43 – فتح رب البرية بينابيع الحكمة من أقوال الأئمة
جمع أحمد بن خالد وآخرين
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
(1322): (9)) الأبيات المنسوبة: للأعرابي التي قالها لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يطلب منه العطاء لبناته وأمهنَّ:
يا عُمَرَ الخَيرِ جُزِيتَ الجَنَّه … جَهِّز بُنَيَّاتي واكسُهُنَّه
أقسم بالله لَتَفعَلَنَّه
(لا تصح)
وهذه الأبيات لها قصة:
وهي أن أعرابيًا وقف على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال الرجز:
يا عُمَرَ الخَيرِ جُزِيتَ الجَنَّه … جَهِّز بُنَيَّاتي واكسُهُنَّه
أقسم بالله لَتَفعَلَنَّه
قال عمر رضي الله عنه: فإن لم أفعل يكون ماذا يا أعرابي؟
قال: أقسم بالله لأمضِيَنَّه.
قال: فإن مضيتَ يكون ماذا يا أعرابي؟
قال: والله عن حالي لَتُسأَلَنَّه … ثُمَّ تكونُ المَسأَلات عَنَّه
والواقِفُ المسؤولُ بَينَهُنَّه … إمَّا إلى نارٍ وإمَّا جنَّه
فبكى عمر رضي الله عنه حتى اخضلت لحيته بدموعه، ثم قال: يا غلام أعطِه قميصي هذا لذلك اليوم لا لشعره، والله ما أملك قميصًا غيره.
إسعاف الأخيار بما اشتهر ولم يصح من الأحاديث والآثار والقصص والأشعار (2) / (438) — محمد بن عبد الله باموسى (معاصر)
______________
(1323): قال ابن رجب رحمه الله:
نظر عمر إِلَى شاب قد نكس رأسه فَقَالَ له: يا هذا، ارفع رأسك، فإن الخشوع لا يزيد عَلَى ما في القلب.
فمن أظهر للناس خشوعًا فوق ما في قلبه، فإنما هو نفاق عَلَى نفاق.
وأصل الخشوع الحاصل في القلب، إِنَّمَا هو من معرفة الله، ومعرفة عظمته وجلاله وكماله، فمن كان بالله أعرف فهو له أخشع.
الذل والانكسار للعزيز الجبار (1) / (293)
______________
(1324): قال ابن القيم:
فصل
*والمسألة في الأصل حرام*، وإنَّما أبيحت للحاجة والضرورة، لأنَّها ظلم في حقِّ الربوبيَّة، وظلم في حقِّ المسؤول، وظلم في حقِّ السائل.
أمَّا الأوَّل: فلأنَّه بذَلَ سؤاله وفقره وذلَّه واستعطاءه لغير الله، وذلك نوع عبوديَّة. فوضع المسألة في غير موضعها وأنزلها بغير أهلها، وظلم توحيده وإخلاصه ((1)) وفقره إلى الله وتوكُّله عليه ورضاه بقَسْمه، واستغنى بسؤال الخلق عن مسألته ((2))، وذلك كلُّه هضم من التوحيد، ويطفئ نوره ويضعف قوَّته.
وأمَّا ظلمه للمسؤول: فلأنَّه سأله ما ليس له عنده، فأوجب له بسؤاله عليه حقًّا لم يكن عليه، وعرَّضه لمشقَّة البذل أو لؤم المنع، فإن أعطاه أعطاه على كراهةٍ، وإن منعه منعه على استحياء ((3)). هذا إذا سأله ما ليس عليه. وأمَّا إذا سأله حقًّا هو له عنده، لم يدخل في ذلك ولم يظلمه بسؤاله.
وأمَّا ظلمه لنفسه: فإنَّه أراق ماء وجهه، وذلَّ لغير خالقه، وأنزل نفسه أدنى المنزلتين، ورضي لها بأبخس الحالتين، ورضي بإسقاط شرف نفسه وعزِّة تعفُّفِه وراحة قناعته، وباع صبرَه ورضاه وتوكُّله وقَنَعَه ((4)) بما قسم له واستغناءَه عن الناس= بسؤالهم. وهذا عينُ ظلمه لنفسه ((1))، إذ وضعها في غير موضعها، وأخمل شرفها، ووضع قدرها، وأذهب عزَّها، وصغَّرها وحقَّرها، ورضي أن تكون نفسه تحت نفس المسؤول، ويدُه تحت يده، *ولولا الضرورة لم يُبَح ذلك في الشرع*.
وقد ثبت في «الصحيحين» ((2)) من حديث عبد الله بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ما يزال الرجلُ يسأل الناس حتَّى يأتي يومَ القيامة *ليس في وجهه مُزْعةُ لحمٍ*».
مدارج السالكين – ط عطاءات العلم ((2) / (568) – (569))
______________
(1325): قال الفضيل لابن المبارك: أنت تأمرنا بالزهد، والتقلل، والبلغة، ونراك تأتي بالبضائع، كيف ذا؟ قال: يا أبا علي، إنما أفعل ذا لأصون وجهي، وأكرم عرضي، وأستعين به على طاعة ربي، قال: يا ابن المبارك ما أحسن ذا إن تم ذا.
سير اعلام النبلاء (387/ 8)
______________
(1326): قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ – رَحِمَهُ اللّاهُ تَعَالَى -:
” أَخْسَرُ الخَاسِرِيْنَ مَنْ أَبْدَى لِلنَّاسِ صَالِحَ أَعْمَالِهِ، وَبَارَزَ بِالقَبِيْحِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيْدِ “.
[شُعَبُ الإِيْمَانِ ((6591))]
______________
(1327): تأملات في قوله تعالى ((والله عليم بالمتقين))
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
الشيخ: قوله: ((والله عليم بالمتقين))
هل علم الله مخصوص بالمتقين أو شامل؟
الطالب: شامل،
الشيخ: إذا لماذا قيده بالمتقين؟
الطالب: زيادة العناية بهم،
الشيخ: نعم؟
الطالب: أقول زيادة العناية بهم،
الشيخ: العناية بهم وإلا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: أي شيء تقولون؟
الطالب: الحث على التقوى،
الشيخ: الحث على التقوى والعناية بهم أنه لن يضيع ثواب تقواهم.
السائل: شيخ قوله: ((والله عليم بالمتقين))
يكون رد على اليهود لما ظنوا أنهم هم المتقون وهم على الحق قال الله عليم بالمتقين ردا عليهم؟
الشيخ: هذه على قراءة الياء يكون لها هذا الوجه أيضا.
تفسير سورة آل عمران-33 b
______________
(1328): قال ابن تيمية – رحمه الله -:
” فإن القلب إذا كان رقيقا لينا كان قبوله للعلم سهلا يسيرا ورسخ العلم فيه وثبت وأثّر، وإن كان قاسيا غليظا كان قبوله للعلم صعبا عسيرا ”
صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم مجموع الفتاوى (9) / (315)
______________
(1329): قال الإمام البخاري – رحمه الله -:
” أفضل المسلمين؛ رجلاً أحْيا سُنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أُميتت، فاصبروا يا أصحاب السنن رحمكم الله، فإنّكم أقلّ الناس ”
صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم الجامع لإخلاق الراوي (1) / (112)
______________
(1330): قال الشيخ مقبل الوادعي – رحمه اللّاه –
” لئن تبتسم في وجه الضيف خيرٌ من أن تقدم له أنفس الطعام ”
صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم البشائر في السماع المباشر 19
______________
(1331): قال العلّامة ابن عثيمين – رحمه الله -:
” إذا كان الشيء كله لله، إن أخذ منك شيئًا فهو مِلكُه، وإن أعطاك شيئاً فهو مِلكُه فكيف تسخط؟! ”
صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم شرح رياض الصالحين (1) / (207)
______________
(1332): قال ابن عثيمين – رحمه الله -:
” إخواني: تفقهوا في دين الله تعالى لتعبدوا الله على بصيرة، فإنه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، ومن يُرِد الله به خيرا يفقّهه في الدين ”
صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم مجالس شهر رمضان (122)
______________
(1333): عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(مَن قَرأَ آيةَ الكرسيِّ دُبَرَ كُلِّ صلاةٍ؛ لَم يَمنعْه مِن دخولِ الجنَّةِ إلَّا أن يَموتَ)
صحيح الترغيب (1595)
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله-:
يستحب بعد الصلاة، بعد التسبيح والتهليل قراءة آية الكرسي، ويرجى له بذلك دخول الجنة إذا استقام، إذا استقام على دينه، وحافظ على دينه، يرجى له دخول الجنة: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: والصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن، ما لم تؤت الكبائر) رواه مسلم، (233)
فإذا حافظ على ما أوجب الله عليه، وترك ما حرم الله عليه، وقرأ آية الكرسي، كل هذا من أسباب دخول الجنة، إذا قرأها بعد كل صلاة».
(فتاوى نور على الدرب)
______________
(1334): اداب النصح مع الوالدين
قال الإمام أحمد:
إذا رأى أباه على أمرٍ يكرههُ …
يكلمهُ بغير عنف، ولا إساءة، ولا يغلظ له بالكلام، وإلا تركه، ليس الأبُ كالأجنبي.
[زاد المسافر 4/ 566]
______________
(1335): {إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَالَّذينَ هاجَروا وَجاهَدوا في سَبيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرجونَ رَحمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ} [البقرة: (218)]
هذه الأعمال الثلاثة هي عنوان السعادة وقطب رَحَى العبودية، وبها يعرف ما مع الإنسان من الربح والخسران، فأما الإيمان فلا تسأل عن فضيلته وكيف تسأل عن شيء هو الفاصل بين أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأهل الجنة من أهل النار، وهو الذي إذا كان مع العبد قبلت أعمال الخير منه، وإذا عدم منه لم يقبل له صرف ولا عدل ولا فرض ولا نفل، وأما الهجرة فهي مفارقة المحبوب المألوف لرضا الله تعالى فيترك المهاجر وطنه وأمواله وأهله وخلانه تقربًا إلى الله ونصرة لدينه، وأما الجهاد فهو بذل الجهد في مقارعة الأعداء، والسعي التام في نصرة دين الله وقمع دين الشيطان، وهو ذروة الأعمال الصالحة وجزاؤه أفضل الجزاء، وهو السبب الأكبر لتوسيع دائرة الإسلام، وخذلان عباد الأصنام وأمن المسلمين على أنفسهم وأموالهم وأولادهم، فمن قام بهذه الأعمال الثلاثة على لأوائها ومشقتها، كان لغيرها أشد قيامًا به وتكميلًا، فحقيق بهؤلاء أن يكونوا هم الراجون رحمة الله لأنهم أتوا بالسبب الموجب للرحمة، *وفي هذا دليل على أن الرجاء لا يكون إلا بعد القيام بأسباب السعادة، وأما الرجاء المقارن للكسل وعدم القيام بالأسباب فهذا عجز وتمنٍّ وغرور، وهو دالٌّ على ضعف همة صاحبه، ونقص عقله، بمنزلة من يرجو وجود الولد بلا نكاح، ووجود الغلة بلا بذر وسقي ونحو ذلك.*
وفي قوله: {أولئك يرجون رحمة الله}؛ إشارة إلى أن العبد ولو أتى من الأعمال بما أتى به لا ينبغي له أن يعتمد عليها ويعول عليها، بل يرجو رحمة ربه ويرجو قبول أعماله ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه، ولهذا قال: {والله غفور}؛ أي: لمن تاب توبة نصوحًا، {رحيم}؛ وسعت رحمته كلَّ شيء وعمَّ جُودُه وإحسانُه كلَّ حيٍّ، وفي هذا دليل على أن من قام بهذه الأعمال المذكورة حصل له مغفرة الله، إذ الحسنات يذهبن السيئات، وحصلت له رحمة الله، وإذا حصلت له المغفرة اندفعت عنه عقوبات الدنيا والآخرة التي هي آثار الذنوب التي قد غفرت، واضمحلت آثارها، وإذا حصلت له الرحمة حصل على كل خير في الدنيا والآخرة، بل أعمالهم المذكورة من رحمة الله بهم، فلولا توفيقه إياهم لم يريدوها، ولولا إقدارهم عليها، لم يقدروا عليها ولولا إحسانه لم يتمها ويقبلها منهم، فله الفضل أولًا وآخرًا وهو الذي مَنَّ بالسبب والمسبب ..
تفسير السعدي
______________
(1336) قال ابن رجب رحمه الله:
كرم الخَلْق عند الله بالتَّقوى، فربَّ من يحقِرُه الناس لضعفه، وقلَّةِ حظِّه من الدُّنيا، وهو أعظمُ قدرًا عند الله تعالى ممَّن له قدرٌ في الدُّنيا، فإنَّ الناسَ إنّما يتفاوتُون بحسب التَّقوى، كما قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} (ك، وسئل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : مَنْ أكرمُ الناسِ؟ قال: «أتقاهُم لله عز وجل»
جامع العلوم والحكم (1) / (725)
______________
(1337): صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله تعالى
الشرائع أغذية القلوب، ومتى اغتذتِ القلوب بالبِدع، لم يبقَ فيها فضلٌ للسُّنن، فتكون بمنزلة من اغتذى بالطعام الخبيث
الاقتضاء ((2) / (104)). صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم
______________
(1338): نصيحة مهمة
قال العلامة ابن باز رحمه الله:
يَنبَغِي لِلإِنسَانِ أَن يَفْعَلَ بَعضَ الشَّيء من جِهَةِ التَّقلل، ومن جهة الزهد بعض الشيء: حتَّى يُعوِّدَ نَفسَه القناعَةَ، لَا يَكُونُ دَائِمًا دَائِمًا عَلَى شراء اللَّذَاتِ والطَّيِّبَاتِ، بَعضَ الأَحْيَانِ يتقشف بَعضَ الشَّيء، يتخفَّفُ بعض الشَّيء؛ حتى لا تعتاد النفسُ الرَّغبَةَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُعتبر من لذَّاتِهَا العاجلة، ومن مشاغلها العاجلة ومن التكلف؛ حتى يحتاج إلى أموال كثيرة، رُبَّما سَبَبَتْ لَهُ الوقوع في أكساب ما هي بطيبة، أو اقتراض قد يَشُقُ عَليهِ دفعه، الله المستعان،
أما إذا يسر الله فالأمر واسع بحمد اللهِ، مِثْلَما قَالَ: ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَتِ مَا رَزَقْنَكُمْ} [البقرة: (172))، الأمر واسع
وقال تعالى: {يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً) [المؤمنون: (51)).
فإذاكَانَ عَن يُسرِ وعَن عَدمِ تَكَلَّفَ فَالحَمدُ للهِ.
شرح كتاب الرقاق من صحيح مسلم (82).
______________
(1339): صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم الأسباب المانعة من قبول الحق صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
وَالْأَسْبَابُ الْمَانِعَةُ مِنْ قَبُولِ الْحَقِّ كَثِيرَةٌ جِدًّا
فَمِنْهَا: الْجَهْلُ بِهِ، وَهَذَا السَّبَبُ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى أَكْثَرِ النُّفُوسِ، فَإِنَّ مَنْ جَهِلَ شَيْئًا عَادَاهُ وَعَادَى أَهْلَهُ، فَإِنِ انْضَافَ إِلَى هَذَا السَّبَبِ بُغْضُ مَنْ أَمَرَهُ بِالْحَقِّ وَمُعَادَاتُهُ لَهُ وَحَسَدُهُ كَانَ الْمَانِعُ مِنَ الْقَبُولِ أَقْوَى، فَإِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ إِلْفُهُ وَعَادَتُهُ وَمُرَبَّاهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ وَيُعَظِّمُهُ قَوِيَ الْمَانِعُ، فَإِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ تَوَهُّمُهُ أَنَّ الْحَقَّ الَّذِي دُعِيَ إِلَيْهِ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَاهِهِ وَعِزِّهِ وَشَهَوَاتِهِ وَأَغْرَاضِهِ قَوِيَ الْمَانِعُ مِنَ الْقَبُولِ جِدًّا.
فَإِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ خَوْفُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَشِيرَتِهِ وَقَوْمِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَجَاهِهِ كَمَا وَقَعَ لِهِرَقْلَ مَلِكِ النَّصَارَى بِالشَّامِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ازْدَادَ الْمَانِعُ مِنْ قَبُولِ الْحَقِّ قُوَّةً، فَإِنَّ هِرَقْلَ عَرَفَ الْحَقَّ وَهَمَّ بِالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُطَاوِعْهُ قَوْمُهُ وَخَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ فَاخْتَارَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى، كَمَا سَيَاتِي ذِكْرُ قِصَّتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَمِنْ أَعْظَمِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ: «الْحَسَدُ» فَإِنَّهُ دَاءٌ كَامِنٌ فِي النَّفْسِ، وَيَرَى الْحَاسِدُ الْمَحْسُودَ قَدْ فُضِّلَ عَلَيْهِ، وَأُوتِيَ مَا لَمْ يُؤْتَ نَظِيرُهُ، فَلَا يَدَعُهُ الْحَسَدُ أَنْ يَنْقَادَ لَهُ وَيَكُونَ مِنْ أَتْبَاعِهِ. وَهَلْ مَنَعَ إِبْلِيسَ مِنَ السُّجُودِ لِآدَمَ إِلَّا الْحَسَدُ؟! فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَىهُ قَدْ فُضِّلَ عَلَيْهِ وَرُفِعَ فَوْقَهُ، غُصَّ بِرِيقِهِ وَاخْتَارَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ بَعْدَ أَنْ كَانَ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ.
وَهَذَا الدَّاءُ هُوَ الَّذِي مَنَعَ الْيَهُودَ مِنَ الْإِيمَانِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَقَدْ عَلِمُوا عِلْمًا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَ بِالْبَيِّنَاتِ، وَالْهُدَى فَحَمَلَهُمُ الْحَسَدُ عَلَى أَنِ اخْتَارُوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ، وَأَطْبَقُوا عَلَيْهِ، وَهُمْ أُمَّةٌ فِيهِمُ الْأَحْبَارُ وَالْعُلَمَاءُ وَالزُّهَّادُ وَالْقُضَاةُ وَالْمُلُوكُ وَالْأُمَرَاءُ.
هَذَا وَقَدْ جَاءَ الْمَسِيحُ بِحُكْمِ التَّوْرَاةِ وَلَمْ يَاتِ بِشَرِيعَةٍ تُخَالِفُهَا وَلَمْ يُقَاتِلْهُمْ، وَإِنَّمَا أَتَى بِتَحْلِيلِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ تَخْفِيفًا وَرَحْمَةً وَإِحْسَانًا، وَجَاءَ مُكَمِّلًا لِشَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ، وَمَعَ هَذَا فَاخْتَارُوا الْكُفْرَ كُلُّهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ، فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُهُمْ مَعَ نَبِيٍّ جَاءَ بِشَرِيعَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ نَاسِخَةٍ لِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ، مُبَكِّتًا لَهُمْ بِقَبَائِحِهِمْ، وَمُنَادِيًا عَلَى فَضَائِحِهِمْ، وَمُخْرِجًا لَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ، وَقَدْ قَاتَلُوهُ وَحَارَبُوهُ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَنْصُرُ عَلَيْهِمْ، وَيَظْفَرُ بِهِمْ، وَيَعْلُو هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَهُمْ مَعَهُ دَائِمًا فِي سَفَالٍ، فَكَيْفَ لَا يَمْلِكُ الْحَسَدُ وَالْبَغْيُ قُلُوبَهُمْ؟ وَأَيْنَ يَقَعُ حَالُهُمْ مَعَهُ مِنْ حَالِهِمْ مَعَ الْمَسِيحِ، وَقَدْ أَطْبَقُوا عَلَى الْكُفْرِ بِهِ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى؟ وَهَذَا السَّبَبُ وَحْدَهُ كَافٍ فِي رَدِّ الْحَقِّ، فَكَيْفَ إِذَا انْضَافَ إِلَيْهِ زَوَالُ الرِّئَاسَاتِ وَالْمَأْكَلِ كَمَا تَقَدَّمَ؟
وَقَدْ قَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ – وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ أَبِي جَهْلٍ – يَا خَالُ، هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَ مُحَمَّدًا قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ أُخْتِي! وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ فِينَا صَادِقًا وَهُوَ شَابٌّ، يُدْعَى الْأَمِينَ، فَمَا جَرَّبْنَا عَلَيْهِ كَذِبًا قَطُّ، قَالَ: يَا خَالُ! فَمَا لَكُمْ لَا تَتْبَعُونَهُ؟! قَالَ: يَا ابْنَ أُخْتِي تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو هَاشِمٍ الشَّرَفَ، فَأَطْعَمُوا وَأَطْعَمْنَا، وَسَقَوْا وَسَقَيْنَا، وَأَجَارُوا وَأَجَرْنَا، حَتَّى إِذَا تَجَاثَيْنَا عَلَى الرُّكَبِ وَكُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ، قَالُوا: مِنَّا نَبِيٌّ فَمَتَى نُدْرِكُ مِثْلَ هَذِهِ؟
وَقَالَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ يَوْمَ بَدْرٍ لِأَبِي جَهْلٍ: يَا أَبَا الْحَكَمِ! أَخْبِرْنِي عَنْ مُحَمَّدٍ أَصَادِقٌ هُوَ أَمْ كَاذِبٌ؟ فَإِنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا مِنْ قُرَيْشٍ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُكَ يَسْمَعُ كَلَامَنَا؟ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَيْحَكَ! وَاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَصَادِقٌ، وَمَا كَذَبَ مُحَمَّدٌ قَطُّ، وَلَكِنْ إِذَا ذَهَبَتْ بَنُو قُصَيٍّ بِاللِّوَاءِ وَالْحِجَابَةِ وَالسِّقَايَةِ وَالنُّبُوَّةِ فَمَاذَا يَكُونُ لِسَائِرِ قُرَيْشٍ؟.
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى – ط دار القلم (1) / (244) — ابن القيم (ت (751))
______________
(1340): استنباط دقيق، في التفريق بين الرياء ونشاط المؤمن عند رؤية غيره ..
في قول أبي موسى للنبي صلى الله عليه وسلم :
(لو علمتُ أنك تسمع قراءتي لحبّرته لك تحبيراً).
قال القرطبي: “فإنّ الإنسان قد يتساهل مع نفسه في أموره، ويعتني بها عند مشاركة غيره فيها، وإن كان مُخلصاً في أصل عمله”.
[المُفهم (424) / (2)]
المرء ربما ضعف إذا كان وحده ويقوى مع غيره.
قيل للإمام أحمدَ بنِ حنبل:
الرجلُ يدخل المسجدَ فيرى قومًا فيُحسِّن صلاتَه، أيكون رياءً؟
قال: لا، تلك بركةُ المسلم على المسلم.
الفروع: (298) / (2).
حسَّنها بهم لا حسَّنها لهم؛ فلم تكن رياءً.
______________
(1341): قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
ليس من الرياء أن يفرح الإنسان بعلم الناس بعبادته؛ لأن هذا إنما طرأ بعد الفراغ من العبادة.
وليس من الرياء أيضا أن يفرح الإنسان بفعل الطاعة في نفسه، بل ذلك دليل على إيمانه، قال النبي صلى الله عليه وسلم (من سرته حسنته وساءته سيئته، فذلك المؤمن).
القول المفيد126/ 2
______________
(1342): طالب العِلم، كالمُجاهِدِ في سبِيل الله!
قاَل الشّيخ محَمد بنُ صالِح العُثيميِن رحمهُ اللهُ:
«ولا فَرقَ بينَ المُجاهِد الَّذِي يُسَوِّي أسِنَّةَ قَوسِه، وبينَ طالبِ العِلم الَّذِي يَستخرِجُ المَسائِلَ العِلميَّةَ مِن بُطونِ الكُتب: كلٌّ مِّنهُما يعملُ للجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ وبيانِ شَرِيعةِ اللهِ لعبَادِ الله».
[شَرحُ رِيَاض الصّالِحين ((414) / (5))]
______________
(1343): قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
“فلولا أنه سبحانه يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغوا وبغوا وعتوا”
«زاد المعاد» (4) / (195)
______________
(1344): قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
مهما عملت من ا صلى الله عليه وسلم عمال الصالحة لا تعجب بعملك.
فعملك قليل بالنسبة لحق الله عليك.
(شرح رياض الصالحين 1/ 575)
______________
(1345): صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله:
من رضي عمل قومٍ حُشِر معهم؛
كما حُشرت امرأة لوط معهم،
ولم تكن تعمل فاحشة اللواط.
… [الفتاوى ((344) / (15))] صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم
______________
(1346): قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ – رَضِيَ اللّاهُ عَنْهُ -:
” كُلُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ تَمُرُّ بِكَ مُعَافًى فِيْ نَفْسِكَ وَأَهْلِكَ وَمَالِكَ، كَرَامَةٌ مِنَ اللهِ وَنِعْمَةٌ، لَا تَدْرِي مَا حَسْبُ ذَلِكَ، حَتَّى يُصِيْبَكَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ “.
[مُدَارَاةُ النَّاسِ ((119))]
______________
(1347): قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ:
” العَبْدُ دَائِمًا بَيْنَ نِعْمَةٍ مِنَ اللهِ يَحْتَاجُ فِيْهَا إِلَى شُكْرٍ، وَذَنْبٍ مِنْهُ يَحْتَاجُ فِيْهِ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ، وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ مِنَ الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ لِلْعَبْدِ دَائِمًا “.
[التُّحْفَةُ العِرَاقِيَّةُ ((79))]
______________
(1348): صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال الإمام الزهري: (الحديث: يُعجب ذكور الرجال، ويكرهه مؤنثوهم).
“المحدث الفاصل” (ص (179)).
قال الشاعر:
فدع عنك “الحديث” فلست كفواً
… لصنعتِه، فذا شأنُ “الرجالِ”
______________
(1349): قَالَ أَبْو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ – رَضِيَ اللّاهُ عَنْهُ -:
” لَسْتُ تَارِكًا شَيْئاً، كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيْغَ “.
[رَوَاهُ البُخَارِيُّ ((2953))]
______________
(1350): قَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ – رَحِمَهُ اللّاهُ تَعَالَى -:
” مَا ضُرِبَ عَبْدٌ بعُقُوبَةٍ أَعْظَمَ مِنْ قَسْوَةِ قَلْبٍ، ومَا غَضِبَ اللهُ عَلَى قَوْمٍ إِلاَّ نَزَعَ الرَّحْمَةَ مِنْ قُلُوبِهِمْ “.
[مَعَالِمُ التَّنْزِيْلِ ((115) / (7))]
______________
(1351): قَالَ أَبْو الفَرَجِ بْنِ الجَوزِيِّ – رَحِمَهُ اللّاهُ تَعَالَى -:
” الإِيْمَانُ القَوِيُّ، يَظْهَرُ أَثَرُهُ عِنْدَ قُوَّةِ الِابْتِلَاءِ “.
[صَيْدُ الخَاطِرِ ((59) صلى الله عليه وسلم )]
______________
(1352): قَالَ إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ:
” كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا الْجَنَازَةَ، أَوْ سَمِعْنَا بِمَيِّتٍ، عُرِفَ فِيْنَا أَيَّامًا، لِأَنَّا قَدْ عَرَفْنَا أَنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِهِ أَمْرٌ صَيَّرَهُ إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ إِلَى النَّارِ”.
[الزُّهْدُ لأَحْمَدَ ((2169))]
______________
(1353): قَالَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ – رَحِمَهُ اللّاهُ تَعَالَى -:
” مَا نُعَوِّلُ إِلَّا عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ تَعَالَى، فَأَمَّا التَّفْرِيْطُ فَهُوَ المُسْتَوْلِي عَلَى الأَبْدَانِ “.
[مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ لابْنِ أَبِيْ الدُّنْيَا ((85))]
______________
(1354): قَالَ اللّاهُ تَعَالَى:
{كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ العَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ}
قَالَ قَتَادَةُ – رَحِمَهُ اللّاهُ تَعَالَى -:
” اخْتَارَ أَكْثَرُ النَّاسِ العَاجِلَةَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ وعَصَمَ “.
[جَامِعُ البَيَانِ ((24) / (71))]
______________
(1355): الغش في الامتحان محرم ومنكر كالغش في المعاملات، وقد يكون أعظم من الغش في المعاملات؛ لأنه قد يحصل له وظائف كبيرة بأسباب الغش ….
ولا تغتر بالغشاشين ولا تغبطهم على غشهم لأنهم قد ارتكبوا كبيرة من الكبائر وحصلوا على خطر عظيم ….
الإمام ابن باز/نور على الدرب (931) ..
______________
(1356): قَالَ اللّاهُ تَعَالَى:
{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}
قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ – رَحِمَهُ اللّاهُ تَعَالَى -:
” قَالَ بَعْضُهُمْ: السَّابِقُونَ فِيْ الدُّنْيَا إِلَى الجُمُعَاتِ، هُمْ السَّابِقُونَ فِي يَومِ المَزِيدِ فِي الآخِرَةِ “.
[مَجمُوعُ الفَتَاوى ((406) / (6))]
______________
(1357): قَالَ أَيُّوبٌ السَّخْتِيَانِيُّ – رَحِمَهُ اللّاهُ تَعَالَى -:
” إِنَّ قَوْماً يُرِيْدُونَ أَنْ يَرْتَفِعُوا فَيَابَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يَضَعَهُمْ، وَآخَرِيْنَ يُرِيْدُونَ أَنْ يَتَوَاضَعُوا فَيَابَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يَرْفَعَهُمْ “.
[طَّبَقَاتُ ابْنِ سَعْدٍ ((127) / (7))]
______________
(1358): التقوى سببٌ لزيادة الفهم
قال ابن عثيمين رحمه الله:
التقوى سبب لقوة الفهم يحصل بها زيادة العلم، فانك تري الرجلين يحفظان آية من كتاب الله، يستطيع أحدهما إن يستخرج منها ثلاث أحكام مثلا، ويستطيع الآخر إن يستخرج أربعة، أو خمسة، أو عشرة، أو اكثر من هذا بحسب ما آتاه من الفهم.
فالتقوى سبب لزيادة الفهم.
[شرح رياض الصالحين (م (1)، ص (519))].
______________
(1359): {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجعَل لَكُم فُرقانًا وَيُكَفِّر عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ} [الأنفال: (29)]
امتثالُ العبد لتقوى ربه عنوان السعادة وعلامة الفلاح، وقد رتَّب اللَّه على التقوى من خير الدنيا والآخرة شيئًا كثيرًا، فذكر هنا أنَّ مَن اتَّقى اللَّه؛ حصل له أربعةُ أشياء، كلُّ واحدٍ منها خيرٌ من الدنيا وما فيها: الأول: الفُرقان، وهو العلم والهدى الذي يفرِّق به صاحبه بين الهدى والضلال والحقِّ والباطل والحلال والحرام وأهل السعادة من أهل الشقاوة. الثاني والثالث: تكفير السيئات ومغفرة الذنوب، وكل واحد منهما داخلٌ في الآخر عند الإطلاق، وعند الاجتماع يفسَّر تكفير السيئات بالذُّنوب الصغائر، ومغفرة الذنوب بتكفير الكبائر. الرابع: الأجر العظيم والثوابُ الجزيل لمن اتَّقاه وآثر رضاه على هوى نفسه.
تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (1) / (319) —