45 – مشكل الحديث
جمع مجموعة من طلاب العلم
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——‘——-”
——-‘——‘——-”
مشكل الحديث
حديث ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة
كيف يوجه الحديث مع قصة ملكة سبأ وقصتها قي القرآن حيث قادة قومها للإيمان
وحول التعارض بين حديث ” لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة “، مع واقع بعض الدول التي نجحت مع أن الحاكم امرأة
==
جاء في بعض الفتاوى:
السؤال
جاء في “صحيح البخاري” عن أبي بكرة أنه قال:” لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، فلماذا نجد بعض من الدول المتقدمة تحكمها امرأة أليس هذا تعارض مع الحديث؟
الجواب
الحمد لله.
فإن الله عدل في أحكامه، يأمر بالعدل، وقد أوجب سبحانه على الرجال ما لم يوجبه للنساء، وخص الرجال بأشياء، وخص النساء بأشياء، وأباح بعض الأمور للرجال دون النساء، وأباح بعض الأمور للنساء دون الرجال، وكل ذلك مناسب للفطرة التي فطر الله عليها كل جنس.
قال الله تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ تبارك/14.
ومن هذه الأمور التي جعلها الله خاصة بالرجال أمر الولاية العظمى، ويدل عليه الحديث الصحيح الذي أورده السائل، وهو حديث صحيح لا مطعن فيه.
وقد أخرجه البخاري في “صحيحه” (4425)، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قَالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الجَمَلِ، بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ، قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً).
وعامة أهل العلم على اشتراط الذكورة في الولاية العامة، وأنه لا يجوز أن تتولى النساء الولايات العامة.
قال البغوي في “شرح السنة” (10/ 77):” اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إماماً ولا قاضياً، لأن الإمام يحتاج إلى الخروج لإقامة أمر الجهاد، والقيام بأمور المسلمين، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات، والمرأة عورة، لا تصلح للبروز، وتعجز لضعفها عند القيام بأكثر الأمور، ولأن المرأة ناقصة، والإمامة والقضاء من كمال الولايات، فلا يصلح لها إلا الكامل من الرجال “. انتهى
وقال القاضي ابو بكر ابن العربي في “أحكام القرآن” (3/ 482):” رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ كِسْرَى لَمَّا مَاتَ وَلَّى قَوْمُهُ بِنْتَهُ: (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً)، وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكُونُ خَلِيفَةً، وَلَا خِلَافَ فِيهِ “. انتهى
وقال الشوكاني في “نيل الأوطار” (8/ 304):” قَوْلُهُ: (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ. . . إلَخْ): فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ، وَلَا يَحِلُّ لِقَوْمٍ تَوْلِيَتُهَا، لِأَنَّ تَجَنُّبَ الْأَمْرِ الْمُوجِبِ لِعَدَمِ الْفَلَاحِ وَاجِبٌ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى اشْتِرَاطِ الذُّكُورَةِ فِي الْقَاضِي إلَّا عَنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَاسْتَثْنَوْا الْحُدُودَ، وَأَطْلَقَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْقَضَاءَ يَحْتَاجُ إلَى الرَّايِ، وَرَايُ الْمَرْأَةِ نَاقِصٌ وَلَا كَمَالَ سِيَّمَا فِي مَحَافِلِ الرِّجَالِ “. انتهى
أما ما ذكره السائل من كون بعض الدول المتقدمة تحكمها امرأة، وأن هذا قد يعارض الحديث، فجوابه كما يلي:
أولا: أن النبي صلى الله عليه وسلم علق عدم الفلاح على تولي المرأة للرجال الولاية العامة، والفلاح هنا مطلق، أي فلاح الدين والدنيا، فيكون معنى الحديث: أنه ما من قوم جعلوا امرأة عليهم فإنهم لا يفلحون الفلاح المطلق في الدين والدنيا، وهذا لا ينفي فلاحهم في أمر الدنيا.
قال العلامة ابن باديس – رحمه الله – في “تفسيره” (ص274):” في تواريخ الأمم نساء تولين الملك، ومن المشهورات في الأمم الإسلامية: شجرة الدر في العصر الأيوبي، ومنهن من قضت آخر حياتها في الملك، وازدهر ملك قومها في عهدها.
فما معنى نفي الفلاح عمن ولوا أمرهم امرأة؟
هذا اعتراض بأمر واقع، ولكنه لا يرد علينا.
لأن الفلاح المنفي: هو الفلاح في لسان الشرع، وهو تحصيل خير الدنيا والآخرة، ولا يلزم من ازدهار الملك أن يكون القوم في مرضاة الله، ومن لم يكن في طاعة الله، فليس من المفلحين، ولو كان في أحسن حال فيما يبدو من أمر دنياه.
على أن أكثر من ولوا أمرهم امرأة من الأمم إذا قابلهم مثلهم، كانت عاقبتهم أن يغلبوا “. انتهى
ثانيا: أن كثيرا من النصوص تكون أغلبية وليست كلية، لأن الأحكام مبناها على الغالب، والنادر لا حكم له.
فمثلا عندما قال الله تعالى: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ الزخرف/18.
فهذا الوصف في النساء أغلبي، إذ قد توجد بعض النساء من ذوات اللَّسَن والقدرة على الإبانة في الخصام.
ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم:” قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَجِدُونَ النَّاسَ كَإِبِلٍ مِائَةٍ، لَا يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً.
أخرجه البخاري في “صحيحه” (6498)، ومسلم في “صحيحه” (2547)، واللفظ له.
والأمر في هذا الحديث مثله، أن النفي المطلق هنا على المبالغة، وأن هذا هو الغالب، وإن وجد الفلاح في إمرة بعض النسوة فهذا من النادر، والنادر لا حكم له.
وإذا نظرنا إلى تولي المرأة للولايات العامة في الدول، على مر التاريخ، فسوف نجد ذلك نادرا، بل غاية في الندرة، إذا قسناه بمن تولاه من الرجال؛ فكيف يكون حال من نجح من هؤلاء النسوة في رئاسة قومها، إذا كان الجميع نادرا؟!
ثالثا: أن واقع هذه الدول أن الرئيس لا ينفرد غالبا بقراره، وإنما يحكمه دستور، وقانون، وربما مجالس أخرى، يجب عليه أن يأخذ موافقتها قبل كثير من القرارات.
وبالتالي لا يصدق على مثل هذه الحالات أنها تولت أمرهم بحيث يكون لها القرار منفردة كما هو الحال في الدول التي يحكمها فرد واحد، ويكون بيده القرارات المصيرية للأمة.
قال الشيخ عبد الله آل بسام في “توضيح الأحكام” (7/ 184):” والدول التي ولتها إنَّما هيَ ولاية صورية لا حقيقية؛ فبلادهم يحكمها دستورٌ لا يتخطَّاه أحدٌ منهم “. انتهى
وختاما: فإن أحكام الشريعة جاءت من لدن حكيم خبير، يعلم سبحانه ما يصلحنا ويصلح حياتنا، وما يفسدنا ويفسد حياتنا، في الدنيا والآخرة.
وقد قال الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ الأنفال/24.
فمن آمن واستسلم لحكم الله ورسوله طابت حياته في الدنيا والآخرة، ومن أعرض واعترض شقي في الدنيا والآخرة.
ورحم الله الإمام الطحاوي حيث قال:” ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام “. انتهى من “العقيدة الطحاوية”.
والله أعلم.
——
من شروط الإمام أن يكون ذكرًا (ولا خلاف في ذلك بين العلماء)
ويدل عليه ما ثبت في (صحيح البخاري) وغيره من حديث أبي بكرة رضي الله تعالى عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لما بلغه أن فارسًا ملَّكوا ابنة كسرى قال: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)). وقد ورد في القرآن الكريم كثير من الآيات الدالة على تقديم الرجال على النساء من ذلك قوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ … [النساء: 34]
قال القرطبي:
قوله تعالى: (الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلى النِّساءِ) أي: يقومون بالنفقة عليهن، والذب عنهن، وأيضًا: فإنّ فيهم الحكام والأمراء ومن يغزو، وليس ذلك في النساء اهـ. «تفسير القرطبي» ((5) / (168)).
وقال ابن كثير:
أي: الرجل قيِّم على المرأة، أي: هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت.
(بما فضَّل الله بعضهم على بعض) أي: لأن الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة، ولهذا كانت النبوة مختصة
وقال الماوردي – في معرض كلامه عن الوزارة -:
ولا يجوز أن تقوم بذلك امرأة، لقول النبي : (ما أفلح قومٌ أسندوا أمرهم إلى امرأة)؛ ولأن فيها من طلب الرأي وثبات العزم ما تضعف عنه النساء، ومن الظهور في مباشرة الأمور ما هو عليهن محظور اهـ «الأحكام السلطانية» (ص (46)).
وقال ابن حزم رحمه الله – في معرض حديثه عن الخلافة -:
ولا خلاف بين أحدٍ في أنها لا تجوز لامرأة اهـ «الفصل في الملل والأهواء والنحل» ((4) / (129)).
وفي «الموسوعة الفقهية» ((21) / (270)):
اتفق الفقهاء على أن من شروط الإمام الأعظم أن يكون ذكرا، فلا تصح ولاية امرأة، لقوله : (لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة)، ولكي يتمكن من مخالطة الرجال، ويتفرغ لتصريف شئون الحكم؛ ولأن هذا المنصب تناط به أعمال خطيرة، وأعباء جسيمة، تلائم الذكورة اهـ.
وسئل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى السؤال التالي:
ما موقف الشرع الإسلامي الحنيف من ترشيح امرأة نفسها لرئاسة الدولة، أو رئاسة الحكومة، أو الوزارة؟
فأجاب:
تولية المرأة واختيارها للرئاسة العامة للمسلمين لا يجوز، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على ذلك، فمن الكتاب: قوله تعالى: {الرجال قوّامون على النساء بما فضَّل الله بعضهم على بعض}، والحكم في الآية عام شامل لولاية الرجل وقوامته في أسرته، وكذا في الرئاسة العامة من باب أولى، ويؤكد هذا الحكم ورود التعليل في الآية، وهو أفضلية العقل والرأي وغيرهما من
مؤهلات الحكم والرئاسة.
ومن السنَّة: قوله لما ولّى الفرسُ ابنةَ كسرى: (لن يفلح قومٌ ولَّوا أمرَهم امرأة)، رواه البخاري.
ولا شك أن هذا الحديث يدل على تحريم تولية المرأة لإمرة عامة، وكذا توليتها إمرة إقليم أو بلد؛ لأن ذلك كله له صفة العموم، وقد نفى الرسول الفلاح عمَّن ولاها، والفلاح هو الظفر والفوز بالخير.
وقد أجمعت الأمة في عهد الخلفاء الراشدين وأئمَّة القرون الثلاثة المشهود لها بالخير عمليًّا على عدم إسناد الإمارة والقضاء إلى امرأة، وقد كان منهن المتفوقات في علوم الدين، اللاتي يُرجع إليهن في علوم القرآن والحديث والأحكام، بل لم تتطلع النساء في تلك القرون إلى تولي الإمارة، وما يتصل بها من
المناصب، والزعامات العامة، ثم إن الأحكام الشرعية العامة تتعارض مع تولية النساء الإمارة؛ فإن الشأن في الإمارة أن يتفقد متوليها أحوال الرعية، ويتولى شؤونها العامة اللازمة لإصلاحها؛ فيضطر إلى الأسفار في الولايات، والاختلاط بأفراد الأمة، وجماعاتها، وإلى قيادة الجيش أحيانًا في الجهاد، وإلى مواجهة الأعداء في إبرام عقود ومعاهدات، وإلى عقد بيعات مع أفراد الأمَّة، وجماعتها، رجالًا ونساء في السلم والحرب ونحو ذلك، مما لا يتناسب مع أحوال المرأة وما يتعلق بها من أحكام شرعت لحماية عرضها، والحفاظ عليها من التبذل الممقوت.
وأيضًا: فإن المصلحة المدركة بالعقل تقتضي عدم إسناد الولايات العامة لهن، فإن المطلوب فيمن يُختار للرئاسة أن يكون على جانب كبير من كمال العقل، والحزم، والدهاء، وقوة الإرادة، وحسن التدبير، وهذه الصفات تتناقض مع ما جُبلت عليه المرأة من نقص العقل، وضعف الفكر، مع قوة العاطفة، فاختيارها لهذا المنصب لا يتفق مع النصح للمسلمين، وطلب العز والتمكين لهم، والله الموفق، وصلى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه اهـ «مجلة المجتمع» (العدد (890)).
والله أعلم.
—
وأخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – بأن ((النساء ناقصات عقل ودين)).
والإمامة تحتاج إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة، لذلك لا تقبل شهادتها إلا إذا كان معها رجل، وقد نبَّه الله على ضلالهن ونسيانهن بقوله تعالى: أَن تَضِلَّ احْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى [البقرة: 282] …
كما أن إمامة المسلمين تقتضي الدخول في المحافل ومخالطة الرجال وقيادة الجيوش ونحو ذلك، وهذا محظور على النساء شرعًا بقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب: 33] وغيرها.
يقول الغزالي: (الرابع الذكورية، فلا تنعقد الإمامة لامرأة، وإن اتصفت بجميع خلال الكمال وصفات الاستقلال، وكيف تترشح امرأة لمنصب الإمامة وليس لها منصب القضاء ولا منصب الشهادة في أكثر الحكومات). وقال البغوي: (اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إمامًا ولا قاضيًا، لأن الإمام يحتاج إلى الخروج لإقامة أمر الجهاد والقيام بأمور المسلمين، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات، والمرأة عورة لا تصلح للبروز وتعجز لضعفها عن القيام بأكثر الأمور، ولأن المرأة ناقصة والإمامة والقضاء من كمال الولايات فلا يصلح لها إلا الكامل من الرجال).
والواقع يشهد لذلك فالناس بتجاربهم يعرفون أنه لا يصلح للإمامة إلا الرجال وإن صار منهن في منصب رئاسة الدولة فإنما كان نادرًا ولظروف استثنائية. وكذلك طبيعة المرأة النفسية والجسمية لا تتلاءم أبدًا مع هذا المنصب، فكما هو معروف أن طبيعة المرأة يلاحظ عليها إرهاف العاطفة وسرعة الانفعال وشدة الحنان (وقد خلقت هذه الصفات في المرأة لتستطيع بها أن تؤدي وظيفتها الأولى وهي الأمومة والحضانة) وإذا كانت هذه الصفات لازمة في مضمار الأمومة والحضانة فقد تكون ضارة في مضمار القيادة والرئاسة، أما الرجل فلا يندفع في الغالب – مع عواطفه ووجدانه – كما تندفع المرأة، بل يغلب عليه الإدراك والفكر والروي وهما قوام المسؤولية والقيادة.
لذلك فإن الله سبحانه وتعالى شرع للرجل ما يلائم بنيته الجسمية والنفسية كالجهاد والقيادة ونحو ذلك، وشرع للمرأة ما يلائم تكوينها أيضًا من تربية وحضانة وأعمال أخرى تلائمها.
هذا وقد حكى الإجماع على عدم جواز تولية المرأة الإمامة ابن حزم الظاهري حيث قال: (وجميع فرق أهل القبلة ليس منهم أحد يجيز إمامة المرأة) وكذلك القرطبي. وخالف في ذلك الخوارج، فهناك فرقة منهم تقول بجواز ذلك وهي: الشبيبية (أتباع شبيب بن يزيد الشيباني) قال البغداي عنهم: (إنه من أتباعه أجازوا إمامة المرأة منهم إذا قامت بأمورهم وخرجت على مخالفيهم وزعموا أن غزالة أم شبيب كانت الإمام بعد قتل شبيب إلى أن قتلت).
هذا عن الإمامة أما القضاء فلبعض العلماء فيه رأي، ولكن جمهورهم يمنع ذلك قال ابن التين فيما حكاه عنه ابن حجر: (احتج بحديث أبي بكرة – الآنف الذكر – من قال لا يجوز أن تولى المرأة القضاء. وهو قول الجمهور وخالف ابن جرير الطبري فقال: يجوز أن تقضي فيما تقبل شهادتها فيه، وأطلق بعض المالكية الجواز) وروي ذلك عن أبي حنيفة: (أنها تلي الحكم فيما تجوز فيه شهادة النساء)
—
وهذا الحديث يدل دلالة واضحة على اشتراط كون القاضي رجلًا، لأن النبي حينما ذكر القضاة بينهم بقوله: رجلٌ في الحالات الثلاث، قال ابن تيمية الجد: [وهو – أي الحديث – دليل على اشتراط كون القاضي رجلًا]، قال الإمام القرافي: [ولذلك لم يسمع في عصر من الأعصار أن امرأة
وليت القضاء، فكان ذلك إجماعًا، لأنه غير سبيل المؤمنين] الذخيرة (10) / (22). وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [ولهذا لم يول النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحدٌ من خلفائه، ولا من بعدهم امرأة قضاء ولا ولاية بلد فيما بلغنا، ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان غالبًا] المغني (5) / (34).
====
وقد سئلت اللجنة الدائمة السؤال الآتي:
هل يجوز لجماعة من المسلمات اللائي هن أكثر ثقافة من الرجال، أن يصبحن قادة للرجال؟ بالإضافة إلى عدم قيام المرأة بإمامة الناس في الصلاة، ما هي الموانع الأخرى من تولي المرأة للمناصب أو الزعامة، ولماذا؟
فأجابت:
دلت السنة ومقاصد الشريعة والإجماع والواقع على أن المرأة لا تتولى منصب الإمارة ولا منصب القضاء؛ لعموم حديث أبي بكرة أن النبي لما بلغه أن فارسًا ولّوا أمرهم امرأة قال: (لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة) فإن كلا من كلمة (قوم) وكلمة (امرأة) نكرة وقعت في سياق النفي فَتَعُم، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو معروف في الأصول
وذلك أن الشأن في النساء نقص عقولهن، وضعف فكرهن، وقوة عاطفتهن، فتطغى على تفكيرهن؛ ولأن الشأن في الإمارة أن يتفقد متوليها أحوال الرعية، ويتولى شؤونها العامة اللازمة لإصلاحها، فيضطر إلى الأسفار في الولايات، والاختلاط بأفراد الأمة وجماعاتها، وإلى قيادة الجيش أحيانًا في الجهاد، وإلى مواجهة الأعداء في إبرام عقود ومعاهدات، وإلى عقد بيعات مع أفراد الأمة وجماعاتها رجالًا ونساءً، في السلم والحرب، ونحو ذلك مما لا يتناسب مع أحوال المرأة، وما يتعلق بها من أحكام شرعت لحماية عرضها، والحفاظ عليها من التبذل الممقوت.
ويشهد لذلك أيضا إجماع الأمة في عصر الخلفاء الراشدين وأئمة القرون الثلاثة المشهود لها بالخير إجماعًا عمليًا على عدم إسناد الإمارة والقضاء إلى امرأة، وقد كان منهن المثقفات في علوم الدين اللائي يرجع إليهن في علوم القرآن والحديث
والأحكام، بل لم تتطلع النساء في تلك القرون إلى تولي الإمارة وما يتصل بها من المناصب والزعامات العامة «. انتهى.
» فتاوى اللجنة الدائمة ” ((17) / (13) – (17))
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ: عبد الرزاق عفيفي. الشيخ عبد الله بن غديان.
===
قال ابن تيمية وهو ينصح بعدم طاعة الأهل في طلب المشاركة في أعياد المشركين:
فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ إذا طَلَبَ مِنهُ أهْلُهُ وأوْلادُهُ شَيْئًا مِن ذَلِكَ أنْ يُحِيلَهُمْ عَلى ما عِنْدَ اللَّهِ ورَسُولِهِ ويَقْضِيَ لَهُمْ فِي عِيدِ اللَّهِ مِن الحُقُوقِ ما يَقْطَعُ اسْتِشْرافَهُمْ إلى غَيْرِهِ فَإنْ لَمْ يَرْضَوْا فَلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا
بِاَللَّهِ ومَن أغْضَبَ أهْلَهُ لِلَّهِ أرْضاهُ اللَّهُ وأرْضاهُمْ
فَلْيَحْذَرْ العاقِلُ مِن طاعَةِ النِّساءِ فِي ذَلِكَ وفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ {ما تَرَكْت بَعْدِي فِتْنَةً أضَرُّ عَلى الرِّجالِ مِن النِّساءِ}. وأكْثَرُ ما يُفْسِدُ المُلْكَ والدُّوَلَ طاعَةُ النِّساءِ. فَفِي صَحِيحِ البُخارِيِّ عَنْ أبِي بَكْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ {لا أفْلَحَ قَوْمٌ ولَّوْا أمْرَهُمْ امْرَأةً}. ورُوِيَ أيْضًا: {هَلَكَتْ الرِّجالُ حِينَ أطاعَتْ النِّساءَ} وقَدْ {قالَ لِأُمَّهاتِ المُؤْمِنِينَ لَمّا راجَعْنَهُ فِي تَقْدِيمِ أبِي بَكْرٍ: إنّكُنَّ صَواحِبُ يُوسُفَ}. يُرِيدُ أنَّ النِّساءَ مِن شَانِهِنَّ مُراجَعَةُ ذِي اللُّبِّ كَما قالَ فِي الحَدِيثِ الآخَرِ: {ما رَأيْت مِن ناقِصاتِ عَقْلٍ ودِينٍ أغْلَبَ لِلُبِّ ذِي اللُّبِّ مِن إحْداكُنَّ}. {ولَمّا أنْشَدَهُ الأعْشى – أعْشى باهِلَةَ – أبْياتَهُ الَّتِي يَقُولُ فِيها: وهُنَّ شَرُّ غالِبٍ لِمَن غَلَبَ جَعَلَ النَّبِيُّ
يُرَدِّدُها ويَقُولُ: وهُنَّ شَرُّ غالِبٍ لِمَن غَلَبَ} ولِذَلِكَ امْتَنَّ اللَّهُ سُبْحانَهُ عَلى زَكَرِيّا حَيْثُ قالَ: {وأصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ} قالَ بَعْضُ العُلَماءِ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أنْ يَجْتَهِدَ إلى اللَّهِ فِي إصْلاحِ زَوْجَتِهِ.
مجموع الفتاوى (25) / (324)
وقال مرة:
وقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أنَّهُ قالَ: ««لا أفْلَحَ قَوْمٌ ولَّوْا أمْرَهُمُ امْرَأةً»»، فَكَيْفَ يَسُوغُ لِلْأُمَّةِ أنْ تَعْدِلَ عَمّا عَلِمَتْهُ مِن سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ – – لِما يُحْكى عَنْ فاطِمَةَ فِي كَوْنِها طَلَبَتِ المِيراثَ، تَظُنُّ أنَّها تَرِثُ
منهاج السنة النبوية (5) / (523)
و أبو بكرة رضي الله عنه نفسه استدل بالحديث على عدم جواز تولية المرأة:
حَدِيثٍ عَنْ أبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه ونَصُّهُ فِي: البُخارِيِّ (6) / (8) (كِتابُ البُخارِيِّ بابُ كِتابِ النَّبِيِّ إلى كِسْرى وقَيْصَرَ)، عَنْ أبِي بَكْرَةَ قالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُها مِن رَسُولِ اللَّهِ أيّامَ الجَمَلِ بَعْدَ ما كِدْتُ ألْحَقُ بِأصْحابِ الجَمَلِ فَأُقاتِلَ مَعَهُمْ، قالَ: لَمّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ أنَّ أهْلَ فارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرى قالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ ولَّوْا أمْرَهُمُ امْرَأةً»،
—
وجاء في كتاب بعنوان “أحكام انفرد بها النساء عن الرجال”:
القول الثالث: عدم جواز تولي المرأة للقضاء والخلافة والإمارة وغيرها وأدلته
القول الثالث: وهو أقوى الأقوال، وهو الذي عليه جماهير أهل العلم من الخلف والسلف: لا يجوز للمرأة بحال من الأحوال أن تتولى القضاء لا في الأموال، ولا في غير الأموال، ولا أن تكون أميرة على الرجال.
والأدلة على ذلك بالأثر والنظر، أما بالأثر فمن الكتاب، قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:34]، والعلمانيون ينادون ويقولون: النساء قوامون على الرجال، فهل نصدق الله في عليائه أم نصدق هؤلاء؟ إنما نصدق الله سبحانه، فهو عز وجل من قدم الرجال على النساء، قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:34]، ولم يقل: النساء قوامون على الرجال.
وأيضاً من كتاب الله جل في علاه: قال الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة:282]، ولم يجعل المرأة منفردة في مسألة أباحها لها، لكنه جعلها مقيدة؛ لضآلة عقل المرأة في هذه المسألة، ولعدم ضبطها، ولعدم تذكرها، وانظروا إلى الفقيهة الأريبة اللبيبة أم الشافعي التي أخرجت لنا الشافعي، وهذا يبين رجحان عقل المرأة، وذلك أنها دخلت على القاضي في شهادة، فقال لها: أدلي بشهادتك، فقالت: أنتظر أختي، فقال: هي على الباب، أدلي بشهادتك الآن وسأدخلها بعدك، قالت: لا، لا بد أن تكون معي، فتعجب القاضي، وقال: ولم؟ قالت: قال الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة:282]، إذاً فيد واحدة لا تأتي بنفع ولا تثمر.
فلما أباح الله لها الشهادة ما جعلها منفردة، بلْ جعل معها أخرى، ووجه الدلالة في هذه الآية قوي جداً.
ومن السنة: حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، فقالت امرأة من سطة النساء -أي: من وسط النساء-: يا رسول الله! ما نقصان الدين والعقل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ هذا نقصان الدين، أليس الله جعل شهادة الرجل بشهادة امرأتين؟ فذاك نقصان العقل)، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن عقلها ليس براجح وإن كانت ذات عقل، فليس من الممكن أن تأتي بامرأة لتفصل في كل مسألة؛ لأنها لا تستطيع أن تحل المشكلات والمعضلات؛ لأن الله ركبها لتكون ملكة في بيتها، ولتخرج لنا الشموس التي تشرق على هذه الدنيا بحنانها وعاطفتها وجمال فعلها، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن)، عامٌ في ذلك،
وهناك شبهات يوردها العلمانيون حول تولية المرأة للقضاء والإمارة والخلافة، ويردون بها حديث: (لن يفلح قوم ولوا عليهم امرأة) وغيره من الأدلة، ومنها قولهم: هذا الحديث خاص في امرأة من فارس في الواقعة التي وقعت، ونرد عليهم ونقول: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإذا قالوا: هي خاصة بهذه المسألة، قلنا: لابد أن تعرفوا مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو كانت الأحكام تنزل بالناس خاصة، ما أخذنا بحكمٍ نعمل به، لكن الأحكام على العموم وليست على الخصوص.
فإذا قالوا: عندنا أدلة أخرى قوية تدل على أن المرأة تستطيع أن تكون لها الولاية والقلادة، وهي من أدلة الأحناف، حيث قالوا: يصح للمرأة أن تكون ناظرة وقف، ويصح لها أن تكون وصية على الأيتام، كما كانت عائشة رضي الله عنها وأرضاها، قلنا: هذا صحيح، لكنه لا يرتقي إلى أن تكون مباشرة للقضاء مع الرجال، ولا أنْ تحتك بهم ولو احتكت بهم لقلنا: هذا حرام، ولا يصح بحال من الأحوال.
أما الوصية على الأيتام كأن يقمن لهم بالحنان والعطف فهذا لا بأس به، ومع ذلك نقول: لو كان الرجل وصياً لكان أولى من المرأة، وهذه الأمور لا تجعلها تتقلد هذه المسألة العظيمة،
وهي أن تكون خليفة أو أميرة للمؤمنين.
وهناك شبهات تتعلق بهذا القول، منها: شبهة الملكة بلقيس
قالوا: والمقدمة الثانية -وهي الشبهة الأقوى في نظرهم-: أنَّ عمر بن الخطاب، جعل امرأة والية لحسبة السوق.
الجواب
شبهة الملكة بلقيس نرد عليها من خمسة أوجه: الوجه الأول: أنه شرع من قبلنا؛ وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يأت في شرعنا ما ينسخه، هذا إذا كان سليمان أقرها على ملكها، لكن لا يصح أن سليمان أقرها على ملكها؛ لأن سليمان لم يملكها شيئاً، بل أخذ ملكها وأخذ عرشها، وقال الله عز وجل حاكياً عن سليمان: {أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} [النمل:42]، ولما دخلت الصرح الممرد من قوارير وكشفت عن ساقيها لم تصبح مع سليمان ملكة حاشا لله، وحاشا لسليمان أن يفعل ذلك.
الوجه الثاني أن الهدهد حيوان من العجماوات ومع ذلك ما أقر بملك بلقيس بل أنكره، فهو عندما تكلم مع سليمان أنكر وصفها بالملك، قال: {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً} [النمل:23]، فالهدهد ينكر ذلك، فما بالك بالبشر، قال: {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا} [النمل:23 – 24]، إلى آخر الآيات.
الوجه الثالث: على فرض أنهم قد أقروها على ذلك، وأصبحت ملكة عليهم، فقد خربت عليهم الديار، وضيعت عليهم الآخرة، وجعلتهم يعبدون الشمس، وهذا هو مصير كل من يدع للمرأة زمام الأمور، فقد عبدت الشمس فعبدوا الشمس معها، فآل أمرهم إلى بوار، ولولا رحمة الله بهم لكانوا كلهم في نار جهنم خالدين فيها، وبذلك تحققت نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أفلح الله قوماً ولوا أمرهم امرأة).
الوجه الرابع: أن سليمان أطاح بملكها ولم يعطها ملكاً.
الوجه الخامس: إذا وافقناكم وقلنا: إن الملكة بلقيساً كانت ملكة وحدث الإقرار لها فقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليهدم هذه القواعد، ووضح وبين أن كل هذه القواعد في ديننا لا تقبل، يقول: (ما أفلح الله قوماً ولوا أمرهم امرأة)،
وأما الرد على الشبهة الثانية نترك المجال لـ ابن العربي في الرد عليه، قال ابن العربي: والظن في ابن جرير أنه لا يشذ أبداً عن العلماء، بل قوله يوافق قول الأحناف أنها تتولى القضاء في مسألة الأموال فقط، يعني كما أبيحت لها مسألة الشهادة، على ضعف في هذا القول …. انتهى النقل من الكتاب
وأجاب بعض أهل الفتوى في مصر:
قصة تولية الشفاء للسوق في عهد عمر رضي الله عنهما قصة ليست ثابتة، قال الشيخ ابن العربي المالكي: [وقد
روي أن عمر قدَّم امرأة على حسبة السوق، ولم يصح؛ فلا تلتفتوا إليه؛ فإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث].أحكام القرآن (3) / (1457).
وهذه الحادثة روتها كتب التراجم بدون إسناد، ومع ذلك رويت بصيغة التضعيف فلا يعول عليها ولا يعتمد عليها، قال ابن سعد: [وكانت الشفاء بنت عبد الله أم سليمان بن أبي حثمة من المبايعات … ويقال إن عمر بن الخطاب استعملها على السوق، وولدها ينكرون ذلك ويغضبون منه] طبقات ابن سعد (1) / (250)، ولاشك أن أولادها أعلم بحال أمهم من غيرهم. وقال الحافظ ابن عساكر: [وكانت الشفاء بنت عبد الله أم سليمان بن أبي حثمة من المبايعات … ويقال إن عمر بن الخطاب استعملها على السوق، وولدها ينكرون ذلك ويغضبون منه) تاريخ دمشق عن المكتبة الشاملة، وقال الحافظ المزي في ترجمة الشفاء بنت عبد الله: [وكان عمر بن الخطاب يقدمها في الرأي ويرضاها ويفضلها وربما ولاها شيئًا من أمر
السوق] تهذيب الكمال عن المكتبة الشاملة، وقال الحافظ
ابن حجر العسقلاني: [وكان عمر يقدمها في الرأي ويرعاها ويفضلها وربما ولاها شيئا من أمر السوق] الإصابة (4) / (14).
ثانيهما: لو سلمنا بجواز تولي المرأة للقضاء فإن من أجاز للمرأة تولي القضاء أجازه بشروط منها: أن تتوافر في المرأة المراد تقليدها القضاء الشروط المطلوبة في القضاة، من أهلية القضاء من رجحان العقل، والاتزان، وسلامة الحواس، ومن العدالة والاستقامة على طريق الحق، والقدرة على الوقوف أمام الباطل من خلال شخصية قوية متزنة، إضافة إلى العلم بالأحكام الشرعية؛ لأن القاضي الجاهل في النار، كما ورد ذلك في الحديث. وأن تهيأ للقاضيات الأجواء التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة. وألا يكون هذا المنصب على
حساب تربية أولادها والحقوق المتبادلة بينها وبين زوجها.، وإذا نظرنا في هذه الشروط نجد أنه من الصعب جدًا تحققها.
وخلاصة الأمر أنه لا يجوز شرعًا أن تتولى المرأة منصب القضاء، وهذا هو القول الصحيح الذي تؤيده الأدلة في هذه المسألة، وليس عند من أجاز ذلك دليل صحيح يعتمد عليه. (الفتاوى المصرية)
– – –