حديث صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (ج 2 ص 1056).
وأما الأثر إلى ابن سيرين فأخرجه البخاري (ج 9 ص 590).
صححه الألباني في الترمذي 1522
صححه محققو المسند 20188
جاء لفظ (ويدمى) قال أبو داود هي وهم من همام بن يحيى. وخالفه ابن القيم وقال: شرحها قتادة والحسن فإن كان هناك وهم فمن قتادة والحسن انتهى
لكن الحسن نقل عنه خلاف ذلك ثم إن سعيد خالف همام في قتادة فقال (ويسمى) فلعل قتادة لما أجاب همام أراد أن يبين ماذا يفعل أهل الجاهلية من تلطيخ المولود بالدم
لذلك قال بخطأ لفظة (ويدمى) الشافعي وأحمد وإسحاق وابوداود والألباني
في جامع العلوم لأحمد:
الثاني: حديث سمرة بن جندب: «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابعِ، وَيُحْلَقُ رَاسُهُ وَيُدَمَّى».
قال الإِمام أحمد: قال فيه ابن أبي عروبة: «يُسَمَّى» وقال همام: «وَيُدَمَّى» وما أراه إلا خطأ، وقد قيل هو تصحيف من الراوي.
وقال مرة: الدم مكروه، ولم يرد إلا في حديث سمرة.
الجامع لعلوم الإمام أحمد – علل الحديث (15) / (97) — أحمد بن حنبل (ت (241))
كتاب العقيقة? (560) – ما جاء في كراهية العقيقة
في جامع العلوم للإمام أحمد:
(556) – ما جاء في أن كل غلام مرتهن بعقيقته
حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه: «كل غلام رهين بعقيقته تذبح عنه يوم السابع، ويحلق رأسه ويسمى»
قال الإِمام أحمد: إسناده جيد.
(557) – ما جاء في أن النبي ? عق عن نفسه
حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي ? عق عن نفسه
قال الإِمام أحمد: هذا حديث منكر.
وضعَّف عبد اللَّه بن المحرر
الجامع لعلوم الإمام أحمد – علل الحديث (15) / (95)
قلت سيف: كتبت على الصحيح المسند (454) حاشية بخطي:
صححه البخاري وابن المديني والترمذي والنسائي والدارقطني وغيرهم
وضعفه أحمد وابن معين والبرديجي انتهى
والآن لم أقف على المصدر عن الإمام أحمد مع ما سبق أننا نقلنا عنه أنه قال: إسناد جيد
فقد يكون وهم مني وأن تضعيفه للفظة (ويدمي) أما تضعيف ابن معين والبرديجي فسوف يأتي بإذن الله في آخر الشرح النقولات عنهم
وفي البخاري
بَابُ إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الصَّبِيِّ فِي الْعَقِيقَةِ
(5471) – حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ». وَقَالَ حَجَّاجٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ وَقَتَادَةُ وَهِشَامٌ وَحَبِيبٌ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ ?، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَاصِمٍ وَهِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنِ الرَّبَابِ، عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ ?، وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ سَلْمَانَ قَوْلَهُ. وَقَالَ أَصْبَغُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: حَدَّثَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبِّيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
? يَقُولُ: مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى
(5472) – حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ قَالَ: أَمَرَنِي ابْنُ سِيرِينَ أَنْ أَسْأَلَ الْحَسَنَ مِمَّنْ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: مِنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ. انتهى من البخاري
جاء في اختلاف العلماء للطحاوي – اختصار الجصاص:
1336 – فِي الْعَقِيقَة
– قَالَ مُحَمَّد فِي الاملاء الْعَقِيقَة تطوع وَكَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة فعلهَا الْمُسلمُونَ فِي أول الاسلام فنسخها ذبح الْأَضْحَى فَمن شَاءَ فعلهَا وَمن شَاءَ لم يفعل
وَقَالَ مَالك يعق عَن الْيَتِيم ويضحى عَنهُ وَذكر مَالك قَول من يسْتَحبّ الْعَقِيقَة وَلَو بعصفورة قَالَ مَالك وَلَا يعق بِشَيْء من الطير لِأَنَّهُ قَالَ {على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام}
وَقَالَ مَالك لَا يعق عَنهُ قبل السَّابِع وَإِن مَاتَ قبل السَّابِع لم يعق عَنهُ وَلَا يعق عَن الْكَبِير وَلَا يعق إِلَّا يَوْم السَّابِع ضحوة وَهِي سَاعَة الذّبْح فِي الضَّحَايَا يَاكُل مِنْهَا أهل الْبَيْت وَيطْعم الْجِيرَان
وَقَالَ الثَّوْريّ لَيست بواجبة وَإِن صنعت فَحسن
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ سنة من سنَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا يحلق رَأسه
وَقَالَ اللَّيْث إِن لم يتهيأ أَن يعق فِي سَبْعَة أَيَّام فَلَا بَاس بِأَن يعق بعد ذَلِك وَلَيْسَ بِوَاجِب أَن يعق عَنهُ بعد سَبْعَة أَيَّام
وَقَالَ الشَّافِعِي يعق عَن الْغُلَام وَعَن الْجَارِيَة كَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَوَت أم كرز الْكَعْبِيَّة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الْغُلَام شَاتَان وَعَن الْجَارِيَة شَاة
وروى ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم عق عَن الْحسن كَبْشًا وَعَن الْحُسَيْن كَبْشًا
وروى الْحسن عَن سَمُرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْغُلَام مُرْتَهن بعقيقته يذبح عَنهُ يَوْم السَّابِع ويحلق رَأسه وَيُسمى
وروى يزِيد بن عبد الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يعق عَن الْغُلَام وَلَا يمس رَأسه بِدَم
قال ابن عبدالبر:
وَامَا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي وُجُوبِ الْعَقِيقَةِ
فَمَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّ العقيقة واجبة فرضا منهم داود وغيره
قالوا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهَا وَعَمِلَهَا وَقَالَ الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَةٍ وَمَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ
وَقَالَ عَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ وَعَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ
وَكَانَ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ يُوجِبُهَا وَشَبَّهَهَا بِالصَّلَاةِ
وَقَالَ النَّاسُ يُعْرَضُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْعَقِيقَةِ كَمَا يُعْرَضُونَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ
وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَنِ الْغُلَامِ يَوْمَ سَابِعِهِ
قَالَ وَإِنْ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ إِذَا مَلَكَ وَعَقِلَ
وَحُجَّتُهُ مَا رَوَاهُ عَنْ سَمُرَةَ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبَانٌ قَالَ حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ((كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُمَاطُ عَنْهُ الْأَذَى وَيُسَمَّى))
قَالَ قَاسِمٌ وَأَمْلَى عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ((الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ رَاسُهُ وَيُسَمَّى))
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَلْقُ مَعْنَى أَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى
وَذَهَبَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَنِ الْمَوْلُودِ فِي سَابِعِهِ وَغَيْرُ وَاجِبَةٍ بَعْدَ سَابِعِهِ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا مِنْ ((الْمُوَطَّأِ))
وَلَيْسَتِ الْعَقِيقَةُ بِوَاجِبَةٍ وَلَكِنَّهَا يُسْتَحَبُّ الْعَمَلُ بِهَا وَهِيَ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ النَّاسُ عِنْدَنَا
قَالَ وَفِي غَيْرِ ((الْمُوَطَّأِ)) لَا يُعَقُّ عَنِ الْمَوْلُودِ إِلَّا يَوْمَ سَابِعِهِ ضَحْوَةً فَإِنْ جَاوَزَ السَّابِعَ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ وَلَا يُعَقَّ عَنْ كَبِيرٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيُّ الْعَقِيقَةُ سُنَّةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا وَلَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ الْعَقِيقَةُ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَكْرَهُونَ تَرْكَهَا
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَيْسَتِ الْعَقِيقَةُ بِوَاجِبَةٍ وَإِنْ صُنِعَتْ فَحَسَنٌ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هِيَ تَطَوُّعٌ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَصْنَعُونَهَا فَنَسَخَهَا عِيدُ الْأَضْحَى فَمَنْ شَاءَ فعل ومن شاء ترك
قال أَبُو عُمَرَ لَيْسَ ذَبْحُ الْأَضْحَى بِنَاسِخٍ لِلْعَقِيقَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَلَا جَاءَ فِي الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَلَا عَنِ السَّلَفِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَلَا أَصْلَ لِقَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ
وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْعَقِيقَةَ تَطَوُّعٌ فَمَنْ شَاءَ فَعَلَهَا وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهَا
وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَفْعَلْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَقِيقَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يُقَالُ فِيهِ من أحب أن يفعله فَعَلَهُ بَلْ هَذَا لَفْظُ التَّخْيِيرِ وَالْإِبَاحَةِ
وَقَالَ مَالِكٌ يُعَقُّ عَنِ الْيَتِيمِ وَيَعُقُّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ عَنْ وَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَهُ سَيِّدُهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَعُقُّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا يَعُقُّ عَنِ الْيَتِيمِ كَمَا لَا يُضَحَّى عَنْهُ
وَقَالَ مَالِكٌ وَلَا يُعَدُّ الْيَوْمُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ الْمَوْلُودُ إِلَّا أَنْ يُولَدَ قَبْلَ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ
وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ إِنْ أَخْطَأَهُمْ أَمْرُ الْعَقِيقَةِ يَوْمَ السَّابِعِ أَحْبَبْتُ أَنْ يُؤَخِّرُوهُ إِلَى يَوْمِ السَّابِعِ الثَّانِي
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنْ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ فَفِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ
وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ راهويه
وهو مذهب بن وهب صاحب مالك
وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إِنْ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ عُقَّ عَنْهُ في السابع الثاني
قال بن وَهْبٍ وَلَا بَاسَ أَنْ يُعَقَّ عَنْهُ فِي السَّابِعِ الثَّالِثِ
وَقَالَ اللَّيْثُ يُعَقُّ عَنِ الْمَوْلُودِ فِي أَيَّامِ سَابِعِهِ كُلِّهَا فِي أَيِّهَا شَاءَ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ تَتَهَيَّأْ لَهُمُ الْعَقِيقَةُ فِي سَابِعِهِ فَلَا بَاسَ أَنْ يُعَقَّ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ أَنْ يُعَقَّ عَنْهُ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ
وَقَالَ أَحْمَدُ يَذْبَحُ يَوْمَ السَّابِعِ
وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ مَاتَ قَبْلَ يَوْمِ السَّابِعِ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلُ ذَلِكَ
وَقَالَ اللَّيْثُ فِي الْمَرْأَةِ تَلِدُ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ يُعَقُّ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
[الاستذكار 5/ 315]
قال ابن قدامة:
1769 – مسألة؛ قال: (والْعَقِيقَةُ سُنَّةٌ، [عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ، وعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ] (1).
العَقِيقَةُ: الذَّبِيحَةُ التى تُذْبَحُ عن المولودِ، وقيل: هى الطَّعامُ الذى يُصْنَعُ ويُدْعَى إليه من أجلِ المولودِ. قال أبو عُبَيْدِ: الأَصْلُ فى العقيقَةِ الشَّعَرُ الذى على المَوْلودِ، وجمعُها عَقائِقُ، ومنها قولُ الشاعِر (2):
أَيَا هِنْدُ لا تنْكحِى بُوهَةً … عليه عَقِيقَتُه أَحْسَبَا (3)
ثمّ إنَّ العرَبَ سمَّت الذَّبِيحَةَ عند حَلْقِ شعرِه عَقِيقَةً، على عادتِهم (4) فى تَسْمِيَةِ الشاءِ باسمِ سبَبِه أو ما جاوَرَه، ثم اشتهرَ ذلك حتى صارَ من الأسماءِ العُرْفِيَّةِ، وصارَت الحقيقَةُ مَغْمورةً فيه، فلا يُفْهَمُ من العقيقَةِ عندَ الإِطْلاقِ إلَّا الذَّبِيحَةُ. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: أَنْكرَ أحمدُ هذا التَّفْسيرَ، وقال: إنَّما العَقِيقَةُ الذَّبْحُ نفسُه. ووَجْهُه أن أصلَ العَقِّ القَطْعُ، ومنه عَقَّ والِدَيْه، إذا قَطَعَهما. والذبحُ قطْعُ الحُلْقوم (5) والْمَرِاءِ والوَدَجَيْن. والعَقِيقَةُ سُنَّةٌ فى قولِ عامَّةِ أهلِ العِلْمِ؛ منهم ابنُ عبّاسٍ، وابنُ عمرٍ، وعائِشَةُ، وفُقَهاءُ التَّابعين، وأئِمَّةُ الأَمْصارِ، إلَّا أصْحابَ الرأى، قالُوا: ليست سُنَّةٌ، وهى من أمْرِ الجاهِلِيَّة. ورُوِىَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه سُئِلَ عن العَقِيقَةِ، فقال: “إِنَّ اللَّه تَعالَى لَا يُحِبُّ الْعُقُوقَ” (6). فكأَنَّه كَرِهَ الاسمَ، وقال: “مَنْ وُلِدَ له مَوْلُودٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ، فَلْيَفْعَلْ”. رَواه مالِكٌ في “مُوَطَّئِهِ” (7). وقال الحسنُ، وداودُ: هى واجِبَةٌ. ورُوِىَ عن بُرَيْدَةَ، أنّ الناسَ يُعْرَضُون عليها، كما يُعْرَضُون على الصلواتِ الخَمْس؛ لما رَوَى سَمُرَةُ بنُ جُنْدُب، أنّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال: “كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِه، ويُسَمَّى فِيهِ، وتحْلَقُ رَاسُه” (8). وعن أبى هريرةَ مثلُه (9). قال أحمد: إسنادٌ (10) جَيِّدٌ، ورَوَى حَدِيثَ سَمُرة الأثْرَمُ، وأبو داودَ. وعن عائِشَةَ، أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَمَرَهم عن الغلامِ بشاتَيْنِ مُكافِئَتَيْن (11)، وعن الجارِيَةِ بشاةٍ (11). وظاهِر الأمْرِ الوجوبُ.
ولَنا، على اسْتِحْبابِها هذه الأَحادِيثُ، وعن أمِّ كُرْزٍ الكَعْبِيَّة، قالت: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: “عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكافِئتَانِ، وعَنِ الْجَارِيةِ شَاةٌ”. وفى لفْظٍ: “عَنِ الْغُلامِ شَاتَانِ مِثْلَانِ، وعَنِ الْجارِيَة شَاةٌ”. روَاه أبو داود (12)، وفى روايَةٍ قال: “الْعَقِيقَةُ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ” (13). والإجْماعُ، قال أبو الزِّناد: العَقِيقَةُ من أمرِ الناسِ، كانُوا يكرهُون تَرْكَه. وقال أحمدُ: العَقِيقَةُ سُنَّةٌ عن رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، قد عَقَّ عن الحسنِ والحسينِ، وفَعَلَه أصحابُه، وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: “الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بعَقِيقَتِهِ”. وهو إسْنادٌ جَيِّدٌ، يَرْوِيهِ أبو هُرَيْرةَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. وجَعَلَها أبو حنيفة من أمرِ الجاهِلِيَّةِ، وذلك لِقِلَّةِ عِلْمِه ومَعْرِفَتِه بالأَخبارِ (14). وأمَّا بَيانُ كونِها غيرَ واجِبَةٍ، فدَلِيلُه ما احْتَجَّ به أصحابُ الرَّأْىِ من الْخَبَرِ، وما رَوَوْه محمولٌ علِى تأكيدِ الاسْتِحبابِ، جَمْعًا بينَ الأخْبارِ، ولأنَّها ذَبِيحَةٌ لسُرورٍ حادِثٍ، فلم تكُنْ واجِبَةً، كالوَلِيمَةِ والنَّقِيعَةِ (15).
فصل: والعَقِيقَةُ أفْضَلُ من الصَّدَقَةِ بقيمَتِها. نَصَّ عليه أحمدُ، وقال: إذا لم يكُنْ عندَه ما يَعُقُّ، فاسْتَقْرَضَ، رَجَوْتُ أَنْ يُخْلِفَ اللَّه عليه، إحْياءَ سُنَّةٍ. قال ابنُ الْمُنْذِر: صَدَقَ أحمدُ، إحياءُ السُّنَنَ واتِّباعُها أفْضَلُ، وقد وَرَدَ فيها من التَّأْكيدِ فى الأخْبارِ التى رَوَيْناها ما لم يَرِدْ فى غيرِها. ولأَنَّها ذَبِيحَةٌ أمرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بها، فكانَتْ أوْلَى، كالوَلِيمةِ والأُضْحِيَةِ.
[المغني لابن قدامة 13/ 393]
قال ابن القيم:
وقد ذكر البَيهقيّ عن سليمان بن شُرَحْبِيل: حدّثنا يحيى بن حَمْزَة قال: قلت لعطاء الخُرَاسَانيّ: ما “مُرْتَهنٌ بعقيقته؟ ” قال: يحرم شفاعة ولده.
وقال إسْحَاق بنُ هَانِئ: سألتُ أبا عبدِ الله عن حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم: “الغُلامُ مُرْتَهنٌ بعَقيقتِه” ما مَعْناهُ؟
قال: نعم، سُنَّةُ النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يُعَقَّ عن الغُلام شَاتانِ وعن الجَارِيَةِ شاةٌ، فإذا لم يُعَقَّ عنه فهو محتَبَسٌ بعقيقتِه، حتى يُعَقَّ عنه.
وقال الأَثْرَمُ: قال أبو عبدِ اللهِ: ما في هذه الأحاديثِ أَوْكَدُ من هذا
ــ يعني في العَقِيقَة “كلُّ غلامٍ مُرْتَهنٌ بعقيقتِه” ــ.
وقال يَعقوب بن بُخْتَان: سُئل أبو عبد الله عن العَقِيقَةِ، فقال: ما أَعْلمُ فيه شيئًا أشدَّ من هذا الحديث: “الغُلامُ مرتهنٌ بعقيقتهِ”.
وقال حَنْبَل: قال أبو عبد الله: ولا أحبُّ لمن أمْكَنهُ وقَدَرَ: أنْ لا يَعُقَّ عن ولده، ولا يَدَعَهُ؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: “الغُلامُ مُرْتَهنٌ بعَقِيقَتهِ”، وهو أشدُّ ما روي فيه، وإنما كره النبيّ صلى الله عليه وسلم من ذلك الاسمَ، وأما الذَّبْحُ، فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم قد فعلَ ذلك.
وقال أَحْمَدُ بنُ القاسمِ: قيل لأبي عبد الله: العَقِيقَةُ واجبةٌ هي؟ فقال: أمَّا واجبةٌ فلا أدري، لا أقولُ: واجبةٌ. ثم قال: أشدُّ شيءٍ فيه أنَّ الرجلَ مُرتهنٌ بعقيقتهِ.
وقد قال أَحْمَد في موضعٍ آخرَ: مرتهنٌ عن الشفاعة لِوَالِدَيْهِ.
[تحفة المودود بأحكام المولود ص53 ط عطاءات العلم] وحاشية ابن القيم على سنن أبي داود. ونقله صاحب عون المعبود أيضا
قال العباد:
قال: (كل غلام رهينة بعقيقته؛ تذبح عنه يوم السابع، ويحلق رأسه ويدمى) فكان قتادة إذا سئل عن الدم كيف يصنع به قال: إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة واستقبلت به أوداجها، ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط، ثم يغسل رأسه بعد ويحلق.
قال أبو داود: وهذا وهم من همام: (ويدمى).
قال أبو داود: خولف همام في هذا الكلام، وهو وهم من همام، وإنما قالوا: (يسمى) فقال همام: (يدمى).
قال أبو داود: وليس يؤخذ بهذا].
أورد أبو داود حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه، وفيه: [(كل غلام رهينة بعقيقته)] يعني أنه مرهون ومرتهن بعقيقته، وفسر كونه مرتهنًا أن شفاعته لوالده مرتبطة بكونه يذبح هذه العقيقة عنه.
قوله: [(تذبح عنه يوم السابع)] فيه بيان أن الأفضل في ذبحها أن يكون في اليوم السابع من ولادته، ويسمى في ذلك اليوم الذي هو اليوم السابع، وجاء في رواية همام: (ويدمى) وقالوا: إن هذا وهم، والصواب هو ما رواه غير همام عن قتادة أنه: (يسمى) بدل (يدمى)، قالوا: والطفل مطلوب إماطة الأذى عنه، والتدمية لا تزيده إلا أذى، وكانوا في الجاهلية يعملون هذه التدمية، فجاء الإسلام ومنع من ذلك، ولكنه جاء بشيء، وهو أنه يوضع الزعفران على رأسه كما سيأتي عند أبي داود، وهو المناسب.
ثم ذكر أبو داود أن قتادة سئل عن التدمية فقال: تؤخذ صوفة -أي قطعة من الصوف- وتوضع على الدم السائل من الأوداج ثم توضع على يافوخه، وهو مقدم الرأس الذي يكون فيه لين ورقة، ثم يتصلب على مر الأيام حتى يكون مثل بقية الرأس.
قال: توضع عليه حتى يسيل مثل الخيط، وهذا كان في الجاهلية، وإلا فإن الرواة الذين رووه عن قتادة غير همام بن يحيى ذكروا لفظة: (يسمى) وهذا هو المناسب.
والتسمية في اليوم السابع جاء بها الحديث، وجاءت التسمية قبل ذلك كما في الصحيح عن النبي ? أنه قال: (ولد الليلة لي غلام وسميته باسم أبي إبراهيم)، فهذا يدلنا على أن الأمر في ذلك واسع، وأنه يمكن أن يسمى في اليوم السابع ويمكن أن يسمى قبله، ولا تتعين التسمية في اليوم السابع، ولعل التنصيص على اليوم السابع لأنه الذي تستقر فيه التسمية إذا كان عند الإنسان تردد، فتكون عنده فرصة يختار فيها اسمًا مناسبًا فيثبت في ذلك الوقت.
شرح سنن أبي داود للعباد (334) / (9)
قال الإتيوبي:
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان وقت العقيقة، وأنه اليوم السابع، وسيأتي اختلاف العلماء فيه فِي المسألة التالية، إن شاء الله تعالى. (ومنها): تأكّد مشروعيّة العقيقة، وأنها لازمة لكل مولود، كلزوم المرتهن الرهن فِي يده، لا ينفك عنه إلا بأداء الدين. (ومنها): استحباب حلق رأس المولود عبد ذبح العقيقة. (ومنها): استحباب تسميته عبد الذبح أيضًا. (ومنها): أنه تمسَّك بهِذا الحديث منْ قَالَ: إِنّ العقِيقة مُوقَّتة بِاليومِ السَّابع، وأنَّ منْ ذبح قبله، لم يقع المَوْقِع، وأنَّها تفُوت بعده، وهُو قول مالِك. وذهبت الشافعية إلى أن اعتبار الأسابيع للاختيار، لا للتعيين، وللحنابلة فِي ذلك روايتان، وسيأتي تحقيق الاختلاف فِي ذلك قريبًا، إن شاء الله تعالى.
(ومنها): أن قوله: “يُذْبَح” بِالضَّمِّ عَلَى البِناء لِلمجهُولِ، فيه دلالة عَلَى أنَّه لا يتعيَّن الذَّابح، وعِند الشَّافِعِيَّة يتعيَّنُ منْ تلزمهُ نفقة المولُود، وعن الحنابلة يتعينُ الأب، إِلَّا إنْ تعذَّر بِموتِ، أو امتِناع. قَالَ الرَّافِعِيّ: وكَأنَّ الحدِيث، أنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَقَّ عن الحسنِ والحُسين مُؤَوَّل. قَالَ النَّووِيّ: يحتمِل أن يكُونُ أبَوَاهُ حِينئِذٍ كَانا مُعْسِرينِ، أو تبرَّع بِإِذْنِ الأب، أو قوله: “عَقَّ”: أيْ أمر، أو هُوَ مِنْ خصائِصه صلى الله عليه وسلم، كما ضَحَّى عَمَّن لم يُضَحِّ منْ أُمته، وَقَدْ عَدَّهُ بعْضهم منْ خصائِصه، ونَصَّ مالِك عَلَى أَنَّهُ يُعَقّ عن اليتِيم منْ مَالِهِ، وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيّة. قاله فِي “الفتح”.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن عدم تعيّن الذابح هو الأظهر؛ عملاً بظاهر قوله: “تُذبح عنه”، حيث لم يُعيّن أباه، ولا غيره، وأيضًا أنه صلّى الله تعالى عليه وسلم عقّ عن الحسن، والحسين، ودعوى الخصوصية تحتاج إلى دليل. والله تعالى أعلم.
(ومنها): أن قوله: “تذْبَح، وَيُحْلَق رأسه، وَيُسَمَّى” بِالْوَاوِ يدلّ عَلَى أنَّهُ لا يُشْتَرَط التَّرتيب بني ذَلِكَ، قَالَ الحافظ: وَقَدْ وَقَعَ فِي رِواية لِأبِي الشَّيْخ، فِي حَدِيث سَمُرَة: “يُذْبح يَوْم سَابِعه، ثُمَّ يُحْلق”، وأخْرَجَ عبد الرَّزَّاق، عن ابن جُريج: يَبْدأ بِالذَّبحِ قَبْل الحلق. وحكى عن عطاء عكسه، ونقلهُ الرُّويانِيّ عن نَصّ الشَّافِعِيّ. وَقَالَ الْبغوِي فِي “التَّهْذِيب”: يُستحبّ الذَّبْح قبل الْحَلْق، وصَحَّحهُ النَّووِيّ فِي “شَرْح المُهذَّب”. واللهُ أعلمُ. قاله فِي “الفتح”.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: إن صحّ ما فِي رواية أبي الشيخ، تعيّن الترتيب، وإلا فلا دليل عَلَى الترتيب، بل يفعل كيف تيسّر. والله تعالى أعلم.
(ومنها): أن قوله: “ويُحلق رأسه” يدلُّ عَلَى أنه يُحلق جَمِيعه، لا بعضه؛ لِثُبُوتِ النَّهْي عن الْقَزَع. وحكى المَاوَرْدِي كراهة حلق رأس الجارِية. وعن بعض الحنابلة: يُحلق.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بكراهة حلق رأس الجارية ضعيفٌ؛ لمخالفته عموم النصّ، فقوله صلّى الله تعالى عليه وسلم: “كلُّ مولود رَهِينٌ بعقيقته، تُذبح عنه يوم سابعه، ويُحلق رأسه، ويُسمّى” عام فِي كلّ مولود، ذكرًا كَانَ أو أنثى، دون استثناء شيء، فتبصّر. والله تعالى أعلم.
وفِي حدِيث عليّ رضي الله تعالى عنه، عِند التِّرمِذِيّ، والحاكِم فِي حدِيث العقِيقة، عن الحسنِ والحُسين: “يا فاطِمة احْلِقِي رأسه، وتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شعره، قَالَ: فَوزَنَّاهُ، فكان دِرْهمًا، أو بَعْض دِرهم”. وأخرج أحمدُ، منْ حدِيث أبِي رافِع: “لَمَّا ولدت فاطِمة حسنًا، قالَتْ: يا رسُول الله، ألا أعُقَّ عن ابنِي بِدَم؟، قَالَ: “لا، ولكِن احلِقِي رأسه، وتَصَدَّقِي بِوزنِ شَعْره فِضَّة، ففعلت، فلمَّا ولدت حُسَينًا، فعلت مِثل ذَلِكَ”. قَالَ الحافظِ العراقيّ: فِي “شرح التِّرمِذِيّ”: يُحمل عَلَى أنَّهُ صلى الله عليه وسلم، كَانَ عَقّ عنهُ، ثُمّ استأذنتهُ فاطِمة أن تعُقّ هِيَ عنهُ أيضًا، فمنعها. قَالَ الحافظ: ويحتمِل أن يكُون منعها؛ لضِيق ما عِندهم حِينئِذ، فأرشدها إِلى نوع منْ الصَّدقة أخَفّ، ثُمَّ تَيسَّر لهُ عن قُرب ما عَقَّ بِهِ عنهُ، وعلى هَذَا فقد يُقال: يختصّ ذَلِكَ بِمن لم يُعَقَّ عنهُ، لكِنْ أخرج سعِيد بنِ منصُور، منْ مُرسل أبِي جَعْفَر الباقِر صحِيحًا: “إِنَّ فاطِمة كَانَتْ إِذا ولدت ولدًا، حلقت شعره، وتصدَّقت بِزِنتِهِ ورِقًا”.
ذكره فِي “الفتح”.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث: “يا فاطمة احلقي رأسه، وتصدّقي الخ” ضعيف؛ لانقطاعه، كما بينه الترمذيّ، وله شاهد منْ حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه ضعف، وَقَدْ حسنّه الشيخ الألبانيّ لأجل الشاهد؛ انظر “إرواءه” 4/ 402 – 406.
والحاصل أن مثل هَذَا يصلح للعمل به فِي مثل هذه الفضائل، فينبغي أن يحلق رأس المولود، وُيتصدّق بوزنه درهمًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي وقت العقيقة:
قَالَ العلامة ابن قُدامة رحمه الله تعالى: قَالَ أصحابنا: السنّة أن تُذبح يوم السابع، فإن فات ففي أربعة عشر، فإن فات ففي أحد وعشرين، وُيروى هَذَا عن عائشة رضي الله تعالى عنها، وبه قَالَ إسحاق. وعن مالك فِي الرجل يريد أن يَعُقّ عن ولده، فقال: ما علمت هَذَا منْ أمر النَّاس، وما يُعجبني. ولا نعلم خلافًا بين أهل العلم القائلين بمشروعيّتها فِي استحباب ذبحها يوم السابع. والأصل فيه حديث سمرة، عن النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم -يعني حديث الباب- وأما كونه فِي أربع عشرة، ثم فِي أحد وعشرين، فالحجة فيه قول عائشة رضي الله تعالى عنها، وهذا تقدير، والظاهر أنها لا تقوله إلا توقيفًا. وإن ذبح قبل ذلك، أو بعده أجزأه؛ لأن المقصود يحصل، وإن تجاوز أحدًا وعشرين، احتمل أن يُستحبّ فِي كلّ سابع، فيجعله فِي ثمانية وعشرين، فإن لم يكن ففي خمسة وثلاثين، وعلى هَذَا، قياسًا عَلَى ما قبله. واحتمل أن يكون فِي كلّ وقت؛ لأن هَذَا قضاء فائت، فلم يتوقّف، كقضاء الأضحية وغيرها، وإن لم يعُقّ أصلاً، فبلغ الغلام، وكسب فلا عقيقة عليه؛ لأنها مشروعة فِي حقّ الوالد، فلا يفعلها غيره، كالأجنبيّ، وكصدقة الفطر. وسُئل أحمد عن هذه المسألة، فقال: ذلك عَلَى الوالد. يعني لا يعُقّ عن نفسه؛ لأن السنّة فِي حقّ غيره. وَقَالَ عطاء، والحسن: يعُقّ عن نفسه؛ لأنها مشروعة عنه، ولأنه مرتَهنٌ بها، فينبغي أن يُشَرَع له فَكَاك نفسه. انتهى كلام ابن قُدامة ببعض تغيير.
وَقَالَ فِي “الفتح”: ما حاصله: تمسَّك بِقوله: “تُذبح عنه يوم السابع” مَنْ قَالَ: إِنَّ العقِيقة مُوقَّتة بِاليوم السَّابع، وأنَّ منْ ذبح قبله لم يقع الموقِع، وأنَّها تفُوت بعده، وهُو قول مَالِك. وَقَالَ أيضًا: إِن منْ مات قبل السَّابع سقطت العقِيقة. وفِي رِواية ابنِ وهب، عن مَالِك: أن منْ لم يُعَقّ عنهُ فِي السابع الأول، عُقَّ عنهُ فِي السَّابع الثَّانِي، قَالَ ابن وَهْب: ولا بأس أن يُعقّ عنهُ فِي السَّابع الثَّالِث. ونقل التِّرمِذِيّ عن أهل العِلم: أَنَّهم يستحبُّون أن تُذبح العقِيقة يوم السَّابع، فإِن لم يتهيَّأ فَيَوْم الرَّابع عَشَر، فإِنْ لم يَتَهَيَّأ عَقَّ عنهُ يوم أَحَد وعِشْرِينَ. قَالَ الحافظ: وَلَمْ أرَ هَذَا صرِيحًا إِلَّا عن أبِي عبد الله الْبُوشَنْجِيّ، ونقلهُ صَالِح بْن أَحْمَد، عَنْ أبِيهِ. وورد فِيهِ حدِيث، أَخْرَجهُ الطَّبرانِيُّ منْ رِواية إِسماعِيلِ بن مُسلِم، عن عبد الله بن بُريدة، عن أبِيهِ، وإسماعِيل ضعِيف، وذكر الطَّبرانِيّ أنّهُ تفرَّد بِهِ.
وَعِنْد الحنابلة فِي اعتِبار الأسابِيع بعْد ذلك رِوايتانِ، وعِند الشَّافِعِيَّة أن ذِكر الأسَابِيع لِلاخْتِيارِ، لا لِلتَّعيِينِ، فنقل الرَّافِعِيّ، أَنَّهُ يدخُل وقْتَهَا بِالوِلادةِ، قَالَ: وذِكرُ السَّابع فِي الْخَبَر بِمَعْنَى أن لا تُؤَخَّر عنهُ اخْتِيارًا، ثُمّ قَالَ: والاخْتِيار أَنْ لا تُؤَخَّر عن الْبُلُوغ، فإِنْ أُخِّرت عن البُلُوغ سقطت، عَمَّنْ كَانَ يُرِيد أن يعُقّ عنهُ، لَكِنْ إِنْ أرَادَ أنْ يعُقّ عَنْ نفْسه فَعَلَ.
وأخرج ابنُ أبِي شيبة، عن مُحَمَّد بن سِيرِين، قَالَ: لو أعلمُ أنِّي لِم يُعقّ عنِّي، لعققتُ عن نفسِي. واختارهُ القَفَّال. ونقل عن نصَّ الشَّافِعِيّ فِي البُوَيطِيّ، أنَّهُ لاِ يُعقّ عن كبِير، وليْس هَذَا نصًّا فِي منع أن يعُقّ الشَّخْص عن نفسه، بل يَحْتَمِل أن يُرِيد أن لا يَعُقّ عن غيره إِذَا كبِر.
وكَأنَّهُ أشَار بِذلِك إِلى أنَّ الحدِيث الَّذِي ورد أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، عَقَّ عن نفسه بعد النُّبُوَّة، لا يثبُت، وهُو كذلِك، فقد أخرجهُ البزَّار منْ رِواية عبد الله بن مُحرّر -وهُو بِمُهملاتِ- عن قتادة، عن أنسٍ، قَالَ البزَّار: تفرَّد بِهِ عبد الله، وَهُوَ ضَعِيف. انتهى. وأَخْرَجهُ أبُو الشَّيْخ منْ وجْهَينِ آخَرينِ:
أحدُهُما منْ رواية إِسماعِيل بن مُسْلِم، عن قتادة، وإسماعِيل ضعِيف أيْضًا، وَقَدْ قَالَ عبد الرَّزَّاق: إنَّهم تركُوا حدِيث عبد الله بن مُحرَّر، منْ أجل هَذَا الحدِيث، فَلَعلَّ إِسْمَاعِيل سَرَقَهُ مِنْهُ.
ثَانِيهمَا منْ رِواية أبِي بكر الْمُسْتَمْلي، عن الهيثم بن جميل، وداوُد بن المُحبَّر، قالا: حدَّثنا عبد الله بن المثنى، عن ثُمَامَة، عن أنَسٍ، وداوُد ضَعِيف، لَكِنَّ الْهَيْثم ثِقَة، وعبد الله منْ رِجال الْبُخَارِي، فالحدِيث قوِيّ الإِسْناد، وَقَدْ أخرجهُ مُحَمَّد بن عبد الملِك بن أيْمَن، عن إِبراهِيم بن إِسْحاق السَّرَّاج، عن عمرو النَّاقِد، وأخرجهُ الطَّبرانِيُّ فِي “الأوسط”، عن أحمد بن مَسْعُود، كِلاهُما عن الهيثم بن جَميل، وَحْده بِهِ، فَلَوْلا مَا فِي عبد الله بن المُثَنَّى منْ المَقَال، لَكَانَ هَذَا الحدِيث صحِيحًا، لكِن قَدْ قَالَ ابنُ معِين: ليس بِشَيْءٍ، وَقَالَ النَّسائِيُّ: لَيْسَ بِقوِيٍّ، وَقَالَ أبُو داوُد: لا أُخْرِجُ حدِيثه، وَقَالَ السَّاجِيُّ: فِيهِ ضَعْف لم يَكُنْ منْ أَهْل الْحَدِيث، روى مَنَاكِير، وَقَالَ العُقَيْليّ: لا يُتَابَع عَلَى أَكْثَرِ حدِيثه، قَالَ ابن حَبَّان فِي “الثِّقات”: رُبَّما أخْطَأ، وَوَثَّقهُ العِجلِيُّ، والتِّرْمِذِيّ، وَغَيرهما، فَهَذَا منْ الشُّيُوخ الَّذين إِذَا انْفَرد أَحَدُهُمْ بِالحَدِيثِ، لم يكُنْ حُجَّة، وَقَدْ مَشَى الْحَافِظ الضَّيَاء عَلَى ظَاهِرِ الإِسْنَاد، فَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيث، فِي “الأَحَادِيث الْمُخْتَارَة، مِمَّا لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ”. ويحتمِل أن يُقال: إنْ صَحَّ هَذَا الخبر، كَانَ منْ خَصَائِصه صلى الله عليه وسلم، كما قالُوا فِي تَضْحِيته عمَّن لم يُضَحِّ منْ أُمّته. وعِند عبد الرَّزَّاق، عن معمر، عَنْ قَتَادَة: “مَنْ لَمْ يَعُقّ عنهُ أَجْزَأته أُضْحِيَّته”، وعِند ابنِ أبِي شيبة، عن مُحَمَّد بن سِيرِين، والحسنِ: “يُجزِاء عن الغُلام الأضْحِيَّة منْ الْعَقِيقَة”. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد اتضح بما ذُكر أن الارجح تقييد العقيقة باليوم السابع، كما هو نصّ الشارع، فلا تشرع قبله، وتفوت بفواته، فإن قضاها بعد ذلك كَانَ حسنًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[ذخيرة العقبى في شرح المجتبى 32/ 369]
قال البسام:
* مفردات الحديث:
– مرتهن بعقيقته: شبَّه المولود في لزوم العقيقة عنه، وعدم انفكاكه منها، بالرهن في يد المرتهن، قال الخطابي: اختلف النَّاس في معنى هذا، وأجود ما قيل فيه: ما ذهب إليه الإِمام أحمد قال: هذا في الشفاعة إذا مات طفلاً، ولم يُعَقَّ عنه، لم يشفع في أبويه.
* ما يؤخد من الحديث:
1 – الحديث يدل على تأكد العقيقة، وأنَّه لا ينبغي تركها مهما كانت الأحوال، ولذا قال الإِمام أحمد: إذا لم يكن عنده ما يعق به فاستقرض، أرجو أن يخلف الله عليه؛ فقد أحيا سنَّة.
قال ابن المنذر: صدق أحمد؛ إحياء السنن واتباعها أفضل.
وقال الشيخ تقي الدِّين: يعق عن اليتيم من ماله.
2 – اختلف العلماء في معنى كون المولود مرتهنًا بعقيقته:
فقيل معناه: أنَّ العقيقة لازمة للمولود؛ كلزوم الرهن للمرهون يزيد الرَّاهن.
وقال الإِمام أحمد: معناه إذا مات وهو طفل لم يعق عنه فلا يشفع لأبويه؛ ويقوي هذا القول ما أخرجه البيهقي من حديث بريدة بن الحصيب قال: “إنَّ النَّاس يعرضون يوم القيامة على العقيقة، كما يعرضون على الصلوات الخمس”، وقيل غير ذلك.
والمهم أنَّ مثل هذه التشبيهات تدل على تأكيد هذه الشعيرة، وأنَّه لا ينبغي إهمالها، فمن أحياها، فقد أحيا سنَّة أمر بها النَّبي صلى الله عليه وسلم، وعمل بها.
3 – قال في شرح الإقناع: ولا يعق غير الأب، وأمَّا عن النَّبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين، فلأَنَّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
واختار جمع أنْ يعق المولود عن نفسه استحبابًا إذا لم يعق عنه أبوه، وهو قول عطاء والحسن؛ لأنَّها مشروعةٌ عنه، ولأنَّه مرتهنٌ بها، فينبغي أنْ يشرع في فكاك نفسه.
4 – أخرج الترمذي (2832) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه: “أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود يوم سابعه، ووضع الأذى عنه، والعق”، والله أعلم.
انتهى كتاب الأطعمة
[توضيح الأحكام من بلوغ المرام 7/ 103]
5 – يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وحكمها حكم الأضحية فيما سوى ذلك].
يعني: أنه يتصدق بها ويأكل ويهدي، ولابد أن تكون السن معتبرة، فمن الإبل ما له خمس سنين، ومن البقر ما له سنتان، ومن المعز ما له سنة، ومن الضأن ما له ستة أشهر مثل الأضحية.
وأما بالنسبة للتوزيع فإن أهدى وتصدق وأكل فهذا هو الأفضل، وإن جمع الجيران والأقارب فلا حرج، فينظر ما هو الأنفع والأيسر له، الأمر في هذا واسع.
وأما مسألة الأذان في أذن المولود اليمنى والإقامة في الأذن اليسرى فلا يثبت، الحديث فيه مقال، ذكره ابن القيم في تحفة الودود في أحكام المولود، وإن أذن وأقام لا بأس، فهو حسن.
وهنا مسألة: السنة في عقيقة الغلام أن يذبح شاتين، فإن كان الضيوف كثيرين، فيذبح الشاة الثالثة وتكون شاة لحم فقط.
والأولى أن يعق عنه ولو أسقطته أمه، حتى ولو خرج ميتًا؛ لأنه آدمي يسمى مولودًا إذا نفخ فيه الروح، ويصلى عليه ويدفن، وهذا إذا تبين في المولود خلق الإنسان ونفخ فيه الروح، أما إذا كان قطعة لحم ولم يتبين فيه الخلق فلا يصلى عليه، ولا يكون لأمه حكم النفاس، وفي الغالب أنه يتخلق بعد الأربعة الأشهر.
شرح عمدة الفقه – الراجحي (26) / (17)
6 – الفتاوى:
مجموع فتاوى ابن باز — ابن باز (ت (1420))
(29) – حكم العقيقة
س: الأخ ع. م. س. – الرياض يقول في سؤاله: إذا مات الجنين في بطن أمه فهل يلزم والده أن يذبح عنه عقيقة؟ ((1)).
ج: العقيقة سنة مؤكدة وليست واجبة، عن الذكر شاتان وعن الأنثى واحدة. والسنة أن تذبح في اليوم السابع ولو سقط ميتا، والسنة أن يسمى أيضا، ويحلق رأسه في اليوم السابع، وإنسمي في اليوم الأول فلا بأس؛ لأن الأحاديث الصحيحة وردت عن النبي ? بذلك، فقد ثبت عنه ? أنه سمى ابنه إبراهيم يوم ولد، وسمى عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري يوم ولد، وثبت عنه ? من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أنه قال: «كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى ((1))» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح، وثبت عنه ? من حديث عائشة وأم كرز الكعبية رضي الله عنهما أنه ? «أمر أن يعق عن الغلام شاتان متكافئتان، وعن الأنثى شاة، ((2))» وثبت عنه ? من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي ? أنه قال: «من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة ((3))» وهذه الأحاديث تعم السقط وغيره إذا كان قد نفخت فيه الروح وهو الذي ولد في الشهر الخامس وما بعده. والمشروع أن يغسلويكفن ويصلى عليه إذا سقط ميتا، ويشرع أيضا أن يسمى ويعق عنه؛ لعموم الأحاديث المذكورة. والله ولي التوفيق.
————————
فتاوى اللجنة الدائمة – 2 — اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (معاصر)
السؤال الرابع من الفتوى رقم ((21717))
س (4): رزقني الله بالمولود الثاني، ولأنني سوف أقوم بإجازة إلى مصر قريبا فقررت عمل العقيقة في البلاد، فهل يجوز إخراج قيمتها نقودا على الفقراء والمحتاجين أو توزع قيمتها لحما نيئا على الفقراء والأقارب والأصدقاء، هل يجوز عمل جزء نيء، وجزء مطبوخ؛ أي المطبوخ لأهل البيت والنيء للفقراء مع توزيع أشياء أخرى تلزم الطبخ، وهذا لعدم القدرة على طبخ كبسة بالمنزل، وهل هناك سن معينة للعقيقة غنم أم بقر صغير.
ج (4): العقيقة سنة مؤكدة في حق الأب، عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، ولا تجزئ القيمة عنها؛ لأن ذلك مخالف لهدي النبي ? وصحابته من بعده رضي الله عنهم، ولا بأس من توزيع لحم العقيقة على الفقراء نيئا، أو جعل جزء منها مطبوخا لأهله وجيرانه وأصدقائه، والجزء الآخر نيئا يوزع على الفقراء، والسنة في العقيقة كما في الأضحية أن يجعلها أثلاثا: فيأكل ثلثا، ويهدي ثلثا، ويتصدق بثلث، والسن المجزئ في العقيقة كالأضحية من الإبل ما تم له خمس سنين، ومن البقر سنتان، ومن المعز سنة ومن الضأن نصف سنة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
——————————
فتاوى اللجنة الدائمة – 2 — اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (معاصر)
السؤال الثاني من الفتوى رقم ((17998))
س (2): حلق شعر البنت في اليوم السابع من ولادتها هل هو سنة، فإن لم يكن سنة هل يجوز فعله؟
ج (2): ورد في حلق الشعر يوم سابعه حديثان: أحدهما «لما ولدت فاطمة رضي الله عنها الحسن قال رسول الله ?: احلقي رأسه .. ((1))» الحديث رواه أحمد في (مسنده).
والثاني حديث سمرة رضي الله عنه، أن رسول الله ? قال: «كلغلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق رأسه ((1))»، رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
فالحديث الأول في ولادة الحسن رضي الله عنه، والثاني جاء بلفظ (غلام) وهو خاص بالذكر دون الأنثى، ولذا فلا يشرع حلق رأس المولود إذا كان أنثى.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
————–
ما معنى قوله ?: (كل غلام مرتهن بعقيقته)؟
معنى قوله ?: (كل غلام مرتهنٌ بعقيقته) أن الغلام محبوس عن الشفاعة لوالديه يوم القيامة إذا لم يعق عنه أبوه، هكذا فسره بعض أهل العلم.
وقال بعض العلماء: مرتهن بعقيقته أي: أن العقيقة من أسباب انطلاق الطفل في مصالح دينه ودنياه، وانشراح صدره عند ذلك، وأنه إذا لم يعق عنه فإن هذا قد يحدث له حالة نفسية توجب أن يكون كالمرتهن.
وهذا القول أقرب، وأن العقيقة من أسباب صلاح الولد وانشراح صدره ومضيه في أعماله.
لقاء الباب المفتوح (95) / (19)
—————-
تنبيه: تتمة النقولات في تخريج حديث الباب:
علل أخبار رويت في العقيقة
الْحسن الْبَصْرِيّ
(49) – قَالَ عَلِيٌّ سَمِعَ الْحَسَنُ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ وَهُوَ غُلَامٌ يَخْطُبُ وَمِنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ وَمِنْ أَبِي بَكْرَةَ
(50) – وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ شَيْئًا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لَمْ يَصِحُّ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ سَمَاعٌ من وَجه صَحِيح ثَابت
قُلْتُ سَمِعَ الْحَسَنُ مِنْ جَابِرٍ قَالَ لَا
قُلْتُ سَمِعَ الْحَسَنُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَا
كَانَ بِالْمَدِينَةِ أَيَّامَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى الْبَصْرَةِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا عَليٌّ وَخَرَجَ إِلَى صِفِّينَ وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ خَطَبَنَا ابْن عَبَّاس بِالْبَصْرَةِ الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد إِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ ثَابِتٍ قَدِمَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ الْحَصِينِ وَمِثْلُ قَوْلِ مُجَاهِدٍ خَرَجَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ وَكَقَوْلِ الْحَسَن إِنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشَمٍ حَدَّثَهُمْ وَكَقَوْلِهِ غَزَا بِنَا مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ
الْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَا رَأَىهُ قَطُّ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ
وَمِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَمِنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَمِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمِنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ (51) – قَالَ وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ أَمَرَنِي ابْنُ سِيرِينَ أَنْ أَسْأَلَ الْحَسَنَ مِمَنْ سَمِعَ حَدِيثَهُ فِي الْعَقِيقَةِ قَالَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ سَمُرَةَ كُلُّ مَوْلُودٍ رَهْنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنهُ يَوْم سابعه أخرجه البُخَارِيّ فِي الْحَقِيقَة
(52) – وَعَنِ النَّبِيِّ ? كُلُّ مَوْلُودٍ رَهْنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ رَأسه وَيُسمى أخرجه أَبُو دَاوُد
(53) – وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ عَنِ النَّبِيِّ ? كُلُّ غُلَامٍ رَهْنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُدْمَى هَكَذَا قَالَ هَمَّامٌ يُدْمَى وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَيُسَمَّى قَالَ هَمَّامٌ لِقَتَادَةَ كَيْفَ يُدْمَى قَالَ تُذْبَحُ الْعَقِيقَةُ ثُمَّ تُسْتَقْبَلُ أَوْدَاجُهَا بِصُوفَةٍ أَوْ بِقُطْنَةٍ ثُمَّ تُوضَعُ على يافوخ الصَّبِي أخرجه أَبُو دَاوُد
(54) – قَالَ سُئِلَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الصَّبِيِّ يُلَطَّخُ رَأْسُهُ بِدَمِ عقيقته قَالَ كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ هُوَ رِجْسٌ كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَفْعَلُونَهُ أخرجه ابْن أبي شيبَة
وَعَنِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّهُمَا كَرِهَا أَنْ يُلَطَّخَ رَاسُ الصَّبِي بِدَم عقيقته
علل (1) / (52) — علي بن المديني (ت (234))
1358 – وَعَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ وَيُسَمَّى». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالأَرْبَعَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
(3) صحيح. أخرجه أحمد (5/ 7، 8)، وأبوداود (2838)، والنسائي (7/ 166)، والترمذي (1522)، وابن ماجه (3165)، وإسناده صحيح، وهو من طريق الحسن عن سمرة، وقد سمع منه هذا الحديث كما نص على ذلك بنفسه كما في «صحيح البخاري» برقم (5472).
[فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط (4) 10/ 260 ط 4]
2291 – قال أبو يعلى الموصليُّ: حدَّثنا محمَّد بن المثنَّى ثنا ابن أبي عديٍّ عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” كلُّ غلامٍ مرتهنٌ بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمَّى “.
وقد روى هذا الحديث: الإمام أحمد وأصحاب ” السُّنن الأربعة ” من حديث قتادة، وقال التِّرمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وقال أبو يعلى: [ثنا أبو موسى] حدَّثني قُريش بن أنس عن حَبيب ابن الشَّهيد قال: قال محمَّد بن سيرين: [سل] الحسن: ممَّن سمع حديثه في العقيقة؟ فسألته، فقال: سمعته من سَمُرة.
رواه البخاريُّ عن عبد الله بن أبي الأسود عن قُريش، ولم يرو غير هذا.
ورواه التِّرمذيُّ عن محمَّد بن المثنَّى، ورواه عن محمَّد بن إسماعيل البخاريِّ عن عليِّ بن عبد الله عن قُريش.
ورواه النَّسائيُّ عن هارون بن عبد الله عن قُريش.
وقال عثمان بن سعيد الدَّارميُّ: قلت ليحيى بن معين: الحسن لقيَ سَمُرة؟ قال: لا. وقال الغُلابيُّ: ثنا يحيى بن معين عن أبي النَّضر عن شُعبة قال: لم يسمع الحسن من سَمُرة بن جُندب. وقد تكلَّم بعضهم مع
يحيى ابن معين في هذا، فأنكر يحيى سماعه، فاحتجَّ عليه بقول ابن سِيرين لحبيب: سُئل الحسن: ممَّن سمع حديث العقيقة؟ فقال: من سَمُرة. فلم يكن عند يحيى جوابٌ.
وقال عبد الغني بن سعيد المصريُّ: لا يصح (الحسن عن سَمُرة بن جُنْدب) إلا حديثٌ واحدٌ، وهو حديث العقيقة، تفرَّد به قُريش بن أنس عن حَبيب بن الشَّهيد؛ وقد دفع قومٌ آخرون قولَ قُريش، وقالوا: ما يصحُّ له سماعٌ.
وقال البَرْدِيجيُّ: وقتادة عن الحسن عن سَمُرة، فليست بصحاح، لأَنَّه من كتاب، ولا يحفظ عن الحسن عن سَمُرة حديثٌ يقول فيه: (سمعت سَمُرة) إلا حديثًا واحدًا، وهو حديث العقيقة، ولا يثبت، رواه قريش بن أنس عن أشعث عن الحسن عن سمرة، ولم يروه غيره، وهو وهمٌ.
كذا قال، وقوله: (عن أشعث) وهمٌ، والله أعلم
[تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي 3/ 575]
ومن كتاب أوهام الثقات:
الحديث الأول:
712 – قال أبو داود (2837): حدثنا حفص بن عمر النمري، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويحلق رأسه ويُدَمَّى».
فكان قتادة إذا سئل عن الدم كيف يصنع به قال: إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة واستقبلت به أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد ويحلق.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وقد حكى البخاري في صحيحه عقب الحديث (5472) ما يدل على سماع الحسن من سمرة حديث العقيقة.
وأخرجه أحمد (5/ 17) من طريق عفان، والبيهقي (9/ 303) من طريق عفان وحفص بن عمر، وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (4/ 319) من طريق أبي داود به.
هكذا قال همام: (يحلق رأسه ويُدَمَّى).
خالفه سعيد بن أبي عروبة، وشعبة، وسلام بن أبي مطيع، وغيلان بن جامع، وأبان العطار، وحماد بن سلمة فرووه عن قتادة أيضاً بنفس الإسناد وقالوا: (يحلق رأسه ويسمى).
وكذلك رواه يونس بن عبيد، وأشعث، وإياس بن دغفل، وإسماعيل بن مسلم، ومطر الوراق، وأبو حرة واصل بن عبد الرحمن عن الحسن عن سمرة فقالوا: (ويسمى).
لذا قال أبو داود: وهذا وهم من همام (ويُدمى) خولف همام في هذا الكلام وهو وهم من همام وإنما قالوا: (ويسمى) فقال همام: (ويدمى).
قال أبو داود: وليس يؤخذ بهذا.
وقال أبو داود أيضاً عقب حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: (ويسمي أصح، كذا قال سلام بن أبي مطيع عن قتادة وإياس بن دغفل وأشعث عن الحسن قال: ويسمى، ورواه أشعث عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ويسمى).
وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن العقيقة تذبح ويدمى رأس الصبي أو الجارية؟ قال أبي: لا يدمى.
وقال الألباني: قوله: ويدمى، شاذ كما يشير إليه المؤلف عقب الرواية الآتية، وما بعده موقوف من قول قتادة وهو منكر عندي لمخالفته للأحاديث الصحيحة التي منها حديث بريدة.
وقال الخطابي في معالم السنن: وكره أكثر أهل العلم لطخ رأس المولود بدم العقيقة وقالوا: إنه كان من عمل الجاهلية، كرهه الزهري ومالك وأحمد وإسحاق، وتكلموا في رواية هذا الحديث من طريق همام عن قتادة فقالوا: قوله: (يُدَمَّى) غلط وإنما هو (يُسمَّى) هكذا رواه شعبة عن قتادة، وكذلك رواية سلام بن أبي مطيع عن قتادة. وكذلك رواه أشعث عن الحسن عن سمرة. اه.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (5/ 320):
وأنكر جمهور العلماء ذلك وقالوا: هذا وهم من همام لأنه لم يقل أحد في ذلك الحديث ويدمى غيره، وإنما قالوا: ويسمى.
واحتجوا بحديث سلمان بن عامر الضبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فأهرقوا عنه دماً، وأميطوا الأذى عنه» قالوا: فكيف يأمر بإماطة الأذى عنه ويحمل على رأسه الأذى؟
وذكروا حديث أبي بردة الأسلمي قال: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها.
فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران.
وقال في التمهيد: لا أعلم أحداً قال في حديث سمرة: ويدمى مكان ويسمى إلا همّاماً.
وقال الحافظ في الفتح (9/ 593):
وقد اختلف فيها أصحاب قتادة فقال أكثرهم: (يسمى) بالسين، وقال همام عن قتادة: (يدمى) بالدال.
قال أبو داود: خولف همام وهو وهم منه ولا يؤخذ به، قال: ويسمى أصح.
واستشكل ما قاله أبو داود بما في بقية رواية همام عنده أنهم سألوا قتادة عن الدم كيف يُصنع به فقال: إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة واستقبلت به أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد ويحلق.
فبعيد مع هذا الضبط أن يقال: إن همّاماً وهم عن قتادة في قوله: (ويدمى) إلا أن يقال: إن أصل الحديث ويسمى وإن قتادة ذكر الدم حاكياً عما كان أهل الجاهلية يصنعونه.
ومن ثم قال ابن عبد البر: لا يحتمل همام في هذا الذي انفرد به، فإن كان حفظه فهو منسوخ.
[أوهام المحدثين الثقات 6/ 453]
عِلَلُ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ فِي الْعَقِيقَةِ
(1631) – وسألتُ أَبِي عن حديثٍ رواه عبدُالوارث، عَنْ أيُّوب، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابن عباس: أنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، كَبْشَيْنِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا وَهَمٌ؛ حدَّثنا أبو مَعْمَر، عن عبد الوارث، هكذا.
وَرَوَاهُ وُهَيْبٌ، وابنُ عُلَيَّة، عَنْ أيُّوب، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم)، مُرسَلً.
قَالَ أَبِي: وَهَذَا مُرسَلً، أصحُّ.
(1632) – وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ المُحَارِبي، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ عُقَّ عَنْهُمَا؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ عَنْ عِكْرِمة، قولَهُ، مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سعيدٍ الأنصاريِّ.
قلتُ: كَذَا حدَّثنا الأَشَجُّ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الأَحمر، عَن يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمة: أنَّ حَسَنًا وحسينًا عُقَّ عنهما.
قَالَ أَبِي: لَمْ تَصِحَّ روايةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عِكْرِمة؛ فَإِنَّهُ لا يَرْضَى عِكْرِمةَ، كَيْفَ يَرْوِي عَنْهُ ((2))؟!
(1633) – وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ وَهْب ((3))،
العلل لابن أبي حاتم ت الحميد (4) / (543) — ابن أبي حاتم (ت (327))