45 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والمدارسة والاستفادة
—————
مسند أحمد 14169 – حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن الأسود بن قيس، عن نبيح، عن جابر: أن قتلى أحد حملوا من مكانهم، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن ردوا القتلى إلى مضاجعها.
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند
-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
الشهيد يدفن في موضعه الذي مات فيه
قال السندي في حاشيته على المسند: قوله (أَنْ رُدُّوا الْقَتْلَى) (أَنْ) تفسيرية لما في النداء من معنى القول، والحديث يدل على كراهة نقل الميت إلى محل آخر، سيما الشهيد.
قال المناوي في فيض القدير (4/ 32): أي لا تنقلوا الشهداء عن مقتلهم بل ادفنوهم حيث قتلوا لفضل البقعة بالنسبة إليهم لكونها محل الشهادة وكذا من مات ببلد لا ينقل لغيره وهذا مستثنى من ندب جمع الأقارب في مقبرة واحدة.
قال الزين العراقي: وهذا تشريف عظيم للشهداء لشبههم بالأنبياء حيث يدفن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في المكان الذي مات فيه فألحق بهم الشهداء.
وقال المظهر: فيه أن الميت لا ينقل من الموضع الذي مات فيه إلى بلد أخرى.
قال الأشرفي: هذا كان في الابتداء أما بعده فلا.
كما روي أن جابرا جاء بأبيه الذي قتل بأحد بعد ستة أشهر إلى البقيع فدفنه قال بعضهم: ولعله كان لضرورة.
و جاء في المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 450):
(ردوا) أمرُ مخاطَبين، يعني: لا ينقل الشهداء من الموضع الذي قُتلوا فيه إلى غيره، بل ادفنوهم حيث قتلوا، وكذلك حكمُ غير الشهيد لا ينقل من البلد الذي مات فيه إلى بلد آخر.
تنبيه (نورس): نقل الميت من مكانه الى مكان آخر ينافي الإسراع المأمور به، للحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النّبيّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: “أسرعوا بالجنازة؛ فإِن تَكُ صالحة؛ فخير تقدمونها إِليه، وإن يَكُ سوى ذلك؛ فشرٌّ تضعونه عن رقابكم” أخرجه البخاري: 1315، ومسلم: 944. وسيأتي الكلام حول المسألة لاحقا إن شاء الله.
وروى عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: سألنا سليمان بن موسى: كيف الصلاة على الشهيد عندهم؛ فقال: كهيئتها على غيره، قال: وسألناه عن دفن الشهيد؟ فقال: أما إذا كان في المعركة؛ فإنا ندفنه كما هو ولا نغسله، ولا نكفنه، ولا نحنطه، وأما إذا انقلبنا به وبه رمق؛ فإنا نغسله، ونكفنه، ونحنطه، وجدنا الناس على ذلك وكان عليه من مضى قبلنا من الناس”. “المصنف” (3/ 544).
[جواز دفن الرجلين أو الثلاثة في القبر الواحد]
يجوز دفن الرّجلين أو الثّلاثة في القبر الواحد، فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرّجلين من قتلى أحد في قبر واحد، ثمّ يقول: أيّهم أكثر أخذًا للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدّمه في اللّحد، وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة، وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يصلّ عليهم ولم يغسّلهم. الموسوعة الفقهية الكويتية.
و هنا مسألة: هل يجوز نقل الميت من مكان الى آخر:
قال ابن قدامة: ويستحب دفن الشهيد حيث قتل قال أحمد: أما القتلى فعلى حديث جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: [ادفنوا القتلى في مصارعهم] وروى ابن ماجة [أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بقتلى أحد أن يردوا إلى مصارعهم فأما غيرهم فلا ينقل الميت من بلده إلى بلد آخر إلا لغرض صحيح] وهذا مذهب الأوزاعي و ابن المنذر قال عبد الله بن أبي مليكة: توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبشة فحمل إلى مكة فدفن فلما قدمت عائشة أتت قبره ثم قالت: والله لو حضرتك ما دفنت إلا حيث مت ولو شهدتك ما زرتك ولأن ذلك أخف لمؤنته وأسلم له من التغيير.
فأما إن كان فيه غرض صحيح جاز قال أحمد: ما أعلم ينقل الرجل يموت في بلده إلى بلد أخرى بأسا، وسئل الزهري عن ذلك فقال: قد حمل سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد من العقيق إلى المدينة وقال ابن عيينة: مات ابن عمر هنا فأوصى أن لا يدفن هاهنا وأن يدفن بسرف. [المغني: 2/ 383]
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 207): واختلف في جواز نقل الميت من بلد إلى بلد فقيل يكره لما فيه من تأخير دفنه وتعريضه لهتك حرمته وقيل يستحب والأولى: تنزيل ذلك على حالتين فالمنع حيث لم يكن هناك غرض راجح كالدفن في البقاع الفاضلة وتختلف الكراهة في ذلك فقد تبلغ التحريم والاستحباب حيث يكون ذلك بقرب مكان فاضل كما نص الشافعي على استحباب نقل الميت إلى الأرض الفاضلة كمكة وغيرها والله أعلم.
سئل فضيلة الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى: عن حكم نقل الميت من بلد إلى آخر؟
فأجاب فضيلته بقوله: يجوز نقل الميت من بلد إلى آخر إذا كان هناك غرض صحيح، ولم يخف على الميت من التفسخ، لكن الأفضل دفنه في البلد الذي مات فيه؛ لأنه أسرع في تجهيزه. (المجموع: 17/ 76)
قال الشيخ محمد بن آدم – عفا اللَّه تعالى عنه -: الراجح عندي أن نقل الشهيد ممنوع، لصحّة أحاديث الباب، وأما غيره، فالأولى دفنه في محل موته، لأنه المعهود في زمن النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم -، كما تقدم في كلام ابن المنذر، وإن نُقِل لغرض من الأغراض، فلا منع، ما لم يُخف تغيّره، لما تقدّم من أنّ سعد ابن أبي وقاص، وسعيد بن زيد – رضي اللَّه عنهما – نقلا من العقيق إلى المدينة بمحضر من الصحابة – رضي اللَّه عنهم -، ولم ينكر ذلك أحد، ولأنه لم يصحّ عن النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم – المنع عنه، إلا في الشهيد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل. شرح المجتبى (19/ 347).
مسألة: الصلاة على الشهيد
قال الحافظ وليّ الدين العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، فذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، والجمهور إلى أنه لا يصلى عليهم. وذهب أبو حنيفة إلى الصلاة عليهم كغيرهم، وبه قال المزنيّ، وهو رواية عن أحمد، اختارها الخلّال، وحكاه ابن بطّال عن الثوريّ، والأوزاعيّ، وعكرمة، ومكحول انتهى. “طرح التثريب” (4/ 303 – 304).
تنبيه: فقد عرض الشيخ محمد بن آدم الأثيوبي الأدلة وناقشها، فانظر يارعاك الله.
قال الجامع – عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تلخّص مما تقدّم من مناقشة هذه الأحاديث أن أحاديث صلاة النبي – صلى اللَّه عليه وسلم – على قتلى أُحُد يومَ أُحد لا تثبت، ولا تصلح لمعارضة ما في “الصحيح” من حديث جابر – رضي اللَّه عنه – أنه لم يصلّ عليهم، وإن حاول الشوكانيّ إثباتهَا، وذَكَرَ المرجحات لذلك، فهي كما قال الإمام الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: كان ينبغي لمن عارض بهذه الأحاديث أن يستحي على نفسه انتهى. شرح المجتبى (19/ 212)
قلت سيف: بوب النسائي في سننه:
باب الصَّلاَةِ عَلَى الشُّهَدَاءِ:
1965 – أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ ابْنَ أَبِي عَمَّارٍ أَخْبَرَهُ عَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ ثُمَّ قَالَ أُهَاجِرُ مَعَكَ. فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ غَنِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيًا فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا قِسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ: ((قَسَمْتُهُ لَكَ)). قَالَ مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا- وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بِسَهْمٍ- فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ. فَقَالَ: ((إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ)). فَلَبِثُوا قَلِيلاً ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَهُوَ هُوَ)). قَالُوا نَعَمْ. قَالَ: ((صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ)).
ثُمَّ كَفَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جُبَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلاَتِهِ: ((اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ فَقُتِلَ شَهِيدًا أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ)).وهو في الصحيح المسند 474
و الاثيوبي نقل أن النسائي يعله فقال في الكبرى 2091: ما نعلم أحداً تابع ابن المبارك على هذا، والصواب: ابن أبي عمار، عن ابن شداد بن الهاد. وابن المبارك أحد الأئمة، ولعل الخطأ من غيره والله أعلم. انتهى كلام النسائي
فنقل الاثيوبي أن النسائي يعله بالإرسال ثم دفعه بأن ابن المبارك إمام ثبت.
ودفعه البيهقي بأنه مات في غير المعركة قال الاثيوبي: وهو خلاف ظاهر الخبر.
ثم رجح الاثيوبي الصلاة خلافا حيث نقل بعض الكلام قال الاثيوبي: العمدة في هذا الباب حديثان (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين صلاته على الميت) أخرجه البخاري ودعوى أن المقصود الدعاء مدفوعه بلفظ (صلاته على الميت)
وحديث شداد بن الهاد. فهذا الحديثان يكفيان لإثبات مشروعية الصلاة على الشهيد، فالمذهب الراجح هو مذهب من أثبت الصلاة عليه، لكن على سبيل الجواز لا على سبيل الوجوب. انتهى باختصار
وقيل (صلاته على الميت) بمعنى دعائه كدعائه للميت في الصلاة أو تكون خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأهل احد
بل ورد في مسلم من حديث أبي هريرة أنه أتى المقابر فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين ….. بمعناه فإن كانت القصة واحده فسر معنى (صلاته على الميت)
لكن البخاري والنسائي جعلوه في باب الصلاة على الشهيد فكأنهم يرون الجواز
وبوب أبوداود قال: الميت يصلى على قبره بعد حين
فإن لم نحمله على الخصوصية خاصة بعد هذه المدة وإلا جاز الصلاة على الشهيد.
أما حديث شداد فأعله النسائي.
ولم أقف على الرواية المرسلة لكن يكفي أن النسائي أشار إليها.