45 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي ومحمد الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
45 – قال أبو داود رحمه الله (ج (2) ص (118)): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخُزَاعِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ. وَقَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ».
حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح، إلا محمد بن عبد الله بن عثمان الخزاعي، وقد وثَّقه علي بن المديني، وأبوحاتم كما في “تهذيب التهذيب”.
الحديث أخرجه النسائي (ج (2) ص (32)) فقال: أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله بن المبارك، عن حماد بن سلمة به.
وأخرجه ابن ماجه (ج (1) ص (741))، وأخرجه الإمام أحمد (ج (3) ص (134)) فقال: ثنا عبد الصمد، ثنا حماد يعني ابن سلمة به. وأخرجه ابويعلى (ج (5) ص (184) و (185)).
————————–
أولاً: دراسة الحديث رواية:
* قال الطبراني في المعجم الأوسط (8460): لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ قَتَادَةَ إِلَّا حَمَّادٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ ” وَرَوَاهُ النَّاسُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، فَقَطْ.
قال الشيخ الألباني في الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب (1/ 466) بعد أن ذكر كلام الطبراني قال: قلت: وهو ثقة كما في (التقريب).
* الحديث في المختارة برقم 2235 وقال: إسناده صحيح.
* قال النووي رحمه الله في ” خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام” 879: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد [بِإِسْنَاد] صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم.
* صححه الشيخ الألباني في سنن أبي داود 449 وينظر صحيح أبي داود الأم 476.
* صحح إسناده محققو سنن أبي داود 449 ومحقق سنن الدارمي 1408 والأعظمي في صحيح ابن خزيمة 1323.
* قال محققو مسند أحمد ط الرسالة (19/ 372) عن الرواية الأخيرة التي ذكرها الشيخ مقبل: إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.
ثانياً: دراسة الحديث درايةً:
تعريف الزخرفة:
الزخرفة: هي الزينة، وأصل الزخرف الذهب ثم استعمل في كل ما يتزين به1، ومنه قوله تعالى: {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}.
* بوب أبوداود على هذا الحديث باب في بناء المساجد، وابن ماجه بوب عليه: باب تشييد المساجد، والدارمي في سننه 1448 بوب عليه باب في تزوييق المساجد، أما ابن حبان بوب عليه باب ذكر الإخبار بأن من أمارة آخر الزمان مباهاة الناس بزخرفة المساجد.
* أخرج هذا الحديث الداني في السنن الواردة في الفتن 413 وبوب عليها بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ تَزْيِينَ الْمَسَاجِدِ مِنَ الْأَشْرَاطِ.
* جاء في صحيح ابن حبان 1613 عن أنس أنه قال: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَبَاهَى الناس في المساجد. [وصحح إسناده شعيب الأرناؤوط، والشيخ الألباني في صحيح أبي داود الأم (2/ 350): وقال: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات]، وبوب عليه ابن حبان: ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَبَاهِي الْمُسْلِمِينَ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ، ثم بوب باب: ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ، ثم أورد تحت هذا الباب حديث الباب وحديث ابن عباس قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ”. قَالَ ابْنُ عباس لتزخرفنها كما زخرفتها اليهود والنصارى. وصحح إسناده الأرناؤوط وقال: وقول ابن عباس علقه البخاري بصيغة الجزم في “صحيحه” بعد الحديث رقم [445] في الصلاة: باب بنيان المسجد. قال الحافظ: وهذا التعليق وصله أبو داود وابن حبان من طريق يزيد بن الأصم، عن ابن عباس هكذا موقوفاً، وقبله حديث مرفوع، ولفظه: “ما أمرت بتشييد المساجد”.
* جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.
أخرجه أبوداود في سننه برقم 448 وصححه الشيخ الألباني وهو في الصحيح المسند
قلت سيف بن دوره: لكن قال بعض الأئمة: حماد بن سلمة يسند أحاديث عن أيوب لا يسندها الناس وراجع تخريجنا لسنن أبي داود. المهم أن هذا يتعلق بأمر مستقبلي فله حكم الرفع
* وقال البغوي في “شرح السنة” 2/ 349: والمراد من التشييد: رفع البناء وتطويله، ومنه قوله سبحانه: {فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} وهي التي طول بناؤها، يقال شاد الرجل بناءه، يشيده، وشيده، يشيده، وقيل: البروج المشيدة: الحصون المجصصة، والشيد: الجص.
* بوب الهيثمي في المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي 237 باب: في الذين يتباهون بالمساجد ولا يعمرونها وأورد تحته حديث عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك قال: خرجنا معه إلى الحرم فحضرت الصلاة فقال: ألا تنزلوا نصلي. فقلت: لو تقدمت إلى هذا المسجد فقال: أي مسجد؟ فقيل: مسجد بني فلان. ففزع وقال: سمعته صلى الله عليه وسلم يقول: «يأتي على أمتي زمان يتباهون بالمساجد لا يعمرونها إلا قليلا» [حسن إسناده محققو المسند (19/ 373) وهو في صحيح البخاري معلقا في بَاب بُنْيَانِ المَسْجِدِ، وهو في “تغليق التعليق” 2/ 236 من طريق أبي عامر صالح بن رستم، عن أبي قلابة، عن أنس مرفوعاً، وقال الشيخ الألباني في تمام المنة (ص: 294) قلت: هو بهذا اللفظ ضعيف وإن كان معناه مطابقا للواقع اليوم وعلته أبو عامر الخراز وهو ضعيف لكثرة أوهامه والصحيح اللفظ الذي قبله وهو مخرج في ” صحيح أبي داود ” (475)]، ثم قال الهيثمي في المقصد العلي: قلت: روى أبو داود وغيره من هذا كله: «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد».
* قال ابن رسلان: هذا الحديث فيه معجزة ظاهرة , لإخباره – صلى الله عليه وسلم – عما سيقع بعده , فإن تزويق المساجد والمباهاة بزخرفتها كثر من الملوك والأمراء في هذا الزمان بالقاهرة والشام وبيت المقدس , بأخذهم أموال الناس ظلما , وعمارتهم بها المدارس على شكل بديع , نسأل الله السلامة والعافية. نقله عنه صاحب عون المعبود (2/ 84)
* قال العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (7/ 40): قوله يتباهون بفتح الهاء من المباهاة وهي المفاخرة والمعنى أنهم يزخرفون المساجد ويزينونها ثم يقعودن فيها ويتمارون ويتباهون ولا يشتغلون بالذكر وقراءة القرآن والصلاة.
* قال السندي في حاشيته على مسند الإمام أحمد (11/ 477)
قوله (حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ) أي: يفتخرون في بنائها وتزيينها، أو يفتخرون فيما بينهم بالدنيا وغيرها، وهم فيها لا يعرفون لها حرمة، ولا يبالون بها حتى يأتون بمثل هذا الفعل القبيح فيها، والله تعالى أعلم.
* قال الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير (11/ 133):
(لا تقوم الساعة حتى يتباهى) يتفاخر (الناس في المساجد) يتفاخرون في أبنيتها وتزويقها وفرشها وذلك من أمارات الساعة لأنه معصية في صورة الطاعة، أو يجعلون المساجد مجالس للمفاخرة بالآباء والأموال والأنساب والكل منهي عنه، والنوع الأول قد وقع في الأمصار وفيه النهي عن ذلك والحديث من أعلام النبوة.
* قال العظيم آبادي في عون المعبود (2/ 84): (حتى يتباهى الناس في المساجد) أي يتفاخر في شأنها أو بنائها يعني يتفاخر كل أحد بمسجده ويقول مسجدي أرفع أو أزين أو أوسع أو أحسن رياء وسمعة واجتلابا للمدحة.
* قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح المختصر على بلوغ المرام (3/ 90)
” هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف من بلوغ المرام تدل على مسائل منها انه لا ينبغي للناس أن يتباهوا بالمساجد أي انه عند عمارتها يشيدونها ويزخرفونها ويجعلونها وكأنها قصور الملوك فإن هذا من علاما الساعة حيث قال – صلى الله عليه وسلم – لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد فتباهي الناس في المساجد يخرجها عن الحال التي ينبغي أن تكون عليها لانه لا ينبغي أن تكون محلا للزينة والتفات القلوب لما فيها من زينة وإنما تكون متواضعة حتى تكون اقرب للقلوب ولهذا قال – صلى الله عليه وسلم – ما أمرت بتشييد المساجد تشييدها يعني طليها بالشيد وهو الجص وشبهه والمراد زخرفتها والتباهي بها وقد كان بعض الجهال يقول منتقصا على بعض المساجد التي لم تزخرف يقول أليست لو كانت بيتا لك لحسنتها وجملتها وأدخلت عليها شيئا من الزينة والزخرفة فظن أن بيت الله المبني للعبادة وقراءة القران والذكر مثل بيت الإنسان الذي يريد أن يفخر به على غيره أو أن يجاري غيره في زخرفة البيت وهذا غلط محض المساجد للعبادة وعلى العكس من ذلك أن بعض الناس يؤذي المساجد فمنها أن بعض الناس يتنخم فيها أو يبزق وهذا لا يجوز ولهذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم – البزاق في المسجد خطيئة وهي الذنب ولا يجوز للإنسان أن يفعل الذنب لكن إذا فعله كيف يتوب منه قال وكفارتها دفنها … “.
* النووي رحمه الله في ” خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام” بوب بَاب النَّهْي عَن زخرفة الْمَسَاجِد، ثم أورد ما صح من الأحاديث منها حديث ابن عباس ” ما أمرت بتشييد المساجد” وقال فيه: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم، ثم أورد حديث أنس الذي في الباب وقال: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَادِهِ. صَحِيح، ثم قال: فصل فِي ضعيفه:
880 – مِنْهُ، حَدِيث: ” مَا سَاءَ عمل قوم قطّ إِلَّا زخرفوا مَسَاجِدهمْ “. [قال البوصيري في مصباح الزجاجة: في إسناده أبو إسحاق كان يدلس، وجبارة كذاب. وقال الشيخ الألباني في سنن ابن ماجه 741: ضعيف جدا وهو في السلسلة الضعيفة 4447].
881 – وَحَدِيث: ” أَرَاكُم ستشرِّفون مَسَاجِدكُمْ بعدِي كَمَا شرّفت الْيَهُود كنائسها ” [قال البوصيري في مصباح الزجاجة: إسناده ضعيف. فيه جبارة بن المغلس وهو كذاب. وقد أخرجه أبو داود بسنده عن ابن عباس مرفوعا بغير هذا السياق. وقال الشيخ الألباني في سنن ابن ماجه 740: ضعيف وهو في السلسلة الضعيفة 2733].
* جاء في صحيح البخاري 446 عن نافع عن ابن عمر أنه أخبره: أَنَّ المَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الجَرِيدُ، وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ، فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا، وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ: وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّبِنِ وَالجَرِيدِ وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً: وَبَنَى جِدَارَهُ بِالحِجَارَةِ المَنْقُوشَةِ، وَالقَصَّةِ وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ “.
* جاء في صحيح البخاري 2018 وفيه: فَاسْتَهَلَّتِ السَّمَاءُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَمْطَرَتْ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ فِي مُصَلَّى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَبَصُرَتْ عَيْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ [ص:47] انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ وَوَجْهُهُ مُمْتَلِئٌ طِينًا وَمَاءً.
قال ابن رجب في فتح الباري (2/ 471): ” وهذا يدل على أن سقف المسجد لم يكن يُكِن الناس من المطر، ولا يمنع من نزول ماء المطر إليه”.
جاء في السلسلة الصحيحة 616: “ابنوه عريشا كعريش موسى. يعني مسجد المدينة”.
قيل للحسن: وما عريش موسى؟ قال: إذا رفع يده بلغ العريش يعني السقف. [صحيح الترغيب والترهيب 1876].
قلت سيف بن دوره: يحتمل أن يكون حسن لغيره. وسيأتي تخريجه إن شاء الله آخر البحث
* عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أُمِّ مَنْصُورٍ قَالَتْ: أَخْبَرَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَلَدَتْ عَامَّةَ أَهْلِ دَارِنَا، أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ ـ وَقَالَ مَرَّةً: إِنَّهَا سَأَلَتْ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ ـ لِمَ دَعَاكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: ” إِنِّي كُنْتُ رَأَيْتُ قَرْنَيِ الْكَبْشِ حِينَ دَخَلْتُ الْبَيْتَ، فَنَسِيتُ أَنْ آمُرَكَ أَنْ تُخَمِّرَهُمَا، فَخَمِّرْهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْتِ شَيْءٌ يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ “، قَالَ سُفْيَانُ: لَمْ تَزَلْ قَرْنَا (1) الْكَبْشِ فِي الْبَيْتِ حَتَّى احْتَرَقَ الْبَيْتُ فَاحْتَرَقَا.
أخرجه أحمد في مسنده 16637 وقال محققو المسند: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير مُسافع: وهو ابن عبد الله الحَجَبي، فمن رجال مسلم، وهو ثقة.
وقال الشيخ الألباني في أصل صفة الصلاة (1/ 233): رواه أبو داود وأحمد بسند صحيح. وهو مخرج في ” صحيح أبي داود ” (1771).
* قال الشيخ الألباني في الثمر المستطاب (1/ 462): وقد رويت أحاديث صريحة في النهي عن زخرفة المساجد ولكنها كلها لا تخلو من ضعف ولذلك آثرنا هذا الحديث الصحيح فإنه يقوم مقامها في المعنى ولا بأس من أن نسوق ما تيسر منها:
- عن أنس مرفوعا: (ابنوا المساجد واتخذوها جما) أخرجه البيهقي من طريق ليث عن أيوب عنه، وليث – هو ابن سليم – ضعيف، ثم هو منقطع فقد قال ابن عبد البر كما في (زاد المعاد): (ولم يسمع أيوب عن أنس عندهم شيئا).
(جما): الجم التي لا شرف لها وكذلك البناء إذا لم يكن له شرف فهو أجم وجمعه جم). [وهو في السلسلة الضعيفة 1674].
[قال صاحب المنهل العذب المورود (4/ 46): “بضم الجيم وتشديد الميم أى بدون شرف جمع شرفة وهي ما يوضع على أعالى القصور والمدن وبينها فرج شبه طاقات الشباك لتطويل البناء والزخرفة”].
• ومنها: عن عبادة بن الصامت قال: قالت الأنصار: إلى متى يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا الجريد؟ فجمعوا له دنانير فأتوا بها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: نصلح هذا المسجد ونزينه؟ فقال: (ليس لي رغبة عن أخي موسى عريش كعريش موسى) رواه الطبراني في (الكبير) وفيه عيسى بن سنان: ضعفه أحمد وغيره ووثقه العجلي وابن حبان وابن خراش في رواية.
قلت: وفي (التقريب): (هو لين الحديث)قال الألباني: وجملة القول أن الحديث بمجموع المرسلين الصحيحين والموصول صحيح. ثم قال: وجدت شاهدا آخر مرسل فذكره من مراسيل أبي جعفر
• ومنها: عن أبي الدرداء مرفوعا: (إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم)
أخرجه الحكيم الترمذي وكذا ابن المبارك في (الزهد) بإسناد ضعيف
كما في (الفيض) ورواه ابن أبي الدنيا في (المصاحف) عن أبي هريرة موقوفا بلفظ: (إذا زوقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فعليكم الدمار). كما في (منتخب كنز العمال).
وهو في الصحيحة 1351 حيث قواه الشيخ الألباني بمرسل سعيد بن أبي سعيد وموقوف أبي الدرداء وقال له حكم الرفع. انتهى
وذكر في الأحاديث التي ذكرها الغزالي في الأحياء وليس لها أصل يعني في رفعها—
بعض مظاهر الزخرفة:
إن الزخرفة تعني وضع الزينة في المسجد بأي مظهر من المظاهر التالية:
1 – … تزين الجدران بالذهب والفضة.
2 – … نقش الجدران بالألوان والأصباغ المختلفة.
3 – وضع التصاوير وأنواع السجاد والنقوش والقناديل والستائر على المنائر.
4 – وضع السرج الكثيرة في ليال محدودة، أو في أعياد بدعية؛ كما قال الإمام النووي- رحمه الله – ومن البدع المنكرة ما يفعله الناس في كثير من البلدان من إيقاد القناديل الكثيرة العظيمة في ليال معروفة من السنة؛ كليلة النصف من شعبان، فيحصل بسبب ذلك مفاسد كثيرة، منها: مضاهاة المجوس في الاعتقاد بالنار، والإكثار منها، ومنها: إضاعة المال في غير وجهه، ومنها: ما يترتب على ذلك في كثير من المساجد من اجتماع الصبيان وأهل البطالة ولعبهم، ورفع أصواتهم، وامتهانهم في المساجد، وانتهاك حرماتها، وحصول أوساخ فيها، وغير ذلك من المفاسد التي يجب صيانة المسجد من أفراده.
وإضافة إلى ما ذكره الإمام النووي من اختلاط الرجال والنساء، وشرب الدخان، والرقص والطرب والتمايل يمنة ويسرة، وذلك عند التواشيح البدعية والشركية التي يزعمون أنهم يمدحمون النبي – صلى الله عليه وسلم- بها.
حكم الزخرفة:
وقد يستغرب البعض عندما يسمع أن الزخرفة للمساجد من البدع المحرمة؛ وذلك لأن كثيراً من مساجد المسلمين اليوم لا تخلو منها – إلا ما شاء الله- ومن براهين ذلك:
الدليل الأول: ما رواه أبو داود السجستاني عن ابن عباس – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “ما أمرت بتشييد المساجد”. يخبر النبي أنه لم يأمره الله بتشييد المساجد، وكل مالم يأمر بالله ورسوله، فهو مردود على صاحبه غير مقبول منه؛ كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم: ” من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد” رواه مسلم.
قال العلامة الصنعاني – رحمه الله: وقوله- صلى الله عليه وسلم – “ما أمرت” إشعار بأنه لا يحسن ذلك، فإنه لو كان حسناً لأمره الله به.
الدليل الثاني: ما أخرجه ابن المبارك في الزهد، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (585) عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال: ” إذا زخرفتم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم، فالدمار عليكم”.
في هذا الحديث يخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن المسلمين إذا زخرفوا المساجد، وخالفوا أمر الله ورسوله؛ وذلك لأنه كما سبق لم يأمر بزخرفتها، فإن الدمار عليهم، وقد يكون هذا دعاءٌ من النبي على من زخرف المساجد
الدليل الثالث: أن في الزخرفة وتشيد المساجد ضرب من التباهي المذموم، فقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن من علامات الساعة التباهي بالمساجد، فعن أنس – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد”.
وقد وقع ما أخبر به الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم –
قال العلامة ابن رسلان – رحمه الله-: هذا الحديث فيه ظاهرة لإخباره – صلى الله عليه وسلم – عما يقع فإن تزيين المساجد والمباهاة بزخرفتها كثر في هذا الزمان ..
ولكن لا يفهم من ذلك ذم بناء المسجد بحد ذاته، ولكن المقصود ذم ما أحدثه الناس فيه من البدع والمباهات.
الدليل الرابع: أن في زخرفة المساجد إتباع لسنن اليهود والنصارى، فما من كنيسة ولا معبد يهودي إلا وفيه أنواع الزخارف والنقش والتصاوير؛ حتى أنهم يصورون صور أنبيائهم على جدران معابدهم، وقد سار بعض جهلة المسلمين على طريقتهم؛ حتى أن بعض المساجد التي يقوم عليها بعض الفرق الضالة من تعلقون صور مشايخهم في نحو القبلة، وعلى جوانب المساجد،
وقد أخبرت أم سلمة وأم حبيبة عن كنيسة في الحبشة وذكرا من حسنها وتصاويرها
فعَنْ عائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، أنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، وأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتا كَنِيسَةً رَأيْنَها بِالحَبَشَةِ فِيها تَصاوِيرُ، فَذَكَرَتا لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقالَ: «إنَّ أُولَئِكَ إذا كانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصّالِحُ فَماتَ، بَنَوْا عَلى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيامَةِ»، (خ) (427)
وقال حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس- رضي الله عنه- كما في البخاري موقوفاً:- لتزخرفنها كما زخرفتها اليهود والنصارى.
وقال الشيخ حمود التو يجري: النوع العشرون: ومن التشبه بأعداء الله – تعالى – ما ابتلي به كثير من المسلمين قديماً وحديثاً من تشييد المساجد وزخرفتها، والتباهي بها قديماً وتشيد الماضين وزخرفتهم ومباهاتهم لا شيء بالنسبة إلى تشييد أهل زماننا وزخرفتهم بعضهم بعضاً، وهذا من أشراط الساعة.
الدليل الخامس: أن الزخرفة تؤدي إلى مفاسد كثيرة، منها إفساد الخشوع على الناس في صلاتهم، وقد كان النبي من أحرص الناس على الخشوع في الصلاة، فلقد دخل ذات يوم بيتاً، فرأى فيه قرني الكبش، فدعا النبي – صلى الله عليه وسلم – عثمان بن طلحة فقال له: ” إني كنت رأيت قرني الكبش حيث دخلت، فنسيت أن آمرك أن تخمرها، فخمرها، فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي” رواه أحمد.
قال الشوكاني: والحديث يدل على كراهة تزيين المحاريب وغيرها مما يستقبله المصلي بنقش أو تصوير أو غيرهما مما يلهي، وعلى أن تخمير التصاوير مزيل لكراهة الصلاة في المكان الذي هي فيه لارتفاع العلة، وهي اشتغال القلب المصلي بالنظر إليه.
ومما يؤيد أن الزخارف والنقوش تلهي المصلي في صلاته، ما رواه البخاري عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: ” كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – لها: ” أميطي قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي” وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بـ: باب إذا صلّى في ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته وما ينهى عن ذلك.
وما رواه – أيضاً – البخاري ومسلم عن عائشة – رضي الله عنها- في الخميصة التي كان لها أعلام فنظر إليها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو يصلي فلما انصرف، قال صلى الله عليه وسلم: ” اذهبوا بخميصتي – هذه إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي”.
والخميصة كساء مربع له أعلام-
فكيف بالمسجد الذي بداخله أنواع النقوشات والألوان والساعات المتحركة، والرسوم المختلفة؟
الدليل السادس: أن الزخرفة مظهر من مظاهر السرف وإضاعة المال، وقد حذرنا الله من ذلك
وقال العلامة ابن الحاج: وينبغي له – أي لولي الأمر- أن يغير ما أحدثوه – أهل البدع والأهواء- من الزخرفة في المحراب وغيره، فإن ذلك من البدع، وهو من أشراط الساعة8.
—
• ومنها: عن عمر بن الخطاب مرفوعا: (ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم)
وسنده ضعيف كما سبق قريبا
وقد روى البخاري تعليقا عنه أنه: (أمر ببناء المسجد وقال: أكن الناس من المطر وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس) قال الحافظ: (هو طرف من قصة في ذكر تجديد المسجد النبوي)
وفي (المرقاة): (ومر ابن مسعود بمسجد مزخرف فقال: لعن الله من فعل هذا). ولم يعزه لأحد وبالجملة فمجموع هذه الأحاديث يدل على ثبوت نهيه عليه الصلاة والسلام عن زخرفة المساجد وقد أشار إلى ذلك في الحديث الآتي: (وقال: (لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد) الحديث أخرجه النسائي والدارمي وابن ماجه …
* جاء في الدرر السنية (4/ 266): سئل الشيخ سعيد بن حجي: هل يجوز زخرفة المساجد بالنقوش، والجص، وفرش الحصر بها، وتخليقها بالطيب، أم لا؟
فأجاب: أصل بناء المساجد، بناؤه صلى الله عليه وسلم ثم بناء عمر، ثم بناء عثمان، رضي الله عنهم؛ قال في الهدى، لما ذكر اتخاذ المسجد: ثم بنوه باللبن، وجعل صلى الله عليه وسلم يبني معهم، وجعل له ثلاثة أبواب، وعمده الجذوع، وسقفه بالجريد، وقيل له: ألا تسقفه؟ فقال: لا; عريش كعريش موسى. انتهى.
وقال في المنتقى: باب الاقتصاد في بناء المساجد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ما أمرت بتشييد المساجد ” 1، قال ابن عباس:”لتزخرفنّها كما زخرفت اليهود والنصارى “، رواه أبو داود. وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد ” 2، رواه الخمسة إلا الترمذي. وقال البخاري: قال أبو سعيد: “كان سقف المسجد من جريد النخل، وأمر عمر ببناء المسجد، وقال: أَكِنَّ الناس عن المطر، وإياك أن تُحَمِّر أو تُصَفِّر فتفتن الناس “. انتهى. الزخرفة: التزيين، والضمير في: “لتزخرفنها” للمساجد. وعن ابن عمر قال: “كان المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنياً باللبن، وسقفه بالجريد، وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً، وزاد فيه عمر، وبناه على بنائه على عهده صلى الله عليه وسلم ثم غيره عثمان رضي الله عنه وزاد فيه زيادة كثيرة، وبني جدره بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده من حجارة منقوشة، وسققه ساجاً “، أخرجه البخاري وأبو داود، والقصة: الجص بلغة أهل الحجاز. انتهى من تيسير الأصول.
وقال في الإقناع: وتحرم زخرفته بذهب أو فضة، وتجب إزالته، ويكره بنقش وصبغ وكتابة، وغير ذلك مما يلهي المصلي. وفي الغنية: لا بأس بتجصيصه. انتهى. أي: يباح تجصيص حيطانه، وهو تبييضها به، وصححه الحارثي، ولم يره أحمد بن حنبل، وقال: هو زينة الدنيا. انتهى.
إذا تقرر هذا، فليعلم السائل: أن من أراد بناء مسجد، فليبنه على الاقتصاد، وأن الزخرفة مكروهة، وأن من بنى بها لا ينكر عليه لقصة عثمان.
وأما فرش الحصر فيها، فقال في المنتقى: باب الصلاة على الفرش والبسط وغيرهما من الفرش، عن ابن عباس ” أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على بساط ” 1، رواه أحمد وابن ماجة. وعن المغيرة بن شعبة قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير، والفروة المدبوغة ” 2، رواه أحمد وأبو داود. وعن أبي سعيد أنه ” دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فرأيته يصلي على حصير يسجد عليه ” 3، رواه مسلم. وعن ميمونة، قالت: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة ” 4، رواه الجماعة. انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين: وأما الصلاة على السجادة، واتخاذ السجادة ديناً وطريقة، بحيث لا يصلي إلا عليها في المساجد وغيرها، فبدعة مكروهة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وسلف الأمة، لم يكونوا يتخذون هذه السجادة، بل يصلون حيث تناهت الصلاة؛ وتقييد الصلاة بها، تعبد أهل الكتاب في الكنائس، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ” جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً؛ فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره ” 1 – إلى أن قال- وقد ” كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة ” 2، وهي شيء ينسج من الخوص، فيسجد عليه يتقي به حر الأرض وأذاها؛ فإنه لم يكن مسجده مفروشاً، إنما كانوا يصلون على التراب والرمل والحصى، فهذا من جنس الأرض، لأن الصلاة على الحصر ونحوها لدفع الأذى، والله سبحانه جعله لدفع الأذى، فهذا حسن، ولهذا اتفق العلماء على أنه لا بأس بالصلاة على ما كان من جنس الأرض كالحصير ونحوه.
وأما الصلاة على المتخذ من الصوف والشعر ونحو ذلك، كالبسط والطنافس، وعلى الحشايا المبطنة، فرخص فيه أكثر العلماء، كأبي حنيفة والشافعي وأحمد، وروى ذلك عن جماعة من الصحابة، وفيه أحاديث مرفوعة، وكرهه مالك. انتهى. فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على هذه الأشياء المذكورة، وأن أكثر العلماء رخص فيها، فمن أنكر فرش المساجد بذلك كلف الدليل، والله أعلم.
وأما تخليقها بالطيب، فقالت عائشة: ” أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب ” 3، رواه أبو داود والترمذي وأحمد وابن ماجة.
وقال في الإقناع: ويسن كنسه يوم الخميس، وإخراج كناسته، وتنظيفه، وتطييبه فيه، وتجميره في الجمع، ويستحب شعل القناديل فيه كل ليلة. انتهى.
قوله: في الدور جمع دار، والمراد هنا: المحلات، أي أمر أن يبنى في كل محلة مسجد، وهو محمول على اتخاذ بيت للصلاة، كالمسجد يصلي فيه أهل البيت. انتهى. فدل هذا على استحباب تطييبها، وتنظيفها، والله أعلم.
وأجاب الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن، والشيخ سليمان بن سحمان: وأما ما زخرف به المسجد، من التحمير والتصفير، فيطمس بالآجر الأبيض، وكذلك الصور والكتابة التي في الحيطان.
* قال الشيخ مقبل الوادعي في تحفة المجيب ص 130: أنصحهم أن يتخذوا لهم مسجدًا يكون سهل التكاليف، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما أمرت بتشييد المساجد)). ويقول أيضًا: ((لا تقوم السّاعة حتّى يتباهى النّاس في المساجد)).
فالسنة أن يكون المسجد متواضعًا، وإن استطعت أن يكون المسجد كمسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعلت، وإن لم تستطع فلا تتكلف، ولا تتأنق في بناء المساجد فإنه مخالف للسنة، وكذلك الزخرفة، والمنارة، وكذا ما يسمونه بالمحراب، وما ينصبونه على أرباع المسجد والتي تسمى بالشرفات، هذا لم يرد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، عندما بنى في ذلك الوقت، وكذلك المنبر الطويل الزائد على ثلاث درجات.
* سئل علماء اللجنة الدائمة المجموعة الثانية (5/ 191) عن مشروع ديني وهو عبارة عن إقامة مصنع لتصدير مسجد شخصي نموذجي لكافة دول العالم والقائمات على صناعة هذا المسجد بنات من المملكة من خريجات الأقسام الفنية من المعاهد والكليات والذي افتتحت له مركزًا لأعمال الديكورات النسائية …. ؟.
فأجابوا:
“هذا العمل غير مشروع؛ للأحاديث الصحيحة في النهي عن زخرفة المساجد، ولأن في ذلك إشغالاً للمصلين عن صلاتهم بالنظر، والتفكر في تلك الزخارف، والنقوش “.
الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
وسئلوا سؤالا آخر “المجموعة الثانية (5/ 190): يوجد عندنا مسجد يبنى على نفقات المحسنين، والمشرف على بناء المسجد يريد أن يضع في محراب المسجد زخارف وآيات قرآنية، وكذلك السقف والأعمدة، وفد أبلغته بأن الزخارف داخل المسجد والآيات القرآنية في المسجد لا تجوز حسب ما سمعنا من المشايخ، واحتج المشرف بأن أكثر المساجد يوجد بها هذه الزخارف والآيات، فهل يحل ويجوز ذلك أم لا؟ أفيدونا مأجورين.
فأجابوا:
“لا يجوز زخرفة المساجد، ولا كتابة الآيات القرآنية على جدرانها؛ لما في ذلك من تعريض القرآن للامتهان، ولما فيه من زخرفة المساجد المنهي عنها، وإشغال المصلين عن صلاتهم بالنظر في تلك الكتابات والنقوش “.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
* جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (11/ 275): تزيين المساجد
22 – يحرم تزيين المساجد بنقشها وتزويقها بمال الوقف عند الحنفية والحنابلة، وصرح الحنابلة بوجوب ضمان الوقف الذي صرف فيه؛ لأنه لا مصلحة فيه. وظاهر كلام الشافعية منع صرف مال الوقف في ذلك. ولو وقف الواقف ذلك عليهما – النقش والتزويق – لم يصح في القول الأصح عندهم، أما إذا كان النقش والتزويق من مال الناقش فيكره اتفاقا في الجملة إذا كان يلهي المصلي، كما إذا كان في المحراب وجدار القبلة، (1) وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا ساء عمل قوم زخرفوا مساجدهم (2).وفيما عدا جدار الكعبة تفصيل وخلاف ينظر في بحث: (مسجد).
===
تخريج حديث (عريش كعريش موسى)
ورد من حديث عبادة وقال ابن كثير:
غريب من هذا الوجه. البداية والنهاية (3) / (214)
قال الهيثمي مجمع الزوائد (19) / (2): فيه عيسى بن سنان ضعفه أحمد وغيره ووثقه العجلي وابن حبان وابن خراش في رواية
قال العراقي: رواه الدارقطني في الأفراد من حديث أبي الدرداء وقال غريب اهـ.
تخريج الإحياء 1542
عن سالم بن عطية قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عرش الناس كعرش موسى يعني أنه وإن يكره الطاق في حوالي السجد. سنن البيهقي ج (2) ص (439)
قال المناوي: قضيته أنه لا علة فيه غير الإرسال والأمر بخلافه فقد قال الذهبي في المهذب؛ إنه واه أيضًا.
ذكره المنذري من مراسيل الحسن في الترغيب والترهيب وقال:
رواه ابن أبي الدنيا مرسلا وفيه نظر
وذكره ابن رجب … :
ورَوى ابْنُ أبِي الدُّنْيا بِإسْنادِهِ عَنْ إسْماعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ
ولم يتكلم عليه بشيء من حيث النكارة.
قال ابن كثير:
ورَوى البَيْهَقِيُّ مِن طَرِيقِ أبِي بَكْرِ بْنِ أبِي الدُّنْيا، حَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ حَمّادٍ الضبى، حَدثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمانَ، عَنْ إسْماعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الحَسَنِ، قالَ: لَمّا بَنى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- المَسْجِدَ أعانَهُ عَلَيْهِ أصْحابُهُ ….
وهَذا مُرْسَلٌ ورَوى مِن حَدِيثِ حَمّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أبِي سِنانٍ، عَنْ يَعْلى بْنِ شَدّادِ بْنِ أوْسٍ، عَنْ عُبادَةَ، أنَّ الأنْصارَ جَمَعُوا مالًا فَأتَوْا بِهِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ ابْنِ هَذا ….
وهَذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِن هَذا الوَجْهِ
وفي مصنف عبدالرزاق:
(5135) – عَنْ يَحْيى بْنِ العَلاءِ، وغَيْرِهِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خالِدِ بْنِ مَعْدانَ، أنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وأبا الدَّرْداءِ، ذَرَعا المَسْجِدَ، ثُمَّ أتَيا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- بِالذِّراعِ قالَ: «بَلْ عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسى، ثُمامٌ وخَشَباتٌ»، فالأمْرُ أعْجَلُ مِن ذَلِكَ، قالَ الثَّوْرِيُّ: وبَلَغَنا أنَّ عَرْشَ مُوسى إذا قامَ مَسَّ رَاسَهُ
وخالد بن معدان كثير الإرسال قال الإمام احمد لم يسمع من أبي الدرداء تهذيب الكمال وجامع التحصيل
وروي مرسلا من طريق سفيان عن ثور بن يزيد عن راشد بن سعد مرسلا أخرجه الجنيدي في فضائل المدينة.
وورد من مرسل الزهري
فيحتمل التقوية.
وفي الورع للامام احمد:
وقالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ قَدْ سَألُوا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أنْ يُكَحَّلَ المَسْجِدُ قالَ لا
عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسى قالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ إنَّما هُوَ شَيْءٌ مِثْلُ الكُحْلِ يُطْلى
أيْ فَلَمْ يُرَخِّصِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِيهِ
بينما ذهب محقق جامع العلوم والحكم طبعة ابن الجوزي وذكر مرسل الحسن ألى أنه ضعيف روي من أوجه بعضها موصول وبعضها مرسل ولا يصح فيه شيء وقد بينت ذلك في كتابي علل الحديث.
وهذا الوجه المرسل أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 2/ 542 وقال ابن كثير مرسل.
قلت إسماعيل بن مسلم هو البصري وهو ضعيف أيضا. لكن روي من غير طريقه عن الحسن. وهو أشبه ما في الباب. انتهى كلام المحقق