451 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
(451) – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج (4) ص (104)): حدثنا أبو المغيرة قال حدثنا أرطاة يعني ابن المنذر حدثنا ضمرة بن حبيب قال حدثنا سلمة بن نفيل السكوني قال: كنا جلوسًا عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ قال له قائل يا رسول الله هل أُتيت بطعام من السماء قال ((نعم)) قال وبماذا قال ((بِمِسْخَنَةٍ)) ((1)) قالوا فهل كان فيها فضل عنك قال ((نعم)) قال فما فعل به قال ((رفع وهو يوحى إلي أني مكفوت غير لابث فيكم ولستم لابثين بعدي إلا قليلًا بل تلبثون حتى تقولوا متى وستأتون أفنادًا يفني [ص: (382)] بعضكم بعضًا وبين يدي الساعة موتان شديد وبعده سنوات الزلازل)).
هذا حديث صحيحٌ.
وأخرجه الدارمي (ج (1) ص (43)) فقال: حدثنا محمد بن المبارك، حدثنا معاوية بن يحيى، حدثنا أرطاة بن المنذر به.
ومعاوية بن يحيى الصدفي ضعيف، ولكنه متابع كما ترى، والحمد لله.
وأخرجه أبو يعلى (ج (12) ص (270)) فقال رحمه الله حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا مبشر، عن أرطأة به. ومبشر هو ابن إسماعيل.
وأخرجه البزار كما في “كشف الأستار” (ج (3) ص (140)).”
……………………………
في هذا الحديث دليل من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وهو إنزال الله عز وجل له طعاما من السماء، وهذه معجزة كانت في بني إسرائيل، إذ أنزل الله عليهم المن والسلوى، وكذلك إنزال المائدة من السماء عندما طلبوا ذلك من عيسى عليه السلام عليكم على القول بنزولها عليهم.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم هنا بنزول طعام من السماء في مسخنة وهي “هي قدر كالتَّور يسخن فيه الطعام.” كما قال صاحب النهاية.
ثم سأله سلمة هل بقي منها شيء فقال: نعم، لكنه رفع إلى السماء حين نزول الوحي عليه.
وقوله (مكفوت) ومعنى الكفت: الضم والجمع، يقال: كفت الشيء: إذا ضمه وجمعه كما في قوله تعالى: (ألم نجعل ا?رض كفاتا) أي وعاء، وقال الفراء: يريد تكفتهم أحياء على ظهرهـا في دورهـم ومنازلهم، وتكفتهم أمواتا في بطنها، أي: تحوزهـم.
والمقصود هنا موته صلى الله عليه وسلم و مدة لبثه فيهم كما قال (غير لابث فيكم) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم بدنو أجله بعد نزول سورة النصر.
وكذلك أخبر أنهم سيفنون بعده وأن مدة لبثهم بعده قليل وتصير الفتن والهرج حتى يتقول أحدهم من شدة الفتن متى يأتي أجلي كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: والذِي نَفْسِي بِيَدِه لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بالْقَبْرِ، فيتمَرَّغَ عَلَيْهِ، ويقولُ: يَا لَيْتَني مَكَانَ صَاحِبِ هذَا الْقَبْرِ، وَلَيْس بِهِ الدَّين وما بِهِ إلاَّ الْبَلاَءُ.
ومن الفتن التي أخبر أنها ستحصل (وستأتون أفنادًا يفني بعضكم بعضًا) و (أفنادا) أي جماعات متفرقين قوما بعد قوم، واحدهم (فند) ”.
وجاء عن كرز بن علقمة الخزاعي، قال: قال رجل: يا رسول الله هل للإسلام من منتهى؟ قال «أيما أهل بيت» وقال في موضع آخر، قال: «نعم، أيما أهل بيت من العرب أو العجم أراد الله بهم خيرًا أدخل عليهم الإسلام». قال: ثم مه؟ قال: «ثم تقع الفتن كأنها الظلل»، قال: كلا والله إن شاء الله، قال: «بلى والذي نفسي بيده، ثم تعودون فيها أساود صبًّا يضرب بعضكم رقاب بعض».
وقرأ على سفيان قال الزهري: «أساود صُبًّا» قال سفيان: الحية السوداء تنصب، أي: ترتفع.
وقد جاءت أحاديث في النهي عن الدخول في الفتن والخوض فيها، وحمل السلاح على المسلم، ومن ذلك ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله – ? -: ((لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض)).
وحديث حذيفة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله – ? -: ((إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن؛ حتى إذا رئيت بهجته عليه، وكان ردئًا للإسلام، غيّره إلى ما شاء الله، فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف، ورماه بالشرك)).
قال: قلت: يا نبي الله أيهما أولى بالشرك المرمي أم الرامي؟ قال: ((بل الرامي))
[رواه ابن حبان ((1) / (148) – (149)) وأبو يعلى – كما في تفسير ابن كثير ((2) / (226)) والبزار ((7) / (220)) ورواه البخاري في تاريخه ((4) / (301)) مقتصرًا على شطره الأول، وقال ابن كثير: إسناده جيد].
قوله: (وبين يدي الساعة موتان شديد) كما في حديث أشراط الساعة ” يكون في الناس موتان كقعاص الغنم ” الموتان، بوزن البط?ن: الموت الكثير الوقوع.
وقوله: (وبعده سنوات الزلازل)
الزَّلازِلُ: جَمعُ زَلزَلةٍ، وهيَ تَحريكُ الأرضِ. يَعني: يَكونُ تَحريكُ الأرضِ في آخِرِ الزَّمانِ كثيرًا).
وقال ابنُ رَجَبٍ في شَرحِ الحَديثِ: (أمَّا كثرةُ الزَّلازِلِ، فهو مَقصودُ البُخاريِّ في هذا البابِ مِنَ الحَديثِ.
والظَّاهِرُ: أنَّه حَملَه على الزَّلازِلِ الْمَحسوسةِ، وهيَ ارتِجافُ الأرضِ وتَحَرُّكُها.
ويُمكِنُ حَملُه على الزَّلازِلِ الْمَعنَويَّةِ، وهيَ كثرةُ الفِتَنِ الْمُزعِجةِ الْمُوجِبةِ لارتِجافِ القُلوبِ.
والأوَّلُ أظهَرُ؛ لأنَّ هذا يُغني عَنه ذِكرُ ظُهورِ الفِتَنِ).
وقال ابنُ حَجَرٍ: (نَصٌّ في الخَبَرِ على أنَّ أكثَرَ الزَّلازِلِ من أشراطِ السَّاعةِ).
وقال أيضًا: (قَولُه: ((وتَكثُر الزَّلازِلُ)) قَد وقَعَ في كثيرٍ مِنَ البِلادِ الشَّماليَّةِ والشَّرقيَّةِ والغَربيَّةِ كثيرٌ مِنَ الزَّلازِلِ، ولَكِنَّ الذي يَظهَرُ أنَّ الْمُرادَ بكَثرَتِها شُمولُها ودَوامُها، وقَد وقَعَ في حَديثِ سَلَمةَ بنِ نفيلٍ عِندَ أحمَدَ: ((وبينَ يَدَيِ السَّاعةِ سَنَواتُ الزَّلازِلِ)).
وقال ابنُ عُثَيمين: (أخبَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى تَكثُر الزَّلازِلُ، وهيَ نَوعانِ: زَلازِلُ حِسِّيَّةٌ تَهُزُّ الأرضَ، فتُدَمِّرُ القُرى والمَساكِنَ، وزَلازِلُ مَعنَويَّةٌ تُزَلزِلُ الإيمانَ والعَقيدةَ والأخلاقَ والسُّلوكَ، حَتَّى يَضطَرِبَ النَّاسُ في عَقائِدِهم وأخلاقِهم وسُلوكِهم، فيَعودَ الحَليمُ العاقِلُ حيرانَ، والحَديثُ مُحتَمِلٌ لكُلٍّ مِنهما، وهو في الأوَّلِ أظهَرُ)