427 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: أحمد بن علي وعبدالله المشجري وسلطان الحمادي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
(427) – قال الحاكم في «المستدرك» (ج (3) ص (76)): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا [ص: (357)] عفان بن مسلم، حدثنا وهيب، حدثنا داود بن أبي هند، حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قام خطباء الأنصار، فجعل الرجل منهم يقول: يا معشر المهاجرين، إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا استعمل رجلًا منكم قرن معه رجلًا منا، فنرى أن يلي هذا الأمر رجلان أحدهما منكم والآخر منا. قال: فتتابعت خطباء الأنصار على ذلك، فقام زيد بن ثابت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان من المهاجرين، وإن الإمام يكون من المهاجرين، ونحن أنصاره كما كنا أنصار رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فقام أبو بكر رضي الله عنه فقال: جزاكم الله خيرًا يا معشر الأنصار، وثبت قائلكم، ثم قال: أما لو فعلتم غير ذلك لما صالحناكم. ثم أخذ زيد بن ثابت بيد أبي بكر، فقال: هذا صاحبكم فبايعوه. ثم انطلقوا، فلما قعد أبو بكر على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير عليًّا، فسأل عنه، فقام ناس من الأنصار فأتوا به، فقال أبو بكر: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وختنه، أردت أن تشق عصا المسلمين؟ فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فبايعه، ثم لم ير الزبير بن العوام، فسأل عنه حتى جاءوا به، فقال: ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحواريه، أردت أن تشق عصا المسلمين؟ فقال مثل قوله: لا تثريب يا خليفة رسُول اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فبايعاهُ.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
قلت: أبو نضرة لم يخرج له البخاري إلا تعليقًا، فهو على شرط مسلم.
………….
*أولا: دراسة الحديث رواية:*
• قال الحاكم في المستدرك: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ»
[التعليق – من تلخيص الذهبي] (4457) – سكت عنه الذهبي في التلخيص
*ثانيا: دراسة الحديث دراية:*
بوب عليه البيهقي في الكبرى:
بَابُ الْأَئِمَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ
بوب عليه مقبل في الجامع:
9 – البيعة للإمام
• في السنة لعبد الله بن أحمد (2) / (554) —
بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه
(1291) – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمُسَيَّبِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: «وَغَضِبَ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فِي بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم (554) صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَا بَيْتَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُمَا السِّلَاحُ فَجَاءَهُمَا عُمَرُ رضي الله عنه فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ أُسَيْدُ وَسَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ وَهُمَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَيُقَالُ فِيهِمْ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ أَخُو بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ فَأَخَذَ أَحَدُهُمْ سَيْفَ الزُّبَيْرِ فَضَرَبَ بِهِ الْحَجَرَ حَتَّى كَسَرَهُ» قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ مَعَ عُمَرَ يَوْمَئِذٍ وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ كَسَرَ سَيْفَ الزُّبَيْرِ»، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
ثم أورد حديث الباب
(1293) – حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ نا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: “أَبْطَأَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ عَنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ، فَلَقِيَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ أَبْطَأْتَ عَنْ بَيْعَتِي وَأَنَا أَسْلَمْتُ، قَبْلَكَ» وَلَقِيَ الزُّبَيْرَ فَقَالَ: «يَا زُبَيْرُ أَبْطَأْتَ عَنْ بَيْعَتِي وَأَنَا أَسْلَمْتُ قَبْلَكَ»
• قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية ت التركي (9) / (416): وَقَدِ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ، عَلَى بَيْعَةِ الصِّدِّيقِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، حَتَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَأَرْضَاهُمَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ حَيْثُ قَالَ: …
ثم أورد نحوا من حديث الباب ثم قال: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُولُ: جَاءَنِي مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، فَسَأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَكَتَبْتُهُ لَهُ فِي رُقْعَةٍ وَقَرَاتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ يُسَاوِي بَدَنَةً. فَقُلْتُ: يَسْوَى بَدَنَةً؟! بَلْ هَذَا يَسْوَى بَدْرَةً. وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ وُهَيْبٍ مُخْتَصَرًا. وَأَخْرَجَهُ
الْحَاكِمُ فِي «مُسْتَدْرَكِهِ» مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ وُهَيْبٍ مُطَوَّلًا كَنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْمَحَامِلِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، عَنِ الْجرِيرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي مُبَايَعَةِ عَلَيٍّ وَالزُّبَيْرِ، رضي الله عنهما، يَوْمَئِذٍ.
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي «مَغَازِيهِ» عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ كَانَ مَعَ عُمَرَ، … خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ، وَاعْتَذَرَ إِلَى النَّاسِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى الْإِمَارَةِ يَوْمًا وَلَا لَيْلَةً، وَلَا سَأَلْتُهَا اللَّهَ فِي سِرٍّ وَلَا عَلَانِيَةٍ. فَقَبِلَ الْمُهَاجِرُونَ مَقَالَتَهُ، *وَقَالَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ: مَا غَضِبْنَا إِلَّا لِأَنَّنَا أُخِّرْنَا عَنِ الْمَشُورَةِ، وَإِنَّا نَرَى أَبَا بَكْرٍ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، إِنَّهُ لَصَاحِبُ الْغَارِ، وَإِنَّا لَنَعَرِفُ شَرَفَهُ وَخَيْرَهُ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّلَاةِ بِالنَّاسِ وَهُوَ حَيٌّ، وَهَذَا اللَّائِقُ بَعَلِيٍّ، رضي الله عنه، وَالَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآثَارُ ; مِنْ شُهُودِهِ مَعَهُ الصَّلَوَاتِ، وَخُرُوجِهِ مَعَهُ إِلَى ذِي الْقَصَّةِ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، كَمَا سَنُورِدُهُ، وَبَذْلِهِ لَهُ النَّصِيحَةَ وَالْمَشُورَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ،* وَأَمَّا مَا يَاتِي مِنْ مُبَايَعَتِهِ إِيَّاهُ بَعْدَ مَوْتِ فَاطِمَةَ – وَقَدْ مَاتَتْ بَعْدَ أَبِيهَا، صلى الله عليه وسلم، بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ – فَذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا بَيْعَةٌ ثَانِيَةٌ أَزَالَتْ مَا كَانَ قَدْ وَقَعَ مِنْ وَحْشَةٍ بِسَبَبِ الْكَلَامِ فِي الْمِيرَاثِ، وَمَنْعِهِ إِيَّاهُمْ ذَلِكَ بِالنَّصِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ: ««لَا نُورَثُ، مَا تَرَكَنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ»». كَمَا تَقَدَّمَ إِيرَادُ أَسَانِيدِهِ وَأَلْفَاظِهِ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَقَدْ كَتَبْنَا هَذِهِ الطُّرُقَ مُسْتَقْصَاةً فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَفْرَدْنَاهُ فِي سِيرَةِ الصِّدِّيقِ، وَمَا أَسْنَدَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الْأَحْكَامِ مُبَوَّبَةً عَلَى أَبْوَابِ الْعِلْمِ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
• الْخَتَنُ: أي زوج ابنته. انظر النهاية ((2) / (11)).
• لا تَثْرِيبَ: أي لا لوم، ولا تأنيب، ولا عتب عليك. انظر لسان العرب ((2) / (89)). ومنه قوله تَعَالَى في سورة يوسف آية ((92)): {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}.
البدْره: كيس فيه شيء كثير من المال
• قالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ ((8) / (280)): وأما بيعة علي رضي الله عنه لأبي بكر رضي الله عنه بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها، فكانت بيعة ثانية مؤكدة للأولى لإزالة ما كان وقع بسبب الميراث.
• وقال ابن كثير في البداية والنهاية: وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُزَكِّي بِمَرْوَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ، ثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ثَنَا شُعَيْبُ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ عَلَيْنَا؟ فَقَالَ: مَا اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْتَخْلِفَ، وَلَكِنْ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِالنَّاسِ خَيْرًا فَسَيَجْمَعُهُمْ بَعْدِي عَلَى خَيْرِهِمْ، كَمَا جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ عَلَى خَيْرِهِمْ. إِسْنَادٌ جَيِّدٌ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ.
• موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (5) / (176) — مجموعة من المؤلفين: [(23) / (23)] تعيين الإمام يكون بالبيعة
المراد بالمسألة: البيعة لغة: من البيع، وهي: الصفقة من صفقات البيع، يُقال: بايعه مبايعة وبياعًا: عارضه بالبيع، فهي: معاهدة ومعاقدة، كل من طرفيها باع ما عنده لصاحبه، وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره ((4)).
البيعة اصطلاحًا: هي العهد على الطاعة، كأن المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين، لا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره، وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده، تأكيدا للعهد، فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، وصارت البيعة تقترن بالمصافحة بالأيدي، هذا مدلولها حيثما ورد هذا اللفظ، ومنه: بيعة الرضوان يوم الحديبية، وبيعة الخلفاء ((1)). وقد اتفق علماء الأمة على أن تعيين الإمام باختيار أهل الحل والعقد، ثم مبايعته من قبلهم، ومن قبل الأمة.
من نقل الإجماع: الجصاص ((370) هـ) قال: «وأجمعوا على عقد البيعة لأبي بكر رضي الله عنه» ((2)). ابن قدامة ((620) هـ) قال: «فإن أبا بكر ثبتت إمامته بإجماع الصحابة على بيعته» ((3)) النووي ((676) هـ) قال: «وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف، وعلى انعقادها بعقد أهل الحل، والعقد لإنسان إذا لم يستخلف الخليفة» ((4))، نقله ابن حجر العسقلاني ((852) هـ) ((5))، والعيني ((855) هـ) ((6))، والشوكاني ((1250) هـ) ((7)) والعظيم آبادي (بعد (1310) هـ) ((8))، والمباركفوري ((1353) هـ) ((9)) الحافظ العراقي ((806) هـ) قال: «انعقد الإجماع على أن الخليفة يجوز له الاستخلاف وتركه، وعلى انعقاد الخلافة، بالاستخلاف، وعلى انعقادها بعقد أهل الحل، والعقد لإنسان إذا لم يستخلفه الخليفة» ((10)). الإيجي ((756) هـ) قال: «وتثبت -الإمامة-أيضًا ببيعة أهل الحل والعقد، عند أهل السنة والجماعة، والمعتزلة، والصالحية من الزيدية، خلافًا للشيعة، أي: لأكثرهم، فإنهم قالوا: لا طريق إلا النص» ((11)).
من وافق على الإجماع؛ الحنفية ((1))، والمالكية ((2))، والشافعية ((3))، والحنابلة ((4))، والظاهرية ((5)).
مستند الإجماع: يستدل على ذلك بما ثبت من آثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
(1) – قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وصف مبايعة المسلمين لأبي بكر الصديق رضي الله عنه في سقيفة بني ساعدة: «. . . إِنَّا وَاللَّه مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ، خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى، وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ، فَيَكُونُ فَسَادٌ»
(2) – وقال رضي الله عنه في خطبته حِينَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَذَلِكَ الْغَدَ مِنْ يَوْم تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ثَانِيَ اثْنَيْنِ، فَإِنَّهُ أَوْلَى المُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ»، قال أنس بن مالك رضي الله عنه «وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ» ((7)).
(3) – روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما قال:”. . . فلما قعد أبو بكر على المنبر، نظر في وجوه القوم، فلم ير عليًّا، فسأل عنه، فقام ناس من الأنصار فأتوا به، فقال أبو بكر: ابن عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وختنه، أردت أن تشق المسلمين! فقال: لا تثريب يا خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فبايعه، ثم لم ير الزبير بن العوام، فسأل عنه حتى جاؤوا به، فقال: ابن عمة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وحواريه، أردت أن تشق عصا المسلمين! فقال مثل قوله: لا تثريب يا خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فبايعاه» ((1)).
• وجه الدلالة: انعقاد الخلافة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه بالبيعة.
- من خالف الإجماع: قال ابن الراوندي: نص على العباس رضي الله عنهما، وقالت الشيعة: نص على علي
ونوقش ذلك: بأن هذه دعاوى باطلة، وجسارة على الافتراء، ووقاحة في مكابرة الحس؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على اختيار أبي بكر رضي الله 6 ((3)).
النتيجة: صحة الإجماع أن تعيين الإمام يكون بالبيعة.
،
• قال الشيخ عبدالمحسن العباد في الانتصار لأهل السنة والحديث في رد أباطيل حسن المالكي (1) / (66) — عبد المحسن العباد (معاصر)
وأما الجهة الثانية فهي في بيان الأدلَّة الدالَّة على أحقِّيَّة أبي بكر بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأذكر هنا بعضَ ما وقفتُ عليه من الأحاديث والآثار وحكاية الإجماع.
أوَّلًا: الأحاديث والآثار:
• (1) – روى البخاري ((5666))، ومسلم ((2387)) في صحيحيهما، واللفظ لمسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضِه: ادْعِي لي أبا بكر وأخاكِ حتى أكتب كتابًا، فإنِّي أخاف أن يتمنّى متمنٍّ ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلاَّ أبا بكر».
• (2) – روى البخاري ((7220))، ومسلم ((2386)) في صحيحيهما، واللفظ للبخاري عن جُبير بن مُطْعم قال: «أتت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ فكلَّمتْه في شيءٍ، فأمرها أن ترجع إليه، قالت: يا رسول الله! أرأيتَ إن جئتُ ولَم أجدْك، كأنَّها تريد الموت؟ قال: إن لَم تجديني فأتِي أبا بكر».
• (3) – روى البخاري في صحيحه ((678)) عن أبي
قال: مروا أبا بكرٍ فليصلِّ بالناس» الحديث، وقد أخرجه مسلم في صحيحه ((420)).
• وجاء أمره صلى الله عليه وسلم أبا بكر ليصلي بالناس من حديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري ((679)) ومسلم ((418)). - وقد فهم الصحابةُ رضي الله عنهم من تقديم أبي بكر رضي الله عنه في الإمامة في الصلاة أنَّه الأحقُّ بالخلافة، فروى ابن سعد في الطبقات ((3) / (178) – (179)) قال: أخبرنا حُسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن عاصم، عن زِرّ عن عبد الله (يعني ابن مسعود قال: «لَمَّا قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار: مِنَّا أميرٌ ومنكم أميرٌ، قال: فأتاهم عمر، فقال: يا معشر الأنصار! ألستم تعلمون أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يصلّي بالناس؟ قالوا: بلى! قال: فأيُّكم تطيبُ نفسُه أن يتقدَّم أبا بكر؟. قالوا: نعوذ بالله أن نتقدَّم أبا بكر!».
• وهذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُه رجالُ الجماعة، وعاصم هو ابن أبي النجود، وحديثُه في الصحيحين مقرونٌ، ورواه الحاكم في المستدرك ((3) / (67))، وقال: «هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي.
• وفي صحيح البخاري ((3668)) أنَّ عمر رضي الله عنه قال لأبي بكر يوم السقيفة: «بل نبايعُك أنت؛ فأنت سيِّدنا وخيرُنا وأحبُّنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ عمر بيده، فبايعه وبايعه الناس».
• (4) – روى مسلم في صحيحه ((532)) عن جندب بن عبد الله البجلي
• أنَّه قال: «سمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمسٍ وهو يقول: إنِّي أبرأُ إلى الله أن يكون لي منكم خليلٌ؛ فإنَّ الله تعالى قد اتَّخذني خليلًا، كما اتَّخذ إبراهيمَ خليلًا، ولوكنتُ متَّخذًا من أُمَّتي خليلًا لاتَّخذتُ أبا بكرٍ خليلًا» الحديث.
• وهذا التنويهُ بهذه الفضيلة العظيمة للصِّدِّيق في مرض موته صلى الله عليه وسلم وقبل وفاته بخمس ليالٍ، فيه إشارةٌ قويّةٌ إلى أنَّه الأحقُّ بالخلافة من غيره. - (5) – روى البخاري ((3664)) ومسلم ((2392)) في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «بينا أنا نائمٌ رأيتُني على قليبٍ عليها دلوٌ، فنزعتُ منها ما شاء الله، ثمَّ أخذها ابنُ أبي قُحافة فنزع بها ذَنُوبًا أو ذَنوبين، وفي نزعه ضَعفٌ، والله يغفر له ضعفَه، ثمَّ استحالت غربًا فأخذها ابنُ الخطاب، فلَم أَرَ عَبْقريًاّ من الناس ينزع نزعَ عمر، حتى ضرب الناسُ بعَطَن».
• ورؤيا الأنبياء وحيٌ، وهذه الرؤيا فيها إشارةٌ إلى خلافة أبي بكر وقِصَرها، وإلى خلافة عمر مِن بعده، وطولها وكثرة نفعها.
• (6) – روى ابن أبي شيبة في مصنّفه ((7) / (434) رقم: (7053)) فقال: حدثنا ابن نُمير، عن عبد الملك بن سلع، عن عبد خير قال: سمعتُ عليًاّ يقول: «قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على خير ما عليه نَبِيٌّ من الأنبياء، قال: ثمَّ استُخلف أبو بكر فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسنته، ثمَّ قُبض أبو بكر على خير ما قُبض عليه أحد، وكان خيرَ هذه الأمة بعد نبيِّها، ثمَّ استُخلف عمر فعمل بعملهما وسنتهما، ثمَّ قُبض على خير ما قُبض عليه أحد، وكان خيرَ هذه الأمة بعد نبيِّها وبعد أبي بكر».
• ورجالُ هذا الإسناد محتجٌّ بهم، فعبد خير وعبد الله بن نمير ثقتان، وعبد الملك بن سلع صدوق.
• ثانيًا: حكايةُ الإجماع والاتّفاق على خلافة أبي بكر ر
لَم يأت نصٌّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صريحٌ على خلافة أبي بكر أو غيره، لكنَّه قد جاء أحاديث صحيحة تدلُّ دلالة قويَّة على أنَّه أولَى من غيره بالخلافة، وقد مرَّ جملةٌ منها، وقد حصل اتِّفاق الصحابة رضي الله عنهم على بيعته، وتحقَّق ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله في الحديث المتقدِّم قريبًا: «يأبى الله والمؤمنون إلاَّ أبا بكر»، ويدلُّ على حصول اتِّفاقهم على بيعته ما يلي: - (1) – روى الحاكم في المستدرك ((3) / (78) – (79)) قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدَّثني أبي وأحمد بن منيع، قالا: ثنا أبو بكر بن عياش، ثنا عاصم، عن زِر، عن عبد الله (يعنِي ابنَ مسعود) قال: «ما رأى المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيِّئًا فهو عند الله سيِّء، وقد رأى الصحابةُ جميعًا أن يستخلفوا أبا بكر رضي الله عنه).
• ورجاله مُحتجٌّ بهم، والقطيعي ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء ((16) / (210))، وقال عنه: «الشيخ العالم المحدِّث مسند الوقت».
• (2) – روى البخاري في صحيحه ((7219)) بإسناده إلى الزهري أنَّه قال: «أخبرني أنس بن مالك رضي أنَّه سمع خطبة عمر الآخرة حين جلس على المنبر، وذلك الغد من يوم توفي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فتشهَّد وأبو بكر صامت لا يتكلَّم، قال: كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يَدْبَرَنا، يريد بذلك أن يكون آخرَهم، فإن يكُ محمدٌ صلى الله عليه وسلم قد مات، فإنَّ الله تعالى قد جعل بين أظهرِكم نورًا تهتدون به بما هدى الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم ، وإنَّ أبا
بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني اثنين، فإنَّه أولَى الناسِ بأمورِكم، فقوموا فبايِعوه، وكانت طائفةٌ منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بَنِي ساعدة، وكانت بيعة العامة على المنبر، قال الزهري (أي بالإسناد المتقدِّم) عن أنس بن مالك: سمعتُ عمر يقول لأبي بكر يومئذ: اصعد المنبر، فلم يزل به حتى صعد المنبر، فبايعه الناسُ عامَّة».
• (3) – روى أبو داود في سننه ((4630)) قال: حدَّثنا محمد بن مسكين، حدَّثنا محمد – يعني الفريابي – قال: سمعتُ سفيان (يعني الثوري) يقول:
• «مَن زعم أنَّ عليًّا رضي الله عنه كان أحقَّ بالولاية منهما فقد خطَّأ أبا بكر وعمر والمهاجرين والأنصار، وما أراه يرتفع له مع هذا عمل إلى السماء». - إسناده صحيح، ومحمد بن يوسف الفريابي ثقة أخرج له الجماعة، ومحمد بن مسكين ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبوداود والنسائي.
• (4) – روى البيهقي في كتابه مناقب الشافعي ((1) / (434)) بإسناده إلى الشافعي قال: «أجمع الناسُ على خلافة أبي بكر، واستخلَف أبو بكر عمر، ثمَّ جعل عمرُ الشورى إلى ستة، على أن يُوَلُّوها واحدًا، فوَلَوْها عثمان) أجمعين».
• (5) – قال الإمام أبو الحسن الأشعري علي بن إسماعيل في كتابه الإبانة (ص: (185) – (186)): «وأثنى الله عزوجل على المهاجرين والأنصار والسابقين إلى الإسلام، وعلى أهل بيعة الرضوان، ونطق الكتاب بمدح المهاجرين والأنصار في مواضع كثيرة، وأثنى على أهل بيعة الرضوان، فقال عزوجل: {لَقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} الآية.
• قد أجمع هؤلاء الذين أثنى عليهم ومدَحهم على إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وسَمَّوه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبايعوه وانقادوا له،
• وأقَرُّوا له بالفضل، وكان أفضلَ الجماعة في جميع الخصال التي يستحقُّ بها الإمامةَ من العلم والزهد وقوَّة الرأي وسياسة الأمَّة وغير ذلك».
• (6) – قال أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الحافظ المعروف بابن السَّقاء: «وأجمع المهاجرون والأنصار على خلافة أبي بكر، قالوا له: يا خليفة رسول الله! ولَم يُسَمَّ أحدٌ بعده خليفة، وقيل: إنَّه قُبض النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عن ثلاثين ألف مسلم، كلٌّ قال لأبي بكر: يا خليفة رسول الله! ورَضوا به مِن بعده،، وإلى حيث انتهينا قيل لهم: أمير المؤمنين». من تاريخ بغداد للخطيب ((10) / (131)).
• والمراد أنَّ أبا بكر كان يُقال له: يا خليفة رسول الله! وأمَّا غيره فيُقال له: يا أمير المؤمنين. - (7) – قال أبو عثمان الصابوني إسماعيل بن عبد الرحمن في كتابه عقيدة السَّلف أصحاب الحديث (ص: (87)): «ويُثبت أصحابُ الحديث خلافةَ أبي بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم باختيار الصحابة واتِّفاقهم عليه وقولهم قاطبة: رَضِيَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لدِيننا فرضيناه لدُنيانا، يعني أنَّه استخلفه في إقامة الصلوات المفروضات بالناس أيَّام مرضه وهي الدِّين، فرضيناه خليفةً للرسول صلى الله عليه وسلم علينا في أمور دُنيانا.
• وقولهم: قدَّمك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمَن ذا الذي يُؤَخِّرك؟ وأرادوا أنَّه صلى الله عليه وسلم قدَّمَك في الصلاة بنا أيَّام مرضه، فصلينا وراءك بأمره، فمَن ذا الذي يُؤخِّرك بعد تقديمه إيَّاك؟!
• وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلَّم في شأن أبي بكر في حال حياته بِما يُبيِّن للصحابة أنَّه أحقُّ الناس بالخلافة بعده، فلذلك اتَّفقوا عليه واجتمعوا، فانتفعوا بمكانه – والله – وارتفعوا به وعَزُّوا وعَلَوْا بسببه».
• (8) ـ قال الإمام البيهقي في كتابه الاعتقاد (ص: (179) – (180)): «وقد صحَّ بما ذكرنا اجتماعُهم على مبايعته مع علي بن أبي طالب، فلا يجوز لقائل أن يقول: كان باطنُ عليٍّ أو غيرِه بخلاف ظاهرِه، فكان عليٌّ أكبرَ محلًاّ وأجلَّ قدرًا من أن يقدم على هذا الأمر العظيم بغير حقٍّ أو يُظهِرَ للناس خلافَ ما في ضميره، ولو جاز هذا في اجتماعهم على خلافة أبي بكر لَم يصحَّ إجماعٌ قطُّ، والإجماعُ أَحَدُ حُجَج الشريعة، ولا يجوز تعطيلُه بالتوهُّم».
• (9) – قال ابن قدامة في لُمعة الاعتقاد (ص: (35)): «وهو (أي أبو بكر الصديق) أحقُّ خلق الله بالخلافة بعد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ لفضله وسابقته وتقديم النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنهم وإجماع الصحابة على تقديمه ومبايعته، ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة».
• (10) – قال القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن ((1) / (264)): - «وأجمعت الصحابةُ على تقديم الصدِّيق بعد اختلافٍ وقع بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بَنِي ساعدة في التعيين، حتى قالت الأنصار: منَّا أميرٌ ومنكم أمير، فدفعهم أبو بكر وعمر والمهاجرون عن ذلك، وقالوا لهم: إنَّ العربَ لا تدين إلاَّ لِهذا الحيِّ من قريش، ورَوَوا لهم الخبرَ في ذلك، فرجعوا وأطاعوا لقريش».
• (11) – قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم ((15) / (154) – (155)) عند شرحه لأثر عائشة رضي الله عنها لَمَّا سُئلت: «مَن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفًا لو استخلفه؟ قالت: أبو بكر، فقيل لها: ثمَّ مَن بعد أبي بكر؟ قالت: عمر، ثمَّ قيل لها: مَن بعد عمر؟ قالت: أبو عبيد بن الجراح، ثمَّ انتهت إلى هذا»، قال: «هذا دليلٌ لأهل السُّنَّة في تقديم أبي بكر ثمَّ عمر في للخلافة مع إجماع الصحابة، وفيه دلالة لأهل السُّنَّة أنَّ خلافةَ أبي بكر ليست بنصٍّ من النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم على خلافته صريحًا، بل أجمعت الصحابةُ على عقد الخلافة له وتقديمه لفضيلته، ولو كان هناك نصٌّ عليه أو على غيره لَم تقع المنازعةُ من الأنصار وغيرهم أولًا، ولَذَكر حافظ النصَّ ما معه، ولرجعوا إليه، لكن تنازعوا أوَّلًا، ولم يكن هناك نصٌّ، ثمَّ اتَّفقوا على أبي بكر واستقرَّ الأمر».
• (12) – قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة ((6) / (455)): « … فبايعه الذين بايعوا الرَّسولَ تحت الشجرة، والذين بايعوه ليلة العقبة، والذين بايعوه لَمَّا كانوا يُهاجرون إليه، والذين بايعوه لَمَّا كانوا يُسلمون من غير هجرة كالطلقاء وغيرِهم، ولم يقل أحدٌ قطُّ: إنِّي أحقُّ بهذا مِن أبي بكر، ولا قاله أحدٌ في أحدٍ بعينه: إنَّ فلانًا أحقُّ بهذا الأمر من أبي بكر».
• (13) – عقد ابن القيم في كتابه «الفوائد» فصلًا في فضائل أبي بكر، ومِمَّا جاء فيه قوله في (ص: (95)): «نطقتْ بفضله الآياتُ والأخبارُ، واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار».
(14) – قال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية ((9) / (415) – (418)):
«وقد اتَّفق الصحابةُ رضي الله عنهم على بيعة الصِّديق في ذلك الوقت، حتى عليّ بن أبي طالب والزبير بن العوام رضي الله عنهم وأرضاهما، والدليل على ذلك ما رواه البيهقي حيث قال: أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد بن علي الحافظ الإسفراييني، ثنا أبو علي الحُسين بن علي الحافظ، ثنا أبو بكر بن خزيمة وإبراهيم بن أبي طالب، قالا: نا بُندار بن بشار، ثنا أبو هشام المخزومي، ثنا وُهيب، ثنا داود بن أبي هند، ثنا أبو نَضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: «قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واجتمع الناسُ في دار سعد بن عُبادة، وفيهم أبو بكر وعمر، قال: فقام خطيبُ الأنصار فقال: أتَعلمون أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من المهاجرين، وخليفتَه من المهاجرين، ونحن كنَّا أنصارَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فنحن أنصارُ خليفتِه كما كنَّا أنصارَه، قال: فقام عمرُ بنُ الخطاب، فقال: صدق قائلُكم … .
(15) – قال يحيى بن أبي بكر العامري في كتابه الرياض المستطابة (ص: (143)): «وقد كانت بيعتُه إجماعًا من الصحابة الذين هم أعرفُ بالحال، وأدرى بصحَّة الدليل في المقال، والإجماعُ حُجَّة قطعية من غيرهم، فما ظنُّك بهم؟!».
ومِمَّا تقدَّم من الأحاديث والآثار وحكاية الإجماع يتبيَّن أنَّ خلافةَ أبي بكر رضي الله عنه حقٌّ، وأنَّه أوْلَى بالخلافة من غيره، وأنَّ القولَ بخلاف ذلك ضلالٌ عن الحقِّ وخروجٌ عن الجادَّة واتِّباعٌ لغير سبيل المؤمنين التي بيَّنها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: «يأبى الله والمؤمنون إلاَّ أبا بكر»، فالله يأبى إلاَّ أبا بكر، والمؤمنون يأبون إلاَّ أبا بكر، ويأبى بعضُ الذين اتَّبعوا غيرَ سبيل المؤمنين مِن أهل الأهواء والبدعِ إلاَّ غير أبي بكر، نعوذ بالله من الخذلان.
ثمَّ أقول: إنَّ غُلوَّ المالكي في عليٍّ رضي الله عنه لا يُفيد عليًّا شيئًا، وإنَّ جفاءَه في حقِّ الكثيرين من الصحابة لا يضُرُّهم شيئًا، وإنَّما مضرَّة الغلوِّ والجفاء تعود على الغالي الجافي، نسأل الله السلامةَ والعافية.
تنبيه: بعد إيراد المالكي كلامه الذي شكَّك فيه في أَوْلَوِيَّةِ أبي بكر رضي الله عنه في الخلافة أورد كلامًا يُشكِّك فيه في أوْلوية عمر وعثمان رضي الله عنه في الخلافة من بعده، ولَم أُشغِل نفسي بإيراده هنا والردِّ عليه؛ اكتفاءًا بما تقدَّم في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، ومن المعلوم أنَّ مَن سهُل عليه التشكيكُ في خلافة أبي بكر فإنَّ تشكيكَه في خلافة عمر وعثمان أسهلُ وأسهل، نسأل الله السلامة والعافية من كلِّ شرٍّ وسوء.
بعض أحكام الإمامة:
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه الإبانة:
[باب] الكلام في إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
فذكر فضيلة الصحابة وأهل بيعة الشجرة وقال:
3 – قد أجمع هؤلاء الذين أثنى الله عليهم ومدحهم على إمامة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وسموه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبايعوه وانقادوا له، [وأقروا له] بالفضل، وكان أفضل الجماعة في جميع الخصال التي يستحق بها الإمامة من العلم والزهد وقوة الرأي وسياسة الأمة وغير ذلك.
4 – دليل آخر من القرآن على إمامة أبي بكر الصديق [رضي الله عنه].
وقد دل على إمامة أبي بكر الصديق في سورة براءة فقال للقاعدين عن نصرة نبيه صلى الله عليه وسلم والمتخلفين عن الخروج معه: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا}، وقال [تعالى] في سورة أخرى: [{سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَاخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} يعني قوله: {لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا}، ثم قال: {كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [وقال:] {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا} يعني تعرضوا عن إجابة الداعي لكم إلى قتالهم: {كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}، والداعي لهم إلى ذلك غير النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال الله عز وجل [له]: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا}.
5 – وقال في سورة الفتح: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}، فمنعهم عن الخروج مع نبيه عليه السلام، وجعل خروجهم معه تبديلاً لكلامه فوجب بذلك أن الداعي الذي يدعوهم إلى القتال داع يدعوهم بعد نبيه -صلى الله عليه وسلم. وقد قال الناس: [هم أهل فارس] وقالوا أهل اليمامة. فإن كانوا أهل اليمامة فقد قاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ودعا إلى قتالهم، وإن كان الروم، فقد قاتلهم الصديق أيضًا، وإن كانوا أهل فارس [فقد] قوتلوا في أيام أبي بكر، وقاتلهم عمر من بعده، وفرغ منهم.
6 – وإذا وجبت إمامة عمر رضي الله عنه، وجبت إمامة أبي بكر [كما وجبت إمامة عمر رضي الله عنه لأن العاقد له الإمامة أبو بكر رضي الله عنه، فقد دل القرآن على إمامة الصديق والفاروق رضوان الله عليهما،.
12 – وقد روى شريح بن النعمان قال: ثنا حشرج بن نباتة عن [سعيد] بن جهمان، قال: حدثني سفينة قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك»، ثم قال لي سفينة: أمسك خلافة أبي بكر، [ثم قال:] [وخلافة] عمر وخلافة عثمان، ثم [قال]: أمسك خلافة علي ابن أبي طالب، قال: [فوجدتها] ثلاثين سنة». فدل ذلك على أنه إمامة الأئمة الأربعة رضي الله عنهم.
[الإبانة عن أصول الديانة ص611 ت العصيمي]
قال التويجري:
2 – أحكام الخلافة
– حكم نصب الخليفة:
1 – نَصْب الإمام للمسلمين واجب؛ للحكم بينهم بما أنزل الله، وتدبير أحوال الناس، وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وحماية بيضة الإسلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، وتعليم أحكام الدين، ودفع ضرر الفوضى.
فلا بد للمسلمين من إمام يقيم شعائر الدين، ويحكم بالعدل، وينصف المظلومين من الظالمين.
1 – قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَاوِيلًا (59)} [النساء: 59].
2 – وقال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)} … [المائدة: 49].
3 – وَعَنْ عَبْداللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَا حُجّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيّةً». أخرجه مسلم (1).
2 – كان النبي صلى الله عليه وسلم يحكم بين الناس بما أنزل الله، فلما توفي صلى الله عليه وسلم بايع أبا بكر بالخلافة، ثم استخلَف أبو بكر عمر رضي الله عنهما، ثم استخلَف عمر أحد الستة الذين اختاروا عثمان رضي الله عنه.
ثم بعد استشهاد عثمان رضي الله عنه بايع الصحابة رضي الله عنهم علياً رضي الله عنه بالخلافة.
– من يقوم باختيار الخليفة:
يقوم باختيار ومبايعة الخليفة أهل الحل والعقد من العلماء الربانيين، والرؤساء، ووجوه الناس، فيختارون الإمام نيابة عن الأمة، كما اختار المهاجرون والأنصار الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.
وعلى من يختارونه لهذا المنصب أن يسمع ويطيع، ويَحْكمهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والخلافة فرض كفاية، مخاطَب بها فريقان من الناس:
أهل الشورى ليختاروا الإمام .. ومن يصلح للإمامة حتى ينتصب للإمامة.
وإذا لم يصلح للإمامة إلا واحد تعيَّن عليه طلبها إن لم يبتدؤه، إن كان الدافع له مصلحة المسلمين.
1 – قال الله تعالى حكاية عن يوسف صلى الله عليه وسلم: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)} [يوسف: 54 – 55].
2 – وقال الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} … [الشورى: 38].
– مقاصد الخلافة:
الخلافة والإمامة والحكم في الإسلام وسيلة لا غاية، والخلافة من أعظم العبادات لمن قام بحقها؛ لما يتحقق بها من المقاصد الكبرى.
وأعظم هذه المقاصد إقامة أمر الله عز وجل على الوجه الذي شرع، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونشر الخير، والقضاء على كل فساد.
ويجمع هذه المقاصد مقصدان كبيران هما:
إقامة الدين .. وسياسة الدنيا به
– أهل الخلافة:
الخلافة في قريش، والناس تبع لقريش.
وطول المؤلف في مسائل البيعة وواجبات الحاكم [موسوعة الفقه الإسلامي – التويجري 5/ 283]
تنبيه:
تسمية عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين
(620) – حدّثني أحمد بن عبد الصمد الأنصاريّ، قال: حدّثتْني أمّ عمرو بنت حسّان الكوفيّة عن أبيها، قال: لما ولي عمر قيل: يا خليفة خليفة رسول الله! فقال عمر رضي الله عنه: هذا أمر يطول، كلّما جاء خليفة قالوا: يا خليفة خليفة خليفة رسول الله! بل أنتم المؤمنون، وأنا أميركم؛ فسمِّيَ أمير المؤمنين.
قال أحمد بن عبد الصمد: سألتها كم أتى عليكِ من السنين؟ قالت: مئة وثلاث وثلاثون سنة. ((4): (208)).
إسناده ضعيف.
((صحيح وضعيف تاريخ الطبري (8) / (425) — محمد بن طاهر البرزنجي (معاصر)
ضعيف تاريخ الطبري صلى الله عليه وسلم الخلافة الراشدة))
لكن في موسوعة الإجماع:
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من سمي أمير المؤمنين
• المراد بالمسألة: اتفق علماء الأمة على أن أول من سُمِّي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
• من نقل الإجماع: النووي ((676) هـ) قال: «أول من سُمِّي أمير المؤمنين: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم، وأما ما توهمه بعض الجهلة في مسيلمة (فخطأ صريح وجهل قبيح مخالف لإجماع العلماء، وكتبهم متظاهرة على نقل الاتفاق على أن أول من سُمِّي أمير المؤمنين: عمر بن الخطاب» (ابن خلدون ((808) هـ) قال: «واتفق أن دعا بعض الصحابة عمر رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين، فاستحسنه الناس واستصوبوه ودعوه به. . . وذهب لقبًا له في الناس، وتوارثه الخلفاء من بعده».
• الموافقون على الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية
وفي موسوعة الإجماع أيضا:
[(18) / (18)] تسمية أبي بكر خليفة رسول اللَّه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم –
• المراد بالمسألة: اتفاق علماء الأمة على تسمية أبي بكر رضي الله عنه خليفة رسول اللَّه، بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
• من نقل الإجماع: ابن أبي عاصم ((287) هـ) قال: «واتفق المسلمون على بيعته، وعلموا أن الصلاح فيها، فسموه: خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وخاطبوه بها» أبو الحسن الأشعري ((324) هـ) قال: «وقد أجمع هؤلاء الذين أثنى اللَّه عليهم ومدحهم على إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وسموه: خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم » ابن حزم ((456) هـ) قال: «إجماع الأمة حينئذ جميعًا على أن سموه خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، ولو كانوا أرادوا ذلك أنه خليفة على الصلاة؛ لكان أبو بكر مستحقًا لهذا الاسم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، والأمة كلها مجمعة على أنه لم يستحق أبو بكر هذا الاسم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه إنما استحقه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ؛ إذ ولي خلافته على الحقيقة» ابن عبد البر ((463) هـ) قال: “وأجمعوا أن أبا بكر كان يكتب: من خليفة رسول اللَّه، في
كتبه كلها»
ابن تيمية ((728) هـ) قال: «اتفق هؤلاء الذين شهد اللَّه لهم بالصدق وجميع إخوانهم من الأنصار رضي الله عنهم على أن سموه خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم » ((2))، نقله الذهبي ((3)) ((748) هـ) الحافظ العراقي ((806) هـ) قال: «رئيت الصحابة يوم مات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يقضوا شيئًا من أمر دفنه وتجهيزه حتى أحكموا أمر البيعة، ونصبوا أبا بكر، وكانوا يسمونه خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم » ابن حجر العسقلاني ((852) هـ) قال: «إطباق الناس على تسمية أبي بكر خليفة رسول اللَّه» العيني ((855) هـ) قال: «أجمع المؤرخون وغيرهم على أنه يلقب خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حاشا ابن خالويه» ابن حجر الهيتمي ((973) هـ) قال: «من شهد له اللَّه عزوجل بالصدق لا يكذب، فلزم أن ما أطبقوا عليه من قولهم لأبي بكر: يا خليفة رسول اللَّه، صادقون فيه».
الموافقون على الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية.
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بما ورد من آثار عن الصحابة والتابعين:
(1) – سُئل أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة: لم كان أبو بكر يكتب: من أبي بكر خليفة رسول اللَّه، ثم كان عمر يكتب بعده: من عمر بن الخطاب خليفة أبي بكر، مَنْ أول من كتب أمير المؤمنين؟. . . «إلى آخر الأثر
(2) – كتب أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو باليمامة:» من عبد اللَّه أبي بكر خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن الوليد والذين معه من
المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان. . .»
(3) – روي عن معاوية بن قرة أنه قال: «ما كان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يشكُّون أن أبا بكر خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وما كانوا يسمونه إلا: خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وما كانوا يجتمعون على خطأ أو ضلالة، وما كانوا يكتبون إلا: إلى أبي بكر خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وما كان يكتب إلا: من أبي بكر خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فما زالوا كذلك حتى توفي»
(4) – روي عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب لَمَّا وليَّ الخلافة خطب الناس على منبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: «. . . ثم قمت ذلك المقام مع أبي بكر خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعده»