432 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: أحمد بن علي وسلطان الحمادي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد ومحمد سيفي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
432 – قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 7 ص 115): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ الْبَصْرِيُّ أخبرَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ التَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «يُؤْتَى بِالْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ اللهُ لَهُ أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعًا وَبَصَرًا وَمَالًا وَوَلَدًا وَسَخَّرْتُ لَكَ الْأَنْعَامَ وَالْحَرْثَ وَتَرَكْتُكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ فَكُنْتَ تَظُنُّ أَنَّكَ مُلَاقِي يَوْمَكَ هَذَا قَالَ فَيَقُولُ لَا فَيَقُولُ لَهُ الْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.
قال أبو عبد الرحمن: هو حديث حسنٌ.
_______
[حكم الألباني]: صحيح. الترمذي 2428
قال الأرنؤوط:
حديث صحيح، وأخرجه مطولًا من حديث أبي هريرة وحده مسلم (2968). وهو في “صحيح ابن حبان” (4642).
وأخرجه مختصرًا أحمد في “المسند” (10378)، وابن حبان (7367) من حديث أبي هريرة وحده أيضًا.
ومعنى ترأس: أي تكون رئيس القوم وكبيرهم.
وتربع: تأخذ المرباع الذي كان يأخذه رئيس القوم من الغنيمة وهو ربعها
[سنن الترمذي 4/ 426]
بوب عليه الترمذي:
بَابُ مَا جَاءَ فِي العَرْضِ
وقال الترمذي:
ومَعْنى قَوْلهِ: اليَوْمَ أنْساكَ كما نسيتني”: اليَوْمَ أترُكُكَ في العَذَابِ.
وكذا فَسَّرَ بَعْضُ أهْلِ العلمِ هذه الآية {فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ} [الأعراف: 51] قالُوا: مَعْناهُ: اليَوْمَ نَتْرُكُهمْ في العَذَابِ
بوب عليه ابن خزيمة:
بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ الشَّافِي لِصِحَّةِ مَا تَرْجَمْتُهُ لِلْبَابِ قَبْلَ هَذَا إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُكَلِّمُ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَقْرِيرًا وَتَوْبِيخًا وَذِكْرِ إِقْرَارِ الْكَافِرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِكُفْرِهِ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ إِقْرَارُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَظُنُّ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُ مُلَاقٍ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ غَيْرَ مُؤْمِنٍ فِي الدُّنْيَا، غَيْرَ مُصَدِّقٍ بِأَنَّهُ مُلَاقٍ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَكَافِرٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ وَذِكْرِ دَعْوَى الْمُنَافِقِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ: أَنَّهُ كَانَ مُؤْمِنًا بِرَبِّهِ، عز وجل، وَبِنَبِيِّهِ وَبِكِتَابِهِ، صَائِمًا وَمُصَلِّيًا، مُزَكِّيًا فِي الدُّنْيَا، وَإِنْطَاقِ اللَّهِ عز وجل فَخِذَ الْمُنَافِقِ وَلَحْمَهُ وَعِظَامَهُ لِمَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الدُّنْيَا تَكْذِيبًا لِدَعْوَاهُ بِلِسَانِهِ
[التوحيد لابن خزيمة 1/ 368]
بوب عليه مقبل في الجامع:
41 – الإيمان بالبعث
163 – قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}
بوب عليه الأعظمي:
38 – باب ما جاء في كلام اللَّه تعالى بأنه يُسْمَعُ ويكون بحرف وصوت
[الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل المرتب على أبواب الفقه 1/ 331]
في صحيح مسلم:
16 – (2968) حدثنا محمد بن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: «هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة، ليست في سحابة؟» قالوا: لا، قال: «فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر، ليس في سحابة؟» قالوا: لا، قال: ” فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم، إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، قال: فيلقى العبد، فيقول: أي فل ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى، قال: فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتني، ثم يلقى الثاني فيقول: أي فل ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس، وتربع، فيقول: بلى، أي رب فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتني، ثم يلقى الثالث، فيقول له مثل ذلك، فيقول: يا رب آمنت بك، وبكتابك، وبرسلك، وصليت، وصمت، وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول: هاهنا إذا، قال: ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك، ويتفكر في نفسه: من ذا الذي يشهد علي؟ فيختم على فيه، ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله، وذلك ليُعْذِر من نفسه، وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله عليه ”
قال الإمام أحمد:
شك الزنادقة في قوله: {الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}
وأما قول الله للكفار:
{الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [الجاثية: 34].
وقال في آية أخرى: {فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} [طه: 52].
فشكُّوا في القرآن2.
أما قوله: {الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} يقول: نترككم في النار {كَمَا نَسِيتُمْ} كما تركتم العمل للقاء يومكم هذا
[الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد ت صبري ص89]
وَهَذَا النِّسْيَانُ ضِدُّ ذَلِكَ الذِّكْرِ وَفِي الصَّحِيحِ فِي حَدِيثِ الْكَافِرِ يُحَاسِبُهُ قَالَ: {أَفَظَنَنْت أَنَّك مُلَاقِيَّ؟ قَالَ: لَا. قَالَ فَالْيَوْمَ أَنْسَاك كَمَا نَسِيتنِي} فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ أَهْلَ طَاعَتِهِ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ أَيْضًا وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ خَلَقَ هَذَا الْعَبْدَ وَعَلِمَ مَا سَيَعْمَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَهُ وَلَمَّا عَمِلَ عَلِمَ مَا عَمِلَ وَرَأَى عَمَلَهُ فَهَذَا النِّسْيَانُ لَا يُنَاقِضُ مَا عَلِمَهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حَالِ هَذَا.
مجموع الفتاوى (6) / (489) — ابن تيمية
قال ابن تيمية:
قوله: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} ولأن الرؤية أعظم الكرامة والنعيم والكفار لا حظ لهم في ذلك.
وقالت طوائف من أهل الحديث والتصوف: بل يرونه ثم يحتجب كما دل على ذلك الأحاديث الصحيحة التي في الصحيح وغيره من حديث أبي سعيد وأبي هريرة وغيرهما مع موافقة ظاهر القرآن قالوا وقوله: {لمحجوبون} يشعر بأنهم عاينوا ثم حجبوا ودليل ذلك قوله: {إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} فعلم أن الحجب كان يومئذ. فيشعر بأنه يختص بذلك اليوم وذلك إنما هو في الحجب بعد الرؤية. فأما المنع الدائم من الرؤية فلا يزال في الدنيا والآخرة
قالوا: ورؤية الكفار ليست كرامة ولا نعيما؛ إذ ” اللقاء ” ينقسم إلى لقاء على وجه الإكرام ولقاء على وجه العذاب فهكذا الرؤية التي يتضمنها اللقاء. ومما احتجوا به الحديث الصحيح حديث سفيان بن عيينة حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة: {هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟} وقد روى مسلم وأبو داود وأحمد في المسند وابن خزيمة في التوحيد وغيره قال: {قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضارون في رؤية الشمس ليست في سحابة؟ قالوا: لا. قال: والذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما. قال: فيلقى العبد فيقول: أي فل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. يا رب: قال فيقول: فظننت أنك ملاقي. فيقول: لا. فيقول: فإني أنساك كما نسيتني. ثم قال يلقى الثاني فيقول له: مثل ذلك. فيقول: أي رب آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع. فيقول: هاهنا إذاض. قال: ثم يقال الآن نبعث شاهدنا عليك ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي فيختم على فيه ويقال لفخذه انطقي؛ فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل فذلك المنافق ليعذر من نفسه وذلك الذي يسخط الله عليه وتمام الحديث قال: ثم ينادي مناد ألا تتبع كل أمة ما كانت تعبد فتتبع الشياطين والصليب أولياؤهم إلى جهنم وبقينا أيها المؤمنون فيأتينا ربنا فيقول: ما هؤلاء؟ فنقول: من عباد الله المؤمنين آمنا بربنا ولم نشرك به شيئا وهو ربنا تبارك وتعالى وهو يأتينا وهو يثبتنا وهو ذا مقامنا حتى يأتينا ربنا فيقول: أنا ربكم. فيقول: انطلقوا. فننطلق حتى نأتي الجسر وعليه كلاليب من نار تخطف عند ذلك حلت الشفاعة لي اللهم سلم اللهم سلم فإذا جاوزوا الجسر فكل من أنفق زوجا من المال في سبيل الله مما يملك فتكلمه خزنة الجنة تقول: يا عبد الله يا مسلم هذا خير.
فقال: أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله إن هذا عبد لا توى عليه يدع بابا ويلج من آخر؟ فضرب كتفه وقال: إني أرجو أن تكون منهم} قال سفيان بن عيينة حفظته أنا وروح بن القاسم وردده علينا مرتين أو ثلاثا. وسئل سفيان عن قوله: {ترأس وتربع} فقال كان الرجل إذا كان رأس القوم كان له الرباع وهو الربع. {وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم؛ حيث قال يا رسول الله إني على دين قال: أنا أعلم بدينك منك إنك مستحل الرباع ولا يحل لك}. وهذا الحديث معناه في الصحيحين وغيرهما من وجوه متعددة يصدق بعضها بعضا؛ وفيه أنه سئل عن الرؤية فأجاب بثبوتها ثم أتبع ذلك بتفسيره وذكر أنه يلقاه العبد والمنافق وأنه يخاطبهم. وفي حديث أبي سعيد وأبي هريرة {أنه يتجلى لهم في القيامة مرة للمؤمنين والمنافقين بعد ما تجلى لهم أول مرة ويسجد المؤمنون دون المنافقين} وقد بسط الكلام على هذه المسألة في غير هذا الموضع
[مجموع الفتاوى 6/ 466]
الرواية التي ذكرها ابن تيمية هي في مسند الحميدي (1212)
(1212) – حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ …..
فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحِمُهُ وَعِظَامُهُ، بِعَمَلِهِ مَا كَانَ، وَذَلِكَ لِيُعْذَرَ مِنْ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ، وَذَلِكَ الَّذِي يَسْخَطُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: أَلَا لِتَتْبَعْ كُلُّ أُمَّةٌ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَتَتَبْعُ الشَّيَاطِينَ وَالصُّلُبَ أَوْلِيَاؤُهُمْ إِلَى جَهَنَّمَ، قَالَ: وَبَقِينَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنِينَ، فَيَاتِيَنَا رَبُّنَا وَهُوَ رَبُّنَا، وَهُوَ يُثِيبُنَا، فَيَقُولُ: عَلَامَ هَؤُلَاءِ؟ فَيَقُولُونَ: نَحِنُ عِبَادُ اللَّهِ الْمُؤْمِنِونَ، آمَنَّا بِاللَّهِ، لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَهَذَا مُقَامُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، وَهُوَ رَبُّنَا، وَهُوَ يُثِيبُنَا، قَالَ: ثُمَّ يَنْطَلِقُ حَتَّى يَأْتِيَ الْجِسْرَ وَعَلَيْهِ كَلَالِيبُ مِنْ نَارٍ تَخْطِفُ النَّاسَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ حَلَّتِ الشَّفَاعَةُ: أَيِ اللَّهُمَّ سَلِّمْ، أَيِ اللَّهُمَّ سَلِّمْ، فَإِذَا جَاوَزُوا الْجِسْرَ فَكُلُّ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجًا مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ مِنَ الْمَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَكُلُّ خَزَنَةِ الْجَنَّةِ يَدْعُوهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ يَا مُسْلِمُ هَذَا خَيْرٌ، فَتَعَالَ»، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لَا تَوَى عَلَيْهِ يَدَعُ بَابًا وَيَلِجُ مِنْ آخَرَ، قَالَ: فَضَرَبَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ»
مسند الحميدي (2) / (298) — الحميدي، أبو بكر (ت (219))
وهي في مستخرج أبي عوانة قال المحقق:
أخرجه مسلم في صحيحه (الزهد (4) / (2279) رقم (16)) من طريق محمد بن أبي عمر عن سفيان به.
فائدة الاستخراج: زيادة في متن الحديث -جاءت من طريق المصنف- من قوله» ثم ينادي منادٍ …. إلى آخره.
وهذه الزيادة إسنادها صحيح، والحميدي من أوثق أصحاب ابن عيينة، (انظر التقريب صـ (303))، وقد أخرج هذه الزيادة في مسنده ((2) / (496) رقم (1178))، وكذلك أخرجها ابن خزيمة (التوحيد (1) / (373) رقم (221)) من طريق عبد الله بن محمد الزهري، عن سفيان به. انتهى
وتوبع عليها الحميدي ففي السنة لعبدالله بن الإمام أحمد (422) – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ أَمْلَاهُ عَلَيْنَا إِمْلَاءً، نا سُفْيَانُ به فذكره مع الزيادة
وكذلك في التوحيد لابن خزيمة
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ به مع الزيادة
وكذلك عند ابن حبان
(4623) – أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعَهُ رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ مَعِي مِنْ سُهَيْلٍ به مع الزيادة وفي آخره قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: أَمْلَاهُ عَلَيَّ سُفْيَانُ إملاء
وفي شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي
(2197) – أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّاوِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، قَالَا: أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
وفي مسند أبي هريرة لأبي إسحاق العسكري
(99) – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ به مع الزيادة
قال ابن القيم:
وقد زعم طائفة من المفسرين: أن هذا الخطاب خاص بالكفار وهم المسؤولون عن النعيم، وذكروا ذلك عن الحسن ومقاتل، واختار الواحدي ذلك، واحتج بحديث أبي بكر لما نزلت هذه الآية: قال يا رسول اللَّه: “أرأيت أكلة أكلتها معك في بيت أبي الهيثم بن التيّهان من خبز شعير ولحم وبسر قد ذَنَّب وماء عذب، أتخاف علينا أن يكون هذا من النعيم الذي نُسأل عنه؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: “إنما ذلك للكافر”، ثم قرأ: {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (1)} [سبأ: 17].
قال الواحدي: والظاهر يشهد لهذا القول؛ لأن السورة كلها خطاب للمشركين وتهديد لهم. والمعنى أيضًا يشهد لهذا وهو أن الكفار لم يؤدوا حق النعيم عليهم حيث أشركوا به وعبدوا غيره، فاستحقوا أن يسألوا عما أنعم به عليهم توبيخًا لهم، هل قاموا بالواجب فيه أم ضيعوا حق النعمة؟ ثم يعذبون على ترك الشكر بتوحيد المنعم.
قال: وهذا معنى قول مقاتل، وهو قول الحسن قال: لا يُسأل عن النعيم إلا أهل النار.
قلت: ليس في اللفظ ولا في السنة الصحيحة ولا في أدلة العقل ما يقتضي اختصاص الخطاب بالكفار، بل ظاهر القرآن وصريح السنة والاعتبار يدل على عموم الخطاب لكل من اتصف بإلهاء التكاثر له، فلا وجه لتخصيص الخطاب ببعض المتصفين بذلك.
ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم عند قراءة هذه السورة: “يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت. . . ” الحديث وهو في صحيح مسلم.
وقائل ذلك قد يكون مسلمًا وقد يكون كافرًا.
ويدل عليه الأحاديث التي تقدمت، وسؤال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وفهمهم العموم حتى قالوا له: “وأيّ نعيم نُسأل عنه؟ وإنما هما الأسودان”
فلو كان الخطاب مختصًّا بالكفار لبيّن لهم ذلك وقال: ما لكم ولها إنما هي للكفار.
فالصحابة فهموا التعميم، والأحاديث صريحة في التعميم، والذي أُنزل عليه القرآن أقرّهم على فهم العموم.
وأما حديث أبي بكر الذي احتج به أرباب هذا القول فحديث لا يصح.
والحديث الصحيح في تلك القصة يشهد ببطلانه ونحن نسوقه بلفظه، ففي “صحيح مسلم” عن أبي هريرة قال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال: “ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ ” قالا: الجوع يا رسول اللَّه، قال: “وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما، قُومًا” فقاما معه فأتى رجلًا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته امرأته قالت: مرحبًا وأهلًا. فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: “وأين فلان؟ ” قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ثم قال: الحمد للَّه، ما أحد اليوم أكرم أضيافًا مني قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال: كلوا من هذا، وأخذ المُدية، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: “إياك والحلوب”، فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: “والذي نفسي بيده لَتُسْألُنّ عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوعُ، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم”
فهذا الحديث الصحيح صريح في تعميم الخطاب وأنه غير مختص بالكفار.
وأيضًا، فالواقع يشهد بعدم اختصاصه، وأن الإلهاء بالتكاثر واقع من المسلمين كثيرًا، بل أكثرهم قد ألهاه التكاثر (1).
وخطاب القرآن عام لمن بلغه، وإن كان أول من دخل فيه المعاصرون لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فهو متناول لمن بعدهم، وهذا معلوم بضرورة الدين وإن نازع فيه من لا يُعتد بقوله من المتأخرين، فنحن اليوم ومن قبلنا ومن بعدنا داخلون تحت قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] ونظائره، كما دخل تحته الصحابة بالضرورة المعلومة من الدين.
فقوله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] خطاب لكل من اتصف بهذا الوصف، وهم في الإلهاء والتكاثر درجات لا يحصيها إلا اللَّه.
فإن قيل: فالمؤمنون لم يلههم التكاثر ولهذا لم يدخلوا في الوعيد المذكور لمن ألهاه.
قيل: هذا هو الذي أوجب لأرباب هذا القول تخصيصه بالكفار؛ لأنه لم يمكنهم حمله على العموم، ورأوا أن الكفار أحق بالوعيد فخصّوه بهم.
وجواب هذا: أن الخطاب للإنسان من حيث هو إنسان على طريقة القرآن في تناول الذم له من حيث هو إنسان كقوله: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: 11]، {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} [الإسراء: 100]. {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)} [العاديات: 6]. {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72]. {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ} [الحج: 66]. ونظائره كثيرة.
فالإنسان من حيث هو عار عن كل خير من العلم النافع والعمل الصالح، وإنما اللَّه سبحانه هو الذي يكمله بذلك ويعطيه إياه وليس له ذلك من نفسه، بل ليس له من نفسه إلا الجهل المضاد للعلم، والظلم المضاد للعدل، وكل علمٍ وعدلٍ وخيرٍ فيه فمن ربه لا من نفسه.
فإلهاء التكاثر طبيعة العبد وسجيّته التي هي له من نفسه، ولا خروجَ له عن ذلك إلا بتزكية اللَّه له وجعله مريدًا للآخرة مُوثرًا لها على التكاثر بالدنيا، فإن أعطاه ذلك وإلا فهو مُلتَهٍ بالتكاثر في الدنيا ولا بدّ.
وأما احتجاجه بالوعيد على اختصاص الخطاب بالكفار فيُقال: الوعيد المذكور مشترك، وهو العلم عند معاينة الآخرة، وهذا أمر يحصل لكل أحد لم يكن حاصلًا له في الدنيا.
وليس في قوله: {سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3)} [التكاثر: 3] ما يقتضي دخول النار فضلًا عن التخليد فيها.
وكذلك رؤية الجحيم لا يستلزم دخولها لكل من رآها، فإن أهل الموقف يرونها ويشاهدونها عيانًا، وقد أقسم الرب تبارك وتعالى أنه لا بد أن يَرِدَها الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، فليس في جملة من جمل هذه السورة ما ينفي عموم خطابها.
نموأما ما ذُكر عن الحسن أنه لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار فباطل قطعًا، إما عليه وإما منه، والأحاديث الصحيحة الصريحة ترده، وباللَّه التوفيق
[عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين ص364]
قال ابن كثير:
وثبت في “الصحيحين” [كما سيأتي] من حديث [خَيثمة، عن] عَدِيِّ بن حاتم؛ أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: “ما منكم من أحد إلّا سَيُكلِّمُهُ رَبُّه لَيْسَ بينه وبينَه تَرْجُمان”، “فيَلْقَى الرَّجُلَ فيقول: ألَمْ أُكْرِمْك؟ ألم أزوِّجْكَ، ألم أسَخِّر لكَ الخَيْلَ والإبل، وأذَرْكَ تَرأسُ وَتَربعُ؟ فيقول: بلَى، فيقول: أظننْتَ أنّكَ مُلاقيَّ؟ فيقول: لا، فيقول: الْيَوم أنساكَ كما نسيتني”، فهذا فيه التصريح العظيم في تكليم اللَّه تعالى، ومخاطبته لعَبْده الكافر.
وأما العُصاةُ، ففي حديث ابن عمر [الذي في “الصحيحين”] حديث النجوى كما سيأتي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: “يُدْني اللَّهُ العَبْد يوم القيامة حتّى يَضع عليهِ كَنَفهُ، ثم يُقرِّرُه بذُنُوبه، فيقول: عَمِلْتَ في يوم كذا كذا وكذا [وفي يوم كذا كذا وكذا]، فيقول: نعم، يا ربّ، حتى إذا ظَنَّ أنّه قد هلك، قال اللَّه تعالى: إني قد سَتَرْتُها عَلَيْكَ في الدُّنْيا، وأنا أغْفرُها لَكَ اليوم”
[البداية والنهاية 17/ 277]
قال الإتيوبي:
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 – (منها): إثبات رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة، وهو مجمَع عليه بين أهل السُّنّة، دلّ عليه الكتاب، والسنن الصحيحة
قال الراجحي:
في هذه الأحاديث: إثبات رؤية الله عز وجل، وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم.
وفيها: التصريح بأن الرؤية بالأبصار؛ ولهذا ((قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ لَيْسَتْ فِي سَحَابَةٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ فِي سَحَابَةٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ، إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا)).
وفيها: الرد على الجهمية، والمعتزلة الذين أنكروا رؤية الله عز وجل.
والمعتزلة: فسروا الرؤية بالعلم، فقالوا: إن الرؤية في الحديث مثل الرؤية في قوله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل}، أي: ألم تعلم، وهذا تأويل فاسد؛ لأن الرؤية تأتي بمعنى العلم، وتأتي بمعنى الرؤية بالبصر، لكن لا بد من قرينة توضح ذلك.
أما الأشاعرة: فأثبتوا الرؤية، لكن أنكروا الجهة، وقالوا بأن الله يرى لا في جهة، أرادوا بهذا أن يكونوا مع أهل السنة من جهة كونه سبحانه وتعالى يُرى، لكنهم نفوا الجهة حتى يكونوا مع المعتزلة، فصاروا مذبذبين، لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، فعجزوا عن ذلك، فلجؤوا إلى حجج السفسطائية.
وقولهم: يُرى لا في جهة، لا فوق ولا تحت، ولا أمام ولا خلف، ولا يمين ولا شمال، هذا غير معقول وغير متصوَّر؛ ولهذا أنكر عليهم جماهير العقلاء، وسخروا من قولهم، وقالوا: إن إثبات الرؤية من دون مقابلة لا معنى له، بل هو باطل عند جميع العقلاء …
وفيها: دليل على أن الله تعالى يخاطب الإنسان بدون واسطة، ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر-: ((مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، وَلا حِجَابٌ يَحْجُبُهُ))
وقوله: ((فَيَقُولُ: بَلَى أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ: أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي))، أي: هل عندك يقين وايمان بالبعث، والجزاء، والحساب؟ فيقول: لا، فيقول الله عز وجل له: اليوم أتركك في العذاب، وأعاملك معاملة المنسيِّ جزاءً وفاقًا، قال الله تعالى: {فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون}.
والظن هنا بمعنى: اليقين، كما قال الله تعالى- في حق المؤمنين-: {الذي يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون} أي: يتيقنون.
وفيمن يرى الله في الموقف ثلاثة أقوال:
الأول: إن أهل الموقف يرون الله تعالى، مؤمنهم، وكافرهم، ثم يحتجب عن الكفرة.
الثاني: لا يراه إلا المؤمنون، والمنافقون.
الثالث: لا يراه إلا المؤمنون خاصة.
وهذا الحديث قد يُحْتَجُّ به على أن الكفار يرون الله تعالى، وتكون رؤيتهم له سبحانه وتعالى عذابًا، قالوا: مثل رؤية السارق للقاضي، أو الأمير، ما تزيده إلا وبالًا
[توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم 8/ 394]
2 – (ومنها): استحباب ضرب المَثَل لإيضاح المسألة.
3 – (ومنها): إثبات سؤال الله عز وجل عباده عن أداء شكر ما أنعم به عليهم، كما قال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)} [الحجر: 92، 93].
4 – (ومنها): إثبات شهادة الأعضاء على ما فعله العبد، وقد جاء هذا في آيات كثيرة، كقوله عز وجل: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)} [النور: 24، 25]، وقوله: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)} [يس: 65]، وقوله: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} [فصلت: 22] إلى غير ذلك من الآيات، والله تعالى أعلم
[البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج 45/ 120] مع زيادة النقل عن الراجحي
5 – {قالَ كَذلِكَ أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى} [طه: 126]
{قال كذلك أتَتْكَ آياتُنا فنسيتَها}: بإعراضِكَ عنها، {وكذلك اليومَ تُنسى}؛ أي: تُتْرَكُ في العذاب؛ فأجيب بأنَّ هذا هو عينُ عملك، والجزاء من جنس العمل؛ فكما عَميتَ عن ذِكْر ربِّك، وعشيتَ عنه، ونسيتَه ونسيت حظَّك منه؛ أعمى اللهُ بَصَرَكَ في الآخرة، فحُشِرْتَ إلى النار أعمى أصمَّ أبكم، وأعرضَ عنك، ونَسِيَكَ في العذاب.
– تيسير الكريم الرحمن