4418 الفوائد المنتقاة على صحيح مسلم
مجموعة ابراهيم البلوشي وهاشم السوري وعبدالله المشجري ومصطفى الموريتاني
ومراجعة عبدالخالق الصومالي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————–
أحاديث صحيح مسلم
في باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه
مِنْ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
4418 – عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي
قَالَ سَعِيدٌ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَ بِهَا سَعْدًا فَلَقِيتُ سَعْدًا فَحَدَّثْتُهُ بِمَا حَدَّثَنِي عَامِرٌ فَقَالَ أَنَا سَمِعْتُهُ فَقُلْتُ آنْتَ سَمِعْتَهُ فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ فَقَالَ نَعَمْ وَإِلَّا فَاسْتَكَّتَا
4419 – عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ
خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَقَالَ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي
4420 – عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ فَقَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ ادْعُوا لِي عَلِيًّا فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
{فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ}
دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي
4422 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَا أَحْبَبْتُ الْإِمَارَةَ إِلَّا يَوْمَئِذٍ قَالَ فَتَسَاوَرْتُ لَهَا رَجَاءَ أَنْ أُدْعَى لَهَا قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا وَقَالَ امْشِ وَلَا تَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ قَالَ فَسَارَ عَلِيٌّ شَيْئًا ثُمَّ وَقَفَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ فَصَرَخَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَاذَا أُقَاتِلُ النَّاسَ قَالَ قَاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ
4423 – عن سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ قَالَ فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ
4424 – عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ
كَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَرَ وَكَانَ رَمِدًا فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا اللَّهُ فِي صَبَاحِهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ أَوْ لَيَاخُذَنَّ بِالرَّايَةِ غَدًا رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْ قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ فَقَالُوا هَذَا عَلِيٌّ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ
4425 – عن يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا
رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ وَغَزَوْتَ مَعَهُ وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي وَاللَّهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي وَقَدُمَ عَهْدِي وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا وَمَا لَا فَلَا تُكَلِّفُونِيهِ ثُمَّ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَاتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ قَالَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ قَالَ وَمَنْ هُمْ قَالَ هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ قَالَ نَعَمْ
وفي روايه وَزَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ مَنْ اسْتَمْسَكَ بِهِ وَأَخَذَ بِهِ كَانَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ
وفي روايه قَالَ دَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ لَقَدْ رَأَيْتَ خَيْرًا لَقَدْ صَاحَبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي حَيَّانَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ أَلَا وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ مَنْ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلَالَةٍ وَفِيهِ فَقُلْنَا مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ نِسَاؤُهُ قَالَ لَا وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ الْمَرْأَةَ تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ الْعَصْرَ مِنْ الدَّهْرِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَرْجِعُ إِلَى أَبِيهَا وَقَوْمِهَا أَهْلُ بَيْتِهِ أَصْلُهُ وَعَصَبَتُهُ الَّذِينَ حُرِمُوا الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ
4426 – عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ اسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنْ آلِ مَرْوَانَ قَالَ فَدَعَا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتِمَ عَلِيًّا قَالَ فَأَبَى سَهْلٌ فَقَالَ لَهُ أَمَّا إِذْ أَبَيْتَ فَقُلْ لَعَنَ اللَّهُ أَبَا التُّرَابِ فَقَالَ سَهْلٌ مَا كَانَ لِعَلِيٍّ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَبِي التُّرَابِ وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ إِذَا دُعِيَ بِهَا فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنَا عَنْ قِصَّتِهِ لِمَ سُمِّيَ أَبَا تُرَابٍ قَالَ
جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ فَقَالَتْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِنْسَانٍ انْظُرْ أَيْنَ هُوَ فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ فَأَصَابَهُ تُرَابٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ قُمْ أَبَا التُّرَابِ قُمْ أَبَا التُّرَابِ
—————
– في قوله (لا نبي بعدي) الرد على القاديانية.
– وفيه معنى أنه خاتم النبيين وفيه نصوص من القرآن والسنة. وتكذيب لكل من ادعى النبوة.
– وفيه التشبيه والمقصود بالتشبيه التوافق في بعض الصفات.
– وفيه المشافهه وطلب علو الإسناد.
– وفيه الدعاء على النفس من باب تأكيد صدق السماع والتحديث
– وقال النووي: “وهذا الحديث لا حجة فيه لأحد منهم، بل فيه إثبات فضيلة لعلي ولا تعرض فيه لكونه أفضل من غيره أو مثله، وليس فيه دلالة لاستخلافه بعده؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال هذا لعلي حين استخلفه في المدينة في غزوة تبوك, ويؤيد هذا أن هارون المشبه به لم يكن خليفة بعد موسى، بل توفي في حياة موسى، وقبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة على ما هو مشهور عند أهل الأخبار والقصص، قالوا: وإنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة”.
– وقال ابن حزم بعد أن ذكر احتجاج الرافضة بالحديث: “وهذا لا يوجب له فضلاً على من سواه، ولا استحقاق الإمامة بعده؛ لأن هارون لم يل أمر بني إسرائيل بعد موسى عليهما السلام، وإنما ولي الأمر بعد موسى يوشع بن نون فتى موسى وصاحبه الذي سافر معه في طلب الخضر عليهما السلام، كما ولي الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبه في الغار الذي سافر معه إلى المدينة، وإذا لم يكن علي نبياً كما كان هارون نبياً، ولا كان هارون خليفة بعد موت موسى على بني إسرائيل فصح أن كونه من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى إنما هو في القرابة فقط، وأيضًا فإنما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول إذ استخلفه على المدينة في غزوة تبوك .. ثم قد استخلف قبل تبوك وبعد تبوك في أسفاره رجالاً سوى علي، فصح أن هذا الاستخلاف لا يوجب لعلي فضلاً على غيره، ولا ولاية الأمر بعده، كما لم يوجب ذلك لغيره من المستخلفين”.
– وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في سياق رده على الرافضة في استدلالهم بهذا الحديث: “وقول القائل هذا بمنزلة هذا، وهذا مثل هذا، هو كتشبيه الشيء بالشيء يكون بحسب ما دل عليه السياق، لا يقتضي المساواة في كل شيء, وكذلك هنا هو بمنزلة هارون فيما دل عليه السياق، وهو استخلافه في مغيبه كما استخلف موسى هارون، وهذا الاستخلاف ليس من خصائص علي، بل ولا هو مثل استخلافاته، فضلاً أن يكون أفضل منها، وقد استخلف مَنْ علي أفضل منه في كثير من الغزوات، ولم تكن تلك الاستخلافات توجب تقديم المُسْتخلَف على عليّ إذا قعد معه، فكيف يكون موجباً لتفضيله على عليّ؟ بل قد استخلف على المدينة غير واحد، وأولئك المستخلفون منه بمنزلة هارون من موسى من جنس استخلاف عليّ
وراجع الفصل (4/ 159 – 160).
و منهاج السنة (7/ 330 – 332)، وانظر: أيضاً (5/ 34) من الكتاب نفسه، ومجموع الفتاوى (4/ 416).
وسنذكر ان شاء الله في تتمات البحث شبه أخرى والرد عليها:
أما حديث اعطائه الراية يوم خيبر:
– ففيه أهمية الدعوة إلى الله:
الدعوة إلى الله لها أهمية كبيرة، ويمكن الإشارة إلى عدة جوانب تبرز هذه الأهمية:
1ـ أن الدعوة واجبة على الأمة، قال تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، وقوله جل وعلا: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون). قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: “والمقصود من هذه الآية أن تكون فرْقَة من الأمَّة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجبا على كل فرد من الأمة بحسبه”.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “فالدعوة إلى الله واجبة على كل من اتبعه أي الرسول وهم أمته، يدعون إلى الله كما دعا إلى الله” إلى أن يقول: “وقد تبين بهذا: أن الدعوة إلى الله تجب على كل مسلم، لكنها فرض على الكفاية، وإنما يجب على الرجل المعين من ذلك ما يقدر عليه إذا لم يقم به غيره”.
2ـ فضل الدعوة إلى الله تعالى، وهذا يظهر من خلال ما يأتي:
أ ـ أن الداعية إلى الله وصفه الله تعالى بأنه أحسن الناس قولاً
ب ـ أن الله تعالى أخبر أن الدعوة عمل الأنبياء والمرسلين.
ج ـ الأجر العظيم المرتِّب على القيام بوظيفة الدعوة إلى الله تعالى.
3ـ الحاجة الماسة للدعوة إلى الله في هذا العصر الذي تكالبت فيه فتن الشهوات والشبهات على المسلمين.
4ـ الجهود الكبيرة التي تُبذل من قبل المراكز والجمعيات التنصيرية.
وفيه الدعوة قبل القتال:
قال الحافظ في الفتح (6/ 108):
وقوله والدعوة قبل القتال كأنه يشير إلى حديث بن عون في إغارة النبي صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق على غرة وهـو متخرج عنده في كتاب الفتن وهـو محمول عند من يقول باشتراط الدعاء قبل القتال على أنه بلغتهم الدعوة وهـي مسألة خ?فية فذهـب طائفة منهم عمر بن عبد العزيز إلى اشتراط الدعاء إلى الاس?م قبل القتال وذهـب الاكثر إلى أن ذلك كان في بدء الامر قبل انتشار دعوة الاس?م فإن وجد من لم تبلغه الدعوة لم يقاتل حتى يدعى نص عليه الشافعي وقال مالك من قربت داره قوتل بغير دعوة ?شتهار الاس?م ومن بعدت داره فالدعوة أقطع للشك وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن أبي عثمان النهدي أحد كبار التابعين قال كنا ندعو وندع قلت وهـو منزل على الحالين.
قال في السبل الحديث دليل على جواز المقاتلة قبل الدعاء إلى الاس?م في حق الكفار الذين قد بلغتهم الدعوة من غير إنذار وهـذه أصح الاقوال الث?ثة في المسألة وهـي عدم وجوب الانذار مطلقا والثاني وجوبه مطلقا والثالث يجب إن لم تبلغهم الدعوة و? يجب إن بلغتهم ولكن يستحب
قال بن المنذر وهـو قول أكثر أهـل العلم وعلى معناه تظافرت الاحاديث الصحيحة. انتهى
…..
يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله: لا يجوز القتال قبل الدعوة لأنه جعل القتال آخر مرحلة وأما ما ورد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق فقد أجيب عنه: أن هؤلاء قد بلغتهم الدعوة ودعوة من بلغتهم الدعوة سنة لا واجبة ويرجع فيه للمصلحة. (مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (10/ 360).
وفيه الملاعنة كنهاية للمناظرات.
وقال النووي رحمه الله تعالى: قوله: “إن معاوية قال لسعد بن أبي وقاص ما منعك أن تسب أبا تراب” قال العلماء: الأحاديث الواردة التي في ظاهرها دخل على صحابي يجب تأويلها قالوا: ولا يقع في روايات الثقات إلا ما يمكن تأويله فقول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبه وإنما سأله عن السبب المانع له من السب كأنه يقول هل امتنعت تورعاً أو خوفاً، أو غير ذلك فإن كان تورعاً وإجلالاً له فأنت مصيب محسن، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر، ولعل سعداً قد كان في طائفة يسبون فلم يسب معهم وعجز عن الإنكار وأنكر عليهم فسأله هذا السؤال قالوا: ويحتمل تأويلا آخر معناه ما منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه أخطأ”
قلت سيف: وهذا خلاف تقرير السندي والاثيوبي الهرري أنه سبه وأعتذر بعضهم لمعاوية أنه ظن أن له يدا في قتل عثمان. وما ورد صريحا أنه كان يسب في مجلسه فمنقطع فعبدالرحمن بن سابط لم يسمع سعد.
– فيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث بصق في عيني علي بن ابي طالب. والإخبار أن الله سيفتح عليه.
– شجاعة علي بن ابي طالب.
وورد في حديث مطول، فيه قصة مبارزته لمرحب
– علي وفاطمة وحسن وحسين من أخص أهله وليسوا هم كل أهله
– مشروعية اتخاذ الرايات في الحروب.
– ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أبا بكر فلم يفتح عليه ثم أعطى عمر فلم يفتح عليه ثم أعطاها عليا ففتح عليه لا يصح.
– التنافس على الخير.
– الإمارة على الجيوش منقبة. وكان كثيرا ما يولي النبي صلى الله عليه وسلم ابابكر كما في الحديث
—–
أما حديث: تارك فيكم ثقلين
قوله (أنا تارك فيكم ثقلين)
– فيه الثناء على الأستاذ كتقدمه قبل طلب التحديث.
– فضل الصحبة.
– فيه حرص الصحابة على ضبط الحديث وانهم لا يحدثون إلا بما حفظوا.
– المبادرة في طلب العلم وتبليغه قبل كبر السن لأنه مظنة النسيان.
– النصيحة للناس عند دنو الأجل.
– فضل العمل بكتاب الله.
– معرفة حق آل البيت.
تنبيه: أعلَّ العقيلي حديث (أنى تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي فإنهما لن يزالا جميعا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما) وحدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا محمد بن سعيد بن الاصبهاني قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم عرفة فقال في خطبته قد تركت فيكم ما لم تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم مسئولون عنى فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء ويكبها إلى الناس اللهم اشهد، وحديث جعفر بن محمد أولى ثم ذكر حديث أبي هريرة وفيه (كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض)
وراجع ترجمة هارون بن سعيد أيضا في الضعفاء
ومن صححه يحمله على أن معناه: إن عملتم بالقرآن واهتديتم بهدي عترتي العلماء العاملين لن تضلوا ومثلهم العلماء العاملين من غير العترة وإنما خص العترة؛ لأن التمسك بالعلماء منهم أقوى من غيرهم في التأثير بالقلوب (الفتح الرباني 1/ 186) ومن العترة ازواجه
وقيل المقصود بأهل البيت: العلماء العاملون قال ابوجعفر: العترة هم أهل بيته صلى الله عليه وسلم الذين هم على دينه وعلى التمسك بأمره
والحديث صححه الألباني وراجع تعليقه عليه
قال شيخ الاسلام في منهاج السنة النبوية ج7/ص318
والذي رواه مسلم انه بغدير خم قال إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله فذكر كتاب الله وحض عليه ثم قال: وعترتي أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا وهذا مما انفرد به مسلم ولم يروه البخاري وقد رواه الترمذي وزاد فيه (وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)
وقد طعن غير واحد من الحفاظ في هذه الزيادة وقال إنها ليست من الحديث والذين اعتقدوا صحتها قالوا إنما يدل على أن مجموع العترة الذين هم بنو هاشم لا يتفقون على ضلالة وهذا قاله طائفة من أهل السنة وهو من أجوبة القاضي أبي يعلى وغيره
جمع طرق هذا الحديث الحافظ ابن عقدة، ومن المتأخرين: ألف الشيخ أبو المنذر سامي بن أنور خليل جاهين المصري الشافعي رسالة بعنوان “الزهرة العطرة في حديث العترة”، جمع فيه مجموعة من طرقه ودرسها وشرحها، طبع بدار الفقيه بالقاهرة – مصر، عام 1996م.
قلت: ولم أقرأها
والحديق هو الشهير بحديث غدير خم
وابن عقدة متكلم فيه بأنه رافضي.
وقد وجدت كتابا بعنوان مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي 483 ه ط دار الآثار. وقد ملأه المؤلف بالأحاديث الموضوعة والمكذوبة. ومنه حديث لن يدخل الجنة إلا من كان معه براءة من علي.
والمحقق بذل جهد في تحقيقه
فقد ضعف أحاديث الإخوة بين النبي صلى الله عليه وسلم وعلي ص72 ونقل أن ابن كثير قال: أسانيدها كلها ضعيفة لا يقوم بشئ منها حجة البداية والنهاية.
وذكر أحاديث الخوارج وكان الذي قاتلهم علي بن أبي طالب ص 104
ونقل ص166 حديث كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا ما كان من سببي ونسبي وذكر المحقق أن الألباني صححه كما في الصحيحة 2036.
وذكر حديث لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق
وحديث علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي.
وذكر المحقق أن له طرقا … وهو في الصحيح المسند 1/ 209
شبهة كون علي أحق بالخلافة:
والحاصل: أنَّ حديث الثقلينِ جاء تارةً بالأمْر بالتمسُّك بالكتاب والسُّنَّة، وتارةً بالتمسُّك بالكتاب والعِترة، وتارةً أخرى بالتمسُّك بالكتاب والوصيةِ بأهلِ بيت النبيِّ صلَّى الله عليه وعليهم وسلَّمَ، وسمَّى الكتاب ثَقلًا، وجاء في بعض الروايات والطرق تسمية السُّنة ثَقلًا، وجاء في بعضها تسمية العِترة ثَقلًا.
أقوال العلماء في معنى الحديث:
1 – قال ابن قُدامة المقدسيُّ: (لا نسلِّم أنَّ المراد بالثقلين: القرآن، والعِترة، وإنَّما المراد: القرآن والسُّنة، كما في الرِّواية الأخرى: ((تركتُ فيكم أمرين لن تضلُّوا ما تمسَّكتم بهما: كتاب الله، وسُنَّة رسوله))، أخرجه مالكٌ في الموطأ ([39])، وإنَّما خصَّ – صلَّى الله عليه وسلَّمَ – العترةَ بالذِّكر؛ لأنَّهم أخبرُ بحاله صلَّى الله عليه وسلَّمَ) ([40]).
2 – وقال الألبانيُّ: (من المعروف أنَّ الحديث ممَّا يَحتجُّ به الشِّيعة، ويَلهجون بذلك كثيرًا، حنى يتوهَّم بعضُ أهل السُّنة أنهم مصيبون في ذلك، وهم جميعًا واهمون في ذلك، وبيانُه من وجهين:
الأوَّل: أنَّ المراد من الحديث في قوله صلَّى الله عليه وسلَّمَ: ((عِترتي)) أكثرُ ممَّا يريده الشِّيعة، ولا يردُّه أهلُ السُّنة، بل هم مستمسكون به، ألَا وهو أنَّ العترة فيه هم أهلُ بيته صلَّى الله عليه وسلَّمَ، وقد جاء ذلك موضَّحًا في بعض طرقه كحديث الترجمة: ((وعِترتي أهْل بيتي))، وأهل بيته في الأصل: هم نِساؤه صلَّى الله عليه وسلَّمَ، وفيهنَّ الصِّدِّيقةُ عائشةُ رضي الله عنهن جميعًا … ، وتخصيص الشِّيعة (أهل البيت) في الآية بعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، دون نِسائه صلَّى الله عليه وسلَّمَ من تحريفهم لآياتِ الله تعالى؛ انتصارًا لأهوائهم …
الوجه الآخَر: أنَّ المقصود من ((أهل البيت)) إنَّما هم العلماءُ الصالحون منهم، والمتمسِّكون بالكتاب والسُّنة؛ قال الإمام أبو جعفر الطحاويُّ رحمه الله تعالى: (العِترة: هم أهلُ بيتِه صلَّى الله عليه وسلَّمَ، الذين هم على دِينه، وكذلك المتمسِّكون بأمْره)).
قال ابن باز:
وأهل بيتي، أُذكِّركم الله في أهل بيتي، يعني بهم: زَوجاتِه، وقَراباتِه من بني هاشم, يُذكِّر الناس بالله في أهل بيته، بأن يَرفُقوا بهم, وأن يُحسنوا إليهم, ويكفُّوا الأذى عنهم, ويُوصوهم بالحقِّ, ويُعطوهم حقوقَهم ما داموا مستقيمين على دِينه، متَّبِعين لشريعته عليه الصَّلاة والسَّلام) ([51]).
وقال ابنُ كثير: (ولا تُنكَرُ الوصاةُ بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم، واحترامهم وإكرامهم؛ فإنَّهم من ذريَّة طاهرة، مِن أشرف بيت وُجد على وجه الأرض، فَخرًا وحسَبًا ونسَبًا، ولا سيَّما إذا كانوا متَّبِعين للسُّنة النبويَّة، الصَّحيحة الواضحة الجليَّة، كما كان عليه سلفُهم، كالعبَّاس وبنِيه، وعليٍّ وأهل بيتِه وذُريَّته، رضي الله عنهم أجمعين)
قال محققو مسند الإمام أحمد بن حنبل:
” قد ورد التصريح بأن المراد من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “وعترتي أهل بيتي” هو وجوب مراعاتهم ومحبتهم، واجتناب ما يسوؤهم، والاحتراز عما يؤذيهم، في حديث زيد بن أرقم عند مسلم ونصه: “وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي “، وما ورد مما يفهم منه وجوب الاقتداء بهم، والأخذ بأقوالهم والعمل بها، مثل قوله: ” لن تضلوا بعدهما “، أو: ” لن تضلوا إن اتبعتموهما “، فأسانيده ضعيفة لا يصلح الاحتجاج بها، وهذه التثنية: (بعدهما) (اتبعتموهما) من أوهام ضعفة الرواة، ويؤيد ذلك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خطبة حجة الوداع لم يذكر سوى وجوب الاعتصام بكتاب الله تعالى
على فرض أن ما صح من الأحاديث جاء فيها الأمر بالاتباع فماذا لو خالفتِ العترةُ كتابَ الله؟ مَن يجب علينا نتَّبع منهما؟!
لا شكَّ يجب أنْ نتبع كتابَ الله، ومَن شكَّ في ذلك، فقد كفَر!
إذن العِترة تابعةٌ لكتاب الله، وفي كتاب الله الأمرُ باتِّباع سُنَّة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ
مثل حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي
قوله: (ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده)
ذكر العلماء رحمهم الله تعالى في تحديد آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أقوالا، فمنهم من قال: أن أهل بيت النبي هم أزواجه وذريته وبنو هاشم وبنو عبد المطلب ومواليهم
وهو الراجح أن أزواجه يدخلن في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. لقول الله تعالى بعد أن أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
وكذلك بنو المطلب يدخلون: َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ ” رواه البخاري برقم 2907، والنسائي برقم 4067 وغيرهما.
ويدخل في آل البيت بنو هاشم بن عبد مناف، وهم آل علي، وآل عباس، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل الحارث بن عبد المطلب.
ومواليهم يدخلون معهم لما جاء عن مهران مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله عليه وسلم: ” إِنَّا آلُ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ ” رواه أحمد برقم 15152.
فيصبح آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم هم: أزواجه وذريته وبنو هاشم وبنو عبد المطلب ومواليهم، والله تعالى أعلم.
أما موالي أزواجه فلا يدخلن لحديث هو لها صدقة ولنا هدية. ولم تحرم على مواليهن لأن أزواجه دخلن في الآل ليس على سبيل الأصالة
أما الحديث الذي فيه تكنيته بأبي تراب:
ففيه ملاطفة الأصهار
وأن البيوت لا تخلو من مشاكل زوجية. لكنها عند المتحابين تزيدهم محبة.
وأن على الرجل أن يبتعد إذا غلب على ظنه أن هذا أفضل حتى تهدأ النفوس
وكون فاطمة تغضب ليس فيه نقص في حق علي بن أبي طالب.
بل مرة أغضبها أشد من ذلك حين أراد الزواج عليها.
وفي هذا الحديث رد على الرافضة الذين يقولون: إن الله غضب على أبي بكر عندما أغضب فاطمة
ويستدلون بحديث: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني. رواه البخاري.
وسبب ورود هذا الحديث ما رواه البخاري ومسلم عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول: إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن يُنكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، إلا أن يُحب ابن أبي طالب أن يُطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها.
فتبيّن أن المقصود بإغضاب فاطمة رضي الله عنها ما كان عن طريق الزواج عليها
قال ابن حجر رحمه الله: والسبب فيه ما تقدم في المناقب أنها كانت أصيبت بأمها ثم بأخواتها واحدة بعد واحدة، فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الأمر ممن تفضي إليه بسرها إذا حصلت لها الغيرة. انتهى
وكذلك كون أذية النبي صلى الله عليه وسلم لا تجوز بأي وجه.
———-
تتمات لفضائل علي بن ابي طالب من كتب السنة:
– قال سعد بن عبيدة: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان فذكر عن محاسن عمله قال: لعل ذاك يسوءك قال: نعم قال: فأرغم الله بأنفك، ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله قال هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لعل ذاك يسوءك قال: أجل قال: فأرغم الله بأنفك قال: انطلق فاجهد عليّ جهدك”.
– وروى البخاري رحمه الله تعالى بإسناده إلى البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: “أنت مني وأنا منك”
– ومن مناقبه الدالة على فضله دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسله لليمن وقال: “اللهم ثبت لسانه واهد قلبه” …..
من فضائله ادخال عمر له في الستة للخلافة.
– وقال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: “كان ابن عباس يقول: إذا جاءنا الثبت عن علي لم نعدل به”
قال أبو نعيم الأصبهاني رحمه الله تعالى في صدد عرضه الأقوال في أفضلية الأربعة الخلفاء فقال: “ومنهم من يقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين وذلك قول أهل الجماعة والأثر من رواة الحديث وجمهور الأمة”
=========
هذا ملخص لسيرته وفيها الرد على شبه أخرى يثيرها الرافضة:
علي بن ابي طالب:
هو أمير المؤمنين الإمام الكريم:
علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي،
أبو الحسن. رضي الله عنه وأرضاه.
كُنيته: أبو الحسن.
وكنّاه النبي صلى الله عليه وسلم: أبا تراب
مولده: وُلِد قبل البعثة بعشر سنين.
وتربّى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُفارقه.
فضائله: فضائله جمّة لا تُحصى
ومناقبه كثيرة.
ومن هنا قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: باب ذِكر شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ثم أطال رحمه الله في ذكر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه،
قال: فمن ذلك أنه أقرب العشرة المشهود لهم بالجنة نسبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ ابن حجر: وقد ولّد له الرافضة مناقب موضوعة، هو غنى عنها.
قال: وتتبع النسائي ما خُصّ به من دون الصحابة، فجمع من ذلك شيئا كثيراً بأسانيد أكثرها جياد.
وكتاب الإمام النسائي هو ” خصائص عليّ رضي الله عنه “.
وهذا يدلّ على محبة أهل السنة لعلي رضي الله عنه.
وأهل السنة يعتقدون محبة علي رضي الله عنه دين وإيمان.
وكثير مما ذكر النسائي هو ملخص هنا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
فمن فضائله رضي الله عنه:
أول الصبيان إسلاماً.
أسلم وهو صبي.
قال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه يوم غدير خم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا: بلى. قال: اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه. اللهم والِ من والاه، وعاد من عاد.
رواه الإمام أحمد وغيره.
وروى الإمام مسلم في فضائل علي رضي الله عنه قوله رضي الله عنه: والذي فلق الحبة، وبرأ النَّسَمَة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق.
روى عليّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً.
شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غزوة تبوك، فقال له بسبب تأخيره له بالمدينة: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي.
وهذا كان يوم تبوك خلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة، وموسى خلف هارون على قومه لما ذهب موسى لميعاد ربه.
وهو بَدري من أهل بدر، وأهل بدر قد غفر الله لهم.
وشهد بيعة الرضوان.
وهو من العشرة المبشرين بالجنة.
وهو من الخلفاء الراشدين المهديين فرضي الله عنه وأرضاه.
وهو زوج فاطمة رضي الله عنها، سيدة نساء العالمين.
وهو أبو السبطين الحسن والحسين، سيدا شباب أهل الجنة.
ولم يزل عليّ رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم متصديا لنشر العلم والفتيا.
اشتهر عليّ رضي الله عنه بالفروسية والشجاعة والإقدام.
بارز عليٌّ رضي الله عنه شيبة بن ربيعة فقتله عليّ رضي الله عنه، وذلك يوم بدر.
وكان أبو ذر رضي الله عنه يُقسم قسما إن هذه الآية (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) نزلت في الذين برزوا يوم بدر؛ حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة. رواه البخاري ومسلم.
وبارز مَرْحَب اليهودي يوم خيبر فقتله.
ومع شجاعته هذه فهو القائل: كُنا إذا احمرّ البأس، ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه. رواه الإمام أحمد وغيره.
فما أحد أشجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تواضعه رضي الله عنه:
قال عليّ رضي الله عنه: لا أوتي برجل فضلني على أبي بكر وعمر، إلا جلدته حد المفتري.
وقال محمد بن الحنفية: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول عثمان. قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين. رواه البخاري.
خوفه من الإمارة وتوجعه على قتل عثمان رضي الله عنه:
في تعليقنا على حديث 978 في الصحيح المسند … أخرج الحاكم رحمه الله في المستدرك ج3ص95: عن قيس بن عباد، قال: سمعت عليا يوم الجمل يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي وجاءوني للبيعة، فقلت: والله إني لأستحيي من الله أن أبايع قوما قتلوا رجلا قال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: «ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة»، وإني لأستحيي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا، فلما دفن رجع الناس فسألوني البيعة، فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزيمة فبايعت فلقد قالوا: يا أمير المؤمنين، فكأنما صدع قلبي، وقلت: اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى.
«هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»
قلت سيف: راجع لمزيد تعليقنا على الصحيح المسند فقد تكلمنا على معركة الجمل تحت حديث 955 وأن الصحابة لم يكونوا يريدون القتال. وفتنة مقتل عثمان وبراءة الصحابة منها. وخصوصا علي بن ابي طالب حيث أرسل ولديه تحت حديث 915. ولخصنا رسالة جامعية.
وقد نقل عبدالرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري الفتن التي حصلت وفيه طول ولولا الاختصار لنقلناه بأكمله.
ونقلنا ثناء أهل البيت على عثمان رضي الله عنه
ابتلاؤه رضي الله عنه:
ابتُلي رضي الله عنه من قبل أقوام ادّعوا محبّته، فقد ادّعى أقوام من الزنادقة أن علياً رضي الله عنه هو الله! فقالوا: أنت ربنا! فاغتاظ عليهم، وأمر بهم فحرّقوا بالنار، فزادهم ذلك فتنة وقالوا: الآن تيقنا أنك ربنا! إذ لا يعذب بالنار إلا الله.
لما رأيت الأمر أمراً منكراً *** أوقدت ناري ودعوت قنبرا.
قال الحافظ في الفتح: وهذا سند حسن.
قلت سيف: فيه شريك العامري إنما ترجم له أبوحاتم في الجرح والتعديل ولم يذكره بجرح ولا تعديل.
والذي قتل علياً رضي الله عنه، وهو الشقي التعيس (ابن ملجَم)
وقال رضي الله عنه في أهل الكوفة: اللهم إني قد مللتهم وملوني، وأبغضتهم وأبغضوني، وحملوني على غير طبيعتي وخلقي، وأخلاق لم تكن تعرف لي. اللهم فأبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً مني. اللهم أمِتْ قلوبهم موت الملح في الماء.
والكوفة هي موطن الشيعة الذين كانوا يدّعون محبته!
قلت سيف: اخفي سير أعلام النبلاء 3/ 144 معلقا
كلام جميل للحسن بن علي رضي الله عنهما:
لما حضرت الحسن بن على الوفاة قال للحسين: يا أخي إن أبانا رحمه الله تعالى لما قُبض رسول الله استشرف لهذا الأمر ورجا أن يكون صاحبه، فصرفه الله عنه، ووليها أبو بكر، فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوّف لها أيضا فصُرفت عنه إلى عمر، فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم، فلم يشك أنها لا تعدوه فصُرفت عنه إلى عثمان، فلما هلك عثمان بويع ثم نُوزع حتى جرّد السيف وطلبها فما صفا له شيء منها، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة، فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفه فأخرجوك.
إنصافه رضي الله عنه:
كان يقول: أني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله عز وجل: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ) رواه ابن أبي شيبة والبيهقي.
ولما سُئل عن أهل النهروان [من الخوارج] أمشركون هم؟ قال: من الشرك فرُّوا.
قيل: أفمنافقون؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا. فقيل: فما هم يا أمير المؤمنين؟ قال: إخواننا بَغَوا علينا، فقاتلناهم ببغيهم علينا. رواه ابن أبي شيبة والبيهقي.
علي رضي الله عنه والحِكمة:
كان علي رضي الله عنه واعظاً بليغاً مؤثراً، وكان ينطق بالحِكمة.
ولذلك عقد ابن كثير رحمه الله فصلا في البداية والنهاية فقال:
فصل في ذكر شيء من سيرته العادلة، وطريقته الفاضلة، ومواعظه وقضاياه الفاصلة، وخُطبه وحِكَمِهِ التي هي إلى القلوب واصلة.
ثم ساق تحت هذا الفصل طرفا من حِكم عليّ رضي الله عنه ومواعظه.
علي رضي الله عنه والشِّعر:
وكان علي رضي الله عنه شاعراً مُجيداً، وقد اتّسم شعره بالحكمة.
ومن شِعره:
إذا اشتملت على اليأس القلوب = وضاق بما به الصدر الرحيب
أتاك على قنوط منك غوث = يمن به القريب المستجيب
ومِن شِعره:
فلا تصحب أخا الجهل = وإياك وإياهُ
وقوله رضي الله عنه:
حقيق بالتواضع من يموت = ويكفى المرء من دنياه قوت
فما للمرء يصبح ذا هموم = وحرص ليس تدركه النعوت
صنيع ُمَلِيكِنا حَسَنٌ جميل = وما أرزاقه عنّا تفوت
زوجاته رضي الله عنه:
– سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها.
وولدت له الحسن والحسين، ويُقال: ومُحسناً، ويُقال: مات وهو صغير.
وولدت له من البنات: زينب الكبرى، وأم كلثوم الكبرى، وهي التي تزوجها عمر رضي الله عنه.
ولم يتزوّج علي رضي الله عنه على فاطمة رضي الله عنها حتى ماتت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر.
وقال ابن كثير:
وقد كان لعلى أولاد كثيرة آخرون من أمهات أولاد شتى، فإنه مات عن أربع نسوة وتسع عشرة سُرِّية رضى الله عنه، فمن أولاده رضي الله عنهم مما لا يعرف أسماء أمهاتهم أم هانئ وميمونة وزينب الصغرى ورملة الكبرى وأم كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأم الكرام وأم جعفر وأم سلمة وجمانة. اهـ.
أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية في فضل علي – رضي الله عنه منقول من بحث لأحد الأخوة:
وقد أكثرتُ من النقل من كتاب (منهاج السنة) لأنه عمدة الطاعنين والمتهمين للشيخ بأن فيه عبارات توخي بانحرافه عن علي – رضي الله عنه – أو توهم تنقصه له، فوددت أن أبين لهؤلاء أنهم قومٌ لم يفقهوا مقاصد الشيخ من عباراته لأنهم ينظرون بعين السُخط وعين العداوة في الدين ومثل هذه الأعين لا يُفلح صاحبها.
وأبدأ هذه المواضيع بذكر مجمل عقيدته – رحمه الله – في الصحابة نقلاً عن (العقيدة الواسطية) وهي عقيدته الشهيرة التي كتبها بيده ونافح عنها في حياته أمام أهل البدع.
قال رحمه الله: [ومن أصول أهل السنة والجماعة: سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله في قوله تعالى: (والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا انك رءوف رحيم) الحشر.
ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره، من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي الله عنهم، و استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي.
وإن كانت هذه المسألة – مسألة عثمان وعلي – ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة، لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة، وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ومن طعن في خلافة أحد هؤلاء فهو أضل من حمار أهله].
انتهى
وأما المواضع التي ذُكر فيها شيخ الإسلام فضل علي – رضي الله عنه – ودافع عنه:
فمن ذلك قوله – رحمه الله -:
[فضل عليّ وولايته لله وعلو منزلته عند الله معلوم، ولله الحمد، من طرق ثابتة أفادتنا العلم اليقيني، لا يحتاج معها إلى كذب ولا إلى ما لا يُعلم صدقه].
ومن ذلك قوله رحمه الله:
[وأما علي رضي الله عنه فلا ريب أنه ممن يحب الله ويحبه الله].
ومن ذلك قوله ـ رحمه الله ـ:
وكتب أهل السنة من جميع الطوائف مملوءة بذكر فضائله ومناقبه، وبذم الذين يظلمونه من جميع الفرق
ويقول – رحمه الله – مبيناً شجاعة علي – رضي الله عنه -:
[لا ريب أن علياً رضي الله عنه كان من شجعان الصحابة ..
ومن ذلك قوله:
[وأيضاً فأهل السنة يحبون الذين لم يقاتلوا علياً أعظم مما يحبون من قاتله، ويفضلون من لم يقاتله على من قاتله كسعد بن أبي وقاص، وأسامة بن زيد، ومحمد بن مسلمة، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم.
فهؤلاء أفضل من الذين قاتلوا علياً عند أهل السنة].
و يقول:
[معلوم أن الذين كانوا مع علي من الصحابة مثل: عمار وسهل بن حنيف ونحوهما كانوا أفضل من الذين كانوا مع معاوية].
المصدر: رسالة:
ثناء ابن تيمية رحمه الله
على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
وأهل البيت رحمهم الله
@@@@@@
قلت سيف: شبهه والرد عليها:
ورد عند النسائي: (ألا إنك لست نبيا بعدي إلا أنك خليفتي يعني في كل مؤمن بعدي قال: وسد أبواب المسجد غير باب علي ….. )
قالوا: يدل أنه أولى بالخلافة من أبي بكر وعمر؟
قال أحد الإخوة:
هذا اللفظ في «السنن الكبرى» للنسائي وه تحريف لا شك فيه، والحديث وقع في مصادر عدة هكذا: (إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي. قال: وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت وليي في كل مؤمن بعدي).
هكذا جاء في «مسند أحمد» (5/ 180/رقم 3061)، وفي «فضائل الصحابة» له (2/ 849/رقم 1168)، ومن طريقه الضياء المقدسي في «المختارة» (13/ 26/رقم 32)، والآجري في «الشريعة» (4/ 2021/رقم 1488)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (42/ 100).
فالذي يظهر أنه سقط على الناسخ أو المصحح ما وضعتُ تحته خط، فصار الكلام هكذا: (إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي وليي في كل مؤمن بعدي). فأصلح الكاتب اجتهاداً منه لفظة (وليي) إلى (يعني) إن لم تكن الكلمة تحرفت عليه. فصارت النتيجة ما ذكرتَه، والله تعالى أعلم.
قلت سيف: ليس تحريف لأنه ورد هكذا في الآحاد والمثاني. فلعل أبو بلج يضطرب فيه
فالحديث مدار إسناده على أبي بَلْجٍ الواسطي؛ واسمه يحيى بن سليم أو ابن أبي سليم، مشهورٌ بكنيته،
وثقه بعض الأئمة
لكن قال البخاري فيه نظر.
وقد أنكروا على أبي بلج هذا الحديث على وجه الخصوص؛ أنكره عليه الإمام أحمد في رواية الأثرم. نقل ذلك ابن الجوزي والذهبي في ديوان الضعفاء والسيوطي في اللآلئ
وذكر عبدالغني بن سعيد المصري الحافظ أن أبا بلج أخطأ في اسم عمرو بن ميمون هذا، وليس هو بعمرو بن ميمون الأودي المشهور، وإنما هو ميمون أبو عبدالله مولى عبدالرحمن بن سمرة، وهو ضعيف.
قال ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/ 688) بعد أن نقل كلام عبدالغني بن سعيد المصري:
«وهذا ليس ببعيد» اهـ.
وقبل ذلك قال: أبو بلج يروي عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منها حديث طويل في فضل علي.
انكرها الإمام أحمد في رواية الأثرم. وقيل له: عمرو بن ميمون يروي عند ابن عباس؟ قال: ما أدري ما أعلمه. انتهى من شرح العلل
وفي ضعفاء العقيلي: …. ومن حديثه ما حدثناه علي بن الحسين قال حدثنا النفيلي قال حدثنا مسكين بن بكير قال حدثنا شعبة عن أبي صالح عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالابواب كلها تسد إلا باب علي. ليس بمحفوظ من حديث شعبة، ورواه أبو عوانة عن ابن بلج ولا يصح عن أبي عوانة.
وفي جامع الترمذي: قال حديث غريب لا نعرفه عن شعبة بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه.
وذكر الذهبي هذا الحديث من مناكيره قال: ومن مناكيره عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بسد الأبواب إلا باب علي رضي الله عنه
وضعف الحديث الشيخ مقبل في تعليقه على المستدرك ونقل عن البخاري أنه قال في أبي بلج: فيه نظر.
ونقل محققو المسند بعد تضعيفهم للحديث أن شيخ الإسلام قال في المنهاج 5/ 34: وفيه ألفاظ هي كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقصة نوم علي بن ابي طالب في فراش النبي صلى الله عليه وسلم رويت في كتب السير وليس فيها إسناد قائم.
وقصة تأخر هجرة أبي بكر مخالفة لما وقع في الصحيح في أنهما خرجا معا من بيت أبي بكر أخرجه البخاري في صحيحه 3905
قال ابن كثير في السيرة: وقد حكى ابن جرير عن بعضهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق الصديق إلى غار ثور. وأمر عليا أن يدله على مسيره ليلحقه فلحقه أثناء الطريق وهذا غريب جدا وخلاف المشهور أنهما خرجا معا.
ثم ذكروا أنه لا يصح في سد الأبواب إلا باب علي حديث.
ونقل الذهبي في المنتقى من منهاج الاعتدال حديث انت وليي في كل مؤمن بعدي موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث
وباقي الحديث ليس هو من خصائصه مثل كونه يحب الله ورسوله واستخلافه على المدينة وكونه بمنزلة هارون من موسى.
ومثل كون براءة لا يبلغها إلا هاشمي اذ كانت العادة جارية بأنه لا ينقض العهود إلا رجل من قبيلة المطاع. انتهى
—–
حديث (سد الأبواب في المسجد إلا باب علي) له روايات لا تخلو أسانيدها من مقال، وردها ليس مبنياً على دعوى التعارض فحسب كما يُحاول أن يصوره بعض الناس، وإنما يقوم بالأساس على المطاعن في رواتها لسوء حفظهم أو عدم ضبطهم أو تهمتهم. وقد تصدى الحافظ ابن حجر في «القول المسدد» وفي «الفتح» للدفاع عن بعض تلك الروايات، لكن كما قال المعلمي رحمه الله تعالى في تعليقه على «الفوائد المجموعة» للشوكاني:
«وفي كلامه تسمح، والحق أنه لا تسلم رواية منها عن وهن!»
وقد أجاد الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في الكلام على هذه المسألة، فانظر ذلك مبسوطاً في «الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب» (ص 487 وما بعدها)، فسيفيدك إن شاء الله تعالى
وذكرنا في التعليق على الصحيح المسند 968 عن قيس بن عباد قال: قلت لعلي: أخبرنا عن مسيرك هذا، أعهد عهده إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم أم رأي رأيته؟ فقال: ما عهد إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، ولكنه رأيٌ رأيته.
أن عليا ليس بمعصوم فهو يجتهد فيخطأ ويصيب لكنه بين الأجر والأجرين. وان قتاله لم يكن بوحي. فلو كان بوحي لما تخلف عنه بعض الصحابة، ولما قاتله الآخرون.
وكذلك ذكرنا تحت حديث 1466 من الصحيح المسند
عن سعيد بن وهب قال نشد عليٌّ الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كنت مولاه فعليُّ مولاه.
الحديث اخرجه أحمد (23107) وقال محققو المسند: إسناده صحيح.
قال الحافظ فى ” الفتح ” 7/ 74: هو كثير الطرق جدا، و قد استوعبها ابن عقدة فى كتاب مفرد، و كثير من أسانيدها صحاح و حسان.
قال ابن تيمية الفتاوى (4/ 414)
يجب أن يعلم أولا أن التفضيل إذا ثبت للفاضل من الخصائص ما لا يوجد مثله للمفضول فإذا استويا وانفرد أحدهما بخصائص كان أفضل وأما الأمور المشتركة فلا توجب تفضيله على غيره. وإذا كان كذلك ففضائل الصديق – رضي الله عنه – التي تميز بها لم يشركه فيها غيره وفضائل علي مشتركة وذلك أن قوله: ” {لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا} وقوله: ” {لا يبقى في المسجد خوخة إلا سدت؛ إلا خوخة أبي بكر} وقوله: ” {إن أمن الناس علي في صحبته وذات يده أبو بكر} وهذا فيه ثلاث خصائص لم يشركه فيها أحد: (الأولى: أنه ليس لأحد منهم عليه في صحبته وماله مثل ما لأبي بكر. (الثانية: قوله: ” {لا يبقى في المسجد}. . . إلخ ” وهذا تخصيص له دون سائرهم
وقال ابن تيمية الفتاوى (4/ 418)
وقوله: ” {من كنت مولاه فعلي مولاه} فمن أهل الحديث من طعن فيه كالبخاري وغيره؛ ومنهم من حسنه فإن كان قاله فلم يرد به ولاية مختصا بها؛ بل ولاية مشتركة وهي ولاية الإيمان التي للمؤمنين والموالاة ضد المعاداة ولا ريب أنه يجب موالاة المؤمنين على سواهم ففيه رد على النواصب.
قال ابن تيمية رادا على من يطعن في الصحابة:
وأيضا فهؤلاء الذين نقلوا القرآن والإسلام وشرائع النبي صلى الله عليه وسلم وهم الذين نقلوا فضائل علي وغيره. فالقدح فيهم يوجب أن لا يوثق بما نقلوه من الدين، وحينئذ فلا تثبت فضيلة لا لعلي ولا لغيره، والرافضة جهال ليس لهم عقل ولا نقل ولا دين ولا دنيا منصورة، فإنه لو طلب منهم الناصبي الذي يبغض عليا ويعتقد فسقه أو كفره كالخوارج وغيرهم أن يثبتوا إيمان علي وفضله لم يقدروا على ذلك، بل تغلبهم الخوارج فإن فضائل علي إنما نقلها الصحابة الذين تقدح فيهم.
مناسبة حديث ” من كنت مولاه فهذا علي مولاه ”
لقد بعث النبي عليًّا أميرًا على جيشٍ إلى اليمن، فوقع بينه وبين بعض من معه من الجيش جفوة وخِلاف، وقد أكثروا من الشكوى منه عند النبي.
قال البيهقي بعد أن شكك في صحته: والمراد به: ولاء الإسلام ومودته، وعلى المسلمين أن يوالي بعضهم بعضا ولا يعادي بعضهم بعضا ” إهـ.
(فائدة): الحسن بن الحسن بن الحسن بن عليبن ابي طالب يرد على الرافضة:
قال الفضيل بن مرزوق: سمعت الحسن بن الحسن أخا عبدالله بن الحسن يقول لرجل ممن يغلو فيهم: ويحكم أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا، وإن عصينا الله فأبغضونا.
فقال له رجل: إنكم قرابة رسول الله وأهل بيته!
فقال: ويحك! لو كان الله مانعًا بقرابة من رسول الله أحدًا بغير طاعةِ الله لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا أبًا وأمًّا، والله إني لأخاف أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين، وإني لأرجو أن يؤتى المحسن منا أجره مرتين، ويلكم اتقوا الله وقولوا فينا الحق فإنه أبلغ فيما تريدون ونحن نرضى به منكم.
ثم قال: لقد أساء بنا آباؤنا إن كان هذا الذي تقولون من دين الله ثم لم يُطلِعونا عليه ولم يرغِّبونا فيه؟!!!
فقال له الرافضي: ألم يقل رسول الله عليه السلام لعلي: ” من كنت مولاه فعلي مولاه “؟!
فقال: أما والله أن لو يعني بذلك الإمرة والسلطان لأفصح لهم بذلك كما أفصح لهم بالصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت ولقال لهم: “أيها الناس هذا وليكم من بعدي”، فإن أنصح الناس كان للناس رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولو كان الأمر كما تقولون: إن الله ورسوله اختارا عليا لهذا الأمر والقيام بعد النبي عليه السلام، إنْ كان لأعظم الناس في ذلك خطيئةً وجُرْمًا إذْ تَرَك ما أمرَهُ به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يقوم فيه كما أمره أو يعذر فيه إلى الناس” إهـ.
أخرجه ابن سعد في (الطبقات) (5/ 319) واللفظ له، واللالكائي في (إعتقاد أهل السنة) (2690) وابن عساكر (13/ 67 – 68، 70) وإسناده حسن
=======
وكنا وعدنا بنقل كلام ابن تيمية حول تفضيل أبي بكر وعمر وعثمان على علي بن ابي طالب:
وهذا سؤال وجه لابن تيمية. … وذكر فضائل لأبي أبي بكر وعمر:
السؤال: وَسُئلَ رَحمَهُ اللَّه عن رجلين اختلفا.
فقال أحدهما: أبو بكر الصديق، وعمر ابن الخطاب رضي اللّه عنهما أعلم، وأفقه من على بن أبي طالب رضي اللّه عنه.
وقال الآخر: بل على بن أبي طالب أعلم، وأفقه من أبي بكر وعمر، فأي القولين أصوب؟ وهل هذان الحديثان: وهما قوله صلى الله عليه وسلم “أقْضَاكُم علي “، وقوله “أنا مدينة العلم، وعلي بابها ” صحيحان؟ وإذا كانا صحيحين، فهل فيهما دليل أن عليا أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهم أجمعين؟ وإذا ادعى مدع: أن إجماع المسلمين على أن عليا رضي اللّه عنه أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهم أجمعين يكون محقًا أو مخطئًا؟
الإجابة: الحمد للّه، لم يقل أحد من علماء المسلمين المعتبرين: أن عليّا أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر، بل ولا من أبي بكر وحده.
ومدعي الإجماع على ذلك من أجهل الناس، وأكذبهم بل ذكر غير واحد من العلماء إجماع العلماء على أن أبا بكر الصديق أعلم من علي: منهم الإمام منصور بن عبد الجبار السمعاني، المروذي أحد أئمة السنة من أصحاب الشافعي ذكر في كتابه:] تقويم الأدلة على الإمام [إجماع علماء السنة على أن أبا بكر أعلم من علي.
وما علمت أحدًا من الأئمة المشهورين ينازع في ذلك.
وكيف وأبو بكر الصديق كان بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم يفتي، ويأمر، وينهى، ويقضي، ويخطب؟!
وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يقدم في الشورى أبا بكر، وعمر.
كما في أسرى بدر.
وفي السنن عنه أنه قال “اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر”.
وفي صحيح مسلم أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا معه في سفر فقال “إن يطع القوم أبا بكر وعمر يرشدوا “.
كما روى أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عَلْقَمَة عن عمر قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يسمر عند أبي بكر في الأمر من أمور المسلمين وأنا معه.
وفي سفر الهجرة لم يصحبه غير أبي بكر، ويوم بدر لم يبق معه في العريش غيره وقال “إِنَّ أَمَنَّ الناس علينا في صُحْبَتِه وذات يده أبو بكر، ولو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلا “.
وهذا من أصح الأحاديث المستفيضة في الصحاح من وجوه كثيرة.
وفي الصحيحين عن أبي الدرداء قال: وذكر خصومة بين أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن اللّه بعثني إليكم، فقلتم: كذبت وقال: أبو بكر صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي، فهل أنتم تاركو لي صاحبي “.
فما أوذي بعدها قال البخاري: غامر: سبق بالخير.
وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: قال علي رضي الله عنه لعمر،: ما خلفت أحدًا أحب إلى أن ألقي اللّه عز وجل بعمله منك، وايم اللّه، إن كنت لأظن أن يجعلك اللّه مع صاحبيك.
وذلك أني كنت كثيرًا ما أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول “جئت أنا وأبوبكر وعمر، ودخلت أنا وأبوبكر وعمر، وخرجت أنا وأبوبكر وعمر، فإن كنت أرجو، أو أظن أن يجعلك اللّه معهما”.
وفي الصحيحين وغيرهما: “أنه لما كان يوم أحد قال أبو سفيان لما أصيب المسلمون: أفى القوم محمد؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ فلم يملك عمر نفسه أن قال: كذبت عدو اللّه! إن الذين عددت لأحياء، وقد بقى لك ما يسوؤك “. . . الحديث.
فهذا أمير الكفار في تلك الحال إنما سأل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبى بكر وعمر دون غيرهم؛ لعلمه بأنهم رؤوس المسلمين: النبي ووزيراه.
ولهذا سأل الرشيد مالك بن أنس عن منزلتهما من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته فقال: منزلتهما منه في حياته كمنزلتهما منه بعد مماته.
وكثرة الاختصاص، والصحبة، مع كمال المودة، والائتلاف، والمحبة، والمشاركة في العلم والدين، تقتضى أنهما أحق بذلك من غيرهما.
وهذا ظاهر بين لمن له خبرة بأحوال القوم.
أما الصِّدِّيق، فإنه مع قيامه بأمور من العلم والفقه عجز عنها غيره حتى بينها لهم لم يحفظ له قول مخالف نصًا.
هذا يدل على غاية البراعة، وأما غيره فحفظت له أقوال كثيرة خالفت النص؛ لكون تلك النصوص لم تبلغهم.
والذي وجد من موافقة عمر للنصوص أكثر من موافقة علىّ، وهذا يعرفه من عَرَف مسائل العلم، وأقوال العلماء فيها. وذلك مثل: نفقة المتوفى عنها زوجها: فإن قول عمر هو الذي وافق النص، دون القول الآخر، وكذلك [مسألة الحرام] قول عمر، وغيره فيها، هو الأشبه بالنصوص من القول الآخر، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “قد كان في الأمم قبلكم مُحَدَّثُون، فإن يكن في أمتي أحد فعمر “.
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “رأيت كأني أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الرِّيَّ يخرج من أظفاري ثم ناولت فضلي عمر فقالوا: ما أوَّلْتَه يا رسول اللّه؟ قال: العلم ” [مُحدَّثون: أي ملهمون والملْهَم: هو الذي يلقى في نفسه الشيء فيخبر به حدْسًا وفِراسة، وهو نوع يختص به الله عز وجل من يشاء من عباده]
وأيضًا فإن الصِّدِّيقَ استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على [الصلاة] التي هي عمود الإسلام، وعلى إقامة [المناسك] التي ليس في مسائل العبادات أشكل منها، وأقام المناسك قبل أن يحج النبي صلى الله عليه وسلم.
فنادى ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُرْيَان، فأردفه بعلي بن أبي طالب لينبذ العهد إلى المشركين، فلما لحقه قال: أمير، أو مأمور؟ قال: بل مأمور
وكتاب أبي بكر في الصدقات أجمع الكتب وأوجزها؛ ولهذا عمل به عامة الفقهاء.
وكتاب غيره فيه ما هو متقدم منسوخ، فدل ذلك على أنه أعلم بالسنة الناسخة. وفي الصحيحين عن أبي سعيد قال: وكان أبو بكر أعلمنا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
وأيضًا، فالصحابة في زمن أبي بكر لم يكونوا يتنازعون في مسألة إلا فصلها بينهم أبو بكر وارتفع النزاع، فلا يعرف بينهم في زمانه مسألة واحدة تنازعوا فيها إلا ارتفع النزاع بينهم بسببه، كتنازعهم في وفاته صلى الله عليه وسلم، ومدفنه، وفي ميراثه، وفي تجهيز جيش أسامة، وقتال مانعي الزكاة، وغير ذلك من المسائل الكبار، بل كان خليفة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيهم: يعلمهم، ويُقَوِّمهم، ويبين لهم ما تزول معه الشبهة، فلم يكونوا معه يختلفون.
وبعده لم يبلغ علم أحد وكماله علم أبي بكر وكماله؛ فصاروا يتنازعون في بعض المسائل.
كما تنازعوا في الجدَّ والإخوة، وفي الحرام، وفي الطلاق الثلاث، وفي غير ذلك من المسائل المعروفة مما لم يكونوا يتنازعون فيه على عهد أبي بكر، وكانوا يخالفون عمر، وعثمان، وعليًا في كثير من أقوالهم، ولم يعرف أنهم خالفوا أبا بكر في شيء مما كان يفتى فيه ويقضى.
وهذا يدل على غاية العلم.
وقام مقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأقام الإسلام؛ فلم يخل بشيء منه، بل أدخل الناس من الباب الذي خرجوا منه مع كثرة المخالفين من المرتدين وغيرهم، وكثرة الخاذلين، فكمل به من علمهم ودينهم ما لا يقاومه فيه أحد، حتى قام الدين كما كان.
وكانوا يسمون أبا بكر خليفة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
ثم بعد هذا سموا عمر وغيره أمير المؤمنين.
ومما يبين لك هذا أن أئمة علماء الكوفة: الذين صحبوا عمر وعليا كعلقمة، والأسود، وشُريْح القاضي، وغيرهم، كانوا يرجحون قول عمر على قول علي.
وكل شيعة عليّ الذين صحبوه لا يعرف عن أحد منهم أنه قدمه على أبي بكر وعمر، لا في فقه، ولا علم، ولا غيرهما؛ بل كل شيعته، الذين قاتلوا معه عدوه، كانوا مع سائر المسلمين، يقدمون أبا بكر وعمر، إلا من كان عليّ ينكر عليه ويذمه، مع قلتهم في عهد عليّ وخمولهم، كانوا ثلاث طوائف:
طائفة غلت فيه، كالتي ادعت فيه الإلهية، وهؤلاء حرقهم علىّ بالنار.
وطائفة كانت تَسُبُّ أبا بكر، وكان رأسهم عبد اللّه بن سبأ، فلما بلغ عليا ذلك طلب قتله، فهرب منه.
وطائفة كانت تُفَضِّلُه على أبي بكر وعمر، قال: لا يبلغني عن أحد منكم أنه فضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري.
وقد روى عن علي من نحو ثمانين وجها وأكثر أنه قال على منبر الكوفة: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر.
روى البخاري عن محمد بن كثير قال: حدثنا سفيان الثوري حدثنا جامع بن شَدَّاد، حدثنا أبو يعلى منذر الثوري، عن محمد ابن الحنفية قال: قلت لأبي: يا أبت، من خير الناس بعد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم؟ فقال: يا بني، أو ما تعرف؟! فقلت: لا فقال: أبو بكر قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر.
وهذا يقوله لابنه، الذي لا يتقيه، ولخاصته، ويتقدم بعقوبة من يفضله عليهما.
والمتواضع لا يجوز له أن يتقدم بعقوبة كل من قال الحق، ولا يجوز أن يسميه مفتريًا.
ورأس الفضائل العلم
—–
وأما قوله “أقضاكم عليّ “، لم يروه أحد من أهل الكتب الستة، ولا أهل المسانيد المشهورة، لا أحمد، ولا غيره بإسناد صحيح ولا ضعيف، وإنما يروى من طريق من هو معروف بالكذب، ولكن قال عمر بن الخطاب: أبيٌّ أقرؤنا، وعليٌّ أقضانا، وهذا قاله بعد موت أبي بكر.
والذي في الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت ” وليس فيه ذكر عليّ، والحديث الذي فيه ذكر علي مع ضعفه فيه أن معاذ بن جبل أعلم بالحلال والحرام، وزيد بن ثابت أعلم بالفرائض.
فلو قدر صحة هذا الحديث، لكان الأعلم بالحلال والحرام أوسع علمًا من الأعلم بالقضاء؛ لأن الذي يختص بالقضاء إنما هو فصل الخصومات في الظاهر مع جواز أن يكون الباطن بخلافه
وعلم الحلال والحرام يتناول الظاهر والباطن: فكان الأعلم به أعلم بالدين.
ثم باب من أبواب القضاء هو من أبواب الحلال والحرام، فإذا أفتاهما من يرضيان بقوله كفاهما ذلك، ولم يحتاجا إلى من يحكم بينهما.
و الحلال والحرام يحتاج إليه كل أحد من بَرٍّ وفاجر، وما يختص بالقضاء لا يحتاج إليه إلا قليل من الأبرار.
وقوله “أعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ” أقرب إلى الصحة باتفاق علماء الحديث من قوله “أقضاكم علي “؟!
مع أن الحديث الذي فيه ذكر معاذ وزيد يضعفه بعضهم، ويحسنه بعضهم.
وأما الحديث الذي فيه ذكر علي فإنه ضعيف.
—-
وأما حديث “أنا مدينة العلم ” فأضعف وأوهى؛ ولهذا إنما يعد في الموضوعات المكذوبات، وإن كان الترمذي قد رواه؛ ولهذا ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وبين أنه موضوع من سائر طرقه.
والكذب يعرف من نفس مَتْنِه، لا يحتاج إلى النظر في إسناده، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان (مدينة العلم) لم يكن لهذه المدينة إلا باب واحد، ولا يجوز أن يكون المبلغ عنه واحدًا، بل يجب أن يكون المبلغ عنه أهل التواتر الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب، ورواية الواحد لا تفيد العلم إلا مع قرائن، وتلك القرائن إما أن تكون منتفية؛ وإما أن تكون خفية عن كثير من الناس، أو أكثرهم فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنة المتواترة، بخلاف النقل المتواتر، الذي يحصل به العلم للخاص والعام.
وهذا الحديث إنما افتراه زنديق، أو جاهل، ظنه مدحًا، وهو مطرق الزنادقة إلى القدح في علم الدين إذا لم يبلغه إلا واحد من الصحابة.
ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر، فإن جميع مدائن المسلمين بلغهم العلم عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من غير طريق على رضى الله عنه أما أهل المدينة ومكة فالأمر فيهم ظاهر، وكذلك أهل الشام والبصرة، فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن على إلا شيئًا قليلًا، وإنما غالب علمه كان في أهل الكوفة، ومع هذا فقد كانوا تعلموا القرآن والسنة قبل أن يتولى عثمان، فضلا عن خلافة علي.
وكان أفقه أهل المدينة، وأعلمهم، تعلموا الدين في خلافة عمر، وقبل ذلك لم يتعلم أحد منهم من علي شيئًا إلا من تعلم منه لما كان باليمن، كما تعلموا حينئذ من معاذ ابن جبل.
وكان مقام معاذ بن جبل في أهل اليمن وتعليمه لهم أكثر من مقام علي وتعليمه؛ ولهذا روى أهل اليمن عن معاذ أكثر مما رووه عن علي، وشُرَيْح وغيره من أكابر التابعين إنما تفقهوا على معاذ.
ولما قدم علي الكوفة كان شريح قاضيا فيها قبل ذلك.
وعليّ وجد على القضاء في خلافته شريحًا وعبيدة السلماني، وكلاهما تفقه على غيره.
فإذا كان علم الإسلام انتشر في مدائن الإسلام بالحجاز، والشام، واليمن، والعراق، وخراسان، ومصر، والمغرب قبل أن يقدم إلى الكوفه، ولما صار إلى الكوفة عامة ما بلغه من العلم بلغه غيره من الصحابة، ولم يختص على بتبليغ شيء من العلم إلا وقد اختص غيره بما هو أكثر منه.
فالتبليغ العام الحاصل بالولاية، حصل لأبي بكر وعمر وعثمان منه أكثر مما حصل لعلي.
وأما الخاص فابن عباس كان أكثر فتيًا منه، وأبو هريرة أكثر رواية منه، وعلي أعلم منهما، كما أن أبا بكر وعمر وعثمان أعلم منهما أيضًا فإن الخلفاء الراشدين قاموا من تبليغ العلم العام بما كان الناس أحوج إليه مما بلغه من بلغ بعض العلم الخاص.
وأما ما يرويه أهل الكذب والجهل من اختصاص علي بعلم انفرد به عن الصحابة فكله باطل، وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قيل له: هل عندكم من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم شيء؟ فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يؤتية اللّه عبدًا في كتابه وما في هذه الصحيفة وكان فيها عقول الديات أي: أسنان الإبل التي تجب فيه الدية وفيها فكاك الأسير، وفيها: لا يقتل مسلم بكافر.
وفي لفظ: هل عهد إليكم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم شيئًا لم يعهده إلى الناس؟ فنفى ذلك.
إلى غير ذلك من الأحاديث عنه التي تدل على أن كل من ادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم خصه بعلم فقد كذب عليه.
وما يقوله بعض الجهال أنه شرب من غسل النبي صلى الله عليه وسلم فأورثه علم الأولين والآخرين، من أقبح الكذب البارد، فإن شرب غسل الميت ليس بمشروع، ولا شرب علي شيئًا، ولو كان هذا يوجب العلم لشركه في ذلك كل من حضر.
ولم يرو هذا أحد من أهل العلم
وكذلك ما يذكر: أنه كان عنده علم باطن امتاز به عن أبي بكر، وعمر، وغيرهما، فهذا من مقالات الملاحدة الباطنية، ونحوهم، الذين هم أكفر منهم، بل فيهم من الكفر ما ليس في اليهود، والنصارى، كالذين يعتقدون إلهيته، ونبوته، وأنه كان أعلم من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان معلمًا للنبي صلى الله عليه وسلم في الباطن، ونحو هذه المقالات، التي إنما يقولها الغلاة في الكفر والإلحاد.
واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية – المجلد الرابع (العقيدة)
————
وسأل شيخ الإسلام:
1019 – 8 – مسألة: عن قول الشيخ أبي محمد عبد الله بن أبي زيد في آخر عقيدته: وأن خير القرون القرن الذي رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا به ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فما الدليل على تفضيل أبي بكر على عمر وتفضيل عمر على عثمان وعثمان على علي فإذا تبين ذلك فهل تجب عقوبة من يفضل المفضول على الفاضل أم لا بينوا لنا ذلك بيانا مبسوطا مأجورين إن شاء الله تعالى
الجواب: الحمد لله رب العالمين وأما تفضيل أبي بكر ثم عمر على عثمان وعلي فهذا متفق عليه بين أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة في العلم والدين من الصحابة والتابعين وتابعيهم وهو مذهب مالك وأهل المدينة والليث بن سعد وأهل مصر والأوزاعي وأهل الشام وسفيان الثوري وأبي حنيفة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وأمثالهم من أهل العراق وهو مذهب الشافعي وأحمد وإسحق وأبي عبيد وغير هؤلاء أئمة الإسلام الذين لهم لسان صدق في الأمة
وحكى مالك إجماع أهل المدينة على ذلك فقال: ما أدركت أحدا ممن اقتدي به يشك في تقديم أبي بكر وعمر وهذا مستفيض عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب …..
ثم ذكر ما سبق أن نقلناه في باب فضائل أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما
ومما ذكر:
وكان سفيان يقول من فضل عليا على أبي بكر فقد أزرى بالمهاجرين وما أرى أنه يصعد له إلى الله عمل وهو مقيم على ذلك
وفي الترمذي وغيره روى هذا التفضيل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال: [يا علي هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين]
وكذلك في الصحيح: أنه قال لعائشة [ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس من بعدي] ثم قال [يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر]
ثم ذكر آيات وأحاديث في فضل الصحابة وقال:
وهذه الأحاديث مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون فالقدح فيهم قدح في القرآن والسنة ولهذا تكلم الناس في تكفير الرافضة بما قد بسطناه في غير هذا الموضع والله سبحانه