430 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: أحمد بن علي وعبدالله المشجري وسلطان الحمادي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد ومحمد الرحيمي وعلي الكربي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
(430) – قال أبو داود (ج (8) ص (482)): حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ صَبِيحٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمَّارٌ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ: أَنَّهُ شَهِدَ جَنَازَةَ أُمِّ كُلْثُومٍ وَابْنِهَا فَجُعِلَ الْغُلَامُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ وَفِي الْقَوْمِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو قَتَادَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالُوا هَذِهِ السُّنَّةُ.
هذا حديث صحيحٌ.
الحديث أخرجه النسائي (ج (4) ص (71)).
………………. ـ
*أولا: دراسة الحديث رواية:*
المسند المصنف المعلل (28) / (200) — مجموعة من المؤلفين (12643) – عن عمار مولى الحارث بن نوفل؛ أنه شهد جِنازة أم كلثوم وابنها، فجعل الغلام مما يلي الإمام، فأنكرت ذلك، وفي القوم ابن عباس، وأَبو سعيد الخُدْري، وأَبو قتادة، وأَبو هريرة، فقالوا: هذه السنة.
– وفي رواية: «عن عمار، قال: شهدت جِنازة امرأة وصبي، فقدم الصبي مما يلي القوم، ووضعت المرأة وراءه، فصلي عليهما، وفي القوم أَبو سعيد الخُدْري، وابن عباس، وأَبو قتادة، وأَبو هريرة، فسألتهم عن ذلك؟ فقالوا: السنة».
أخرجه أَبو داود ((3193)) قال: حدثنا يزيد بن خالد بن مَوهَب الرملي، قال: حدثنا ابن وهب، عن ابن جُريج، عن يحيى بن صبيح. و «النَّسَائي» (4) / (71)، وفي «الكبرى» ((2115)) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعيد، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء بن أبي رباح.
كلاهما (يحيى بن صبيح، وعطاء) عن عمار، فذكره ((2)).
– فوائد:
– قال ابن عَدي: حدثنا أحمد بن علي بن بحر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الدورقي، قال: سمعت يحيى بن مَعين يقول: عبد الله بن وهب المصري ليس بذاك في ابن جُريج، كان يستصغر. «الكامل» (5) / (337).
– وقال أَبو حاتم الرازي: لا أعلم يزيد بن أبي حبيب سمع من عطاء شيئا. «علل الحديث» ((1140)).
في الأطراف:
– حَدِيث: أَنه شهد الصَّلَاة على أم كُلْثُوم … الحَدِيث.
فَذكر جمَاعَة من الصَّحَابَة، تفرد بِهِ عبد الله بن وهب عَن ابْن جريج عَن يحيى بن صبيح عَن عمار بن أبي عمار.
وفي العلل لأحمد رواية عبدالله:
(25) – حَدثنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أخبرنَا يُونُس بن عبيد عَن عمار مولى بني هَاشم قَالَ شهِدت وَفَاة أم كُلْثُوم بنت عَليّ وَزيد بن عمر قَالَ فصلى عَلَيْهِمَا سعيد بن الْعَاصِ وَقدم أم كُلْثُوم بَين يَدي زيد بن عمر
وفي العلل أيضا:
(4569) – سمعته يَقُول عمار بْن أَبِي عمار مولي بني هَاشم ثِقَة
قال ابن الملقن:
«أَن سعيد بن الْعَاصِ صَلَّى عَلَى زيد بن عمر بن الْخطاب وَأمه أم كُلْثُوم بنت عَلّي، فَوضع الْغُلَام بَين يَدَيْهِ وَالْمَرْأَة خَلفه، وَفِي الْقَوْم نَحْو من ثَمَانِينَ نفسا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فصوبوه، قَالُوا: هَذِه السّنة».
هَذَا الْأَثر رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح، من حَدِيث عمار بن عمار التَّابِعِيّ – مولَى لبني هَاشم، الثِّقَة بِالْإِجْمَاع – «أَنه شهد جَنَازَة أم كُلْثُوم وَابْنهَا، فَجعل الْغُلَام مِمَّا يَلِي الإِمَام، فأنكرت ذَلِك، وَفِي الْقَوْم ابْن عَبَّاس، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، وَأَبُو قَتَادَة، وَأَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنهم فَقَالُوا: هَذِه السّنة». وَفِي رِوَايَة للبيهقي: «وَكَانَ فِي الْقَوْم الْحسن وَالْحُسَيْن، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَابْن عمر، وَنَحْو من ثَمَانِينَ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم). وَفِي رِوَايَة لَهُ: «(أَن الإِمَام) كَانَ ابْن عمر، وَخَلفه ابْن الْحَنَفِيَّة، وَالْحُسَيْن، وَابْن عَبَّاس» وَفِي رِوَايَة: «عبد الله بن جَعْفَر».
فَائِدَة: أم كُلْثُوم هَذِه هِيَ بنت عَلّي بن أبي طَالب، زوج عمر بن الْخطاب، وَابْنهَا هُوَ زيد – الْأَكْبَر – بن عمر بن الْخطاب، كَمَا سَيَاتِي بعد هَذَا، وَكَانَ مَاتَ هُوَ وَأم كُلْثُوم بنت عَلّي فِي وَقت وَاحِد، وَلم يدر أَيهمَا مَاتَ أَولا، فَلم يُورث أَحدهمَا من الآخر.
الْأَثر الْحَادِي عشر: «أَن ابْن عمر رضي الله عنه صَلَّى عَلَى (تسع) جنائز، فَجعل الرِّجَال يلونه، وَالنِّسَاء يلين الْقبْلَة».
هَذَا الْأَثر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد حسن، من رِوَايَة نَافِع عَنهُ «أَنه صَلَّى عَلَى (تسع) جنائز جَمِيعًا رجال وَنسَاء، فَجعل الرِّجَال مِمَّا يَلِي الإِمَام، وَجعل الْنسَاء مِمَّا يَلِي الْقبْلَة، وَصفهم صفا وَاحِدًا، وَوضعت جَنَازَة أم كُلْثُوم بنت عَلّي امْرَأَة عمر بن الْخطاب وَابْن لَهَا يُقَال: زيد بن عمر بن الْخطاب، وَالْإِمَام يَوْمئِذٍ سعيد بن الْعَاصِ، وَفِي النَّاس يَوْمئِذٍ ابْن عَبَّاس، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَأَبُو سعيد، وَأَبُو قَتَادَة، فَوضع الْغُلَام مِمَّا يَلِي الإِمَام، فَقلت: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا السّنة». وَلَفظ الْبَيْهَقِيّ: «فأنكرت ذَلِك؛ فَنَظَرت إِلَى ابْن عَبَّاس، وَأبي هُرَيْرَة، وَأبي سعيد، وَأبي قَتَادَة؛ فقلتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: السّنة» وَرَوَاهُ كَذَلِك ابْن الْجَارُود فِي «المنتقي»
[البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير 5/ 384]
بوب عليه مقبل في الجامع:
40 – إذا حضرت جنائز كان الذكر مما يلي الإمام
*ثانيا: دراسة الحديث دراية:
المصنف – ابن أبي شيبة – ت الحوت (3) / (8) — أبو بكر بن أبي شيبة (ت (235)) (11574) – حَدَّثَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: صَلَّى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ عَلِيٍّ وَابْنِهَا زَيْدٍ قَالَ: «فَجَعَلَ الْغُلَامَ مِمَّا يَلِيهِ، وَالْمَرْأَةَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ»
شرح سنن أبي داود لابن رسلان (13) / (472) — ابن رسلان (ت (844))
كتاب الجنائز صلى الله عليه وسلم (56) – باب إذا حضر جنائز رجال ونساء، من يقدم؟
باب إذا حضر جنائز رجال ونساء، من يقدم؟
[(3193)] (حدثنا يزيد بن خالد بن مَوهب) بفتح الميم (الرملي) الزاهد الثقة قال: (حدثنا) عبد الله (بن وهب، عن) عبد الملك (بن جريج، عن يحيى بن صَبيح) بكسر الموحدة، النيسابوري، المقرئ، ثقة (قال: حدثني عمار بن أبي عمار (مولى الحارث بن نوفل) يعد في المكيين، التابعي، وثقوه (أنه شهد جنازة أم كلثوم) بنت علي [(وابنها) زيد بن عمر] ليصلي عليهما أمير المدينة (فجُعل الغلام مما يلي الإمام) وللبيهقي: وكان في القوم الحسن والحسين ونحو من ثمانين صحابيًّا والقوم، ووضعت المرأة وراءه (فأنكرتُ ذلك، وفي القوم ابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأبو قتادة (الحارث (وأبو هريرة) وثم الحسن والحسين وكثير من الصحابة. زاد النسائي: فسألتهم عن ذلك (فقالوا: هذِه السنة) فيه أنه إذا اجتمعت جنائز وصلي عليهم دفعة فالمذهب أنه يوضع الجميع بين يدي الإمام بعضها خلف بعض، ويجعل الأفضل فالأفضل مما يلي الإمام، والمفضول مما يلي القبلة، فيقدم الصبي على الخنثى والخنثى على المرأة
اختلاف الفقهاء:
قال ابن الهمام رحمه الله: ” … وفي كيفية وضعهم بالخيار إن شاء وضعهم بالطول سطراً واحداً ويقوم عند أفضلهم , وإن شاء وضعهم واحداً وراء واحد إلى جهة القبلة ” انتهى من ” فتح القدير ” (2/ 130).
وقال ابن نجيم رحمه الله: ” , فإن كان الجنس متحداً , فإن شاءوا جعلوها صفاً واحداً كما يصطفون في حال حياتهم عند الصلاة , وإن شاءوا وضعوا واحدا بعد واحد مما يلي القبلة ليقوم الإمام بحذاء الكل ……. وفي رواية الحسن أن الثاني أولى من الأول … ” انتهى من “البحر الرائق شرح كنز الدقائق” (2/ 202).
وقال المرداوي رحمه الله: ” لو اجتمع رجال موتى فقط , أو نساء فقط فالصحيح من المذهب: أنه يسوي بين رءوسهم. وعليه أكثر الأصحاب , وعنه: يجعلون درجاً. رأس هذا عند رِجْل هذا , وأن هذا والتسوية سواء … ” انتهى من “الإنصاف” (2/ 519).
وقال الإمام مالك رحمه الله: ” أرى ذلك واسعاً إن جعل بعضهم خلف بعض أو جعلوا صفاً واحداً, ويقوم الإمام وسط ذلك ويصلي عليهم … ” انتهى من “المدونة” (1/ 257).
وقال النووي رحمه الله: ” … فإن كانوا نوعاً واحداً وأراد أن يصلي عليهم صلاة واحدة، ففي كيفية وضعهم طريقان: أصحهما .. أنه يوضع الجميع بين يدي الإمام بعضها خلف بعض ليحاذي الإمام الجميع … والثاني: وبه قال أبو حنيفة يوضع الجميع صفاً واحداً رأس كل واحد عند رجل الآخر ويجعل الإمام جميعهم عن يمينه ويقف في محاذاة الآخر منهم .. ” انتهى من “شرح المهذب” (5/ 184).
قال ابن قدامة:
391 – مسألة؛ قال: (وَإِذَا حَضَرَتْ جِنَازَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وصَبِىٍّ، جُعِلَ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِى الإِمَامَ، والمَرْأَةُ خَلْفَه، والصَّبِىُّ خلْفَهُمَا)
لا خِلافَ في المذهبِ أنَّه إذا اجْتَمَعَ مع الرِّجَالِ غيرُهم، أنَّه يُجْعَلُ الرِّجَالُ ممَّا يَلِى الإِمامَ، وهو مذهبُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، فإنْ كان مَعهم نِسَاءٌ وصِبْيَانٌ، فنَقَلَ الْخِرَقِىُّ ها هُنا، أنَّ المَرْأَةَ تُقَدَّمُ ممَّا يَلِى الرَّجُلَ، ثم يُجْعَلُ الصَّبِىُّ خَلْفَهما ممَّا يَلِى القِبْلَة؛ لأنَّ المَرْأَةَ شَخْصٌ مُكَلَّفٌ، فهى أحْوَجُ إلى الشَّفَاعَةِ، ولأنَّه قد رُوِىَ عن عَمَّارٍ مَوْلَى الحارِثِ بنِ نَوْفَلٍ، أنَّه شَهِدَ جِنَازَةَ أُمِّ كُلْثُوم وابْنِها، فجُعِلَ الغُلَامُ ممَّا يَلِى القِبْلَةَ، فأنْكَرْتُ ذلك، وفى القَوْمِ ابنُ عَبَّاسٍ، وأبو سَعِيدٍ الخُدْرِىُّ، وأبو قَتَادَةَ، وأبُو هُرَيْرَةَ، فقالوا: هذه السُّنَّةُ. والمَنْصُوصُ عن أحمدَ، في رِوَايَةِ جماعةٍ من أصحابِه، أنَّ الرِّجَالَ ممَّا يَلِى الإِمامَ، والصِّبْيَانَ أمامَهُم، والنِّسَاءَ يَلِينَ القِبْلَةَ. وهذا مذهبُ أبى حنيفةَ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّهم يُقَدَّمُونَ عليهنَّ في الصَّفِّ في الصَّلَاةِ المكْتُوبَةِ، فكذلك يُقَدَّمُونَ عليهنَّ ممَّا يَلِى الإِمامَ عندَ اجْتِماعِ الجَنَائِز، كالرِّجالِ. وأمَّا حَدِيثُ عمَّار، فالصَّحِيحُ فيه أنَّه جَعَلَها ممَّا يَلِى القِبْلَةَ، وجَعَلَ ابْنَها ممَّا يَلِيه. كذلك رَوَاهُ سَعِيدٌ، وعَمَّارٌ مَوْلَى بنى سَلَمةَ، عن عَمَّارٍ مَوْلَى بنى هاشمٍ. وأخْرَجَهُ كذلك أبو دَاوُدَ، والنَّسَائِىُّ، وغيرُهما، ولَفْظُه قال: شَهِدْتُ جِنَازَةَ صَبِىٍّ وامْرَأَةٍ، فقُدِّمَ الصَّبِىُّ ممَّا يَلِى القَوْمَ، ووُضِعَتِ المَرْأَةُ وَرَاءَه وفى القَوْمِ أبو سعيدٍ الخُدْرِىُّ، وابْنُ عَبَّاسٍ، وأبو قَتَادَةَ، وأبو هُرَيْرَةَ، فقُلْنَا لهم، فقالوا: السُّنَّةُ.
وأمَّا الحديثُ الأوَّلُ فلا يَصِحُّ؛ فإنَّ زَيْدَ بن عمرَ هو ابنُ أُمِّ كُلْثُوم بنت عليٍّ، الذي صُلِّىَ عليه معها، وكان رَجُلًا له أوْلَادٌ. كذلك قال الزُّبَيْرُ بن بَكَّارٍ. ولا خِلافَ في تَقْدِيمِ الرَّجُلِ على المَرْأةِ، ولأنَّ زَيْدًا ضُرِبَ في حَرْبٍ كانت بين بنى عَدِىّ في خِلافَةِ بنى أُمَيَّةَ فصُرِعَ وحُمِلَ، ومات، والْتَقَتْ صَارِخَتَانِ
عليه وعلى أُمِّهِ، فلا يكونُ إلَّا رَجُلًا.
فصل: ولا خِلافَ في تَقْدِيمِ الخُنْثَى على المَرْأةِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ رَجُلًا، وأدْنَى أحْوَالِه أن يكونَ مُسَاوِيًا لها، ولا في تَقْدِيمِ الحُرِّ على العَبْدِ؛ لِشَرَفِه وتَقْدِيمِه عليه في الإِمامَةِ، ولا في تَقْدِيمِ الكبيرِ على الصَّغيرِ كذلك. وقد رَوَى الخَلَّالُ، بإسْنَادِه عن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، في جِنَازَةِ رَجُلٍ وامْرَأةٍ، وحُرٍّ وعَبْدٍ، وصغيرٍ وكبيرٍ، يُجْعَلُ الرَّجُلُ ممَّا يَلِى الإِمامَ، والمَرْأةُ أمامَ ذلك، والكَبِيرُ ممَّا يَلِى الإِمامَ، والصَّغِيرُ أمامَ ذلك، والحُرُّ ممَّا يَلِى الإِمامَ، والمَمْلُوكُ أمامَ ذلك. فإن اجْتَمَعَ حُرٌّ صَغِيرٌ وعَبْدٌ كَبِيرٌ، فقال أحْمَدُ، في رِوَايَةِ الحسنِ بن محمدٍ، في غُلَامٍ حُرٍّ وشَيْخٍ عَبْدٍ: يُقَدَّمُ الحُرُّ إلى الإِمامِ. وهذا اخْتِيَارُ الخَلَّالِ، وغَلِطَ من رَوَى خِلَافَ ذلكَ، واحْتَجَّ بِقَوْلِ عليٍّ: الحُرُّ ممَّا يَلِى الإِمامَ، والمَمْلُوكُ وَرَاءَ ذلك. ونَقَلَ أبو الحارِثِ: يُقَدَّمُ أكْبَرُهما إلى الإِمامِ، وهو أصَحُّ إن شاءَ اللهُ تعالى؛ لأنَّه يُقَدَّمُ في الصَّفِّ في الصلاةِ. وقولُ عليٍّ أرادَ به إذا تَسَاوَيا في الكِبَرِ والصِّغَرِ، بدليلِ أنَّه قال: والكَبِيرُ ممَّا يَلِى الإِمامَ، والصَّغِيرُ أمامَ ذلك.
فصل: فإنْ كانُوا نَوْعًا وَاحِدًا، قُدِّمَ إلى الإِمامِ أفْضَلُهم؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كان يَوْمَ أُحُدٍ يَدْفِنُ الاثْنَيْنِ والثَّلاثةَ في القبرِ الواحِدِ، ويُقَدِّمُ أكْثَرَهم أَخْذًا لِلْقُرْآنِ. ولأنَّ الأفْضلَ يُقَدَّمُ في صَفِّ المَكْتُوبَةِ، فيُقَدَّمُ ها هُنا، كالرَّجُلِ مع المَرْأةِ. وقد دَلَّ على الأصْلِ قولُه عليه السلام: “لِيَلِنِى مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ والنُّهَى”. وإن تَسَاوَوْا في الفَضْلِ، قُدِّمَ الأكْبَرُ فالأكْبَرُ. [قال المَيْمُونىُّ: سمعتُ أحمدَ، غيرَ مَرَّةٍ يقول: يَلِى الإِمام الكُبْرُ، وذوُو الأسْنانِ، الأكْبَرُ فالأكْبَرُ]، فإنْ تَسَاوَوْا قُدِّمَ السَّابِقُ. وقال القاضي: يُقَدَّمُ السَّابِقُ وإن كان صَبِيًّا، ولا تُقَدَّمُ المَرْأةُ وإن كانت سَابِقَةً؛ لِمَوْضِعِ الذُّكُورِيَّة، فإن تَسَاوَوْا قَدَّمَ الإِمامُ مَن شاء منهم، فإنْ تَشَاحَّ الأوْلِياءُ في ذلك أُقْرِعَ بينهم.
فصل: ولا خِلافَ بين أهْلِ العِلْمِ في جَوَازِ الصلاةِ على الجَنَائِز، دَفْعَةً وَاحِدَةً، وإن أفْرَدَ كُلَّ جِنَازَةٍ بِصَلَاةٍ جازَ، وقد رُوِىَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه صَلَّى على حَمْزَةَ مع غيرِه. وقال حَنْبَلٌ: صَلَّيْتُ مع أبى عبدِ اللهِ على جِنَازَةِ امْرَأةٍ مَنْفُوسَةٍ، فصَلَّى أبو إسحاقَ [على الأُمِّ]، واسْتَأْمَرَ أبا عبدِ اللهِ، فقال: أُصَلِّى على ابْنَتِها المَوْلُودَةِ أيضًا؟ قال أبو عبدِ اللهِ: لو أنَّهما وُضِعَا جميعا كانت صلاتُهما وَاحِدَةً، تَصِيرُ إذا كانت أُنْثَى عن يَمِينِ المَرْأةِ، وإذا كان ذَكَرًا عن يَسَارِها. وقال بعضُ أصحابِنا: إفْرَادُ كلِّ جِنَازَةٍ بِصلاةٍ أفْضَلُ، ما لم يُرِيدُوا المُبَادَرَةَ. وظَاهِرُ كلامِ أحمدَ في هذه الرِّوَايَةِ التي ذَكَرْنَاها، [أنَّه أفْضَلُ] في الإِفْرَادِ، وهو ظَاهِرُ حَال السَّلَفِ؛ فإنَّه لم يُنْقَلْ عنهم ذلك.
[المغني لابن قدامة 3/ 509]
قال ابن كثير:
4 – بابُ: الصَّلاةِ على الميِّتِ
تقدّمَ في صفةِ الأئمّةِ قولُهُ عليه السلام: ” ولا يُؤَمَّ الرجلُ في سُلطانِهِ “، وهو عامٌّ في الجنازةِ وغيرِها، وهو دليلُ أحدِ القولينِ أنّ الواليَ يُقَدَّمُ على المناسبِ ويُؤَيّدُهُ أيضاً ما روى البيهقيُّ من حديثِ الثَّوْري عن سالمِ بنِ أبي حَفْصةَ عن أبي حازمٍ، قالَ: ” رأيتُ حسينَ بنَ عليٍّ قدَّمَ سعيدَ بنَ العاصِ على الحسنِ بنِ عليٍّ، فصلّى عليهِ، ثمَّ قالَ: لولا أنّها سُنّةٌ ما قدَّمْتُهُ “، لكنْ سالمٌ هذا مَتروكٌ.
عن عمّارِ موْلى الحارثِ بنِ نَوْفلٍ: ” أنّهُ شهدَ جنازةَ أُمِّ كُلْثومٍ وابنِها، فجُعِلَ الغلامُ ممّا يَلي الإمامَ فأنْكرتُ ذلكَ، وفي القومِ ابنُ عباسٍ، وأبو سعيد الخُدْريُّ، وأبو قَتادَة وأبو هريرةَ، فقالوا: هذهِ السُّنّةُ “، رواهُ أبو داود، وهذا لفظُهُ، والنَّسائيُّ، ورواهُ النسائيّ من وجْهٍ آخرَ صحيحٍ.
[إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه 1/ 226]
وذكر ابن كثير أدلة على فضل كثرة المصلين على الجنازة وعدد التكبير وقراءة الفاتحة والأدعية الواردة
تنبيه: في علل ابن أبي حاتم:
(1076) – وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الْوَلِيدِ بْنِ مسلِم، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الأنصاري – رجلٍ من بني عبد الأَشْهَل – قَالَ: حدَّثني أَبِي: أَنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ فِي الصَّلاة عَلَى الميِّت: اللَّهُمَّ، اغْفِرْ لأَوَّلِنا وآخِرِنَا، وحَيِّنَا ومَيِّتِنا، وشَاهِدِنَا وغَائِبِنَا، وذَكَرِنَا وأُنثَانَا، وصَغيرِنَا وكَبيرِنا.
قَالَ يَحْيَى: وَأَخْبَرَنِي أبو سَلَمة، عن النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) بِمِثْلِ هَذَا، وَزَادَ فِيهِ: وَمَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإسْلامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإيمَان ِ؟
قَالَ أَبِي: أَبُو إِبْرَاهِيمَ: هُوَ مجهولٌ، هو وأبوه.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وتَوهَّمَ بعضُ الناس أنه عبد الله بْنُ أَبِي قَتادة، وغَلِطَ؛ فإنَّ أَبَا قَتادة مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ رجُلٌ مِنْ بَنِي عبد الأَشْهَل
قال الترمذي في «جامعه» ((1024)): «وسمعت محمدًا [يعني: البخاري] يقول: أصحُّ الروايات في هذا: حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عن أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه، وسألته عن اسم أبي إبراهيم؟ فلم يعرفه».
وذكر الدارقطني في «العلل» ((556)) هذا الحديثَ واختلاف الرواة فيه على يحيى ابن أبي كثير، ثم قال: «ورواه غيرُ واحد من البصريين عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عن أبي إبراهيم الأنصاري، عن أبيه، عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهو الصَّحيح. وعن أبي سلمة مرسل، وهو الصَّحيح. وأبو إبراهيم قيل في الحديث: رجل من بني عبد الأشْهَل، ومن قال فيه: إن أبا إبراهيم عبدُالله بن أبي قتادة فقد وهم»
وفي أحاديث معلة ظاهرها الصحة:
– قال الإمام أبو عبد الله الحاكم (ج (1) ص (358)): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن سنان القزاز ثنا عمرو بن يونس بن القاسم اليمامي ثنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: سألت عائشة أم المؤمنين كيف كانت صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَسَلَّمَ على الميت؟ قالت: كان يقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا وذكرنا وأنثانا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان).
ذكره الحاكم شاهدا لحديث قبله وقال: انه صحيح على شرط مسلم. كذا قال: وفيه محمد بن سنان القزاز، وقد كذبه أبو داود وليس من رجال مسلم بل ليس من رجال أصحاب الأمهات الست، لكنه متابع.
قال الإمام النسائي في «عمل اليوم والليلة» ص ((583)): اخبرنا العباس بن عبد العظيم العنبري، عن عمر بن يونس، قال: حدثنا عكرمة بن عمار به.
ولكن أعله الترمذي (ج (4) ص (106)) بأنه قد رواه الأوزاعي عن يحي بن أبي كثير، قال: حدثني أبو إبراهيم الأشهلي، عن أبيه، ثم رواه يحي بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ثم قال الترمذي: وروى عكرمة بن عمار عن يحي بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ.
وحديث عكرمة بن عمار غير محفوظ، وعكرمة ربما يهم في حديث يحيى. اهـ
قال الألباني:
الأمر الحادي عشر: الصلاة على أنواع من الجنائز، إذا اجتمعت جنائز عديدة من الرجال والنساء صُلِّي عليها صلاة واحدة، وجعلت الذكور ولو كانوا صغاراً مما يلي الإمام، وجنائز الإناث مما يلي القبلة؛ لحديث نافع أن ابن عمر صلى على تسع جنائز جميعاً فجعل الرجال يلون الإمام، والنساء يلين القبلة، فصفهن صفّاً واحداً، ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي، امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له زيد، وضعا جميعاً، والإمام يومئذ سعيد بن العاص، وفي الناس ابن عمر، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وأبو قتادة، فوضِعَ الغلام مما يلي الإمام، فقال رجل فأنكرت ذلك، فنظرت إلى ابن عباس وأبي هريرة، وأبي سعيد، وأبي قتادة فقلت: ما هذا؟ قالوا: هي السنة)) (2).
وعن عمار مولى الحارث بن نوفل ((أنه شهد جنازة أم كلثوم وابنها فجعل الغلام مما يلي الإمام، فأنكر ذلك، وفي القوم ابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأبو قتادة، وأبو هريرة، فقالوا: هذه السنة)) (3).
وعن مالك بن أنس بلغه: أن عثمان بن عفان، وأبا هريرة، وابن عمر، كانوا يصلون على الجنائز بالمدينة: الرجال، والنساء، فيجعلون الرجال مما يلي الإمام، والنساء مما يلي القبلة (4)
[أحكام الجنائز ص252]
قال عبدالمحسن العباد:
شرح أثر الصلاة على أم كلثوم وابنها
قوله: [باب إذا حضر جنائز رجال ونساء من يقدم] إذا حضر جنائز رجال ونساء وأطفال فإنه يقدم الرجال، ثم الأطفال، ثم النساء، وهذا مثلما يكون في صفوف الصلاة، ففي صفوف الصلاة يكون الرجال أولاً، ثم يليهم الأطفال، ثم تليهم النساء.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس وأبي قتادة وأبي سعيد وأبي هريرة أنهم قالوا: إن السنة تقديم الطفل على المرأة، وأن الطفل يلي الإمام، وتكون المرأة من ورائه، وقول الصحابة عن شيء: إنه من السنة، فإنهم يعنون بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيكون له حكم الرفع،
وإذا كانت الجنائز جنائز أطفال ذكور وإناث فالذي يبدو أن الإناث تكون وراءها، فيقدم الذكور على الإناث، ولو كان هناك أطفال إناث ونساء في حال الصلاة فإن الأطفال الإناث يكنّ وراء النساء، فالذين يقدمون على النساء هم الأطفال الذكور، وتكون صفوفهم في الصلاة عليهم كصفوفهم في الصلاة وراء الإمام في صلاة الجماعة.
[شرح سنن أبي داود للعباد 369/ 3 بترقيم الشاملة آليا]
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة:
السؤال الأول من الفتوى رقم (20173)
س 1: كيف يقف الإمام في صلاة الجنازة إذا كان الأموات رجلين وامرأة؟
ج 1: يقدم الرجلان مما يلي الإمام، وتجعل المرأة بعدهما مما يلي القبلة، ويدل لذلك ما رواه يحيى بن صبيح قال: حدثني عمار مولى الحارث بن نوفل «أنه شهد جنازة أم كلثوم وابنها، فجعل الغلام مما يلي الإمام، فأنكرت ذلك، وفي القوم ابن عباس وأبو سعيد الخدري وأبو قتادة وأبو هريرة رضي الله عنهم، فقالوا: هذه السنة» أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح.
ويقف الإمام حيال رأس الرجلين وحيال وسط المرأة، فيجعل وسط المرأة محاذيا لرأسي الرجلين، ويدل لذلك ما أخرجه الترمذي في (الجامع) عن همام عن أبي غالب قال: «صليت مع أنس بن مالك على جنازة رجل فقام حيال رأسه، ثم جاءوا بجنازة امرأة من قريش فقالوا: يا أبا حمزة، صل عليها، فقام حيال وسط السرير، فقال له العلاء بن زياد: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، قام على الجنازة مقامك منها، ومن الرجل مقامك منه، قال: نعم، فلما فرغ قال احفظوا» وأخرج أبو داود وابن ماجه في سننهما نحوه وقال الترمذي: حديث حسن، يدل لذلك أيضا ما رواه الجماعة عن سمرة بن جندب «أن النبي صلى الله عليه وسلم – صلى على امرأة فقام وسطها» وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … عضو … عضو … نائب الرئيس … الرئيس
بكر أبو زيد … صالح الفوزان … عبد الله بن غديان … عبد العزيز آل الشيخ … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
[فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الثانية 7/ 273]