45 – فتح رب البرية بينابيع الحكمة من أقوال الأئمة
جمع أحمد بن خالد وآخرين
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
(1382): فصل
فإذا بلغ الأجلَ الذي قُدِّر له واستوفاه، جاءته رُسُل ربِّه ــ عز وجل ــ ينقلونه من دار الفناء إلى دار البقاء، فجلسوا منه مَدَّ البصر، ثم دنا منه الملَك الموكَّل بقبض الأرواح، فاستدعى بالروح.
فإن كانت روحًا طيبةً، قال: اخْرُجِي أيتها النَّفس الطيِّبة كانت في الجسد الطيِّب، اخرجي حميدة وأبشري برَوْحٍ ورَيْحَانٍ وربٍّ غيرِ غضبان، فتخرج من بدنه كما تخرج القطرة مِنْ فِي السِّقَاء، فإذا أخذها لم يَدَعْهَا الرُّسُل في يديه طَرْفَةَ عينٍ، فَيُحنِّطُونها ويُكَفِّنُونها بحَنُوط وكفن من الجنَّة، ثم يصلُّون عليها، ويوجد لها كأطيب نفحةِ مسكٍ وُجِدَتْ على وجه الأرض، ثم يصعد بها للعرض الأول على أسرع الحاسبين، فينتهي بها إلى سماء الدنيا، فيستأذن لها، فيفتح لها أبواب السماء، ويصلِّي عليها ملائكتها، ويشيِّعها مُقَرَّبُوهَا إلى السماء الثانية، فيُفْعَلُ بها كذلك، ثم الثالثة، ثم الرابعة، إلى أن ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله ــ عز وجل ــ فتحيِّي ربَّها تبارك وتعالى بتحية الربوبية: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
فإن شاء الله أَذِنَ لها بالسجود، ثم يخرج لها التوقيع بالجنة، فيقول الربُّ جل جلاله: اكتبوا كتاب عبدي في عِلِّيّين، ثم أعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتُهم، وفيها أُعيدُهم، ومنها أُخرجهم تارة أخرى.
ثم ترجع روحه إلى الأرض، فتشهد غسله وتكفينه وحمله وتجهيزه، ويقول: قَدِّمُونِي، قدِّموني.
فإذا وضع في لحده، وتولَّى عنه أصحابه، دخلتِ الرُّوح معه، حتى إنه ليسمع قَرْعَ نعالهم على الأرض، فأتاه حينئذٍ فتَّانَا القبر، فيُجْلِسَانه ويَسألانه: مَنْ ربُّك، وما دينُكَ، ومَن نبيُّك؟ فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمَّد، فيصدِّقانه ويبشِّرانه بأنَّ هذا الذي عاش عليه ومات عليه، وعليه يُبعث.
ثم يُفسح له في قبره مَدَّ بصره، ويُفرش له خضر، ويُقَيَّضُ له شابٌّ حَسَنُ الوجه طيِّبُ الرائحة، فيقول: أبْشِرْ بالذي يَسُرُّكَ.
فيقول: مَن أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير.
فيقول: أنا عَمَلُكَ الصَّالح.
ثم يُفتح له طاقةٌ إلى النَّار، يقال: انظرْ ما صرفَ اللهُ عنك! ثم يفتح له طاقة إلى الجنة، ويقال: انظر ما أعدَّ الله لك! فيراهما جميعًا.
وأمَّا النَّفْس الفَاجِرةُ، فبالضدِّ من ذلك كلِّه. إذا أذنت بالرحيل نزل عليها ملائكة سود الوجوه، معهم حنوط من نار، وكفن من نار، فجلسوا منه مد البصر، ثم دنا الملك الموكل بقبض النفوس، فاستدعى بها، وقال: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، أبشر بحميم وغَسَّاق، وآخر من شكله أزواج، فتتطاير في بدنه، فيجتذبها من أعماق البدن، فتنقطع معها العروق والعصب، كما ينتزع الشوك من الصوف المبلول، فإذا أخذها لم يدعها في يده طرفة عين: ويوجد لها كأنتن رائحة جيفة على وجه الأرض، فتحنط بذلك الحَنُوط وتُلفُّ في ذلك الكفن، ويلعنها كل ملك بين السماء والأرض، ثم يصعد بها إلى السماء فيستفتح لها فلا يفتح لها أبواب السماء، ثم يجيء النداء من رب العالمين: اكتبوا كتابه في سجين، وأعيدوه إلى الأرض، فتطرح روحه طرحًا، فتشهد بتجهيزه وتكفينه وحمله، وتقول وهي على السرير: يا ويلها، إلى أين تذهبون بها.
فإذا وضع في اللَّحد أُعيدت إليه وجاءه الملَكان، فسألاه عن ربه ودينه ونبيه، فيَتَلَجْلَج ويقول: لا أدري، فيقولان له: لا دريتَ، ولا تليتَ، ثم يضربانه ضربةً يصيح صيحة يسمعه كلُّ شيء إلا الثقلين، ثم يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ثم يُفرش له نار، ويفتح له طاقة إلى الجنة، فيقال: انظر إلى ما صرف الله عنك، ثم يفتح له طاقة إلى النار، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار، فيراهما جميعًا، ثم يقيَّض له أعمى أصم أبكم، فيقول: مَنْ أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشرِّ، فيقول: أنا عملك السيئ.
ثم يُنَعَّمُ المؤمن في البَرْزَخِ على حسب أعماله، ويُعَذَّبُ الفاجر فيه على حسب أعماله.
ويختصُّ كل عضوٍ بعذاب يليق بجناية ذلك العضو، فتُقْرَض شِفَاهُ المغتابين الذين يُمزِّقُون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم بمَقَارِيضَ من نار، وتُسْجَرُ بطون أَكَلَةِ أموال اليتامى بالنار، ويُلْقَم أكلة الرِّبا بالحجارة، ويسبحون في أنهار الدم كما سبحوا في الكسب الخبيث، وتُرَضُّ رؤوس النائمين عن الصلاة المكتوبة بالحجر العظيم، ويُشَقُّ شِدْقُ الكذاب الكذبة العظيمة بكَلَالِيب الحديد إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه كما شَقَّتْ كذبتُه النواحي، وتُعلَّق النساء الزَّوَانِي بثُديهنَّ، وتحبس الزناة والزواني في التَّنُّور المحمى عليه، فيعذب محلُّ المعصية منهم وهو الأسافل.
وتُسلَّط الهُمُومُ والغُمُومُ والأحْزَانُ والآلامُ النفسانيَّة على النفوس البطَّالة التي كانت مشغولة باللَّهْو واللَّعِب والبطالة، فتصنع الآلام في نفوسهم كما يصنع الهوامُّ والدِّيدان في لحومهم، حتى يأذن الله ـ سبحانه ـ بانقضاء أجل العالم وطيِّ الدنيا، فتمطر الأرض مطرًا غليظًا أبيض كمَنِيِّ الرجال، أربعين صباحًا، فينبتون من قبورهم كما تنبت الشجرة والعشب.
فإذا تكاملت الأجنَّة وأقربت الأم، وكان وقت الولادة، أمر الله سبحانه إسرافيل فنفخ في الصور نفخة البعث، وهي الثالثة، وقبلها نفخة الموت، وقبلها نفخة الفزع، فتشققت الأرض عنهم، فإذا هم قيام ينظرون، يقول المؤمن: «الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا واليه النشور».
ويقول الكافر: {يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس/ 53]، فيساقون إلى المحشر حُفاة عُراة غُرْلًا بُهْمًا، مع كلِّ نفسٍ سائقٌ يسوقها وشهيدٌ يشهد عليها، وهم بين مسرور ومَثْبُور، وضاحك وباكٍ، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} [عبس/ 38 ـ 41].
حتى إذا تكاملتْ عِدَّتُهم، وصاروا جميعًا على وجه الأرض، تشقَّقتِ السماء، وانْتَثَرتِ الكواكب، ونزلتْ ملائكة السماء، فأحاطت بهم، ثم نزلت ملائكةُ السماء الثانية، فأحاطت بملائكة السماء الدنيا، ثم كلُّ سماء كذلك فبينما هم كذلك، إذ جاء ربُّ العالمين ـ سبحانه ـ لفصل القضاء، فأشرقت الأرض بنوره، وتميَّز المجرمون من المؤمنين، ونُصِبَ الميزانُ، وأُحْضِر الدِّيوانُ، واسْتُدْعِي بالشهود، وشهدت يومئذ الأيدي والألْسُن والأَرْجُل والجلود.
ولا تزال الخصومة بين يدي الله ـ سبحانه ـ حتى يختصم الروح والجسد، فيقول الجسد: إنما كنت ميتًا لا أَعْقِل ولا أسمع ولا أُبصر، وأنتِ كنتِ السميعةَ المبصرة العاقلةَ، وكنت تصرِّفِينَنِي حيث أردتِ، فتقول الرُّوح: وأنت الذي فعلتَ وباشرتَ المعصية وبطشتَ!
فيُرسِل الله ـ سبحانه ـ إليهما ملَكًا يحكم بينهما، فيقول: مثَلُكُمَا مَثَلُ بصير مقعد، وأعمى صحيح، دخلا بستانًا، فقال المقعد: أنا أرى الثمار ولا أستطيع أن أقوم إليها، وقال الأعمى: أنا أستطيع القيام ولكن لا أرى شيئًا، فقال له المقعد: احملني حتى أصل إلى ذلك، ففعلا، فعلى من تكون العقوبة؟
فيقولان: عليهما، فيقول: فكذلك أنتما.
فيحكم الله ـ سبحانه ـ بين عباده بحكمه الذي يَحمَدُه عليه جميعُ أهل السماوات والأرض، وكلُّ بَرٍّ وفاجر، ومؤمن وكافر، {وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} [النحل/ 111]. {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة/ 7 ـ 8] ثم ينادي منادٍ: لتتبعْ كلُّ أمة ما كانت تعبد، فيذهب أهل الأوثان مع أوثانهم، وأهلُ الصَّليب مع صليبهم، وكلُّ مشركٍ مع إلهه الذي كان يعبد، لا يستطيع التخلُّفَ عنه، فيتساقطونَ في النار.
ويبقى الموحِّدونَ، فيقالُ لهم: ألا تنطلقونَ حيث انطلقَ النَّاسُ؟ فيقولون: فارقنا الناس أحوج ما كنا إليهم، وإن لنا ربًّا ننتظره.
فيقال: وهل بينكم وبينه علامةٌ تعرفونه بها؟
فيقولون: نعم، إنه لا مثل له.
فيتجلَّى لهم سبحانه في غير الصورة التي يعرفونه، فيقول: أنا ربُّكم.
فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يَأتِيَنا ربُّنا، فإذا جاء ربُّنا عرفناه، فيتجلَّى لهم في صورته التي رأوه فيها أوَّلَ مرَّةٍ ضاحكًا، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: نعم، أنت ربُّنا، ويخِرُّون له سجّدًا، إلا من كان لا يصلي في الدنيا، أو يصلي رياء، فإنَّه يُحَال بينه وبين السّجُودِ.
ثم ينطلق ـ سبحانه ـ ويَتبعونه، ويُضرب الجسرُ، ويُساق الخلق إليه، وهو دحض مَزَلَّة، مظلم، لا يمكن عبوره إلا بنور، فإذا انتهوا إليه، قسمت بينهم الأنوار على حسب نور إيمانهم وإخلاصهم وأعمالهم في الدنيا، فنورٌ كالشمس، ونورٌ كالنجم، ونورٌ كالسراج في قوَّته وضعفه.
وتُرسَلُ الأمانةُ والرَّحِمُ على جَنَبَتَي الصِّراط، فلا يجوزه خائنٌ، ولا قاطعُ رَحِمٍ ويختلف مرورهم عليه بحسب اختلاف استقامتهم على الصراط المستقيم في الدنيا، فمارٌّ كالبرق، وكالرِّيح، وكالطير، وكأَجَاوِيْدِ الخيل؛ وساعٍ، وماشٍ، وزاحفٌ، وحابٍ حَبْوًا.
ويُنْصَبُ على جَنَبتَيهِ كَلَالِيبُ لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إلا الله ــ عز وجل ــ تعوقُ من علقت به عن العُبُور على حسب ما كانت تعوقه الدنيا عن طاعة الله ومَرْضَاتهِ وعُبُودِيَّتِهِ، فناجٍ مُسَلَّمٌ، ومخدوشٌ مُسَلَّم، ومقطع بتلك الكلاليب، ومَكْدُوسٌ في النار، وقد طفئ نور المنافقين على الجسر أحْوَجَ ما كانوا إليه، كما طفئ في الدنيا من قلوبهم، وأُعْطُوا دون الكفار نورًا في الظاهر كما كان إسلامهم في الظاهر دون الباطن، فيقولون للمؤمنين: قفوا لنا {نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} ما نجوزُ به، فيقول المؤمنون والملائكة: {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا}
قيل: المعنى: ارجعوا إلى الدنيا، فخذوا من الإيمان نورًا تجوزون به كما فعل المؤمنون.
وقيل: ارجعوا وراءكم حيث قسمت الأنوار، فالتمسوا هناك نورًا تجوزون به.
ثم ضرب {بَيْنَهُمْ} وبين أهل الإيمان {بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ} الذي يلي المؤمنين {فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ} الذي يليهم: {مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَاوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
فإذا جاوز المؤمنون الصِّراط ـ ولا يجوزه إلا مؤمن ـ أَمِنُوا من دخول النَّار، فيحبسون هناك على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في دار الدنيا، حتى إذا هذِّبوا ونقوا أُذِن لهم في دخول الجنة.
فإذا استقرَّ أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، أُتي بالموت في صورة كبش أمْلَح، فيوقف بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة! فيطَّلعون وَجِلِيْنَ، ثم يقال: يا أهل النار! فيطَّلعون مستبشرين فيقال: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، وكلُّهم قد عرفه. فيقال: هذا الموت، فيذبح بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت. فهذا آخر أحوال هذه النُّطفة التي هي مبدأ الإنسان، وما بين هذا المبدأ وهذه الغاية أحوال وأطباق قدَّر العزيزُ العليمُ تنقُّلَ الإنسان فيها، وركوبَه لها طبقًا بعد طبقٍ، حتى يصل إلى غايته من السعادة والشقاوة.
{قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ}.
فنسأل الله العظيمَ ربَّ العرشِ الكريمَ أن يجعلنا من الذين سبقت لهم منه الحُسْنَى، ولا يجعلنا من الذين غلبت عليهم الشقاوة فخسروا الدنيا والآخرة، إنَّه سميعُ الدعاءِ، وهو حَسْبُنَا ونِعْمَ الوكيلُ.
والحمدُ لله ربِّ العالمينَ، وصلَّى الله وسلَّم على سيِّدنَا محمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ وسلَّم تسليمًا دائمًا إلى يومِ الدِّيْن.
صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم ابن القيم – تحفة المودود بأحكام المولود (436 – 427)
______________
(1383): قولُ بعضِ النَّاس: ما نزل بلاءٌ إلا بذنب
وما رُفع إلا بتوبة، هل هذا صحيح؟
فالجواب:
“هذا لا يصح؛ لأن اللَّه قد يبتلي الإنسان بشيء بغير ذَنْبٍ، فالرَّسول عليه الصلاة والسلام ابتلاه اللَّه في أشياء كثيرة، وهو قد غفر اللَّه ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام تصيبه المصائب لرفع درجاته، ولينال درجة الصابرين … “.
العلامة ابن عثيمين رحمه الله
شرح صحيح البخاري ((14) / (630))
______________
(1384): قال ابن القيم رحمه الله:-
“فالقوة كل القوة في التوكل على الله
كما قال بعض السلف:
من سره أن يكون أقوى الناس
فليتوكل على الله.”
{زاد المعاد2/ 331}
______________
(1385): قال ابن تيمية رحمه الله:
فيجب على كلٍّ من الزوجين أن يؤدي إلى الآخر حقوقه؛ بطيبِ نفسٍ وانشراحِ صدرٍ.
~
مجموع الفتاوى [(383) / (28)]
______________
(1386): كلام مهم لطلبة العلم
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: فَطالِبُ العِلْمِ إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِطَلَبِهِ فِعْلُ ما يَجِبُ عَلَيْهِ وتَرْكُ ما يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِن الِاعْتِصامِ بِالكِتابِ والسُّنَّةِ وإلّا وقَعَ فِي الضَّلالِ.
وأهْلُ الإرادَةِ إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِإرادَتِهِمْ طَلَبُ العِلْمِ الواجِبِ عَلَيْهِمْ الِاعْتِصامُ بِالكِتابِ والسُّنَّةِ وإلّا وقَعُوا فِي الضَّلالِ والبَغْيِ ولَوْ اعْتَصَمَ رَجُلٌ بِالعِلْمِ الشَّرْعِيِّ مِن غَيْرِ عَمَلٍ بِالواجِبِ كانَ غاوِيًا
وإذا اعْتَصَمَ بِالعِبادَةِ الشَّرْعِيَّةِ مِن غَيْرِ عِلْمٍ بِالواجِبِ كانَ ضالًّا والضَّلالُ سِمَةُ النَّصارى والبَغْيُ سِمَةُ اليَهُودِ مَعَ أنَّ كُلًّا مِن الأُمَّتَيْنِ فِيها الضَّلالُ والبَغْيُ.
[مجموع الفتاوى ((22) / (307))].
______________
(1387): قال العلامة عبد الرحمن بن حسن بن الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
من سعادة العبد أن يتخذ له إخوان صدق ممن لهم علم ودين، يُذكرونه إذا نسي، ويعينونه إذا ذكر.
المطلب الحميد في بيان مقاصد التوحيد ص (255)
______________
(1388): الحمدلله وحده والصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:
[المراد بليالي العشر]
وأما الليالي العشر فهي عشر ذي الحجة هذا الصحيح الذي عليه جمهور المفسرين من السلف وغيرهم وهو الصحيح. ص (268)
[أيام ذي العشر أيام تضاعف فيه الأجور]
فإن العمل في عشر ذي الحجة أفضل وأحبإلى الله عز وجل منها وكذلك سائر الأعمالوهذا يدل على أن العمل المفضول في الوقتالفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيرهويزيد عليه لمضاعفة ثوابه وأجره. ص (261)
وقد دل حديث ابن عباس على مضاعفةجميع الأعمال الصالحة في العشر من غيراستثناء شيء منها. ص (262)
[الإجتهاد في ايام ذي العشر]
وكان سعيد بن جبير وهو الذي روى هذاالحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما إذادخل العشر اجتهد اجتهادا حتى ما يكاد يقدرعليه ص (263).
[الإستحباب من ذكر الله]
وأما استحباب الإكثار من الذكر فيها فقد دلعليه قول الله عز وجل: {ويذكروا اسم اللهفي أيام معلومات} [الحج: (28)] فإن الأيامالمعلومات هي أيام العشر عند جمهور العلماء. ص (263)
[أيهما أفضل ايام العشر من ذي الحجة ام العشر من ليالي رمضان]
قال ابن رجب في لطائف المعارف ص ((267)) ما نصه:
والتحقيق ما قاله بعض أعيان المتأخرين من العلماء أن يقال مجموع هذا العشر أفضل من مجموع عشر رمضان وإن كان في عشر رمضان ليلة لا يفضل عليها غيرها والله أعلم.
[التكبير في العشر ذي الحجة]
وقد ذكر البخاري في صحيحه عن ابن عمروأبي هريرة أنهما كانا يخرجان إلى السوقفي العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما (0)
[المعاصي تحرمك المغفرة]
احذروا المعاصي فإنها تحرم المغفرة فيمواسم الرحمة (272)
المعاصي سبب البعد والطرد كما أن الطاعاتأسباب القرب والود. ص (373)
[الإسراع في الأعمال الصالحة]
الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيامالعظيمة فما منها عوض ولا لها قيمة المبادرةالمبادرة بالعمل والعجل العجل قبل هجومالأجل قبل أن يندم المفرط على ما فعل قبلأن يسأل الرجعة فيعمل صالحا فلا يجاب إلاما سأل قبل أن يحول الموت بين المؤملوبلوغ الأمل قبل أن يصير المرء مرتهنا فيحفرته بما قدم من عمل. ص (474)
[العيد]
قال الحسن: كل يوم لا يعصى الله فيه فهوعيد كل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاهوذكره وشكره فهو له عيد. (278)
أعده: نورس ابو عبدالرحمن
______________
(1389): قال العلامة السعدي رحمه الله:
قوة التوكل على الله تعالى من أخص الصفات الدالة على كمال التوحيد، بحيث لا يلتفت القلب إلى المخلوقين في شأن من شؤونه، ولا يستشرف إليهم بقلبه، ولا يسألهم بلسان حاله أو مقاله.
القول السديد ( صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم ).
______________
(1390): *لا تغفل فهي أيام يسيرات وتنقضي …. *
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
*” ما مِن أيَّامٍ العمَلُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللَّهِ مِن هذهِ الأيَّامِ العَشر “* فقالوا يا رسولَ اللَّهِ ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: *” ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ إلَّا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ “*
صححه الألباني في صحيح الترمذي.
(757).
التعليق:
قَالَ العَلّامَة ابْنُ عُثَيْمِينْ -رَحِمَهُ الله-:
والعمل الصالح متنوع:
«قرآن، ذكر، تسبيح، تحميد، تكبير، أمر بالمعروف، نهي عن منكر، صلاة، صدقات، بر الوالدين، صلة للأرحام، والأعمال الصالحة لا تحصى».
إذا تصدقت بدرهم في هذه العشر، وتصدقت بدرهم في عشر رمضان، فأيهما أحب إلى الله؟ الصدقة في عشر ذي الحجة، أحب إلى الله من الصدقة في عشر رمضان».
[“اللقاء الشهري” ((10) / (2))].
______________
(1391): قال العلامة ابن القيم – رحمه الله -:
[والائفضل في ائيام عشر ذي الحجة الا صلى الله عليه وسلم كثار من التعبد، لا سيما التكبير والتهليل والتحميد، فهو ائفضل من الجهاد غير المتعين].
مدارج السالكين (1 – 89)
______________
(1392): قال العلامة ابن عثيمين – رحمه الله -:
فالعمل الصالح في ائيام عشر ذي الحجة -ومِنْ ذلك الصوم- اَئحَب ا صلى الله عليه وسلم لى الله من العمل الصالح في العشر الائواخر من رمضان، ومع ذلك: فالائيام العشر من ذي الحجة الناس في غفلةٍ عنها، تَمُرُّ والناس على عاداتهم لا تجد زيادة في قراءة القران، ولا العبادات الائخرى، بل حتى التكبير بعضهم يشح به.
| [الشرح الممتع (6/ 470)] |
______________
(1393!: غنيمةٌ عظيمة ..
قال ابن رجب- رحمه الله-:
“وأمَّا نوافل عشر ذي الحجَّة،
فأفضل مِن نوافل عشر رمضان،
وكذلك فرائض عشر ذي الحجة،
تضاعف أكثر مِن مضاعفة فرائض غيره.”
فتح الباري (6) / (114)